رفعت المحجوب
رفعت المحجوب (و. 1926 - اغتيل 12 أكتوبر 1990)، هو أستاذ اقتصاد قانوني ورئيس مجلس الشعب المصري حتى اغتياله، وكان عضواً في الحزب الوطني الديمقراطي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النشأة والتعليم
ولد الدكتور رفعت المحجوب في مدينة الزرقا، في محافظة دمياط الساحلية شمال مصر، حيث تلقي تعليمه، ثم حاز علي ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة العام 1948، والدراسات العليا في القانون العام من كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بجامعة باريس بفرنسا العام 1950 ودبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد من جامعة باريس العام 1951 ودكتوراه الدولة في الاقتصاد من جامعة باريس العام 1953، عاد إلي إلي مصر عقب الثورة حيث تدرج في عدة وظائف في جامعة القاهرة ومنها عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية العام 1971.
الحياة السياسية
في 1972 تم إختياره من قبل الرئيس محمد أنور السادات في منصب وزير برئاسة الجمهورية، و تلك كانت بداية عدة مناصب سياسية تقلدها، عين في العام 1975 في منصب نائب رئيس وزراء برئاسة الجمهورية، كما انتخب أمينا للاتحاد الاشتراكى العربى العام 1975.
في فترة رئاسة الرئيس محمد حسني مبارك تولي المحجوب منصب رئيس مجلس الشعب المصري (البرلمان) في 23 يناير 1984 وحتي اغتياله خلال عملية نفذها مسلحون إسلاميون أعلي كوبري قصر النيل صبيحة الثاني عشر من أكتوبر لعام 1990، فأثناء مرور الموكب أمام فندق سميراميس في القاهرة أطلق علي الموكب وابل من الرصاص نتج عنه مصرع الدكتور المحجوب فورا، ثم هرب الجناة على دراجات بخارية في الاتجاه المعاكس.
حصل المحجوب علي عدة جوائز وأوسمة رفيعة منها وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1963 من قبل الرئيس جمال عبد الناصر ووسام الجمهورية من الطبقة الأولى 1975 من قبل الرئيس أنور السادات وجائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة، عام 1980.
المؤهلات العلمية
- ليسانس الحقوق، جامعة القاهرة، عام 1948.
- دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص من جامعة القاهرة، عام 1949.
- الدراسات العليا في القانون العام، كلية الحقوق والعلوم الاقتصادية بجامعة باريس، عام 1950.
- دبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد من جامعة باريس، عام 1951.
- دكتوراه الدولة في الاقتصاد من جامعة باريس، عام 1953.
التدرج الوظيفي
- معيد ثم مدرس ثم أستاذ مساعد بكلية الحقوق، جامعة القاهرة.
- أستاذ الاقتصاد ب كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عام 1964.
- رئيس قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عام 1970.
- عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عام 1971.
- وزير برئاسة الجمهورية، عام 1972.
- نائب رئيس وزراء برئاسة الجمهورية، عام 1975.
- انتخب أمينا للاتحاد الاشتراكي العربي، عام 1975.
- رئيساً منتخباً لمجلس الشعب المصرى، عام 1984 - 1990
إنجازاته
- كان له دور كبير في تأصيل مفهوم الاشتراكية العربية بالإيضاح عن معالم النظام الاشتراكى في الجمهورية العربية المتحدة بلا لبس ولا غموض.
- له دراسات قيمة في الاقتصاد الإسلامى يعتمد عليها اعتمادا أساسيا طلاب الدراسات العليا في هذا الفرع من فروع الدراسات الاقتصادية.
عضويات
- عضو المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية سابقا، ومقرر اللجنة الاقتصادية به.
- عضو المجلس القومى للإنتاج.
- عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع.
مؤلفاته
- السياسة المالية وتحديد سعر الفائدة بغرض تحقيق توازن التشغيل الكامل 1953.
- الاقتصاد السياسى ج 1 ، ج2 ، ج3.
- الطلب الفعلى مع دراسة خاصة بالبلاد الآخذة في النمو 1963.
- إعادة توزيع الدخل القومى من خلال السياسة المالية 1964 .
- النظام الاشتراكى في الجمهورية العربية المتحدة 1964.
- دراسات اقتصادية إسلامية 1979.
- والعديد من المقالات المنشورة في مجلة القانون والاقتصاد.
الجوائز والأوسمة
- وسام الجمهورية من الطبقة الرابعة 1959.
- جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، عام 1963.
- وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1963.
- وسام الجمهورية من الطبقة الأولى 1975.
- جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية من المجلس الأعلى للثقافة ، عام 1980.
نقد
تجاوزات
فى 23 يونيو عام 1984، تولى الدكتور رفعت المحجوب رئاسة البرلمان، في وقت كانت الأوضاع السياسية يتجاذبها حبلان، الأول ناحية مصر «الناصرية» في الخمسينيات والستينيات، والثانى ناحية مصر «الساداتية» في السبعينيات، وفى هذا المناخ جاء رفعت المحجوب على رأس برلمان أفرزت انتخاباته في دورتى 1984 و1987 عن دخول عشرات من نواب المعارضة، وهما الدورتان اللتان أجريت فيهما الانتخابات بالقائمة النسبية، وبفضلها كان الوفد والإخوان حليفين في انتخابات عام 1984، وتغيرت في انتخابات عام 1987 بتحالف العمل والإخوان والأحرار، وكانت المعارضة وقتئذ جذرية إلى حد ما في توجهاتها السياسية، فحزب التجمع كان معتصما بحبل يساريته، ولهذا لم يدخل البرلمان في هاتين الدورتين، ولم ينجح زعيمه خالد محيى الدين بفضل التزوير، وكان الوفد يطرح نفسه بوصفه «البديل» الليبرالى لـ «الوطنى»، مستندا إلى طبعته التاريخية المكتوبة بأسماء زعيمين هما سعد زغلول ومصطفى النحاس، أما الإخوان فكان مطلب تطبيق الشريعة الإسلامية هو الشعار الذى تلهب به مشاعر الناس، أما حزب العمل بزعامة إبراهيم شكرى فدخل الساحة بثوب جديد بعد اغتيال السادات عام 1981 حيث سحب موافقته على اتفاقية كامب ديفيد، ورفع شعارات تقترب من الناصرية، حتى تحول إلى ثوبه الإسلامى بتحالفه مع الإخوان عام 1987.
فى هذه الأجواء جاء شكل مجلس الشعب في الثمانينيات، وجاء رفعت المحجوب رئيسا، يمارس ألاعيب ومناورات السياسى القديم الذى كان بارزا في الاتحاد الاشتراكى مع عبدالناصر، وزاد مع السادات، وأصبح في الصف الأول مع مبارك، ومع مبارك كان هناك من الرموز السياسية المحسوبة على دولة عبدالناصر تراه سدا منيعا لطموح توجهات فريق من «الوطنى»، يسانده الوفد في إلغاء قوانين مثل «الإصلاح الزراعى»، وإلغاء القطاع العام، وغيرها من القوانين الاشتراكية، وفى السر أجرى المحجوب مفاوضات مع بعض رموز الدولة الناصرية لإقناعها بالانضمام للحزب الوطنى، وقال لهم نصا كما سمعته من أحدهم: «انضموا ولا تتركوا الساحة لهم».. ولم تلق هذه المفاوضات صدى حقيقيا، لكنها خلقت بين هؤلاء مساحة للتواصل مع الدولة، لأن فيها من يدافع عن توجهاتهم، ولنسأل ما علاقة هذا الاستطراد عن المحجوب بسرور؟تتبع الحالة يصنع سؤالا، من قلب السؤال السابق، وهو: هل كان شبح المحجوب يطارد سرور؟
فى المتابعة أيضا ستجد ممارسات برلمانية في ظل المحجوب «صاخبة» أحيانا، كما حدث في محاولة اعتداء نائب الوفد طلعت رسلان على وزير الداخلية اللواء زكى بدر، وهو يلقى بيانه أمام أعضاء المجلس، ومفيدة أحيانا في قوة الاستجوابات التى كان الرجل يسمح بها، وهذه «الطبخة» البرلمانية يضعها النائب البرلمانى السابق أبوالعز الحريرى في سياق أشمل وهى: «أن المحجوب كان رجل دولة، واغتيل لذلك، كان يلقى في كلمته كل دورة تصورات مجلس الشعب بما يفرض على الحكومة أن تتبعه، ولأنه كان مع بداية حكم مبارك فكان يعى أنه يساهم في صنع دولة وأن له رؤية في ذلك كالحفاظ على القطاع العام والدفاع عنه».
التقييم القاطع من أبوالعز الحريرى يعيدنا إلى حالة المتابعة، حتى نعرف ما إذا كان صحيحا أم لا؟ وفى المتابعة نجد أن برلمان 1990 الذى تولى رئاسته سرور عقب أول انتخابات بعد اغتيال المحجوب قاطعته المعارضة، ولم يكن فيه سوى 5 من حزب التجمع الذى شذ عن المقاطعة، وبرلمان مثل هذا فلنتخيل كيف كان الرجل يديره؟ وفى 1995 كانت المعارضة 13 نائبا فقط، ومرة أخرى فلنتخيل أيضا برلمانا مثل هذا، كيف كان الرجل يديره؟ وفى هذه الدورة تحديدا شهدت مصر قوانين سيئة السمعة، أشهرها قانون حبس الصحفيين الذى دخل البرلمان في جنح الظلام، وتمت مناقشته وإقراره مساء دون مروره على لجان المجلس المختصة، وانتفض الصحفيون ضد ما حدث، ومازالوا يدفعون الثمن، كان سرور في هذه القضية ليس رئيسا لمجلس الشعب يمارس دورا رقابيا، وإنما مدافع عن الحكومة وسياستها بالدرجة التى تجعله معبرا عنها وليس رقيبا عليها، حدث هذا مثلا في قانون 100 للنقابات المهنية التى اكتشفت الحكومة كارثته الآن، وعلى منوال أشد ألغت المحكمة الدستورية قوانين مثل «الضريبة على المصريين العاملين في الخارج»، وعدم دستورية «قانون الجمعيات الأهلية» وغيرها من القوانين التى خرجت من تحت يد سرور فقيه القانون، ووضع كهذا يدفعنا إلى القول وبكل ثقة إن كل التشريعات المخالفة للدستور خرجت من برلمان يقوده هو، وليس خافيا على أحد أن أيمن نور النائب البرلمانى السابق والذى يقضى عقوبة السجن الآن، كان يشاغب الرجل أحيانا بقوله: «هذا مخالف لما تكتبه أنت في القانون» فيرد سرور: «اللى باكتبه حاجة، وهنا حاجة ثانية»، كيف يمكن إذن تفسير هذا السلوك؟
المعنى الأقرب في التفسير هو سير الرجل على الحبل الذى يحافظ من خلاله على منصبه، ولأجل هذا تضيع كما يقول أبوالعز الحريرى «هيبة» الرجل الثانى في الدولة بحكم الدستور، فهو يلعب دورا وكأنه زعيم الأغلبية وليس رئيسا للبرلمان، أبوالعز يتذكر حوارا دار بينه وبين سرور، سأله فيه: «ليه كل هذا الدفاع منك عن الحكومة؟ رد سرور: «أنا أدافع عن النظام»، سأله أبوالعز: «هل المجلدات والمراجع والتقارير الموجودة أمامك والتى تمر عليك ليست كافية لإسقاط حكومة؟»، رد: «تكفى لإسقاط 20 حكومة»، «لماذا إذن الدفاع عن الحكومة؟»، هكذا سأل أبوالعز، فرد سرور: «أنا أدافع عن النظام». [1]
قصيدته
رفض الدكتور رفعت المحجوب بيع القطاع العام وله مقولة مشهورة مع فؤاد سلطان وزير السياحة آنذاك في أحد طلبات الإحاطة حول بيع فندق "سان استيفانو" وقال بالنص "بيع القطاع العام علي جثتي . اليوم تبيعون الفنادق وغداً تبيعون المستشفيات والمصانع والشركات وتبيعون البلد :
- عجـبتُ لشعبٍ أضلَّ الـمـثــــــــــــــــالَ
- فلـم يَزِنِ الـحُسْنَ بـالأمـــــــــــــــثَلِ
- أقـامـوا مـن الشـرّ مقـيـاسَهـــــــــــم
- فقـاسـوا الرذيلَ عـــــــــــــلى الأرذل
- فذلك فـي عـرفهـم فــــــــــــــــــاسدٌ
- وهـذا أشـرُّ مــــــــــــــــــــن الأوّل
- فـيـالـيـتهـم يــــــــــــنكرون الرذيلَ
- ويبنـون مقـيـاسهـم مِنْ عـــــــــــــــل
- ومـا سـاءهـم لـو أحـبّوا الجـمــــــــالَ
- فقـاسـوا الجـمـيلَ عـــــــــــلى الأجْمَل
- عـشنـا وعـاش النـاس فـي أبـداننـــــــا
- واللقـمة السمــــــــــــراءُ زاد الرّاكبِ
- نـتقـاسم الـبـلـوى عـلى تـاريـخنــــــا
- ومـواكبٌ تـمضـي بإثْر مــــــــــــــواكب
- وطنٌ نشـاطره الهـمـومَ ولا نفـــــــــــي
- فـي ذمّة الـدنـيـا ببعض حقـــــــــــوقهِ
- نهـواه فـي لغة الغرام ونشـتفــــــــــي
- بـهـواه إن مسَّ الفؤاد وريـــــــــــــقه
- مـن بـدّل الأيـــــــــــــامَ حتى لا نرى
- فـي عزة الـتـاريـخ وقْعَ سطـــــــــــورهِ
- تتبختـر الـدنـيـا وتشـتـاق الـــــــذرا
- لِنَدى يـديـهِ ولانْبثـاقةِ نــــــــــــوره
- قـد أشـرق الـتـاريـخُ مـن أرضـي الـتـــي
- يـتآمـرون عـلى ثرى حصـبـائهـــــــــــا
- يـتـربّصـون عـلى الـدروب بأمتــــــــــي
- ويعبّئون السمَّ فـي أحشـائهــــــــــــــا
- وأنـا الكريـم ابن الكريـم إذا جــــــرى
- بـالنـاس مسغبةٌ أقـاسم لقـمتـــــــــــي
- وأمـوت مـوتَ العز فـي هـــــــــذا الثرى
- لا أستكـيـن ولا تُضـام كرامتـــــــــــي
- هل يشـرق الـتـاريـخ أو تحـيـا الـمـــنى
- لأرى ولـيـدي فـي السبـاق الـمــــــرتجى
- أو تبطئ الأيـامُ فـي وادي العـنــــــــا
- لأزفّ نـورَ الصـبح فـي هـذا الــــــــدجى
- بقلم المرحوم الدكتور / رفعت المحجوب"
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
عن رفعت المحجوب
عندما التحقت بكلية «الاقتصاد والعلوم السياسية» بجامعة القاهرة عام ١٩٦٢، دخل علينا قاعة المحاضرات أستاذ أنيق المظهر عميق الفكر، فصيح العبارة، ليدرس لنا «مبادئ علم الاقتصاد» وعرفت يومها أنه ينتمي إلي «المدرسة الفرنسية» التي تجعل دراسة الاقتصاد فرعًا قريبًا من الدراسات القانونية، بخلاف «المدرسة البريطانية» التي تقترب بعلم الاقتصاد من الدراسات الرياضية والإحصائية،
وكانت الكلية الوليدة في وقتها محط الأنظار، وأمل آلاف الشباب من مصر والعالم العربي باعتبارها كلية وحيدة فريدة في تخصصاتها الأصلية «للاقتصاد» و«السياسة» و«الإحصاء» وكان د. «رفعت المحجوب» - رحمه الله - يغرد في قاعة المحاضرات مازجًا الاقتصاد بالفلسفة والتاريخ البشري بالحضارة الإنسانية، ولقد بهرني أستاذي الراحل عندما بدأ يتحدث عن تعريف علم الاقتصاد باعتباره «علم الندرة» ثم مستطردًا في شرح ذلك بلغة رفيعة وتحليل لا أكاد أجد له نظيرًا،
ثم يعود ليقول مرة أخري أن الاقتصاد هو «علم الحاجة» شارحًا بنفس المستوي ما يريد الوصول إليه، ثم يعود مرة ثالثة ليقول: إن الاقتصاد هو «علم المنفعة» ويمضي مفسرًا ما يريد أن يشرحه، ثم يختتم التعريف بقوله إن الاقتصاد هو «علم الصيرورة» في عمق فلسفي لا أنساه، ولقد تزايد إعجابي بهذا الأستاذ المرموق منذ البداية،
حتي إنني بدأت منذ ذلك الوقت في استبدال «نظارتي الطبية» لتكون مثيلة لتلك التي اشتهر بها د. «المحجوب»، وظللت أتابعه في إعجاب شديد وأراقب طموحاته وهي تمضي معه في «العصر الناصري» كعضو بارز في «المؤتمر الوطني للقوي الشعبية» وجزء من المثلث المتألق في ذلك المؤتمر،
حيث كان رفيقاه هما الراحلان د. «لبيب شقير» ود. «طعيمة الجرف»، وتزايدت طموحات أستاذي الراحل عندما سبقه رفيق عمره د. «شقير» إلي مواقع السلطة الوزارية ثم البرلمانية، وبدا لي د. «رفعت المحجوب» لعدة سنوات محبطًا متبرمًا، وكأنه مشروع إنساني كبير، جري إجهاضه تدريجيا،
وهو الذي ينتمي إلي مدينة «الزرقا» بمحافظة «دمياط» التي أنجبت قبله رئيس وزراء العصر الملكي «إبراهيم باشا عبد الهادي»، وعندما وصل الرئيس الراحل «السادات» إلي الحكم اختار د. «رفعت المحجوب» سكرتيرًا أول للجنة المركزية للتنظيم السياسي الواحد في ذلك الحين، وهو «الاتحاد الاشتراكي العربي»
وهي وظيفة تعادل تقريبًا الأمين العام للحزب الحاكم حاليا، ثم تقلد الأستاذ عمادة «كلية الاقتصاد والعلوم السياسية» مرتين، حتي جاء عصر الرئيس «مبارك» الذي اختاره رئيسًا لـ «مجلس الشعب» مع أنه عضو بالتعيين في سابقة جديدة تقديرًا لمكانة الرجل وقيمته، وعندئذ جمعتني ظروف العمل بأستاذي القديم الذي رسبت لأول مرة في حياتي في مادة «الاشتراكية العربية» علي يديه،
وانتقلت بها إلي السنة الثالثة في الكلية، وعندما ناقشته فيما بعد عن تلك المفارقة التي أذهلت أصدقائي وزملائي كان رده بوضوح ان الورقة احتوت اتجاهًا فكريا فيه مغالاة في قبول الفكر الاشتراكي، وأنه رأي إعطاءها درجة «ضعيف»، تحسبًا لأن تكون ورقة مدسوسة لإثبات خروجه هو عن إطار «الاشتراكية العربية» التي كان يرفعها النظام شعارًا له في ذلك الوقت! ولقد ظللنا نتندر بتلك القصة لعدة سنوات،
وعندما كان د. «رفعت المحجوب» رئيسًا لـ «مجلس الشعب» تألق بصورة مبهرة وكانت خطبته السنوية عند تقديم رئيس الجمهورية في افتتاح البرلمان قطعة رفيعة في الأدب والفكر معًا، وأذكر أنه في إحدي المناسبات ألقي خطبته بالكامل، قياسًا علي الذكر الحكيم، مقتبسًا من القرآن الكريم في روعة تدعو إلي الخشوع والاحترام،
وهو الذي نزل من فوق المنصة في إحدي جلسات «مجلس الشعب» عندما تزايد الهجوم عليه والانتقاد لتصرفات شقيق له، فوقف بين صفوف الأعضاء، وكرر عبارته الشهيرة (لا تكونوا كأهل «أورشليم» كلما جاءهم نبي رموه بحجر)، وما أكثر ما تحدث إلي أستاذي، بحكم ظروف العمل، شارحًا وموضحًا ومستفسرًا،
وكنت أشعر دائمًا أن الرئيس «مبارك» يخصه باحترام خاص، وتقدير واضح، بينما كان ينظر إليه د. «عاطف صدقي» رئيس الوزراء نظرته للقدوة وصاحب الفضل، وأتذكر من الطرائف أن د. «رفعت المحجوب» كان حاضرًا لمراسم استقبال أمير البحرين الراحل في أحد أيام الثمانينيات، وبينما كان الرئيس «مبارك» يقدمه للعاهل الخليجي داست قدمه - د. «المحجوب» - عن طريق الخطأ علي رداء الأمير الضيف، حتي كاد الأمير أن يسقط علي الأرض بفعل ذلك، وهنا جذب ضباط الحراسة الخاصة المصرية رئيس البرلمان المصري في اتجاه يبعده عن الأمير الزائر، تلافيا لمشكلة «بروتوكولية» لا مبرر لها، وليلتها حدثني د. «المحجوب» تليفونيا وهو شديد التأثر من الواقعة والأسف لما حدث،
ولقد جاءت نهاية أستاذ الراحل حزينة بكل المعاني، فقد كانت نهاية مأساوية لقي فيها الرجل مصرعه برصاصات غاشمة، وبدت قمة المأساة في أنه كان «اغتيالاً خاطئًا»، فقد كان المستهدف هو «وزير الداخلية» الأسبق اللواء محمد عبد الحليم موسى ولكن موكب «رئيس البرلمان» سبق موكب «وزير الداخلية» فكانت المأساة،
رحم الله د. «رفعت المحجوب» فقد كان طرازًا فريدًا في الترفع والكبرياء، والعجيب أن قاتليه قد حصلوا علي البراءة، ومازالوا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق، والرجل في رحاب ربه راضيا مرضيا. [2]
إغتياله
- مقالة مفصلة: مرافعة القرن
قُتل المحجوب في حادث اغتيال شهير، حيث أصابته 8 رصاصات وقتل حارسه وسكرتيره وسائقه ولواء شرطة تصادف وجوده بالمكان.
مرافعة القرن
عقدت جلسة محاكمة قضية اغتيال صفوت المحجوب في 15 مايو 1993، بعد إدانة مجموعة من المتهمين من جماعة الجهاد بقتل الدكتور المحجوب، وحكم على المتهمين بالإعدام، ولا زالت غامضة إلى الآن حيث الشكوك تشير إلى أن المتهمين براءة.
حكم على المتهمين بالإعدام، وفشل المحامي في الدفاع عنهم، حيث بعد إصدار الحكم بالإعدام، نهض أحد المتهمين وأنشد أبيات من كتابته تحمل عنوان (غرباء) وأنشدها من خلف القضبان، فتأثر كل من في قاعة المحكمة وبكى محامي المتهمين بحرارة متأثراً به.
لقد تم الحكم بالاعدام فعلا في هذه الجلسة بتاريخ 15 مايو 1993، وقد قام المتهم في تلك القضية محمد النجار بأنشاد لك القصيدة وهي من تأليفه أيضا وعلى اثرها بكى الأستاذ أحمد نبيل الهلالي محامي المتهمين بعد مرافعه تم تسميتها بعد ذلك بمرافعه القرن لما وضح فيها من غيرة المحامي على دينه وأيضا عن قناعته ببراءة المتهمين في تلك القضيه واستمرت المرافعه حوالي الثلاث ساعات ولكن في النقض وفي جلسة السبت الموافق 14 أغسطس 1993.
لم يتم اعدام المتهمين وذلك لان جملة الأدلة الكثيرة التي قدمتها النيابة العامة للمحكمة شهادة زوجات المتهمين على أزواجهن من أنهم أخبروهن بأنهم هم الذين قاموا بعملية اغتيال د. رفعت المحجوب. وقدمت النيابة ست زوجات كشهود إثبات ضد أزواجهن، ولكن بفراسة القاضى العادل الذي يقرأ السطور وما وراءها أهدر شهادة الزوجات الست بالمحكمة وجاء في أسباب حكمه ما نصه. "حيث أن نص المادة 67 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968 "لا يجوز لأحد الزوجين أن يفشى بغير رضاء الآخر ما أبلغه إليه أثناء الزوجية ولو بعد انفصالهما إلا في حالة رفع دعوى من أحدهما بسبب جناية أو جنحة وقعت منه على الآخر. والحكمة من حظر أداء الشهادة من أحد الزوجين ضد الآخر هي الحفاظ على ما بين الزوجين من مودة ورحمة وأن موضوع الشهادة "سر" علم به الزوج أو الزوجة عن طريق هذة الصفة وهى صفة "الزوجية" فكل منهما ملزم بكتمان هذا السر وإن أفشاه يكون آثما مرتكبا للجريمة المنصوص عليها في المادة 31 عقوبات وعلى هذا فإن أداء الشهادة رغم هذا الحظر تعد جريمة ويبطل الدليل المستمد منها لأنه استمد من إجراء غير مشروع والبطلان هنا من النظام العام تقضى به المحكمة من تلقاء نفسها. وهذا النص يغاير ما نصت عليه المادة 286 من أ. ج التي جرى نصها على أنه يجوز أن يمتنع من أداء الشهادة ضد المتهم أصوله وفروعه وأقاربه وأصهاره إلى الدرجة الثالثة وزوجه ولو بعد انقضاء رابطة الزوجية وذلك مالم تكن الجريمة قد وقعت على الشاهد أو على أحد أقاربه أو أصهاره أو إذا كان هو المبلغ عنها أو إذا لم تكن هناك أدلة إثبات أخرى. أما المادة 67 من قانون الإثبات فإنها تمنع أحد الزوجين من أن يفشى بغير رضاء الآخر ما عساه أن يكون قد أسر به أثناء قيام الزوجية أو حتى بعد انفصالهما.
وبإعمال هذا النص الإنسانى على الدعوى الماثلة نرى أن الشاهدة قد شهدت على زوجها في التحقيقات بنيابة أمن الدولة العليا وحسبما ورد بقائمة أدلة الثبوت تعتبر قد أفشت بالسر الذي ائتمنها زوجها عليه وبالتالى تعتبر دليلا غير مشروع وبتعين إصدارها كدليل ضد المتهم ولا يغير من هذاالنظر القول بأن المتهم طلب من زوجته الإدلاء بأقوالها فإن هذا القول لو صدر منه فعلا لا يمكن أن يكون قد صدر عن إرادة حرة واختيار صحيح. والمحكمة لا تقوم على هذه الشهادة لما سبق من أسباب. تحية إلى القاضى العادل د. وحيد محمود رئيس محكمة استئناف القاهرة السابق ورئيس المحكمة التي نظرت قضية اغتيال د. رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق.
ومن المفارقات أن المتهم الثاني في تلك القضية صفوت عبد الغني، العضو الحالي في مجلس الشورى المصري، الذي قد حكم عليه بخمس سنوات قد حصل على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف حول التعددية السياسية في يوم 9 ديسمبر 2007، وقد أشرف عليها الوزير الأسبق والفقيه الدستوري ونائب رئيس الوزراء الدكتور يحيى الجمل وكان أيضا في حضور د. أحمد زكي يماني وزير البترول السعودي السابق الذي دعاه د. يحيى الجمل لحضور المناقشة، مع د. محمد سليم العوا الكاتب والمفكر الإسلامي.
الهوامش
1- أبو العز الحريري.
2- بقلم د. مصطفي الفقي، 7 فبراير 2008.
3- سعد حسب الله المحامي: جريدة روزاليوسف، 14 يوليو 2009.
المصادر
- مواليد 1926
- وفيات 1990
- أشخاص من الزرقا، دمياط
- خريجو كلية الحقوق، جامعة القاهرة
- خريجو جامعة پاريس
- طاقم تدريس كلية الحقوق، جامعة القاهرة
- عمداء كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة
- كوبري قصر النيل
- نواب رؤساء مصر
- رؤساء مجلس الشعب المصري
- سياسيون مغتالون
- ضحايا عمليات إرهابية
- سياسيون مصريون مغتالون
- خريجو جامعة القاهرة
- أعضاء مجلس الشعب المصري 1984
- أعضاء مجلس الشعب المصري 1987
- حاصلون على جائزة الدولة التقديرية
- سياسيون مصريون