ناظم القدسي
ناظم القدسي (1905 - 6 شباط 1998) أحد سياسيي سوريا، تولى منصبي رئيس سوريا ورئيس وزراء سوريا.
ولد عام 1905 في مدينة حلب ودرس الحقوق في دمشق، ثم في الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم في جامعة جنيف. كان من حزب الشعب.
أصبح رئيسا لجمهورية سوريا في حكومة الانفصال (14 ديسمبر 1961 - 8 مارس 1963).
عمل كرئيس لمجلس النواب عام 1954 وتولى إحدى الوزارات عام 1949 لمدة ثلاثة أيام وترأس الحكومة السورية لمرتين في عام 1950 و 1951 توفى سنة 1997 في المملكة الأردنية الهاشمية
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الحياة السياسية
عاد ناظم القدسي إلى سورية عام 1935، حيث انضم إلى الكتلة الوطنية، الحزب الاستقلالي المناوء للانتداب الفرنسي، والذي كان حركة سياسية تهدف للتخلص من السيطرة الفرنسية عبر الحوار السياسي بدلا من المقاومة المسلحة. اختلف فيما بعد مع قيادة الكتلة الوطنية التي فشلت في منع ضم لواء اسكندرون إلى تركيا عام 1939، وترك على أثرها الكتلة. بعد ذلك قرر أن يشكل في حلب تحالفا من المفكرين حول شخصية المحامي المشهور رشدي الكيخيا الذي وفر الحماية لرؤياه السياسية. تم ترشيح كليهما بسهولة للبرلمان في انتخابات 1943.
وحيث أن المعارضة كانت شديدة لتسمية شكري القوتلي -من الكتلة الوطنية- رئيسا للجمهورية، قام القوتلي بتعيين القدسي كأول سفير لسوريا لدى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قام ببناء السفارة السورية في واشنطن من الصفر، وأقدم اعتماده أمام فرانكلين روزفلت في 19 آذار/مارس 1945.
في عام 1947 قام القدسي مع الكيخيا بتأسيس حزب الشعب، والذي كان أقوى معارضة في وجه الحزب الوطني، سابقا الكتلة الوطنية، المخلص دائما للقوتلي. كان مؤسسو حزب الشعب بشكل أساسي من أعيان حلب، والذين كانوا موالين للوحدة مع الهاشميين في العراق والتحول الديمقراطي وتطوير العلاقات مع الغرب. كانت العائلة المالكة في العراق تدعم هذا الحزب. فاز القدسي في انتخابات 1943، 1947، 1949 و1962 مرشحا عن حزبه، وصوت ضد تسمية القوتلي رئيسا للجمهورية، ولكن القوتلي مدعوما بالحزب الوطني أعيد تعيينه. بعد الإطاحة بحكومة القوتلي بانقلاب عسكري في 29 آذار/مارس 1949، طلب الرئيس الجديد حسني الزعيم من ناظم القدسي تشكيل حكومة، ولكن الأخير رفض نتيجة الأسلوب اللادستوري الذي ارتقى به الزعيم السلطة، فقام الزعيم بتوقيفه وإغلاق مكاتب حزب الشعب. أطلق سراح الزعيم بعدها بفترة وجيزة، ووضع تحت الإقامة الجبرية في منزله بحلب. أنتقد القدسي بشدة حسني الزعيم، خاصة عندما اراد الأخير إغلاق الحدود مع الأردن والعراق وأراد شن الحرب عليهما متهما إياهما بالعمالة المملكة المتحدة. في 14 آب/أغسطس 1949 ساند القدسي انقلابا بقيادة سامي الحناوي، الصديق القديم لحزب الشعب وحليف العائلة الهاشمية في بغداد، وتم إعدام الزعيم. أسس الحناوي لجنة سياسية لإدارة البلاد في ظل غياب حكومة نظامية وعين القدسي على رأسها. قام القدسي بسن ستور جديد وأصبح وزير الخارجية في أول حكومة بعد انقلاب الزعيم كان رئيسها هاشم الأتاسي، كما أصبح رشدي الكيخيا وزيرا للداخلية وتم توزيع بقية المناصب على أعضاء حزب الشعب. قام القدسي بإجراء محادثات مع ولي عهد العرش العراقي الأمير عبدالله عارضا إقامة وحدة فورية بين سوريا والعراق وقام بعدة رحلات لبغداد لهذا الغرض. لقد صاغ اتفاقية تدعو لوحدة فدرالية، تحافظ على حكومتين مستقلتين في دمشق وبغداد، بينما تجمع الشؤون العسكرية والاقتصادية الثقافية والاجتماعية والسياسية للبلدين، كما ذهب للقاهرة وعرض برامج مماثلة في اجتماع جامعة الدول العربية في 1 كانون الثاني/يناير 1951.
الجمهورية العربية المتحدة
للتسريع في محادثات الوحدة، كلف الأتاسي المنتخب حديثا ناظم القدسي بتشكيل حكومةفي 24 كانون الأول/ديسمبر 1949. صوت العسكريون ضد حكومته فاستقال بعد خمسة ايام. كانت حجتهم أن الحكومة لا تحتوي على أي ضابط وأن أعضاءها معارضون لتدخل العسكريين في السياسة. في 4 حزيران/يونيو الف القدسي حكومة جديدة أقل تطرفا وامن موافقة المعارضة بتعيين فوزي سلو وزيرا للدفاع. كان سلو اليد اليمنى لأديب الشيشكلي. بقيت الحكومة عشرة أشهر لم تستطع خلالها المضي بعيدا بمسألة الوحدة. استقال القدسي في 27 آذار/مارس 1951. في 1 تشرين الأول/أكتوبر انتخب ناطقا باسم البرلمان. في 28 تشرين الثاني/نوفمبر استولى أديب الشيشكلي على السلطة وأوقف كل قيادات حزب الشعب، متهما إياها بالتآمر على النظام الجمهوري في سورية ومحاولة استبداله بنظام ملكي عميل لبريطانيا. عين فوزي سلو رئيسا مؤقتا للجمهورية وأرسل القدسي إلى سجن المزة. أطلق سراحه في كانون الثاني/يناير 1952 ولكن أبقي تحت الإقامة الجبرية. عمل سرا وأيد انقلابا عسكريا أطاح بالشيشكلي في شباط/فبراير 1954.
في تشرين الأول/أكتوبر 1954 أصبح نائبا في أول برلمان بعد فترة حكم الشيشكلي، وانتخب ناطقا باسم البرلمان. حاول أن يستعيد أمجاده السياسية ولكن بذلك الوقت كان حزب الشعب قد فقد كثيرا من شعبيته، ول يبق إلا القليل من السوريين الراغبين بالوحدة مع العراق. بدلا من ذلك، توجهت الأنظار للوحدة مع مصر تحت زعامة الرئيس الشاب وذو الهيبة جمال عبد الناصر، وبدون جدوى، حاول القدسي مقاومة تأثير عبد الناصر، إذ دافع عن أهمية التحالف مع المملكة المتحدة والولايات المتحدة في حين كان معظم السوريين بتطلعون نحو الاتحاد السوفييتي. نادى بانضمام سورية إلى حلف بغداد، فاتهمته جريدة ناصرية بالعمالة للهاشميين. في 12 تشرين الأول/أكتوبر 1957 استقال من منصبه وحل محله الاشتراكي أكرم الحوراني من أنصار عبد الناصر. صوت ضد الوحدة مع مصر، وعندما تم الاندماج لتشكيل الجمهورية العربية المتحدة استقال من العمل السياسي وعاد إلى حلب.
مسكن القدسي
أبرز البيوت التي عاش فيها الرئيس ناظم القدسي، هو البيت العربي الذي تملكته والدته وأنجبته فيه عام 1905 ضمن حي البياضة القريب من قلعة حلب، ممضياً طفولته وريعان شبابه و ذكرياته ضمن جدرانه، ويتميز البيت بتقسيماته الفريدة، الأمر الذي شجع فيصل قدسي مالك البيت حالياً وهو أحد أقرباء الرئيس ناظم على تحويله إلى مشروع سياحي من خلال ضم بعض البيوت المجاورة إليه ليكون فندقاً على الطراز الشرقي، ويضاف إليه مطعماً وتراساً صيفياً.
ويذكر أن البيت تحول ولفترة قصيرة إلى مدرسة ابتدائية، ليتم شراؤه من قبل عائلة "رسمي" العراقية إلى أن حطت ملكيته أخيراً بيد عائلة القدسي، ويجري في البيت ترميمات وتجديدات واسعة تشمل كل صغيرة وكبيرة، معتمدة على "دوكرة" الجدران والأقواس بشكل شرقي جذاب يسهم في خدمة المشروع السياحي وفقا لفيصل القدسي.
ولم يستقر القدسي في منزل خاص فيه طوال حياته، حيث كثرت تنقلاته تبعاً لحياته السياسية، فمن المنزل الذي استأجره ضمن البناء القديم في شارع السجن بحي الفرافرة في أواخر الخمسينات من القرن الماضي بحلب، إلى بيت أخر بالقرب من قيادة المنطقة الشمالية في ذات المحافظة، إلى أن سكن بالبيت الذي يقع في منطقة المحافظة عندما شغل منصب رئيس المجلس النيابي، ووفقاً لفراس ابن عم الرئيس ناظم القدسي فإن جميع البيوت التي سكنها القدسي كانت بالأجرة، وأنه لم يتمكن طوال حياته من شراء بيت يستقر فيه لا قبل فترة رئاسته ولا بعدها.
وأمضى القدسي طوال فترة رئاسته للجمهورية العربية السورية في القصر الجمهوري بحي المهاجرين بدمشق، ليعود بعد انتهاء حكمه إلى بيته بحلب الذي يقع في منطقة المحافظة، وليغادر بعد ذلك إلى الإمارات العربية المتحدة أثناء قيام ثورة الثامن من آذار 1963م ويقضي بها ما يزيد عن الخمسة وعشرون عاماً، انتقل بعدها إلى الأردن وتوفي فيها سنة 1998م.