عمر بن أبي ربيعة
عمر بن أبي ربيعة المخزومي (نوفمبر 644، مكة - 712/719، مكة)، هو هو شاعر عربي مخزومي قرشي، يكنى أبا الخطَّاب، وأبا حفص، وأبا بشر، ولقب بالمُغيريّ نسبة إلى جَدّه. ورث عمر عن قومه الجاه والشرف والثراء، وكان أبوه يُسمى في الجاهلية بَحيراً، فسمّاه الرسول عبد الله، وهو من أثرياء قريش، كان يكسو الكعبة عاماً، وتكسوها قريش عاماً، لذلك أُطْلِق عليه لقب العِدْل، وولاه النبي (الجَنَد) إحدى ولايات اليمن الثلاث، وتوفي وعمر لايزال في الثالثة عشرة من عمره، أما أمه فاسمها «مجد»، وهي سِبيّة من حضرموت، ولذلك قيل في غَزَله «غَزلٌ يَمانٍ ودَلٌّ حجازي».
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته
ولد عمر عام ثلاث وعشرين هجرية، في الليلة التي توفي فيها عمر بن الخطاب وقيل في ذلك فيما بعد: «أيُّ حقٍّ رفع، وأيُّ باطلٍ وُضِع». كان الشاعر وسيماً، بهيَّ الطَّلْعة، نشأ في أحضان أمه يساعدها على إدارة أملاك أبيه الواسعة، وترعرع تحوطه رعاية أُمّه، فأتيح له الاختلاط بالنساء والجواري من دون تحرج، تزوج كَلْثَم بنت سعد المخزومية، فأنجبت له ولدين وماتت عنده، فتزوج زينب بنت موسى الجُمَحيّة، فأنجبت له بِشْراً. [1]
عاش عمر في عصر بني أمية متنقلاً بين مكة والمدينة، وتردد على الشام واليمن والعراق، في الوقت الذي عانى فيه الشباب الحجازيون فراغاً سياسياً، وسط بعض مظاهر اللهو والغناء، فخطّ عمر حياته بعيداً عن الخوف والقلق إلاّ ما كان من نفي عمر بن عبد العزيز له إلى جزيرة دهلك (جزيرة في بحر اليمن وهو مرسى بين بلد اليمن والحبشة)، عندما كان والياً على مكة. وقد هرب الشاعر من مدح الرجال إلى مدح النساء، قال له سليمان بن عبد الملك، ما يمنعك من مدحنا؟ فقال: إني لا أمدح الرجال، إنما أمدح النساء.
توفي بمكة، واختلف في تعليل موته، فذهب بعضهم إلى القول إنه خرج على فرس، فهبت عليه ريح ألجأته إلى شجرة من أشجار السَّلْم، فضرب به غصن منها، فَدَمي، ثم ورم فمات، وقال بعضهم: إنه خرج غازياً في البحر فأُحرقت سفينته فاحترق وربح الشهادة.
شعره
تعمق اتصال عمر بالمرأة حتى صار شاعر الغزل دون منازع، عاش حياته للغزل الصريح، ويَسَّر له ثراؤه هذه المعيشة، فالدنيا مشرقة باسمة من حوله دائماً، لهذا لم يكن غريباً أن يخلِّف ديواناً يكاد يكون خالصاً للغزل.
اتخذ عمر في علاقته مع النساء صورة الشاعر المغامر الإباحي، المعشوق لا العاشق، صرف جهده في تصوير عواطف المرأة. كما اتخذ في أحيان أخرى صورة الشاعر العفيف الذي يتطلع إلى نفسيتها وما تمور به من مشاعر وإحاساسات. وكان واحداً من الشعراء المجددين الذين أعطوا القصيدة الغزلية ميزات فنية عدة كالقصّ والحوار، وترقيق الأوزان الصالحة للغناء.
شهد عدد من الشعراء والنقاد بشاعريته وإبداعه، من ذلك ما قيل من أن العرب تُقِرُّ لقريش بالتقدم في كل شيء عليها إلاّ في الشعر، فإنها كانت لا تقرّ به، حتى كان عمر بن أبي ربيعة فأقرت لها الشعراء بالشعر أيضاً ولم تنازعها شيئاً. ومن ذلك أن الفرزدق سعى إلى الاجتماع به، فتناشدا الأشعار فأنشده عمر قصيدته التي يقول فيها:
فَقُمْنَ لكي يُخْلِلْنَنَا فَتَرَقْرَقَتْ | مدامعُ عَيْنيْها وظلَّت تدَفََّقُ |
وقالت أما تَرْحَمْنَنِي لا تَدَعْنَنِي | لدى غَزِلٍ جَمِّ الصبابَةِ تخْرقُ |
فصاح الفرزدق: أنت، والله، يا أبا الخطّاب ـ أغزل الناس!! لا يحسن ـ والله ـ الشعراء أن يقولوا مثل هذا النسيب، ولا يرقوا مثل هذه الرقية.
حظي شعره بعناية كبيرة، وحقق ديوانه عدد من المحققين.
من قصائده
- حَدِّثْ حَديثَ فتاة ِ حَيٍّ مرّة ً
- يا قُضَاة َ العِبَادِ إنَّ عَلَيْكُ
- مَرَّ بي سِرْبُ ظِباء
- صرمتْ حبلكَ البغومُ، وصدتْ
- راح صَحبي، وعاودَ القلب داءُ
- حَيِّيا أُمَّ يَعْمَرا
- ولقد دخلتُ الحيّ يخشى أهله
- وَكَمْ مِنْ قَتِيلٍ لا يُباءُ بِهِ دَمٌ
- ذكرتكِ يومَ القصرِ قصرِ ابنِ عامرٍ
- ألمْ تربعْ على الطللِ المريبِ
- لَبِسَ الظَّلامَ إلَيْكَ مُكْتَتِماً
- حنّ قلبي من بعد ما قد أنابا
- ذَكَرَ القَلْبُ ذِكْرَة ً أُمَّ زَيْدٍ
- حيِّ الربابَ، وتربه
- مَنَعَ النَّوْمُ ذِكْرُهُ
- طالَ لَيْلي وَتَعَنَّاني الطَّرَبْ
- أنى تذكرَ زينبَ القلبُ
- طَالَ لَيْلي وکعْتَادَني أَطْرابي
- لمن نارٌ، قبيلَ الصب
- لَجَّ قَلْبي في التَّصابي
- أرقتُ فلم أنمْ طربا
- راعَ الفؤادَ تفرقُ الأحبابِ
- يَقولونَ: إنِّي لَسْتُ أَصْدُقُكِ الهَوَى
- مَنْ لِعَيْنِ تُذْري مِنَ الدَّمْعِ غَرْبَا
- ذَكَرَ القَلْبُ ذُكْرَة ً
- خذي حدثينا يا قريبُ التي بها
- مَبيتُنا جانِبُ البَطْحاءِ مِنْ شَرَفٍ
- خَلِيلَيَّ، عوجا حَيِّيا اليَوْمَ زَيْنَبا
- ما بالُ قلبكَ عادهُ أطرابهُ
- أصبحَ القلبُ قد صحا وانابا
الفن
غنى له طلال مداح:
قف بالطواف ترى الغزال المحرما | حج الحجيج وعاد يقصد زمزما |
عند الطـواف رأيتهـا متلثمـة | للركن والحجـر المعظـم تلثمـا |
أقسمت بالبيت العتيـق لتخبـري | ما الاسم قالت من سلالـة آدمـا |
الاسم سلمـى والمنـازل مكـة | والدار ما بين الحجـون وغيلمـا |
قلت عديني موعـداً أحظـي بـهي | أقضي به ما قد قضاه المحرمـا |
فتبسمت خجلاً وقالت يـا فتـى | أفسدت حجك يا مُحـل المُحرمّـا |
فتحرك الركن اليمانـي خشيـةً | وبكا الحطيم وجاوبتـه زمزمـا |
لـو أن بيـت الله كلّـم عاشقـاً | من قبـل هـذا كـاد أن يتكلمـا |
ومن أشعاره ما غنته فيروز:
و لا قرب نعم إن دنت لك نافع | ولا نأيها يثني ولا أنت تصبر |
إذا جئت فأمنح طرف عينيك غيرنا | لكي يحسبوا أن الهوى حيث تنظر |
المصادر
- ^ عبد الرحمن عبد الرحيم. "عمر بن أبي ربيعة". الموسوعة العربية. Retrieved 2014-05-07.
المراجع
- أبي الفرج الأصفهاني، الأغاني (مؤسسة جمال للطباعة والنشر، بيروت د.ت ).
- عبد القادر البغدادي، خزانة الأدب (دار صادر، بيروت د.ت).
- ابن قتيبة، الشعر والشعراء، شرح وتحقيق أحمد شاكر (دار المعارف، القاهرة).
- ديوان عمر، تحقيق عبد الأمير علي مهنا (دار الكتب العلمية، بيروت، 1986م).