معركة تربة

(تم التحويل من نزاع الخرمة)
معركة تربة
جزء من توحيد السعودية
معركة تربة.JPG
التاريخيوليو 1918 – 4 يوليو 1919
الموقع
النتيجة

وقف إطلاق النار

المتحاربون

Flag of the Second Saudi State.svg إمارة الرياض

Flag of Hejaz 1917.svg مملكة الحجاز
القادة والزعماء

Flag of the Second Saudi State.svg سلطان بن بجاد بن حميد

  • خالد بن لؤي
  • حمود بن عمر بن قرمله
  • سلطان أبا العلا
Flag of Hejaz 1917.svg الحسين بن علي
Flag of Hejaz 1917.svg عبد الله بن الحسين
Flag of Hejaz 1917.svg ساعد بن مطر
Flag of Hejaz 1917.svg سلطان العبود
Flag of Hejaz 1917.svg تركي بن هليل
الضحايا والخسائر
2.000 قتيل 5.000 قتيل
+7.000 جندي و+1.392 مدني قتيل[1]

معركة تربة، هي معركة وقعت في 15 مايو 1919 بين الإخوان بقيادة سلطان بن بجاد وحاكم الخرمة الشريف خالد بن لؤي ضد قوات الشريف الحسين بن علي حاكم مكة والمدينة المنورة بقيادة إبنه عبد الله الأول بن الحسين في وادي تربة إنتهت المعركة بإنتصار الإخوان.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

خلفية

تقع مدينة تربة إلى الجنوب الشرقي من الطائف، على تقاطع خطي الطول 39َ/41ْ شرقاً والعرض 12َ/21ْ شمالاً، على جانب وادي تربة المشهور من جهة الشمال. ويحد الميدان، الذي دارت فيه المعركة من الجنوب، وادي تربة الكبير؛ ومن الشمال أرض منبسطة بها عدد من التلال الصغيرة؛ ومن الشرق تلال الثغر، فأرض فسيحة منبسطة بها بعض التلال؛ ومن الغرب أرض منبسطة. ومن المعلوم، أن تربة والخرمة خضعتا للحكومة السعودية في الدولة الأولى، وأن أغلبية أهلها يؤيدون الدعوة الإصلاحية للشيخ محمد بن عبدالوهاب. وقد خاض أهلها معارك كثيرة إلى جانب آل سعود.

وتبعد الخرمة مسافة خمسين ميلاً من جبل حضن، إلى الشرق. كما تبعد تربة مسافة خمسة وسبعين ميلاً عن جبل حَضَن إلى الجنوب. ويُعد جبل حَضَن، في موروث شبه جزيرة العرب، هو الحد الفاصل بين نجد والحجاز. فقد جاء في الأثر: من رأى حضناً فقد أنجد.

وترتفع الخرمة، الكائنة في وادي سبيع، ثلاثة آلاف وخمسمائة قدم عن مستوى سطح البحر؛ وأغلب سكانها من قبيلة سبيع، وقسم منهم من الأشراف. وتكمن أهمية الخرمة في وقوعها على طريق التجارة بين نجد والحجاز، وتُعدّ محطة تجارية لتجار الوشم والقصيم.

من هذه الوجهة إذن، تكون البلدتان في نجد. ولكن أصحاب السّيادة فيهما من أشراف الحجاز. فادعى الشريف حسين رعايتهم. ومن الوجهة الأخرى، فإن سكانهما من بدو وحضر، وفيهم الأشراف، تمذهبوا في الزمن الماضي بالمذهب الوهابي، ولهذا السبب أيضاً يدعي ابن سعود أنهم من رعاياه. وكلهم، بدو وحضر، لا يتجاوزون الخمسة والعشرين ألف نفس.

وأمّا تربة فسكانها من عرب البقوم، وفيها، مثل الخرمة، عدد من الأشراف يملكون أكثر أراضيها، وكلهم، بدو وحضر وعبيد، من اتباع ابن سعود، منذ أيام الدولة السعودية الأولى. بيد أن قسماً منهم انضم إلى جيش الحجاز، في الحرب العالمية الأولى، ثم انقلب على الشريف حسين، لأسباب دينية ومالية. فأضمر الشريف حسين في نفسه تأديبهم، ولكن لم يتمكن من ذلك، إلاّ بعد أن انتهت الحرب.

ومع أن تربة قرية لا يتجاوز عدد سكانها الثلاثة آلاف، فهي ذات أهمية لأنها في الطريق إلى الطائف. وهي باب الطائف من الوجهة النجدية، وحصن الطائف من الوجهة الحجازية. ويتبع تربة "سهل شرقي" إلى الشمال الشرقي من البقوم. وحول هاتين القبيلتين، سبيع والبقوم، وقراهما، تسرح وتمرح قبيلة عتيبة الكبيرة.


أسباب المعركة

كان أمير الخرمة الشريف خالد بن منصور بن لؤي، من أقارب الشريف حسين؛ ولكنه من المتصلبين في الوهابية، لذلك لم تصفُ الصلات بين الشريفين. فقد حدث بينهما خلاف في عام 1336هـ، جعل الشريف حسين يعتقل خالد بن منصور، فاشتعل في صدره الثأر. ولكنه غطاه لحين برماد النسيان، وراح يساعد الأمير عبد الله بن الشريف حسين في حصار المدينة. وفي المدينة حدث خلاف آخر بين خالد بن منصور والأمير عبد الله، وتكررت الإساءة لخالدٍ. وعندما احتج غضب الأمير عبد الله وصفعه.

وهناك أسباب أخرى تُعزى للخلاف بين الشريف خالد بن لؤي والشريف حسين، شريف مكة. من ذلك ما يروى أن الأشراف كانوا مجتمعين في المدينة المنورة بعد فتحها، في منزل الشريف حسين لبحث أمور تتعلق بهم، وتوزيع المال الذي غنموه بعد فتح المدينة. وبينما هم كذلك أمر الشريف حُسين ابنه عبد الله بتوزيع المال على الأمراء والأشراف الحاضرين. فأخذ يغرف لكل واحد من الحاضرين غرفتين بيديه. وعندما وصل الدور للشريف خالد بن لؤي، غرف له عبد الله غرفة واحدة بيد واحدة. وكان خالد كلّما نظر إلى الأمير عبد الله، عبس عبد الله في وجهه. ويروى أنه عند قدوم الأشراف من مكة إلى المدينة، حدثت مشكلة بين خالد بن لؤي وأحد أمراء الجيش، ويدعى (فاجر بن شليويح العتيبي) من رؤساء عتيبة، ومن المقربين للأمير عبدالله بن الحسين، الأمر الذي أدى بفاجر أن يلطم الشريف خالد بن لؤي، على مشهد من الأمير عبدالله. فطالب خالدٌ بحقه، فأمر عبدالله بحبس "فاجر" لمدة ثلاثة أيام، ولكنه أطلقه في المساء. فغضب الشريف خالد، فزجره الأمير عبدالله قائلاً: هذا حقك، ولو فكرت في الاعتداء لسجنتك. فغضب خالد غضباً شديداً؛ ثم زاد الخلافٌ سعة عندما دفع عبدالله إلى خالدٍ غرفة واحدة من المال. وعندما احتج خالد، قال له عبدالله "خذها أو دعها، فليس لك غيرها".

فاحتدّ الشريف خالد ورمى المال في وجه الأمير عبد الله، وخرج في تلك الليلة، وقصد الشريف حسين، في منزله وشكى له حاله. واستأذن في الذهاب إلى مكة، ولكن فرسه لا تستطيع السير ليلاً، لأنها مريضة، وهو لا يرغب أن يبيت في المدينة تلك الليلة، لذلك يرجو أن يعطيه الشريف حسين فرساً من خيوله الخاصة.

ورغبة من الشريف حسين في استرضاء خالد بن لؤي، أعطاه فرسه الخاص وأمر له بعطاء من المال. فشكره خالد، ثم ودعه مُعلناً ذهابه إلى مكة.

رجع الشريف خالد بن لؤي من المدينة، وقد اجتمعت عدة عوامل تدفعه إلى الخروج عن طاعة الشريف حسين، وتحمله على الانضواء تحت راية الملك عبدالعزيز. وتبعه أهل الخرمة في الخروج عن طاعة شريف الحجاز. وقد حاول الشريف حسين إخضاع خالد بن لؤي بالقوة، ووجه إليه عدة حملات عسكرية، بقيادة الشريف شاكر بن زيد، كان نصيبها الفشل.

وعندما علم الشريف حسين بتمرد خالد بن لؤي، أرسل إليه ليمثل أمامه. فرفض خالد مقابلة الشريف، فأرسل له مرة أخرى، فرفض ثانية. فعزله الشريف عن الإمارة وعين بدلاً عنه أحد القضاة. فبدأت المشادة والتوتر بينهما، وهدد الشريف بضرب "الخرمة" وما حولها، والقبض على خالد، لكن خالداً استعد لقتاله.[2]

الموقف العام

أرسل الشريف حسين قوة عسكرية كبيرة، بقيادة الشريف حمود بن زيد، للقبض على خالد بن لؤي. وعندما وصلت الأخبار إلى الخرمة، استعد خالد بن لؤي للقتال، وشكلّ قوة من أهل "الخرمة"، وكتب إلى الملك عبدالعزيز يخبره بالأمر. فأرسل الملك عبدالعزيز خطاباً إلى الأمير عبدالله بن الحسين، في 10 شعبان 1337هـ، جاء فيه: "قد تحقق عندي خلاف ما أخبرتني به سابقاً من أنك عائد إلى مكة المكرمة، والظاهر أنك قادم على تربة والخرمة، وهذا مخالف لما أبديتموه للعالم الإسلامي، والعربي خصوصاً.

واعلم ـ رعاك الله ـ أن أهل نجد لا يقعدون عن نصرة إخوانهم، وأن الحياة في سبيل الدفاع عنهم ليست بشيء. وأن عاقبة الغي وخيمة، وأنصحك أن تعود بقواتك إلى "عُشَيْرَة"، وأنا أرسل إليك أحد أولادي أو إخواني، للتفاوض معكم وحسم الخلاف".

فأجاب الأمير عبدالله على خطاب الملك عبد العزيز، في 23 شعبان عام 1337هـ، قائلاً:

Cquote2.png من عبدالله ابن أمير المؤمنين الحسين بن علي، إلى حضرة أمير نجد ورئيس عشائرها، عبدالعزيز بن سعود، دامت كرامته.

وصلني خط الجناب الموقر، المؤرخ في 10 شعبان، فتلوته وفهمته، فلم أجد فيه ما استغربته واستعذبته. تقول إني بينما أكتب إليك مسالماً أجر الأطواب على المسلمين، وأن مظهري هذا أثار ثائر الناس علينا. وأنك، دامت مدتك، خرجت فزعاً إلى أن يأتيك مني الجواب. وإليك به وهو ينطق بلسان صاحب الشوكة والدي وحكومته.

أولاً: أظن أن صاحب الشوكة، سيد الجميع، يرحب بكل من يطلب كتاب الله وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، ويحيي ما أحيا الكتاب والسُنة، ويميت ما أماته الكتاب والسنة، لأن هذا دأبه، ودأب أجداده منه إلى صفوة الخلق عليهم سلام الله.

ثانياً: لا أذكر أن أحداً منا وقعّ على كتاب ذكر فيه أنك أو أحد آل مقرن من الخوارج. أو أنكم لستم من ملة الرسول.

ثالثاً: كل من شق عصا الطاعة من رعايا صاحب الشوكة، وعاث في الأرض فساداً يستحق التأديب شرعاً، شخصاً واحداً كان أو ألف شخص.

رابعاً: اعلم وتيقن أن نيتنا نحوك ونحو أهل نجد، نية خير وسلام.

خامساً: تأمرني بالرجوع إلى ديرتي من أرض هي لأبي وجدي. ومتى كنت تمنع الناس عن ديرتهم؟ جزيت خيراً. ولكن هل تذكر أن رجلاً من قريش، ثم من بني عبد مناف، ثم من بني هاشم، جَدّه الرسول وعلي بن أبي طالب، يقعقع بالشنان ويروّع بمثل هذه الأقاويل؟

سادساً: تقول إني لو التمس رجلاً في نجد يرجح الحياة على الموت في سبيل الله، لم أجده. فكان الأوفق لهم، إذن، أن يأتوا ويجاهدوا الأتراك معنا عن بيت الله ومسجد رسوله، حتى ينال الشهادة منهم من كتب له. ثم بعد ذلك ترددون يمنا النظر.

سابعاً: أخبرتك في كتابي، بفتح المدينة المنورة، بأنني متوجه إلى الوطن لتأديب العصاة، وسألتك هل أنت على عهدي بك، أو تغيرت نياتك؟ فجاءتني نجاجيبك بجواب منك فيه الميل إلى التقرب والمسالمة، فرجوت خيراً وعززته بالجواب الثاني، فجاء ثاني كتبك لي، ومثله لوالدي ولأخي، ملؤها المودة المؤكدة باليمين، وكل ذلك محفوظ. فما حملك الآن على تغيير لهجتك؟ أمن أجل أننا نؤدب رعايانا، ونصلح ما فسد في قبائلنا؟

ثامناً: إن كنت تنوي الخير للمسلمين، كما زعمت، فاردد الذين أمرتهم ببيع مواشيهم، وبنيت لهم الدور (يريد الهجر)، وأخل أنت مكانك الذي وصلت إليه، وانحر (عد إلى) ديرتك، ولك عليّ ألاّ أمس أحداً من أهل نجد بسوء.

إني مرسل إليك كتابي هذا مع أحد نجاجيبك، وهو القسماني، وأبقيت الآخر ليأتيك بخطاب صاحب الشوكة، والدي، والسلام".

في 23 شعبان 1337
القائد العام للجيوش الشرقية الهاشمية

Cquote1.png

عندما تأكد الملك عبدالعزيز من عزم الشريف حسين على مهاجمة "الخرمة"، وقتال خالد بن لؤي والإخوان، أرسل قوة من الرياض قوامها خمسمائة مقاتل من الإخوان من أهل الغطغط، لتعزيز قوات خالد بن لؤي في الخرمة.

بداية الهجوم

ومع شروق فجر الخامس والعشرين، من شهر شعبان سنة 1337هـ - 25مايو 1919م، هجم جيش الإخوان على جيش الأمير عبد الله بن الحسين، من مختلف الجهات، الأمر الذي أصابه بالارتباك. فلم يستطع أن يفعل شيئاً، على كثرة عدده وعتاده. ومزق الإخوان جيش عبد الله، وبلغ عدد قتلاه خمسة آلاف وخمسة وستون رجل. ولم ينج منه إلا عدد قليل. فاستولى الإخوان على أسلحة ومؤن وأموال وعتاد كثير. وتمكن الأميرعبدالله بن الحسين من النجاة بنفسه، والوصول إلى الطائف. وبعد خمسة أيام من وقوع المعركة، وصل السلطان عبد العزيز، بجيشه الذي انطلق به من الرياض، إلى تُربة، فأقام بها خمسة عشر يوماً، يدير شؤونها.

أما الملك حسين بن علي، فقد أفزعه ما حل بجيشه، في تُربة. وخاف من مواصلة الإخوان تقدمهم نحو الطائف. فاتصل بالحكومة البريطانية، يطلب مساعدتها، وذلك من طريق المعتمد البريطاني في جدة. وقد استجابت طلبه، وحذرت السلطان عبد العزيز من التوغل في الحجاز، واعتبرته محارباً لها إن فعل.

ويقول الدكتور العثيمين في ذلك: "لقد استبد الذعر بالمسؤولين في الحجاز، بعد معركة تُربة. وظنوا أن الإخوان سيواصلون زحفهم إلى الطائف. فاتصلوا بالمعتمد البريطاني في جدة، طالبين مساعدة حكومته. فأخبر هذه الحكومة بما جرى، وما يخشاه أولئك المسؤولون. وحذرت بريطانيا الملك عبد العزيز من التقدم في اتجاه الطائف، بل طلبت منه أن ينسحب بقواته من تُربة، حتى تتاح الفرصة للمفاوضات بينه وبين الملك حسين".

وقد قام السلطان عبد العزيز بسحب قواته من تُربة، بعد أن عين أميراً من قبله عليها، وذلك مراعاةً للظروف المحيطة به، في ذلك الوقت.

الخسائر

خسائر الطرفين:

  • قوات ابن سعود: قُتل ثمانية وسبعون، وجرح ستمائة. وكان عدد القوات خمسة آلاف وسبعمائة، منهم مائة وسبعون من أهل تربة انضموا إلى الإخوان قبل بدء المعركة، ومنهم مئتا خيالٍ، والباقون مشاة.
  • قوات الشريف: قتل خمسة آلاف وخمسة وستون، وغُنمت جميع المدافع والذخائر والأسلحة والمؤن، وعدد من صناديق الأموال. وقد سلم الضابطان سعيد كردي، ومحمد دسوقي نفسيهما للملك عبدالعزيز في تربة. وكان عدد قوات الشريف ثلاثة عشر ألف وستمائة فردٍ، منهم (1100) نظامي، و(500) خيّال، و(12000) من القبائل، وعشرون مدفعاً وخمسة وعشرون رشاشاً.

نتائج المعركة

كانت نتائج معركة تُربة وخيمة، بالنسبة إلى الملك حسين بن علي. فقد أدت نتائج تلك المعركة إلى زعزعة موقفه بين أتباعه، إضافة إلى فقدانه كثيراً من قواته النظامية المدربة، وجزءاً مهماً من عتاده المتطور، وأمواله الضخمة، الأمر الذي زاده تعنتاً. فأوقف التعامل التجاري مع النجديين، ومنعهم من أداء فريضة الحج. وقد تكرر ذلك عاماً بعد عام، وتدخلت الحكومة البريطانية لطمأنة الملك حسين بن علي، فأمدته ببعض الطائرات. وطلبت من الأمير عبد العزيز، ألا يقوم باعتداء عليه، وأن يؤجل حج أتباعه، فلم يمانع. ويعلل الدكتور العثيمين موقف السلطان عبد العزيز ذاك، فيقول: "من الواضح أنه (أي الأمير عبد العزيز) راعى أموراً كثيرة، في اتخاذ ذلك الموقف المرن. منها هيمنة بريطانيا على المنطقة، حينذاك، بدرجة كبيرة، بحيث تصعب معارضتها. ومنها أن مرونته، ستجعل تلك الدولة أكثر ميلاً إليه، وأقل اندفاعاً مع خصمه. ومن المحتمل جداً، أنه قد أدرك بأنها لن تحرص كل الحرص على مساندة هذا الخصم، بعد أن انتهت الحرب العظمى، وحققت ما تريده منه. ومن تلك الأمور أن الأمير عبد العزيز، كان، حينذاك، بصدد معالجة قضايا ملحّة، كقضية جبل شمر، وقضية عسير".

وقد نجحت بريطانيا في التوسط بين الأمير عبد العزيز والملك حسين، إذ وقّعا هدنة بينهما، عام 1338هـ - 1919م. إلا أنها أخفقت في تغيير موقف الملك حسين من السماح لأهل نجد بالحج، في ذلك العام، والعام الذي تلاه. ولكنها نجحت، في سنة 1340هـ - 1922م، إذ سمح الملك حسين، لعدد محدود من النجديين بالحج، على أن يكونوا تحت إمرة أمير منهم، يمنعهم من القيام بعمل يعكر الأمن. ولكن الملك حسيناً، لم يلتزم بالهدنة. فأخذ يساعد أمراء حائل، وأمراء آل عايض، ضد السلطان عبد العزيز. ولكن تلك المحاولات، لم تفلح. فقد استطاع السلطان عبد العزيز، عام 1340هـ - 1922م، أن يقضي على إمارة آل رشيد، في حائل، ويبسط نفوذه على ما يليه، شمالاً، من شبه الجزيرة العربية. كما استطاع أن يوطد حكمه في عسير، وذلك في سنة 1341هـ - 1922م. كما قام أتباعه بأنشطة عسكرية، حول الحدود مع العراق وشرق الأردن، مما أثار مخاوف الملك حسين. فطالب بتخلي السلطان عبد العزيز عن جبل شمر، وعسير، ومنع أهل نجد من أداء فريضة الحج، مرة أخرى.

عمدت بريطانيا، إزاء تدهور العلاقات بين السلطان عبد العزيز، من جهة، والملك حسين، في الحجاز، وابنيه فيصل وعبد الله، الحاكمين في العراق وشرق الأردن، من جهة أخرى ـ إلى عقد لقاء بينهم. فدعتهم إلى مؤتمر، يعقد في الكويت، لبحث مشكلاتهم ولكن الملك حسيناً، رفض حضور المؤتمر، إلا بعد انسحاب السلطان عبد العزيز من المناطق، التي لم تكن تحت إمرته قبل الحرب العالمية الأولى.

وانعقد مؤتمر الكويت، سنة 1342هــ - 1923م، من دون حضور ممثل عن الملك حسين، فباء بالفشل ولم يتحقق الهدف منه، خاصة أن ممثلي العراق والأردن، تعرضوا لأمور تخص الحجاز. وكان الملك حسين، تمادى في تعنته، وادعى أنه الممثل الوحيد للعرب، وأن له الكلمة العليا، في كافة أنحاء شبه الجزيرة العربية. وأعلن نفسه، من عمّان، خليفة للمسلمين، بعد إلغاء الخلافة في تركيا، في 3 مارس 1924م، في وقت لم يستطع فيه توفير الأمن لسكان الأماكن المقدسة، أو لزوارها حجاجاً أو معتمرين. كما قام الملك حسين بتجريح السلطان عبد العزيز. ويذكر الزركلي في ذلك: "فنشر الملك حسين أحاديث، في جريدة المقطم (في القاهرة)، في 21 جمادى الآخرة 1342هـ/27 يناير 1924م، وفي بعض الصحف، السورية والعراقية، تعريضاً بسلطان نجد، وتجريحاً لموقفه من القضية العربية والاتحاد العربي". وأثار إعلان الملك حسين بن علي نفسه خليفة للمسلمين، غضب شخصيات وجهات إسلامية، وبخاصة في مصر والهند. وغضب السلطان عبد العزيز، أيضاً، من تصرف الملك حسين في الخلافة، موضحاً عدم أهليته لخلافة المسلمين، التي هي شأن عام لجميع المسلمين. وقد نُشر ذلك البيان في عدة جرائد عربية وهندية، ولقي تعليقات مؤيدة. وكان لهذا التطور في العلاقات النجدية ـ الحجازية، دور في التصادم من جديد.

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ Political Science. Middle East/North Africa/Persian Gulf Region. University of Central Arkansas. Retrieved 2011. [1]
  2. ^ "ملحق معارك الإخوان". مقاتل من الصحراء. Retrieved 2020-12-22.
مناصب سياسية
سبقه
معركة كنزان
معارك توحيد السعودية
يوليو 1918 – 4 يوليو 1919
تبعه
معركة حجلا