جغرافيا أستراليا
جغرافيا أستراليا | |
القارة | أستراليا |
المنطقة | Oceania |
الإحداثيات | 27°S 144°E / 27°S 144°E |
المساحة | Ranked 6th 7,686,850 كم2 99% بر 1% ماء |
الخط الساحلي | 25,765 كم |
الحدود | 0 كم |
أعلى نقطة | Mount Kosciuszko 2,234 م |
أوطى نقطة | Lake Eyre -15 m |
أطول نهر | نهر مري 2,375 كم |
أكبر بحيرة | Lake Eyre 9,500 كم² |
جغرافيا أستراليا تضم تنوعاً واسعاً من مناطق الجغرافيا الحيوية بالرغم من كونها أصغر قارة في العالم، ولكنها سادس أكبر بلد في العالم. سكان أستراليا يتركزون على طول السواحل الشرقية والجنوبية الشرقية. وتتباين جغرافيا البلد بشدة، إذ تتراوح من الجبال المكللة بالثلوج في الألپ الأسترالية وتزمانيا إلى صحاري شاسعة، وغابات مدارية وباردة.
البلدان المجاورة تضم إندونسيا، تيمور الشرقية وپاپوا غينيا الجديدة إلى الشمال، جزر سولومون، ڤانواتو ونيو كالدونيا التابعة لفرنسا إلى الشرق، ونيوزيلندا إلى الجنوب الشرقي.
أسترالية هي دولة اتحادية فدرالية يرأسها ملك المملكة المتحدة عاصمتها كانبرة تؤلف جزيرة استرالية وبعض الجزر الأخرى ما يعرف اليوم بقارة أوقيانوسيا. وتستأثر جزيرة أسترالية وحدها، وهي أكبر تلك الجزر، بأكثر من سبعة ملايين كيلو متر مربع، وتقع بين خطي العرض 10 درجات و40 درجة جنوب خط الاستواء، وبين خطي الطول 113 درجة و153 درجة شرق غرينتش. وقد اشتق اسمها من كلمة «أوستراليس» Australis اللاتينية أي الجنوب. وكان الجغرافيون القدامى يعتقدون بوجود أرض في بحار الجنوب توازن الكتل القارية المعروفة للعالم القديم، وأطلقوا عليها اسم «أرض الجنوب المجهولة» Terra Australis Incognita فلما عثر على جزيرة أسترالية سميت بذلك الاسم.
تتألف جزيرة أسترالية من قطعة واحدة من اليابسة مستطيلة الشكل محدبة الضلعين من الشمال والشرق، ومقعرة في الجنوب، ليس فيها بحار داخلية، وسواحلها شبه مستقيمة تندر فيها أشباه الجزر والجزر الكبيرة. ويمر مدار الجدي في وسطها فيقسمها قسمين متساويين تقريباً. وإلى الجنوب من أسترالية تقع جزيرة تسمانية التي يفصلها عنها مضيق «باس» Bass Strait، ويعد خط العرض 40 ْ درجة جنوب خط الاستواء الحد الفاصل بين الجزيرتين.
تشغل دولة الاتحاد الفدرالي الأسترالي، وهي عضو في الكومنولث البريطاني، كل أراضي الجزيرة الأسترالية، وجزيرة تسمانية وعدداً من الجزر الصغيرة القريبة منها. وتمتاز أسترالية من غيرها من أجزاء الكرة الأرضية، بعزلتها وببعدها عن الطرق البحرية الرئيسية. وأقرب المناطق إليها هي جزر غينية الجديدة من أرخبيل الملايو، وتقع على بعد متوسط قدره 480كم إلى الشمال الشرقي منها. وكان لموقع أسترالية المنعزل هذا أثر واضح في عرقلة إعمارها ونموها الاقتصادي، ومع ما حققه الطيران الحديث من تقارب بين مختلف نقاط العالم في العصر الحديث ما تزال أسترالية تعاني واقعاً جغرافياً يجعلها في منأى عن المشاركة الفعالة في أحداث العالم، إلى جانب قلة عدد السكان وكثرة الأراضي غير المستغلَّة، فلا يعدو ما يستغل من مواردها جزءاً يسيراً مما يمكن استغلاله من خيراتها الوفيرة، ولم يبلغ النمو الذي تحقق فيها إلى اليوم ما بلغه في أجزاء أخرى من العالم المتقدم. وما زالت دعوة الهجرة إلى أسترالية نشيطة وتشتمل على إغراءات كثيرة، ولا يقل عدد المهاجرين إليها سنوياً عن مئة ألف مهاجر جلهم من الأوربيين.
أقام الاستعمار البريطاني في جزيرة أسترالية عدداً من المستعمرات ذات الشأن، وجد فيها المهاجرون الأوربيون الأوائل، وأكثرهم من الإنكليز، سلالات خاصة من السكان الأصليين، فأبادوا الكثيرين منهم، ودفعوا بمن تبقى إلى المناطق الداخلية الفقيرة، وتركوهم في عزلة تامة نهباً للجوع والمرض، فتناقص عددهم كثيراً ولم يبق منهم إلى اليوم إلا جماعات قليلة لا يزيد عددها على 40 ألف نسمة (1996) يعيشون كما كان يعيش أهل حضارة العصر الحجري الحديث، وهم في طريقهم إلى الانقراض إضافة إلى أكثر من 303.260نسمة من المهجنين.. ولكي يستأثر المهاجرون الإنكليز بثروات المستعمرات ومواردها، أغلقوا أبواب الجزيرة بوجه الهجرات الآسيوية. وأقاموا في هذه المستعمرات مجتمعات لا تختلف صور الحياة فيها عن تلك التي كانت سائدة في مواطنهم الأصلية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الجغرافية الطبيعية
- مقالة مفصلة: جيولوجيا أستراليا
البنية الجيولوجية والظواهر التضاريسية الكبرى في أسترالية: تبرز أسترالية فوق بحر ضحل لا يزيد عمقه على 200م. ولا يزيد عمق مضيق باس الذي يفصل تسمانية عن أسترالية بعرض 200كم، على 100م، ولا يزيد عمق مضيق تورس Torres الذي يفصل غينية الجديدة عن أسترالية بعرض 160كم، على 20م.
وجزيرة أسترالية قديمة جداً، ويبدو أن البحر في الحقب الجيولوجي الأول لم يغمر النواة الأولية وهي الهضبة الغربية غمراً تاماً. لذلك لم تتجدد التضاريس فيها تجدداً ملموساً.
وثمة سلسلة جبلية قديمة جداً كانت ترتكز فوق الكتلة الغرانيتية الغنايسية الصلبة. وكانت ذراها المرتفعة والمجللة بالجليديات تمتد من منطقة كمبرلي في شمال غربي أسترالية حتى منطقة ڤكتوريا في جنوبها الشرقي. ولم يبق من هذه الجبال سوى سلاسل صغيرة منعزلة قلما تتجاوز ارتفاعاتها 1000 متر منها سلسلة جبال مكدونل (1510م) وجبال موسگريڤ Musgrave (بارتفاع 1440م) في أواسط الجزيرة.
أما الجزء الشرقي من الجزيرة فأكثر حداثة من جزئها الغربي، وترجع الالتواءات الموجودة في هذا الجزء إلى الحقب الجيولوجي الأول. وكان آخرها قد حدث في العصر الفحمي. وكانت تكثر عليها الجليديات. ، ونتيجة للاضطرابات الكثيرة التي اعترت هذا الجزء من الجزيرة فقد تدفقت من باطن الأرض صخور اندفاعية ترافقها فلزات معدنية. وتفجرت فوقه براكين كثيرة، وطغى البحر مرات عدة على أجزاء من الجزيرة فأدى إلى تناوب الصخور الكلسية البحرية مع الحجر الرملي والشيست، وإلى وجود الفحم ضمن هذه التشكلات.
كانت أسترالية جزءاً من قارة غوندوانة القديمة، وانفصلت عنها عندما تصدعت تلك القارة، وطغى البحر على أجزاء واسعة منها ثلاث مرات حدث أهمها في العصرالكريتاسي، فغطت الرسوبات البحرية من صخور الغضار والمارن سهول نهري ديامانتينا Diamantina وكوبر كريك Cooper Cr. اللذين يصبان في بحيرة إيرة Eyre.
أما الطغيان البحري الأخير فقد حدث في بداية الحقب الجيولوجي الثالث وامتد غرباً في الهضبة الغربية ليوضِّع وسط صخورها الغرانيتية والشيستية، صخوراً كلسية تؤلف اليوم هضبة نولاربور والسهل المسمى باسمها، وليرسب الغضار والرمال في حوضي نهري موراي Murray ودارلنغ Darling.
وفي منتصف الحقب الجيولوجي الثالث حدثت حركات نهوض أرضية رفعت بعض أجزاء الجزيرة وخفضت الآخر، فكان ذلك سبباً في تجدد تضاريس القسم الشرقي، وفي فصل أسترالية نهائياً عن غينية الجديدة وعن تسمانية. وفي نهاية هذا الحقب كان الساحل الشرقي للجزيرة قد أخذ شكله الحالي. ورافق حركات النهوض الشاقولية اندفاعات بركانية اخترقت حممها الصخور القديمة وغطت أجزاء من الهضبة وكونت مخاريط ماتزال واضحة في ولاية فكتورية.
والخلاصة أن جزيرة أسترالية تكونت في ثلاث مراحل:
ففي الحقب ما قبل الأول، وفي الحقب الأول تكون على سطحها شبها سهل، وفي الحقب الثاني وبداية الحقب الثالث تكونت السهول الداخلية وتحددت معالم السواحل الغربية، وفي نهاية الحقب الثالث ارتفعت الهضبة الشرقية فتكونت الجبال والمرتفعات. وحدث انخفاض في الوسط. وقد أعطى مجموع هذه التكوينات الجزيرة معالمها الحالية التي تتألف من الهضبة الغربية والسهول أو الأراضي المنخفضة في وسط الجزيرة. والمرتفعات الشرقية والسواحل.
الهضبة الغربية: تحتل الهضبة الغربية المتسعة ثلثي مساحة أسترالية تقريباً. وتبدو عليها مظاهر الشيخوخة والهرم. فتضاريسها مستديرة مكورة السطح تراوح ارتفاعاتها بين 400 و 600م فوق سطح البحر. وهي بقايا جبال قديمة براها الحت والائتكال وغطى بأنقاضه أجزاء واسعة من سطح الائتكال ليكون فوقها كلاً من صحارى فكتورية الكبرى وجيبسون وسمبسون، وخلّف وراءه بعض المرتفعات المنخفضة المبعثرة فوق سطح الهضبة. وهناك كذلك بعض السهول الساحلية الضيقة على الساحل الغربي، أما على الساحل الجنوبي فالهضبة تصل حتى البحر، وتنتهي عنده بجروف عالية. ولا يصادف الخط الحديدي الذي يعبر أسترالية من الشرق إلى الغرب، محاذياً الساحل الجنوبي، أي عقبة أو مجرى مائي دائم. ويختلف الأمر في المناطق المدارية شمالي الهضبة، إذ توجد بعض المجاري الدائمة التي تمخر مياهها بعض المراكب والزوارق البخارية.
السهول أو الأراضي المنخفضة في وسط الجزيرة: ويطلق عليها اسم السهول الوسطى المركزية، وتقع بين الهضبة الغربية من جهة الغرب وأطراف المرتفعات الشرقية من جهة الشرق. وهي تضم الوحدات الطبيعية التالية:
ـ سهول حوض نهري دارلنگ ومري: ويضم هذا الحوض أهم شبكة نهرية في أسترالية. ينبع نهر مري من أعلى منطقة في الجزيرة في الجزء الجنوبي الشرقي منها حيث تغطي الثلوج الجبال أياماً كثيرة من السنة. وهذا النهر دائم الجريان، إلا أن غزارته تختلف كثيراً من فصل إلى آخر لأنه يخترق سهولاً قليلة الأمطار، وروافده سيول متقطعة الجريان. وقد يعجز نهر موراي أحياناً عن بلوغ البحر بسبب ما يستنزف منه للري، وهو يصلح للملاحة في فصلي الصيف والربيع ابتداء من مدينة آلبوري. أما نهر دارلنغ الذي يبلغ طوله ضعفي طول نهر موراي. فلا يصلح للملاحة الدائمة. وبعد أن يجتمع نهرا دارلنغ وموراي يمر مجراهما الموحد، قبل أن يصب في البحر، بعدد من البحيرات القليلة العمق مثل ألكسندرينا وألبرت وكورونگ.
ـ حوض بحيرة إيرة: وهو مساحة من الأرض ذات تصريف مائي داخلي مغلق تصب في وسطها المنخفض أنهارٌ غير دائمة الجريان، وتشغل البحيرة الجزء الجنوبي من القسم المنخفض أما الأجزاء الأخرى من الحوض فيتألف من سهول مالحة.
ـ الوادي الانهدامي في جنوبي أسترالية: ويشغل خليج سبنسر جزءاً منه، وكذلك بحيرتا تورنز وگيردنر Gairdner وبعض السهول الصغيرة. وتفصل مرتفعات أسترالية الجنوبية التي ترتفع 900م عن سطح البحر هذا الوادي الانهدامي عن حوض نهر مري.
المرتفعات الشرقية: ترتفع أراضي أسترالية في الجزء الشرقي لتؤلف الجبال المعروفة باسم السلاسل الأسترالية أو جبال الألب الأسترالية التي تحاذي الشاطىء الشرقي ابتداء من رأس يورك في الشمال حتى مدينة مونت غامبيير في الجنوب. وأعلى ارتفاع في هذه السلاسل يقع في قمة كوسيوسكو Kosciusko في جبل سْنووي Snowy ويبلغ 2230م. وهو أعلى نقطة في أسترالية.
وتتألف هذه الجبال من صخور قديمة أولية اعترتها انكسارات وانهدامات في الحقب الثالث نتج عنها حدوث مضيق «باس».
ومنحدرات هذه الجبال شديدة من جهة البحر. وخفيفة الانحدار من جهة الأراضي المنخفضة غرباً، وتخترقها ممرات عرضانية لها دور كبير في توجيه شبكة المواصلات وقيام المدن الساحلية. وتترك هذه الجبال في أجزائها الجنوبية في نيوساوث ويلز وفي فكتورية مجالاً لسهول ساحلية ضيقة. وتنحدر على سفوحها الشرقية بعض الأنهار الساحلية القصيرة التي لا تصلح للملاحة في أجزاء منها. هذا وقد حدث هبوط في السواحل الصخرية الشرقية في العصور الجيولوجية الحديثة فأصبح كثير من الوديان التي أغرقها البحر أمكنة صالحة لإقامة المرافىء. ومن أشهر الأمثلة على ذلك مرفأ سيدني الذي يقع في مكان أمين ومحمي.
السواحل: لكل 419كم² من الأرض الأسترالية كيلو متر واحد من الشواطىء. وهذا يعادل ما في أمريكة الشمالية، ويفوق ما في كل من أمريكة الجنوبية وآسيا وإفريقية. وأسترالية، على العموم، مستقيمة السواحل نسبياً. وليس فيها بحار داخلية ولا أشباه جزر مهمة، والجزر الكبيرة أمام سواحلها قليلة، ومعظم شواطئها رملي غير صالح للملاحة. كما أن الجروف الكلسية على شاطىء الخليج الأسترالي الكبير غير مناسبة لبناء الموانىء لعدم وجود فجوات فيها. كذلك هو حال شواطىء خليج كاربنتارية الواسع الذي تنمو على أطرافه أشجار القرم (المنگروڤ) البرمائية.
أما الشاطىء في الزاوية الشمالية الغربية في منطقة كمبرلي فهو من نوع الريا Ria (خلجان مصبات الأنهار المغرقة بمياه البحر) الذي تكثر فيه الفجوات الضيقة العميقة والكثيرة التفرع.
وفي ولاية جنوبي أسترالية تكونت الخلجان بنتيجة خسف بين الصدوع كما هو حال خليج سپنسر وخليج سانت ڤنسنت.
المناخ والمياه في أستراليا
- مقالة مفصلة: مناخ أستراليا
المناخ
يؤدي وقوع أسترالية في نصف الكرة الجنوبي إلى تعاكس فصول السنة فيها مع فصول النصف الشمالي. كما أن مرور مدار الجدي في منتصفها تقريباً يجعل خمس أراضيها ضمن المنطقة المدارية الجنوبية، والباقي ضمن المنطقتين شبه الجافة والمعتدلة.
إلا أن اتساع الجزيرة، ووجود السلاسل الجبلية الساحلية الشرقية التي تمنع وصول التأثيرات المحيطية إلى الداخل، يجعلان مناخها قارياً، بل وصحراوياً في الداخل. وهي الصفة الغالبة للمناخ في أكثر المناطق الداخلية من الجزيرة، وقد تمتد الصحارى حتى تصل السواحل، في الغرب. وتصبح الفروق الحرارية بين الفصول واضحة جداً، فهي أكثر من 18.6 درجة مئوية بين معدلي درجة الحرارة لأكثر الأشهر حرارة وأشدها برداً، وكذلك تزداد الفروق الحرارية بين الليل والنهار فتصل إلى أكثر من 30 ْ درجة مئوية.
الحرارة
ترتفع درجة حرارة الهواء الملامس لسطح الأرض في الصيف (الجنوبي) بسبب تعامد أشعة الشمس مع مدار الجدي، وتراوح في الأطراف الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية من الجزيرة بين 12.1 و 26.7 درجة مئوية. ويعد القسم الشمالي الغربي من أسترالية أكثر أجزائها حرارة، إذ تزيد حرارة الهواء الملامس لسطحه على 31.1 درجة مئوية. ومتوسط درجة الحرارة في شهر كانون الثاني في سيدني، الواقعة على الساحل الجنوبي الشرقي، 22.5 درجة مئوية. وفي بروم، الواقعة على الساحل الشمالي الغربي، 30 درجة مئوية. أما في الشتاء فتنخفض درجة حرارة الهواء الملامس لسطح الجزيرة كثيراً عما هي عليه في الصيف بسبب تعامد أشعة الشمس مع مدار السرطان. ويصبح الخط الحراري الذي يساوي 13.4 ْْ مئوية منصفاً للجزيرة تقريباً ويقسمها إلى قسمين مختلفين، فترتفع درجة حرارة الهواء الملامس للسطح في القسم الشمالي أكثر من ذلك الرقم، وتنخفض في القسم الجنوبي أقل منه وتبقى الأطراف الشمالية والشمالية الغربية للجزيرة أكثر الأجزاء دفئاً في هذا الفصل، إذ تزيد درجة حرارة الهواء الملامس لسطحها على 22.3 درجة مئوية. ومتوسط درجة حرارة شهر تموز في كوك تاون، الواقعة على الساحل الشمالي الشرقي، هو 26.1 درجة مئوية، وفي ملبورن، الواقعة على الساحل الجنوبي، 9.1 درجة مئوية.
الضغط والرياح والأمطار
ينخفض الضغط الجوي صيفاً فوق المناطق الداخلية من الجزيرة، ويبقى مرتفعاً فوق المسطحات المائية المجاورة، فتهب الرياح من المسطحات المائية باتجاه مراكز الضغط المنخفض في القسم الغربي من الجزيرة. وتهب الرياح الموسمية الشمالية على الساحل الشمالي فتسبب هطول أمطار غزيرة فوق السهول المتاخمة. وتقل كمية هذه الأمطار كلما توغلت الرياح المسببة لها جنوباً باتجاه مراكز الضغط المنخفض، ولاسيما بعد أن تجتاز سلاسل جبال باركلي وهضبة كمبرلي.
كما تهب الرياح التجارية الجنوبية الشرقية على السواحل الجنوبية الشرقية والشرقية وتسبب هطول أمطار غزيرة فوق السهول والجبال المتاخمة لها. وتقل كمية هذه الأمطار كلما توغلت الرياح المسببة لها غرباً باتجاه مراكز الضغط المنخفض، ولاسيما بعد أن تجتاز مرتفعات الألب الأسترالية.
كذلك تهب الرياح العكسية الغربية على الأطراف الجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية من الجزيرة وتسبب هطول أمطار جيدة على السواحل فقط. أما في الشتاء فيصبح الضغط مرتفعاً فوق المناطق الداخلية من الجزيرة، ويضعف اندفاع الرياح من المسطحات المائية باتجاه هذه المناطق. وينزاح نطاق هبوب الرياح التجارية الجنوبية الشرقية التي تهب على السواحل الجنوبية الشرقية والشرقية شمالاً تبعاً لحركة الشمس الظاهرية، وتضعف شدة اندفاعها وسرعتها نحو الداخل.
وعلى العكس يتسع النطاق الذي تهب فيه الرياح العكسية الغربية ليشمل مناطق أكبر من الأطراف الجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية من الجزيرة ويسبب هطول أمطار غزيرة فوقها.
وبسبب ما تقدم يكون الساحل الشمالي من أسترالية ممطراً طوال العام وأغزر مطراً في فصل الصيف. ويكون الساحل الشرقي غزير الأمطار طوال العام وتتساوى أمطاره في كل الفصول تقريباً. أما في الأراضي الجنوبية من أسترالية، فتكون الأجزاء الواقعة جنوب دائرة العرض 35 جنوباً ممطرة طوال العام بفعل الرياح العكسية الغربية. في حين لا تهطل الأمطار على الأجزاء الواقعة بين دائرتي عرض 30 و 35 جنوباً إلا في فصل الشتاء. وتبقى السهول الوسطى الداخلية من أسترالية شبه جافة لوقوعها في مناطق ظل المطر بسبب السلاسل الجبلية المعترضة للرياح المسببة للأمطار وتراوح كمية الأمطار السنوية فيها بين 254 و508 مم. وأعظم أجزاء أسترالية جفافاً هي المناطق الداخلية والغربية فلا تصلها إلا الرياح الجافة وتقل كمية الأمطار فيها عن 127مم. وأما أغزر المناطق مطراً فهي السهول الشرقية والشمالية، والأطراف الجنوبية الغربية، إذ تراوح كمية الأمطار السنوية فوق هذه المناطق بين 1016 مم و 3048 مم.
وأمطار أسترالية مضطربة النظام، ولاسيما في الأجزاء الداخلية. فقد تهطل وابلاً في يوم واحد بكميات كبيرة تصل إلى 89 مم. وقد تمر أشهر عدة من دون أن تهطل قطرة واحدة. وكثيراً ما يسبب عدم الانتظام هذا خسائر كبيرة في الزراعة وتربية الماشية. وإذا أضيف إلى ذلك أثر الزوابع والرياح الشمالية الحارة التي تهب على القسم الجنوبي من أسترالية، يمكن تصور مقدار الخسائر الفادحة التي تحدث بين الحين والآخر.
نماذج المناخ
يميز في الجزيرة، تبعاً لتنوع الشروط المناخية نماذج المناخ التالية:
- المناخ الموسمي المداري: ويشمل القسم الشمالي من الجزيرة. ومتوسط درجة الحرارة فيه صيفاً 30 درجة مئوية. وشتاء 25.1 درجة مئوية. وتهطل الأمطار فيه غزيرة في الصيف، ويعد مناخ مدينة داروين الواقعة في شمال الجزيرة أحسن مثال على ذلك.
- المناخ الصحراوي الحار والجاف: ويغطي معظم النصف الغربي من الجزيرة ووسطها، ويشمل مساحة تزيد على 1.5 مليون كم2. ومتوسط درجة الحرارة فيه صيفاً 28.8 درجة مئوية. وشتاء 11.2 درجة مئوية. ونادراً ما تهطل الأمطار فيه، ولاسيما في الأطراف الغربية من المنطقة التي يغطيها. ويعد مناخ مدينة أليس سپرنگز الواقعة في وسط الجزيرة أحسن مثال عليه.
- المناخ المعتدل المحيطي الدافيء: ويتركز في القسم الجنوبي الشرقي من الجزيرة ويطلق عليه اسم مناخ شرقي أسترالية أيضاً. ويتصف باعتدال درجة الحرارة فيه صيفاً (22.3 درجة مئوية)، وببرودته شتاء (11.2 درجة). وأمطاره غزيرة طول أيام السنة. ويعد مناخ مدينة سيدني الواقعة في جنوب شرقي الجزيرة أحسن مثال عليه.
- مناخ البحر المتوسط (المناخ الرومي): ويسود الأطراف الجنوبية الغربية من الجزيرة وبعض الأجزاء من الأطراف الجنوبية الشرقية. وكلها تقع على درجات عرض المناطق التي يسود فيها المناخ المعتدل المحيطي الدافىء. ويتصف هذا المناخ بجفافه وارتفاع درجة الحرارة فيه صيفاً (22.8 درجة مئوية) وجودة الأمطار واعتدال الحرارة شتاء (12.8 درجة مئوية). ويعد مناخ مدينة پرث الواقعة في جنوب غربي الجزيرة أحسن مثال عليه.
الميـــاه
المياه الجارية: شبكة المياه في أسترالية فقيرة. وتكثر فيها السهوب والصحارى بأوديتها الجافة التي حفرتها المياه في عصور سابقة.
والمناطق ذات التصريف الداخلي واسعة جداً. وهي تضم في الغالب أنهاراً متقطعة الجريان، تجف في عدة أشهر من السنة. وتنتهي عند الفيضان في منخفضات داخلية.
ويرتبط وضع الشبكة المائية في أنحاء الجزيرة بنوع المناخ السائد. فتكثر الأنهار وتكون قصيرة نسبياً في الشمال حيث يسود المناخ الموسمي المداري بأمطاره الصيفية الغزيرة، كما تكثر الأنهار في الشرق حيث يسود المناخ المعتدل المحيطي بأمطاره الغزيرة طوال العام وهي تجتاز المرتفعات الشرقية بخوانق تصلح لبناء السدود وتوليد الكهرباء، إلا أن الملاحة فيها تقتصر على المجاري الدنيا منها فقط. وفي الساحل الغربي حيث يسود المناخ الصحراوي الحار والجاف تكون الأنهار مؤقتة الجريان. ويتحسن الجريان نسبياً في الزاوية الجنوبية الغربية حيث يسود المناخ المتوسطي بأمطاره الشتوية. وتوجد في المنخفضات الوسطى أنهار طويلة، لكن مياهها قليلة لا تكفي لري الأراضي المجاورة. فنهرا كوبر كريك وديامنتينا لا يصلان دائماً إلى منتهاهما في بحيرة إيرة، والشبكة النهرية الوحيدة التي تصل إلى البحر وتصب فيه هي شبكة نهري موراي ـ دارلنغ اللذين تزيد مساحة حوضيهما على 910000كم2، وطول نهر موراي مع رافده دارلنغ 4068 كم. ومع ذلك فالمياه ضعيفة في أكثر أجزاء هذه الشبكة. وتقتصر الغزارة على المجرى الأساسي لنهر موراي الذي يتغذى من ثلوج المرتفعات الشرقية، في حين يتوقف الجريان في معظم الروافد طوال فصل الجفاف، فتتحول إلى سلسلة من المسطحات المائية تفصل بينها مساحات من الطين الجاف المتشقق.
البحيرات: تنطبق صفة الشطوط والسباخ على أكثر بحيرات أسترالية. وغالباً ما يكون ماء هذه البحيرات مالحاً تكثر على أطرافها التشكلات الملحية.
وتقع أكبر البحيرات في المنخفضات الوسطى وعلى الهضبة الغربية الحتية وأهم هذه البحيرات، بحيرة غيردنر وتورِنْز وإيره التي تبلغ مساحتها وحدها نحو 8880كم² وقد تتقلص أو تتسع حتى 15,000 كم².
المياه الارتوازية: للمياه الباطنية أهمية كبيرة في حياة سكان أسترالية. فتحت المسيلات الجافة الموجودة على سطح الأرض تجري أنهار باطنية حقيقية تكوَّن في باطن الأرض الأسترالية عدداً من الأحواض الارتوازية التي يسهل استجرار الماء منها بسهولة بحفر الآبار الارتوازية على أطرافها، وماؤها حار ومالح في الغالب. والحوض الارتوازي الكبير الذي يحيط ببحيرة إيرة ويمتد شرقاً حتى المرتفعات الشرقية وشمالاً حتى خليج كاربنتارية هو أكبر هذه الأحواض وأهمها، وأكبر حوض من نوعه في العالم، إذ تبلغ مساحته أكثر من 114,000 كم². وقد حفر على أطرافه أكثر من 4000 بئر عميقة. وهناك عدة أحواض أخرى كحوض موراي وأوكلا Eucla شمال الخليج الأسترالي الكبير.
النبيت والوحيش في أسترالية
النبيت: أسترالية فقيرة إلى النباتات على وجه العموم بسبب الجفاف الذي يسود القسم الأكبر منها. فالغابات الحقيقية التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الرطوبة لا تغطي سوى 4.5% من مجموع مساحة الجزيرة، وتكثر فيها النباتات التي تتحمل الجفاف الشديد وتتأقلم معه. ومنذ أن تكونت النباتات الأولى في هذه الجزيرة وهي تتطور في دائرة مغلقة بسبب عزلة الجزيرة عن بقية أجزاء العالم. فمن أشجار الكينا (الأوكاليبتوس) والسنط (الآكاسيا) يوجد في أسترالية نحو 600 صنف. وآل الأمر إلى أن أصبحت أسترالية تضم أصنافاً من النباتات مجهولة في بقية أنحاء العالم فهي تنفرد بأكثر من 5400 صنف خاص بها من بين 5710 أصناف نباتية تعيش فيها. وإذا كانت النباتات الأوربية التي أدخلت إلى الجزيرة، وما زالت تدخل قد أثرت في المظهر النباتي وأحدثت فيه بعض التغيير، فإن السيطرة ما زالت للنباتات المحلية التي يأتي في مقدمتها أشجار الكينا والسنط.
وقد مرت النباتات في مناطق أسترالية المختلفة بعمليات تطور وفق الأحوال الطبيعية لبيئة كل منطقة من تلك المناطق، وأصبح لكل منها تشكلاتها النباتية الخاصة وأهم هذه التشكلات:
الغابة المدارية الرطبة أو الموسمية
وهي تغطي شريطاً ضيقاً من المناطق الشمالية يمتد على الشواطىء الشمالية الشرقية حتى مدينة بريسبان. ولها مظهر الغابات الاستوائية، فهي غابة عذراء دائمة الخضرة وأشجارها عالية فيها القيقب وشجر الورد والأرز الأحمر، وتعيش بينها نباتات الليان المتسلقة، وينمو السرخس تحتها.
منظر السافانا عند أقدام جبال مكدونل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الغابة الجنوبية المعتدلة
تتحول الغابة المدارية بدءاً من مدينة بريسبان باتجاه الجنوب إلى غابة معتدلة تغطي المرتفعات الشرقية. وتكثر فيها أشجار الكينا التي يصل ارتفاع بعضها إلى 100م. وتنمو تحت أشجارها تشكلات نباتية كثيفة.
الأحراج أو الغابات المتقهقرة
وهي توجد على أطراف خليجي سبنسر وسان فنسنت وفي الزاوية الجنوبية الغربية من الجزيرة، حيث يسود المناخ المتوسطي. وهي من النوع الذي يكثر في أطراف البحر المتوسط والمعروف باسم «ماكي» الذي يتأقلم مع الجفاف.
السافانا: وتشغل مساحات واسعة في المناطق التي تهطل عليها أمطار فصلية متوسطة أو قليلة. وهي سهوب عشبية يتغير مظهرها من فصل إلى آخر، ففي فصل الجفاف تبدو السهوب عارية غبراء. وبعد هطول الأمطار تكسوها حلة خضراء من الأعشاب الطويلة.
وفي الأجزاء التي تتلقى كمية كبيرة من الأمطار الفصلية تتحول السافانا العشبية إلى سافانا مشجرة تكثر بينها أشجار الكينا والسنط. وهذه السهوب العشبية أفضل مراع لتربية الماشية في الجزيرة.
الأدغال: وهي تشكلات نباتية كثيفة مؤلفة من شجيرات ونباتات شوكية قصيرة أكثرها من الكينا المتقهقرة أو السنط الشائك. وتنتشر هذه التشكلات على أطراف الصحارى لتكون مرحلة انتقالية إلى التشكلات الصحراوية.
التشكلات الصحراوية
وتغطي القسم الأكبر من المناطق الصحراوية وهي أدغال من الأشواك التي تعرف باسم نبات القنفذ. الوحيش: تضم أسترالية عدداً من الأصناف الحيوانية التي اختفت منذ زمن بعيد جداً من بقية أنحاء العالم؛ فبعض القشريات والأسماك التي تعيش في أسترالية اليوم غير معروفة في أوربة إلا مستحاثات ترجع إلى العصر الجوراسي. وتنفرد أسترالية من بين مناطق العالم بكونها موطن الثدييات الدنيا كوحيدات المسلك Monotremes والجرابيات التي اختفت من أوربة منذ بداية الحقب الجيولوجي الثالث. مثل خلد الماء ormithorinque الذي يرضع صغاره، ومثل الكنغر الذي تولد صغاره قبل أن تتم مدة الحمل وتستكمل نموها داخل الكيس البطني الذي تملكه الأم.
إن غنى الحياة الحيوانية في أسترالية يبدو في طيورها التي يوجد منها نحو ألف نوع تتنافس في جمال الشكل وحسن اللون وغرابة الصفات. وبعض هذه الطيور لم تعد تستخدم أجنحتها إلا من أجل الإسراع في الجري. كما أن أجنحة البعض الآخر لم تعد مفيدة في شيء، وأصبحت هذه الطيور شبيهة بالنعام تعيش على الأرض ولا تطير. مثل نعامة إيمو emeu. وقد أدخل الأوربيون كثيراً من الحيوانات الأهلية إلى أسترالية كالجمال الأفغانية وغنم المورينوس وأبقار الحليب الإنكليزية والأرانب وأنواعاً من الطيور والأسماك. والنجاح الهائل لبعض هذه الأصناف أوصل الأمر إلى حد الإزعاج. فتكاثر الأرانب والوعول مثلاً تحول إلى كوارث وطنية تجهز الحملات الحقيقية للقضاء عليها لأنها تخرب المراعي والتربة معاً، وتسلب قطعان الماشية غذاءها.
الجغرافية البشرية والسكانية
سكان أسترالية قليلو العدد بالنسبة إلى مساحتها البالغة 7682300كم.2 وقد قدر عددهم عام 1850 بنحو 400 ألف نسمة. وبعد اكتشاف مناجم الذهب في أسترالية الغربية وفكتورية، ارتفع عدد السكان بسرعة لتدفق المهاجرين علـى تلك المناطق فزاد على المليون في عام 1860. وفي عام 1921 أصبح عدد السكان نحو 5.4 مليون نسمة، وبلغ في عام 1954 نحو 9 ملايين نسمة، وفي عام 1986 أصبح العدد 15760000 نسمة ثم 18312000 نسمة عام 1996 ومن أسباب ضآلة عدد السكان في أسترالية عدم مواءمة الشروط الطبيعية التي تسود معظم أجزاء الجزيرة المهاجرين الأوربيين الذين قدم أكثرهم من إنكلترة وإيرلندة، ورفضِ الأستراليين، الذين أصبحوا يتمتعون بمستوى معيشة عالٍ، قدوم عناصر بشرية تزاحمهم على فرص العمل وتتسبب في خفض مستوى معيشتهم، إضافة إلى تشدد الاتحاد الفدرالي الأسترالي في مراقبة دخول المهاجرين، وانتقاء الأشخاص المرغوبين منهم بدقة بالغة، وكذلك حظر الهجرة على العناصر الآسيوية عامة وقصرها على البيض الأوربيين، ولاسيما الإنكليز.
ولولا ارتفاع معدل الولادات لدى المقيمين، وبقائه أعلى من معدلات دول أوربة على تذبذبه، وانخفاض معدل الوفيات الذي يعد من أخفض المعدلات في العالم، لما استمر تزايد السكان في أسترالية في ظل قيود الهجرة. وقد استقرت المعدلات في المدة بين عامي 1990 و1996 على النحو التالي: الولادات 1.5%، والوفيات 0.7% ومعدل النمو السكاني 1.2% مع الأخذ بالحسبان المتغيرات الأخرى. وتوسم أسترالية في عالم المحيط الهادىء بالطابع البريطاني انتماءً وثقافةً، إذ إن 95% من سكانها من أصل بريطاني إيرلندي ويتكلمون اللغة الإنكليزية وهي اللغة الرسمية للبلاد وتضم الأقلية المتبقية الأستراليين الأصليين من أهل البلاد الذي يتكلمون لهجات مختلفة، وبعض المستوطنين الذين قدموها مع البريطانيين واحتفظوا بلغات بلادهم التي جاءوا منها إلى جانب اللغة الإنكليزية، وفيها أقليات صينية وفييتنامية وعربية. ويعيش كل الأستراليين في ظل أنظمة برلمانية شبيهة بالأنظمة المعروفة في بريطانية. ومدارسهم على نمط مدارس بريطانية، وإذا ما استثني السكان الأصليون الذين بقوا على وثنيتهم، فإن أغلب السكان من المسيحيين وينتمي معظمهم إلى الكنيسة الأنغليكانية وتتوزع القلة الباقية المذاهب المسيحية الأخرى وبقية الديانات. ويبلغ عدد المسلمين في أسترالية نحو 200100 نسمة، واليهود 62000 نسمة، والبوذيين 199000 نسمة.
وتعتني الدولة في أسترالية برفاه السكان، والضمان الاجتماعي فيها رفيع المستوى وشامل، وقد سبقت أسترالية في هذا الصدد بريطانية نفسها، ونالت قَصَب السَّبْق في العالم إلى جانب الأقطار الاسكندنافية.
ويتمتع السكان بمستويات معاشية عالية لا تقل عن مستويات سكان الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. ويظهر الدخل السنوي الكبير للفرد الواحد والبالغ 20090 دولاراً أمريكياً مدى ما يتمتع به الفرد الأسترالي من قدرات عالية على الشراء حققت له مستوى حياة جيداً، إضافة إلى ضمان التقاعد والكهولة والضمان الصحي الذي يشمل كل المواطنين، وتوافر وسائل الرفاه المعاصرة. وتظهر الأحياء السكنية الراقية والمريحة حول المدن ببيوتها المستقلة الهادئة وسط الحدائق مدى الرفاه الذي يتمتع به عدد كبير من المواطنين الأستراليين. والأسترالي من أطول سكان الأرض عمراً باستثناء سكان القفقاس الشمالي، حتى ليقال إن الأسترالي لا يموت. وقد بلغ متوسط العمر 75 سنة للرجال و81 سنة للنساء. ونسبة المعمرين إلى مجموع السكان في ازدياد. وبالتالي فإن الشعب الأسترالي يميل تدريجياً نحو الهرم والشيخوخة.
الهجرة والاستيطان في أسترالية: مع أن عدد سكان أسترالية ضئيل بالنسبة لسعة أراضيها، وثرواتها الكامنة، مع كل المحاذير والنتائج الناجمة عن ذلك كعدم كفاية اليد العاملة، وصغر حجم السوق الداخلية بالنسبة لوفرة الموارد والمنتجات، فإن الأستراليين متحفظون في موضوع الهجرة إلى بلادهم بقصد الاستيطان. فهم لا يريدون سكاناً ملونين من العرق الأصفر والميلانيزيين فلا يزيد عدد الصينيين في أسترالية على 10 آلاف شخص، ولا يريدون إحداث تغيير بالقاعدة الأنغلوسكسونية التي قامت عليها أحوالهم الجيدة، فلا يسمحون بقدوم مستوطنين جدد قد يؤدي استيطانهم إلى مشاكل لم تعرف البلاد مثلها إلى اليوم، وفي مقدمتها تعايش جماعات يختلف بعضها عن بعض في اللغة والدين وأنماط المعيشة.
كذلك لا يريد الأستراليون الذين يتمتعون بمستوى معيشة عالٍ قدوم عناصر بشرية، مهما كانت جنسيتها ولو كانت من البلد الأم، تنافسهم في العمل وتسبب البطالة في بلادهم. وقد عارضت نقابات العمال في عام 1939معارضة شديدة دخول عمال أجانب إلى أسترالية. إلا أن أحداث الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادىء التي طرق اليابانيون فيها أبواب أسترالية، والنمو السريع الذي حققته كل من الصين وإندونيسية في مختلف المجالات، نبهت الأستراليين إلى الخطر الذي يتهدد مستقبلهم ومستقبل اقتصادهم فيما لو بقوا مصرين على موقفهم من الهجرة فاضطروا إلى اتخاذ موقف مغاير إلى حد ما، واتباع سياسة جديدة أحدثت من أجلها وزارة للاستيطان في عام 1945. ومنذ ذلك الحين وحتى عام 1953 دخل أسترالية أكثر من 700 ألف مهاجر نصفهم من أصل بريطاني، والباقي من أصول مختلفة، ومن هؤلاء نحو 182 ألف مهاجر نقلوا من بلاد أوربة الشرقية. كذلك قبلت أسترالية منذ عام 1945 إلى اليوم أكثر من 400 ألف لاجيء من مناطق مختلفة. ولم تعد الهجرة تقتصر على من ينحدرون من أصل بريطاني بل شملت الإيطاليين والهولنديين واليونان والعرب وبقية الآسيويين. ولا يتوزع السكان في أسترالية توزعاً منتظماً في مناطقها كافة. فالكثافة الوسطى هي بحدود 2.4 نسمة في الكيلو متر المربع لعام 1996 ولكنها تزداد في القسمين الجنوبي الشرقي والجنوبي الغربي من الجزيرة، حيث يتجمع نحو 95% من سكان أسترالية، لتصل إلى أكثر من 20 شخصاً في كل كيلو متر مربع. أما في المناطق الداخلية الصحراوية الجافة فتتدنى الكثافة إلى أقل من شخص واحد في كل عشرة كيلو مترات مربعة.
إن قلة كثافة السكان في أسترالية وتركزها في قسم ضئيل من المساحة يتصلان بمظاهر الجزيرة الطبيعية التي من أبرزها الجفاف. كما أن توزيع السكان في أسترالية يتماشى مع الأرض الصالحة للزراعة. وعليه فإن معظم سكان أسترالية يعيشون فوق المرتفعات الشرقية الرطبة وفي السهول الساحلية وفي القسم الجنوبي البارد نسبياً، وفي المناطق التي تتمتع بمناخ البحر المتوسط، وأخيراً في أراضي الأعشاب الرطبة المجاورة للقسم الجنوبي من المرتفعات الشرقية.
ومع أن النشاط الأول لسكان أسترالية هو الزراعة والرعي وأن أكثر من 85% من صادرات أسترالية منتجات زراعية ورعوية، فإن 85% من مجموع السكان كانوا في عام 1996 يسكنون المدن. ويتجمع أكثر من نصف السكان في المدن الكبرى مثل سيدني وملبورن وبريسبان وأديلايد وبيرث.
وإن تركز السكان في المدن يعد من خصائص أسترالية البارزة. وقد أخذت هذه الظاهرة بالتزايد السريع منذ نهاية الحرب العالمية الثانية ومازالت مستمرة، فقد قدر عدد سكان المدن الخمس الكبرى في عام 1996 كما يلي:
سيدني 3879400 نسمة ملبورن 3283000 نسمة بريسبان 1520600 نسمة أديلايد 1295100 نسمة بيرث 1079200 نسمة
أي إن 39.5 % من السكان يسكنون المدينتين الكبيرتين سيدني وملبورن، وهذه المدن الخمس الكبرى هي موانئ بحرية. ومن أسباب النمو المدهش للمدن الموانيء وتركز السكان فيها طبيعة اقتصاد أسترالية الذي يعتمد على التجارة. فالقسم الأعظم من إنتاج الريف معد للتصدير عن طريق البحر. كما أن كثيراً من تجارة أسترالية الداخلية ينقل من ميناء إلى أخر بحراً.
محمود رمزي
السكان الأستراليون الأصليون
يصنف علماء الأجناس سكان أسترالية الأصليين Aborigines على أنهم جنس أو فرع من جنس مستقل ويسمونهم «الجنوبيين» Australoid لأن لهم صفات تشريحية تميزهم من الجنس القفقاسي أو الجنس المغولي أو الجنس الزنجي. فالجنوبيون شعب ذو لون أسمر داكن، متوسط طول القامة، رؤوس أفراده متطاولة وشعورهم سوداء مموجة أو مجعدة، وعيونهم عميقة المحاجر، وآنافهم عريضة، ويغطي جسومهم ووجوههم شعر غزير. وربما كان أصلهم من ماليزية ارتادوا سواحل أسترالية الشمالية على قوارب بدائية ومعهم كلاب «الدنغو» ولا يعرف إلى اليوم متى كان وصولهم إلى تلك الأرجاء.
وكان سكان أسترالية الأصليون، قبل مجيء الأوربيين يعيشون على الصيد وجمع الثمار، ولم يكن أسلوبهم في العيش عشوائياً، فقد خبرت كل جماعة منهم عادات النباتات والحشرات والزواحف والأسماك والحيوانات الجرابية كالكنغر وعرفت نظم معاشها ودورات حياتها وقيمتها الغذائية، وأوجدت كل جماعة لنفسها أساليب وأدوات تساعدها في الحصول على ما ترغب فيه من تلك الأحياء، وفي جعلها صالحة للأكل عند الضرورة. وكانت البيئة الأسترالية متوازنة في تعايش أفرادها، وكان السكان يقسمون السنة إلى فصول طبقاً لتعاقبها وتبدل درجات الحرارة والرياح وطبقاً لأحوال مصادر الغذاء وتوافرها، وكل سلوك لحيوان أو حشرة أو نبات كان علامة لحال من الأحوال أو طارىء ما في الزمان والمكان.
أحد سكان استرالية الأصليين
أما توزع السكان الأصليين وكثافتهم فيختلفان باختلاف خصوبة المناطق الأسترالية. وإذا ما زاد عدد أفراد المجموعة الواحدة على ما يمكن أن تقدمه الأرض والوسط من غذاء لهم في حدود مقبولة، توجب أن يهاجر بعض أفرادها إلى منطقة أخرى لا يشغلها أحد غيرهم مع إبقائهم على وشائج القربى والصلات الاجتماعية والمعتقد مع الجماعة الأصل. وبسبب تفاوت درجات الانفصال في الزمان والمكان حدث تفاوت في اللهجات ومفردات اللغة والأدوات والمواد المستعملة واللباس وشعائر العبادات مع احتفاظ سكان أسترالية جميعهم بثقافة ولغة ذات جذور واحدة وقيم وفلسفة مشتركة في أساسها. ويعتمد مبدؤهم الأساسي في الحياة على الطبيعة كلياً، فالحياة في نظرهم تتوقف على التواؤم مع الوسط الطبيعي باختباره ومعرفته حق المعرفة وتوقع ما يحدث فيه، ولا يجوز للمرء أن يفسد هذا الوسط بتدخله فيه بالفلاحة أو تدجين الحيوان، وعليه أن يبني توقعه على أساس أن الأنواع والظاهرات الطبيعية جزء لا يتجزأ من المجتمع الذي يعيش الإنسان فيه. فكل عشيرة أو جماعة تتألف من كائنات إنسانية وحيوانية ونباتية وأشياء طبيعية أخرى يرتبط بعضها ببعض برباط وثيق. والإنسان المؤمن بالطوطم يتفادى علـى وجه العموم، أكل الأنواع الطبيعية التي يعدها طواطم كما يتفادى إلحاق الأذى بها، وهو يعتقد أن هذه الطواطم تساعد من يلوذ بها في النوم واليقظة وتشد أزره وتحذره، وعلى الإنسان في المقابل أن يضمن ازدياد هذه الأنواع الطبيعية وتكاثرها. وتحتل مثل هذه الفروض مكانة مهمة في حياة السكان الأصليين، ولا يعرف غوامضها إلا المحنكون والملتزمون بها والذين أمضوا زمناً طويلاً في تلقي أسرار الحياة وتعلم كنهها.
صخرة آيرس (وسط أسترالية) فيها كهوف تتحدث عن أساطير السكان الأصليين
الصدام مع الأوربيين
أخل المستوطنون الأوربيون الذين قدموا أسترالية منذ عام 1788م بالتوازن بين الطبيعة والإنسان في رأي سكان أسترالية الأصليين فقد احتل القادمون الجدد أفضل أراضي البلاد وأخصبها، وتقلصت بذلك فرص السكان الأصليين في الحصول على الغذاء والقيام بالشعائر إلى أن غدت شبه مستحيلة. وأدى ذلك إلى مصادمات غير متكافئة، إلا أن النتيجة الحتمية كانت افتقار جماعات السكان الأصليين في المناطق المجاورة لمستوطنات البيض إلى حرية الحركة في طلب الغذاء، فتراجعت أحوالها الصحية، واضطرت تدريجياً إلى الاعتماد على غذاء غير متوازن تستجديه من المستوطنين الجدد أو من الجهات الحكومية، ولم تعتد جسوم السكان الأصليين ارتداء اللباس فسقطوا ضحية أمراض لم تكن معروفة لهم، فتضاءلت أعدادهم، وقد أتيح لبعض القبائل المحلية الوقت الكافي لتوائم نفسها مع شروط الوسط الجديد الذي فرض عليها في مناطق أقل صلاحاً، واستخدم المستوطنون الجدد بعض السكان الأصليين عمالاً في مزارعهم فمال هؤلاء إلى تقليد المستوطنين في اقتناء بعض ما ينتجونه وحاولوا أن يتعايشوا معهم. ومع أن السكان الأصليين احتفظوا بحياتهم القبلية، أو بمعظم تقاليدها، فقد بذلوا جهداً كبيراً في محاولة الاستمرار في العمل عند المستوطنين في مقابل الحصول على ما هم في حاجة إليه. وكان المستوطن الأوربي في المقابل يرى في هذا الوضع مصلحة له، ويميل إلى استخدامهم، لأنه كان يرى أن العامل الأوربي الأصل أقل فاعلية وغير مبال به على وجه العموم، ولم يكن ذلك هو الحل المناسب لمشكلات السكان الأصليين بطبيعة الحال، ولكن مكنهم من المحافظة على نقاء دمهم وبقائهم فاعلين في بعض مناطق البلاد مع تناقص أعدادهم إلى درجة خطيرة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تطور سياسة الدولة حيال السكان الأصليين
غدا سكان أسترالية الأصليون رعايا بريطانيين عندما ادعت بريطانية السيادة على تلك المناطق، وقد توجب على الحكوميين والمستوطنين أن يعاملوهم ـ رسمياً ـ على هذا الأساس وأن يستميلوهم إلى اعتناق المسيحية وتلقي المعمودية وتمثل الحضارة الأوربية، وقد أخفقت المحاولات الأولى التي بذلت بسبب سرعة عمليات الاستيطان وما نتج عنها من صدامات وعمليات قمع وإبادة، اتسم معظمها بالوحشية. وآل الأمر إلى تناقص أعداد السكان الأصليين تناقصاً سريعاً، وبدا أنهم غير قادرين على تقبل هذا التحول المفاجىء من حضارة العصر الحجري إلى حضارة العصر الحديث. وقد اضطرت الدولة منذ منتصف القرن التاسع عشر إلى تبني سياسة حماية خاصة لهم في محميات، للإبقاء على حياة هؤلاء، وتسهيل عملية «التحول الحتمي». وفي عشرينات القرن العشرين بدأ المستوطنون البيض يشعرون ببعض الأسى لموقفهم من السكان الأصليين، فطرحت منذ عام 1931 حلول إيجابية تقوم على الاقتناع بأن توفير الرعاية الصحية المناسبة لهؤلاء السكان وبعض فرص التعليم والاستخدام سيزيد إسهامهم في الحياة الأسترالية، وتبنت الحكومة الاتحادية والولايات الأسترالية، التي ظلت مسؤولة عن السكان الأصليين ضمن حدودها، سياسات مماثلة، وساعدت البعثات التبشيرية في تطبيق جزء منها، ثم حذا رجال الإدارة حذو الحكومة في هذا الصدد منذ الخمسينات. وتولت هيئة عليا أحدثت عام 1958، دعيت «المجلس الاتحادي لتطوير السكان الأصليين»، تنسيق جهود الجهات الحكومية وغير الحكومية المعنية بشؤون هؤلاء، وتم تبني دستور لهم يتضمن خمسة مبادىء رئيسة هي: حقوق متساوية، مستوى معيشة مناسب يوفر الصحة والرفاهية بما فيها الغذاء والكساء والسكن والرعاية الصحية، أجر متساوٍ لعمل متساوٍ، تعليم حر وإلزامي لمن تخلى عن التزامه القبلي، الإبقاء على محميات السكان الأصليين التي ظلت قائمة. ومنذ عام 1959 أخضع كل السكان الأصليين لرعاية القوانين الاجتماعية الاتحادية التي ضمنت لهم تعويضات العملِ ومِنَح الأمومة والتدريب المهني وغير المهني والتعليم الأولى. وحصل بعضهم على منح جامعية. وقد تخرج في جامعة أسترالية الوطنية عام 1966 أول حائز على شهادة جامعية من السكان الأصليين ويعمل عدد كبير من السكان الأصليين والمهجنين رعاة بقر وميكانيكيين وحرفيين في المزارع وفي المدن. وفي عام 1960 اتخذ قرار بضرورة إلغاء المحميات والتخلي عن عزل السكان الأصليين فيها بأسرع وقت، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتمثلهم في الحياة الأسترالية المعاصرة. وتبنى البرلمان الاتحادي عام 1962 قراراً بتحريرهم وترك مسألة قيدهم في الأحوال المدنية اختيارياً. وقد فتح هذا الإجراء الطريق أمام السكان الأصليين للعيش كأي أسترالي آخر بحقوقه وامتيازاته ومسؤولياته، ولكن تمثلهم ما يزال بطيئاً، ويفضل بعضهم البقاء في مجتمعات مستقلة، ويبدي بعض الناطقين باسمهم تحفظه لما يخشونه من تهديد لوجودهم وهويتهم الاجتماعية وثقافتهم الأصلية. وتبين الإحصاءات أن ما لا يقل عن ألفي أسرة ما تزال تعيش حياة بدائية ولاسيما في المناطق الداخلية وفي إقليم الأراضي الشمالية وفي غربي أسترالية، ويقدر السكان الأصليون الأقحاح اليوم بنحو 40,000 نسمة، وأما المهجنون منهم فيقدر عددهم بنحو 300,000 يندمج كثير منهم تدريجياً في المجتمع الأسترالي.
محمد وليد الجلاد
الجغرافية الاقتصادية
عمل الأوربيون الذين وفدوا إلى الجزيرة الأسترالية منذ القرن السادس عشر على استغلال مواردها الطبيعية. ففي البدء انصرف المهاجرون إلى الزراعة والرعي التجاري واستثمار الثروة الغابية والثروات المعدنية، واهتموا بتطوير عمليات الإنتاج في هذه الميادين فحققوا فيها نتائج مشجعة. واستمر نشاطهم على هذه الصورة، حتى بداية القرن العشرين مع الاعتماد على الزراعة والإنتاج الرعوي قبل كل شيء. ومع أن الصناعة أحرزت بعض التقدم حتى ذلك التاريخ، فقد بقي الإنتاج الصناعي دون الإنتاج الزراعي والرعوي الذي تدخل معظم حاصلاته في قائمة الصادرات، ولم تخرج مهمة الصناعة عن إنتاج ما يغطي الحاجات المحلية. إلا أن هذا الوضع أخذ يتبدل، بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، فاستفادت أسترالية من الأحوال التي مرت بها، وخطت خطوات سريعة في عملية التصنيع أدت إلى زيادة الدخل الصناعي وتفوقه على دخل الإنتاج الزراعي والرعوي والغابي.
الإنتاج الزراعي والرعوي في أسترالية
مع أن مساحة الأراضي الزراعية في أسترالية لا تزيد على 9% ولا تزيد مساحة الأراضي التي تصلح للرعي على 42% من مجموع المساحة العامة، فأسترالية واحدة من المناطق الزراعية والرعوية الكبرى في العالم، وتعد من أكبر منتجي الحاصلات الزراعية والرعوية نسبة إلى عدد سكانها. ويصيب الفرد الواحد في أسترالية وسطياً هكتاراً واحداً من الأرض المزروعة و16 رأساً من الغنم وبقرتين. وتستطيع أسترالية أن تصدر قسماً كبيراً من إنتاجها، وقد بلغت نسبة الحاصلات الزراعية والرعوية في مطلع الستينات من القرن العشرين 85% من مجموع صادراتها.
يهدد الجفاف الزراعة وتربية المواشي في أسترالية تهديداً دائماً وتتسبب سنوات الشح والقحط في كوارث اقتصادية ضخمة، كما حدث في سنوات 1902 و 1944 حين نفقت ملايين الحيوانات جوعاً وعطشاً، وتدهور الإنتاج الزراعي. وتعد مواجهة هذا الخطر وإيجاد الحلول المناسبة له من أهم مشاغل المزارع الأسترالية. كما تسعى الحكومة الأسترالية إلى توفير الوسائل الملائمة للتخلص من هذا الخطر باستغلال الشبكة المائية وبناء السدود ومد قنوات الري وحفر الآبار الارتوازية، وقد نجح الجيولوجيون في اكتشاف أحواض مائية كبيرة تم استغلالها لمواجهة النقص الكبير في المياه. غير أن الثروات المائية والأنهار الغزيرة قليلة في أسترالية.
ويجف معظم الأنهار بضعة أشهر في السنة. لذلك تبقى الأراضي التي يمكن ريها محدودة المساحة، وهي لا تتجاوز في حوض نهري موراي ودارلنغ 600 ألف هـكتار. كما أن أكثر المياه الجوفية على وفرتها، مالحة ومرتفعة الحرارة، ولا تصلح إلا لسقي الماشية بعد تبريدها. وتتناقص كمياتها باستمرار لأنها جيولوجية المنشأ لا تتجدد ولا تعوض الأمطار القليلة ما يفقد منها. ومع هذا فإن لنهر موراي الفضل الأول في توسع الزراعة المروية في الجزيرة. وقد شيدت عليه سدود وخزانات مائية لخدمة أعمال الري ولتوليد الكهرباء. ومن أهم مشاريع الري في حوض هذا النهر سد بَرنجاك Barrenjack الذي يسقي أراضي القسم الأعلى من الحوض أما نهر سْنووي Snowy فقد أقيم عليه سد كورلو Corluo والخزانات الكبرى التي تولد نحو ثلاثة ملايين كيلواط. وهناك أيضاً مشروع خزان كيوا Kiewa في ولاية فكتورية، الذي يولد الطاقة الكهربائية لمصانع ملبورن، إضافة إلى المساحات الواسعة التي يسقيها. ويقع القسم الأكبر من الأراضي التي تعتمد على الري في المناطق الجنوبية الشرقية من جزيرة أسترالية أي في ولايتي نيوساوث ويلز وفكتورية. وأسترالية فقيرة إلى التربة على وجه العموم إذ ينعدم الدبال تقريباً في المناطق الجافة على اتساعها. كما أن الصخور البلّورية القديمة المتفككة لا تعطي تربة غنية، والمساحات التي تغطيها اللحقيات محدودة جداً. ويضاف إلى ذلك قسوة المناخ وانجراف التربة التي لا يحميها غطاء نباتي، وتعد الآفات الزراعية من أكبر المشاكل التي تواجهها الزراعة والري في أسترالية. فالأرانب التي أدخلت إلى أسترالية تكاثرت تكاثراً لا يمكن تصوره، وصارت تشارك المواشي غذاءها. ولم تنجح محاولات كثيرة ومكلفة في الحد من أضرارها. وكانت أنجع تلك المحاولات نشر ميكروبات خاصة فتكت بأكثر من 300 مليون أرنب في عام واحد. ومن مشكلات الزراعة الأخرى قلة طرق المواصلات التي تؤثر سلباً في أعمال الزراعة والرعي لصعوبة إيصال الإنتاج إلى موانىء التصدير. وإذا كانت منتجات الجزء الجنوبي الشرقي من قمح وصوف ولحوم تصل بسهولة إلى مرفأي سدني وملبورن، فإن من أهم أسباب عدم تقدم الزراعة وتربية الماشية في ولاية كوينزلند نقص المواصلات. كما أن قلة عدد السكان والحد من الهجرة وتقدم الصناعة واستدراجها جزءاً من العاملين في القطاع الزراعي، أوصلا البلاد إلى حالة نقص شديد في اليد العاملة في مجالات الزراعة والرعي. فتناقص عدد العمال الزراعيين بين عامي 1939 و1948 بمقدار الربع. وأصبح استثمار مساحات جديدة من الأمور الصعبة. وأخذ المزارعون الذين لا تربطهم بالأرض رابطة متينة يفضلون الفعاليات التي تكتفي بالقليل من اليد العاملة. كذلك فإن عدم ثبات أسعار الغلات الزراعية والحيوانية وارتباط أسترالية بالتزامات تجارية مع الكومنولث البريطاني يفرض عليها بيع منتجاتها لإنكلترة بأسعار تقل عن الأسعار العالمية.
المحصولات الزراعية في أسترالية
تتنوع المزروعات في أسترالية لامتدادها على مناطق مناخية متعددة ففيها مزروعات المناطق المعتدلة وشبه المدارية والمدارية. إلا أن اتساع البقاع الصحراوية الجافة في المنطقة المدارية، وكون معظم المزارعين ينحدرون من أصل إنكليزي حدّ من تنوع المحاصيل المدارية باستثناء قصب السكر. فالصويا والذرة والفول السوداني والقطن كلها زراعات مدارية يمكن أن تنتج في كوينزلند ولكنها بقيت مهملة ولا تزيد المساحات التي تزرع قطناً على سبيل المثال على 2000 هـكتار مع التشجيع والترغيب بزراعته. أما أهم المحصولات الزارعية فهي:
القمح
وتشغل زراعته نحو نصف مساحة الأراضي الزراعية. ويعد من أهم الغلات المعدة للتصدير. فأسترالية رابع دول العالم المصدرة للقمح بعد كندا والولايات المتحدة والأرجنتين. ويزرع القمح في السهول الداخلية من الجزء الجنوبي الشرقي من الجزيرة في نطاق يشبه الهلال كما يزرع في الهضبة الغربية شرق مدينة بيرث بطريقة الزراعة الواسعة الممكننة. والمردود ضعيف بوجه عام ومتغير من عام إلى آخر ويتذبذب الإنتاج تبعاً لاختلاف كمية الأمطار، واليد العاملة، والأسعار العالمية. فبعد أن هبط الإنتاج إلى 4 ملايين طن بعيد الحرب العالمية الثانية عاد منذ عام 1955 إلى الارتفاع التدريجي حتى وصل في السنوات الأخيرة إلى نحو 9 ملايين طن. ومع أن هذا الإنتاج لا يزيد على 3% من جملة الإنتاج العالمي، فإن إمكان تصدير 50% منه تجعل أسترالية من أهم الدول المصدرة للقمح في العالم. ومعظم هذه الكمية يصدر إلى إنكلترة وإلى بقية دول الكومنولث. وهو مرغوب لأن دقيقه ناصع البياض ويعطي خبزاً جيداً.
الشعير: وتتركز زراعته في القسم الجنوبي الغربي من ولاية فكتورية وفي الحوض الأدنى لنهر موراي. ويتذبذب إنتاجه وفق إمكانات صناعة الجعة المحلية. فبعد أن ارتفع الانتاج إلى نحو مليون ونصف مليون طن في عام 1960 انخفض في السنوات الأخيرة إلى نحو مليون طن. تفيض منه كمية كبيرة عن حاجة الاستهلاك المحلي فتصدر إلى الخارج.
الذرة
لم تتوسع زراعة الذرة في أسترالية كما اتسعت في الولايات المتحدة بسبب عدم ملاءمة المناخ والتربة ولقلة اليد العاملة من جهة، وحاجة الاستهلاك المحلي المحدودة منها من جهة أخرى. ويغطي الإنتاج اليوم حاجة البلاد من الذرة (145 ألف طن). قصب السكر: تتوافر الشروط الجيدة لزراعة قصب السكر في السهول الساحلية للمنطقة الشمالية الغربية بولاية كوينزلند. وتلقى هذه الزراعة تشجيعاً وحماية، ومردودها جيد، فكل سبعة أطنان من القصب تعطي طناً واحداً من السكر، إلا أن تكاليفها مرتفعة، لأن اليد العاملة البيضاء التي تعمل فيها لا تقبل بأجور متدنية، ومع ذلك فالإنتاج بازدياد وقد وصل في السنوات الأخيرة إلى 10 ملايين طن تعطي 1.6 مليون طن من السكر تصدر منه كميات لابأس بها.
البطاطا
وهي من المحاصيل الغذائية المهمة في أسترالية وتزرع في مناطق متفرقة في جنوبي الجزيرة وغربيها، والإنتاج في ازدياد، وقد بلغ في السنوات الأخيرة أكثر من 573 ألف طن.
ومن أهم المنتجات الزراعية الأخرى التبغ الذي يزرع في المناطق المدارية الموسمية في شمالي الجزيرة ويغطي إنتاجه خمس حاجة الاستهلاك المحلي فقط، والرز الذي نجحت زراعته في حوض نهر موراي، ويفيض محصوله على قلته عن حاجة الاستهلاك لأن الطلب عليه محدود، كذلك اهتم سكان أسترالية بزراعة الأشجار المثمرة والخضر. وتحتل كروم العنب مكان الصدارة بينها وهي نوعان: نوع لإنتاج عنب المائدة، وآخر لإنتاج الخمور التي يصعب تصدير الفائض منها بسبب منافسة الخمور الأوربية. وتأتي بعد ذلك ثمار المناطق المعتدلة الأخرى كالتفاح والدراق والحمضيات، وثمار المناطق المدارية كالموز والأناناس. وإن موقع أسترالية في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية يساعدها على تصدير الفائض من منتجات ثمارها إلى أسواق النصف الشمالي في غير مواسمها. أما الغابة الأسترالية التي لا تغطي أكثر من 4.5% من المساحة العامة فتسود فيها شجرة الكينا التي تستغل لصناعة بعض الأدوية والعطور. وقد أدخلت شجرة الصنوبر إلى الجزيرة منذ أمد ليس ببعيد وهي لا توفر إلى اليوم أكثر من نصف الحاجة المحلية من الأخشاب الطرية ومعاجين الورق.
تربية الماشية والإنتاج الرعوي في أسترالية
مع أن دخل الإنتاجين الزراعي والرعوي يحتل اليوم نحو نصف دخل أسترالية القومي، ويتراجع أمام تقدم الصناعة المستمر، فإن الكثير من صناعات أسترالية تقوم على الإنتاج الرعوي. وهذا ما يدفع الدولة إلى الحفاظ على المراعي وتحسينها بشتى الوسائل ومنها مكافحة الحيوانات الضارة والتي تشارك الماشية في أكل العشب، ومد قنوات المياه، وحفر الآبار الارتوازية لسقي الماشية، وري الأرض عند انحباس الأمطار، وتحويل الرعي إلى المناطق التي تتلقى كميات من الأمطار كافية لإنبات عشب جيد. وتكثر مناطق الرعي الجيدة في الأجزاء الساحلية من المنطقة الجنوبية الشرقية وفي حوض نهر موراي في مناطق زراعة القمح في ولايتي فكتورية ونيوساوث ويلز في الأجزاء الجنوبية الغربية من الجزيرة.
الأغنام
تملك أسترالية نحو سدس أغنام العالم، ولا تقل ثروتها اليوم عن 155 مليون رأس. ويتألف معظم هذا القطيع من أغنام المورينوس التي تعطي أحسن أنواع الصوف في العالم، والباقي من الأنواع الأخرى المتصالبة التي تعطي لحماً جيداً. وقد عمد الأستراليون إلى تحسين سلالات الأغنام التي يربونها حتى وصل مردود الرأس من الصوف إلى 4كغ، وأصبحت أسترالية تنتج أكثر من ربع إنتاج العالم من الصوف (أكثر من 800 ألف طن في السنة) ويبلغ مردوده 40% من قيمة دخل جملة الإنتاج الرعوي. وتحتل أسترالية المكانة الأولى بين مصدري الصوف وتسيطر موانئها على تجارته.
الأبقار
تأتي الأبقار في المرتبة الثانية بعد الأغنام من حيث قيمتها. وكان قطيعها نحو 23 مليون رأس منها 15 مليون رأس لإنتاج اللحوم والباقي لإنتاج الحليب. وتربى الأبقار وبكثافة في المنطقة الجنوبية الشرقية حول نهر موراي (63 رأس في الكيلو متر المربع) ومعظمها لإنتاج الحليب. وتزيد كمية إنتاج الألبان على سبعة ملايين طن. أما في الشمال فتربى الأبقار في مناطق السافانا للحومها (من 6 إلى 15 رأس في الكيلو متر المربع الواحد) يُستهلك 75% منها في الداخل بسبب ارتفاع نسبة استهلاك اللحوم، ويصدر الباقي إلى الخارج، ولاسيما إلى دول الكومنولث البريطاني.
وتربى في الجزيرة أعداد كبيرة من الخنازير والخيول والدواجن والطيور. إلا أن تربية الخيول تقهقرت أمام استعمال الآلة، وتربى اليوم من أجل الرياضة والصيد. أما الخنازير فتربى في مناطق كوينزلند ونيوساوث ويلز وفكتورية ولا يزيد عددها على 1.5 مليون رأس تغطي حاجة الاستهلاك المحلي، ويصدر الفائض القليل، كما تصدر أسترالية كميات كبيرة من عسل النحل والبيض. الأسماك والحيوانات المائية: ما يزال صيد البحر قليل الأهمية في أسترالية لأن سكانها لايستهلكون كميات كبيرة من الأسماك. ولاتزيد كمية الأسماك التي تستخرج سنوياً على 70 ألف طن، إضافة إلى أعداد لا بأس بها من حوت البالين الذي يستخرج منه كميات وافرة من الزيت.
مركز صناعة الحديد في ميناء كمبالة
الإنتاج المعدني والصناعة في أسترالية
تعد أسترالية في السوق العالمية مصدراً للخامات. وكانت المنتجات الحيوانية والزراعية حتى وقت قريب تحتل المكانة الأولى في قائمة الصادرات، إلا أن الخامات المعدنية من حديد وبوكسيت ومعادن أخرى زاحمتها واحتلت مكانها، كذلك فإن المنتجات الصناعية تؤدي اليوم دوراً مهماً في صادرات أسترالية. ويجتذب ثراء البلاد بالخامات وفرص الحصول على أرباح كبيرة واستقرار النظام الرأسمالي الاحتكارات العالمية القوية إلى أسترالية. حتى غدت هذه الاحتكارات تمتلك اليوم 20% من الثروة الباطنية (رأسمال صناعة السيارات مثلاً هو رأسمال أجنبي بكامله).
وأسترالية غنية بأنواع مختلفة من مصادر الطاقة. ويعد الفحم والنفط المصدرين الرئيسين لتوليد الطاقة، إضافة إلى اليورانيوم الذي يتوافر فيها، ويستعمل وقوداً في المحطة الكهرذرية في منطقة ماونت إيزا. كما أن إنشاء سلسلة من المحطات الكهرمائية في الجبال رفع نسبة إنتاج المصادر المائية من الكهرباء إلى 20% من مجموع الطاقة الكهربائية.
وتقع أهم مناجم الفحم في السفوح الجبلية بالقسم الشرقي من ولايتي نيوساوث ويلز وكوينزلند. وأحسنها المناجم القريبة من سيدني ونيوكاسل. والفحم فيها من النوع الجيد السهل الاستثمار لثخانة طبقاته وقربها من السطح. وقد ارتفع الإنتاج في السنوات الأخيرة إلى أكثر من 60 مليون طن، وهو يفيض عن الحاجة الاستهلاكية المحلية ويصدر جزء منه.
وصناعة التعدين من أقدم القطاعات الاقتصادية في أسترالية، ومعظم إنتاجها للتصدير. وأهم منتجاتها خامات الحديد والنحاس والرصاص والتوتياء والقصدير والبوكسيت والتنغستن والكروم. وتوجد أكثر مكامن خامات الحديد والنحاس غنى في مناطق بروكن هيل وماونت إيزا. كما توجد طبقات من خامات الحديد العالمية الرتبة في أقصى شمال غربي الجزيرة. وتنقل الخامات إلى مواقع مناجم الفحم ومراكز الصناعة الثقيلة بحراً. أما خامات البوكسيت المهمة والتي يبلغ إنتاجها ربع الإنتاج العالمي تقريباً، فتوجد في شبه جزيرة كيب يورك وفي المنطقة الشرقية من البلاد. وتوجد أهم مناجم القصدير في الشمال الشرقي من ولايتي نيوساوث ويلز وكوينزلند، وفي سهول أسترالية الغربية. وتنتشر خامات الرصاص والتوتياء والفضة في منطقة بروكن هيل في ولاية نيوساوث ويلز وفي جبال سلوين في ولاية كوينزلند. أما الذهب الذي يبلغ إنتاج أسترالية منه نحو 24% من الإنتاج العالمي تقريباً فيستخرج من مناطق الإنتاج القديمة في أطراف المناطق الداخلية الصحراوية (كلغورلي وكلغاردي)، ومن المناطق الجديدة في ولايتي فكتورية وكوينزلند.
ويقع أضخم مجمع تعدين في أسترالية، بل في نصف الكرة الجنوبي، في الساحل الشرقي من الجزيرة.
وتؤلف الصناعة التحويلية اليوم القطاع الرائد في الاقتصاد الأسترالي إذ تغطي ثلثي قيمة الإنتاج العامة. وقد ساعد توافر المعادن وتنوعها ووجود الفحم الجيد بوفرة على تمكين أسترالية من إضافة النشاط الصناعي إلى جملة النشاطات التقليدية والأساسية المتمثلة في تربية الحيوان والزراعة. وتتركز المناطق الصناعية فيها في ثلاثة أقاليم رئيسية هي: إقليم السهول الساحلية الشرقية والجنوبية الشرقية حول نيوكاسل وسيدني وملبورن، وإقليم خليج سبنسر حول بيري ووايالا وأديلايد، وإقليم ساحل ولاية أسترالية الغربية حول فرمنتل وبيرث.
وتحتل الصناعات الثقيلة (الحديد والصلب والصناعات الحرارية وبناء السفن وصناعة الآلات الميكانيكية والجرارات والصناعات الكيمياوية) مركزاً ممتازاً بين الصناعات الحديثة في البلاد. وتتركز هذه الصناعات بالقرب من مناجم الفحم، ولاسيما في القسم الجنوبي الشرقي من ولاية نيوساوث ويلز. وأهم مركز لهذه الصناعات إطلاقاً هو القسم الأدنى لوادي هنتر الذي يطلق عليه اسم وادي الرور الأسترالي. وتشرف شركة بروكن هيل، وهي أكبر شركة تعدين في أسترالية، على بناء الأفران العالية في إقليم نيوكاسل حيث تركزت صناعة الحديد الصفائحي والصلب والأنابيب والأسلاك والإسمنت والسوبر فوسفات.
وتتركز صناعة بناء السفن على طول الساحل الجنوبي الشرقي ولاسيما في بريسبان ونيوكاسل وسيدني وملبورن، وفي ميناء وايالا على خليج سبنسر. وتتركز صناعة الأدوات الميكانيكية وقطارات السكك الحديدية في كل من نيوكاسل وملبورن وأديلايد. أما الصناعات الكيمياوية وصناعة السيارات فتتركز في سيدني وملبورن وأديلايد.
وتتوزع الصناعات الخفيفة (المنسوجات الصوفية والقطنية والحريرية) في كل المدن الكبيرة. وفي المدن الصغيرة الواقعة في نطاق المراعي توجد الصناعات القائمة على المنتجات الأولية الزراعية والحيوانية (اللحوم والزبدة والجبن ودقيق القمح والنبيذ والجعة ولب الخشب والورق والخضراوات والفواكه المعلبة والسكر). ويصدر جزء مهم من إنتاج هذه الصناعات.
طرق المواصلات والتجارة
تقوم السكة الحديدية بالدور الأساسي في النقل الداخلي. ويتنامى دور النقل بالسيارات التي يزيد عددها على 8.2 مليون سيارة، أي سيارة لكل 2.2 شخص وسطياً. وترتفع كثافة الطرق البرية في الأجزاء الجنوبية الشرقية والجنوبية الغربية. وللملاحة الجوية دور مهم في نقل البضائع الخفيفة الوزن الغالية الثمن. وفي نقل المسافرين في بلاد تطول فيها المسافات. كما تقوم الملاحة البحرية الشاطئية بنقل البضائع والمواد الثقيلة بين مختلف الولايات.
وتتحقق الاتصالات الخارجية بالنقل البحري الواسع وبالنقل الجوي. وتشغل الخامات والمواد نصف الجاهزة ثلاثة أرباع حجم الصادرات. كما تشغل المنتجات الصناعية جزءاً مهماً من الصادرات. وللولايات المتحدة الأمريكية اليوم المكان الأول في تجارة أسترالية الخارجية تليها اليابان ثم المملكة المتحدة ثم بقية دول العالم ولاسيما دول جنوب شرقي آسيا ودول رابطة الشعوب البريطانية (منظومة الأسترليني). وتعد أسترالية، على قلة عدد سكانها، من الدول التجارية الكبرى في العالم. وحصة الفرد فيها من دخل التجارة الخارجية مرتفعة. وتتألف صادرات أسترالية من 21.3% منتجات غذائية، و17.7% فحم، و15.3% من النفط والغاز، و15.3% أدوات ومنتجات صناعية، و13.3% مكنات (آلات) ووسائط نقل، و11.5% خامات معدنية، و5.8% ذهب، و6.1% خيوط وغزول. وتقدر قيمة صادراتها لعام 1997 بنحو 78.93 مليار دولار أسترالي (الدولار الأمريكي يعادل 1.63 دولاراً أسترالياً).
أما واردات أسترالية فتتألف من 46.4% آلات ووسائط نقل، و28.6% منتجات صناعية، و11.3% منتجات كيمياوية، و6% محروقات وزيوت وشحوم معدنية، وتقدر قيمة الواردات بنحو 79 مليار دولار أسترالي للعام نفسه. ويميل الميزان التجاري نحو الربح في معظم السنوات على الرغم من الحالة القريبة من التوازن لعام 1997. وتتركز التجارة مع الخارج في المراكز التجارية الكبرى مثل سيدني وملبورن وأديلايد ونيوكاسل.
انظر أيضاً
|
المصادر
- محمود رمزي. "أسترالية". الموسوعة العربية.
وصلات خارجية
- (إنگليزية) (بالفرنسية) Map of Australia from 1826