حرب الخلافة الإسپانية
حرب الخلافة الأسبانية هي حرب نشبت في (1701- 1714) وتضمنت حرب الملكة آن في أمريكا الشمالية
كانت حرب الخلافة الأسبانية صراعا أوربيا كبيرا بدأت بوادره بالظهور عام 1701 مع موت الملك الأسباني كارلوس الثاني وهو آخر ملوك سلالة هابسبرغ. وكان كارلوس قد أورث كامل مملكته لفيليب دوق أنجو، وهو حفيد الملك الفرنسي لويس الرابع عشر، فأصبح ملك اسبانيا باسم فيليب الخامس.
بدأت الحرب ببطء عندما شرع رأس الامبراطورية الرومانية المقدسة ليوبولد الأول بالمطالبة بأنه الأحق بعرش اسبانيا. وكان لويس الرابع عشر يقوم بتوسيع أراضيه في أوروبا بعنف، مما دفع جيرانه وعلى الأخص انكلترا وجمهورية هولندا للدخول في حلف مع الامبراطورية الرومانية المقدسة لضبط التوسع الفرنسي، وكان للأنكليز سببا إضافيا في ذلك وهو حماية الملكية الانغليكانية في بلادهم.
انضمت دول أخرى لذلك النزاع وامتدت المعارك من أوروبا لأمريكا الشمالية، وأصبحت تعرف بين المستوطنين الإنكليز في العالم الجديد بحرب الملكة آن. استمرت الحرب أكثر من عقد من الزمن لمع فيها نجم العديد من القادة والجنرالات من كلا الطرفين، مثل دوق فيلار ودوق بيرويك من فرنسا، ودوق مارلبورو من إنكلترا، والأمير يوجين من النمسا. وانتهت الحرب بتوقيع معاهدة أوتريخت عام 1713 ومعاهدة راستات عام 1714.
ونتيجة لذلك بقي فيليب الخامس ملكا لاسبانيا ولكنه أزيح من سلسلة خلافة العرش الفرنسي، وذلك لتجنب حدوث أي اتحاد مستقبلي بين مملكتي اسبانيا وفرنسا، وفازت النمسا بمعظم إقطاعيات اسبانيا في إيطاليا وهولندا، ونتيجة لذلك انتهت الهيمنة الفرنسية على القارة الأوربية، وأصبحت فكرة إيجاد توازن للقوى الدولية آنذاك حقيقة واقعة بفضل معاهدة اوترخت.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المشكلة الإسبانية 1698-1700
دنا أجل شارل الثاني دون عقب، فمن ذا الذي يرث ممتلكاته التي تمتد من الفيليبين عبر إيطاليا وصقلية إلى شمال أمريكا وجنوبها؟ لقد طالب بها لويس، لا باعتباره ابن كبرى بنات فيليب الثالث ملك أسبانيا فحسب، بل كذلك بمقتضى حق زوجته المتوفاة ماري تريز كبرى بنات فيليب الرابع. والحق كل الحق أن ماري تريز تخلت، عند زواجها، عن أي حق لها في عرش أسبانيا. ولكن هذا التخلي كان مشروطاً بأن تدفع الحكومة الإسبانية لفرنسا صداقاً قدره خمسمائة ألف كراون ذهباً. ولكن أسبانيا لم تدفع شيئاً من هذا الصداق، لأنها كانت مفلسة.
وكان للإمبراطور ليوبولد مزاعم مضادة: فهو ابن ماريا آنا صغرى بنات فيليب الثالث. وكان قد تزوج في 1666 من مرجريت تريزا صغرى بنات فيليب الرابع، ولم تتخل أي من هاتين السيدتين عن حقوقها في احتمال ارتقاء عرش أسبانيا. ولما كان الأتراك يزعجون ليوبولد دائماً بغاراتهم المتكررة، فإنه رغبة منه في الإبقاء على السلام مع فرنسا، عمد إلى حل وسط بالنسبة لمطالبه، بتوقيع معاهدة سرية مع لويس الرابع عشر، (في 19 يناير 1668)، نص فيها على التقسيم النهائي للإمبراطورية الأسبانية. ويقول مؤرخ إنجليزي أنه بمقتضى هذه المعاهدة "سلم فعلاً بقوة الحجة التي تذرع بها لويس الرابع عشر ببطلان تخلى ملكة فرنسا عن حقوقها في عرش أسبانيا(37)" ولما تزوج ليوبولد للمرة الثانية، وأنجب له هذا الزواج ابناً ثانياً، حدد مطالبه، ولكنه عرض أن يتنازل عنها للأرشيدوق كارل الجديد.
ونظرت إنجلترا والمقاطعات المتحدة والولايات الألمانية بعين الفزع إلى احتمال أن تؤول مملكة أسبانيا المترامية الأطراف إلى فرنسا أو إلى النمسا، وفي كلتا الحالتين إخلال بتوازن القوى، فلو أن لويس ربح في هذه الجولة لسيطر على أوربا وعرض البروتستانتية للخطر، ولو أنها كانت من نصيب ليوبولد، لهدد الإمبراطور، بحكم استيلائه على الأراضي الوطيئة الأسبانية، جمهورية هولندا، وزعزع استقلال الولايات الألمانية. وتدخلت المصالح الاقتصادية إلى جانب مصالح الأسرات الحاكمة: فالمصدرون الإنجليز والهولنديون كانوا يزودون معظم أسواق أسبانيا ومستعمراتها بالمنتجات الصناعية، ويحصلون منها في مقابل ذلك على كميات هائلة من الذهب والفضة، فكانوا يكرهون أن تصبح هذه التجارة احتكار لفرنسا. وذكرت الحكومة البريطانية في 1716 "أن الاحتفاظ بالتجارة بين مملكة بريطانيا العظمى وأسبانيا كان من أهم الدوافع التي حفزت ملكينا السابقين إلى دخول الحرب الأخيرة الطويلة الأجل الباهظة التكاليف(38)".
ورغبة من وليم الثالث في إرضاء التجار في موطنه الأول وفي البلاد التي آلت إليه، وفي المحافظة على توازن القوى في القارة، اقترح على لويس أن تتخلى فرنسا عن دعواها، وتتفق مع إنجلترا على ترك أسبانيا الأولى". ورفض ليوبولد هذا المشروع غاضباً. وأملاً في صون أمير بافاريا الناخب، حفيد ليوبولد، وعلى أن يحصل الدوفين ولي عهد فرنسا على ثغور تسكانيا وإيطاليا جنوبي الولايات البابوية. على حين يمكن تسكين من روع الأرشيدوق كارل وإرضاؤه بدوقية ميلان. وقبل لويس الاقتراح، ووقع في 11 أكتوبر 1698 مع وليم "معاهدة تقسيم أسبانيا الأولى". ورفض ليوبولد هذا المشروع غاضباً. وأملاً في صون الإمبراطورية الأسبانية من هذه التجزئة والتفتيت، أعد شارل الثاني في 14 نوفمبر 1698 وصيته التي جعل أمير بافاريا الناخب بمقتضاها وريثه الوحيد. ولكن موت الأمير في 5 فبراير أحدث ارتباكاً وتعقيداً في الموقف.
وعرض لويس إلى وليم تقسيماً جديداً: يحصل ولي عهد فرنسا بمقتضاه على ثغور تسكانيا، وإيطاليا جنوبي الولايات البابوية، ودوقية اللورين، ويعوض دوق اللورين بميلان، ويؤول باقي الإمبراطورية الأسبانية، بما في ذلك أمريكا والأراضي الوطيئة الأسبانية، إلى الأرشيدوق كارل، ووقع لويس ووليم اتفاقية التقسيم الثانية في 11 يونيه 1699، ووافقت عليها المقاطعات المتحدة. ولكن شارل الثاني احتج على أي تفتيت لممتلكاته، كما أن الإمبراطور، أملاً منه في الحصول على كل شيء لابنه، أيد موقف أسبانيا ورفض الموافقة على التقسيم، على أن شارل، باعتباره من آل هبسبرج، كان ميالاً إلى ترك كل شيء للأرشيدوق، وبوصفه أسبانياً، على أية حال، كان يكره النمساويين، وباعتباره لاتينياً كان يؤثر الفرنسيين، ومذ كان شارل كلثوليكياً غيوراً، فإنه التمس النصح والمشورة من البابا. فأجاب إنوسنت الثاني عشر في 27 سبتمبر 1700 بأن خير طريقة هي التوصية بكل الإمبراطورية الأسبانية لأمير بوربوني شريطة تخليه عن أي حق في عرش فرنسا، وبذلك تحتفظ أسبانيا بوحدتها. وواضح أن الدبلوماسيين الفرنسيين كانوا يفوقون النمساويين حيلة ودهاء، وفي مدريد وفي روما على حد سواء. ونفر الرأي العام في أسبانيا من غطرسة مليكتهم الألمانية، فوافق على مشروع البابا، وذكر السفير الإنجليزي في مدريد "أن الاتجاه العام فرنسي تماماً(39)". وفي أول أكتوبر وقع شارل الوصية المشئومة، التي أوصى فيها بكل أسبانيا وممتلكاتها لفيليب ذي السبعة عشر ربيعاً، ودوق أنجو، الابن الثاني للدوفين، شريطة ألا يجتمع تاجا فرنسا وأسبانيا لملك واحد، وقضى شارل نحبه في أول نوفمبر.
ولما ترامت أنباء هذه الوصية إلى باريس، سر بها لويس، ولكنه كان متردداً. فقد أدرك أن انتقال أسبانيا من أيدي آل هبسبرج إلى أسرة البوربون، لا بد أن يلقى معارضة شديدة من الإمبراطور، وأن إنجلترا وهولندا لا بد أن تنضما إلى صف المعارضة. وأثنى أحد المؤرخين الألمان على هذه الإلتفاتة من جانب لويس نحو الأهداف السلمية:
قد لا يكون من الإنصاف القول بأن لويس الرابع عقد العزم منذ البداية على نقض معاهدة التقسيم، بمجرد الحصول على وصية ملائمة لأسرته، وحتى وهو على يقين من مثل هذه الوصية، وكان شارل لا يزال على قيد الحياة، أمر لويس سفيره في هولندا، أن يؤكد لحاكمها أنه يعتزم التمسك بالتزاماته، ولا يقبل أية عروض تقدم له. وبالإضافة إلى هذا، واصل مساعيه للحصول على انضمام بلاط فيينا إلى معاهدة التقسيم(40).
وفي 6 أكتوبر أرسل لويس نداءاً عاجلاً إلى الإمبراطور ليقبل معاهدة التقسيم الثانية(41). ورفض ليوبولد. ومن ثم اعتبر لويس أن المعاهدة لاغية. وفور وفاة شارل، أوفد مجلس الوصاية الأسباني إلى باريس رسولاً ليبلغ الملك لويس أن حفيده سيكون ملكاً على أسبانيا بمجرد قدومه وتأديته اليمين بمراعاة قوانين المملكة. وصدرت التعليمات إلى السفير الأسباني في باريس بأنه في حالة إي رفض من جانب فرنسا، عليه أن يأمر الرسول بالإسراع إلى فيينا ليقدم نفس العرض إلى الأرشيدوق(42). وينبغي ألا تجزأ الإمبراطورية الأسبانية على أية حال. وفي 9 نوفمبر دعا لويس الأمير ولي العهد، ومستشاره بونتشارتران ودوق دي بوفيلييه ومركيز دي تورسي وزير الخارجية إلى اجتماع في جناح مدام دي مينتنون، وسألهم الرأي والمشورة. ورأى بوفيلييه أن يرفض العرض الأسباني، لأنه يؤدي قطعاً إلى الحرب مع الإمبراطورية وإنجلترا والمقاطعات المتحدة، وذكر الملك بأن فرنسا ليست في ظروف تهيئ لها مواجهة مثل هذا الائتلاف، أما تورسي فقد دافع عن فكرة القبول، حيث اعتقد بأن الحرب لا محالة واقعة على أية حال، ولا بد أن الإمبراطور ليوبولد سيعارض معاهدة التقسيم والوصية كلتيهما. هذا فضلاً عن أنه رفض الملك لويس العرض الأسباني، فإنه من المؤكد أن يرحب به الإمبراطور، وتطوق فرنسا من جديد بنفس النطاق الذي كان مضروباً حولها-أسبانيا، شمال إيطاليا، النمسا، الأراضي الوطيئة الإسبانية والذي كلف فرنسا طيلة المائتي عام الأخيرة كثيراً من الدماء لتحطيمه. خير لنا أن ندخل في حرب بسبب عادل-الوصية-من أن نحاول فرض تقسيم أسبانيا بالقوة ضد رغبة حكومتها وشعبها(43).
وبعد ثلاثة أيام قضوها في مزيد من المشاورات والمداولات، أعلن لويس إلى المبعوثين قبوله الوصية. وفي 16 نوفمبر 1700 قدم دوق أنجو إلى الحاشية المجتمعة في فرساي قائلاً:
"أيها السادة، إنكم ترون هنا ملك أسبانيا. أن النسب الذي تحدر منه دعاه إلى حمل ذاك التاج، بهذا أمر الملك الراحل في وصيته، وهذا ما رغبت فيه الأمة الأسبانية بأسرها، وتوسلت إليّ توسلاً جدياً أن أقبله. وتلك إرادة الله، حققها في غبطة وسرور، ثم أضاف موجهاً الحديث إلى الملك الشاب "كن أسبانياً" صالحاً-فهذا هو الآن واجبك الأول، ولكن تذكر أنك ولدت فرنسياً، وحافظ على الوحدة بين الأمتين، فهذا هو الطريق لإسعادهما، وللمحافظة على السلام في أوربا(44)" | ||
— دوق أنجو |
ونادى مجلس الوصاية الأسباني بفيليب ملكاً في مدريد، وأسرعت كل قطاعات أسبانيا وممتلكاتها بإعلان موافقتها، واعترفت الحكومات، الواحدة تلو الأخرى، بالملك الجديد: سافوي، الدنمرك، البرتغال، المقاطعات المتحدة، إنجلترا، وعدة ولايات إيطالية وألمانية، بل أن ناخب بافاريا الذي ظن أن الإمبراطور دس السم لابنه-كان من أول الأمراء الذين قدموا اعترافهم. وبدا أن الأزمة قد تم التغلب عليها، وأن العداوة التي استعر أوارها طيلة قرن من الزمان بين فرنسا وأسبانيا قد خمدت بطريقة سلمية، وجثا السفير الأسباني في ڤرساي بين يدي مليكه الجديد إجلالاً وولاء، ونطق بعبارته المشهورة "لا پرانس بعد اليوم(45)".
تمهيد
كانت كل أوربا غربي بولندا والإمبراطورية العثمانية، من الناحية العلمية، مشغولة بهذه الحرب. وانضم إلى التحالف الدنمرك وبروسيا وهانوفر وأسقفية مونستر، وناخباً مينز والبلاتينات وبعض الولايات الألمانية الصغيرة. وانضم إلى هؤلاء في 1703 سافوي والبرتغال، وحشدوا جميعاً 250 ألف جندي، وجمعوا قوة بحرية تفوق كثيراً القوة البحرية الفرنسية عدداً وعتاداً وقيادة. وكان لفرنسا آنئذ مائتا ألف جندي، ولكن هذه القوات كانت موزعة على جبهات مختلفة في إقليم الراين وإيطاليا وأسبانيا. وكان الحلفاء الوحيدون لها أسبانيا وبافاريا وكولون، ثم سافوي لمدة عام واحد. وكانت أسبانيا عبئاً عليها، تريد من الجيوش الفرنسية أن تدافع عنها، كما كانت المستعمرات الأسبانية تحت رحمة الأساطيل الهولندية والإنجليزية.
ويجدر بنا ألا نضل في متاهات اللعبة الملكية، الشطرنج البشري، التي أعقبت ذلك، وكانت لعبة دامية إلى حد لم يسبق له مثيل تقريباً. والآن جاءت حملات مالبرو ويوجين سافوي البارعة المثيرة الملطخة بالدماء. وربما لم تجتمع منذ عهد قيصر عبقرية الحرب وفن الدبلوماسية مثل ما اجتمعا في مالبرو: كان بارعاً في استراتيجية تخطيط العمليات وتحريك الجيوش، وفي أساليب استخدام المشاة والخيالة والمدفعية، مع سرعة في تقدير الموقف واتخاذ القرار، وفق متطلبات المعركة، ومع ذلك فهو أيضاً صبور لبق في التعامل مع الحكومات من ورائه، والشخصيات من حوله، حتى مع العداء اللذين اعتبروه رجل دولة يدرك الحقائق، ذا وزن وقوة ونفوذ. وكان في بعض الأحيان قاسياً لا يرحم، وفي أغلب الأحيان مجرداً من المبادئ الخلقية والإنسانية. وسفك من دماء جنوده أي قدر لازم لتحقيق النجاح، واتصل بجيمس الثاني وجيمس الثالث ليضمن لنفسه نصيراً باسماً مشرقاً إذا عاد آل ستيوارت إلى الحكم. ولكنه كان منظم وصانع النصر.
بداية القتال: 1701–1703
وحيث أدرك لويس الرابع عشر أن كل عظمة عصره معلقة في كفة الميزان، وأن النزاع حول أسبانيا بات صراعاً من أجل قارات، فإنه هاب بفرنسا أن تبعث إليه بأبنائها وذهبها. وما وافى عام 1704 حتى كان لديه 450 ألف رجل مسلحين-قدر ما لدى أعدائه مجتمعين(54). وأملاً منه في التبكير بحسم هذا الصراع الباهظ التكاليف، أصدر أوامره إلى قواته الرئيسية بالتقدم عبر بافاريا الصديقة، ومهاجمة قلعة العدو الأخيرة، ألا وهي فيينا التي عجزت الحشود التركية نفسها عن الاستيلاء عليها. وانشغلت القوات الإمبراطورية في الشرق بعصيان مسلح وقع في المجر، وتركت عاصمتها مجردة من وسائل الدفاع تقريباً. وعلى حين كان مفروضاً أن يضيق جيش فرنسي بقيادة فيلروا الخناق على مالبرو في الأراضي الوطيئة، فإن القوات الفرنسية بقيادة مارسان وتللارد انضمت إلى قوات ناخب بافاريا، وأسرعت في التقدم إلى النمسا. ومرة أخرى هرب الإمبراطور من فيينا، كما حدث في 1683، إدراكاً منه بأن وقوعه في أيدي الأعداء لا بد أن يكون كارثة على موقف الحلفاء.
المرحلة الوسطى: 1704–1709
وفي هذه الأزمة، وعلى الرغم من توسلات الجمعية الوطنية الهولندية، ولكن بموافقة سرية من جانب هينسيوس، قرر مارلبرو أن يغامر بوقوع هولندا في يد فليروا، ويجد السير ليلاً ونهاراً من بحر الشمال إلى الدانوب (مايو-يونيه 1704) لينقذ فيينا. وتظاهر بأنه يسعى لعبور الموزل، فسار جنوباً في محاذاة النهر، مغرياً فليروا بحركة موازية على الجانب الآخر. وفجأة عند كوبلنز انعطف شرقاً وعبر الراين على جسر عائم، وسار إلى مينز، وعبر المين إلى هيدلبرج، وعبر نهر نكر إلى راستاد، فأحدث الآن نقاط اتصال هامة مع الإمدادات القادمة من هولندا، ومع جيش إمبراطوري بقيادة يوجين سافوي، ومع جيش آخر بقيادة الحاكم العسكري لمنطقة بادن بادن-لويس وليم الأول-ودهش الفرنسيون والبافاريون ليجدوا مالبرو بعيداً عن المواقع التي كان من المتوقع أن يطبق عليه فليروا فيها. وجمع مارسان وتللارد وناخب بافاريا، 35 ألفاً من المشاة و18 ألفاً من الفرسان بين لوتزنجين وبلنهيم، على الضفة اليسرى للدانوب. وهناك في 13 أغسطس 1704 اشتبك معهم مارلبرو ويوجين بثلاثة وثلاثين ألفاً من المشاة وتسعة وعشرين ألفاً من الخيالة فيما تحاول فرنسا أن تنسى فيه معركة هوستاد وما تحتفل به إنجلترا باعتباره النصر في بلنهيم. واخترقت خيالة مارلبرو المتفوقة قلب القوات الفرنسية وساقت جيش تللارد المنهزم إلى بلنهيم، حيث استسلم الأثني عشر ألفاً الباقون منه على قيد الحياة، وأسر تللارد نفسه.
ثم أسرع فرسان مارلبرو لنجدة يوجين، وكان في مأزق، إلى اليمين، وعاونوه حتى أجبر مارسان على التقهقر بانتظام، وكانت الخسارة في الأرواح جسيمة، اثني عشر ألفاً من الحلفاء، و14 ألفاً من الفرنسيين والبافاريين. وحطم استسلام سبع وعشرين كتيبة من المشاة واثنتي عشرة سرية من الخيالة سمعة القوات المسلحة الفرنسية. وفر ناخب بافاريا إلى بروكسل. واحتل الجيش الإمبراطوري بافاريا، وأخلى نحو ثلاثمائة ميل مربع تقريباً من الأرض من القوات الفرنسية، وعاد ليوبولد في أمان إلى عاصمته.
وفي 4 أغسطس سجل أسطول إنجليزي هولندي يوماً مشهوداً آخر في التاريخ باحتلاله صخرة جبل طارق المقفرة. وقد حولها الإنجليز إلى قلعة ضمنت لهم السيادة على البحر المتوسط لمدة قرنين من الزمان واستمرت الحرب تسع سنوات أخرى، دون أن يفطن أحد إلى أن هذين الإنتصارين قد حددا مصيرها. وفي 9 أكتوبر 1705 استولى أسطول إنجليزي على برشلونة، وساند أحد جيوش الحلفاء ثورة قامت في قطالونيا ضد فيليب الخامس، وأقام الأرشيدوق كارل في مدريد ملكاً تحت اسم شارل الثالث (25 يونيه 1706). ولكن منظر النمساويين والإنجليز يحكمون البلاد أيقظ الأسبان من سباتهم الروحي، بل أن رجال الدين أنفسهم حرضوهم على المقاومة. وسلح الفلاحون أنفسهم بأحسن ما وصلت إليه أيديهم، وقطعوا خط مواصلات الحلفاء بين برشلونة ومدرية. وقاد دوق برويك الإنجليزي، وجيمس فتز جيمس الابن الشرعي لجيمس الثاني قوة فرنسية أسبانية من الغرب. استردت مدريد لفيليب الخامس (22 سبتمبر) وردت الأرشيدوق ومن معه من المهرطقين الإنجليز إلى قطلونيا.
وفي تلك الأثناء، وبعد أن تغلب مالبرو على بعض العقبات السياسية في لندن ولاهاي، جمع هذا القائد جيشاً قوامه ستون ألفاً من الإنجليز والهولنديين والدنمركيين، وتقدم بالجيش الفرنسي الرئيسي المؤلف من 58 ألف جندي بقيادة فليروا عند رامييه بالقرب من نامور. وفي اشتداد وطيس المعركة، ناسياً أنه يجدر بالقواد أن يموتوا في فراشهم، اندفع إلى مقدمة الصفوف، فأسقط عن جواده. وبينما كان الضابط المرافق له يعاونه على امتطاء ظهر الجواد ثانية، اخترقت رأس الضابط قذيفة، واسترد مالبرو عافيته وأعاد تنظيم قواته، وقادها إلى نصر دام آخر. وبلغت الخسائر في جيشه خمسة آلاف رجل، وفي جيش الفرنسيين خمسة عشر ألفاً. وتقدم وسط مقاومة لا تذكر للاستيلاء على أنتورب وبروجز وأوستند. وهناك توفر له خط مواصلات مباشر مع إنجلترا، وكان على مسافة عشرين ميلاً فقط من فرنسا. وآوى فيلروا، وكان آنذاك في الثانية والستين، إلى ضيعته محزوناً، ولكن دون تأنيب من الملك الذي قال له في أسى وأسف "لن يواتينا الحظ بعد ذلك(55)".
وفي كل مكان، باستثناء أسبانيا، كان الفرنسيون الآن في خطر، أو كانوا يتقهقرون. وفي فيينا خلف جوزيف الأول، وكان في السابعة والعشرين، أباه على عرش الإمبراطورية (1705)، وشد من أزر قواده بدرجة كبيرة. ورد يوجين سافوي الفرنسيين عن تورين (1706) وعن إيطاليا (1707). وبمقتضى اتفاق ميلان أصبحت دوقيتا ميلان ومانتوا جزاءاً من إمبراطورية النمسا، وانتهى حكم "جونزاجات مانتوا" الذي كان قد بدأ 1328. أما مملكة نابلي التي كان يحكمها نائب الملك الأسباني منذ عهد طويل، فقد ارتمت بدورها في أحضان النمسا، ولو أنها استمرت من الوجهة الشكلية ولاية بابوية، واحتفظت الولايات البابوية بأوضاعها بإذن من الإمبراطور الذي اخترقتها قواته الألمانية ضد إرادة البابا الذي لا حول له ولا قوة(56). واحتفظت فينيسيا وتسكانيا باستقلال مزعزع الأركان.
وكان لويس الرابع عشر رجلاً قد تغير. وكان غرور السلطان قد زال عنه تقريباً، ولكنه احتفظ بالوقار الهادئ لدولته. وفي 1706 عرض على الحلفاء شروطاً للصلح كان يمكن أن يتقبلوها فرحين مسرورين قبل خمس سنين، وبمقتضاها تترك أسبانيا للأرشيدوق كارل، ويكتفي فيليب بميلان ونابلي وصقلية، وتعاد مد الحدود والحصون إلى السيطرة الهولندية في الأراضي الوطيئة الأسبانية. وكان الهولنديين ميالين إلى التفاوض، ولكن الإنجليز والإمبراطور أبوا. وتولى لويس السأم والضجر، واتجه إلى تجنيد جيوش جديدة وفرض ضرائب جديدة، حتى التعميد والزيجات لا بد أن يدفع عنها ضريبة حتى تصبح قانونية. فلجأ الفرنسيون الذين أضناهم الفقر إلى تعميد أبنائهم وإلى الزواج دون طقوس دينية، ولو أن نتاج مثل هذا القران دمغ بأنه غير شرعي من الوجهة الرسمية(57).
وقامت الثورة في كاهور، وفي كرسي، وفي بريجور. واستولت جموع الفلاحين على الحكم في المدن، وعلى قصور الإقطاعيين. وصاحت الهياكل العظمية الحية أي أهالي الذين يتضورون من الجوع، عند أبواب قصر فرساي، مطالبين بالخبز، فصدهم الحرس السويسري. وظهرت اللافتات على الجدران في باريس منذرة لويس بأنه لا يزال في فرنسا رجال يريدون قتل الملك(58). ومنعت الضرائب الجديدة.
وفي أوائل 1707 نشر مركيز دي فوبان الذي كانت هندسته العسكرية عنصراً أساسياً في الانتصارات الفرنسية في الجيل الماضي، نشر وهو في الرابعة والسبعين، "اقتراحاً بضريبة أعدل". وصف المركيز شقاء فرنسا وبؤسها: "أن عشر السكان تقريباً انحطوا إلى درجة التسول، أما غالبية التسعة الأعشار الباقية منهم فهم أقرب إلى تلقي الصدقات منهم إلى بذلها... يقيناً أن السوء قد بلغ أقصى مداه. فإذا لم يتخذ أي علاج فلسوف يقع الشعب في براثن فقر لا فكاك له منها أبداً". وذكر الملك بأن "الطبقة الدنيا من الشعب هي التي تثري الملك ومملكته بكدها وجدها، وإسهاماتها في الخزانة الملكية" ومع ذلك فإن "هذه الطبقة، نتيجة لمطالب الحرب وفرض الضرائب على مدخراتها، هي التي تعيش الآن في أسمال بالية وأكواخ متداعية، على حين توقفت الزراعة في أراضيها" لتغيب أبنائها الذين جندوا للحرب(59). ولإنقاذ هؤلاء الناس، وهم أعظم الطبقات إنتاجاً، اقتبس فوبان بعض أفكار بواجلبرت، فاقترح إلغاء كل الضرائب القائمة، والاستعاضة عنها بضريبة دخل تصاعدية لا تعفي منها أية طبقة، فيدفع ملاك الأرض ما بين 5 و10% ويدفع العمال ما لا يزيد عن 2slash1 3%. وتحتفظ الدولة باحتكار المح، وتفرض الرسوم الجمركية عند الحدود الوطنية فقط(60). ويصف سان سيمون هذا الكتاب، وكيف استقبله الناس، فيقول:
كان الكتاب زاخراً بالمعلومات والأرقام، مرتبة بأقصى درجة من الوضوح والبساطة والدقة. ولكنه وقع في خطأ جسيم ذلك أن يبسط منهجاً لو اتبع لكان فيه دمار الجيش من الرأسماليين والكتبة والموظفين من كل الأنواع، ولأرغمهم على أن يعيشوا على حسابهم بدلاً من العيش على حساب الشعب، وقوض أساس هذه الثورات الضخمة التي نراها تنمو وتزداد في وقت قصير. وكان هذا شبباً كافياً لسقوط هذا الكتاب.. وتعالت الصيحات من جانب أولئك الذين يهمهم معارضته... ولا عجب إذن، في أن الملك الذي يلتف حوله هؤلاء الناس، أصغى إلى حججهم، واستقبل المارشال فوبان أسوأ استقبال حين قدم إليه كتابه(61).
وأنبه لويس بأنه رجل حالم، قد يقلب مشروعه مالية البلاد رأساً على عقب، وسط أزمة الحرب. وفي 14 فبراير 1707 صدر قرار من المجلس بمصادرة الكتاب وعرضه في مشهرة. وبعد ستة أسابيع مات المارشال العجوز، وقذفت في عضده وأحزانه ما أصاب من خزي وعار. وتفوه الملك ببعض كلمات عن أسف جاء متأخراً "فقدت رجلاً كان يحبني حباً شديداً كما يحب الدولة(62)". واستمرت الضرائب والحروب.
المرحلة الأخيرة: 1710–1714
وفي أغسطس 1707 انضم فكتور أماديس الثاني دوق سافوي-الذي كان قد بدأ حليفاً لفرنسا-إلى يوجين سافوي وأسطول إنجليزي في حصار طولون. براً وبحراً، حتى إذا سقطت في أيديهم عمدوا إلى مهاجمة مسيليا، فإذا سقطت هذه أيضاً لأصبحت فرنسا معزولة عن البحر المتوسط. وأعد جيش فرنسي جديد وأرسل ليصد الغزاة، وألح في صدهم، ولكن في هذه الحملة بات معظم أراضي بروفانس خراباً بلقعاً. وفي 1706 حشد الملك جيشاً قوامه ثلاثون ألفاً تحت قيادة مارشال فندوم. ودوق برجندي المحبوب ابن الدوفين. وسيره ليوقف تقدم الحلفاء في الفلاندرز فقابله سارلبرو ويوجين بجيش مماثل في العدد في أودينارد على نهر شلدت (11 يوليه 1708)، ودارت الدائرة على الفرنسيين وخسروا 20 ألفاً بين قتيل وجريح، كما أسر منهم سبعة آلاف. وأراد مارلبرو التقدم إلى باريس، ولكن يوجين أقنعه بمحاصرة ليل أولاً، حتى لا تقطع حاميتها خط مواصلات الحلفاء وإمداداتهم. وسقطت ليل بعد حصار دام شهرين، بخسارة في الأرواح قدرها خمسة عشر ألفاً. وأحس لويس بأن فرنسا لم تعد قادرة على مواصلة القتال. وزاد من بؤس الشعب وشقائه أن شتاء 1708slash1709 كاد أقسى شتاء وعته الذاكرة، وتجمدت النهار طيلة شهرين، بل تجمدت مياه البحر على طول الشواطئ، إلى أن العربات ثقيلة الأحمال كان تسير في أمان فوق جليد المحيطات(63). وهلكت كل المزروعات بما في ذلك أقدر أشجار الفاكهة على احتمال قسوة المناخ، وكل الحبوب في الأرض. كما مات في هذا الفصل القاسي معظم الأطفال الحديثي الولادة(64). باستثناء ابن حفيد الملك، لويس الخامس عشر فيما بعد، الذي ولد لدوق ارجندي في 15 فبراير 1709. وفي أعقاب ذلك جاءت المجاعة في الربيع والصيف، واختزن المحتكرون الخبز واحتفظوا له بسعر عال. ويذكر سان سيمون، وهو عادة لا يحب الملك، أن لويس نفسه كان متهماً باقتسام مغانم الاحتكارات(65). ولكن هنري مارتن يقول "أن التاريخ يروي كثيراً إلى حد أنه لا يسلم بالوصف البغيض الكئيب الذي أورده سان سيمون دون شيء من الريبة"(66). وأنقذ الموقف باستيراد 12 مليون كيلو جرام من الحبوب من دول المغرب العربي وغيرها، وزراعة الشعير بمجرد ذوبان الثلوج وعودة الدفء إلى الأرض(67).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
جزر الهند الغربية وأمريكا اللاتينية
وأحس لويس الرابع عشر بالذلة والهوان بسبب هزائم جيوشه ونكبات شعبه، فأرسل في 22 مايو 1709 المركيز دي تورس إلى لاهاي، يطلب الصلح. وكان دي تورسي مزوداً بالتعليمات ليعرض النزول عن كل الإمبراطورية الأسبانية إلى الحلفاء، وعن نيوفونلند إلى إنجلترا، وإعادة مدن الحدود إلى الهولنديين، والتخلي عن تأييد حق آل ستيورات في العرش. وحاول المركيز أن يرشو مالبرو، فأخفق(68). وفي 28 مايو قدم الحلفاء إلى دي تورسي إنذاراً نهائياً يطالبون فيه، لا بمجرد التنازل عن كل أسبانيا وممتلكاتها للأرشيدوق، بل كذلك يطالبون بانضمام الجيش الفرنسي إلى قوات الحلفاء في طرد فيليب من أسبانيا إذا لم يكن قد غادرها في بحر شهرين، وإلا، (كما قدروا) تركت فرنسا حرة في إعادة تنظيم قواتها الضاربة أثناء انشغالهم في شبه الجزيرة. وأجاب لويس بأنه يعز عليه أن يطلب منه استخدام القوة لطرد حفيده من أسبانيا التي كانت قد هبت من فورها لمساندة فيليب. وقال "إذا كان لا بد من مواصلة القتال، فل أقاتل أعدائي، لا أبنائي(96)".
وأثارت مطالب الحلفاء شعور الاستياء في فرسنا. وانضم الرجال عن طيب خاطر إلى القوات المسلحة، وكان كل همهم أن يجدوا الطعام، وأرسل النبلاء ما لديهم من فضة إلى دار سك العملة، وراوغت السفن الفرنسية الإنجليز الهولنديين، وأحضرت من أمريكا سبائك تقدر قيمتها بثلاثين ملويناً من الفرنكات. وحشد جيش جديد قواته تسعون ألفاً، وضع تحت إمرة فللار الذي لم يتمكن الحلفاء من هزيمته من قبل. وفي الوقت نفسه جمع مالبرو مائة وعشرة آلاف جندي. والتقى الجمعان في مالبلاكيه (على الحدود المواجهة لبلجيكا) في أعنف معركة في القرن الثامن عشر. وفقد مارلبرو 22 ألف رجل في انتصاره الأخير، وخسر الفرنسيون 12 ألفاً، من بينهم فللار الباسل، الذي كان في السادسة والخمسين، واندفع على رأس قواته، ثم حملوه من الميدان وقد بترت إحدى ركبتيه قذيفة مدفع. وتقهقر الفرنسيون بانتظام واتجه الحلفاء للاستيلاء على مونز. وكتب مارلبرو إلى زوجته يقول "الحمد لله والشكر لله، أن في مقدورنا الآن أن نحصل على الصلح الذي نريده(70)".
ويبدو أن الأمر كان كذلك. فمن الواضح أن فرنسا كانت قد بذلت أقصى ما في جعبتها، فمن أين لها بجيش ثان من بين أسراتها المنهوكة التي استنزفت دماء أبنائها، وكيف تطعمه وحقولها مهجورة مقفرة؟. لقد عمت الفوضى الزراعة والصناعة والنقل والتجارة والمالية-لقد أصاب كل هذا المرافق دمار وانحلال، يهيئان للأعداء المتقدمين احتلال فرنسا وتمزيق أوصالها. أن الملك الذي كان يوماً معبود الشعب "الذي بعثه الله إليهم" بدأ يفقد حبهم بل احترامهم له. أنه كان ينأى بنفسه عن باريس، لأنه لن تغب عن ذاكرته جماعة الفروند المعادية، واستاءت المدينة لطول نفوره منها وتباعده عنها، وما أشد ما استهجنت النكات والشتائم والنشرات واللافتات كبرياءه الاستبدادية استهجاناً لاذعاً(71). وتساءل الناس متعجبين، كيف تكتظ قاعات فرساي، وسط إملاق فرنسا وعوزها، برجال الحاشية المقامرين الخاملين المترفين، على حين أن الملك وزوجته قد ركنا إلى شيء من التقوى وكبح جماح النفس. "ولم تخفض نفقات الحاشية ولم ينقص عدد موظفيها حتى النهاية(72)". وأنشد بعض الباريسيين الذين لا يجدون الخبز رواية معدلة من "دعاء الرب"، لم يستثنوا فيها لويس ولا زوجته ولا وزير خارجيته وماليته الجديد:
يا إلهنا الذي في فرساي، لم يعد أسمك يقدس، ولم تعد مملكتك عظيمة، ولم تعد مشيئتك تنفذ في البر والبحر، أعطنا الخبز الذي نفتقد في كل مكان، اغفر لأعدائنا الذين قهرونا، لا لقوادك الذين هيئوا لهم لأن يفعلوا ذلك. لا تستسلم لكل إغواءات لامينتنون، ولكن خلصنا من شاميار.(73)
وقالت مدام مينتنون ترثى لحال الملك: "أنهم يلومونه ويؤنبونه بسبب نفقاته، أنهم يودون الاستغناء عن جياده وكلابه وخدمه.... أنهم يريدون أن يرجموني بالحجارة لأنهم يتصورون أني لا أبلغه شيئاً كريهاً خشية إيلامه(74)".
وكان النبلاء لا يزالون على ولائهم للملك الذي أكرمهم وحماهم، ولكن وطنيتهم تزعزت، حين طالب الملك، كآخر سهم في جعبته، بعشر دخولهم (1710). أن الضريبة العامة التي اقترحها فوبان قبل ذلك بثلاثة أعوام لتحل محل كل الضرائب الأخرى، أضيفت الآن إلى سائر الضرائب. وكان للفقراء بعض العزاء في أن يروا جباة الضرائب الكريهون يدخلون بيوت الأغنياء لفحص حساباتهم. وكره الملك أن يقحم الخزائن السرية الخاصة، ولكن قسيس اعترافه، الأب تلييه، أكد له أن من رأي أساتذة السوربون "أن كل ثروة رعاياه ثروته، فإذا أخذها فكأنما يستولي على شيء يخصه(75)". وبالمثل عانت الطبقات الوسطى العليا شيئاً من الخلخلة في الحماسة العسكرية، حيث أنقطع دفع الفوائد عن السندات الحكومية. وقال سان سيمون: "أن إعادة سك العملة وتخفيض قيمتها: أتاحا للملك بعض الأرباح، ولكنهما جلبا الدمار على أناس بعينهم، كما أديا إلى الخلل في التجارة مما كان فيه توقفها التام(76)". وأعلن كبار رجال المصارف، مثل صمويل برنارد، الإفلاس، فأدى ذلك إلى تعطل كل العمال في ليون. "كان كل شيء ينهار شيئاً فشيئاً، واستنزفت المملكة بأسرها، ولم تدفع للجند رواتبهم، على أن أحداً لم يكن يتصور ماذا فعل بالملايين التي وصل إلى خزائن الملك(77)".
وفي مارس 1710 عاد لويس فطلب إلى الحلفاء عقد الصلح، وعرض أن يعترف بالأرشيدوق ملكاً على أسبانيا، وألا يقدم أي عون لفيليب، بل أن يدفع بعض الأموال للعمل على خلعه، وأن يتخلى للحلفاء عن ستراسبورج، وبريزاخ، والالزاس وليل وتورني وايبر ومينن، وفورن ومبرج، ولكنهم لم يعرضوا عليه صلحاً، بل هدنة مدتها شهران، وكان على لويس بقواته الفرنسية وحدها دون أية مساعدة من أي جانب آخر، أن يطرد فيليب من أسبانيا، فإذا عجز عن تحقيق ذلك في فترة شهرين، استأنف الحلفاء القتال(78).
ونشر لويس هذه الشروط على شعبه الذي اتفقت كلمته على أنها شروط يستحيل قبولها.
وحشدت فرنسا،بطريقة ما جيوشاً جديدة، وعندما غزا الأرشيدوق أسبانيا مرة ثانية بقوات إنجليزية ونمساوية، وشق طريقه لإخراج فيليب من مدريد مرة أخرى، أرسل لويس لحفيده خمسة وعشرين ألف جندي بقيادة دوق فندوم. واستطاع الدوق بمساعدة المتطوعين الأسبان أن يهزم الغزاة في بريهوجا وفللافيكيوزا (ديسمبر 1710). وبهذا أعاد فيليب بشكل قاطع إلى عرشه، وبقيت أسبانيا تحت حكم البوربون حتى عام 1931.
وفي نفس الوقت كانت ريح السياسة تغير اتجاهها في إنجلترا. وكانت الملكة قد كتبت في 1706 "لست أطمع في شيء.. إلا أن أرى صلحاً مشرفاً، حتى إذا اقتضت مشيئة الله أن أفارق الحياة، وجدت كل الارتياح والطمأنينة في أن اترك بلدي المسكين وكل أصدقائي في سلام وهدوء(79)". وكانت الملكة آن تلتزم سياسة الحرب تحت تأثير دوقة مارلبرو العنيفة الملتهبة حماسة، ولكن ضعف هذا التأثير الآن، وعزلت الملكة الدوقة (ساره) من خدمتها (1710)، وانحازت صراحة إلى "المحافظين"، وكان التجار والصناع والرأسماليين قد أفادوا من الحرب(80)، وأيدوا "الأحرار" صانعي الحرب. أما ملاك الأراضي فقد خسروا لأن الحرب أدت إلى زيادة في الضرائب وتضخم غي العملة، ومن ثم شجعوا الملكة في تطلعها إلى السلام. وفي 8 أغسطس عزلت جودولفين، مساعد مارلبرو الأيمن، ورأس هارلي وزارة من المحافظين. ومالت إنجلترا نحو السلام.
ما بعد الحرب
وفي يناير 1711 أرسلت الحكومة الإنجليزية إلى باريس سراً، قسيساً فرنسياً، هو الأب جولثييه الذي كان قد أقام في لندن زمناً طويلاً، وقصد إلى تورسي في فرساي، وسأله "هل تريد السلام؟ لقد جئتك بوسائل تحقيقه، مستقلاً عن الهولنديين(81)". وتقدمت المفاوضات ببطء، وفجأة، وفي سن مبكرة بشكل يثير الدهشة، سن الثانية والثلاثين توفي جوزيف الأول (17 إبريل 1711) وأصبح الأرشيدوق إمبراطوراً يحمل أسم شارل السادس، ووجد الإنجليز والهولنديين الذين كانوا قد وعدوه بأسبانيا كلها، أنهم يواجهون، نتيجة لانتصاراتهم الباهظة التكاليف، إمبراطورية هبسبرجية مترامية الأطراف، تهدد بالخطر الشعوب البروتستنانتية وحريتها، مثلها في هذا وذاك مثل إمبراطورية شارل الخامس. وهنا عرضت الحكومة الإنجليزية على لويس الاعتراف بفيليب ملكاً على أسبانيا ومستعمراتها الأمريكية، مع بعض شروط معتدلة نسبياً: منها الضمانات ضد اتحاد فرنسا وأسبانيا تحت تاج واحد، وحصون على الحدود لحماية المقاطعات المتحدة وألمانية من غزو فرنسا لها في المستقبل، وإعادة الفتوحات الفرنسية إلى وضعها السابق، والاعتراف بحق ارتقاء الملوك البروتستانت إلى العرش في إنجلترا، وطرد جيمس الثالث من فرنسا وتجريد دنكرك من السلاح، وتثبيت ملكية إنجلترا لجبل طارق ونيوفوندلند ومنطقة خليج هدسن، ونقل حق بيع الرقيق للمستعمرات الأسبانية في أمريكا، من فرنسا إلى إنجلترا. ووافق لويس على هذه الشروط مع تعديلات طفيفة. وأبلغت إنجلترا لاهاي أنها تحبذ عقد الصلح على هذه الأسس. ووافق الهولنديين عليها، أساساً صالحاً للمفاوضات، واتخذت الترتيبات لعقد مؤتمر للسلام في أوترخت. وعزل مارلبرو الذي كان يرى الحرب أكثر ربحاً (31 ديسمبر 1711) وعين مكانه جيمس بتلر، دوق أورمن الثاني، الذي زود بتعليمات تقضي بعدم الاشتباك في أي قتال إلا عند تلقي أوامر جديدة.
معاهدة اوترخت
- مقالة مفصلة: معاهدة اوترخت
وعلى حين أنعقد المؤتمر في اوترخت (أول يناير 1712)، واصل القتال يوجين الذي اعتبر الشروط الإنجليزية للصلح خيانة لقضية الإمبراطورية. وتقدم يوماً بعد يوم ليهاجم خط الدفاع الذي أقامه فيللار المجد النشيط. وفي 16 يوليه أبلغت لندن أورمند أن إنجلترا وفرنسا وقعتا هدنة، وأنه يجب بناء على ذلك انسحاب قواته الإنجليزية إلى دنكرك. وامتثلت هذه القوات للأمر، ولكن الكتائب التي كانت تحت إمرة أورمند في القارة، اتهمت الإنجليز بأنهم آبقون هاربون من الجندية، ووضعت نفسها تحت قيادة يوجين. وكان لدى الأمير آنذاك نحو مائة وثلاثين ألفاً، ولدى فللار نحو تسعين ألفاً. ولكن في 24 يوليه انقض المارشال اليقظ على كتيبة قوامها اثني عشر ألفاً من الهولنديين عند دنين (بالقرب من ليل) وأبادها قبل أن يمكن يوجين من القدوم لنجدتها. وتراجع الأمير عبر الشلدت ليعيد تنظيم جيشه الصعب الانقياد، وتقدم فيللار للاستيلاء على دواي ولي كزنوي، وبوشان، وتشجع لويس وفرنسا، لأن هذه كانت الانتصارات الفرنسية الوحيدة على الجبهة الشمالية، ولكنها، بالإضافة إلى انتصارات فندوم في أسبانيا أضفت قوة جديدة على المفاوضين الفرنسيين في أوترخت.
وبعد خمسة عشر شهراً من المراسم والشكليات والمناقشات، وقع أطراف النزاع، فيما عدا الإمبراطور، صلح اوترخت (11 إبريل 1713) وتنازلت فرنسا لبريطانيا عن كل ما وعدت به من قبل في المفاوضات التمهيدية، بما في ذلك احتكار تجارة الرقيق الرائجة، التي تعتبر وصمة عار ذلك العصر. وقدم العدوان القديمان تنازلات متبادلة عن رسوم الواردات، وأعاد الهولنديون لفرنسا ليل واير وبيتون، ولكنهم احتفظوا بالسيادة على كل الأراضي الوطيئة حتى يتم عقد الصلح مع الإمبراطورية، على حين يستولي ناخب بافاريا على شارلروا ولكسمبرج ونامور، وأعيدت نامور إلى دوق سافوي. واحتفظ فيليب الخامس بأسبانيا وأمريكا الأسبانية. ورفض ثم عاد فوافق (13 يوليه) على التخلي عن جبل طارق ومينو رقة لإنجلترا. وواصل يوجين سافوي القتال ضد البريطانيين لشعوره بالمرارة نحوهم لتوقيعهم صلحاً منفرداً. ولكن خزانة الإمبراطورية أصبحت خاوية، ونقص جيشه إلى 40 ألفاً، على حين كان فيللار يتقدم نحوه بمائة وعشرين ألفاً. وأخيراً قبل دعوة لويس الرابع عشر له للقاء فيللار لوضع شروط للصلح. وبمقتضى معاهدة راستات (6 مارس 1714) احتفظت فرنسا بالألزاس وستراسبورج، ولكنها أعادت إلى الإمبراطورية كل الفتوحات الفرنسية على الضفة اليمنى لنهر الراين، واعترفت بحلول النمسا محل أسبانيا في حكم إيطاليا وبلجيكا.
معاهدتا راستات وبادن
- مقالات مفصلة: معاهدة راستات
- معاهدة بادن
رفض تشارلز السادس، الامبراطور الروماني المقدس توقيع معاهدة أوترخت. وادعى أنه هو الوريث الحقيقي لعرش أسبانيا. لذلك استمرت الحرب بين فرنسا والنمسا، الولاية الرئيسية في الإمبراطورية الرومانية الكاثوليكية حتى عام 1714. وفي هذا العام وقعت الدولتان معاهدتي راستات وبادن اللتين أكدتا معظم الشروط الواردة في معاهدة أوترخت[5]. أسدلت المعاهدتان الستار على حرب الخلافة الأسبانية (1701- 1714). وأنهت معاهدة راستات بشكل خاص النزاع الذي كان قائما بين الملك لويس الرابع عشر ( فرنسا) والإمبراطور شارل السادس ( الإمبراطورية الرومانية المقدسة) وذلك بعد أن توقفت بقية الحروب بين الأطراف الأوربية الأخرى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
النتائج
وبذلك حققت معاهدتا أوترخت وراستات أكثر قليلاً مما كان يمكن أن تحققه الدبلوماسية بالوسائل السلمية في 1701. وبعد ثلاثة عشر عاماً من القتل والإبادة والفقر والتخريب. ثبتت هاتان المعاهدتان خريطة أوربا لمدة ستة وعشرين عاماً، كما ثبتتها معاهدات وستفاليا لمدة جيل واحد بعد حرب الثلاثين عاماً. وكانت المهمة في كلتا الحالتين إقامة توازن القوى بين أسرتي هبسبرج والبوربون. وقد تم هذا بالفعل. وقام شبيه لهذا التوازن بين فرنسا وإنجلترا في أمريكا واستمر حتى نشوبحرب السنين السبع (1756-1763).
وأهم الخاسرين في هذا النزاع الدموي حول الوراثة الأسبانية هما هولندا وفرنسا، لقد كسبت الجمهورية الهولندية أرضاً، ولكنها خسرت سيادة البحر، فلم تعد قادرة على مباراة لإنجلترا في حمولة السفن أو في فن الملاحة أو في الموارد أو في الحرب، أن انتصارها استنزفها وأنهكها، فبدأت تضمحل. كذلك ضعفت فرنسا إلى حد يكاد يكون خطيراً. لقد بقت على مرشحها لعرش أسبانيا، ولكنها أخفقت في الإبقاء على إمبراطوريته سليمة لم تمس، ودفعت ثمناً لهذا النصر القاتم الذي فقد بريقه، حياة مليون من أبنائها بالإضافة إلى ضياع سيادتها على البحار، وانهيار حياتها الاقتصادية بصفة مؤقتة. ولم تكن فرنسا لتفيق وتلتقط أنفاسها من عصر لويس الرابع عشر، قبل ظهور نابليون، ولكن لمجرد أن تعيد مأساة لويس.
أما الفائزان في الحرب فهما النمسا داخل القارة، وإنجلترا في كل مكان خارجها. فقد استولت النمسا آنذاك على ميلان ونابلي وصقلية وبلجيكا، وأصبحت أعظم قوة في أوربا حتى ارتقاء فردريك الأكبر العرش (1740). وفكرت إنجلترا في السيادة على البحار أكثر مما فكرت في التوسع في الأرض. وحصلت على نيوفوندلند ونوفا سكوشيا، ولكن كان تحكمها في طرق التجارة أكبر قيمة لديها. وأرغمت فرنسا على تخفيض رسومها الجمركية، وعلى أن تجرد من السلاح قلعة دنكرك وثغرها اللذين كانا يشكلان خطراً على السفن الإنجليزية. ويفضل جبل طارق في أسبانيا، وبورت ماهون في مينورقة استطاعت إنجلترا أن تسيطر على البحر المتوسط. ولم يكن لهذه المكاسب مشهد مثير في 1713، ولكن كان لا بد أن تدون نتائجها في تاريخ القرن الثامن عشر. وفي نفس الوقت أمنت العقيدة البروتستانتية وارتقاء البروتستانت إلى العرش شر العوادي، اللهم إلا نسبة المواليد.
وثمة نتيجة هامة للحرب، تلك هي اشتداد الروح القومية، وروح الكراهية بين الدول، حيث نسيت كل أمة مكاسبها وتذكرت جراحها. فما كان لألمانيا أن تغفر اجتياح البالاتينات وتخريبها مرتين. ولم تكن فرنسا لتنسى بسرعة المذابح التي لم يسبق لها مثيل في انتصارات مارلبرو، وكانت أسبانيا تعاني كل يوم عار وقوع جبل طارق في أيد أجنبية. وباتت كل أمة ترقب أن تحين الفرصة للانتقام.
إن بعض ذوي النفوس الكريمة الذين اعتقدوا أن أوربا قارة المسيحيين راودهم حلم الوصول إلى بديل عن الحرب. وكان شارل كاسل، من رهبان كنيسة القديس بطرس قد رافق الوفد الفرنسي إلى وترخت، فلما عاد نشر خطة لتثبيت دعائم السلام الجديد، وتمنى لو أن أمم أوربا أتيح لها أن تتحد في "عصبة أمم" مع مؤتمر دائم من المندوبين عنها، ومجلس للتحكيم في النزاع، ونظام لقانون دولي، وقوة مسلحة مختلطة للوقوف في وجه أية دولة متمردة، وتخفيض أي جيش وطني إلى ستة آلاف رجل، وإيجاد مقاييس وعملة موحدة تستخدم في كل أنحاء أوربا(82). وقدم الراهب مشروعه إلى ليبنتز، الذي لم يعد يثق بأن هذا أفضل العوالم الممكنة، فذكر الراهب "بأن ثمة قدراً مشئوماً يعترض دوماً طريق الإنسان إلى تحقيق سعادته(83)" فالإنسان حيوان نزاع إلى المنافسة، وخلقه هو قدره.
أصبحت فكرة إيجاد توازن للقوى الدولية آنذاك حقيقة واقعة ، اعترفت معاهدة أوترخت بأن يكون فيليب الخامس ملكا لاسبانيا ولكنه أزيح من سلسلة خلافة العرش الفرنسي، على أن لا تتحد أسبانيا وفرنسا تحت حاكم واحد, وذلك لتجنب حدوث أي اتحاد مستقبلي بين مملكتي اسبانيا وفرنسا، وفازت النمسا بمعظم إقطاعيات اسبانيا في إيطاليا وهولندا، ونتيجة لذلك انتهت الهيمنة الفرنسية على القارة الأوربية، ونتيجة لهذه المعاهدة كسبت بريطانيا المستعمرات الأسبانية، في جبل طارق ومينوركا (إحدى جزر الباليار) كما كسبت عقدًا تقوم بموجبه بإمداد كل المستعمرات الأسبانية في أمريكا بالمستعبدين الأفارقة وأيضًا منحت فرنسا بريطانيا مقاطعة خليج هدسون، ونيوفاوندلاند، ومنطقة نوفا سكوتيا، بأكاديا[6].
الهوامش
- ^ إنگلترة (1701–6); بريطانيا العظمى (1707–14) The Acts of Union of 1707 united the crowns of England and Scotland, forming the Kingdom of Great Britain. For much of the war, Scottish units were under Dutch pay and operated as part of the army of the Dutch Republic.
- ^ Lynn, The Wars of Louis XIV: 1667–1714, p.271. The Allied figure is the strength in 1702: The Empire (90,000), the Dutch Republic (60,000 + 42,000 garrison troops), and England (40,000). It does not include minor German states or navies.
- ^ Lynn, The Wars of Louis XIV: 1667–1714, p.271.The French strength is a paper figure; actual combat strength was approximately 255,000. To this must be added forces from Spain and, initially, Bavarian and Savoyard contingents
- ^ Simon Barton, "A History of Spain", p.136:"But with her own military strength now but a pale shadow of its former self - at the beginning of the war the Spanish could barely muster 13,000 infantry and 5,000 cavalry"
- ^ Star times
- ^ Sharq awsat
المصادر
- Chandler, David (2003). Marlborough as Military Commander. Spellmount Publishers. ISBN 186227195X.
- Crouse, Nellis M (1943). The French Struggle for the West Indies, 1665-1713. New York: Columbia University Press.
- Frey, Linda (1995). The Treaties of the War of the Spanish Succession. Westport: Greenwood Press. ISBN 0313278849.
- Hattendorf, John (1987). England in the War of the Spanish Succession. New York: Garland Pub. ISBN 0824078136.
- Jongste, Jan A.F. de, and Augustuus J. Veenendaal, Jr. Anthonie Heinsius and The Dutch Republic 1688–1720: Politics, War, and Finance. Institute of Netherlands History (2002).
- Lynn, John (1999). The Wars of Louis XIV, 1667-1714. New York: Longman. ISBN 0582056292.
- Mckay, Derek (1983). The Rise of the Great Powers, 1648-1815. New York: Longman. ISBN 0582485541.
- Ostwald, Jamel (2006). Vauban under Siege: Engineering Efficiency and Martial Vigor in the War of the Spanish Succession. Boston: Brill Academic Publishers. ISBN 9789004154896.
- Symcox, Geoffrey (1973). War, Diplomacy, and Imperialism, 1618-1763. New York: Harper Torchbooks. ISBN 061395005.
{{cite book}}
: Check|isbn=
value: length (help) - Tombs, Robert (2007). That Sweet Enemy. New York: Knopf. ISBN 9781400040247.
- Veenendaal, A. J., Briefwisselling van Anthonie Heinsius, 1702–1720. 19 volumes. Instituut voor Nederlandse Geschiedenis (1976–2001).
- Wolf, John B. The Emergence of the Great Powers: 1685–1715. Harper & Row, (1962). ISBN 0061397509
وصلات خارجية
| حرب الخلافة الإسپانية
]].- Documents about The case of the catalans dating to 1714, at the House of Lords, UK.
- Journal of the House of Lords: volume 19, 2 August 1715, Further Articles of Impeachment against E. Oxford brought from H.C. Article VI.
- CS1 errors: ISBN
- حرب الخلافة الاسبانية
- صراعات القرن 18
- حروب خلافة
- حروب النمسا
- حروب باڤاريا
- حروب فرنسا
- حروب بريطانيا العظمى
- حروب اسبانيا
- حروب المقاطعات المتحدة
- حروب هولندا
- حروب الپرتغال
- حروب پروسيا
- المطالبون بالعرش الاسباني
- نزاعات عالمية
- القرن 18 في أوروپا
- القرن 18 في النمسا
- القرن 18 في فرنسا
- القرن 18 في الكاريبي
- الحروب الانجليزية الفرنسية
- حرب الخلافة الأسبانية
- تاريخ كندا