تل حبوة
تل حبوة موقع أثري في شمال سيناء، على مسافة 3 كم شرق قناة السويس الى الشمال الشرقى من مدينة القنطرة شرق وكذلك شمال شرق طريق القنطرة-العريش الحالي.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الموقع الجغرافى
يقع تل حبوة على مسافة 3 كم شرق قناة السويس الى الشمال الشرقى من مدينة القنطرة شرق وكذلك شمال شرق طريق القنطرة-العريش الحالي. وقد ورد ذكر الموقع للمرة الأولى في المقال الشهير للعالم الانجليزى الن جاردنر سنة 1920 وهى الدراسة الشهيرة عن الطريق الحربى القديم المعروف باسم طريق حورس الحربى بين مصر و فلسطين . وقد حدد جاردنر الموقع على اساس انه المنطقة الثانية على طريق حورس طبقاً للنقش الشهير للملك سيتى الأول على الجدار الخارجى لصالة الأعمدة بمعبد الكرنك. وقد وصف الموقع على اساس ان بقايا من الطوب الأحمر وانه يقع على طريق القنطرة شرق العريش مباشرة . واعتبر جاردنر الموقع الذى عرف بتل حبوة هو ذات المكان الذى ورد في نقش الكرنك باسم قلعة الأسود أو قلعة رمسيس الثانى مع انه ذكر ان ما يظهر من الموقع من آثار على السطح تعود للعصر الروماني.
وأثناء الاحتلال الاسرائيلى لسيناء بعد عام 1967 كانت هناك محاولات من جامعة بن جوريون للقيام باعمال المسح الاثرى التى حددت عدة مواقع في المنطقة المعروفة بمثلث القنطرة شرق-بورفؤاد (شرق بورسعيد) – رمانة (شرق بلوزيوم) وهى المنطقة ذاتها المعروفة حالياً باسم سهل الطينة .
هذا الى جانب انها قامت باعمال المسح الاثرى لتحديد المواقع من عصر الدولة الحديثة , ولم يكن بين هذه المواقع تل حبوة حيث كان موقعاً عسكرياً لقربه من جبهة قناة السويس وقت الحرب . وبعد استعادة مصر سيادتها بعد حرب 1973 كانت بداية نشاط العمل الاثرى المصرى في سيناء . تم الكشف عن موقع آثار تل حبوة على اثر الكشف عن لوحتين للملك عاسح رع-نحسي، أحد الملوك المؤسسين لعصر الهكسوس. هذا بالاضافة الى الكشف عن عتب باب يحمل خرطوش باسم الملك سيتى الأول. وكان ذلك الكشف في بداية عام 1983 هو البداية لتحديد احد المواقع الآثرية الهامة في شمال سيناء ثم بدأت اعمال الحفائر بطريقة منظمة منذ عام 1985 وحتى الان مازالت جارية وتأتى بالمزيد من المعلومات عن المدخل الشرقى لمصر .
اهم الاكتشافات الآثرية بتل حبوة
اسوار القلعة
قداسفرت اعمال حفائر بعثة هيئة الآثار المصرية بتل حبوة عن الكشف عن اكبر القلاع القديمة في شمال سيناء او المدن المحصنة حيث بلغت اطول اسوار القلعة المكتشفة 800 طولاً X 350 عرضاً والاسوار المكتشفة توضح الشكل المستطيل للمدينة القديمة ومبنية بالطوب اللبن ومدعمة بالابراج او الدخلات والخرجات على مسافات منتظمة كل 15م والقلعة مبينة من اسوار مزدوجة او ذات جدارين حيث بنى الجدار بسمك 180 سم و الجدار الثانى بسمك 4م , وكشف عن مسافة فارغة بين الجدارين بمسافة 9م . وقد شهدت القلعة نوعاً من الترميم للسور الشمالى , وخاصة في الجزء الثانى الشمالى الغربى منها باضافة سور ملاصق للسور الاقدم مع الاحتفاظ بنفس المقاسات لموقع الابراج التى تدعم السور الشمالى . واسوار القلعة المكتشفة لم يكشف فيها إلا عن مدخل واحد فقط في السور الغربى الذى يفتح في اتجاه مصر والدلتا , والمدخل يفتح في منتصف السور الغربي. وبعد الكشف عن الاسوار بدأت اعمال الحفائر في الكشف عن عدة مبانى هامة داخل اسوار القلعة يمكن تحديدها طبقا للخريطة الطبوغرافية للموقع والمبانى المكتشفة
- موقع المخازن والصوامع الموازى للسور الشمالى (منطقة ب)
اسفرت اعمال الحفائر في المنطقة التى تقع بمحاذاة السور الشمالى للقلعة عن الكشف عن منطقة مخازن وصوامع غلال لعد كبير من هذه الصوامع وبمقاسات مختلفة وبما يشكل مخازن مركزية,وكانت الصوامع تقع داخل مباني ملاصقة تماماً لسور القلعة وموازية تقريباً للسور , وذات شكل دائرى .
كما ان هذه الصوامع كانت مبنية من الطوب اللبن هذا بالاضافة الى مخازن مستطيلة موازية أيضاً لسور القلعة في شكل صف من المخازن المستطيلة.وهذه المخازن كانت تصل بينها شوارع ضيقة كما ان هذه المخازن شهدت اضافات من عصور لاحقة بداية من عصر الأسرة الثامنة عشر .
المبنى الادارى رقم I منطقة ب BAT. I
الى الجنوب من منطقة الصوامع الموازية للسور الشمالى تم الكشف عن احد المبانى الادارية . وهو عبارة عن مبنى من الطوب اللبن مكون من مجموعة من الصالت المستطيلة والحجرات وموازى لاحد الشوارع الضيقة . ويعتقد انه مبنى مهم لانه مجاور لمنطقة المخازن بالاضافة الى سمك الاسوار , وأيضاً ارضيات المبنى كانت مغطاة بالطوب اللبن . واتجاه موقع المبنى يوضح انه ذا علاقة مباشرة بمنطقة الصوامع , ويمكن ان يكون لخدمة المشرفين على الصوامع ومنطقة المخازن الرئيسية في المدينة .
واستخدام الموقع في فترة لاحقة في العصر الروماني كجبانة هو الذى يفسر العثور على عدد من الدفنات الادمية في اجزاء مختلفة من المبنى , وكذلك الدفن في جدران المبنى بعد ان هجر المكان واستخدم كجبانة في عصر لاحق .
بقايا مبانى القصر الجنوبى (منطقة ج مبنى BAT II)
وقد اسفرت الحفائر لبعثة الآثار المصرية عن الكشف عن بقايا ما يحتمل انه قصر مبنى بالطوب اللبن ذو صالة مستطيلة يتوسطها قاعدة عمود من الحجر الجيرى والأرضية مغطاة بطبقة من الطوب اللبن . والصالة المستطيلة تفتح على ستة غرف على الجانبين في الشرق و الغرب , كما ان االصالة الرئيسية لها مدخلين في الجنوب منها , كما ان المبنى مضاف اليه عدد اربعة غرف , ربما كمخازن في الجبهة الشرقية من المدخل . والمبنى بنى فوق طبقات اقدم من العصر الذى استخدم فيه , والذى من الواضح انه يمكن ان يؤرخ بعصر الملك سيتى الأول , حيث عثر على كتف باب من الحجر الرملى منقوش عليه خرطوش باسم الملك سيتى الأول .
كما ان الطبقات الاقدم مما عثر عليه من آثار منقولة من الممكن ان يؤرخ بنهاية عصر الانتقال الثانى . والى الشمال من الموقع تم الكشف عن عدد من الافران بعدد كبير وبقايا حريق كبير ومن الممكن ان تكون منطقة صناعية لما كشفت عنه باقيا آثار معدنية من النحاس و البرونز .
المخازن المحصنة في الجهة الشمالية الغربية
من اهم ما كشفت عنه الحفائر في الجهة الشمالية الغربية والموازية للسور الشمالى والسور الغربى هو الكشف عن مجموعة من المبانى تشكل وحدة متكاملة لمخازن محصنة (منطقة ب مخازن غلال GR II) ذات جدران سميكة بعرض 3م واغلب الصلات المكتشفة مستطيلة الشكل ذات فناء واسع يفتح الى الجنوب بمدخل واحد جنوب الفناء والمبنى مقام على انقاض طبقات اقدم منه تم تأريخها بنهاية عصر الانتقال الثانى وهذه المبانى متشابهة مع المبانى المكتشفة في تل الضبعة أڤاريس عاصمة الهكسوس . كما عثر تحت جدران المبانى من ناحية الفناء على بقايا دفنات للخيول وهذه الدفنات ليس لها علاقة بالمبنى المكتشف ,والذى تم تاريخه بعصر الأسرة التاسعة عشر من عصر الملك سيتى الأول . كما تم الكشف عن مجموعة من المنازل والمبانى الادارية التى تخدم هذه المنطقة , وتقع الى الجنوب من المبنى وموازية للسور الغربى , وتنتهى عند فتحة المدخل الغربى للمدينة .
القطع الآثرية المكتشفة
ومن دراسة القطع الآثرية المكتشفة بتل حبوة يتضح انها تؤرخ الموقع بأنه استخدم على الأقل في ثلاث عصور .
ومن دراسة القطع الفحارية العديدة تم تأريخ هذه الطبقات طبقاً للدراسات التى تمت بالموقع بدراسة الطبقات الآثرية والقطع الفخارية المكتشفة . وامكن تحديد عدد كبير من القطع الفخارية المصنوعة محلياً , وكذلك تم الكشف عن ان الفحار المستورد من جنوب فلسطين و سوريا و قبرص يمثل نسبة كبيرة أيضاً من الفخار المكتشف بتل حبوة حوالى 30% . ويوضح ذلك العدد المكتشف للفخار المستورد بتل حبوة عن ان المكان موقع استراتيجى هام على مدخل مصر الشرقى , كما ان الموقع يتحكم في بداية طريق حورس الحربى , كما ان الصلات التجارية يمكن ان تتضح أيضاً من خلال الكشف عن الفخار المستورد من الدول المجاورة على ساحل البحر المتوسط . كما القطع الفخارية التى تؤرخ بداية عصر الدولة الحديثة امكن المقارنة بينها وبين القطع الآثرية في شرق الدلتا و مصر العليا , هذا بالاضافة الى ان القطع من العصر الفارسى تعود الى النصف الأول من القرن الخامس قبل الميلادى , كما عثر على قطع تعود الى القرن الرابع والأسرة الثلاثون . كما ان القطع الآثرية تؤرخ بعصر الانتقال الثانى المعروف بعصر الهكسوس , حيث امكن مقارنتها بالقطع الفخارية المكتشفة بتل الضبعة افاريس وتل اليهودية وخاصة ذلك الفخار المعروف باسم فخار تل اليهودية ذو اللون الأسود . ومن اهم القطع المكتشفة من عصر الدولة الحديثة الاسرة الثامنة عشر من عهد الملك تحتمس الثالث الى الملك تحتمس الرابع تم الكشف عنها في الجبانة المكتشفة جنوب موقع تل حبوه خارج الاسوار .
وتجدر الاشارة الى ان الفخار المكتشف بتل حبوه تميزت احد النوعيات المكتشفة منه بالفخار المعروف بفخار النسيج اى المستخدم في صناعة النسيج كانت بالإضافة إلى المغازل أيضاً , وهو ما يدعم أن هذه الحرفة وهى صناعة النسيج كانت من الحرف المعروفة في المنطقة . كما ان ما عثر عليه من رؤوس سهام وحراب وادوات صيد تدل على حرف اخرى عرفتها المنطقة ايضا . كما يجدر الاشارة الى العثور على بقايا ادوات تستخدم في الصيد وهذا يعطى اهمية لموقع المدينة على الفرع البيلوزى القديم للنيل وكذلك قربها من البحيرات التى كانت بالمكنطقة ىف تلك الفترة من عصر الدولة الحديثة . كما ان العثور على عدد من القطع الآثرية المنقوشة بكتابات باسم الملك سيتى الاول اكثر من مرة يدعم ما جاء بنقش الكرنك عن طريق حورس ونشاط الملك سيتى الاول تجديد الطريق وانشاء عدد من القلاع سميت باسمه بطول الطريق .
الاهمية الاستراتيجية لموقع تل حبوه (ثارو)
ومن دراسة موقع آثار تل حبوه وما كشف به من آثار معمارية هامة خاصة بالتاريخ العسكرى والعمارة العسكرية على حدود مصر الشرقية نجد ان القلعة المكتشفة بتل حبوه هى الاكبر بالنسبة للمدن المحصنة المكتشفة في مصر من حيث المساحة لهذا التحصين الهام في ذلك الموقع الاستارتيجى الهام على مدخل الدلتا الشرقى على رأس الطريق المعروف باسم طريق حورس . وقد جاء اكتشاف موقع تل حبوه ليصحح ويدعم وكذلك ليحقق الموقع الصحيح على اقرب الاحتمالات لموقع قلعة ثارو في بداية طريق حورس كنقطة لانطلاق الجيوش المصرية لتأمين حدود مصر الشرقية في عصر الدولة الحديثة . كما ان انشاء القلعة في تلك المنطقة على انقاص مدينة من عصر الهكسوس على بعد 50 كم . من العاصمة افاريس يوضح اهمية المدينة من ناحية الموقع في التحكم في الطريق المؤدى الى الطرق المعروفة في الدلتا الى افاريس عاصمة الهكسوس وبر-عمسيس العاصمة التى انشأها الملك رمسيس الثانى وكذلك الى طريق وادى الطميلات . كما ان انشاء قلعة مصرية في ذات المكان التى كانت مستخدما على ما يبدو كتحصين عسكرى للهكسوس في مدخل مصر الشرقى و الدلتا على مجرى الفرع البيلوزى هذا الموقع يوضح الاهمية الاستراتيجية للموقع التى كشف فيه عن تل حبوه . كماان الكشف قلعة رومانية واخرى بطلمية بتل ابو صيفى بالقنطرة شرق يوضح الاهمية بالنسبة للكشف عن موقع تل حبوه ويدعم الاحتمالات القوية لاعتبار هذا المقوع انه الموقع الاقرب الى الصحيح لقلعة ثارو وخاصة بعد الكشف عن آثار مسجلة عليها اسم المدينة في المعبد الذى كشف عنه مؤخرا في حفائر المجلس الاعلى للآثار بتل حبوه جنوب المدينة والذى اعلن اخيرا .
المصادر
- المدخل الشرقي لمصر, يسرية عبد العزيز, القاهرة, 2003 *