صومال (شعب)
المناطق ذات التجمعات المعتبرة | |
---|---|
القرن الأفريقي، الشرق الأوسط | |
الصومال | 8.7 مليون[1] |
إثيوپيا | 4.6 مليون[2] |
كنيا | 900.000[3] |
جيبوتي | 464.600[4] |
اليمن | 200.000[5] |
كندا | 150.000[6] |
المملكة المتحدة | 108.000[7] |
الولايات المتحدة | 85.700[8] |
السويد | 40.165[9] |
جنوب أفريقيا | 40.000[10] |
هولندا | 33.750[11] |
النرويج | 27.523[12] |
الإمارات العربية المتحدة | 25.000[13] |
السعودية | 20.000[13] |
الدنمارك | 16.550[14] |
فنلندا | 9.000[15] |
إيطاليا | 6.414[16] |
أستراليا | 6.403[17] |
اللغات | |
اللغة الصومالية | |
الدين | |
الإسلام | |
الجماعات العرقية ذات الصلة | |
شعب الصومال، هي جماعة عرقية في منطقة القرن الأفريقي، والتي تعرف باسم شبه الجزيرة الصومالية. ويتحدث غالبية الصوماليون بالصومالية، وهي فرع من الكوشيتيكية، من عائلة اللغة الأفروآسيوية. ويقدر عدد العرقية الصومالية بحوالي 15-17 مليون يتركزون في الصومال (أكثر من 9 مليون[1])، إثيوپيا (4.6 مليون[2])، اليمن (أقل من 1 مليون)، شمال شرق كنيا (حواي نصف مليون)، جيبوتي (350,000)، وعدد كبير غير معروف يعيشون في الشرق الأوسط، أمريكا الشمالية واوروپا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التاريخ
جزء من سلسلة عن |
---|
تاريخ الصومال |
الصومال portal |
الهجرات العرقية إلى القرن الإفريقي
تتصل القارة الإفريقية بقارتي العالم القديم – أوروبا وآسيا – عبر ثلاثة مداخل، هي: مدخل مضيق جبل طارق، ومدخل شبه جزيرة سيناء، ومدخل باب المندب. وهذه المداخل تمثل حلقات الاتصال الجنسي بين أفريقيا وجاراتها، فقد تخرج منها موجات جنسية وقد تأتي عن طريقها موجات جنسية، غير أن أهم المداخل الجنسية إلى القارة الإفريقية هو طريق باب المندب، فقد كان بوغاز باب المندب في الأزمة القديمة ضحلا غير عميق سهل العبور، ومن ثم وفدت إلى أفريقيا أجناسها الرئيسية عن هذا الطريق، بدليل أن البقايا القديمة للأجناس توجد في مناطق غير بعيدة عن ذلك المدخل.
وكان كل جنس جديد يفد إلى منطقة القرن الإفريقي يدفع العناصر الموجودة دفعا قويا إلى داخل القارة الإفريقية حتى خلصت شبه جزيرة الصومال للصوماليين وحدهم في نهاية القرن الثالث عشر.
وقد عرضت شبه جزيرة الصومال كقاعدة تجمع للعناصر الوافدة من القارة الأسيوية، وبعد أن تستقر هذه العناصر فترة تبدأ في الحركة والانطلاق نحو تعمير القارة بأجناس جديدة وافدة بعد أن تكاثر عندها وقويت شوكتها، وهذه الحركة من الهجرات المتتالية، وتحركاتها البطيئة إلى الأجزاء الأخرى من القارة قد تركت لها آثار في جهات متفرقة من شبه جزيرة الصومال، كما أن لهذه الهجرات المتتالية تأثيرا كبيرا في اختلاط الأجناس ببعضها.
ومن المعروف أن أقدم العناصر البشرية في أفريقيا هي عناصر البوشمن والأقزام، ويرجع عهدهم بالقارة الإفريقية إلى عشرات الآلاف من السنين، ومن المرجح أن الفريقين تكونا في داخل القارة الإفريقية، وكانت أول الطلائع الجنسية التي عمرت شبه جزيرة الصومال، كما يقول أكثر علماء الأجناس، هي العناصر الزنجية الخالصة التي قدمت من موطنها الأصلي في جنوب شرقي آسيا عن طريق شبه جزيرة ملقا، وتابعوا سيرهم إلى آشور وبابل بالعراق، ومنها إلى جنوب غرب آسيا ثم عبروا مضيق باب المندب إلى شبه جزيرة الصومال واستقروا بها فترة غير قصيرة. ولما تزايد عددهم تابعوا حجراتهم هجراتهم في اتجاهين رئيسين .. الاتجاه الأول صوب الغرب مباشرة إلى غانا ونيجيريا وسيراليون. أما الاتجاه الثاني فكان إلى الجنوب الغربي حتى هضبة أفريقيا الشرقية والجنوبية. أما ناحية المشال فقد كانت الهضبة الحبشية حائلا دون متابعة سيرهم تجاه الشمال.
وهذه الجماعات الزنجية العريقة عرفت بالبشرة الشديدة السواد، والشعر المفلفل، والقامة الطويلة التي تصل نحو 170 سم في المتوسط، والرأس المعتدل الطويل ، والأنف الأفطس العريض، والشفاه الغليظة المدلاة، والفك البارز إلى حد كبير. وتوالت على شبه جزيرة الصومال عناصر حامية، وخلال استقرار هذه العناصر الحامية في منطقة القرن الإفريقي امتزجت بالعناصر الزنجية القديمة التي سبقتها إلى هذه المنطقة، ونشأ من هذا الامتزاج وهذا الجيل يسميه الانثروبولوجيون باسم (البانتو)، أي الخليط من الدماء الزنجية والحامية. وأما الهجرات الحامية في فترة ما اضطرت عناصر البانتو أن تجلو عن منطقة القرن الإفريقي وتتجه نحو جنوب القارة الإفريقية.
وتظهر التأثيرات الحامية واضحة عند بانتو الشرق والجنوب (شرق وجنوب أفريقيا) وهم من عناصر إما رعية محاربة وإما زراعية صناعية، وكانت سلطة رئيس القبيلة في القبائل المحاربة، كالزولو مثلا، سلطة مطلقة. ولكنها في العناصر الزراعية والصناعية كانت سلطة محدودة، فهو يخضع لرأي مجلس الزعماء كما في بلاد الباسوتو حاليا، وإلى يومنها هذا نجد ظاهرة احتقار مهنة الزراعة واضحة في القبائل المحاربة.
وقبل أن نمر في عصور أقل قدما، ولكي يكون يكون لدينا سجلات عنها أكثر وضوحا، يجب أن نذكر تلك الصور الزيتية التي وجدت على الصخور والحفريات وعثر عليها في أجزاء متفرقة من شبه جزيرة الصومال، ويحتمل أن يكون لهذه الصور قيمة أثرية كبيرة، وهي معاصرة للآلات البسيطة الحجرية التي وجدت مقترنة بهم، ويحتمل أن يكون غيرها حديثا بالنسبة لها.
وينطبق ذلك تماما على الروابي الحجرية العجيبة التي تكون تضاريس من مناظر خلوية برية وأصقاع مرموقة في أماكن كثيرة، وتتدرج هذه في طبقتين رئيسيتين، فيوجد أولا مدافن مبعثرة رثة المباني مكونة من الأحجار، بعضها فوق بعض على إطار داخلي بين أغصان الأشجار ، وتحيط بحجرة المدفن التي يوجد بداخلها رفات الميت، كما يوجد أحيانا قطع من الأواني الفخارية وبعض الأشياء الأخرى.
ومع أنه كثيرا ما يقال أن هذه الأشياء ترجع إلى عصر ما قبل الإسلام وأحيانا تنسب إلى شعب الجالا، فإن كثيرا منها يبدو أنه حديث لا يعدو أن يكون عمره بضع مئات من السنين.
والشكل الثاني من تلك الروابي أقل شيوعا، ولكنه أكثر في انتشاره وهو أكثر مهابة وجلالا وأثرا في النفس. يبلغ ارتفاعها أحيانا عشرين قدما ذات شكل جميل، وهذه المعالم لم تفحص إلى الآن فحصا دقيقا منظما، ورما كان لها قيمة أثرية كبيرة.
وقد عثر على أحجار وآلات مصنوعة في مغارات مجرتنيا تشير إلى أن السكان القدامى كانوا يملكون الآلات والأثاث، ولهم علاقات مع دول العالم القديم، وخاصة مع مصر الفرعونية التي كانت تتحصل على حاجياتها من البخور واللبان والأخشاب لمعابدها من بلاد بونت (الصومال).
وأرض بونت في التعريف المصري القديم كانت تشمل سواحل خليج عدن والسواحل الصومالية الشمالية حتى رأس غردفوي الذي أطلفوا عليه اسم أرض الآلهة.
وكان سكان السواحل الشرقية للصومال يعملون بالتجارة والصيد البحري وعلى معرفة بصناعة المعادن، وخاصة سكان مدينة سيربيون (مقدشوه) ومدينة بيكون (براوة) وكانت لهم تجارة واسعة مع جنوب شرقي آسيا (الهند والصين وأندونيسيا).
وكانت شبه جزيرة الصومال في اتصال دائم بشبه جزيرة العرب وخاصة أهل اليمن الذين كانوا يسيطرون على مياه خليج أباليتي (عدن).
كما كانت لهم علاقة بدول العالم القديم كبابل وآشور وفينيقيا ومصر الفرعونية، وغيرها كما سنى فيما بعد.
هجرة البانتو
في الوثيقة العربية القديمة التي وجدت في براوه، نجد جماعات من الزنوج البانتو يسمون وانيكا، كانوا منتشرين في جوبا (الجب) ولهم ماشية وأغنام ودواجن، ولهم زراعة في الذرة والموز وكانت أكبر قراهم قرية تدعى شونفاي، وأسلاف الوانيكا التي تتحدث عنهم الوثيقة العربية كانوا يعيشون قرونا طويلة بين نهري جوبا وشبيلي فقد سهلت المجاري المائية في استقرارهم وقيامهم ببعض الأعمال الزراعية.
ومن الأخبار التي وصلتنا عن سكان جوبا وشبيلي القدامى أن حياتهم كانت بدائية للغاية خالية من الترف، وأن لهم تنظيمات إدارية وحياة اجتماعية هادئة مسالمة، حتى أن القرى المتفرقة المتباعدة كانت تسودها المحبة والهدوء.
وفي الشعر العربي القديم نجد حديثا عن اجتماع ملكي كان ينظم للبحث في الشئون العامة بين السكان وكانت مدينة شونفاي مركز الاجتماعات وكان لهؤلاء السكان القدامى ابتهالات واحتفالات بالأعياد التقليدية والعقائد الدينية ليتوسلوا إلى السماء أن تنزل المطر، أو عندما يجنون الزرع، وكان من عاداتهم الاحتفال بأبنائهم حين بلوغهم سن الرشد.
ساب
من المجموعات البشرية المعروفة في الصومال، وتتضمن شعب ميدجان وشعب نومال وشعب جيبر وقد قال سليجمان العالم الأنثروبولوجي البريطاني أن هذه المنطقة المحيطة بنهر جوبا وشبيلي وخاصة في المناطق الوسطى كان يسكنها جماعات من الأقزام، ومن المحتمل أن يكونوا أسلافا لقبائل البوشمن والبانتو والزنجي الصريح.
ولكن إذا صح هذا بالنسبة لبعض الشعوب مثل شعب الساندوى في تنجانيقا حيث نجد في لغتهم بعض حروف قاطعة وقريبة من لغة البوشمن كما هو شأن السومانيا وشعب الدوروبور أو الأوجيك في كينيا، فإنه لا يصح بالنسبة للساب لأنهم لا يحملون على الإطلاق قرائن تدل على أن أسلافهم كانوا من الأقزام، ولأنهم في الواقع – رجالا ونساء – مكتملوا النمو تجري في عروقهم الدماء الحامية، ولا ينبغي أن نعتبرهم بقية من سلالة قديمة، فقد ثبت أنهم لم يتصلوا بالأقزام، وإنما كان اتصالهم بالعناصر الصومالية الحامية، فهم من الحاميين أصلا.
وإذا دققنا النظر في طبقات الدوبي عند الباري في الجنوب الأقصى للسودان، أن ثبت لنا صحة النظرية التي قال بها سليجمان، إذ أن معظم هؤلاء الدوبي أقوياء البدن ذوو وجه عريض، وأنف أفطس، وبشرة سوداء، وهم يخالفون في ذلك بعض السكان ذوي الوجه المستطيل والأنف ذي الفتحات الضيقة، ويبدو أن الدرورويو يتكلمون لغة الناندي، ولكنهم يختلفون عن هؤلاء الآخرين في أنهم لا يملكون من الحيوانات المستأنسة سوى الكلب ويحملون الحراب والسهام.
ويمكننا أن نقطع برأي أن جماعات الساب من العناصر الحامية شأنهم في ذلك شأن الصوماليين وأن ما ذهب إليه سيجمان لا أساس له من الناحية الجنسية.
وفي الوقت نفسه نتفق مع رأي سليجمان في أن الصوماليين – لا يختلفون كثيرا من إخوانهم من الجالا الحامين من حيث الصفات الجثمانية إلا أن الصوماليين يتميزون بعرض الجمجمة (حوالي 75) وأنهم أكثر طولا (حوالي 68 بوصة) ولون بشرتهم يتدرج من اللون البني إلى الأسمر الفاتح، وأن الصوماليين جنود مهرة إذا وجدوا القيادة الرشيدة، كما حدث حينما تولى زعامتهم الإمام أحمد جرى الصومالي والسيد محمد عبدالله حسن الأوجاديني.
وقد ذكر سليجمان في معرض حديثه عن المجتمع الصومالي القديم أنه مجتمع قبلي والرياسة منحصرة في عائلة بمفردها لا يشاركها أحد من العائلات الأخرى، ومع ذلك فإن سلطة الرياسة ضعيفة، كما هو الحال عند القبائل الرحل بصفة عامة.
هجرة الجالا
في القرون الأولى للميلاد وفدت جماعات الجالا إلى شبه جزيرة الصومال، وهي عناصر جديدة من أصل حامي، ومعها سهام ونبال وأدوات حرب وكثير من الحبوب. وفي فترة وجيزة أمكنهم أن يستخلصوا شبه جزيرة الصومال لأنفسهم وأن يطردوا جماعات البانتو إلى الجنوب والشرق، وقد تخلف بعض البانتو على ضفاف نهر جوبا ونهر شبيلي، وفي المناطق المنعزلة النائية، وعلى طول النطاق الكبير الذي يمتد من الجنوب لهضبة هرر فوادي شبيلي فوادي جوبا حيث تتلاشى العوائق الطبيعية في منطقة شاسعة من الشرق إلى الجنوب الشرقي.
وفي هذا التاريخ كانت بلاد العرب في حرب مع الحبشة، وكان من السهل على هؤلاء المتحاربين أن يعبروا البحر الأحمر ومضيق باب المندب إلى الحبشة، وقد استمرت الحروب بين العرب والأكسوميين فترة طويلة وقعت خلالها بلاد اليمن تحت سيطرة الأحباش نحو خمسين عاما، ثم طردهم العرب بعد استنجادهم بالفرس، وذلك قبل الهجرة المحمدية بنحو خمسين عاما.
والشاعر الفارسي فرووس يتغنى في شعر له بانتصار الفرس والعرب على الأكسوميين قائلا:
وصلت جيوشنا الجرارة إلى بربره
وأقاموا، وحاربوا، سادة كراما
وكان لهذه الحروب العربية الحبشية الطويلة أثر كبير في تحرك جماعات الجالا عن الأراضي الشمالية التي كانت مقرا ومجالا لهذه الحروب، واضطروا أن يبحثوا عن مناطق أخرى جديدة يستوطنونها بعيدا عن شبه الحروب ورغبة في الاستقرار والأمن.
وكانت الظروف الطبيعية كالبحث عن موارد المياه والآبار – وعامل الجفاف أحيانا – من أشد العوامل الطبيعية المؤثرة في حياة قبائل الجالا الرعوية، ولذا كانوا في حركة مستمرة دون استقرار ثابت. وهذه الحركة يمكن إجمالها في العصور الأولى للميلاد في محوريين:
- المحور الأول: وكانت الحركة من الجنوب بالأوجادين إلى وسط وشمال الصومال.
- المحور الثاني: وكانت الحركة عكسية للمحور الأول، بالإضافة إلى تحركات مستمرة على طول الأودية النهرية.
ومن الثابت، على ضوء القصص والروايات القديمة والتقاليد، أن حركة الرعاة من قبائل الجالا بدأت بشكل واضح في الوقت الذي كان فيه التيار الإسلامي في طريقه إلى الظهور في مكة المكرمة. ولهؤلاء الرعاة حياة مرتبطة بالماشية التي كانوا يملكونها بكثرة، وكانت مساكنهم عبارة عن أكواخ بدائية بسهل فكها وحملها ، وكانوا يستخدمون قرون النيران كأسلحة حربية. وكان لهم أقواس وسهام، ولبعضهم خناجر ورماح من المعدن، ولهم ملابس من الجلد، والبعض له ما يستر العورة. وكان لرئيس القبيلة حق الطاعة العمياء من أفراد العائلة والرؤساء الآخرين الأقل منه شأنا، فكان النظام العائلي مرتبطا بالعادات والتقاليد ونظام القربى وليس بينهم ملكية للأراضي كما كانت لهم عادات زنجية مثل الطقوس الدينية والاحتفالات بالأعياد الوطنية التي يشترك فيها الجميع، وقد أخذ الجالا ببعض عادات الزنوج كنظام السن. ففي سن 14 سنة هناك مسئوليات معينة وفي سن 21 (البلوغ) مسئوليات رياسة القبيلة. وقد حددت مدة الرياسة بسبع سنوات، وكان تعيين الرؤساء طبقا للأعمار، وفي العادة كانت كلمة الرؤساء نافذة في الشعب كما أخذ الجالا بعض نظم الزراعة والعادات الخاصة بالزواج من الزنوج أيضا.
ومن الممكن أن نوجز حركة الهجرة والاستقرارات الأولى للجالا في شبه جزيرة الصومال بأنها حركة لجماعات رعوية قادمة سواء من الجزيرة العربية أو من منطقة الصومال نفسها في الوقت الذي كانت شعوب أخرى من أصل وانيكا في الأزمنة القديمة تقطن على ضفتي نهر شبيلي وجوبا في استقرار زراعي حينما قدم عليهم هؤلاء الحاميون الرعاة (الجالا)، ومن المرجح أنهم تفاوضوا سلميا من الزنوج في شأن تحديد مناطق كل جماعة ولا يجوز لنا أن نعتقد أن الجالا قاموا بحروب بمجرد وصولهم مع الحبشة، فلا بد أن تكون الحياة في بداية المر سليمة لأن أهل الجالا لم يكونوا قادرين على خوض حروب مع جيرانهم خاصة الجماعات الحبشية المتزنجة. وإذا كانت قد حدثت حروب فعلا فإن علمنا بها ضئيل للغاية. ولكن مما لا شك فيه أن المنافسة بين الجالا والزنوج استمرت فترة طويلة، وحدث بينهم احتكاكات قهرية ظهرت تأثيراتها في الجماعات الزنجية من الناحية الجنسية والثقافية والاجتماعية كما ظهر عند الجالا بعض العادات والتقاليد الزنجية كما أوردنا سالفا.
ظهور الصوماليون
خلال فترة التطاحن بين الجالا والزنوج وصلت موجة حامية أكثر نشاطا وحركة وأكثر عددا وميلا للحرب من جماعات الجالا والزنوج، وهؤلاء القادمون الجدد من العناصر الحامية الخالصة وهم ما نسميهم الصوماليين الأوائل، ومهما كانت الآراء حول المنطقة التي قدموا منها سواء عن طريق برزخ السويس أو باب المندب، أو كانت نشأتهم في منطقة القرن الإفريقي نفسه فإن المستفاد من القول أن الطلائع الأولى للصوماليين ظهرت علىمسرح التاريخ في السنوات الأولى للميلاد، وذلك في صورة جماعات مستقرة حول جيبوتي وعلى طول خليج تاجورة، وتتابعت بعد ذلك الهجرات الحامية للصوماليين وزاد عددهم قبل وبعد ظهور الإسلام، واتسعت المنطقة للحاميين الصوماليين الجدد حتى امتد نطاقهم من خليج تاجوره إلى هضاب مجرتينيا.
وإن كنا لا نستطيع أن نحدد في الوقت الحاضر تاريخ وصول وامتداد العناصر الصومالية في شبه جزيرة الصومال فإنه يمكن القول بأن العناصر الصومالية كانت موجودة ومنتشرة في عهد واحد في مناطق الشمال والأوجادين وحول نهري جوبا وشبيلي، ومن المحتمل أيضا أن بعض المناطق المذكورة كانت تحارب الجالا والبعض الآخر كان يعيش في سلم وهدوء مع الجالا.
والأخبار التي نقلت على ألسنة الصوماليين تسمح لنا أن نحدد التاريخ العام للصومال بالإشارة إلى الفقرة السابقة التي قالوا أنها استمرت في المراكز السابق ذكرها واحدا وثلاثين جيلا، أي سبعمائة عام تقريبا، ويكون ذلك في منتصف القرن الثالث عشر.
والحقيقة أن واحدا وثلاثين جيلا أو سبعمائة عام كما جاء في السفر الذي وجد في هرر وغيهرا من وثائق هرر يمكن اعتبارها مثلا ليس غير. فمن المحتمل أن الصوماليين كانوا في هذه الفترة في أواسط شبه جزيرة الصومال، كما كانت المناطق الشمالية مشغولة بجماعات الجالا أما الأراضي الجنوبية بالنسبة لمنطقة التجمع الصومالي فكانت أيضا مشغولة بجماعات البانتو، ومن المرجح أن تاريخ ظهور الصوماليين الأوائل أبعد من هذا بكثير.
فالصورة الكاملة التي تنطبع في أذهاننا عن تاريخ الصوماليين ترجع إلى نحو ألف عام وتنطبع خاصة بالنسبة للقرن العاشر. ففي ذلك الوقت كانت المنطقة الساحلية لخليج عدن إلى الداخل يقيم فيها رعاة صوماليون، ثم يأتي إلى الغرب منهم وإلى الجنوب جماعات مختلفة من قبائل الجالا الرعاة الذين انتشروا في الأراضي القريبة للصومال، وقد شغل الصوماليون والجالا الأراضي الخصبة الواقعة بين نهري شبيلي وجوبا، وكذلك عناصر صغيرة من البانتو الرعاة الذين نزحوا من أقصى الجنوب بالإضافة إلى عنصر آخر صغير من أناس يعملون بالصيد والتقاط الثمار وينتشرون في جهات مختلفة إلى الجنوب من نهر جوبا وفي جزر الباجون.
هذا ماكان عليه التوزيع البشري في القرن التاسع والعاشر حينما كانت الأراضي الإفريقية مخلخلة السكان وكانت الأرض ملكا لمن يقطنها.
وقيل أن نتتبع سير حركات الامتداد الصومالي يجب أن تعود باختصار إلى الحوادث التي وقعت على السواحل الصومالية.
المسلمون الأوائل
بعد القرن السابع جاء التجار المسلمون منا لعرب والفرس مع شروق فجر الإسلام إلى الساحل لإنشاء مراكز جديدة للتجارة، ومواصلة عمل القديم منها، وهؤلاء المستوطنون الجدد، والداعون أيضا لعقيدتهم نصبوا أنفسهم حكام محليين، وتزوجوا من نساء صوماليات، ونتيجة الرضى النفسي بين الجديد والقديم والتآخي في الإسلام بين العرب والعجم (لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى). نتيجة لهذا كله تبلورت العلاقات، ونبذت بعضا لتقاليد وظهرت في صورة جديدة ذات حضارة صومالية عربية.
وعلى منط هذا الأثر الإسلامي لهذه المراكز على طول اساحل الصومالي الشمالي كانت مواني زيلع وبربره القديمة، وقد ذكر اسم زيلع لأول مرة أحد الجفرافيين العرب في القرن التاسع، أما بربره وهي الميناء الرئيسي اليوم في الشمال، فيحتمل أن يكون لها عتاقة (قدم مشابهة غير أن تاريخها ظلل مغمورا خامل الذكر.
وفي الفترة التي كان البرتغاليون يجوبون المحيط الهندي بحثا عن الطريق بين أوروبا والهند وصلت سفنهم إلى مياه خليج عدن، وقاموا بغزو المدينة وقتها حوالي عام 1518 . ولكن ماعدا ذلك لا نعرف من أخبار المدينة التي سلبت أي معلومات ، كما يدل على ذلك الآثار القديمة للمدينة التي لم ينقب عنها بعد ولم يسجل عنها إلا القليل حتى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وهناك غموض مشابه يكتنف ميناء (ميت) الجميل على ساحل إقليم عرجابو أحد المراكز الرئيسية للتوسع الصومالي قديما.
نعود ثانيا فنقول: إن الآثار القديمة الشاملة لا تزال في انتظار آراء العلماء لأن الرمال حول المزار تغطى بالكثير من أحجار القبول القديمة المنقوش علهيا – على قشورها وعلى شقفاتها – كثير من الأدوات الصعبة الدقيقة الصنع.
وتاريخ زيلع أقل غموضا، وكان هذا الميناء هو المحور السياسي للمستوطنين المسلمين في الشمال، وقد اكتسب رخاءه التجاري من موقعه كأحد المنافذ الرئيسية للتجارة بين الصومال وبلاد العرب والشرق. ومن زيلع تمر جلود الحيوانات المدبوغ منها والخام، والصمغ القيم، واللبان، وريش النعام. ومن هضبات الحبشة يأتي العاج والخزف والفخار والمؤن مثل الحبوب . كل ذلك كان يستورد في مقابل غلات الصومال السابقة، وينقل إلى الداخل في طرق منتظمة بواسطة قوافل الجمال التجارية بين الساحل والداخل القاري.
ومن الناحية السياسية كانت زيلع تعتبر أصلا مركزا لإمارة (عدل) وهي جزء من الدولة الإسلامية الواسعة المعروفة باسم (آفات، وكانت تجمع بين العرب والصوماليين والدناقل وبعض العناصر الأسيوية التي تتناثر هنا وهناك.
وبتقدم الأيام تطورت حضارة مدينة زيلع، وأصبحت مميزة عن غيرها، واشتهرت برقصاتها وأغانيها، وبلهجتها الخاصة. ومن منتجاتها الحصر الملونة التي لا وجود لمثلها في مكان آخر، وتزين بها حوائط المساكن الحجرية التي يسكنها أغنياء الناس، بالرغم من أن الميناء يستعيد كيانه كمركز إداري فإننا لا نجد غير آثار مسجد واحد جليل، ومقابر لبعض الشيوخ تشير إلى عظمة الماضي وجلاله، وكذلك يرى الزائر عن بعد منظرا مرموقا من الجير الأبيض اللامع يبدو متألقا في حرارة السهول على الطريق إلى زيلع فيكون فكرة واضحة عما كانت عليه المدينة في الفترة التي تتكلم عنها.
وبينما كان هؤلاء المستوطنون الشماليون في نمو وازدياد نهضت تقافات عربية مماثلة على طول الساحل الصومالي الجنوبي المواجه للمحيط الهندي وأهمها مدينة مقدشوه عاصمة الجمهورية الصومالية في الوقت الحاضر، وبراوة ومركة وكلها مواني تستغل كمستودع للتجارة بين الصومال والعرب وأسواق الشرق. وتبين الشواهد التي قدمها الجغرافيون العرب السابقون كما تدل المخطوطات المحلية والمستندات كيف أقام المستوطنون العرب والعجم في مقدشوه في النصف الأول من القرن العاشر ولذلك كان لعاصمة الجمهورية تاريخ أطول من المراكز القديمة على ساحل أفريقيا الشرقي.
وبعض المخطوطات القديمة المعروفة للمدينة محفوظة في متحف الجاريزا (بمقدشوه) وترجع إلى 720م بينما يرجع تاريخ بعضها الذي لم يكتشف إلى الآن إلى أبعد من ذلك، وذلك لأن الآثار عند حمر جب جب، مثل الأماكن الأثرية الأخرى في الجمهورية لم ينقبعنها بعد، وظل سرها غامضا. ويحتمل أن توجد شواهد مباشرة على تاريخ مقدشوه في الفترة الأخيرة من المساجد القديمة المتخلفة مثل المسجد الجامع في الحي القديم لحمروين، وفوق المدخل المؤدي إلى المئذنة التي بنيت على شكل برج، تبين إحدى المخطوطات العربية للزائر أن هذا البرج قد شيد في عام 1238.
ومسجد فخر الدين مكان آخر للعبادة شهير في نفس الحي مقدشوه، وهو يحتويعلى مخطوطات تشير إلى أنه بني في عام 1269، ويوجد في براوة ومركه مساجد ونقوش لها قيمة أثرية متشابهة ، ففي كل من الشمال والجنوب لشبه جزيرة الصومال توجد مراكز تجارية إسلامية قد نشأت في القرن العاشر وهذه المواني قد اكتسبت من الإسلام والتجارة مركزا مرمبوقا قويا مع الشرق وقد تدعمت هذه المراكز، وعظم شأنها في القرون اللاحقة، كما أصبحت أساس التوسع الإسلامي في شرق الصومال.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حركة الانتشار للعناصر الصومالية
إن العامل الرئيسي الأول لحركة الانتشار الصومالي تتواتره الأخبار في حوالي القرن الحادي عشر فتذكر أن أحد السلاف الصوماليين أقام فيا لركن الشمالي الشرقي من صومالند، ثم الحادثة التي تلت ذلكف ي الأهمية هي استيطان الشيخ إسحاق مؤسس (الإسحاقيون الصوماليون) وكان من أكبر دعاة الإسلام في الإقليم الشمالي، وقد امتد بدعوته إلى ناحية هرر وبعض نواحي الحبشة ويتزايد عدد الصوماليين من دارود وإسحاق ، وازدادوا في حركة الانتشار وبدءوا يتنافسون مع بعضهم البعض ومع الجماعات الصومالية الذين نزحوا بعدهم ومع جيرانهم من الجالا، وبذلك نشأ اندفاع عام للعناصر الصومالية الحامية في الانتشار تجاه الجنوب والغرب من شبه جزيرة الصومال.
وبدأت حركة الانتشار الصومالي تتخذ خطوات عملية اعتبارا من القرن الثالث عشر وكانت عنيفة في اندفاعها نحو طرد جماعات الجالات، وكانت حركة الصوماليين تتسم بالطابع الجماعي المنظم من مراكزهم في الأوجاودين ومجرتنيا وصومالند نحو الأراضي الخصبة في المناطق الوسطى الجنوبية لشبه جزيرة الصومال، وتحتم على الجالا الخوف من هذا التدفق العظيم من جانب المحاربين الصوماليين فاضطروا أن يطلبوا النجاة في مكان آخر أكثر آمنا واستقرارا، فأخذ بعضهم يتجه نحو الغرب والشمال الغربي والبعض الآخر اتجه نحو الأودية والجنوب الأقصى للصومال.
إن المصدر الوحيد الذي يحدثنا عن المعارك التي صاحبت هذه التحركات والتي دامت كما نقدر أكثر من ثلاثة قرون، هو القصص الشعبية التي مازالت حتى الآن على ألسنة الصوماليين. إنها أناشيد حماسية تتحدث عن معارك وانتصارات الصوماليين الذين كانوا يتدفقون إلى داخل المناطق، أنها أسماء موارد المياه والآبار التي استولى عليها القادمون الجدد والتي تركها الآخرون وأسماء قواد مظفرين استشهدوا في مساحة المعركة.
بدراسة هذه الشعبية باهتمام يمكننا من جديد تكوين الخطوط التالية لتحركات الصوماليين: البقاء في مكانواحد لعدة أجيال بشرية. الكمائن التي تصبها الجالا. فترات الهدنة التي كانت تعقب الحروب.
الاستقرارات الصومالية
ونستطيع أن نجزم برأي في أن الصوماليين كانوا في القرن الحادي عشر الميلادي (التاسع الهجري) قد جاوزوا نهر شبيلي عند نقاط مختلفة وأنهم كانوا يستوطنون ويعمرون أقاليم بنادر العليا التي هي بين النهرين يشهد بذلك أحد الجغرافيين العرب الأوائل الذي وصل إلى داخل أراضي مركه في القرن الثالث عشر.
كما نستطيع أن نثبت بكل يقين أن جماعة أخرى كانت تتحرك من الشمال الشرقي نحو الجنوب الغربي باتجاه السواحل الصومالية وكانت هذه الجماعات تستولي على الآبار التي تتابع وتتلاصق على شكل سلسلة بالقرب من التلال الرملية الساحلية واحدة بعد الأخرى.
إن وجود الجالا جنوب مقدشوه، وذلك حوالي القرن السابع الهجري حسبما نعتقد، تذكره الأسطورة التالية: لقد لجأ سكان الساحل العرب والصوماليون القاطنون بالقرب من (جندرشه) حينما شعروا باقتراب المهاجمين من الجالا إلى صخرة أوجروين حيث يوجد الآن خرائب وآثار منازل قديمة كانت مبنية من الأحجار، كما يوجد ضريح الشيخ عثمان جروين، وفي إحدى الغزوات حاول فرسان الجالا أن يصلوا إلى الصخرة أثناء فترة الجزر ولكنهم لم يتمكنوا من تحقيق هدفهم لمداهمة المسد إياهم.
أما في شمال الصومال فقد كان الصوماليون مسيطرين على أكثر الأراضي في مجرتنيا وصومالند وكانت المعركة الفاصلة في الحروب الصومالية مع الجالا في مدينة جالكعيو الخالدة التي لم تكن تسمي بهذا الاسم من قبل، فكلمة جال كعيو تعني (باللغة الصومالية) هزيمة الجال أو طرد الجالا. وخلال فترة الانتشار أو الامتداد الصومالي كان هناك عدد من الإمارات الإسلامية قد نمت بشكل مذهل على أسس عسكرية متوعدة المملكة المسيحية للحبشة كانت القوى الصومالية تشكل ركنا هاما وأساسيا في هذه القوى العسكرية المسلمة، وهذه الإمارات الإسلامية تمتد بين بربره وزيلع إلى الجنوب الغربي على صورة نطاق كبير إلى الغرب والجنوب الغربي لشبه جزيرة الصومال.
وقد زعمت الحركة افسلامية (كما سنرى فيما بعد) دولة أوفات التي اتخذت من زيلع عاصمة لها وعملت على توحيد الجبهة الصومالية المسلمة واستمرت في حروب طويلة مع الحبشة. وفي تلك الفترة ازدهرت مواني بربره وزيلع وميت، ونحو عشرين مدينة أخرى في الداخل. وقد تركت هذه البلاد آثارا ذات شأن من مساجد ومقابر ومساكن وآبار وفي بعض الحالات شواهد زراعية قد دكت رسومها وانطمست معالمها الآن، ويبدو أن بعض البلاد مثل عمود فيم قاطعة بورما في الشمال الغربي قد احتلت لقرون عديدة وربما يرجع ذلك إلى عصور أكسوم قبل دخول الإسلام، وهذه المواقع مازالت تحافظ على الأدلة القوية للتاريخ القديم وهي مازالت تنتظر رأي العلماء والباحثين الأثريين.
ويسجل التاريخ الأثيوبي أكبر نكسة حدثت في بلاد الحبشة، وأعظم انتصار للقوى الإسلامية الصومالية، وانتشارها داخل الأراضي الحبشية حتى خضعت أكسوم عاصمة الحبشة للمسلمين الصوماليين بقيادة الإمام البطل أحمد جرى (الأشول) الذي ألجأ الأحباش إلى الفرار حتى شمال أكسوم، وإلى جنوب بحيرة رودلف، وأمام الجيوش الصومالية الكاسحة التي حكمت ما يقرب من ثلثي الحبشة، مات ملك ملوك الحبشة متأثرا بجراحه داخل الأدغال.
واستعادت الحبشة بعض هيبتها حينما تدخل الجنود المرتزقة من البرتغاليين في النزاع الحبشي الصومالي، وقدم ملك البرتغال جيشا على أحدث طراز في التسليح لمساعدة النصارى الأحباش، وأمام القوى البرتغالية البحرية والقوى الحبشية البرية تراجع الإمام وجنوده الأبطال إلى أن توفي الإمام أحمد جرى حوالي عام 1542. وهذا الانتصار البرتغالي الحبشي قد أوقف حركة الانتشار الصومالي داخل الحبشة بغية نشر الرسالة المحمدية، والدعوة إلى الدين الحنيف.
وفي الأعوام الأخيرة لنهاية القرن السادس عشر كانت هناك حركة انتشار للعناصر الصومالية نحو تعمير الأراضي التي حول نهر شبيلي بالاستقرار من أجل الزراعة، وقد عبروا نهر شبيلي بالقرب من مدينة خلافو، وأخذوا يجدون في سيرهم مقتفين أثر الجالا حتى وصل الصوماليون إلى نهر جوبا قرب مدينة دولو واستوطنوا الأقاليم الشمالية لجوبا ، وهي مناطق غنية بالمراعي الطبيعية والغابات والأراضي الصالحة للزراعة، وكان مركز استقرارهم في المساحات الواقعة بين لوخ ووحز وتباس. ثم حدث في نفس الوقت امتداد صومالي في نقط متعددة على نهر جوبا الجيدة في جوبا السفلى، وانتشروا في مساحات واسعة إلى الجنوب من ضفاف نهر تانا والأراضي الواقعة إلى شمال النهر، وهي التي نسميها اليوم باسم (انفدى) أو أراضي منطقة الحدود الشمالية.
وخلال هذا الزمن كانت هناك حركة لتنقية شبه جزيرة الصومال من العناصر الدخيلة كالجالا، ومن هذه الحركات تلك الحركة الصومالية المتجهة إلى شمال هرر شبيلي، والحركة المتجهة نحور بور هكبه والأراضي الخصبة القريبة منها واستخلاصها من يد الجالا الذين رحلوا مسرعين صوب الجنوب الشرقي للحبشة إلى موطنهم الأصلي.
ومن المحاربين القدماء للجالا القائد مونلى والقائد ورداي المسلمان اللذان انضما إلى القوات الصومالية الإسلامية وساندوا القضية الصومالية أمام المغيرين من جماعات الجالا، وكانت المعارك الحربية بين الصوماليين والجالا لها أسماء مختلفة منها (حرث) أي الموقع الذي التحاموا فيه، (لف قال) أي عظام الجالا.
وكان لجماعات الجالا قائد فظ القلب لا يعرف في أحكامه إلا الحكم بالإعدام، مما دفع العناصر الصومالية أن تظهر متحدة قوية حتى أمكنها التغلب عليه وطرد الجالا نهائيا بعد هزيمتهم في جالكعيو.
وفي عام 1110 هـ (1700 م) ظهر الشيخ مؤمن عبدالله الذي كان يلقب بمسلم مقدشوه، وكان المعلم الول للصوماليين نحو الاستقرار من أجل الزراعة، وتسميد التربة، وتحديد الملكيات بالأحجار والأشجار، ومحاربة الافات الزراعية. ولذا نعتبر الشيخ مؤمن عبدالله أول من علم الصوماليين الزراعة، ودعا إلى الاستقرار والتنظيم الاجتماعي. وفي الوقت نفسه، هو أول قاض سومالي ينظر في أحوال الشعب بالعدل على أساس التعاليم الإسلامية مما جعل منطقة بورهكبه تحتل الصدارة في تاريخ الاستقرار البشري من أجل الزراعة في شبه جزيرة الصومال، ثم امتد أثرها إلى منطقة بيدوا وما حولها حيث ظهر فيها علماء صوماليون يعلمون السكان تعاليم الإسلام والاستقرار من أجل الزراعة. وتشكلت جماعات منظمة تعمل على الاستقرار للشعب وتحويل السكان من حرفة الرعي إلى الزراعة.
وفي القرن السابع عشر كان تدفق المهاجرين الصوماليين له اعتبار كبير فقد اجتاحت سلطنة أجوران الصومالية القديمة على نهر شبيلي وأغارت على مقدشوه وأصبحت مقدشوه نفسها منقسمة إلى حيين متنافسين هما حمروين وشنغاني.
وعلى أية حال استمر الانتشار الصوماي في الامتداد في الدخيل القاري من خليج تاجوره إلى أعلى نهري جوبا وشبيلي إلى بحيرة رودلف إلى نهر تانا جنوبا وذلك بإيجاد مراكز إدارية على النهر حوالي عام 1912.
وقبل أن تنتهي من فترة الانتشار الصومالي يجب أن نشير إلى أن سير هذه الحروب كان ذا طابع خاص، كانت تبدأ بمناوشات بدائية بين السكان، ثم تتحول إلى حرب عصابات تكون فيها الحركة حسب ظروف المكان والزمان التي تحيط بهم. على أنه لم تكن لها طبيعة الحرب العامة المنظمة بل لها طبيعة الأحداث، ومن سلسلة الأحداث المتصلة التي ذكرناها كان تاريخ الحركة التوسعية أو الانتشار العام للصوماليين حتى خلصت البلاد للصوماليين فقط في نهاية القرن الثالث عشر.
ويحسن الإشارة إلى ما وجده الرحالة الألماني ديكن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي من أن جماعات من البوران على الضفة اليمنى لنهر جوبا بحذاء جومبو وخلف بارديرا تقابلوا مع جماعة من الجالا وهؤلاء هم بقايا الجالا الذين عادوا إلى المنطقة بعد الأحداث التي جرت في الصومال في القرن الماضي من وراء تقسيم الصومال إلى مناطق نفوذ بين بريطانيا وفرنسا وإيطاليا والحبشة على نحو ما سنرى فيما بعد.
العلاقة بالحكومة المركزية
بعد نجاح التقراي في إجراء انتخابات إقليمية رغم معارضة أديس أبابا، في أكتوبر 2020، أراد العفر الحذو حذوهم. فافتعلت المخابرات الأمهرية فتنة بين العفر والصوماليين، سقط فيها 220 قتيل بأسبوع، الطرفان يحشدان من امتداداتهما في دول الجوار.
أشارت التقارير الواردة من جغجغا عاصمة الإدارة الصومالية في إثيوبيا أن 27 شخصا لقوا حتفهم في قتال بين القوميتين الصومالية والعفرية بسبب خلاف حدودي. وأوضحت الحكومة الفدرالية الإثيوبية أن القتال اندلع في المناطق الحدودية بين الإدارتين الصومالية والعفرية في إثيوبيا، وأوضح علي بدل المتحدث باسم الإدارة الصومالية أن معظم القتلى ممن وصفهم بالمليشيات العفرية.
يذكر أن العنف بين مختلف القوميات الإثيوبية قد تزايد بشكل ملحوظ منذ وصول أبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي إلى السلطة في عام 2018، ودارت معارك بين الصوماليين والأوروميين من جهة وبينهم وبين العفريين من جهة ثانية أدت إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات.[19][20]
الوحدة الصومالية
مشاهير الوحدويين الصوماليين
- محمد عبد الله حسن (7 أبريل، 1856 - 21 ديسمبر، 1920)، قائد ديني وقومي صومالي، أسس دولة درويش أثناء الهروع إلى أفريقيا.
- حسنة دره – أوائل القرن العشرين قائدة صومالية من دولة درويش انضمت فيما بعد للمعارك التي اندلعت ضد القوى الاستمعارية أثناء الهروع إلى أفريقيا.
- Hawo Tako (ت.1948) – أوائل القرن العشرين Somali female nationalist whose sacrifice became a symbol for Pan-Somalism.
- عبد الله عيسى (و.1922-1988) – أول رئيس وزراء صومالي.
- عدن عبد الله عثمان دار (7 يناير 1960 - 10 يونيو 1967) – أول رئيس صومالي.
- عبد الرشيد علي شرمركه (10 يونيو 1967 - 15 أكتوبر 1969) – ثاني رؤساء الصومال.
- محمد سياد بري (و. 1919 - 2 يناير 1995) – ثالث رؤساء الصومال.
- Daud Abdulle Hirsi (1925 - 1965) – قائد عسكري صومالي بارز ويعتبر مؤسس للعسكرية الصومالية.
- محمود حربي – active Pan-Somalist that came close to uniting Djibouti with Somalia in the 1970s.
- Salaad Gabeyre Kediye – Major General in the Somali military and a revolutionary.
- Haji Dirie Hirsi (و. 1905 - 1975) – Somali businessman actively supporting Pan-Somalist aspirations in the 1950s.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
علم الوراثة
عرفنا أن مشكلة الأصل الصومالي تثير مسألة أصل الجنس الحامي الذي ينتمي الصوماليون إليه، وهذه الجماعة الكبيرة من الناس التي تشمل المصريين الأوائل والبجة والنوبيون والأرتريون وبعض الأحباش والجالا والدناقل بالإضافة إلى شعوب كثيرة في شمال أفريقيا وجنوب أوروبا. وهناك رأي يقول أن الحاميين وهم من سلالة حام ذلك الشيخ الكتابي الجليل الوقور الذي نشأ في آسيا وربما في الجزيرة العربية، ثم انتقل مهاجرا إلى أفريقيا، ويعتبر الصوماليون بذلك اتباعا بالانتساب للمهاجرين الحاميين الذين هاجروا حديثا إلى القرن الإفريقي ويحاول آخرون بحجج لا تقل أهمية عن الحجج السابقة إثبات أن أرض المهد للحاميين هي القرن الإفريقي نفسه، ومثل هذا الدليل الإريكيولوجي (الذي يختص بالآثار) الذي يمكن إثباته إلى حد ما، والحصول عليه في الوقت الحاضر وهو يقدم لنا شعبا شبيها من الناحية الجسمية بالسكان الحاليين للصومال باعتباره قد شغل إلى وقت طويل هذا الجزء من أفريقيا، ومن المحتمل أن يكون أسلاف الصوماليين هم الذين سجلهم مؤلف (البيربلس) بأنهم يعيشون في المراكز التجارية على السواحل منذ ما يقرب من ألفي عام. وفي ذلك الوقت مارسوا التجارة قرونا عديدة مع أهل حمير في الجزيرة العربية.
الدين
ينتمي غالبية الصوماليين إلى الدين الإسلامي السني.[21] بالرغم من وجود قلة من الشيعة.[22]
مشاهير المسلمين
التركيبة القبلية والعائلية
العشائر الصومالية الرئيسية:
التوزيع الجغرافي
مشاهير الصوماليين في المهجر
اللغات
الثقافة
جزء من سلسلة عن |
ثقافة الصومال |
---|
الثقافة |
الشعب |
الدين |
اللغات |
السياسة |
الموسيقى
الموسيقيون والفرق الموسيقية
السينما والمسرح
الفنون
الرياضة
الزي
المطبخ
الأدب
المؤلفون والشعراء
القانون
العمارة
دراسات صومالية
الباحثون الصوماليون
- Osman Yusuf Kenadid – Pioneering scholar and writer on Somali history and science. Inventor of the Osmanya script and author of several textbooks on Somali language, astronomy, geography and philosophy.
- Musa Haji Ismail Galal – Somali writer, scholar and linguist. One of the foremost historical authorities on the Somali astronomical, astrological, meteorological and calendrical systems.
- Said Sheikh Samatar – Somali scholar and writer. Main areas of interest are linguistics and sociology.
- Mohamed Haji Mukhtar – Somali Professor of African & Middle Eastern History at Savannah State University. Has written extensively on the history of Somalia and the Somali language.
- Mohamed Diriye Abdullahi – Somali scholar, linguist and writer. Published on Somali culture, history, language and ethnogenesis.
- Ali Jimale Ahmed – Somali poet, essayist, scholar, and short story writer. Published on Somali history and linguistics
- Abdi Mohamed Kusow – Somali Associate Professor of Sociology at Iowa State in Ames, Iowa. Has written extensively on Somali sociology and anthropology. He is listed in Marquis Who's Who in America.
- Abdisalam Issa-Salwe – Somali Assistant Professor in Information Systems in the Faculty of Computer Science and Engineering at Taibah University in Medina, Saudi Arabia. Is a prominent expert on matters pertaining the Horn of Africa
- Ahmed Ismail Samatar – Somali professor and dean of the Institute for Global Citizenship at Macalester College. He is the editor of Bildhaan: An International Journal of Somali Studies.
انظر أيضاً
المصادر
- ^ أ ب CIA World Factbook: Somalia, people and Map of the Somalia Ethnic groups (CIA according de Perry-Castañeda Library Map Collection). The first gives 15% non-Somalis and the second 6%. Used 90% of current population of Somalia.
- ^ أ ب Central Statistical Agency of Ethiopia, "Census 2007", first draft, Table 5.
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةKtcdosn
- ^ CIA World Factbook - Djibouti - People and Society; *N.B. ~60% of 774,389 total pop.
- ^ Shire, Saad A. Transactions with Homeland: Remittance. Bildhaan.: *N.B. Somali migrant population, Middle East including Yemen.
- ^ "Ontario Municipal Election: Somali Canadian Prospective". Hiiraan Online. 10 November 2006. Retrieved 8 July 2013.; *N.B. 44,995 individuals reported Somali ethnicity in 2011 National Household Survey - c.f. [1]
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماة2010 estimates
- ^ Survey: Nearly 1 in 3 US Somalis live in Minnesota
- ^ Statistics Sweden
- ^ Jinnah, Zaheera. "Making Home in a Hostile Land: Understanding Somali Identity, Integration, Livelihood and Risks in Johannesburg" (PDF). J Sociology Soc Anth, 1 (1-2): 91-99 (2010). KRE Publishers. Retrieved 6 March 2014.
- ^ خطأ استشهاد: وسم
<ref>
غير صحيح؛ لا نص تم توفيره للمراجع المسماةNetherlandsCensus
- ^ [2]
- ^ أ ب Somalia's Missing Million: The Somali Diaspora and its Role in Development
- ^ StatBank Denmark
- ^ IOM - Finland
- ^ Official demographic statistics in Italy - ISTAT
- ^ of Usual Residence&subaction=-1&issue=2006&producttype=Census Tables&documentproductno=0&textversion=false&documenttype=Details&collection=Census&javascript=true&topic=Ancestry&action=404&productlabel=Ancestry (full classification list) by Sex&order=1&period=2006&tabname=Details&areacode=0&navmapdisplayed=true& 2006 Census Tables
- ^ Joireman, Sandra F. (1997). Institutional Change in the Horn of Africa: The Allocation of Property Rights and Implications for Development. Universal-Publishers. p. 1. ISBN 1581120001.
The Horn of Africa encompasses the countries of Ethiopia, Eritrea, Djibouti and Somalia. These countries share similar peoples, languages, and geographical endowments.
- ^ الصومال الجديد (2020-10-30). "مصرع 27 شخصا في قتال بين الصوماليين والعفريين في إثيوبيا". الصومال الجديد.
- ^ ""Shacabka Soomaalida iyo Canfarta cadow baa ku kala dhex jira"". بي بي سي بالصومالي. 2020-10-30.
- ^ Middle East Policy Council - Muslim Populations Worldwide
- ^ Mohamed Diriye Abdullahi, Culture and Customs of Somalia, (Greenwood Press: 2001), p.1
- ^ Ministry of Information and National Guidance, Somalia, The writing of the Somali language, (Ministry of Information and National Guidance: 1974), p.5
المراجع
- Hanley, Gerald, Warriors: Life and Death Among the Somalis, (Eland Publishing Ltd, 2004)
وصلات خارجية
- "Related ethnic groups" needing confirmation
- Pages using infobox ethnic group with unsupported parameters
- Articles using infobox ethnic group with image parameters
- Articles with hatnote templates targeting a nonexistent page
- صوماليون
- شعوب أفروآسيوية
- جماعات عرقية في جيبوتي
- جماعات عرقية في إثيوپيا
- جماعات عرقية في الصومال
- جمعات عرقية في جامعة الدول العربية
- جماعات عرقية في الشرق الأوسط
- جماعات عرقية في أفريقيا
- جماعات عرية دينية
- تجمعات مسلمة في أفريقيا