المعتصم بالله
المعتصم | |||||
---|---|---|---|---|---|
Khalīfah Amir al-Mu'minin | |||||
8th Caliph of the Abbasid Caliphate | |||||
العهد | 9 August 833 – 5 January 842 | ||||
سبقه | Al-Ma'mun | ||||
تبعه | Al-Wathiq | ||||
وُلِد | October 796 Khuld Palace, Baghdad | ||||
توفي | 5 January 842 (aged 45) Jawsaq Palace, Samarra | ||||
الدفن | Jawsaq Palace, Samarra | ||||
الزوج | see below | ||||
الأنجال |
| ||||
| |||||
Dynasty | Abbasid | ||||
الأب | Harun al-Rashid | ||||
الأم | Marida bint Shabib | ||||
الديانة | Mu'tazilite Islam |
أبو إسحاق محمد المعتصم بالله، هو أبو إسحاق محمد بن هارون الرشيد بن المهدى بن المنصور المعتصم بالله العباسى (179هـ - 18 ربيع الأول 227هـ، 5 يناير 842) ثمن الخلفاء العباسيين. المشهور عنه قصة وامعتصماه. نقل عاصمة الخلافة العباسية الى سامراء. وأمه أم ولد من مولدات الكوفة اسمها ماردة وكانت أحظى الناس عند الرشيد.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مولده ونشأته
ولد المعتصم بالله سنة (179هـ) وكَرِه التعليم في صغره، فنشأ ضعيف القراءة يكاد يكون أُميًّا. وكان ذا شجاعة وقوة وهمة. بُويع بالخلافة سنة (218 هـ) بعد وفاة أخيه المأمون وبعهد منه. وقد سلك مسلك المأمون في سيرته، وفتح عَمُّورية من بلاد الروم الشرقية، وبنى مدينة سامراء سنة (222هـ) حين ضاقت بغداد بجنده. وهو أول من أضاف اسمه إلى اسم الله تعالى من الخلفاء فقيل المعتصم بالله وكان يُقال له المُثمَّن لأنه ثامن الخلفاء من بنى العباس، وثامن أولاد الرشيد، وملك سنة ثمان عشرة، وملك ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وعاش ثمانية وأربعين سنة، وفتح ثمانية فتوح، وقتل ثمانية أعداء، وخلف ثمانية بنين وثمانية من البنات. وتُوفى المعتصم في سامراء سنة (227هـ). وكان نقش خاتمه الحمد الله الذي ليس كمثله شيء.
صفاته
كان المعتصم أبيض أضهب اللحيه طويلها، مربوعا مشربا بحمره، ذا شجاعه وهمه عاليه، وقوه مفرطه،(كان يقرأ ويكتب قراءه ضعيفه، وكان مع ذلك فصيحا مهيبا، عالي الهمه، حتى قيل انه كان أهيب الخلفاء العباسيين).
خلافته
آلت دولة الخلافة العباسية إلى المعتصم بالله بعد أن استقرت أحوالها، وامتدت أطرافها، وانتعشت الحياة الاقتصادية بها، وازدهرت الزراعة، فنمت غلتها، ورخصت أسعارها، وتقدمت الصناعة، واستُخرجت الثروات المعدنية من باطن الأرض، وانتعشت التجارة على نحو لم تعرفه الدولة الإسلامية من قبل بسبب الطرق الآمنة، وسهولة الانتقال من شرق البلاد إلى غربها دون عوائق تذكر.
وكان من أثر تلك النهضة الاقتصادية أن نمت موارد الخلافة، وزادت إيرادات بيت المال؛ الأمر الذي جعل الدولة تعمل على تحسين المرافق العامة وتيسير الحياة على الناس، وتأمين حدود الدولة المترامية، وتشجيع العلم ومكافأة أهله والعناية بالترجمة، وبناء المؤسسات العلمية، وإنشاء المكتبات.
ولاية المعتصم بالله
مرض الخليفة المأمون في طرسوس، ولم يكن قد عقد لأحد بعده بولاية العهد، فاستدعى أخاه المعتصم وعهد إليه بالخلافة من بعده، دون ابنه العباس الذي كان موجودا معه في طرسوس للقيام بغزو الدولة البيزنطية، ورد هجماتها، لكن مرضه حال دون إتمام ذلك.
ولعل الذي جعل المأمون يؤثر أخاه بالحكم دون ابنه أن الخلافة العباسية كانت تتهددها الأخطار من الداخل والخارج في ثورة بابك الخرمي في فارس، وهجمات البيزنطيين، وكان المعتصم بطلا شجاعا متمرسا بالحرب خبيرا بشئونها، فآثر المأمون المصلحة العليا للخلافة بتولية من يصلح لهذه الفترة، وتمت البيعة بعد وفاته في (19 رجب 218هـ= 10 أغسطس 833).
وكان المعتصم يتميز بقوته الجسدية وشدته في الحرب، حتى قيل عنه إنه كان يصارع الأسود ويحمل ألف رطل، ويمشي بها خطوات،
المعتصم في الأدب
لم يكن المعتصم معنيًا بالعلوم والآداب كأخويه الأمين والمأمون. وقد بالغ بعض المؤرخين فذكر أنه كان أميًا لا يكتب، أو أنه كان ضعيف الكتابة على قول ابن خلكان، وابن كثير، لكن ذلك لم يكن له أدنى تأثير في الحركة الفكرية والعلمية التي عمّت الخلافة فقد كانت البلاد مدفوعة بطاقة عارمة نحو الرقي والتقدم.
القضاء على الفتن والثورات
كانت وصية المأمون لأخيه المعتصم أن يقضي على فتنة بابك الخرمي، وكان زعيم طائفة ضالة، يعتقد أصحابها بالحلول والتناسخ، ويدعون إلى الإباحية الجنسية، وبدأت تلك الفتنة في أذربيجان ثم اتسع نطاقها إلى همدان وأصبهان وبلاد الأكراد، وجرجان، وأصبحت خطرا يحدق بالدولة العباسية، ووجدت عونًا ومساندة من الروم.
وحاول المأمون أن يقضي على تلك الفتنة التي اشتعل أوارها، وأرسل إليها الحملات العسكرية، لكنها لم تستطع القضاء على تلك الفتنة، وتوفي المأمون دون أن يتحقق أمله، وحمل المعتصم مهمة القضاء على هذه الحركة، فنجح في ذلك على الرغم من مهارة بابك الخرمي العسكرية، وقدرته على وضع الخطط العسكرية، مستغلا معرفته بطبيعة الإقليم الذي يتحصن فيه، من جبال و مضايق و وديان.
وامتدت الحرب أربع سنوات، حتى تمكن "الأفشين" أبرع قادة المعتصم من إخماد الفتنة، والقبض على بابك الخرمي في (10 شوال 222هـ، 16 سبتمبر 837)، وكانت هذه الفتنة من أعظم الفتن التي تعرضت لها الدولة العباسية، شغلت الخلافة أكثر من عشرين سنة، وقُتل من أجل القضاء عليها آلاف المسلمين، قدّرهم الطبري المؤرخ بنحو مائتين وخمسين ألف مسلم، وأنفقت الدولة العباسية من أجلها ملايين الدراهم والدنانير.
ولم يكد المعتصم يستريح من فتنة بابك الخرمي حتى شبّت فتنة أخرى في إقليم طبرستان، حيث قام وليها "المازيار" بشق عصا الطاعة، ومحاولة الاستقلال بالإقليم بعيدا عن سلطة الدولة العباسية، ولم تفلح المحاولات التي بذلها المعتصم لحل المشكلة سلمًا مع المازيار الذي تمادى في غيه، فلجأ المعتصم إلى السيف، حتى تمكن من القضاء عليه في سنة (224هـ، 839).
بناء سامرّاء
لم يكن قد انقضى على بناء بغداد قرن واحد حتى عرضت للمعتصم فكرة بناء عاصمة جديدة، بعدما ضاقت بغداد بجنده الأتراك الذين أكثر من استخدامهم في الجيش، ولم تسلم العاصمة من مضايقاتهم، حتى أكثر الناس الشكوى من سلوكهم. و هو أول خليفة أدخل الأتراك الديوان. واختار المعتصم لعاصمته الجديدة مكانا يبعد 130 كم رأسا من شمال بغداد، شرقي نهر دجلة، وشرع في تخطيط عاصمته سنة (221هـ، 836م) وبعث إليها بالمهندسين والبنّاءين وأهل المهن من الحدادين والنجارين وغيرهم، وحمل إليها الأخشاب والرخام وكل ما يحتاج إليه البناء.
وعُني الخليفة بتخطيط المدينة وتقسيمها باعتبارها مركزا حضاريا ومعسكرا لجيشه، ففصل الجيش ودواوين الدولة عن السكان، واهتم بفصل فرق الجيش بعضها عن بعض، وامتدت المدينة على ضفة دجلة الغربية نحو 19 كم، وكان تخطيط المدينة رائعا، يتجلى في شق عدة شوارع متوازية على طول النهر، يتصل بعضها ببعض عن طريق دروب عدة، وكان أهم شوارع المدينة بعد شارع "الخليج" الذي على دجلة "الشارع الأعظم"، وكان يمتد في عهد المعتصم 19 كم من الجنوب إلى الشمال بعرض مائة متر تقريبا.
وعُنِي المعتصم بزراعة القسم الغربي من دجلة تجاه المدينة، وشجع قادته على المساهمة في الزراعة، وحرص أن تكون عاصمته الجديدة مجمعا للصناعات المعروفة في عهده، واهتم ببناء الأسواق، وجعل كل تجارة منفردة مثلما هو الحال في أسواق بغداد، وجعل شارع الخليج الذي على دجلة رصيفًا ومرسى لسفن التجارة.
وكانت المدينة الجديدة جميلة بقصورها الضخمة ومبانيها الرائعة وشوارعها المتسعة، ومسجدها الجامع وغيره من المساجد، فدعيت بـ"سُرّ مَن رأى"، وزاد إقبال الناس على السكنى بها.
وتكشف الآثار الباقية من سامراء عن مدى التقدم العمراني والحضاري الذي كانت عليه الخلافة العباسية في القرن الثالث الهجري.
وامعتصماه.. فتحت عمورية
- مقالة مفصلة: فتح عمورية
استغل الروم انشغال الخليفة المعتصم في القضاء على فتنة بابك الخرمي، وجهزوا جيشا ضخما قاده ملك الروم، بلغ أكثر من مائة ألف جندي، هاجم شمال الشام والجزيرة، ودخل مدينة "زِبَطْرة" التي تقع على الثغور، وكانت تخرج منها الغزوات ضد الروم، وقتل الجيش الرومي من بداخل حصون المدينة من الرجال، وانتقل إلى "ملطية" المجاورة فأغار عليها، وعلى كثير من الحصون، ومثّل بمن صار في يده من المسلمين، وسَمَلَ أعينهم، وقطع آذانهم وأنوفهم، وسبى من المسلمات فيما قيل أكثر من ألف امرأة.
وصلت هذه الأبناء المروعة إلى أسماع الخليفة، وحكى الهاربون الفظائع التي ارتكبها الروم مع السكان العزل؛ فتحرك على الفور، وأمر بعمامة الغزاة فاعتم بها ونادى لساعته بالنفير والاستعداد للحرب.
ويذكر بعض الرواة أن امرأة ممن وقعت في أسر الروم قالت: وامعتصماه، فنُقل إليه ذلك الحديث، وفي يده قَدَح يريد أن يشرب ما فيه، فوضعه، ونادى بالاستعداد للحرب.
وهذا ما عناه أبو تمام في قوله مادحا للخليفة بعدما حقق نصر:
لبيّت صوتًا زِبَطريًا هَرَقْتَ لَهُ | كَأْسَ الْكَرَى وَرُضَابَ الْخُرّدِ الْعُرُبِ |
وخرج المعتصم على رأس جيش كبير، وجهّزه بما لم يعدّه أحد من قبله من السلاح والمؤن وآلات الحرب والحصار، حتى وصل إلى منطقة الثغور، ودمّرت جيوشه مدينة أنقرة ثم اتجهت إلى عمورية في (جمادى الأولى 223هـ= أبريل 838) وضربت حصارا على المدينة المنيعة دام نصف عام تقريبا، ذاقت خلاله الأهوال حتى استسلمت المدينة، ودخلها المسلمون في (17 رمضان سنة 223هـ، 13 أغسطس 838) بعد أن قُتل من أهلها ثلاثون ألفا، وغنم المسلمون غنائم عظيمة، وأمر الخليفة المعتصم بهدم أسوار المدينة المنيعة وأبوابها وكان لهذا الانتصار الكبير صداه في بلاد المسلمين، وخصّه كبار الشعراء بقصائد المدح، ويأتي في مقدمة ذلك، بائية أبي تمام الخالدة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
بائية أبي تمام
ٍِ
السَّيْفُ أَصْدَقُ أَنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ | فِي حَدهِ الحَدُّ بَيْنَ الجِد واللَّعِبِ | |
بيضُ الصَّفَائِحِ لاَ سُودُ الصَّحَائِفِ فِي | مُتُونِهنَّ جلاءُ الشَّك والريَبِ | |
والعِلْمُ فِي شُهُبِ الأَرْمَاحِ لاَمِعَةً | بَيْنَ الخَمِيسَيْنِ لافِي السَّبْعَةِ الشُّهُبِ | |
أَيْنَ الروايَةُ بَلْ أَيْنَ النُّجُومُ وَمَا | صَاغُوه مِنْ زُخْرُفٍ فيها ومنْ كَذِبِ | |
تَخَرُّصَاً وأَحَادِيثاً مُلَفَّقَةً | لَيْسَتْ بِنَبْعٍ إِذَا عُدَّتْ ولاغَرَبِ | |
عَجَائِباً زَعَمُوا الأَيَّامَ مُجْفِلَةً | عَنْهُنَّ فِي صَفَرِ الأَصْفَار أَوْ رَجَبِ | |
وخَوَّفُوا الناسَ مِنْ دَهْيَاءَ مُظْلِمَةٍ | إذَا بَدَا الكَوْكَبُ الْغَرْبِيُّ ذُو الذَّنَبِ | |
وَصَيَّروا الأَبْرجَ العُلْيا مُرَتِّبَةً | مَا كَانَ مُنْقَلِباً أَوْ غيْرَ مُنْقَلِبِ | |
يقضون بالأمرِ عنها وهْيَ غافلةٌ | مادار فِي فلكٍ منها وفِي قُطُبِ | |
لو بيَّنت قطّ أَمراً قبْل مَوْقِعِه | لم تُخْفِ ماحلَّ بالأوثانِ والصُّلُبِ | |
فَتْحُ الفُتوحِ تَعَالَى أَنْ يُحيطَ بِهِ | نَظْمٌ مِن الشعْرِ أَوْ نَثْرٌ مِنَ الخُطَبِ | |
فَتْحٌ تفَتَّحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ لَهُ | وتَبْرزُ الأَرْضُ فِي أَثْوَابِهَا القُشُبِ | |
يَا يَوْمَ وَقْعَةِ عَمُّوريَّةَ انْصَرَفَتْ | مِنْكَ المُنَى حُفَّلاً مَعْسُولَةَ الحَلَبِ | |
أبقيْتَ جِدَّ بَنِي الإِسلامِ فِي صَعَدٍ | والمُشْرِكينَ ودَارَ الشرْكِ فِي صَبَبِ | |
أُمٌّ لَهُمْ لَوْ رَجَوْا أَن تُفْتَدى | جَعَلُوا فدَاءَهَا كُلَّ أُمٍّ مِنْهُمُ وَأَب | |
وَبَرْزَةِ الوَجْهِ قَدْ أعْيَتْ رِيَاضَتُهَا | كِسْرَى وصدَّتْ صُدُوداً عَنْ أَبِي كَرِبِ | |
بِكْرٌ فَما افْتَرَعَتْهَا كَفُّ حَادِثَةٍ | وَلا تَرَقَّتْ إِلَيْهَا هِمَّةُ النُّوَبِ | |
مِنْ عَهْدِ إِسْكَنْدَرٍ أَوْ قَبل ذَلِكَ قَدْ | شَابَتْ نَواصِي اللَّيَالِي وهْيَ لَمْ تَشِبِ | |
حَتَّى إذَا مَخَّضَ اللهُ السنين لَهَا | مَخْضَ البِخِيلَةِ كانَتْ زُبْدَةَ الحِقَبِ |
أَتَتْهُمُ الكُرْبَةُ السَّوْدَاءُ سَادِرَةً
مِنْهَا وكانَ اسْمُهَا فَرَّاجَةَ الكُرَبِ
جَرَى لَهَا الفَألُ بَرْحَاً يَوْمَ أنْقِرَةٍ
إذْ غُودِرَتْ وَحْشَةَ السَّاحَاتِ والرِّحَبِ
لمَّا رَأَتْ أُخْتَها بِالأَمْسِ قَدْ خَرِبَتْ
كَانَ الْخَرَابُ لَهَا أَعْدَى من الجَرَبِ
كَمْ بَيْنَ حِيطَانِهَا مِنْ فَارسٍ بَطَلٍ
قَانِي الذَّوائِب من آني دَمٍ سَربِ
بسُنَّةِ السَّيْفِ والخطي مِنْ دَمِه
لاسُنَّةِ الدين وَالإِسْلاَمِ مُخْتَضِبِ
لَقَدْ تَرَكتَ أَميرَ الْمُؤْمنينَ بِها
لِلنَّارِ يَوْماً ذَليلَ الصَّخْرِ والخَشَبِ
غَادَرْتَ فيها بَهِيمَ اللَّيْلِ وَهْوَ ضُحًى
يَشُلُّهُ وَسْطَهَا صُبْحٌ مِنَ اللَّهَبِ
حَتَّى كَأَنَّ جَلاَبيبَ الدُّجَى رَغِبَتْ
عَنْ لَوْنِهَا وكَأَنَّ الشَّمْسَ لَم تَغِبِ
ضَوْءٌ مِنَ النَّارِ والظَّلْمَاءُ عاكِفَةٌ
وَظُلْمَةٌ مِنَ دُخَانٍ فِي ضُحىً شَحبِ
فالشَّمْسُ طَالِعَةٌ مِنْ ذَا وقدْ أَفَلَتْ
والشَّمْسُ وَاجِبَةٌ مِنْ ذَا ولَمْ تَجِبِ
تَصَرَّحَ الدَّهْرُ تَصْريحَ الْغَمَامِ لَها
عَنْ يَوْمِ هَيْجَاءَ مِنْهَا طَاهِرٍ جُنُبِ
لم تَطْلُعِ الشَّمْسُ فيهِ يَومَ ذَاكَ على
بانٍ بأهلٍ وَلَم تَغْرُبْ على عَزَبِ
مَا رَبْعُ مَيَّةَ مَعْمُوراً يُطِيفُ بِهِ
غَيْلاَنُ أَبْهَى رُبىً مِنْ رَبْعِهَا الخَرِبِ
ولا الْخُدُودُ وقدْ أُدْمينَ مِنْ خجَلٍ
أَشهى إلى ناظِري مِنْ خَدها التَّرِبِ
سَماجَةً غنِيَتْ مِنَّا العُيون بِها
عَنْ كل حُسْنٍ بَدَا أَوْ مَنْظَر عَجَبِ
وحُسْنُ مُنْقَلَبٍ تَبْقى عَوَاقِبُهُ
جَاءَتْ بَشَاشَتُهُ مِنْ سُوءِ مُنْقَلَبِ
لَوْ يَعْلَمُ الْكُفْرُ كَمْ مِنْ أَعْصُرٍ كَمَنَتْ
لَهُ العَواقِبُ بَيْنَ السُّمْرِ والقُضُبِ
تَدْبيرُ مُعْتَصِمٍ بِاللهِ مُنْتَقِمٍ
للهِ مُرْتَقِبٍ فِي اللهِ مُرْتَغِبِ
ومُطْعَمِ النَّصرِ لَمْ تَكْهَمْ أَسِنَّتُهُ
يوْماً ولاَ حُجِبَتْ عَنْ رُوحِ مُحْتَجِبِ
لَمْ يَغْزُ قَوْماً، ولَمْ يَنْهَدْ إلَى بَلَدٍ
إلاَّ تَقَدَّمَهُ جَيْشٌ مِنَ الرعُبِ
لَوْ لَمْ يَقُدْ جَحْفَلاً ، يَوْمَ الْوَغَى ، لَغَدا
مِنْ نَفْسِهِ ، وَحْدَهَا ، فِي جَحْفَلٍ لَجِبِ
رَمَى بِكَ اللهُ بُرْجَيْهَا فَهَدَّمَها
ولَوْ رَمَى بِكَ غَيْرُ اللهِ لَمْ يُصِبِ
مِنْ بَعْدِ ما أَشَّبُوها واثقينَ بِهَا
واللَّهُ مِفْتاحُ بَابِ المَعقِل الأَشِبِ
وقال ذُو أَمْرِهِمْ لا مَرْتَعٌ صَدَدٌ
للسَّارِحينَ وليْسَ الوِرْدُ مِنْ كَثَبِ
أَمانياً سَلَبَتْهُمْ نُجْحَ هَاجِسِها
ظُبَى السُّيُوفِ وأَطْرَاف القنا السُّلُبِ
إنَّ الحِمَامَيْنِ مِنْ بِيضٍ ومِنْ سُمُرٍ
دَلْوَا الحياتين مِن مَاءٍ ومن عُشُبٍ
لَبَّيْتَ صَوْتاً زِبَطْرِيًّا هَرَقْتَ لَهُ
كَأْسَ الكَرَى وَرُضَابَ الخُرَّدِ العُرُبِ
عَداكَ حَرُّ الثُّغُورِ المُسْتَضَامَةِ عَنْ
بَرْدِ الثُّغُور وعَنْ سَلْسَالِها الحَصِبِ
أَجَبْتَهُ مُعْلِناً بالسَّيْفِ مُنْصَلِتاً
وَلَوْ أَجَبْتَ بِغَيْرِ السَّيْفِ لَمْ تُجِبِ
حتّى تَرَكْتَ عَمود الشرْكِ مُنْعَفِراً
ولَم تُعَرجْ عَلى الأَوتَادِ وَالطُّنُبِ
لَمَّا رَأَى الحَرْبَ رَأْيَ العين تُوفَلِسٌ
والحَرْبُ مُشْتَقَّةُ المَعْنَى مِنَ الحَرَبِ
غَدَا يُصَرفُ بِالأَمْوال جِرْيَتَها
فَعَزَّهُ البَحْرُ ذُو التَّيارِ والحَدَبِ
هَيْهَاتَ ! زُعْزعَتِ الأَرْضُ الوَقُورُ بِهِ
عَن غَزْوِ مُحْتَسِبٍ لاغزْو مُكتسِبِ
لَمْ يُنفِق الذهَبَ المُرْبي بكَثْرَتِهِ
على الحَصَى وبِهِ فَقْرٌ إلى الذَّهَبِ
إنَّ الأُسُودَ أسودَ الغيلِ همَّتُها
يَومَ الكَرِيهَةِ فِي المَسْلوب لا السَّلبِ
وَلَّى، وَقَدْ أَلجَمَ الخطيُّ مَنْطِقَهُ
بِسَكْتَةٍ تَحْتَها الأَحْشَاءُ فِي صخَبِ
أَحْذَى قَرَابينه صَرْفَ الرَّدَى ومَضى
يَحْتَثُّ أَنْجى مَطَاياهُ مِن الهَرَبِ
مُوَكلاً بِيَفَاعِ الأرْضِ يُشْرِفُهُ
مِنْ خِفّةِ الخَوْفِ لامِنْ خِفَّةِ الطرَبِ
إنْ يَعْدُ مِنْ حَرهَا عَدْوَ الظَّلِيم ، فَقَدْ
أَوْسَعْتَ جاحِمَها مِنْ كَثْرَةِ الحَطَبِ
تِسْعُونَ أَلْفاً كآسادِ الشَّرَى نَضِجَتْ
جُلُودُهُمْ قَبْلَ نُضْجِ التينِ والعِنَبِ
يارُبَّ حَوْبَاءَ لمَّا اجْتُثَّ دَابِرُهُمْ
طابَتْ ولَوْ ضُمخَتْ بالمِسْكِ لَمْ تَطِبِ
ومُغْضَبٍ رَجَعَتْ بِيضُ السُّيُوفِ بِهِ
حَيَّ الرضَا مِنْ رَدَاهُمْ مَيتَ الغَضَبِ
والحَرْبُ قائمَةٌ فِي مأْزِقٍ لَجِجٍ
تَجْثُو القِيَامُ بِه صُغْراً على الرُّكَبِ
كَمْ نِيلَ تحتَ سَناهَا مِن سَنا قمَرٍ
وتَحْتَ عارِضِها مِنْ عَارِضٍ شَنِبِ
كَمْ كَانَ فِي قَطْعِ أَسبَاب الرقَاب بِها
إلى المُخَدَّرَةِ العَذْرَاءِ مِنَ سَبَبِ
كَمْ أَحْرَزَتْ قُضُبُ الهنْدِي مُصْلَتَةً
تَهْتَزُّ مِنْ قُضُبٍ تَهْتَزُّ فِي كُثُبِ
بيضٌ ، إذَا انتُضِيَتْ مِن حُجْبِهَا
رَجعَتْ أَحَقُّ بالبيض أتْرَاباً مِنَ الحُجُبِ
خَلِيفَةَ اللَّهِ جازَى اللَّهُ سَعْيَكَ عَنْ
جُرْثُومَةِ الديْنِ والإِسْلاَمِ والحَسَبِ
بَصُرْتَ بالرَّاحَةِ الكُبْرَى فَلَمْ تَرَها
تُنَالُ إلاَّ على جسْرٍ مِنَ التَّعبِ
إن كان بَيْنَ صُرُوفِ الدَّهْرِ مِن رَحِمٍ
مَوْصُولَةٍ أَوْ ذِمَامٍ غيْرِ مُنْقَضِبِ
فبَيْنَ أيَّامِكَ اللاَّتي نُصِرْتَ بِهَا
وبَيْنَ أيَّامِ بَدْرٍ أَقْرَبُ النَّسَبِ
أَبْقَتْ بَني الأصْفَر المِمْرَاضِ كاسْمِهمُ
صُفْرَ الوجُوهِ وجلَّتْ أَوْجُهَ العَرَبِ
الاستعانة بالترك
وإذا كان سابقوه من الخلفاء قد استعانوا بالفرس، فإن المعتصم كان محبّا للعنصر التركى، حتى اجتمع له منهم أربعة آلاف جندى، وأقطعهم الإقطاعات الكبيرة في مدينة سامرّا حتى لايضايق أهل بغداد، وكما كان للفرس دورهم في حياة الدولة العباسية منذ نشأتها فإن العنصر التركى أصبح له دوره.
كانت خلافته ثمانى سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وهو ثامن الخلفاء من بنى العباس، وثامن أولاد هارون الرشيد، ومات عن ثمانية بنين وثماني بنات، وتولى الخلافة سنة ثمان عشرة ومئتين، وفتح ثمانية فتوح فكان يلقب ب"المثمن"، وكان معروفا بطيبة النفس، وكان من أعظم الخلفاء وأكثرهم هيبة.
مات في عهده
ممن مات في أيام المعتصم من الأعلام: الحميدي شيخ البخاري و أبو نعيم الفضل بن دكين و أبو غسان المهدي و خلاد المقرئ وآدم ابن أبي إياس و عفان و القعنبي و عبد الله بن صالح كاتب الليث و محمد بن عيسى الطباع الحافظ و أصبغ بن الفرج الفقيه المالكي و سعدويه الواسطي و أبو عمر الجرمي النحوي و محمد بن سلام البيكندي و سنيد و سعيد بن كثير ابن عفير و يحيى بن يحيى التميمي وآخرون.
وفاة المعتصم
ظل المعتصم يواصل فتوحاته وغزواته، ففُتحت بعض مدن صقلية، وغزت جنوده "قِلّورية" وتقع في جنوب إيطاليا، وتسمى الآن "كالابريا"، وكذلك جزيرة "مالطة" ولم تكن غُزيت من قبل.
وفي يوم الخميس الموافق (18 ربيع الأول 227هـ= 5 يناير 842) وافاه الأجل المحتوم، بعد أن أصبح اسمه نموذجاه دائما للمروءة والدفاع عن الدين والوطن، عن عمر ثمان وأربعون سنة.
انظر أيضاً
- سامراء
- الدنو من المعتصم (العنوان الأصلي بالإسپانية: El acercamiento a Almotásim)، هي قصة قصيرة خيالية كتبها الكتاب الأرجنتيني خورخه لويز بورخيس
ببليوغرافيا
من مصادر الدراسة
محمد بن جرير الطبري: تاريخ الرسل والملوك- تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم- دار المعارف القاهرة 1968م.
محمد الخضري- الدولة العباسية- المكتبة التجارية الكبرى- القاهرة 1959م.
شاكر مصطفى- دولة بني العباس- وكالة المطبوعات- الكويت 1974م.
عبد المنعم ماجد- العصر العباسي الأول- مكتبة الأنجلو المصرية- القاهرة 1979م.
فتحي عثمان- الحدود الإسلامية البيزنطية بين الاحتكاك الحربي والاتصال الحضاري- دار الكتاب العربي- القاهرة- بدون تاريخ.
المصادر
المعتصم بالله وُلِد: 794 توفي: 842
| ||
ألقاب إسلامية سنية | ||
---|---|---|
سبقه Al-Ma'mun |
Caliph of Islam 833–842 |
تبعه Al-Wathiq |