عبد الله خليل
عبد الله خليل | |
---|---|
عبد الله خليل
| |
الميلاد | 1892 أم درمان، السودان |
الوفاة | 1971 |
التعليم | خريج كلية غردون |
المهنة | رئيس وزراء السودان |
اللقب | عبد الله خليل |
الجنسية | سوداني |
عبد الله خليل (و. 1892م - ت. 1971) رئيس وزراء السودان، ولد بأم درمان، كان من أعضاء جمعية اللواء الأبيض، منفذة ثورة 1924 التي كان المثقفون (الأفندية) في طليعتها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السيرة
تخرج عبد الله خليل من كلية غردون بالخرطوم، قسم المهندسين وألحق بالمدرسة الحربية. خدم في الجيش المصري 14 سنة متصلة بدأت عام 1960. واشترك مع الجيش البريطاني عام 1915 في أثناء الحرب العالمية الأولى.
وانضم إلى قوات الدفاع السودانية – الجيش – عام 1925 وكان أول سوداني يحصل على رتبة الأميرالاي – عميد.
ساهم في إنشاء حزب الأمة عام 1945 واختير سكرتيراً لهذا الحزب. عندما عرض محمود فهمي النقراشي رئيس وزراء مصر قضية مصر والسودان ووحدة وادي النيل مطالباً بخروج الإنجليز أسس عبد الله خليل وفداّ سودانياً سافر إلى نيويورك مؤيداً استقلال السودان!
وفي عام 48 أصبح رئيساً للجمعية التشريعية ووزيراً للزراعة.
وانتخب عضواً في مجلس النواب عن درافور عام 1953.
وفي حكومة إسماعيل الأزهري الائتلافية التي شكلت في فبراير عام 1956 عين وزيراً للدفاع والأشغال العامة.
ويقول تقرير بريطاني إنه شجع الأزهري على التحول من تأييد الوحدة مع مصر إلى طلب الإستقلال. وكان له دور رئيسي في المفاوضات بين أحزاب السودان عام 1955 نحو تقرير المصير.
بعد سقوط وزارة الأزهري في يوليو 56 تولى رئاسة الوزارة لأول مرة. وفي الإنتخابات الأخيرة التي جرت عام 58 انتخب عضو لمجلس النواب. عن دائرة "كوستي" وأعيد انتخابه رئيساً للوزارة كما تولى وزارة الدفاع. وقد حصل على 103 أصوات من 172 صوتاً في المجلس مما يدل على أن للوزراة أغلبية البرلمان.
ويرى الإنجليز انه يتميز بالشجاعة أكثر من أي سياسي سوداني وأنه كان يحكم البلاد بيد حازمة في أثناء حرب السويس، وهو أكثر زعماء حزب الأمة يتمتع بالإحترام.
يتكلم الإنجليزية ويميل تماماً إلى الإنجليز كما يقول تقرير للسفارة البريطانية في الخرطوم.
بعد فشل الثورة والموقف المتخاذل الذي وقفته الأورطة المصرية والحكومة المصرية منها تحول عبد الله خليل للفكرة الاستقلالية. وكان من أبرز المؤسسين لـ حزب الأمة كحزب يقود الشعار الاستقلالي وقد انتخب عبد الله خليل كأول سكرتير عام للحزب.
كان رئيسا للوزراء في أول حكومة بعد الاستقلال وقد سلم السلطة لقيادة القوات المسلحة ممثلة في الفريق عبود في 17 نوفمبر 1958م وذلك وفق رؤية معينة نكصت عنها قيادة الجيش وبطشت به وبحزب الأمة على وجه الخصوص وبكل القوى السياسية السودانية عموما. توفي عام 1971م.
تشكيل الوزارة
شكل عبد الله خليل الوزارة ضمت – بالإضافة إلى حزب الأمة – وزراء من حزب الشعب الديمقراطي الذي يرأسه علي عبد الرحيم الأمين رئيس الحزب ووزير التجارة.
وفي المعارضة يوجد الحزب الوطني الإتحادي الذي يرأسه إسماعيل الأزهري زعيم الحزب.
ويرأس مجلس النواب القاضي السابق محمد صالح الشنقيطي، الذي يرأس أول جمعية تشريعية للسودان عام 1948، وهو ينتمي إلى حزب الأمة.
الأزمات الإقتصادية تواجه الوزارة
في الشهور الأخيرة تتابعت الأزمات الإقتصادية.
الإقتصاد السوداني يعتمد على محصول واحد وهو القطن.
والمصحول – في المتوسط – حوالي 400 ألف بالة.
وجزء كبير من المحصول لم يصدر، لأن الأسعار التي تحددها الحكومة تزيد على أسعار السوق العالمي.
والمحصول الجديد كبير كما تؤكد كل المصادر.
وعلى هذا الأساس سيتراكم مخزون يصل إلى ربع مليون بالة ثمنها حوالي 15 مليون جنيه استرليني.
أصبح العجز في الميزان التجاري 12 مليون جنيه استرليني، وأدى ذلك إلى انخفاض احتياطي العملة الأجنبية، ففرض نظام صارم لأذون الإستيراد، لأن احتياطي العملة الصعبة ينفد بسرعة.
واللوم – كما يقول السفير البريطاني – يقع على عبد الله خليل رئيس الوزراء!
وفي الوقت نفسه تقرر موسكو إفاد بعثة تجارية إلى الخرطوم لشراء القطن السوداني بينما باع السودان قطناً بمليون جنيه استرليني ونصف المليون للمجر كما بدأ رئيس الوزراء الإتصالات بدول شيوعية أخرى لهذا الغرض.
أخذ السفير البريطاني بعد ظهور نتائج الإنتخابات – يلح على عبد الله خليل وزعماء حزب الأمة أن يتفاضوا مع الحزب الوطني الإتحادي الذي يرأسه الأزهري لتشكيل حكومة أوسع تكون لها سمة قويمة.
وافق عبد الله خليل من حيث المبدأ، ولكنه لم يفعل شيئاً على الإطلق. حزب الأمة لا يثق بالحزب الوطني الإتحادي، وعبد الله خليل لا يثق بالأزهري. ولهذا السبب لم يتوقع أحد قيام تحالف بين الحزبين الكبيرين، على الرغم من أن المفاضوات بينهما ظلت مستمرة.
قال محمد أحمد محجوب وزير خارجية السودان، ورئيس وزرائها فيما بعد كتابة "الديمقراطية في الميزان".
"كانت العقبة الرئيسية في قيام وزراة ائتلافية بين الحزبين منصب رئيس الورزاء.
أراد عبد الله خليل الإستمرار في رئاسة الوزراة بينما أصر إسماعيل الأزهري على العودة إلى رئاسة الوزراة مرة أخرى. وقد نجحت أخيراً في إقناع الأزهري بأن يتولى رئاسة مجلس النواب وهو منصب أعلى – في البروتوكول، من رئاسة الوزراة. وإن كان بلا سلطة تنفيذية". ولكن هذا الإتفاق لم ينفذ.
وكان عبد الرحمن المهدي يطمع في رئاسة الحمهورية السودانية. وكان يامل أن يخلفه في الرئاسة ابنه صديق المهدي. وفي رأي السفير أن صديق المهدي وعبد الله خليل يتجاوزان البلاهة . .بالكاد!
طلب السيد الميرغني أن يكون نائباً لرئيس الجهورية ولكن المهدي رفض. ولهذا السبب لم تستطع لجنة إعداد الدستور للسودان أن تجتمع، ولم يعد مشروع للدستور.
قال السفير: -ينبغي للمرء تحميل المسئولية إلى حد كبير للسيد عبد الرحمن نفسه وكذلك سياسة حزب الأمة برئاسة السيد صديق. وقد أوغرت خلافاته مع عبد الله خليل صدر رئيس الوزراء.
زار عبد الله خليل رئيس الورزاء لندن واجتمع بها رولد ماكميلان رئيس الوزراء.
أثار ماكميلان مع رئيس الوزراء الموقف السياسي في السودان.
قال عبد الله خليل: -أريد التخلص من علي عبد الرحمن ووزراء حزبه الشعب الديمقراطي – ولكن ذلك سيؤدي إلأى أضعاف الحكومة إلا إذا وجدت بديلاً آخر وهو الائتلاف مع الحزب الوطني الإتحادي.
وأضاف: -قدمت الحكومة إلى البرلمان مشروع قانون بقبول المعونة الأمريكية ولكن حزب الشعب الديمقراطي الذي يميل إلى مصر اضطرنا إلى عدم الإصرار على عرض المشروع على المجلس وبذلك ضاع علينا 2.5 مليون دولار من المهونة الأمريكية بسبب انتهاء السنة المالية الأمريكية. ولكننا وافقنا أخيراً على قبول هذه المعونة ولكن بشروط وقيود. كما عرض علينا الإتحاد السوڤيتي معونة قد نضطر لقبولها سبب ضغوط من حزب الشعب.
وقال عبد الله خليل: -وضع مشروع الدستور السوداني ولكن الجنوب يرفضه لأنه يريد اتحاداً مع الشمال بدلاص من الوحدة الحالية.
شجع ماكميلان رئيس الوزراء السوداني على الائتلاف مع الحزب الإتحادي وكذلك مع الجناح الذي يعارض مصر في حزب الشعب.
وأيد هذا الإتجاه وزير الخارجية البريطاني في لقائه مع عبد الله خليل. ونوقشت مسألة إعانة مايلة بريطانية للسودان، ومعونة عسكرية وتدريب للطيارين السودانيين وشراء محصول القطن السوداني.
ووجهة نظر الإنجليز أن السودان مثل ليبيا يعتبر منطقة عازلة ضد زيادة النفوذ المصري في إفريقيا يعتبر نقطة مهمة في الطريق الجوي بين لندن وعدن والخليج.
وأثار عبد الله خليل مسألة اتفاقية مياة النيل بين مصر والسودان والموقعة عام 1929.
وكانت مصر في طريقها لإقامة السد العالي وهناك خلافات كثيرة مع السودان حول اتفاقية مياه النيل.
والإتفاقية تنص على أن يحصل السودان على 4 مليارات من المياه ومصر على 48 ملياراً. وتوجد الآن 84 ملياراً. والسودان يريد توزيع هذه المياه بنسبة الثلثين للسودان ومصر الثلث!
سافر وزير الخارجية السوداني محمد أحمد محجوب إلى نيويورك لحضور اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة وفشل في الحصول على الأصوات التي ترشحه لرئاسة الجمعسة.
وفي طريق عودته. مر بلندن، واجتمع برئيس الوزراء هارولد ماكميلان يوم 2 سبتمبر، ووزير الدولة للشئون الخارحية السير نوبل.
طلب الوزير السماح للطائرات البريطانية بالعبور فوق أجواء السودان. وفي المقابل طلب محجوب مساعدات اقتصادية لشراء أسلحة القوات السودانية. وكان نائب رئيس الأركان السوداني في لندن ومعه قائمة طويلة بالأسلحة المطلوبة.
وتوافق الحكومة السودانية يوم 8 سبتمبر على السماح للطائرات البريطانية بالعبور فوق السودان.
وأثار محجوب مع رئيس الوزراء ووزير الدولة اتفاقية مياه النيل. قال: -السودان ليس ملزماً بهذه الإتفاقية فلم يكن مستقلاً ولم يوقع عليها، بل وقعت عليها بريكانيا نيابة عن السودان.
وطلب محجوب مساعدة وزارة الخارجية البريطانية في مد السودان بالمستندات والوثائق اللازمة. وهو نفس ما طالب به عبد الله خليل. بحثت وزارة الخارجية البريطانية المشكلة من الناحية القانونية ووجدت أن الإتفاقية ملزمة للسودان وإن لم تبلغ الوزارة محجوب بذلك. ومن ذلك يتضح أن هناك أزمة قائمة بين السودان ومصر حول مياه النيل بالإضافة إلى مشكلة حلايب التي ثارت بين البلدين في فبراير الماضي. وقال تقرير لمجلس الأمن القومي الأمريكي إن هف السياسة الأمريكية إبعاد السودان عن الهيمنة المصرية، وعن مصر، وتوثيق علاقاته بأثيوبيا وتشجعيها على سماعدة السودان اقتصادياً وأمنياً ودراسة تقديم مساعدة عسكرية أمريكية للسودان لتدعيم زعماء السودان المؤيدين للغرب.
وتقرر الحكومة البريطانية يوم 16 أكتوبر منح السودان قرضاً قدره خمسة نلايين جنيه استرليني من بنك باركليز البريطاني. وكانت الحكومة البريطانية تشك في أنها ستسترد الملايين الخمسة . . ولكنها طلبت إلى عبد الله خليل إعلان القرض لتدعيم مركزه.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية أنه ما دام عبد الله خليل وحزب الأمة في الحكم فإن السودان سيقف بحزم ضد المصريين والشيوعيين، أما إذا سقط هبد الله خليل فإن مستقبل السودان سيكون غير مؤكد.
وقالت السفارة البريطانية في الخرطوم إن الحيلولة دون وقوع ازمة اقتصادية سيمنع أي تدهور سياسي.
وعندما لتقى جون فوستر دالاس وزير الخارجية الأمريكية بالسير هارولد كاشيا السفير البريطانية في اجتماع حلف الأطلنطي قال دالاس: -نحن نريد الضغط على جمال عبد الناصر عن طريق مياه النيل والسودان.
وضعت وزارة الخارجية البريطانية تقييماً لأفكار دالاس انتهى إلى أن هذا الإقتراح، أي الضغط على جمال عبد الناصر، عن طريق مياه النيل ليس عملياً.
ويزور فاضل الجمالي رئيس وزارء العراق الخرطوم لمحاولة جذبه بعيداً عن مصر. ولكن يقع انقلاب في بغداد فيقتل الملك فيصل الثاني ويتولى عبد الكريم قاسم الحكم فيبعث السفير البريطاني في بغداد السير مايكل رايت تقريراً إلى حكومته يقول فيه: "على الرغم من أن الحكومة العراقية الجديدة تصرح بأنها تريد الوحدة العربية وتريد التعاون مع الجمهورية العربية المتحدة – مصر وسوريا – إلا أن سياستها الحقيقية المحافظة على التوازن بين الشرق والغرب، وهي في ذلك مثل السودان"!
وتدس الحكومة البريطانية هذا التقرير وتحدد سياستها بضرورة تأييد كل من تونس والمغرب والعراق والسودان لتكون كتلة ضد مصر وجمال عبد الناصر لتحقيق التوازن داخل الجامعة العربية.
وهذه السياسة تبين بوضوح محاولة أمريكا وبريطانيا والإبتعاد بالسودان عن مصر.
ومن ناحية أخرى قال تقرير لوزراة الخارجية البريطانية: "إن عبد الله خليل رئيس وزراء السودان معروف بميوله الغريبة وقيام حكومة سودانية أخرى تحافظ على استقلال السودان – بعيداً عن مصر – أفضل من عبد الله خليل لأن هذه الحكومة لن تستطيع مصر اتهامها بالإنحياز إلى الغرب"!
الإنقلاب العسكري
انتشرت إشاعات عن حجم الفساد في السودان.
أصدر مبارك زورق الوزير السابق وزعيم المعارضة في مجلس النواب وهو من قيادات الحزب الوطني الإتحادي الذي يتزعمه الأزهري بياناً قال فيه: "إن سفارة تنتمي إلى دولة غريبة كبرى، تريد الإحتفاظ بالوضع الراهن في السودان، أنفقت عشرة آلاف جنيه على عدد من النواب كرشاوي لتأييد حكومة عبد الله خليل".
شكا بعض نواب حزب الأمة من هذا الإتهام إلى مجلس النواب، وقالوا إنه لا يتفق مع التقاليد البرلمانية.
ولكن مبارك زورق لم يعبأ بهذا الإتهام وقال إنه يتحدى خصومه أن يلجأوا إلى القضاء، وهو مستعد للوقوف ضدهم في ساحة العدالة. وهاجمت صحيفة "الميدان" سفيري بريطانيا والولايات المتحدة، فشكا السفير البريطاني إلى وزارة الخارجية التي أنذرت الصحيفة بعدم مهاجمة السفارات الأجنبية.
وأخيراً وقع الزلزال . . زار إسماعيل الأزهري بغداد لتهنئة عبد الكريم قاسم حاكم العراق بثورته وفي طريق العودة لبلاده مر الأزهري بالقاهرة والتقى بجمال عبد الناصر عدة مرات وكان مع الأزهري ثلاثة من الوزراء أعضاء حزبه الإتحادي، وعقد مؤتمراً صحفياً في القاهرة هاجم فيه حكومة السودان وقال: -إذا أردنا إنقاذ السودان من الخراب فإن عبد الله خليل يجب أن يستقيل. واجتمع الأزهري بصلاح سالم الذي كان قد استقال من وزارة السودان وابتعد عن الإضواء.
وصلاح سالم هو أول وزير مصري سافر إلى جنوب السودان ورقص فيه حتى أطلق عليه العالم "الصاغ الراقص".
وأدت زيارة صلاح سالم إلى خلخلة النفوذ البريطاني في جنوب السودان وشماله أيضاً.
وقد اعترف الأزهري بعد ذلك بأن لصلاح سالم الفضل في في تحقيق استقلال السودان.
وزار علي عبد الرحمن زعيم الحزب الديمقراطي ووزير تجارة مصر في نفس الوقت، أي في أثناء وجود الأزهري في القاهرة.
ولم يستأذن علي عبد الحمن رئيس وزراء السودان في السفر بل عقد مؤتمراً صحفياً في القاهرة هاجم فيه بعنف الوزارة التي ينتمي وينتسب إليها، والتي يوجد ضمن أعضائها!
والتقى علي عبد الرحمن في القاهرة بالرئيس جمال عبد الناصر.
في مذكرات إسماعيل الأزهري التي نشرها الصحفي السوداني بشير محمد سعيد بشير قال: "بعث سفير السودان في القاهرة يوسف مصطفى التني بتقرير إلى حكومة السودان يزعم فيه أنه تم الإتفاق في القاهرة، بحضور الرئيس جمال عبد الناصر بين قيادة الحزب الوطني الإتحادي.
وقادة حزب الشعب الديمقراطي للإطاحة بالحكومة السودانية وإعلان الوحدة مع مصر".
وفي مذكرات علي عبد الرحمن الأمين والتي نشرها بعنوان "الديمقراطية والإشتراكية في السودان، قال السفير الأمريكي في القاهرة كتب إلى زميله بالخرطوم يخبره عن اجتماعات الأزهري وعلي عبد الرحمن والنتائج المتوقعة المزعومة عن الإطاحة بالحكومة فذهب السفير الأمريكي بالخرطوم إلى عبد الله خليل وأطلعه على هذه الرسالة".
. . والتقريران – كما يقول الأزهري، وعلي عبد الرحمن – كاذبان. ولكنهما جعلا عبد الله خليل يفكر في الرد واتخاذ إجراء يحول دون تنفيذ الإنقلاب الديمقراطي، عن طريق مجلس النواب!
كانت هذه الحقائق كلها أمام السفراء الخمسة عند اجتماعهم في بيت السفير البريطاني في أوائل نوفمبر.
وكان النقاش بينهم يدور حول الإنقلاب العسكري الذي يبدو في الأفق. وكانت له أسباب كثيرة أهمها: أ-انهيار النظام الحزبي والبرلماني بسبب الفساد. ب-الموقف الإقتصادي وسوء علاجه من جانب حزب الأمة. ج-استحالة قيام ائتلاف فعال بين حزب الأمة والحزب الوطني الإتحادي لعدم الثقة العميق من جانب حزب الأمة بالأزهري. د-سوء إدارة السيد عبد الرحمن المهدي لحزب الأمة وبسبب ترشيحه لرئاسة الجمهورية.
بحث الاسفراء الخمسة مستقبل الحكم في السودان باعتبار أن كلاً منهم يمارس نوعاً من النفوذ على حكومة السودان وعلى عبد الله خليل رئيس الحكومة.
قال السفير البريطاني تشايمان أندروز: "أعترف لي عبد الله خليل بأنه مشترك في مؤامرة انقلاب عسكري وبصفته وزيراً للدفاع أمر الجيش – كما يقول تقرير السفير البريطاني – بتخطيط الإستيلاء على السلطة في أثناء حرب السويس عام 1956.
وفي أثناء أزمة حلايب بين مصر والسودان في فبراير 58 تجددت خطة استيلاء الجيش على السلطة.
وتجددت مرة ثالثة هذه الخطة بعد انقلاب عبد الكريم قاسم في بغداد في يوليو.
وكلما زاد التدريب على الورق أصبح الأمر أسهل دون شك"!
قال السفير الأمريكي، طبقاً للمحضر الذي كتبه تشايمان أندروز وبعث يه إلى حكومته والمحفوظ في مركو الوثائق العامة في ضاحية "كيو" في لندن: -أريد حكومة تحت رائسة عبد الله خليل تتكون من العناصر الأكثر ولاء من جميع الأحزاب، ولست مستعداً للضغط من أجل قيام هذه الحكومة، كما أني يائس من إمكان قيامها وأرغب في أن يستمر عبد الله خليل رئيساً للوزارة بأي ثمن.
وقال السفير الفرنسي: -أريد أن يتولى الحزب الوطني الإتحادي تشكيل الوزراة، تحت رئاسة أي شخص، عدا عبد الله خليل لأنه أثبت عدم قدرته على الحكم.
وأعارض قيام انقلاب لأنه يمثل كارثة.
وقال السفير البريطاني: -نحن نريد ما يريده الأمريكيون. ولكننا على العكس منكم – أيها الأمريكيون – مستعدون لإعلان رأينا هذا بصراحة.
أما السفير البريطاني: -كنت مع عبد الله خليل في أثناء زيارته لبلادي أثيوبيا، وقد أكد له جلالة الإمبراطور هيلا سلاسي رغبته ألا تقوم ديكتاتورية عسكرية عربية بجواره.
-لم أتلق أية توجيهات من حكومتي، ولكني ممن يرون أن الإنقلاب العسكري أمر لا يمكن تحاشيه وهو أفضل المخاطر!
وهكذا أصبح واضحاً أن السفراء مختلفون فيما بينهم، ولكن موضوع الإنقلاب العسكري كان معروفاً وشائعاً ومطروحاً على بساط البحث بين السفراء الأجانب في الخرطوم! وهم يبحثون عن البدائل لحكم السودان.
بدأ السفير البريطاني ينشط ويتحرك، بعد اجتماع السفراء الخمسة. وزار نشاط – السفير – بعد عودة عبد الله خليل من أثيوبيا.
اجتمع السفير بعبد الله خليل وقال له: -أبلغني الملحق العسكري بأن الجيش مستعد للقيام بانقلاب وإني أحذرك من ذلك ويمكن منع الإنقلاب على الرغم من أن الوقت قد تأخر.
وطلب السفير من عبد الله خليل توسيع الحكومة وضم وزارء من الحزب الإتحادي.
طلب عبد الله خليل من السفير مساعدته على تشكيل حكومة ائتلافية. اجتمع السفير وتفاوض مع الحزب الوطني الإتحادي لتشكيل حكومة ائتلافية تقوم على قاعدة أوسع. وأبدى الأزهري موافقته على بحث شروط الائتلاف إذا دعاه حزب الأمة.
وفي الوقت نفسه حذر السفير عبد الله خليل من أخطار ممارسة القوة بشكل غير دستوري.
واجتمع السفير مع مبارك زورق زعيم المعارضة الذي قال: -أعتقد أنه من الممكن وقوع انقلاب. ولكن إذا حدث ذلك فستكون فيه نهاية حزب الأمة.
ويلتقي السفير البريطاني بالقاضي الشنقيطي على مائدة إفطار في بيت القاضي.
قال الشنقيطي رئيس مجلس النواب: -النظام البرلماني لا يلائم البلاد التي تشبه السودان.
وأضاف: -الديمقراطية في السودان تمارس فقط داخل البرلمان وليس خارجه. يقصد بذلك أنها "مجرد كلام"!
وأبدى الشنقيطي أسفه على انتهاء الإدارة المشتركة . . أي الإدارة المصرية – البريطانية، أو بمعنى أصح انتهاء الحكم البريطاني في السودان!
وقال: -أخشى أن يؤدي فشل محاولات الائتلاف إلى فوضى شاملة.
كتب السفير البريطاني إلى لندن: "انهار النظام البرلماني في السودان منذ اليوم الذي بدات فيه الرشاوي المصرية تنتشر بين مرشحي البرلمان والناجين. ولم يعد أي حزب يستطيع مواجهة الإنتخابات العامة بأي أمل في أن يكون له كيانه الخاص بغض النظر عن النجاح فيها مالم ينفق مبالغ سرية ضخمة.
وقد أنفق السيد عبد الرحمن المهدي 500 ألف جنيه على الإنتخابات في فبراير الماضي وقد ضاعف ذلك أنصار حزبه في البرلمان ولكن لم يضمن له أغلبية مطلقة.
وما دامت النتائج غير حاسمة، وغير مرضية نثل نتائج الإنتخابات الأخيرة فلم يعد هناك أمل في الحصول على نتائج أخرى لأنها "مكلفة للغاية"!
كان مقرراً أن تجتمع لجنة الدستور يوم 25 أكتوبر ولكن اللجنة لم تجتمع في هذا اليوم، ولم تجتمع في الأسبوع التالي لعدم توافر العدد القانوني، وكان مقرراً أن يجتمع مجلس النواب يوم 17 نوفمبر وفي اليوم السابق تقرر تأجيل الإجتماع إلى 8 ديسمبر لإعطاء رئيس الوزراء الفرصة لتكشيل حكومة ائتلافية مع الحزب الإتحادي.
وكان عبد الله خليل يخشى أن يطاح به في اجتماع مجلس النواب يوم 17 نوفمبر.
ومن هنا دبر عبد الله خليل الإنقلاب العسكري لأنه لا يوافق على الائتلاف مع الحزب الوطني الإتحادي.
ومن ناحية أخرى فإن عبد الله خليل كان يعتقد أنه سيطاح به، لأن الأزهري ينوي ذلك بعد أن تفاهم مع زعيم حوب الشعب في القاهرة، وسيعقد الأوهري اتفاقاً دفاعياً مع مصر كما أعلن ذلك بنفسه في أثناء زيارته للقاهرة.
وفي لقاء مع السفير البريطاني قال عبد الله خليل: -الخوف يتملكني من قيام حكومة سودانية موالية لمصر – وحتى إذا حصلت على ثقة مجلس النواب يوم 17 نوفمبر فقد أهزم بعد ذلك في اقتراع بالثقة حول مسألة من مسائل السياسة الخارجية التي ينقسم حولها العالم العربي.
أصر عبد اله خليل قبل سفره إلى أديس أبابا يوم 29 أكتوبر بأن يكون الجيش على استعداد للتحرك يوم 17 نوفمبر، أي اجتماع البرلمان. وفضل التراجع يوم 7 نوفمبر بعد عودته من أديس أبابا – بناء على نصيحة الإمبراطور هيلا سلاسي وغيره من الأصدقاء. ولكنه فوجئ بأنباء اجتماعات القاهرة فقرر أن يترك الأمور تأخذ مجراها.
وفي نفس الوقت كان الجيش يتوق إلى التحرك!
ولو أن عبد الله خليل حاول إبقافه لفشل وفقد ثقته – أي ثقة الجيش – وهو الأمر المهم بالنسبة إليه.
في تقرير السفير البريطاني إلى لندن قال بالحرف الواحد: "اعترف عبد الله خليل لي شخصياً، سراً قبل شهور، بأنه مشترك في المؤامرة وأعلن عن اعتقاده بأنه بدون الإنقلاب يفقد السودان استقلاله. وقد أمر – بصفته وزيراً للدفاع – الجيش بتخطيط الإستيلاء على السلطة كتدريبات وكان ذلك احتياطياً حكيماً في أثناء حرب السويس عام 56 وبعد عامين عندما بدا أن المصريين يهددون الحدود الشمالية للسودان – ازمة حلايب – تجددت خطط استيلاء الجيش على السلطة.
وتجددت مرة أخرى أيضاً خلال الإضطرابات التي تبعث الإنقلاب الذي قام به الجيش في بغداد.
في برقية تاريخها 27 نوفمبر، بعد الإنقلاب بعشرة أيام، من وزارة المستعمرات البريطانية إلى دول الكومنولق قالت الوزراة: "قام عبد الله خليل بتسهيل عملية الإنقلاب، وهو الذي لقنها للجيش. وقد عجل بالعملية عودة إسماعيل الأزهري رئيس الحزب الوطني الإتحادي من القاهرة فقد علم عبد الله خليل أن الحزب الإتحادي وحزب الشعب سيتخذان سياسة معارضة لحزب الأمة وان النواب الجنوبيين سيقفون بشدة للتصويت ضد الحكومة.
وعندما اتصل مبعوثو حزب الأمة بالجنوبيين رفضوا الموافقة على تأييد الحكومة، لأنها تعارض انفصال الجنوب.
ونتيجة لذلك وخوفاً من هزيمة في البرلمان، بالتصويت على عدم الثقة بالحكومة، فقد اتصل عبدالله خليل بنائب القائد العام للقوات المسلحة وطلب إليه المضي قدماً في تنفيذ الخطط الموضوعة قبل شهور للقيام بانقلاب واستيلاء العسكريين على الحكم.
وقد حصل الفريق عبود بعد الإنقلاب على تأييد السيد عبد الرحمن المهدي فقد وعد باستشارته وأسرته في تشكيل الحكومة الجديدة. ولما لم تتفق أسرة المهدي على ذلك، اختار القائد وزراءه.
باستثناء وزيرين عسكريين فقط، فإن كل الوزراء معادون لمصر – والوزيران العسكريان المؤيدان لمصر في الحكومة بناء على نصيحة عبد الله خليل وهو يتابع كل التطورات عن طريق رجله أحمد ع بد الوهاب وزير الداخلية.
وقد رؤي من المحكمة أن يبقى الوزيران في الرخطوم تحت الرقابة بدلاً من بقائهما مع قواتهما خارج العاصمة".
وأحمد عبد الوهاب رجل عبد الله خليل وقريبه عمره 43 سنة التحق بالكلية الحربية عام 38 وكان ألو دفعته. وقد اشترك في الحرب العالمية الثانية مع القوات البريطانية في إريتريا وشمال إفريقيا. وكان قائد القوات التي أخمدت تمرد الجنوب. وقد عين نائباً للقائد العام في أول يناير 58. وقد أوفد ثلاث مرات إلى إنجلترا للتدريب ورأس بعثة شراء السلاح من إنجلترا. ويرى الإنجليز أنه من أكفأ الضباط وأقدر المجموعة التي قامت بالإنقلاب.
وقد رافق عبد الله خليل في زيراته لأثيوبيا قبل عام.
وهو من أسرة المهدي.
وهو الذي نظم الإنقلاب فقد ذكر للملحق العسكري البريطاني يوم 4 نوفمبر أن الجيش مصمم على الحصول على هدية الأسلحة التني قدمتها بريطانيا. وألمح إلى ان الجيش، ليحقق ذلك، مستعد للاستيلاء على الحكم.
وكانت هناك معارضة لقبول هذه الهدية.
في واشنطن قالت صحيفة "نيويورك هير الدتريبيون": "هناك ما يدل على أن الديكتاتور المصري ليس سعيداً بالتطورات الأخيرة للأحداث.
تحرك الجيش في الرابعة من صباح 17 نوفمبر وهو اليوم الذي كان مقرراً لإجتماع البرلمان – على الرغم من أن المجلس أجل، في اللحظة الأخيرة، الإجتماع إلى 8 ديسمبر!
حقق الإنقلاب نجاحاً ساحقاً فلم يسبق، إلا نادراً أن صادف إنقلاب عسكري هذا النجاح بعد رصده مسبقاً بهذه الدقة.
والسبب في ذلك أن الإنقلاب كان يشمل الأركان العامة للجيش بأكملها. فهم لم يكن مؤامرة جسورة خطرة من جانب من المتهورين بل عميلة عسكرية نظامية خططتها الأركان العامة في وضح النهار.
فجميع ضباط الجيش الثلاثة عشر الكبار قائد الجيش ونائب القائد ورئيس العمليات وقائد حامية الخرطوم وقائد المدفعية وقائد فرقة المدرعات وقائد مدرسة تدريب المشاة وقائدا قطاع الخدمات وقواعد المناطق الأربعة الرئيسية في "المجلس الأعلى للقوات المسلحة".
وتولى الفريق إبراهيم عبود منصب قائد الجيش ورئاسة الوزراة وتولى كل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.
والفريق عبود في الثامنة والخمسين من العمر. درس الهندسة في كلية جوردون بالخرطوم ثم التحق بالكلية العسكرية وتخرج ضابطاُ برتبة الملازم ثان وعمره 18 سنة. التحق بالجيش المصري كضابط مهندس. وقد انضم إلى قوة الدفاع السودانية عند إنشائها عام 25.
وخدم في واحة الكفرة وطبرق والجيش الثامن في أثناء الحرب العالمية الثانية. حصل على رتبة الفريق في العام السابق للإنقلاب. وهو من الختمية. وقد عينه الأزهري قائداً للجيش السوداني في إبريل عام 1956.
قال الإنجليز إن شخصيته ليست قوية ولا يستطيع أن يتخذ قراراً!!
في اجتماع للحلف الأطلسي في باريس يوم الإنقلاب نفسه سأل هنري سباك البلجيكي – سكرتير عام الحلف السير شيشهام السفير البريطاني: -هل حقيقي أن رئيس وزراء السودان الجديد "إنجليزي أكثر من الإنجليز"؟!
قال شيشهام: -أعرف انه كان في كلية ساندهيرست العسكرية البريطانية. ولكن وصفه الجنرال جيفورد القائد البريطاني السابق للجيش السوداني قائلاً: -الفريق عبود متزوج بالأفكار البريطانية والصداقة البريطانية! وأصبح اللواء أحمد عبد الوهاب – من الأنصار أي أتباع السيد عبد الرحمن المهدي ومن رجال عبد الله خليل – نائباً للقائد العام ووزيرا الداخلية والإدارة المحلية.
وقد سبق له التدريب في إنجلترا.
وأصبح جميع ضباط الجيش الكبار – الثلاثة عشر – أعضاء في المجلس الأعلى للقوات المسلحة ولا يوجد بينهم إلى الحزب الوطني الإتحادي! وشكل مجلس للوزراء من 11 وزيراً منهم 6 عسكريين من أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة و5 مدنيين بينهم جنوبي واحد، ومنهم أيضاً وزيران من الحكومة السابقة وهما سانتيتينو دنج الجنوبي للثروة الحيوانية وزيادة أرباب وزير المعارف.
حل الإنقلاب العسكري البرلمان والأحزاب وألغي الدستور.
وأيد السيد عبد الرحمن المهدي قد قرر – من قبل – العودة إلى السودان يوم 17 نوفمبر فلما وقع الإنقلاب أرجأ عودته حتى أطمأن إلى أن الجيش لن يمسه بسوء!
قالت السيدة فاطمة كريمة المهدي لجراهام توماس الموظف البريطاني في السودان ومؤلف كتاب "السودان موت حلم": -كان أبي يعلم بالإنقلاب وقد وافق على قيامه. وأكد ذلك أيضاً السيد صديق المهدي.
ووصل إلى الخرطوم سبعة من الصحفيين البريطانيين لمتابعة أنباء الإنقلاب. في بيت صديق المهدي ردد لهم ذلك الشنقيطي رئيس مجلس النواب الذي حله الإنقلاب مؤكداً دور عبد الله خليل في الإنقلاب!
وقال عبد الله خليل لسليد بيكر مراسل صحيفة التايمس البريطانية: -لقد أعطيت الأمر بالإنقلاب قبل شهرين فلا يوجد بديل آخر للمناورات المصرية.
وقال ويكي مراسل صحيفة "نيوز كروفيكل" للسفير البريطاني: -في وزترة الخارجية البريطانية اكدوا لي في الأسبوع الماضي ان إنقلاباً عسكرياً سيحدث وان وراءه عبد الله خليل.
وكتب السفير إلى لندن: -إذا انتشرت هذه الفكرة وهي أن حزب الأمة وزراء الإنقلاب فإن الإستنتاج السريع سيكون أننا وراءه!
قال السفير الإسرائيلي في لندن لوكيل الخارجية البريطانية: -أعرف العربية وكنت طالباً أدرس مع الأزهري في بيروت، وفي رأيي أن عبد الله خليل كان في موقف يائس للتفاوض مع مصر حول مياه النيل، ومن هنا تقرر لإمكان التفاوض مع مصر، قيام حكومة أقوى.
أما إيتال مدير وزارة الخارجية الإسرائيلية فقال للسفير البريطاني في تل أبيب يوم 20 نوفمبر أي بعد 3 أيام.
-المعلومات المتوافرة لدى الحكومة الإسرائيلية أن الإنقلاب وقع بعلم رئيس الوزراء عبد الله خليل وبموافقته وكان المهدي طرفاً فيه أيضاً.
وقال الوزير الإطالي المفوض السنيور بروناس لوكيل الخارجية البريطانية: -يقول البعض إن الإنقلاب هو رد بريطانيا على اتفاق جمال عبد الناصر مع السوفييت لبناء السد العالي!
وكتب "تشابان أندروز" إلى لندن بعد الإنقلاب: "فشل الديمقراطية البرلمانية في السودان يعني هزيمة للغرب من نوع ما فنحن والسودانيين الذين حاولوا جعل النظام ينجح إذا أخرجنا من السودان – ليس من المتوقع أن نستعيده.
والحكومة العسكرية الجديدة هنا بعكس حكومات القاهرة وبغداد من هذه الزاوية فقط ليست حكومة ثورية في جوهرها. إنها حكومة بمجلس جيش بدلاً من مجلس وزارءه.
ومجلس الجيش هو نفسه الذي كان قبل حدوث الإنقلاب "فلم يتغير شئ" مثلما اكد لي كثير من السودانيين.
لكن الحقيقة ان تغييراً كبيراً قد حدث وثد يكون التغيير للأحسن في الوقت الراهن.
ولا شك أن القيادة العليا للجيش تكن الصداقة تجاه الغرب وخصوصاً تجاه بريطانيا.
لقد تلقوا تدريبهم جميعاً على يد ضباط بريطانيين.
إنهم يعرفوننا وقد عرفونا لسنوات وهم ممتنون لنا.
وطالما بقوا ف يالسلطة فإن لدي كل الأمل في ألا تتعرض سياستنا والسياسات الغربية بشطل عام في هذا البلد لأية نكسة طالما بقوا في السلطة.
وليس هناك ما يمكن أن نفعله سوى أن نبذل غاية جهودنا لإبقاء الحكومة والبلد بشكل عام في المعسكر الغربي.
التقى السفير البريطاني السير تشايمان أندروز في اليوم التالي للإنقلاب بالفريق إبراهيم هبود، ثم بعث إلى لندن يقول: "على المستوى الشخصي كان الفريق عبود كيسا.
وكان يخاطبني قائلاً "سعادتك" ملحوظة: السفير البريطاني يجيد اللغة العربية.
وهذا التعبير في السودان يستعمله الخدم عندما يخاطبون مخدوميهم. ولكن لا تسيئسوا فهمي. إن القائد "دقة قديمة" وهو يخاطبني بأفضل أسلوب يعامل به السودانيون الضباط الإنجليز.
وقال لي إنه ممتن لبريطانيا لكل مساعداتها ف يالماضي وكيف أنه شخصياً كقائد عام للجيش السوداني سعيد لهدية الأسلحة الأخيرة التي قدمت إلينا في الصيف الماضي.
واختتم السفير برقيته قائلاً: "قدم الجيش حكومة صديقة إلينا . . أي إلى بريطانيا.
طلب الفريق عبود من السفير أن تعترف بريطانيا بحكومة الإنقلاب فاعترفت بها في اليوم التالي!
قال أحد أقارب عبد الرحمن المهدي لتشابمان أندروز: -الفكرة هي أن تسلم السلطة للمدنيين خلا ل ستة أشهر تقريباً بعد أن ينظف الجيش المكان!!
ولكن الجيش بقى يحكم ست سنوات كاملة!! حتى أطاحت به في 21 أكتوبر 1964 أكبر ثورة شعبية في تاريخ السودان لتدئ حكومة ديمقراطية منتخبة.
لم تكن هذه أول محاولة للإنقلاب في السودان، ولكنها كانت أول محاولة ناجحة.
سبقتها محاولة عام 1957 قادتها مجموعة من ضباط الجيش والطلاب العسكريين يقيادة إسماعيل كبيد ضد أول حكومة ديكقراطية منتخبة برئاسة إسماعيل الأزهري.
ولكن هذه المحاولة أحبطت في آخر مراحلها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الإنقلاب الثاني
وفي 25 مايو 1969 قام العميد جعفر نميري ومجموعة من الضباط الشيوعيين والقوييني العرب بالإنقلاب الثاني.
بين قادة الإنقلاب اللواء خالد حسن عباس وزين العابدين محمد عبد القادر وأبو القاسم محمد إبراهيم وأبو القاسم هاشم، وهاشم العطا وبابكر النور، وفارق حمدنا الله.
وبقي النميري يحكم 16 سنة.
الإنقلاب الثالث
ووقع الإنقلاب الثالث وهو شيوعي في 19 يوليو 1971 وقاده هاشم العطا فاستولى على الخرطوم لمدة يومين. ولكن النميري نجح في القضاء على الإنقلاب ونصب المشانق لقادته فأعدم زعيم الحزب الشيوعي السوداني عبد الخالق محجوب ومساعده الأيمن الشفيع أحمد الشيخ وبابكر النور وقائد الإنقلاب هاشم عطا.
وفشلت محاولة الإنقلاب الرابع بقيادة العميد محمد نور سعد فأعدم رمياً بالرصاص وتحولت شوارع الخرطوم لمدة يومين إلى ميدان قتال بين نميري وقادة الإنقلاب.
ولكن. عصفت ثورة شعبية عارمة بحكم النميري في 6 إبريل أطلق عليها انتفاضة إبريل.
ووقع آخر إنقلاب برئاسة عمر حسن البشير في 30 يونيو بمساعدة الإسلاميين بزعامة الدكتور حسن عبد الله الترابي وحزبه "الجبهة الإسلامية القومية".
وجدت عدة محاولات انقلابية ضد نظام البشير فشلت جميعها وأبرزها إنقلاب رمضان عام 1990 بقيادة اللواء عبد القادر الكدرو واللواء طيار محمد عثمان حامد. وقد انتهت هذه المحاولة بإعدام 28 ضابطاً. إن عبد الله خليل فتح شهية ضباط السودان للقيان بإنقلابات..[1]