الخصخصة في تركيا
اقتصاد تركيا |
---|
المالية |
مشروعات ومبادرات |
موضوعات أخرى عن تركيا |
الثقافة – التعليم |
أهم أعراض الأزمة المالية التركية الحالية (أغسطس 2018): حاجة ماسة لقروض لاستيراد أعلاف حيوانية (800 مليون دولار) ولحوم (2+ مليار دولار) وسكر (500+ مليون دولار) وقمح (1.2 مليار دولار). كل هذه الاحتياجات كان الانتاج المحلي يـلبـيـها بالكامل حتى 2009، حين باعت تركيا، حسب تقرير الأمم المتحدة (المرفق)، ضمن "مبادرة الخصخصة"، الأصول التالية، وغيرها، مقابل 30 مليار دولار:
- مصانع انتاج السكر في كوتاهية وأماسيا وقيصري
- مصانع إت وباليق للأعلاف الحيوانية.
- ومصنع سماد سمسون.
- مناجم الكروم
الحكومة أخدت عوائد الخصخصة ووزعتها على محاسيبها لعمل مشاريع عقارية، أحياء سكنية جديدة وعمارات وكباري وأنفاق. -- "نهضة الأسفلت والخرسانة".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خلفية
بدأت تركيا في مبادرة الخصخصة عام 1984 في محاولة لتخفيف قبضة الدولة على الاقتصاد والتحرك نحو المزيد من مبادئ السوق الحرة. من أجل الوقوف على تجربة الخصخصة التركية، لابد أولاً من فهم الاقتصاد التركي قبل مبادرة عام 1984. عندما تأسست الجمهورية التركية عام 1924 على يد مصطفى كمال أتاتورك، كان الهدف الرئيسي هو تعزيز الاقتصاد. في أعقاب الحرب العالمية الأولى، لم يكن لدى البلد الوليد أي نوع من الصناعات، ولم يكن لديه روح المبادرة، والأهم من هذا كلهم لم يكن لديها أية مدخرات. حاول أتاتورك التركيز على إنفاذ سياسات السوق الحر الليبرالي؛ إلا أن المناخ الاقتصادي في ذلك الوقت لم يكن مستعداً بعد للتحرك نحو هذا الاتجاه. بدلاً من ذلك، تأسست المؤسسات المملوكة للدولة. هذه المؤسسات يمكن استخدامها من قبل الحكومة لتطوير سياساتها الاقتصادية الصناعية. يمكنها تشكيل مشروعاً تجارياً أو أكثر حيث تملك الحكومة في المؤسسة نسبة 50% على الأقل. من أجل تسريع وتيرة النمو الاقتصادي، تأسست المؤسسات المملوكة للدولة في تركيا من أجل التمسك بالسياسات الاقتصادية التي تتمحور حول الدولة في فترة الخمسينات. بعد عام 1950 حاولت الحكومة التركية مرة أخرى إنفاذ مبادرات اقتصادية أكثر تحرراً. ومع ذلك، كان نمو القطاع الخاص يعاني من الركود، وقررت الدولة أن الطريقة الوحيدة لتشجيع النمو هي المزيد من التوسع في القطاع العام. من الستينيات حتى الثمانينيات أصبح الاقتصاد التركي "مختلطاً" بشكل متزايد. بحلول عام 1985 كانت الشركات المملوكة للدولة مسئولة عن 12% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي التركي. منذ الثمانينيات، اتبعت تركيا سياسات الاقتصاد الأكثر تحرراً في محاولة لإنشاء أسواق حرة، بهدف دمج الاقتصاد التركي مع بقية أوروپا والعالم. ومن ثم بدأت عملية الخصخصة عام 1985.
نشأة الخصصة التركية
في الغالب، فإن الخصخصة تعني نقل ملكية الدولة للأنشطة الصناعية والتجارية -سواء بشكل كلي أو جزئي- إلى القطاع الخاص من خلال بيع الأصول العامة. أصبحت الخصخصة واحدة من بين أهم قضايا الاقتصاد الكلي التي تحتل أكندا حكومات الكثير من البلدان النامية والمتقدمة، منذ أن اطلقت المملكة المتحدة برنامج توزيع مكثف في أواخر السبعينيات. تنطوي عمليات الخصخصة على آثار اجتماعية واقتصادية وتشريعية حاسمة على البلدان التي تنفذ مثل هذه البرامج؛ ومن ثم فهي ليست مجر مهمة بسيطة لبيع المؤسسات الاقتصادية الحكومية إلى الشركات المحلية أو الأجنبية. تحتاج عملية الخصخصةأن ينظر إليها كعملية متعددة الأبعاد وينبغي إنفاذها بعناية. بدأت تركيا مبادرة الخصخصة عام 1984 عندما شرعت الحكومة في إعداد تقييم لحالة الاقتصاد والفوائد الناجمة عن الخصخصة. نُشرت نتائج الدراسة في "المخطط الرئيسي" الذي أعده بنك مورگان ستانلي في مايو 1986. وقد تم تحديد الأهداف الواضحة لبرنامج الخصخصة في هذا التقرير كما يلي:
1- نقل عمليات صنع القرار فيما يخص المؤسسات الكبرى والأصول الوطنية من القطاع العام إلى القطاع الخاص لضمان دور أكثر كفاءة لقوى السوق الحرة.
2- من أجل تشجيع المنافسة، تعزيز الكفاءة وزيادة انتاجية القطاع العام.
3- من أجل تمكين انتشار أوسع للملكية المشتركة.
4- من أجل الحد من العبء المالي للمؤسسات الاقتصادية المملوكة للدولة على ميزانية التشغيل العامة.
5- من أجل زيادة ايرادات الخزانة.
تضمن المخطط الرئيسي قائمة من 32 مؤسسة مملوكة للدولة ليتم خصخصتها، فضلاً عن خطة لاعادة هيكلة مؤسسات أخرى ليتم خصخصتها لاحقاً. بعض من هذه الشركات كانت مستهدفة بالتخصيص على نحو فوري مثل بنك توريزم، الخطوط الجوية التركية، تلتاس، وتكتل الأسمنت التركي سيتوسان.
القطاعات المستهدفة للخصخصة
يمكن تطبيق الخصخصة في تركيا على المؤسسات المملوكة للدولة، فروعها، مشروعاتها، وحدات التشغيل والأصول داخل تلك المؤسسات. الأسهم العامة وأسهم الدولة داخل المنظمات التجارية لا تعتبر مؤسسات مملوكة للدولة، لكن غالبية الأسهم المملوكة للدولة قابلة للخصخصة. بالإضافة إلى ذلك، الأصول المنتجة للسلع والخدمات ضمن الميزانية الوطنية والتمويلية (السدود، البحيرات، الطرق السريعة، المستشفيات، الموانئ،.. الخ). يمكن وضعها في ملف الخصخصة أيضاً. في ملف الخصخصة الحالي يوجد عدد من المرافق الكهربائية وشركات توزيع الكهرباء، بالإضافة للموانئ الوطنية قيد الخصخصة.
طرق الخصخصة
تألفت محاولات الخصخصة التركية للأصول الحكومية من ثلاثة أنواع من تقنيات البيع: المبيعات الضخمة، الطرح العام للتعويم، والبيع المباشر لسندات ومرافق المؤسسات المملوكة للدولة وفروعها. تعتبر الطريقة الأولى هي الأقل تفضيلاً من وجهة نظر المنافسة والكفاءة الاقتصادية، لأنها غالباً ما تؤدي إلى بيع أغلبية الأسهم مما يؤدي إلى احتكار من القطاع الخاص. يتم الطرح العام وعمليات البيع المباشرة عن طريق بورصة إسطنبول، مع موافقات من المجلس الأعلى للخصخصة (الهيئة الحاكمة والتي تتألف من أفراد من مجلس الوزراء مسئولين عن مبادرة الخصخصة) ومجلس المنافسة (لجنة حكومية مسئولة عن تشجيع المنافسة الاقتصادية). كطريقة للبيع، تعتبر الخصخصة عن طريق الطرح العام محدودة، بينما يعزى للمبيعات الضخمة ثلثي عمليات الخصخصة. الاعتماد على المبيعات الضخمة يعتبر حلاً "مثيراً للجدل" أدى إلى إثارة مزاعم بالتزوير والفساد بالإضافة إلى تخفيض قيمة الأصول المخصخصة.
تطبيق التخصيص: 1985–2009
منذ عام 1985 تم خصخصة أسهم الدولة في 188 شركة مملوكة للدولة. كانت أولى محاولات الخصخصة في تركيا هي بيع تلتاس عام 1988. تم بيع تلتاس، شركة الاتصالات عالية الربحية، عن طريق طرح عام بسعر محدد في بورصة إسطنبول. أثناء عملية الخصخصة، تم بيع 22% من المؤسسة للعامة. من 1991 حتى 1997 تم خصخصة القطاعات الرائدة في تركيا مثل صناعة الاسمنت، الحديد والصلب، المطارات والخدمات البرية، إطارات الطائرات، البنوك الحكومية، وشركات الكهرباء والطاقة. في معظم الحالات، كانت ملكية الدولة في تلك المؤسسات أقل من 50%؛ وعند خصخصتها يتم نقل الملكية بالكامل للشركات الخاصة أو بيعها عن طريق بورصة إسطنبول.
القانون التركي والخصخصة
العوائق القانونية
كان الافتقار إلى الاهتمام الكافي بالإطار القانوني للخصخصة هو السبب الأهم لنجاح تركيا المحدود خلال العقدين الأولين من البرنامج. "المخطط الرئيسي" الذي أعده بنك مورگان ستانلي للحكومة التركية، تضمن دراسة للنظام القانوني التركي لتحديد العوامل التي يمكن أن تمثل عائقاً محتملاً أمام الخصخصة التركية. وخلصت الدراسة إلى أن الدستور التركي لم يجرِّم الخصخصة؛ إلا أنها أشارت إلى أن التشريع الحالي كان معيباً في تسهيل عملية الاقتصاد. عندما بدأت تركيا في مبادرة الخصاصة، استخدمت قانون عام 1984 ذو العنوان المثير للاهتمام، "قانون تحفيز المدخرات وتسريع الاستثمارات الحكومية"، كأساس للإطار القانوني للمبادرة. يخول هذا القانون الحكومة بتأمين إيرادات السدود الكهرومائية وحصص الرسوم من خلال إصدار "شهادات تقاسم الإيرادات"
في يونيو 1986، تم تعديل القانون بتمكين مجلس الوزراء من اتخاذ قرار خصخصة المؤسسات المملوكة للدولة. يمكن هذا القانون من نقل ملكية المؤسسات المملوكة للدولة إلى القطاع الخاص بينما يمنح بشكل تلقائي المؤسسة المملوكة للدولة وضع "المؤسسة" القانوني، ومن ثم جعل هذه المؤسسات أقرب لكونها شركات خاصة. غير أن هذا القانون لم يشرح بوضوح دور الحكومة في إجراءات الخصخصة ولم يوفر إطارًا قانونيًا كافيًا لإدارة الخصخصة.
علاوة على ذلك، لم يحل القانون بعض مشكلات التنفيذ المتعلقة بقضايا اعادة هيكلة المشكلات العمالية، الادارية، والمالية- متطلبات التدقيق الخاصة التي كانت المؤسسات المملوكة للدولة خاضعة لها وبعض تنظيمات التوظيف المطبقة بها. تبعاً للدستور التركي، على المؤسسات التابعة للدولة أن تخضع للتدقيق من قبل كيان تدقيق خاص وهو أمر لا ينبغي على الشركات الخاصة الالتزام به. نتيجة لذلك، لم تكن سجلات المؤسسات المملوكة للدولة متراكمة، وعندما جاء الوقت لخصخصتها، أصبح من الصعب على الحكومة عمل تقييم دقيق وعادل للمؤسسة. كما يلزم الدستور أن تكون المؤسسات المملوكة للدولة تحت ادارة الموظفين المدنيين الحكوميين. ولذلك، لم يمد مخطط الإدارة الذي يفرضه الدستور المرشحين للخصخصة بالثقافة التنافسية اللازمة للنجاح في سوق حرة- وهي القدرة على توظيف فريق إداري ذي خبرة جيدة لقيادة الشركة. بالإضافة إلى ذلك، فإن المؤسسات المخصصة حديثاً كانت ممنوعة من تطبيق نظم التعويضات القائمة على الحوافز والتي كانت ضرورية للعمل في نظام السوق الحر.
لسوء الحظ، لم تكن تركيا تعتقد أنه قد حان الوقت لإجراء تغييرات في القانون لتسهيل الخصخصة ومحاولة تنفيذ الخصخصة دون إجراء التغييرات اللازمة في التشريعات. وقد عزز ذلك موقف أولئك الذين كانوا ضد الخصخصة من حيث المبدأ، وتمت مواجهة العديد من قضايا الخصخصة الأصلية في النظام القضائي، وتم عكس بعض القرارات المبكرة.
عمليات خصخصة 1989 لعملاق صناعة الاسمنت التركي سيتوسان ويوساس لخدمات الطعام إلى مستثمرين أجانب عن طريق عمليات البيع الضخمة تعتبر خير مثال على العوائق التي ظهرت أثناء المراحل المبكرة من عمليات الخصخصة في تركيا. تم بيع هاتين الشركتين إلى مستثمرين أجانب بدون طرح عملية البيع على الموظفين والشعب التركي، كما يتطلب القانون. أدى الجدل إلى انتقادات من النقابات العمالية ووسائل الإعلام، وفي نهاية المطاف أحالت أحزاب المعارضة المناقشة إلى البرلمان.
بعد سلسلة من المناظرات القانونية، حول مجلس الدولة التركي 105 مليون دولار من قيمة بيع 51% من أسهم سيتوسان في مصانع الأسمنت إلى شركة الاسمنت الفرنسية و14 مليون دولار من أسهم يوساس إلى الخطوط الجوية الاسكندناڤية. كما أمر مجلس الدولة الحكومة باعادة مناقشة الصفقات وطرح الأسهم مع موظفي الشركتين في حكمها بأن الخصخصة يجب أن تقدم للشعب التركي أولاً.
بيع پتكيم عام 1990، شركة الپتروكيماويات المملوكة بالكامل للدولة، كان عملية طويلة وشاقة. كانت پتكيم تحتكر صناعة الپتروكيماويات في البلاد ولديها 8.000 عامل ضمن نقابة عمالية قوية على علاقة وثيقة بالأحزاب المعارضة للخصخصة. أثارت عملية البيع المقترحة ردود أفعال مختلفة من النقابة والجماعات السياسية التي كانت تعتبر پتكيم مؤسسة عامة هامة للاقتصاد التركي لا ينبغي خصخصتها. في عملية الخصصة هذه، التزمت الحكومة بالقانون، وعرضت الأسهم على موظفي الشركة أولاً ثم على الشعب التركي. إلا أنه عندما لم تشتري هذه الجماعات سوى 8% من الأسهم، سعت الحكومة إلى بيع بقية أسهم الشركة لمشترين أجانب. جلب هذا المقترح المزيد من المعارضة من النقابات العمالية التي كانت مهتمة بخسران الوظائف وتخشى من مشاركة المستثمرين الأجانب في الاقتصاد التركي. مستخدمين نفوذهم السياسي والعزف على وتر القومية التركية، تمكنت النقابات من تأجيل الخصخصة لعدة سنوات بعد رفعها لدعاوى قانونية.
وفي النهاية، تم بيع پتكيمن لأوسكار (شركة النفط الحكومية الأذربيجانية)، تركاس (الشركة التركية للپتروكيمايات)، ومشروعات إنجاز السعودية بمبلغ 2 بليون دولار في 2008. عمليات الخصخصة المتعسرة لشركات يوساس، سيتوسان، وپتكيم تلقي الضوء على العديد من جوانب القصور في التشريعات القانونية المبكرة المتعلقة بالخصخصة. وقد أظهرت بشكل رئيسي، الحاجة إلى دور واضح المعالم للحكومة في إجراءات الخصخصة. علاوة على ذلك، تبرز هذه الحالات الحاجة إلى كيانات إشرافية لضمان أن تكون المنافسة ومبادئ السوق الحرة هي السائدة وأن النقابات ومجموعات الضغط السياسي سيكون لها دور ضئيل في عمليات الخصخصة. وبما أن هذه الاحتياجات لم يتم معالجتها حتى بدء مبادرة الخصخصة، فقد حدثت حالات تأخير مكلفة ومعارك قانونية غير ضرورية.
الإصلاح القانوني الأول
بحلول أوائل التسعينيات أدركت الحكومة احتياجها لأساس قانوني شامل لتسريع إنفاذ الخصخصة وتلبية أهداف الخصخصة على حسب "الخطة الرئيسية" التي وضعها بنك مورگان ستانلي. لكن بدلاً من تمرير قانون شامل للتعامل مع الخصخصة، قررت الحكومة تبني إصلاح واسع النطاق بتصميم تشريعات جديدة. نتيجة لذلك، تم تمرير قانون عبر البرلمان عام 1994 يمكن مجلس الوزراء من إصدار مراسيم حكومية تنظم الخصخصة بدلاً من صياغة تشريع شامل لإصلاح الخصخصة. كما أُشير من قبل، فإن تشريع الخصخصة الأصلي لعام 1986 يخول لمجلس الوزراء فقط من بيع المؤسسات المملوكة للدولة. توسيع نطاق سلطات المجلس بموجب التشريع الجديد كان بمثابة تغيراً رئيسياً في عملية الخصخصة. وسرعان ما صدرت عدة مراسيم لتسريع الخصخصة، منشئة قواعد واستثناءات خاصة لتسهيل عمليات البيع. لكن مرة أخرى واجه هذا القانون تحدياً في المحكمة العليا، ووسرعان ما تم إلغاء كل من التشريع الجديد والمراسيم التي صدرت لاحقاً. ادعت المحكمة العليا أن الخصخصة تستلزم إجراءاً تشريعاً وأنه لا يمكن تفويض سلطة الخصخصة إلى مجلس الوزراء.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الإصلاح القانوني الثاني
في 24 نوفمبر 1994، تم سن تشريع الخصخصة الحالي على شكل القانون رقم 4046. لقى هذا القانون ترحيباً من المواطنين والمسئولين الحكوميين أملاً في أن يحل جميع مشكلات الخصخصة في تركيا. علت توقعات الشعب بالدعاية الموسعة من قبل الوكالات الحكومية المختلفة التي تزعم أن المؤسسات المملوكة للدولة كانت "سبباً في جميع المشكلات الاقتصادية في تركيا، والتي تشمل التضخم". تبعاً للحكومة التركية، غطى القانون عدة جوانب مما سهل من حركة الخصخصة. شمل القانون الأصول الخاضعة للخصخصة، ووفر إطار عمل للمعاملات المالية، وخصص التمويلات والآليات المناسبة لتسريع عمليات الخصخصة وإعادة الهيكلة. علاوة على ذلك، فقد أسس القانون كيانات إشراف حكومية مختلفة مسئولة عن الخصخصة والسلامة الاجتماعية للعمال الذين سيفقدون وظائفون نتيجة للخصخصة. باختصار، عالج القانون الاحتياجات الرئيسية التي ظعرت بعد العقبات المبكرة التي واجهتها مبادرة الخصخصة.
الهيئات المسئولة عن الخصخصة
بموجب القانون رقم 4046، تتم عملية الخصخصة بواسطة هيئتين: المجلس الأعلى للخصخصة وادارة الخصخصة. المجلس الاعلى لخصخصة هو هيئة صنع القرار للخصخصة في تركيا. ويتألف المجلس من رئيس الوزراء، وزير الدولة، والوزير المسئول عن الخصخصة، ووزير المالية، ووزير الصناعة والتجارة. يرشح المجلس الأعلى للخصخصة المؤسسات المملوكة للدولة المرشحة للخصخصة بوضعها ضمن حافظة الخصخصة. تتألف الحافظة من مجموعة المؤسسات المملوكة للدولة والأصول المرشحة من قبل المجلس باعتبارها مناسبة للخصخصة. كان المعيار الرئيسي للاختيار هو أن تكون الشركة رابحة ومن ثم تكون جذابة للمستثمرين المحليين والدوليين. بعد ذلك يختار المجلس قطاعات صناعية محددة من أجل الخضوع لعملية الخصخصة على فترات زمنية مختلفة. حالياً. هناك تركيز على خصخصة شبكات توزيع الكهرباء وموانئ الشحن في تركيا. علاوة على ذلك، فالمجلس الأعلى للخصخصة هو المسئول عن تحديد طريقة وتوقيت اجراءات الخصخصة ومنح الموافقة النهائية على العبي. وهو هيئة حكومية قانونية تقدم تقريرها مباشرة لمجلس الوزراء. وتشمل المهام الرئيسية لادارة الخصخصة تنفيذ قرارات المجلس الأعلى لخصخصة، تقديم المشورة للمجلس في القضايا المتعلقة بنقل المؤسسات المملوكة للدولة من وإلى محفظة القطاع الخاص، واعادة هيكلة وتأهيل المؤسسات المملوكة للدولة من أجل إعدادها للخصخصة. إذا رأت ادارة الخصخصة أو المجلس الأعلى للخصخصة أن المؤسسة المملوكة للدولة لم تعد في حاجة أو ليست ملائمة للخصخصة بدون تدخل الحكومة، تمتلك ادارة الخصخصة والمجلس الأعلى لخصخصة السلطة لإزالتها من محفظة القطاع الخاص.
تنظيم المنافسة
ومن القضايا القانوني الأخرى التي عالجها القانون رقم 4046 حماية الشعب من انتهاكات الاحتكار، مثل رفع سعر السلع، انخفاض جودة السلع والخدمات، وانخفاض مستوى الابتكار. بصفة عامة، تكون الخصخصة أكثر نجاحاً عندما يتم شراء المؤسسة المملوكة للدولة من قبل هيئة غير احتكارية في سوق تنافسي. عادة ما تعزز مثل هذه البيئة المنافسة السعرية وتضمن مستويات أعلى من جودة المنتج وخدمة العملاء. استغرقت تركيا وقتاً تأسيس هيكل قانوني لتعزيز المنافسة. عام 1994، مع تمرير القانون رقم 4046، تأسس مجلس المنافسة في تركيا ومهمته هي حماية العملية التنافسية بالكمل. للمجلس سلطة حل النزاعات بين الشركات، التعامل مع حالات الاحتكار، والإشراف على عمليات الدمج والاستحواذ. يتم اخطار مجلس المنافسة مسبقاً بعملية بيع إحدى المؤسسات المملوكة لدلولة عن طريق الهيئة الشارية لضمان أن عملية البيع لن تسفر عن تكوين احتكار. بعد موافقة مجلس المنافسة يتم تخويل ادارة الخصخصة بعملية البيع. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشركة التي يزيد إجمالي سعر سهمها السوقي عن 25% وتركب في الاستحواذ على أي من المؤسسات المملوكة للدولة تحتاج للحصول على إذن من مجلس المنافسة قبل بدي عملية تقديم العطاء. والمقصود بهذه التدابير المساعدة في منع الاحتكار.
الخصخصة بعد الإصلاحات القانونية
حتى بعد الجولة الثانية من الإصلاحات القانونية، فإن صافي عائدات الخصخصة للحكومة التركية كانت هزيلة في الفترة من 1994 حتى 2004. وكان عائد الخصخصة الوحيد الكبير عام 2000 (2.1 بليون دولار) تحت الإشراف الدقيق من قبل برنامج صندوق النقد الدولي. حصلت تركيا على قروض من صندوق النقد الدولي للمساعدة في تخفيض حدة التضخم وخفض أسعار الفائدة الحقيقية في محاولة لجعل تركيا مكاناً أكثر جذباً للاستثمارات الأجنبية. يدعو صندوق النقد الدولي إلى صفقات خصخصة كبيرة من شأنها أن تحد من نمو الدين العام وتخفض الاستثمار الحكومية بشكل كبير في المؤسسات المملوكة للدولة. كانت نتائج البرنامج مخيبة للآمال، وظلت عائدات الخصخصة من 2001 حتى 2004 منخفضة. أحدث اتفاقيات صندوق الدولي، والتي تغطي الفترة من مايو 2005 حتى مايو 2008، كان لها أهداف أكثر طموحاً للخصخصة. يحدد خطاب النوايا التركية الإصلاحات الاقتصادية المخطط لها قبل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي، معلناً أنه بحلول نهاية 2005 فإن السندات الحكومية الكبرى في پتكيم، توپراس، إدمير، وشركة الاتصالات التركية سيتم بيعها. كما يعلن خطاب النوايا أن الحد الأدنى لعائدات الخصخصة بحلول نهاية ديسمبر 2005 لن تقل عن 1.5 بليون دولار وأن الهدف يجب اعتباره "مؤشر لأداء" "للتطبيق الناجح لبرنامج صندوق النقد الدولي". في واقع الأمر، فأثناء السنة المالية 2005 كان إجمالي قيمة بيع الشركات المملوكة للدولة 8 بليون دولار، متعدياً مبلغ 1.5 بليون دولار الذي وضعه البنك الدولي. لم يرتفع عائد الخصخصة في تركيا بشكل كبير لكنه ظل مرتفعاً في 2008. خلال هذه الفترة، أظهر الاستثمار المباشر من قبل الهيئات الأجنبية في الأصول الإنتاجية التركية اتجاهاً تصاعدياً. أثار هذا الاستثمار الأجنبي المباشر، جنباً إلى جنب مع إطار العمل القانوني الثابت ومساعدة صندوق الدولي، توفرت الشروط اللازمة لنجاح عملية الخصخصة. استمرت الخصخصة على خطى ثابتة في تركيا على الرغم من الأزمة الاقتصادية العالمية. في 2008 انتهت عملية خصخصة پتكيم بمبلغ 2 بليون دولار بالإضافة لطرح عام آخر لأسهم شركة الاتصالات التركية. وقد توجت خطوة خصخصة أجزاء من البنية التحتية التركية في طرح عام 2009 لبيع تركيا 20 شبكة توزيع الكهرباء في إطار خطة لتعزيز الاستثمار في صناعة يرتفع فيها الطلب بنحو 8 في المائة سنوياً. ومن المتوقع أن تصل قيمة عملية بيع الشبكة لأكثر من 7 بليون دولار في عملية بيع مباشرة للأصول. بالإضافة إلى ذلك، سيتم وضع حقوق تشغيل عدة موانئ ضمن حافظة الخصخصة لبيعها.
علي باباجان كان وزير الاقتصاد المشرف على الخصخصة بمطلع عهد أردوغان.
اعتماد تركيا على عمليات البيع الضخمة
تعتبر عمليات البيع الضخمة من أكثر الطرق استخداماً في الخصخصة من 1985 حتى 2009. تتم عملية البيع الضخمة عندما يباع جزء كبير من مؤسسة مملوكة للدولة في صفقة خاصة ووفر أبسط معاني الخصخصة. تمثل عمليات البيع الضخمة 52% من الطرح العام للأصول، تليها 18% لبيع الأصول، و3% للطرح العام في بورصة إسطنبول. ومع ذلك، فإن طريقة البيع الضخمة تعتبر الخيار الأقل قبولاً من وجهة نظر المنافسة والكفاءة الاقتصادية، حيث أن عملية البيع الضخمة لغالبية الأسهم تؤدي غالباً إلى تأسيس احتكارات من قبل القطاع الخاص. لا يزال الخصخصة عن طريق الصفقات الضخمة وسيلة تلجأ لها الحكومة من أجل تسريع وتيرة البيع، مما يسمح لها بالحصول على العائد بصفة فورية. كما يشير التركيز على عمليات البيع الضخمة إلى التحول عن المثل العليا التي طرحت في بداية المبادرة نحو الهدف المتمثل في زيادة العائدات فقط لتحسين الميزانية العمومية للحكومة.
الجهود التركية للحد من العمالة
على مدار سنوات نمو مبدارة الخصخصة في أوائل عقد 2000، أطلقت تركيا بمساعدة البنك الدولي مبادرة الدعم الاجتماعي من أجل مساعدة العمال المتأثرين بالخصخصة. هذه المبادرة، والتي تسمى برنامج الدعم الاجتماعي للخصخصة، استمرت من 2001 حتى 2005 وتتألف من 250 مليون دولار قروض من البنك الدولي. أسس البرنامج قناتين رئيسيتين لمساعدة القوى العاملة التركية: مبادرة تعويضات فقدان الوظائف وخدمات اعادة توزيع العمالة. كان الهدف من برنامج تعويضات فقدان الوظائف هو تحسين التأثير الاجتماعي والاقتصادي السلبي المؤقت للوظائف المفقودة نتيجة لخصخصة المؤسسات المملوكة للدولة. قام هذا المكون بتمويل التعويضات الأولية والمدفوعات المستمرة للبطال ، وفقًا للقانون، للعمال المسرحين بسبب خصخصة المؤسسات المملوكة لدولة. بالإضافة إلى مكافأة نهاية الخدمة والتقاعد القسري، وضعت الحكومة التركية أيضًا برامج توظيف مؤقتة للعمال المتضررين. بموجب القانون رقم 657 4/ج يُمنح للعمال المسرحين من المؤسسات المملوكة للدولة التي تم خصخصتها فرصة العمل المؤقت في المكاتب الحكومية. من 21.532 عامل، تم منح 17.731 منهم وظائف عن طريق البرنامج. كما تم تطبيق خدمات اعادة توزيع العمالة من قبل الحكومة التركية بشكل موسع للعمال المتأثرين. كان الهدف من هذا المكون من مساعدة العمال الذين تم تسريحهم بعد خصخصة المؤسسات المملوكة للدولة، بما في ذلك تسريح العمال الثانوي بعد تخفيضات التوظيف الأولية من الخصخصة، ومساعدتهم في دخول سوق العمل بشكل سريع. كان هذا البرنامج يمول تدريب العمالة عن طريق وكالاتين رئيسيتين: وكالة التوظيف التركية المسئولة عن مساعدة العمال العاطلين، ووكالة تنمية الصناعات الصغيرة والمتوسطة والتي تخدم كحاضنة لتأسيس الأعمال الجديدة. بفضل هذه الجهود تم تدريب 26.704 عامل، وإيجاد وظائف جديدة لما يقارب نصف هؤلاء العمال. بالإضافة إلى ذلك، طورت الوكالة 6 مراكز تدريب لتخدم 34.000 عامل وأطلقت 533 شركة جديدة. وقد شجعت هذه النتائج والالتزام الذي أبدته الحكومة التركية لبرامج الدعم البنك الدولي. في واقع الأمر، قد قام البنك الدولي بتوسيع هذه المبادرة من 2005-2009 بتكلفة 581 مليون دولار.
انظر أيضاً
الهامش
- مارك پالمر (2010). "تجربة الخصخصة التركية من 1984 إلى 2009". جامعة ليهاي.
- "مبادرة الخصخصة في تركيا" (PDF) (in الإنگليزية). الأمم المتحدة. 2012-07-24.
{{cite web}}
: CS1 maint: unrecognized language (link)
- Cevat Karataş (2001-05-22). "Privatization in Turkey: Implementation, politics of privatization and performance results". وايلي.