فضيحة سجائر كليوپاترا
فضيحة سجائر كليوپاترا، هي مقالة تتناول تصنيع سجائر كليوپاترا المصرية الشهيرة في الجبل الأسود، من غير تصريح من الشركة المصنعة لها في مصر، الشرقية للدخان،
كشف تحقيق استقصائي أجرته شبكة أريج بالتعاون مع شبكة البلقان للتحقيقات الاستقصائية (بيرن)، كواليس تزييف العلامة التجارية الشهيرة للسجائر المصرية من قِبل شركة حكومية في جمهورية الجبل الأسود والتي تقوم بإنتاج سجائر مزيفة تحمل العلامة التجارية الشهيرة كليوپاترا ومكتوب عليها "صنع في مصر".
والمفارقة أن إنتاج سجائر كليوپاترا بدأ عام 1961 بشركة التبغ الأرمينية ماتوسيان في القاهرة بناء على طلب الرئيس جمال عبد الناصر، الذي كان يطمح إلى إنتاج سجائر محلية شبيهة لسجائر كنت الأمريكية التي كان يشربها بشراهة.[1]
وانتهى التحقيق إلى أنه بتتبع العشرات من شحنات السجائر تلك على مدى عامين، وبالتحقيق في أصول هذه الشركات الموجودة بين 6 دول أوروبية وآسيوية وعربية، تبين تورط شبكات منظَّمة تضم رجال أعمال وسياسيين من جنسيات مختلفة في حماية شركات أجنبية، استمرت في تصنيع سجائر كليوپاترا مدون عليها عبارة "صنع في مصر" وتهريبها للبيع في مصر ودول أخرى، لكنها في الحقيقة "صنعَت خارج مصر".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خلفية
بدأ إنتاج سجائر كليوپاترا عام 1961 بشركة التبغ الأرمينية "ماتوسيان" في القاهرة، قبل اندماجها مع الشركة المصرية "الشرقية للدخان" بعد قرار التأميم، لتصبح "كليوپاترا" علامة تجارية مصرية.
تمتلك الدولة الآن 55% من أسهم الشركة الشرقية للدخان إيسترن كومباني، ويمتلك اتحاد العاملين بالشركة نحو 5.8% من الأسهم، والباقي مطروح للتداول في البورصة المصرية، بحسب قوائم الشركة المالية، والتي تخضع لمراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات، الجهاز الرقابي الأعلى في مصر.
وتُخطط الحكومة المصرية، لطرح نحو 4.5% من حصتها في البورصة عام 2019، ضمن برنامج الطروحات الحكومية المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي.
وتمثل الشركة موردًا رئيسيًا من موارد خزينة الدولة المصرية، إذ أسهمت في الموازنة العامة لعام 2017/2018 بـ56 مليار جنيه، وهو المبلغ الذي يشمل حصة الدولة في الأرباح والضرائب والرسوم الجمركية، بحسب تقرير مجلس إدارة الشركة المرسل للبورصة.
ورغم تأكيد مسؤولي الشركة -في عدد مجلة "كليوپاترا" السنوي الصادر عن الشركة في أكتوبر 2017- محاربتهم عمليات تهريب سجائر كليوپاترا (إذ تبلغ خسائر الدولة المصرية جرّاء تصنيع السجائر وتهريبها ما بين 3 و5 مليارات جنيه سنويًا)، إلا أن محمد حسن، مدير إدارة التحليل والاستهداف بالإدارة المركزية لمكافحة التهرب الجمركي بمصلحة الجمارك، والمسؤول عن ملف كليوپاترا، أكد في حديثه لنا أن الشركة الشرقية ايسترن كومباني تقاعست في بعض الدول الأجنبية عن القيام بالإجراءات القانونية ضد شبكات التصنيع والتهريب بالشكل الذي يحفظ المال العام، واكتفت فقط بطلبات إعدام الشحنات التي تُضبَط.
على مدى عامين، تتبَّعنا العشرات من هذه الشحنات، وحققنا في أصول هذه الشركات الموجودة بين 6 دول أوروبية وآسيوية وعربية، لنكشف تورّط شبكات منظَّمة تضم رجال أعمال وسياسيين من جنسيات مختلفة في حماية شركات أجنبية، استمرَّت في تصنيع سجائر كليوپاترا مدوَّن عليها عبارة "صُنع في مصر" وتهريبها للبيع في مصر ودول أخرى، لكنها في الحقيقة "صُنعَت خارج مصر".
منذ عام 2014، حذر مسئولون في القاهرة، لندن وبروكسل من إنتاج ملايين السجائر التي تحمل اسم أشهر علامة تجارية مصرية في مصنع مملوك للدولة في الجبل الأسود، والتي يعتقد، أنها تُهرب عبر ليبيا، شمال أفريقيا. الجبل الأسود، على الرغم من تفاوضها للإنضمام إلى الاتحاد الأوروپي، إلا أنه تجاهل هذه التحذيرات.[2]
كليوپاترا، علامة السجائر رقم واحد في مصر، بدأ انتاجها عام 1961، عندما طلب الرئيس المصري جمال عبد الناصر إنتاج نسخة محلية من سجائر كنت الأمريكية التي كانت تُهرب إلى مصر، والتي كانت السجائر المفضلة لديه.
تأسست الشرقية للدخان، أكبر شركة في الشرق الأوسد، لتصنع سجائر كليوپاترا والتي انتشرت بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأصبحت من بين أكثر أنواع السجائر مبيعاً في العالم.
لذلك ربما يكون من دواعي السخرية، نظراً لجذورها المقلدة، أن يتم تقويض العلامة التجارية من قبل مصنع مملوك للدولة عبر البحر الأبيض المتوسط في الجبل الأسود، وهي جمهورية يوغوسلاڤية سابقة تتفاوض للانضمام إلى الاتحاد الأوروپي.
وقد حذر عدد من المسئولين المصريين بشكل رسمي وغير رسمي حكومة الجبل الأسود من هذا التقليد، لكن الجبل الأسود تجاهلت التحذيرات، الأمر الذي أثار التساؤلات حول ادعاء الجبل الأسود أنها حولت قلبت صفحة الماضي في التسعينيات، عندما كان تهريب السجائر وسيلة فعالة برعاية الحكومة للحفاظ على التوازن المالي أثناء الحرب. وفرض عقوبات على انهيار يوغسلاڤيا الدموي.
وتحدثت تحقيقات بيرن/أريج عن حجم المهمة المتمثلة في استعداد الجبل الأسود، وهو بلد أدرياتيكي يبلغ عدد سكانه 620 ألف نسمة، للانضمام إلى الاتحاد الأوروپي بعد ما يقرب من ثلاثة عقود من تربع الحزب الحاكم على سدة الحكم، وتحت حكم الرئيس ميلو جوكانوڤتش.
حسب ما توصلت إليه تحقيقات بيرن/أريج، فإن القاهرة، لندن ومكتب مكافحة الفساد في الاتحاد الأوروپي، قد اعتبر تدفق السجائر من مصنع پودگوريتسا، "تزييفاً" مشتبهين أن السجائر كانت تهرب من خلال المهربين الليبيين ليتم توزيعها عبر شمال أفريقيا بطريقة غير شرعية.
طلبت مصر عدة مرات عبر القنوات الدبلوماسية من الجبل الأسود إيقاف عملية التصنيع.
في النهاية، توقف الإنتاج عام 2016 بعد أن تم تخصيص المصنع ووُضع تحت ملكية جديدة. لكن الشركة التي تعاقدت مع المصنع لإنتاج السجائر لم تستسلم، وحسب تحقيق بيرن/أريج؛ فإنها تبحث عن مصنع لإنتاج السجائر في كوسوڤو واستثمرت مليون يورو في عملية جديدة في البحر الأسود.
كشفت هذه القصة عن شخصيات يونانية تقف وراء عملية "التزييف"، بما في ذلك رجل استضاف الرئيس جوكانوڤتش في مطعمه في أثينا في أكثر من مناسبة.
وتتضمن قوائم الإنتاج بالإضافة لسجائر كليوپاترا، كميات أصغر من السجائر التونسية 20 مارس، والجزائرية ريم والليبية رياضي.
الجبل الأسود: أول الخيط
في جنوب القارة الأوروبية، اشتهرت جمهورية الجبل الأسود بكونها مركزًا لعمليات تهريب السجائر، وفقًا لتقرير مفوضية الاتحاد الأوروپي الصادر عام 2017، حتى إن النيابة الإيطالية وجَّهت للرجل الأقوى في الجبل الأسود ميلو جوكانوڤتش -الذي يحكم البلاد منذ عام 1991، متنقلًا بين منصبي الرئيس ورئيس الوزراء- اتهامات بالضلوع في عمليات تهريب سجائر، في الفترة بين 1994 و2002، لكن تعذَّرت محاسبته أمام القضاء الإيطالي، لحصانته كرئيس دولة.[3]
بدأت الرحلة من مصنع التبغ "دي.كيه.پي" Novi Duvanski Kombinat Podgorica (NDKP) في مدينة پودگوريتسا -عاصمة جمهورية الجبل الأسود- إذ حصلنا على علبة سجائر كليوپاترا تحمل جميع التفاصيل، مثل التي تُنتَج في مصر، بما فيها عبارة صُنع في مصر، وكذلك رقم الخط الساخن للإقلاع عن التدخين، بالإضافة إلى لاصق كُتب عليه "خالصة الضرائب" الذي فرضته وزارة المالية المصرية عام 2012 لمنع التهرب من ضريبة المبيعات.
في مقابلة مع بعض عمّال المصنع، أكَّدوا أنهم يعملون في ورديات متتابعة، ينتجون خلالها أنواع سجائر تطلبها شركة "ليبرتي.إف.زد.إي"، بعد أن ذكرت لهم أن لديها رخصة قانونية لتصنيعها.
سجائر ريم الجزائرية
أكَّدت كشوف إنتاج المصنع خلال الفترة بين 2011 و 2013، أن المصنع بالفعل يقوم بعمليات إنتاج لصالح شركة "ليبرتي.إف.زد.إي" لعلامات سجائر "مارس 20" التونسية، وسجائر "ريم" الجزائرية، وسجائر "رياضي" الليبية، لكن النصيب الأكبر من عمليات الإنتاج كان لصالح علب السجائر المصرية "كليوپاترا" بنسختيها من العلب الكرتونية والورقية.
ومن خلال 3 عقود استمرت عملية الإنتاج من عام 2010 حتى نهاية عام 2015.
وُقِّع في 19 من نوفمبر 2010 ويسري لمدة عام، بين شركة "ليبرتي.إف.زد.إي" ويمثّلها شخص يدعى "سيد علي"، ومصنع التبغ "دي.كيه.بي" ويمثله مدير الجهة المسؤولة عن الإفلاس، ويدعى "فاسلين رايزفيتش"، إذ كان المصنع يعاني الإفلاس في ذلك الوقت. ينصّ العقد على إنتاج 3 ماركات من السجائر في المصنع لصالح شركة "ليبرتي.إف.زد.إي"، لكن لم تكن سجائر كليوپاترا ضمن الأنواع المذكورة في العقد.
وُقِّع في 23 من نوفمبر 2012، بتوقيع ممثل شركة "ليبرتي.إف.زد.إي" ويدعى "رامي زياد"، وممثل مصنع التبغ "دي.كيه.بي" ويدعى "سالوفولاجوب فوكاسنوفيتش"، وظهر أن المتعاقدين قد حذفوا –تحديدًا- أنواع السجائر التي يريدون إنتاجها، واستبدلوا بها عبارة "أي نوع سجائر تطلبه الشركة مع، ضرورة أن تقدم ترخيصًا بالإنتاج".
وُقِّع في 30 من أكتوبر 2013 ويسري حتى نهاية ديسمبر 2015، بتوقيع ممثل شركة "ليبرتي.إف.زد.إي" ويدعى "سيد علي"، وممثل مصنع التبغ "دي.كيه.بي" ويدعى "سالوفولاجوب فوكاسنوفيتش"، وينصُّ بوضوح على زيادة حجم الإنتاج الشهري ليصل إلى 75 طُن سجائر من العلب الكرتون “Hard” و75 طن سجائر من العلب الورقية “Soft”، من أنواع السجائر التي تطلبها الشركة، مع ضرورة أن يكون لديها ترخيص بإنتاجها.
في ظل اهتمام جمارك الدول الأوروبية بمكافحة عمليات تهريب السجائر على مستوى العالم، وخاصة الجمارك البريطانية والفرنسية ومكتب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الغش التجاري (أولاف)، أرسلت الجمارك البريطانية للجمارك المصرية في مايو 2015، خطابًا يوضِّح حجم الإنتاج الشهري لسجائر كليوپاترا داخل مصنع التبغ "دي.كيه.بي"، ما مكننا من حساب حجم الخسائر التي تعرَّضت لها القاهرة جرَّاء هذه العمليات.
في مقابلته معن بيرن/أريج، قال "سالوڤولايوب ڤوكاسنوڤيتش" المدير التنفيذي السابق لمصنع التبغ "دي كيه بي"، أن المصنع لم يقم بأي عمل خاطئ، حيث أن شركة ليبرتي أظهرت لنا وثائق توضح تسجيلها لتلك العلامات في دولة أخرى، وبناء عليه تم إنتاج تلك السجائر داخل المصنع.
وطبقا لوثائق حصلت عليها أريج عليها من موقع مكتب الملكية الفكرية في الجبل الأسود، قامت شركة ليبرتي في إبريل 2015، بتقديم طلب لتسجيل العلامات التجارية "كوين كليوپاترا – كليوپاترا جولدن كينج – كليوپاترا كينج سايز" وبالفعل تم التسجيل في فبراير 2016، لتصبح مالكة لتلك العلامات بشكل قانوني في الجبل الأسود، لتقدم بعدها الشركة الشرقية "إيسترن كومباني"، طلب تسجيل علامة كليوپاترا في أغسطس 2016، لكن الطلب رفض.
من جانبها أكَّدت الشركة الشرقية إيسترن كومباني -في ردها المكتوب على استفساراتنا مدعم بالوثائق- أنها لم تمنح ترخيصًا لشركة "ليبرتي إف زد إي" أو مصنع "دي كيه بي" لتصنيع سجائر كليوپاترا، موضَّحة أنها طلبت من وزارة الخارجية المصرية التدخلَ، ومخاطبة الخارجية في جمهورية الجبل الأسود، لوقف عمليات الإنتاج غير الشرعية هناك، لكنها تجاهلت الرد على أسئلتنا حول تأخرها في تسجيل علامة كليوپاترا هناك.
في يناير 2016 أفاد خطاب صادر من وزارة الخارجية المصرية إلى الشركة الشرقية للدخان، أن لقاء جمع أحد مسؤولي الخارجية مع سفير جمهورية الجبل الأسود غير المقيم لدى مصر، وأن الأخير أكد تلقّيهم مراسلات القاهرة لوقف عمليات الإنتاج منذ 2012، ومع ذلك فإنه يصعب على المسؤولين في بلاده إعطاء تفسيرات رسمية للجانب المصري، بسبب بعض التعقيدات والحسابات المتمثلة في احتمالية ملكية بعض مسؤولي الجبل الأسود أسهما في شركة إنتاج السجائر.
لكن احتمالية ملكية بعض مسؤولي الجبل الأسود أسهما في الشركة، أكَّدها خطاب آخر في نوفمبر 2018، صادر من الخارجية المصرية للجمارك المصرية، تضمَّن تأكيد مسؤولة ملف مصر بوزارة الخارجية بالجبل الأسود دراستهم الطلب المصري حاليا والتنسيق لحلّ الأزمة، مع التنويه بتعقيدات القضية وحساسيتها، بسبب ملكية بعض مسؤولي حكومة الجبل الأسود أسهما في تلك الشركة، ومطالبتهم مصر بعدم اتخاذ أي تدابير أو إجراءات بهذا الشأن.
رفض المسؤولون في جمهورية الجبل الأسود الكشف عمن يقف وراء شركة "ليبرتي.إف.زد.إي"، لكننا حصلنا بعدها على مستندات من داخل برلمانهم، لمناقشات جرت في عام 2015 بخصوص الشراكة بين مصنع التبغ "دي.كيه.بي" وشركة "ليبرتي.إف.زد.إي"، ظهر فيها بوضوح وصف الشركة الأخيرة بعبارة "الشريك اليوناني".
كليوپاترا المقلدة
حسب بن جانيت فإن الشرقية للدخان لم تصدر ترخيص لإنتاج سجائر 20 مارس في الجبل الأسود، وعلى الرغم من أنه يدرك جيداً وجود السجائر المقلدة في السوق، إلا أن جانت تفاجأ حين عرف من الصحفيين عملية التصنيع التي تجري في مصنع تملكه حكومة الجبل الأسود، المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروپي. كما أشار جانت إلى العلاقة بين السجائر المهربة وتمويل الإرهاب، حيث قال: "الإرهاب بحاجة للمال، ومن أكبر مصادر المال أعمال التهريب".
ومن العوامل المهمة في عملية فراغ السلطة في ليبيا، التي أصبحت جنة للتهريب منذ أن أنهت الثورة الليبية 2011 حكم معمر القذافي الذي استمر 41 عاماً، لكنها تركت البلاد بين الإدارات والقبائل والميليشيات المتقاتلة.
وفي الوقت الذي تدفقت فيه الأسلحة والمهاجرون واللاجئون من موانئها، ذهبت السجائر المصنوعة من الجبل الأسود في الاتجاه الآخر، ووصلت بالقوارب إلى الشركات الليبية في بنغازي وطبرق ومصراتة. الشركة الشرقية لدخان ومصنع رنتاتعتقد أنه تم تهريبها بعد ذلك عبر الحدود الصحراوية الخطرة إلى مصر وتونس وغيرها.
في عامي 2012 و2015، ضبطت دوريات حرس الحدود اليونانية شحنتين كانتا في طريقهما إلى ليبيا عبر ميناء بار في الجبل الأسود.
اتهمت اليونان بحارة الزورقين، نوا وجنس 3 بالتهريب، ودُمرت شحنة 2015 بموجب قوانين حماية العلامات التجارية في الاتحاد الأوروپي بعدما قبلت الجمارك اليونانية ادعاء الشرقية للدخان بأن السجائر مزيفة. لكن في كلتا القضيتين تم تبرئة المتهمين لأنه لا يمكن إثبات أن السجائر كانت موجهة إلى السوق السوداء في اليونان، وهي الجريمة المزعومة. أرسلت الجمارك الفرنسية لنظيرتها المصرية رسالة إلكترونية واصفة السجائر المضبوطة على متن الزورقين "بكليوپاترا المقلدة".
وفي رسالة إلكترونية لحرس السواحل اليونانية، موجهة من مسئول في مكتب مكافحة الفساد في الاتحاد الأوروپي: "أستطيع الجزم بأنه من المحتمل أن سجائر كليوپاترا كانت مقتصرة على سوق السلع المهربة في شمال أفريقيا، خاصة مصر.
توصلت بيرن/أريج إلى دليل بأن شركة ليبرتي، ومصنع پودگوريتسا للتبغ، أو المستوردين الليبيين، ومن بينهم الليبو من طبرق، المنارة في بنغازي، الوطنية في بنغازي، قد اتهمت بأي جريم.
الزورق الثالث، سكايلارك، الذي ورد ذكره في رسالة موجهة من HMRC في أكتوبر 2015 إلى الضرائب المصرية على أنه زورق يحمل سلع "يعتقد أنها منتجات مزيفة صُنعت بدون ترخيص أو إذن من المالك القانوني للعلامة التجارية".
وقد أفاد مكتب مكافحة الفساد في الاتحاد الأوروپي لبيرن/أريج أن الزورق جنيك 3 كان واحداً من ثمان سفن ورد ذكرها في تقرير 2018 كانت تحمل سجائر من الجبل الأسود يعتقد أنها مهربة.
وعلم بيرن/أريج أن مكتب مكافحة الفساد في الاتحاد الأوروپي قد بدأ تحقيقاً عام 2017 متعلقاً بحركة لسجائر "البيضاء الرخيصة" في أنحاء الجبل الأسود. لا زال التحقيق مفتوحاً وليس هناك المزيد من التفاصيل.
تسجيل كليوپاترا في الجبل الأسود
السجائر المنتجة في مصنع پودگوريتسا للتبغ لا يمكن تمييزها عن السجائر الأصلية المنتجة في الشرقية للدخان بالقاهرة. وهي تحمل نفس عبارة "صنع في مصر"، بالإضافة إلى التحذيرات الصحية المطالبة بوضعها الشرقية للدخان.
تظهر صور من داخل مصنع پودگوريتسا للتبغ Novi Duvanski Kombinat Podgorica (NDKP) أن سجائر ريم تحمل نفس العلامات المطالبة بوضعها الشركة الجزائرية التي تنتج هذه السجائر، الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد.
ولم يتمكن مراسلو بيرن/أريج من الحصول على تعليق من الوكالة الوطنية للتبغ والوقيد الجزائرية ورياضي في ليبيا.
في مراسلات سرية من عام 2015، وصفت HMRC مصنعاً لم يذكر اسمه في الجبل الأسود بأنه ينتج "100 مليون سيجارة كليوپاترا مزيفة شهرياً". وحددت لاحقاً مصنع پودگوريتسا للتبغ كمصدر للسجائر "التي يعتقد أنها مزيفة.
سلاڤوليوب ڤوكاسينوڤيش، المدير التنفيذي السابع لمصنع پودگوريتسا للتبغ، أنكر أن المصنع قد اقترف أي خطأ، قائلاً بأن شركة ليبرتي الإماراتية قدمت علامة تجارية للسجائر المنتجة صادر من بلد آخر.
لاحقاً سجلت شركة ليبرتي العلامة التجارية لكليوپاترا، ريم ومارس في الجبل الأسود عام 2015، بعد ثلاث سنوات من بدء الإنتاج.
لكن مارك لملي، أستاذ القانون بجامعة ستانفورد، وخبير في حقوق الملكية لافكرية، قال بأن هذا قد يشكل فرقاً ضئيلاً إذا ما كانت السجائر تباع في شمال أفريقيا، حيث الشرقية للدخان، على سبيل المثال، سجلت العلامات التجارية في ليبيا ومصر.
لأن حقوق العلامات التجارية اقليمية، فإن القاعدة الاعتيادية هي أن أول شخص يسجل ويستعمل العلامة في بلد معين يحصل على الحقوق في ذلك البلد". "في حين أن علامات كليوپاترا يمكن أن تتواجد في بلدان مختلفة، فإن التسجيل في الجبل الأسود لن يمنح المسجل حقوق البيع في أي مكان باستثناء الجبل الأسود".
إذا كانت الشرقية للدخان لديها حقوق في ليبيا، فإن تصدير السجائر من الجبل الأسود يعتبر انتهاكاً.
ويشير لملي إلى أنه عادة ما تُنظم انتهاكات العلامات التجارية عند نقطة التصدير، لكن بسبب حالة النزاع في ليبيا من غير المرجع أن الحكومة الليبية تعطي اهتماماً كبيراً لحقوق الملكية الفكرية. وأضاف: إذا كانت حكومة الجبل الأسود قد أنتجت السجائر وكانت على علم بأن السجائر ستصدر للاستخدام الغير قانوني فهي مسئولة عن انتهاك العلامة التجارية.
مسئول الموارد البشرية السابق في مصنع پودگوريتسا للتبغ، صرح بأن المصنع لم يُطلب منه وقف الإنتاج، وفي نوفمبر حسب تقرير صادر عن النائب الخاص في الجبل الاسود، طُلب التحقيق في إنتاج مصنع پودگوريتسا للتبغ من قبل حركة سياسية معارضة تسمى ألترناتيڤا، وخلص التحقيق إلى أنه لا يوجد دليل على وجود مخالفات حيث أن كل عمليات التتصدير موثقة بشكل صحيح.
في خطاب موجه للجمارك المصرية في مايو 2015، قالت HMRC أنه قد عُقد العزم "على القضاء على إنتاج السجائر المقلدة من ماركة كليوپاترا بمساعدة الشركة الشرقية، صاحب الترخيص القانوني للعلامة التجارية".
اليونان: الزعيم
على الورق، ليبرتي هي شركة إمارتية مقرها إمارة رأس الخيمة. حتى اليوم لا يعرف من يديرها، لكن عام 2016 وقدمت اللجنة البرلمانية في الجبل الأسود فكرة عندما أشارت مراراً إلى الشركة باسم "اليونانية".
من خلال الوثائق والمقابلات الرسمية مع عمال المصانع وشركاء الأعمال والتحليل التفصيلي لملفات الشركة على وسائل الإعلام الاجتماعية، أكد مراسلو بيرن/أريج الارتباط اليوناني، وهوية أولئك الذين يقفون وراء التشغيل.
بينما لا يوفر سجل الأعمال بإمارة رأس الخيمة معلومات عن ملكية الشركة، من خلال طلب حرية المعلومة حصلت بيرن/أريج على وثائق مقدمة لسجل الأعمال في الجبل الأسود من أجل افتتاح فرع لشركة ليبرتي.
مالك الشركة هو قسطنطينوس فيروگنيس، يوناني من أثينا الذي، تبعاً لملفه على فيسيبوك، يعيش حالياً في بلدة براسوڤ الرومانية.
حسب سجلات الشركة، يمتلك فيروگنيس حصة صغيرة في إكسپلوسال، مصنع سجائر يقع في منطقة التجارة الحرة القبرصية والذي ينتج بصفة مشروعة علامة راكل، منتج شائع في السوق السواء الأوروپية. وتحاربه مارلبورو حالياً في بلدان الاتحاد الأوروپي بزعم استخدامه التصميم الخاص بها.
على الرغم من كونها مسجلة رسمياً في رأس الخيمة، يظهر عنوان شركة ليبرتي في إحدى القوائم على الإنترنت في رومانيا: Str.Valea Parcului 42B, 077135 IIfov.
هناك شركة تبغ أخرى مرتبطة بفيروگنيس تقع في نفس العنوان، شركة إيطاليا لإنتاج التبغ.
حسب سجلات الشركة الرمانية، فإن فيروگنيس كان مدير الشركة ما بين مايو وديسمبر 2009. ارتبطت شركة إيطاليا لإنتاج التبغ بقضية ليبرتي 2011 التي تضمنت مسئول ضرائب روماني ومحامي، على الرغم من أنه لم يثبت أن الشركة ارتكبت جريمة ولم يتهم فيروگنيس بارتكاب أي جريمة.
في الثمانينيات، كان فيروگنيس يدرس في مدينة تيميسوارا الرومانية. وكذلك كان يفعل الروماني يوانس زيناس.
أسس فيروگنيس وزيناس شركة مشتركة تعمل في مجال المقاهي/المطاعم وقطاعات أخرى في السوق اليوناني عبر شركتين- C&C وسينامون للاتصالات. لكن النشاط الرئيسي لزيناس هو إنتاج التبغ، وحسب تاريخه، منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي ولقاءات مع مصادر متعددة والتي قالت أن زيناس هو الرئيس الغير رسمي لشركة ليبرتي.
عندما يحتاج للتوقيع على مستند ما، فإنه "يتجنب ذلك حرفياً، ولا يريد توقيع أي شيء". وحسب مسئول في مصنع پودگوريتسا للتبغ، رفض الكشف عن هويته، قال المسؤول السابق أن زيناس "بالتأكيد" هو رئيس شركة ليبرتي.
ويصف ڤوكاسينوڤيش، المدير التنفيذي السابق للمصنع، زيناس على أنه "الوسيط في العملية كلها" ما بين شركة ليبرتي ومصنع پودگوريتسا.
ومن المثير للاهتمام، أنه في ديسمبر 2017، نُشر نعي في صحيفة پوبيدا اليومية في الجبل الأسود لإحياء ذكرى وفاة رجل أعمال يدعى يوڤان جوڤيتش. موقع، مع وجود خطأ مطبعي محتمل باسم "زيناس لوانيس، شركة ليبرتي الإمارات العربية المتحدة".
المدير السابق للتصدير في واحدة من شركات التبغ الرئيسية في اليونان، والمالك السري السابق لشركة SEKAP، أدين زيناس في 2015 بتهريب السجائر، وبرءته محكمة يونانية أخرى، تنظر في نفس الاتهامات، لكن بقيادة قوة شرطية مختلفة.
وبصرف النظر عن القضية الجنائية، في عام 2016، غرمت SEKAP، زيناس وثلاثة أشخاص آخرين ما مجموعه 28.1 مليون يورو كعائدات ضرائب مفقودة، وفقاً لوثائق قدمتها الجمارك اليونانية إلى البرلمان.
يقال أن زيناس قد ترك SEKAP عام 2010. وفي نوفمبر 2010، وقعت ليبرتي أول عقد لها مع مصنع پودگوريتسا للتبغ.
تظهر ملفات زيناس وعائلته على وسائل التواصل الاجتماعي أنهم كانوا يقومون بزيارات متكررة للجبل الأسود. كان رئيس الجبل الأسود، ميلو جوكانوڤتش ضيفاً في إحدى مطاعم أثينا، والتي يملكها زيناس.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الفرص الجديدة
في نهاية المطاف، توقف إنتاج مصنع پودگوريتسا للتبغ من سجائر كليوپاترا والعلامات التجارية الأخرى عام 2016، عندما باعته الدولة المصنع لشركة بي إم جى للصناعات BMJ Industries، شركة مقرها الإمارات العربية المتحدة.
قد يصل هامش الربع لتجارة التبغ الغير شرعية إلى 900%، كما أظهرت إحدى الوقائع المدعومة من الاتحاد الأوروپي، مما يجعل تهريب سجائر كليوپاترا تجارة مربحة. لكن الأرباح العائدة على الجبل الأسود من إنتاج السجائر المزيفة لا زال غير واضحاً.
تبعأ لتقارير متاحة للعامة صادرة عن إحدى اللجان البرلمانية الخاصة بخصخصة مصنع پودگوريتسا 2016، فإن المصنع كان يعمل بخسارة 70.000 يورو شهرياً، مما يعني أن الدولة كانت تدعم فعلياً إنتاج شركة ليبرتي.
عضو البرلمان المعارض ألكسندر داميانوڤيتش، كما أظهرت التقارير، أخبر اللجنة أن مصنع پودگوريتسا قد أخبره بأن إنتاج 3.000 طن سجائر، حسب العقد المبرم مع ليبرتي، سيحقق ربحاً قيمته 1.8 مليون يورو، مما يعني إمكانية دفع رواتب العمال.
على الرغم من من أن المصنع قد تجاوز أهدافه، فحسب داميانوڤيتش، فإنه كان يخسر على الورق فقط ولم يسدد رواتب عماله.
خصخصة مصنع پودگوريتسا للتبغ وضع نهاية لعملية ليبرتي المربحة في پودگوريتسا، لكنها لم تنهي عملية كليوپاترا.
في مارس 2016، قدمت الشركة طلباً لتسجيل العلامة التجارية كليوپاترا في كوسوڤا.
نُشرت صور لزيناس واثنين من العمال السابقين في مصنع پودگوريتسا في مقهى ببلدة گيلان/گنيلانه شرق كوسوڤو بواسطة واحداً من العمال على ملفته على فيسبوك في أبريل 2016. في نفس الوقت تقريباً، حمل العاملين صوراً لأنفسهم في مصنع سجائر في البلدة.
وصرح گازمند أبراشي، المستشار السياسي لرئيس الوزراء الكوسوڤي راموش هاراديناي، ورئيس المجموعة الحصرية، الذي يمتلك مصنع گيلان/گنيلانه أن الزيارة لم تسفر عن شيء سوى أنه كان يأمل تطوير علاماته التجارية. وأضاف: "سمعنا أن شركة ليبرتي تحاول تسجيل علامة كليوپاترا في كوسوڤ، لكني لا أعرف ما إذا كانت ماضية في ذلك". "أتذكر أنني التقيت هذين الشخصين قبل ثلاثة أعوام لكن لا اذكر أسمائهم".
في يونيو 2017، افتتح شركة ليبرتي فرعاً لها في منطقة الجبل الأسود الحرة في ميناء بار. وكان سلاڤوليوب ڤوكاسينوڤيتش، المدير التنفيذي السابق لمصنع پودگوريتسا مديراً لها.
صرح ڤوكاسينوڤيتش لبيرن/أريج أن شركة ليبرتي استثمرت "حوالي مليون يورو" في آلات صناعة التبغ وتجديد مستودع في المنطقة الحرة في الميناء، لكن هذه الخطة لا تزال معلقة حتى تحصل ليبرتي على تصريح". وهناك تقراير حول تصنيع سجائر كليوپاترا المقلدة في ألبانيا أيضاً.
ألبانيا
داخل مكتب إدارة التحليل والاستهداف بالإدارة المركزية لمكافحة التهرب الجمركي، وعلى مدار عامين، كان مسؤولو الجمارك المصرية يتلقّون خطاباتٍ رسمية من الجمارك البريطانية بوجود عمليات إنتاج لسجائر كليوپاترا في ألبانيا، داخل مصنع "ألبانيا تاباك ALBANIA TABAK" والتنبيه المستمر بضرورة مساعدة الشركة الشرقية للدخان إيسترن كومباني -صاحبة العلامة التجارية- على وقف عمليات الإنتاج بشكل كامل.[5]
في مايو 2015، أوقفت السلطات الألبانية إنتاج المصنع مؤقتًا لمدة عام وفتح تحقيق جنائي بخصوص عمليات الإنتاج وطلبت معلومات بخصوص سجلات تأسيس الشركات المشاركة في الإنتاج من السلطات في الجزر العذراء البريطانية، وكذلك طلبت من السلطات المصرية معلومات حول سجلات تأسيس الشركة الشرقية إيسترن كومباني ومستندات ملكيتها لعلامة كليوپاترا وإذا كانت الشركة سجلت العلامة في ألبانيا أم لا، كما أرسلت للشركة الشرقية صور لعلب سجائر كليوپاترا التي تم ضبطها في المصنع وطلبت صور لشكل علب سجائر كليوپاترا التي تنتجها الشركة لمقارنتهما معًا.
في تواصلنا مع السلطات الألبانية لمعرفة نتائج التحقيقات، قالت المدعي العام "أرماندا خافييري" أن التحقيقات أغلقت عام 2016، إلا أنها أعيد فتحها مرة أخرى عام 2017، بعدما تلقت وزارة العدل في ألبانيا ردود ومستندات من جزر العذراء البريطانية، لكن التحقيقات لم تنتهي لأنه حتى اليوم لم يصل رد من الجانب المصري.
حصلنا على سجلات تأسيس شركة "مجموعة إيكوس القابضة - Eques Holding Group S.A"" من السلطات الألبانية، لنكتشف أنها تأسست في سبتمبر 2012 بالجزر العذراء البريطانية، ويمتلكها السيد فارس رشيد محمد الرفاعي نجل السياسي والدبلوماسي العراقي الراحل رشيد محمد الرفاعي الذي عمل سابقًا وزيرًا لوزارات النفط والتخطيط والاتصالات والنقل وأخيرًا وزارة الأشغال والإسكان، بين أعوام 1968 و1976، ويعيش نجله فارس الرفاعي الآن في دولة الإمارات العربية المتحدة.
وحصلنا أيضًا على وثائق توضِّح أن شركة "ورلد وايد سپريتس ساپلاي- Worldwide Spirits Supply Inc" المسجلة في جزر العذراء البريطانية، بصفتها صاحبة العلامة التجارية "كليوپاترا" وقَّعت في أغسطس 2013 عقدًا لمدة 5 سنوات قابل للتجديد، مع شركة "مجموعة إيكوس القابضة" بصفتها المستفيد، يتيح لشركة "إيكوس" حق استخدام علامة "كليوپاترا" في التصنيع والتوزيع والتصدير، بالإضافة لحق منح العلامة التجارية لأي جهة أخرى، وهو التصريح الذي استخدمته شركة "إيكوس" بعد ذلك لإضفاء الصفة القانونية على تعاقدها مع مصنع "ألبانيا تاباك" لتصنيع سجائر "كليوپاترا" وتصديرها، إذ قدَّمت نُسخًا من العقد والتصريح، بالإضافة لشهادات تسجيل علامة "كليوپاترا" كملكية خاصة لشركة "ورلد وايد سپريتس ساپلاي" داخل دول الاتحاد الأوروپي.
وتكشف الوثائق أن شركة "ورلد وايد" حصلت على هذه العلامة عبر تسجيلها في مالطا، باعتبارها ملكية لها منذ يونيو 2013، أي قبل أشهر قليلة من توقيع العقد لصالح "إيكوس".
وفي عام 2014، وقَّعت شركة "إيكوس" عقدًا مع مصنع "البانيا تاباك" لإنتاج 3500 طن من سجائر كليوپاترا سنويًا (300 مليون سيجارة كليوپاترا شهريًا) بقيمة 15 مليون يورو، في حين أن القيمة السوقية للإنتاج بأسعار السوق المصري تُقدّر بـ151 مليون يورو سنويًا.
ووفقًا لتقديرات مسؤولي الجمارك المصرية فإن حجم الأموال الضائعة على الخزانة المصرية تصل إلى 2.2 مليار جنيه سنويًا، أي نحو 125 مليون دولار أمريكي رسومًا وضرائب، إذا كانت قد أنتجت هذه الشحنات داخل مصر.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل ظهرتْ أيضًا شركة أخرى مُسجّلة في جزر العذراء تحت اسم "إيسترن كومباني" وهو نفس اسم الشركة المصرية، وعبر خطاب رسمي منحت شركة "إيكوس" في يناير 2015 حق استخدام اسم الشركة "إيسترن كومباني" على جميع منتجاتها وفي تعاملاتها كافة، بالشكل الذي تختاره، بما في ذلك البريد الإلكتروني والمراسلات والفاكس، طوال فترة صلاحية هذا الخطاب حتى عام 2020 أو أي إشعار آخر.
بعدها بعام تقريبًا، وفي فبراير 2016، كان أول تحرّك رسمي للشركة الشرقية للدخان المصرية، إذ تقدَّمت بطلب أمام مكتب الملكية الفكرية التابع للاتحاد الأوروبي، ضد شركة "ورلد وايد سبريتس سابلاي" لإثبات ملكيتها للعلامة التجارية "كليوپاترا"، وشطب تسجيل تلك الشركة للعلامة في الاتحاد الأوروبي التي تُستغّل في إنتاج سجائر كليوپاترا وتصديرها في ألبانيا.
لكن في مارس 2018، بعد عدّة مراسلات وجلسات بين الممثلين القانونيين للشركتين ومطالبتهم بتقديم جميع ما يثبت ملكيتهم للعلامة التجارية سجائر "كليوپاترا"، خاصة الجزء المتعلق بإثبات استخدام العلامة المتنازع عليها داخل البلد الذي تم التسجيل به لمد خمس سنوات سابقة على تاريخ تقديم الدعوى ضد الخصم، اتخذت اللجنة المُشكّلة من مكتب الاتحاد الأوروبي قرارًا برفض طلب الشركة المصرية ومطالبتها بدفع 450 يورو رسومًا وأتعابًا.
جاء في أسباب القرار الصادر من مكتب الملكية الفكرية التابع للاتحاد الأوروبي، أن الشركة المصرية لم تقدِّم ما يثبت ملكيتها واستخدامها للعلامة التجارية لسجائر كليوپاترا، إذ أرسل المكتب للشركة الشرقية طلبًا في مايو 2017، بضرورة تقديم جميع الأدلة خلال مهلة زمنية تنتهي في أغسطس 2017، ولكن الشركة الشرقية طلبت تمديد المهلة الزمنية إلى نوفمبر 2017، ووافق المكتب، ومع ذلك لم تتقدم الشركة الشرقية للدخان بالملف إلا في آخر يوم من المهلة الزمنية التي طلبتها، ولم يكن ما قدمته في الملف كافيًا، بحسب القرار.
أصبحت شركة "ورلد وايد سبريتس سابلاي" بعد هذا القرار تملك صلاحية إنتاج سجائر كليوپاترا وتوزيعها وتصديرها داخل الاتحاد الأوروبي رسميًا، حاولنا الحصول على رد من "فارس الرفاعي" أو ممثل شركة "إيكوس هولدينج جروب"، وكذلك شركة "ورلد وايد سبريتس سابلاي" لكن لم يستجب لنا أي منهم.
وفي ردها علينا، قالت المديرية العامة للجمارك الألبانية، أنها تعلم بالتحقيقات حول عمليات الإنتاج وانتهاك حقوق الملكية في مصنع ألبانيا تاباك، وتنتظر نتائج التحقيقات، لكن طبقا لقواعد البيانات وما لدينا من معلومات فإن شركة "ورلد وايد سبريتس سابلاي" بصفتها حامل الحقوق الخاصة بعلامة "كليوپاترا" المسجلة محليًا في جمهورية ألبانيا، بتفويض شركة "إيكوس هولدينج جروب" لإنتاج وتصدير سجائر "كليوپاترا" عن طريق التعاقد مع مصنع "ألبانيا تاباك"، لذا فنحن ملتزمون بالسماح للمصنع بتصدير تلك السجائر.
تشير الوثائق أيضًا إلى أن الشركة التي تتولى عمليات شحن السجائر من مصنع ألبانيا تاباك، هي "يوجوري" التي تملكها زوجة عمدة مدينة "إلباسان - Elbasan" الموجود بها المصنع، وفي لقائنا مع "سيرف داوتي" مدير المصنع، قال إن شركة "إيكوس" طلبت منهم زيادة حجم إنتاج كليوپاترا، موضحًا أن المصنع يقوم بعمليات تعبئة السجائر وتغليفها وتجهيزها للتصدير طبقًا للعقد، وأن شركة "إيكوس" المسؤولة عن إحضار التبغ وجميع مواد التعبئة، مؤكدًا أن كل العمليات داخل المصنع تتم بشكل قانوني إذ إن إيكوس لديها رخصة إنتاج سجائر كليوپاترا بالإضافة لتسجيل العلامة لصالحهم في ألبانيا.
عبر قواعد بيانات Panjiva المتخصصة في حركة الصادرات والواردات التجارية، توصلنا إلى أنه في الفترة من 2016 وحتى يونيو 2018 أُرسل ما يزيد على 24 شحنة إلى مصنع ألبانيا تاباك، من شركة "بوميدالا" الهندية للتبغ، التي سبق أن ذكرنا أنها الشركة المورِّدة للتبغ للشركة الشرقية للدخان المصرية.
من جانبها، تجاهلت الشركة الشرقية الرد على أية أسئلة متعلقة بما يحدث في ألبانيا، على الرغم من محاولتنا المتكررة للتواصل عبر خطاب رسمي مع الشركة منذ نوفمبر 2017، ولكن كان الرد بتأجيل موعد المقابلة لضيق وقت الإدارة، وفي بداية نوفمبر 2018، ومع تغيير مجلس إدارة الشركة، أرسلنا الأسئلة التفصيلية للشركة عبر البريد المسجل، لترد الشركة علي بعض الأسئلة وتجاهلت الكثير منها، لنرسل بعدها خطاب ثاني لهم بما تبقى من أسئلة مع مهلة للرد عليها حتى يوم 27 نوفمبر 2018، لكن تم تجاهله أيضًا.
لكن لم تكن ألبانيا الدولة الوحيدة التي تُنتج شركة "إيكوس" سجائر كليوپاترا فيها، فخلال رحلة البحث عثرنا على وثائق تثبت استخدام نفس الشركة مصنع "فيناتابا – Vinataba" في ڤيتنام.
ڤيتنام
شركة ڤيناتابا - Vinataba" بڤيتنام، منذ عام 2012 تصنع سجائر تُقلد منتجاتنا من صنف كليوپاترا، تصدّرها إلى ليبيا ثم يعاد تهريبها وبيعها داخل السوق المصري".
هكذا ردّت الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني" في أبريل من 2015 على استفسار من مصلحة الجمارك المصرية بخصوص الإجراءات التي اتخذتها الشركة حيال مواقع إنتاج سجائر كليوپاترا وتقليدها في الخارج.
بدأنا عملية البحث من خلال قواعد بيانات مكتب تسجيل حقوق الملكية والعلامات التجارية في ڤيتنام، لنحصل على وثيقة تفيد محاولة مجموعة إيكوس القابضة المسجّلة في الجزر العذراء البريطانية، تسجيل علامة "كليوپاترا" كملكية خاصة بها في سبتمبر عام 2012، وهي نفس الشركة التي تدير عمليات إنتاج سجائر كليوپاترا وتهريبها في ألبانيا، والشركة مسجَّلة باسم رجل الأعمال العراقي "فارس الرفاعي".
رُفض طلب شركة "إيكوس" بسبب تسجيل مُسبق لعلامة كليوپاترا باسم الشركة الشرقية للدخان المصرية، واستخدام العلامة في فيتنام آخر ٥ سنوات، لتقيم "إيكوس" دعوى في أغسطس 2013، أمام المكتب القومي للملكية الفكرية بفيتنام، لإسقاط تسجيل الشركة الشرقية للدخان لعلامة كليوپاترا، وطلب تسجيلها باسمها.
دعمت الخطوة السابقة شركة "ورلد وايد سبريتس سابلاي" بصفتها مالك علامة كليوپاترا التي سجَّلتها في الاتحاد الأوروبي في يونيو 2013، وراسلت مكتب الملكية الفكرية التابع للاتحاد الأوروبي، في سبتمبر 2013 أنهم بصدد إنتاج سجائر كليوپاترا في فيتنام، وأن السلطات الفيتنامية تريد وثيقة رسمية من المكتب تؤكد أن الشركة هي المالك لعلامة كليوپاترا.
إلا أن رد الشركة الشرقية "إيسترن كومباني" جاء هذه المرة سريعًا عكس سابق خطواتها، بعدها بشهر، فقط تعاقدت مع مكتب المحاماة "داي تان" الفيتنامي لإثبات ملكيتها لعلامة كليوپاترا في فيتنام.
في لقائنا مع أحد محامي المكتب قال إن الشركة الشرقية للدخان قدمت أوراقًا تثبت تسجيلها للعلامة التجارية كليوپاترا في فيتنام منذ عام 2000، بالإضافة لما يثبت استخدامها سجائر كليوپاترا في فيتنام قبل 2013، لذلك نجحوا في يونيو 2014، في الحصول على قرار برفض دعوى شركة "إيكوس" لتسجيل علامة كليوپاترا في فيتنام، والإبقاء على ملكية الشركة الشرقية للدخان لها.
كما أكَّد المحامي إن صدور القرار لا يعني بالضرورة وقف الإنتاج، موضحًا "استمرار شركة "إيكوس" ومصنع "فيناتابا" في عمليات إنتاج كليوپاترا، يعطي الشركة الشرقية للدخان الحق في رفع دعوى أمام المحاكم الفيتنامية لغلق المصنع والمطالبة بتعويض”.
تشير الوثائق التي أرسلتها الشركة الشرقية "إيسترن كومباني" في ردّها علينا، إلى أنها أرسلت شكوى في خطابين إلى سفير مصر بفيتنام، أكتوبر 2012 ويونيو 2014، ليخاطب السلطات الفيتنامية لوقف الإنتاج، وجاء رد السفير في يونيو 2014، أنّه خاطب وزارة الصناعة والتجارة الفيتنامية التي ردّت عليه وأكدت أنهم سيتحققون من الأمر.
لكنّ في عدد مجلة "كليوپاترا" السنوي الصادر عن الشركة الشرقية في أكتوبر 2017، ذكرت أن الجمارك المصرية نجحت في أكتوبر 2016 في إعدام شحنة سجائر كليوپاترا قادمة من فيتنام تقدر قيمتها ب 30 مليون جنية وهو ما يؤكد أن الإنتاج ما زال مستمرًا هناك. حاولنا التواصل مع مسؤولي مصنع "ڤيناتابا" للتعقيب، ومع السلطات الفيتنامية لمعرفة هل توقف الإنتاج أم لا يزال مستمرًا، لكننا لم نحصل على رد.
لكن خطابات أخرى للشركة الشرقية للدخان المصرية كانت تشير إلى أن رجل الأعمال الأردني "عوني مطيع عيسى" هو مَن يقف وراء شبكات الإنتاج والتهريب في فيتنام وأماكن أخرى.
الأردن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ليبيا
انظر أيضاً
مرئيات
حادث تهريب سجائر عبر الحدود المصرية، يونيو 2017. |
المصادر
- ^ "مفاجأة.. سجائر كليوپاترا «صنعت خارج مصر»". أخبار مصر. 2018-12-12. Retrieved 2018-12-16.
- ^ "Copying Cleopatra: The Cigarette 'Made in Egypt', via Montenegro". بلقان إنسايت. 2018-12-11. Retrieved 2018-12-16.
- ^ كليوباترا... صُنِعَتْ خارج مصر، أريج
- ^ Radomir Ralev (2017-04-14). "UAE-based BMJ to complete building cigarette factory in Montenegro in 2 months - See more at: https://seenews.com/news/uae-based-bmj-to-complete-building-cigarette-factory-in-montenegro-in-2-months-565144#sthash.s1ksQDyk.dpuf". seenews.com.
{{cite web}}
: External link in
(help)|title=
- ^ Lindita Cela، أحمد الشامي، Yen Duong, Visar Prebreza، نعيمة شوقي، لورنس مرزوق (2018-12-20). "Albania's 'Made in Egypt' Cigarettes Flood North Africa". BIRN.