ذو الرمة
ذو الرمة | |
---|---|
وُلِدَ | غيلان بن عقبة بن نهيس الربابي التميمي |
الجنسية | الدولة الأموية |
المهنة | شاعر |
ذُو الرُمَّة هو غيلان بن عقبة بن نهيس بن مسعود العدوي الربابي التميمي،[1] كنيته أبو الحارث وذو الرّمّة. شاعر عربي من الرباب من تميم، من شعراء العصر الأموي، من فحول الطبقة الثانية في عصره. ولد سنة 696م، وتوفي بأصفهان (وقيل بالبادية) سنة 735م وهو في سن الأربعين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سبب شهرته بذو الرمة
وإنما قيل له ذو الرمة لقوله في الوتد -أشعث باقي رمة التقليد-، والرُمَّة، بضم الراء، الحبل البالي.[2] كان قصيرًا دميمًا، يضرب لونه إلى السواد، أكثر شعره تشبيب وبكاء أطلال. كان ذو الرمة أحد عشاق العرب المشهورين، إذ كان كثير التشبيب بمية، وهي مية بنت مقاتل بن طلبة بن قيس بن عاصم المنقرية، كانت فاتنة الجمال. قال فيها ذو الرمّة:
على وجه مي مسحة من ملاحة | وتحت الثياب العار لو كان باديا | |
ألم تر أن الماء يخبث طعمه | وإن كان لون الماء أبيض صافيا | |
فواضيعة الشعر الذي لج فانقضى | بمي ولم أملك ضـلال فؤاديا |
وكان ذو الرمة كثير المديح لبلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، وفيه يقول مخاطبا ناقته صيدح وهذا الاسم علم عليها:
إذا ابن أبي موسى بلالا بلغته | فقام بفأس بين وصليك جازر |
ويقال إنه كان ينشد شعره في سوق الإبل، فجاء الفرزدق فوقف عليه، فقال له ذو الرمة: «كيف ترى ما تسمع يا أبا فراس»، فقال: «ما أحسن ما تقول»، قال: «فما لي لا أذكر مع الفحول»، قال: «قصر بك عن غايتهم بكاؤك في الدمن وصفتك للأبعار والعطن»... وقال أبو عمرو بن العلاء: «ختم الشعر بذي الرمة والرجز برؤبة بن العجاج»... وقال أبو عمرو: قال جرير: «لو خرس ذو الرمة بعد قوله قصيدته التي أولها -ما بال عينك منها الماء ينسكب- لكان أشعر الناس»... وقال أبو عمرو: «شعر ذي الرمة نقط عروس يضمحل عن قليل وأبعار ظباء لها شم في أول رائحة ثم يعود إلى البعر».[2]
نشره ديوانه المستشرق كارليل هنري هيس مكارتني.[3]
مسيرة ذي الرمة الأدبية
يعدّ الشّاعر الأمويّ ذو الرّمة من أشعر شعراء العرب، ومن المشاهير في عصره، ومن الشّعراء المتقدّمين في النَّظم في زمانه، فقد عاش ذو الرّمّة في كنف الدولة الأموية، فتميّز شعره بأنّه كان قريبًا من الشّعر الجاهلي من حيث فصاحته وبلاغته ومتانة لغته، والتزامه بالقواعد النّحوية، وهذا كلّه من سمات الشّعر الجاهليّ، وما ذلك إلّا لأنّه كان يقيم في البادية، رغم تردّده على بعض المدن مثل اليمامة والبصرة وتهامة أحيانًا.
تعدّدت أغراضه الشّعرية، ولكن الغالب عليها قصائده الغزليّة، التي كان يبدؤها عادة بالتشبيب بالمحبوبة والبكاء على الأطلال، وغالب غزليّات ذو الرّمّة كانت في محبوبته ميّة، وممّا قاله فيها حائيته الشّهيرة التي جاء فيها:
لئنْ غيّرَ النأيُ المحبينَ | لمْ يزلْ رسيسُ الهوى منْ حبّ ميّة يمرحُ |
وقد صنّفه النّقاد بأنّه من فحول الطّبقة الثّانية في عصره، قال أبو عمرو بن العلاء: “فُتِحَ الشّعر بامرئ القيس وخُتِمَ بذي الرّمة”، وكذلك تميّز شعره بإجادة التّشبيه، فقال أبو عمرو: قال جرير عنه: “لو خرس ذو الرّمّة بعد قوله القصيدة التي أوّلها: "ما بالُ عَينِكَ مِنها الماءُ يَنسَكِبُ" لكان بها أشعر النّاس”، فقد سطع نجم الشّاعر ذي الرّمة في العصر الأمويّ إلى جانب فحول شعراء عصره أمثال: جرير والفرزدق والأخطل، وحاز على مكانة مرموقة في زمانه، وقد حسده عليها كثير من الشّعراء في عصره على الرّغم من قصر عمره، إذ لم يعمّر أكثر من أربعين سنة، وكان أهل البادية يعجبون بشعره، وليسوا هم فقط، بل غيرهم أيضًا كثير، حيث ورد عن الإمام الشّافعي أنّه لقي رجلًا يمانيًّا، فسأله: من أشعر النّاس؟ فأجابه اليمانيّ: ذو الرّمّة! فقال له الشّافعيّ: فأين أمرؤ القيس؟! ليجاريه لأنّه يمانيّ، فقال اليمانيّ: لو كُلّف امرؤ القيس بإنشاد شعر ذي الرّمّة ما استطاع أن يحسنه! وقال عنَّه حمّاد الرّاوية: "ما أخّر القوم ذكرهُ إلَّا لصغر سِنّه، وأنهم حسدوه..". وقد عُدّ ذو الرّمّة بأنّه آخر شعراء الجاهليَّة وذلك لأنّه استنّ بسنّتهم بكثرة التّشابيه في شعره، وببكائه على الأطلال، وشبهه معهم في أغراضه الشّعريَّة.
قصة حب ذي الرمة
عُرف ذو الرّمّة بأنّه كان من عشَّاق العرب المشهورين، وقد اشتُهِرت قصّة حبّه وتعلّقه بمَيَّةَ ابنة مقاتل المنقري، فكانت بداية تعلّقه بميّة عندما رآها تغسل ثيابًا لها ولأمّها في بيتها، وكانت منكشفة، دون أن تعلم بأنّه يراها، وعندما ذهب انتبهت إليه واغتاظت منه، وأرسلت بخادمتها تتعقّبه، فرأته الخادمة يعاود الكرّة مرارًا بمراقبته لميّة، فأخبرتها بذلك، ولم يطل الأمر كثيرًا حتى جاء شعره بميّة من كلّ جهة ومكان، ورواية أخرى بأنّ أوّل ما قاد المودّة بين ذي الرّمّة وبين ميّة، عندما خرج مرّة هو وأخوه وابن عمّه بحثًا عن إبل لهم، وفي طريقهم مرّوا على بيت ليشربوا الماء منه، بعد أن أجهدهم التّعب والعطش، و في رواقه عجوزٌ جالسة، فطلبوا السّقاء، فالتفتت العجوز وراءها [4]
وقالت: يا مي اسقي الغلام، فدخل عليها وهي تنسج ثوبًا لها، ثمّ أقبلت ميّة بوعاء فيه ماء، وجاءت وذو الرّمّة لا يرفع ناظريه عنها، وعندما أخذت تسكب له الماء في إنائه، والماء يتصبّب يمنة ويسرة، وينسكب على الأرض، وكلّ ذلك بسبب انبهار ذي الرّمّة بجمال ميّة، فأقبلت عليهما العجوز ”
وقالت: أما ترى بأنّ الماء ينسكب على الأرض، ألهتك ميّة عمّ جئت من أجله؟! فأقسم بأنّه سيطول هيامه فيها، فملأ إناءه وعاد إلى أخيه وابن عمّه، ولفّ راسي وانتبذ جانبًا، وكانت مي قد قالت له: لقد كلّفك أهلك السّفر وأنت في صغرك وحداثة سنّك، فردّ عليها في بيت من الشّعر: قدْ سخرتْ أختُ بني لبيدٍ مني ومن سَلمٍ ومن وليدِ وكانت هذه أوّل قصيدة يقولها ذو الرّمّة بميّة، ثمّ أتمّها: "هل تعرف المنزل بالوحيد"، ثمّ مكث عشرين سنة، وهو يهيم بها في ديارها، ولم يحظى بها فقد تزوّجت غيره، وحاول أن يزورها في بيت زوجها بعد أن تزوّجت، ولكن عرفه زوجها، وأمرها أن تشتمه وتنهره، وكان لذي الرّمّة في ميّة شعر كثير، وقد أحبّ غيرها ولكن ليس كحبّه لميّة.
قصائد ذي الرمة
يعدّ الشّاعر الأمويّ ذو الرّمّة مصدرًا من مصادر الشّعر العربيّ القديم واللّغة، وقد أشار كثير من النّقاد إلى شاعريته، ومنهم الأصمعي الذي قدّمه في غرض الغزل، فقال: "وما أعلم من العشّاق الحضريّين وغيرهم شكا حبًّا أحسن من شكوى ذي الرّمّة، مع عفّة وعقل رصين"، ولكن هناك بعض النّقاد يرونه بأنّه لم يكن يحسن المدح والهجاء، ولكنّه تميّز في غزليّاته بميّة وخرقاء، وكذلك في وصفيّاته للصّحارى والفلوات ووحوش البراري وأهوالها، ولعلّه قد تأثر بالرّاعي النّميري لأنّه سلك مسلكه، وله قصائد متنوعة الطّول، وكثير منها جاءت في بيت واحد، أو بيتين، وسيتمّ ذكر قصائده التي زادت عن بيتين، وهي:[٧] ما بال عينك منها الماء ينسكب. خليلي ما بي من عزاء من الهوى. زرق العيون إذا جاورتهم سرقوا. أمنكر أنت ربع الدار عن عفر. وقفت على ربع لمية ناقتي. لقد خفق النسران والنجم بازل. خليلي عوجا بارك الله. ألا حي الدار قفرا جنوبها. يا حاديي بنت فضاض أما لكما.
أمنزلتي مي سلام عليكما علي. أمن دمنة جرت بها ذيلها الصبا. يا أيها ذيا الصدى النبوح. أتعرف الدار تعفت أبدا. قفا نحيي العرصات الهمدا. تغير بعدي من أميمة شارع. ألا أيها الربع الذي غير البلى. يا دار مية لم يترك لنا علما. كأن ديار الحي بالزرق خلقة. ألا حي أطلالا كحاشية البرد. يا دار مية بالخلصاء فالجرد. ألا يا دار مية بالوحيد. هل تعرف المنزل بالوحيد. ألا لا أرى كالدار بالزرق موقفا. لقد جشأت نفسي عشية مشرف.
يا دار مية بالخلصاء غيرها. فلو كان عمران بن موسى أتمها. نبت عيناك عن طلل بحزوى. ذكرت فاهتاج السقام المضمر. ألا يا اسلمي يا دار مي على البلي. خليلي لا ربع بوهبين مخبر. لقد حكمت يوم القضية بيننا. لمية أطلال بحزوى دوائر. وجدنا أبا بكر تفرع في العلى. لمن طلل عاف بوهبين راوحت. أتعرف أطلالا بوهبين والحضر.
فإن تقتلوني بالأمير فإنني. أصهب يمشي مشية الأمير. أإن ترسمت من خرقاء منزلة. أشاقتك أخلاق الرسوم الدواثر. تصابيت في أطلال مية بعدما. ألم تسأل اليوم الرسوم الدوارس. وبيض رفعنا عن متونها. بكيت وما يبكيك من رسم منزل. إني إذا ما عرم الوطواط. أمنزلتي مي سلام عليكما.
اشعاره
اقتباسات من شعر ذي الرمة وعند الوصول إلى المحطّة الأخيرة، لا بدّ من عرض بعض الأبيات من قصائد ذي الرّمّة، وسيتمّ التّنويع في الاختيار بين الأغراض الشّعرية التي طرقها ذو الرّمة خلال مسيرته الشّعرية التي ملأت الآفاق، وكان خلالها من أهمّ الشّعراء في عصره، وفيما يأتي بعض الاقتباسات من شعر ذي الرّمة:
- يقول ذو الرّمّة في قصيدة له -وهي من أجمل قصائده- يتغزّل فيها بميّة:
ما بالُ عَينِكَ مِنها الماءُ يَنسَكِبُ | كَأَنَّهُ مِن كُلى مَفرِيَّة سَرِبُ | |
وَفراءَ غَرفِيَّة أَثأى خَوارِزُها | مُشَلشِلٌ ضَيَّعَتهُ بَينَها الكُتَبُ | |
أَستَحدَثَ الرَكبُ عَن أَشياعِهِم خَبَرا | أَم راجَعَ القَلبَ مِن أَطرابِهِ طَرَبُ | |
يَبدو لِعَينَيكَ مِنها وَهيَ مُزمِنَةٌ | نُؤيٌ وَمُستَوقَدٌ بال وَمُحتَطَبُ |
- ويقول في قصيدة أخرى يمدح بها بلال بن أبي بردة:
ألَا أَيُهذا الباخِعُ الوَجدُ نَفَسهُ | بِشَيءٍ نَحَتهُ عَن يَدَيهِ المَقادِرُ | |
فَكائِن تَرى مِن رَشدَةٍ في كَريهَةٍ | وَمِن غَيَّةٍ تُلقى عَلَيها الشَراشِرُ | |
تَشابَهُ أعناقُ الأَمورِ وَتَلتَوي | مَشاريطٌ ما الأَورادُ عَنهُ مَصادِرُ | |
إِلى اِبنِ أَبي موسى بِلالٍ طَوَت بِنا | قلِاصٌ أَبوهُنَّ الجَديلُ وَداعِرُ |