أرثر ميلر
أرثر ميلر (17 أكتوبر 1915 - 10 فبراير 2005) كاتب وروائي ومسرحي أمريكي. كان أحد رموز الأدب والسينما الأمريكية لمدة 61 عاما. يعتبر من عمالقة المسرح الأميركي المعاصر، وكان من كبار المدافعين عن الحرية الفكرية منددا بكل أشكال القمع وكان من المنادين بفكرة مسرح في متناول الجمهور ، خرج ميلر من سنوات الكساد في الثلاثينات ليكتب مسرحيات تحاكي في قوتها التراجيديا الكلاسيكية اليونانية ، تعتبر مسرحيته "وفاة بائع متجول" نموذجا كلاسيكيا لدراما القرن العشرين وتدرس تلك المسرحية في المدارس بمختلف انحاء العالم وتتناول نقاط التصادم في طبيعة العلاقة بين ما هو اجتماعي وما هو فردي حاملا في طياتها نظرة ناقدة للحلم الأمريكي. إشتهر ميلر بآراءه اليسارية وتم إتهامه بالشيوعية في الخمسينيات ، تميزت كتاباته المسرحية بطروحات حادة في تناولها لإشكاليات الإنسان المعاصر وبشكل خاص الإنسان الأمريكي . كتب العديد من المسرحيات لعل من أهمها المحنة ونظرة من الجسر وكلهم أبنائى والتي حصلت عام 1947 على جائزة توني لأفضل مسرحية . في عام 1949 منح جائزتي "بوليتزر" و جائزة نقاد الدراما عن عمله الأكثر شهرة موت بائع متجول وهي مسرحية ترجمت إلى أكثر من 20 لغة بعد شهور على ظهورها ولازالت تدرس وتعرض حول العالم.
شملته حملة لجنة تحقيق النشاط المعادي لأمريكا وقاده صيته ككاتب تقدمي وناشط في مجال حرية الرأي والتعبير إلى المحكمة في عام 1956. قام بإدانة الأنظمة القمعية في كل مكان وفي نفس اللحظة كان يدين السياسة الخارجية للولايات المتحدة خاصة في ما يتعلق بحقوق الإنسان. كانت حياة أرثر ميلر الخاصة على نفس القدر من الاثارة وخاصة زواجه الفاشل من مارلين مونرو ، وقد لحقت الشائعات هذا الزواج من لحظاته الأولى فأشيع إن زواج ميلر من مانرو هو محاولة لتمويه مكتب التحقيقات الفيدرالي الذي كان يلاحق نشاطات ميلر اليسارية. خاطبته زوجته المشهورة مارلين مونرو في أحد الأيام وهما يتعشيان على ضوء الشموع في إحدى مطاعم هوليود "بصراحة يا عزيزي دون أن تغضب! مسرحياتك أنا لست معجبةً بها"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سيرة ذاتية
ولد ميللر لعائلة يهودية متوسطة الحال في مدينة نيويورك كان والده أيسدور ميللر بولوني هاجر إلى الولايات المتحدة قبل الحرب العالمية الأولى [1] وكان مصمم وصاحب محل أزياء نسائية والذي دمر في فترة الكساد العظيم 1929 مما كان سبباً في تأثر آرثر لتنقله من حالة ميسورة إلى الفقر . كان لإنتقال العائلة المتوسطة الحال إلى عائلة فقيرة بسبب الكساد العظيم أثرا كبيرا بان يواجه ميلر وهو في الرابعة عشرة من عمره العالم الواقعي وجعله يعي أزمة العالم اقتصادياً واجتماعياً ، بسبب هذه الهزة الإقتصادية العنيفة إضطر ميلر لممارسة العديد من المهن البسيطة مثل عامل في كافتيريا و سائق شاحنة وعامل في مصنع إلى جانب دراسته في جامعة ميشيغان ، غير انه سرعان ما تمكن من كسب معيشته من كتاباته فقام بالإلتحاق بحلقة للتدرب على كتابة المسرحية وبدأ ميلر بممارسة الكتابة الدرامية في سنة 1938. بعد تخرجه وكان أول عمل له عرض على مسرح في برودواي “الرجل الذي كان ينعم بكل الحظ” . كان أعماله الأولى تحمل أثر التمزق والضياع اللذان أحس بهما ايام الكساد العظيم . تأثر حينذاك بالأفكار الاشتراكية وأعجب بالمسرح الثوري و تتلمذ على أعمال المسرحي النروجي هنريك إبسن ورغب مثله في أن يبرز النظام الذي يقمع الانسان . كانت والدته ربة منزل مهتمة بالأدب والتعليم. أخته جوان أصبحت ممثلة معروفة بإسم جوان كوبلاند وظهرت في بعض مسرحياته. أمضى ميللر دراسته الإبتدائية في هارلم من 1920 إلى 1928 وشاهد المسرح لأول مرة في 1923 على مسرح شوبرت. قضى دراسته الثانوية في مدرسة أبراهام لينكولن الثانوية بالقرب من جزيرة كلوني في بروكلين بنيويورك وكان ميللر متفوقاً رياضياً ولكنه كان ضعيف دراسياً. تم رفض طلبه الإلتحاق بجامعة ميشيغان بالرغم من ذلك كان ميللر يضع 13 دولار من كل 15 دولار يكسبها في صندوق الكلية حتى تم قبول طلبه الإلتحاق بجامعة ميتشغان سنة 1934.
في بداية إلتحاقة بجامعة ميتشغان إختار تخصص الصحافة ثم إنتقل إلى الأدب الإنجليزي وأنصب إهتمامه على الأدب اليوناني القديم وكتابات هنريك إبسن. خلال عطلة الربيع سنة 1936 كتب عمله الأول للإشتراك به في مسابقة ذات جائزة 250 دولار. وفاز عنه بجائزة آفرى وود . وحصل على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي عام 1983. في 5 أغسطس 1940 تزوج زميلته مارى جريس سلاترى بعد قصة حب وأنجبا جان وروبرت (مخرج وكاتب ومنتج أنتج فيلم المحنة سنة 1996 وقام ببطولته دانيال داى لويس. تم إعفائه من الخدمة العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية لإصابة رياضية قديمة. في عام 1956 طلق ماري سلاتري. وفى 29 يونيو من نفس العام تزوج مارلين مونرو والتي قابلها منذ ثامني سنوات عبر إليا كازان. وحينها تحولت مارلين إلى اليهودية. في 24 يناير 1961 حصلت مارلين مونرو على الطلاق من ميللر. وفي 17 فبراير 1962 تزوج ميللر من المصورة الفوتوغرافية إينج موراث والتي إلتقى بها عندما حضرت مع عدد من المصورين من وكالة ماجنوم للتصوير لتصوير إنشاء فيلم "سيئو الحظ" 1961 . وأنجبا طفلين دانييل وريبيكا وإستمر زواجهما 40 عاما حتى وفاتها في 30 يناير 2002. ريبيكا ميللر ممثلة وكاتبه ومخرجة ومتزوجة من دانيال داى لويس والتي قابلته أثناء تصوير فيلم عن رواية والدها ،"المحنة" عام 1996 . أعلن ميللر خطوبته للرسامة آجنس بارلي في 2004 ولكنهم لم يتزوجوا إلا أنهم عاشوا معاً منذ 2002. توفي أرثر ميللر عن عمر 89 عاماً بسكتة قلبية بعد معاناة مع مرض السرطان وأمراض القلب والرئتين مساء 10 فبراير 2005 في الذكرى السادسة والخمسين للعرض الأول لمسرحية "موت بائع متجول" في برودواى. كان ميللر محاطاً بعائلته عندما مات في منزله في روكسبوري ، كناتيكت. بعد أربع شهور من موت أخيه الأكبر كريمت ميللر وبعد ثلاث سنوات من موت زوجته إينج موراث. وقد كتب ميللر سيرته الذاتية في كتاب أسماه "منعطفات زمنية".
حياته السياسية
إشتهر ميللر بميوله اليسارية ويعتقد البعض أن زواجه من مارلين مونرو كان للتغطية على نشاطاته الشيوعية وقد تابعت مكتب التحقيقات الفيدرالي نشاطه من الأربعينيات وحتى 1956 حين توقفت المباحث الفيدرالية عن متابعته وحين أفرجت المباحث الفيدرالية عن وثائق متابعة آرثر ميللر بعد موته قالت إنه لم يكن منضماً إلى الشيوعيين بل كان منشقاً عنهم. رغم نفيه الدائم لإنتمائه للشيوعية إلا أنه يعترف بأنه حضر عدد من الإجتماعات مع كتاب آخرين قائلاً "إن الإجتماعات كان يحضرها واحد أو إثنين من الشيوعيين أما الباقون فلم يكونوا كذلك". كما أنه أيضا كان مهتما بالرد على من يهاجمون الشيوعية. فلم يكن شيوعي بل كان ضد من هم ضد الشيوعية. وقد تمت إضافة ميللر إلى القائمة السوداء لهوليوود بالإضافة إلى إيليا كازان وغيرهم. وقد منعت الحكومة الأمريكية الفرق المسرحية الأمريكية من عرض مسرحية "كهلم أبنائي" خارج الولايات المتحدة عام 1949
كان لميللر موقف معادي من السياسة الأمريكية ، خارجية كانت أو داخلية وقد إنتقد جورج بوش أكثر من مرة كما كان دائم النقد لأوضاع المجتمع الأمريكي ويتضح هذا جلياً في كتاباته. وقد وقف ميللر ضد الحرب على فيتنام وكانت له نشاطات في مجال حقوق الإنسان. في 31 مايو 1957 أتهم ميللر بإزدراء الكونغرس الأمريكي وأدين من هيئة متابعة النشاطات غير الأمريكية أو "لجنة تحقيق النشاط المعادي لأمريكا" وذلك لرفضه الإفصاح عن أسماء حلقة أدبية مشتبه في إنتسابها للشيوعية وقد دافع ميللر عن وجهة نظره قائلاً "أننى لا أستطيع إستخدام أسماء أشخاص آخرين لأجلب لهم المشاكل". في 7 أغسطس 1958 رفضت محمة الإستئناف الأمريكية التهم الموجهة إليه بعد صراع قانوني لمدة سنتين وقد دافع محاميه جوزيف رو بأن الهيئة كانت تريد التشهير به وأن الأسئلة التي لم يجب عليها ميللر لم تكن ذات علاقة بالقضية. وفي نفس العام أصدر مجموعة مسرحيات. أسس ميللر الإتحاد الدولى للكتاب المسجونين . وأنتخب رئيساً له عام 1965 وإستمر في المنصب لأربعة أعوام.
في عام 1985 عندما زار ميللر تركيا مع هارولد بينت بالنيابة عن إتحاد الكتاب العالمي ولجنة المتابعة بهلسنكي تم دعوته على العشاء في السفارة الأمريكية وعندما فتح بينتر موضوع التعذيب مع السفير الأمريكي تم طرد بينتر وترك ميللر الحفل تضامناً معه. وفي عام 2000 ذهيب ميللر مع زوجته إينج إلى كوبا مع مجموعة صغيرة من مثقفي أميركا تسعة أشخاص حيث إلقى بالرئيس الكوبي فيديل كاسترو أو كما يسميه الزعيم حيث دعا كاسترو المجموعة إلى العشاء في اليوم التالى لوصولهم كوبا وتناقش معهم ثم فاجأهم في اليوم التالى بأن ذهب إليهم أثناء تناولهم الغداء في المدينة ليكمل نقاشه معهم[2]. في مسرحية "إتصالات مستر بيتر" (1999) وجه ميلر نقدا شديد اللهجة لأخلاقيات الانتخابات الرئاسية الأمريكية وعندما تم توجيه سؤال اليه عن كيفية إحتفاضه بصفات الثائر الأخلاقي وهو بعمر الـ84 ، قال ميلر
- لا أشعر بأنني بريء بما فيه الكفاية إلى درجة إعفاء نفسي من شتم الآخرين، وعلى أية حال إن المرء كلما كبر في السن يضحك مع نفسه ساخراً من كل شيء، ولا علاقة للحملات الانتخابية بذلك، ولكن فيما يتعلق بالمرشحين فهي تجارة أيضاً، ولا يوجد أي مشرح يناقش أو يطرح المشاكل الحقيقية والتي لها علاقة فعلية بواقع معاناة الناس. لاحظ هذه المناظر الهستيرية حول الإجهاض، بحيث أن من يستمع إلى سياسيينا وهم يتحدثون عنه سيعتقد بأن المشكلة الجوهرية للمواطن الأمريكي البسيط هي الإجهاض.. اللعنة.. ألا يريد هؤلاء النماذج من السياسيين إلا المتاجرة بنا..؟. لماذا وصل الحال إلى وجود الآلاف من أطفال أمريكا بأن يعيشوا تحت مستوى الفقر؟. ألا يوقظ هذا في الساسة الضمير العالم؟.. إن المراقبين لم يكفوا عن التأسف والشكوى من أن هذا البلد يحتاج إلى استعادة وإنقاذ قيمه الأخلاقية.. ولكن السخرية تكمن أيضاً في أن هؤلاء المراقبون أنفسهم يشغلون حيزهم في هذه المنظومة التي تدمر قيمنا يوماً بعد يوم. [1]
ميلر وإسرائيل
لم يكن ميلر يهودياً متديناً في بداية حياته فلقد كانت زيجته الأولى في كنيسة أما حين تزوج مارلين مونرو فقد قابلها بحاخام يهودي لمدة ساعتين ونصف تحولت بعدهم إلى اليهودية. ويروي د. عبد الوهاب المسيري عن "ميلر" أنه قد تنبه لذلك التناقض -الذي وقع هو نفسه (أي ميلر) فيه- حول مفهوم "الدولة اليهودية". ففي مقال له في مجلة التايمز اللندنية (3 يوليو 2003) يقول:
- إنه عند إعلان الدولة الصهيونية عام 1948، تصور أن ذلك الحدث السياسي يشبه أحداث العهد القديم، واهتزت مشاعره بعنف، ولكنه تنبه بعد ذلك إلى أن أبطال هذا الحدث بشر عاديون، تجد من بينهم سائقي الحافلات ورجال الشرطة والكناسين والقضاة والمجرمين والعاهرات ونجمات السينما والنجارين ووزراء الخارجية. واعترف بأنه نسي في غمرة فرحه أنه إذا أصبحت الدولة اليهودية مثل كل الدول فإنها ستتصرف كأي دولة تدافع عن بقائها بكل الوسائل المتاحة، شرعية كانت أم غير شرعية، بل ستحاول أن تتوسع على حساب الآخرين.
- وبعبارةٍ أخرى، فإن "ميلر" يعترف بأنه أخطأ في تصنيف دولة اسرائيل ولم يستطع التمييز بين الدولة اليهودية ودولة اليهود. فالدولة اليهودية، كما تصورها، لا تنتمي إلى التاريخ لأنها خرجت من صفحات الكتب المقدسة، أما دولة اليهود فتخضع للقوانين التاريخية التي تنطبق على الظواهر المماثلة. وحينما راجع "ميلر" حساباته، صنف الدولة الصهيونية التصنيف الصحيح، وسجل احتجاجه عليها[3].''
وقد فكر ميلر في رفض جائزة القدس ولكنه قبِلها بعدما أرسل شريط فيديو ينتقد فيه سياسة الإستيطان وقتل المدنيين قائلاً : "ان قمـع الفلسطينيين والمستوطنات في الضفة الغربية خيانة لمثل التوراة العادلة التي ألهمت تأسيس دولة اسرائيل." ودعا إلى قيام دولة فلسطينية وقال "ان ما بقي من الحلم بمجتمع تقدمي مسالم في 1948 هو الضد تماماً: مجتمع مسلح يائس على خلاف مع جيرانه والعالم"[4] . لم تظهر يهودية ميلر في كتاباته عدا مسرحية "بعد السقوط" التى تناولت الهولوكوست ومعاداة السامية وروايته الوحيدة "التركيز".
حياته الأدبية والمهنية
بدأ حياته وكسب عيشه من العمل في مصنع إلا أنه سرعان ما إلتحق بمؤسسة "فيدرال ثياتر روجكت" (المتخصصة في توفير عمل للممثلين والكتاب) في نيويورك وبدأ كسب عيشه من كتابة السيناريوهات. عرض أول أعماله على المسرح في برودواي، بعنوان "الرجل الذي كان ينعم بكل الحظ" والذي كتبه عام 1944. بزغ نجم آرثر ميللر بمسرحية كلهم أبنائي عام 1947 والتى تدور حول صاحب مصنع قام ببيع قطع غيار محركات طائرات معطوبة للجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية. حصدت المسرحية جائزة دائرة نقاد الدراما بنيويورك وجائزتي توني. أما مسرحية "موت بائع متجول" والتى أصدرها عام 1949 فقد حصلت على جائزة بيرلتز و جائزتي توني وكذا على جائزة دائرة نقاد الدراما بنيويورك. وكانت أول مسرحية حصل على الجوائز الثلاث وقد عرضت هذه المسرحية حوالي 700 مرة، وترجمت إلى أكثر من 20 لغة بعد شهور على ظهورها. إقتبس ميللر من أبسن مسرحيته "عدو الشعب" رداً على "الرعب الأحمر" التى كتبها جوزيف مكارثي. فذهب إلى بلدة سالم بماساتشوستس. تم إفتتاح مسرحيته "المحنة"[5] في برودواى في 22 يناير 1953 وهى أكثر أعمال ميللر إنتاجاً كمسرحيات أو أفلام وفيها يربط ميللر بين الحرب الباردة والمكارثية وبين محاكمة سحرة سالم وهي تعالج موضوع معاقبة السحر والشعوذة في إحدى مدن أمريكا وهى مدينة سالم بولاية ماساشوستس ولسان حاله يقول "إياك أعني وإسمعي ياجارة" ضد حملة لجنة تحقيق النشاط المعادي لأمريكا. في 1955 تم إفتتاح الدراما الشعرية "نظرة من الجسر" وإعتبرها المشاهدون بعيدة عن الروح الشعرية ثم تم تعديلها لتعتبر مسرحية نثرية على الطراز اليوناني التراجيدي التقليدي في العام التالي.
لم يكن من الغريب أن يستبعد كاتب في حجمه من الحياة الثقافية الأمريكية عقب الحملة "الأدبية" الشهيرة التي شنت عليه لاحقا في عام 1972 عندما كتب مسرحيته "خلق العالم وأعمال أخرى" (وتدور المسرحية حول فكرة الصراع بين الخير والشر بطريقة كوميدية من خلال قصة حواء وآدم) وقد توقفت هذه المسرحية عن العرض بعد عشرين ليلة. إلا أن مسرحيته "الزجاج المكسور" التي عرضت في مسرح "بوث" في "نيويورك" عام 1994 أعادت إليه الاعتبار المسرحي، وكانت تلك المرة الأولى التي يقدم فيها عمل جديد له على مسارح برودواي مدة 14 عاما كاملة[6]. في 1 مايو 2002 حصل على لقب رائد الدراما الحديثة من أسبانيا وفي العام التالي حصل على جائزة القدس. آخر مسرحيات ميللر كانت دراما كوميدية بعنوان "إنهاء الصورة" تم إفتتاحها في خريف 2004 على مسرح جودمان وهذه المسرحية هى توثيق للوقت الذي قضاه ميللر ومونرو في تصوير فيلم "سيئو الحظ" 1961 وكان زواجهما في هذه الفترة في تدهور نتيجه لإدمانها المخدرات. إمتدات حياة ميللر الأدبية لنحو 70 عاماً ويعتبر ضمير المسرح الأمريكي.
يعتبر منهج ميلر المسرحي مطابقا لمنهج المسرحي النرويجي هنريك إبسن (1828 - 1906) مؤسس مدرسة الواقعية الاجتماعية التي كانت تهدف إلى زيادة الإدراك والوعي بالحياة و تغيير الواقع الاجتماعي . في مسرحياته الأخيرة كان ميلر يطرح وجهة نظره حول المستقبل السياسي للولايات المتحدة حيث كان ميلر يعتقد بأن السياسة في بلده تدار من قبل اصحاب رؤوس الاموال وليس السياسيين. بسبب تجربة ميلر الشخصية في شبابه وتعرض عائلته إلى هزة اقتصادية عنيفة خلال الازمة التي شهدتها امريكا في سنة 1931 والتي عرفت بإسم الكساد العظيم إرتبطت فلسفة ميلر الشخصية بصراع مع قيم الرأسمالية التي شاهده تلتهم العاطلين عن العمل والمهمشين بسبب وصولهم إلى الخمسينيات من اعمارهم وقد عبر ميلر عن هذا الجانب الإنساني في مسرحية "إتصالات مستر بيتر" او "علاقات مستر بيترز" . قبل رحيله كان ميلر لايزال متمسكا بفكرته القديمة بأن على المسرح ان يهز الانسان وينسف الاشياء التي تفتقر إلى المعنى ولكنه كان في نفس الوقت قلقا على واقع المسرح حيث قال:
- ان العمل المسرحي قد تحول إلى سلعة كما تحول كتاب المسرح إلى موظفين يعملون في المسارح وحتى المخرجين لم تعد تراودهم الرغبة في تبني المواهب والنهوض بالفن ، المعيار الوحيد للنجاح هو ما اذا كان الانسان قادرا على تحقيق الثروة المادية. [2]
أعماله
أنتج ميللر الكثير من الأعمال في جميع فروع الكتابة بدءاً من المسرح حتى كتابة المقال وكان أغزر إنتاجاً في المسرح وتنوعت كتاباته بين المسرحايت والروايات والقصص القصيرة والمقالات والشعر والنثر ومن أعماله :
|
|
سينمائياته
تحول الكثير من كتابات آرثر ميللر إلى أفلام سينيمائية أو حلقات تليفزيونية وكان أول تلك الأفلام عن مسرحيته "كلهم أبنائي" وعرض الفيلم سنة 1948 بالأبيض والأسود وأخرجه "إرفينج ريس" وقام ببطولته إدوارد جي روبنسون و بيرت لانكستر وتوالت أعماله التي ظهرت كأفلام أو حلقات تليفزيونية حتى 61 عمل بعدة لغات. كما تم تصوير عدة أفلام عن مسرحيته المحنة كان أولها عام 1959 وكان إنتاجاً تليفزيوتياً بالأبيض والأسود من إخراج هنري كابلان ومن بطولة شين كونري وباربرا شيلكوت أما آخرها فكان عام 1996 والذى كتب ميللر له السيناريو وأخرجه نيكولاس هيتنر وقام ببطولته دانيال داى لويس ووينونا رايدر وأنتجه روبرت ميللر إبن آرثر ميللر. أما روايته الوحيدة "التركيز" فقد تم تصويرها مرتين الأولى تليفزيونياً عام 1966 وأخرجها آلان جيبسون وقام ببطولته جوس آكلاند وراى ماكنالي والثانية عام 2001 وأخرجها نيل سلافين وقام بالبطولة فيه ويليام ماسي ولورا ديرن. وقد أعلن في 2006 عن بدء تصوير فيلم عن مسرحيته "الرجل الذي كان ينعم بكل الحظ" أو "الرجل المحظوظ" وستقوم بكتابة السيناريو إبنته ريبيكا ميللر وسيقوم بإخراجه سكوت إليس[7].
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ما كتب عنه
بالطبع لم تكن حياة كاتب كآرثر ميللر لتمر مرور الكرام خاصة وأنها دسمة وتحتوي على الكثير من التفاصيل ولقد كتب عنه عدة كتب منها :
- مقالات مسرحية لآرثر ميللر - روبرت مارتن - 1978
- علم النفس وآرثر ميللر - ريتشارد إيفانز - 1981
- حوار مع آرثر ميللر - ماثيو تشارلز - 1987
- الشيوعية ورعاة البقر والشواذ: دراسة في الرؤى الذكورية لآرثر ميللر وتينيس ويليامز - دافيد سافران - 1992
- فهم آرثر ميللر - آليس جريفن - 1996
- حوار مع ميللر - ميل جوسو - 2002
- دراسة لغوية حول مسرحيات آرثر ميللر: إمتزاج الشعر بالعامية - ستيفين مارينو - 2002
- أمريكا آرثر ميللر : المسرح والثقافة في مرحلة التغيير - إينوخ براتر - 2004
- آرثر ميللر (من سلسلة كُتاب وأعمالهم) - ريتشارد أندرسون - 2005
- آرثر ميللر: حياة وأعمال كاتب مسرحي - إينوخ براتر - 2005
- آرثر ميللر: دراسة نقدية - كريستوفر بيجسبي - 2005
- الرد النقدي على آرثر ميللر- ستيفين سينتولا - 2006
- آرثر ميللر: حياته وأعماله - مارتن جوتفريد
- الدراما الأمريكية المعاصرة: دراسة لمسرحيات تينيس ويليامز وآرثر ميللر و إدوارد آلبي - أبها سايجن
روابط خارجية
- مسرحية المحنة من ترجمة محمد صالح المطيري
- خطاب آرثر ميللر لجائزة القدس
- آرثر ميلر.. الأمريكي العاق - من إسلام أون لاين
- حوار مع آرثر ميللر
- منتدى آرثر ميلر
- زيارة مع كاسترو
- الأرشيف الصحفي لآرثر ميللر
- أعمال ميللر في قاعدة بيانات الأفلام العالمية