صرغتمش
سيف الدين صرغتمش الناصري (ت. 1358) كان أحد مملوكي السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وقد اشتراه في عام 731هـ (1331م) بثمن كبير. عين رئيسا للملابس.
وقد حقق شهرة بين صفوف أمراء السلطان المظفر حاجي بن محمد بن قلاوون؛ ووصل إلى منصب رئيس الطبلخانة (الموسيقى العسكرية). ورقي في عام 753هـ (1351م) لمنصب رأس نوبة كبير، ومنح قدرا هائلا من السلطة التي ازدادت في عهد السلطان الصالح صالح، واشتهر برعايته لشئون الدولة بعد شيخو.
وكان أميرا ورعا ملتزما، وكان يتبع مذهب الإمام أبي حنيفة. وكان أميرا وسيما كفـل عددا كبيرا من الأوقاف. ومع ذلك قبض عليه السلطان واستولى على ثروته، وقد توفي بعد ثلاثة وسبعين يوما قضاها في السجن بالإسكندرية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مسجد ومدرسة الأمير صرغتمش.
شيده الأمير سيف الدين صرغتمش الناصري ، وهو من مماليك الناصر محمد بن قلاوون ، في ربيع الأخر سنة 757 هـ، 1356, وخصصه لتدريس الحديث، و الفقه الحنفي، وظل معقلاً مزدهراً للفقهاء الحنفية في القرنين الثامن والتاسع الهجري.
يتكون المسجد من أربعة أيونات يتوسطها صحن مكشوف، تتوسطه فسقية ذات قبة خشبية محمولة علي ثماني أعمدة رخامية ، كانت تستخدم في السابق كمكان للوضوء ، وهي إلي الآن كالجوهرة التي تتوسط العقد.
أكبر أيونات المسجد الأربع هو إيوان القبلة ، تتصدره القبلة التي تزينها أشرطه رخامية ملونة و لها طاقية منقوشة وبجوارها المنبر، ويلاحظ أن المحراب تغطيه قبة، وبذلك تكون أقدم قبة قاهرية تقوم على محراب.
وكل إيوان يقع فوقه مدرسة ، لكنها حاليا مغلقة, و يسكنها التراب.
أما مئذنة المسجد فهي تقع علي يسار المدخل ، ترتفع 40 م عن سطح الأرض, و24.60 م عن سطح المسجد ، وتتكون من ثلاث طبقات، الطابقان الأول والثاني علي شكل ثماني الأضلاع، والطابق الثالث يتكون من أعمدة رخامية تعوها قبة منقوشة.
وقد قامت إدارة حفظ الآثار العربية بفك هذه المنارة لخللها وأعادت بناءها سنة 1935م كما قامت بتجديد أرض الصحن الرخامية سنة 1945م.
الميضأة
والعجيب أن دولة المماليك التي حكمت مصر من 1250 إلي عام 1517 امتاز عصرها بكثرة الصراعات علي الحكم بين طوائف المماليك المختلفة حتى ندر أن يموت سلطانا علي فراشه ، وقد بكى الغوري حينما أرادوا أن يولوه السلطنة على مصر, خوفا علي المصير الذي ينتظر كل حاكم مملوكي لمصر ، العجيب هنا أن دولة المماليك تلك فاقت كل الدول الإسلامية التي حكمت مصر في المساجد الفخمة التي زينت بها القاهرة ، وما زالت تلك المساجد قائمة تحكى كيف أن روح المعمار لم تختف من صدور بناة الأهرام.
ويقول الكاتب الأمريكي ول ديورانت في موسوعته قصة الحضارة ، المجلد الثالث عشر, واصفا القاهرة المملوكية " وظلت القاهرة من عام 1258 حتى 1453 أجل وأزهي مدن العالم الإسلامي وأكثرها ازدحاما بالسكان, ووصفها ابن بطوطة وصفا رائعا في 1326, وقال عنها ابن خلدون الذي زارها 1383 إنها " عاصمة الكون, جنة الدنيا, مكتظة بجميع أجناس البشر, عرش الملكية, مدينة ازدانت بالقصور والدور الفخمة والرهبنات والأديار والكليات, مضيئة بنجوم العلم والمعرفة, جنة يرويها النيل حتى ليبدو أن الأرض تقدم ثمارها إلي الناس علي سبيل الهدية والتحية".
المياه تهدد صرغتمش
مازال مسجد ومدرسة الأمير صرغتمش محتفظا إلي اليوم بجماله ورونقه القديم, لكن المسجد يحتاج إلي مزيد من العناية والاهتمام؛ فالرخام الذي يزين حوائط صحن المسجد يعاني من الإهمال ، وقد أوشك بعضه ان يسقط علي الأرض, وتظهر الصور المرفقة وجود تشققات في الرخام, رغم حداثة الإصلاحات التي تمت في المسجد, وخلال حديثنا مع خادم المسجد أكد لنا وجود فراغ وراء قطع الرخام بما يعني أنها عرضة للسقوط في أي وقت.
كان الأمر الأكثر خطورة ، والذي يهدد بناء المسجد بالكلية، مياه الصرف الصحي التي تتجمع من المساكن التي تشغل المنطقة المجاورة للمسجد ، حيث يعد المسجد في منطقة منخفضة من جبل يشكر ، وعلي الرغم من قيام هيئة الآثار بعمل نظام حديث للتخلص من تلك المياه والتي كانت تهدد أيضا جامع أحمد بن طولون, إلا أن المياه عادت وتجمعت بعد مرور سنة واحدة علي الانتهاء من الترميمات والإصلاحات في منطقة جامع بن طولون.
وتلك المياه الآسنة تتراكم يوما بعد يوم وبكميات كبيرة, لدرجة أن شجرة نخل قد نبتت في الجدار الخارجي للمسجد, مما يشير إلي أن أحدا لم يعالج تلك المياه منذ زمن ، ونلفت الانتباه هنا أن جامع الأمير صرغتمش يلاصق جامع بن طولون, وتلك المياه تتجمع بالتحديد اسفل مئذنة جامع بن طولون والتي تعد أجمل وأعجب مئذنة في القاهرة.