منير شفيق
منير شفيق القدس (و. 1934، القدس)، هو مفكر فلسطيني إسلامي ولد لأبوين مسيحيين، انخرط في العمل السياسي والحزب الشيوعي، عمل في حركة فتح حتى بداية السبعينات، اعتنق الإسلام في أواخر السبعينات.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته
ولد منير شفيق في مدينة القدس الغربية عام 1936، هجرته النكبة من مسقط رأسه القدس الغربية، فلجأ إلى [القدس الشرقية] عام 1948، انخرط منير مبكرا في الحزب الشيوعي الأردني، وكان الحزب حينئذ هو الأكثر نشاطا وحيوية، لكن شفيقا أمضى عشر سنوات من هذه المرحلة في السجون الأردنية التي احتجز فيها من 1954-1957، ومن 1957-1965، كما شهدت هذه المرحلة، بين أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، بداية خلافه مع الحزب الشيوعي الأردني. وكان الشيوعيون في فلسطين يعملون تحت اسم عصبة التحرير الوطني التي انقسمت بعد النكبة إلى حزبين شيوعيين أردني وفلسطيني. وتمحور ذلك الخلاف حول قضيتين: الأولى هي الموقف من جمال عبد الناصر والوحدة العربية وقضية فلسطين. [1]والأخرى هي الاستقلالية عن الإتحاد السوفيتي. وبعد خروج شفيق من السجن عام 1965 بعفو عام ترك الحزب الشيوعي إثر حوارات غير مجدية. وحين جاء عام 1966 تمكن شفيق من مغادرة الأردن عبر سوريا إلى لبنان، حيث عمل في الترجمة. وفى عام 1967 غادر إلى الكويت وأمضى هناك سبعة أشهر انضم خلالها إلى حركة "فتح"، ثم غادر في العام التالي إلى عمان متفرغا في الإعلام والعلاقات الخارجية لحركة فتح.
الخلاف مع الثورة
ما أن حط شفيق رحله في الأردن حتى تحرك "حسه النقدي" وبدأت خلافاته مع "الثورة"، وقد سجل اعتراضه على عسكرة المدن والشوارع، والتي أدت إلى تأزيم نظام الدولة، ووقف ضد الشعار الذي أطلقته "الجبهة الديمقراطية" (كل السلطة للمقاومة)؛ لأنه يفجر الصراع مع الأردن. وقد أدت هذه الأخطاء والممارسات إلى تهجم بعض المنظمات على جمال عبد الناصر إثر مبادرة روجرز. وفى هذا يقول منير شفيق: "شعرت بأن ذلك هو البداية لإخراجنا من الأردن. كنت أدرك أن الشعب ناصري وكان شتم عبد الناصر يستفزه ويبعده عن الثورة". ويضيف: "ضغطت داخل (فتح) لعدم مهاجمة عبد الناصر، وكان عرفات والقيادة متفهمين لموقفي، لكنهما غير مستعدين للدفاع عنه".
ومع ضرب المقاومة في الأردن يغادره شفيق في 1970؛ ليعود إلى لبنان في 1972 عاملا في "مركز التخطيط" الذي أصبح مديره العام في 1978. وتطور خلاف شفيق مع "فتح" بعد ذلك حول مفصلين: الأول هو معارضته برنامج النقاط العشر؛ إذ اعتبره يحرف الثورة عن أن تكون حركة مقاومة للتحرير، ويجعلها تنخرط في العمل السياسي، كما كان يريد لها السادات والسوفيت.
والمفصل الآخر في ذلك كان وقوف منير ضد قرار عزل "حزب الكتائب اللبنانية"، حيث اعتبره قرارا خاطئا ومدمرا للمقاومة الفلسطينية؛ إذ لا يحق لها - من وجهة نظره - أن تعزل طرفا لبنانيا. وكان شفيق يرى أن عزل الكتائب سيؤدي إلى التقسيم الواقعي للبلد ويشعل حربا أهلية لا تنتهي.
ودفع شفيق ثمن مواقفه هذه؛ إذ يذكر معاصرو تلك المرحلة كيف أطلق عناصر من "أمن فتح" ومن "الجبهة الديمقراطية" النار عليه لمنعه من الكلام في جامعة بيروت العربية ضد النقاط العشر عام 1974. كما أضعفت معارضته عزل الكتائب موقفه داخل "فتح".
وعندما غادرت "الثورة" لبنان بفعل الاجتياح الإسرائيلي عام 1982 غادر شفيق مع المغادرين إلى تونس؛ لتنتهي علاقته مع "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية في 1992 بإقالته من مواقعه.
تفرغ منير بعد ذلك للكتابة والتأليف، حتى أصدر ستين كتابا، كان آخرها "عولمة أم تنمية إنسانية؟"، رد فيه على تقرير التنمية الإنسانية العربية.
ورغم أن منيرا قد بدأ حياته السياسية عضوا في الحزب الشيوعي الأردني في بداية الخمسينيات، وأمضى خلالها عشر سنوات من عمره في السجون الأردنية، والبقية متنقلا حيثما تحل القضية التي أعطاها عمره، فإنه لم يتح له العودة إلى مدينته المقدسة. وهو يعمل حاليا منسقا عاما للمؤتمر القومي الإسلامي.
ويرفض شفيق رمي مسئولية النكبة والهزائم العربية على "الزمن" الذي يصفه البعض بالرديء؛ فالناس هي التي تتغير وتكون أصيلة أو رديئة. ويشير إلى معنى حديث للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ينهى فيه عن لعن الزمن؛ "لأن الزمن هو الله".
المقاومة وحركات التحرر
يرى شفيق أن انتصار المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق هو تتويج لمسار طويل من نضالات حركة التحرر العربي والمقاومة الفلسطينية، كما أن الدور الإسلامي في هذه المقاومات يعد استمرارا للعملية التاريخية التي بدأت منذ أن حل الاستعمار في بلادنا وفرض سايكس بيكو والمشروع الصهيوني.
وكل إبراز للدور الإسلامي يجب - في رأيه - أن يظل مرتبطا وموصولا بكل ذلك التاريخ من النضالات التي لم يكن التيار الإسلامي بعيدا عنها، لا سيما في المراحل الأولى من مواجهة الاستعمار ومرحلة النصف الأول من القرن العشرين. وقد أخذ الوضع الراهن يبلور تلازما بين الهويات الأساسية الثلاث: الوطنية والقومية والإسلامية.
المؤتمر القومي
انضم شفيق إلى "المؤتمر القومي الإسلامي" منذ تأسيسه، متحمسا للقاء التيارين القومي العربي والإسلامي، إذ أن "المؤتمر" نفسه قد نشأ بمبادرة من المؤتمر القومي العربي إثر نجاح ندوة حول العلاقة بين التيارين، عقدها مركز دراسات الوحدة العربية في القاهرة. وجاءت استقالة الرئيس السابق للمؤتمر القومي الإسلامي "عصام العريان" - إثر اعتقاله من قبل السلطات المصرية ومنعه من السفر - لتجبر شفيقا على تقبل مهمة طالما حاول تجنبها، خصوصا أنها تتطلب عملا ومتابعة يومية وأداء تنظيميا، حيث انتخب منسقا عاما في مؤتمر الدوحة الذي انعقد في 1427هـ/ كانون الأول 2006م.
ويرى شفيق أن المؤتمر القومي الإسلامي -كالمؤتمر القومي العربي – قد أخذ على عاتقه مواجهة التحديات التي تعرضت لها الأمة أوائل التسعينيات، بعد انتهاء الحرب الباردة، والتصدي للهجمة الأمريكية الإسرائيلية المعززة بهجمة العولمة على المنطقة، والدفاع عن ثوابت الأمة وعدم السماح بتصفية القضية الفلسطينية وإقامة النظام الشرق أوسطي الذي دعا إليه شمعون بيريز.
ويلفت إلى أن الأمة قاتلت على خطوط دفاع ثلاثة ضد الهجمات التي استهدفتها. فعندما واجه العرب التحديات في التاريخ المعاصر كان الإسلام والدولة الإسلامية - المتمثلة بدولة الخلافة - في الخندق الأمامي، وعندما انهار هذا الخندق المتقدم مع الهجمة الاستعمارية الغربية برز الخندق الثاني المتمثل بالعروبة ومشروع الوحدة العربية، وعندما انهار هذا الخندق أيضا تقدم الخندق الوطني/ القطري. وجرت محاولات في مرحلة جمال عبد الناصر لإحياء الخندق الثاني المضاد، لاستعادة المواقع والصحوة الإسلامية، والآن عاد التناغم بين الخنادق الدفاعية الثلاثة؛ لذلك فهو غير متشائم ولا يعد الوضع الحالي أسوأ مما كان في السابق.
المسيحيون العرب
يشدد شفيق على أن المسيحيين العرب جزء من الهويات الثلاث (الوطنية - القومية - الإسلامية). فمن حيث الوطنية والعروبة "المسألة مفروغ منها"، ومن حيث الهوية الإسلامية هناك المشاركة في الهوية الحضارية والتاريخ العربي الإسلامي المشترك. ولهذا يجمع المؤتمر القومي الإسلامي في صفوفه كل تيارات الأمة، بما في ذلك رجال دين مسيحيين بارزين.
وينفي شفيق أن تكون هجرة المسيحيين من لبنان وفلسطين والعراق بفعل نزاعات داخلية، وهو يراها جزءا من خطة صهيونية مدعومة من بعض الاتجاهات الغربية. وقد هجرت الغزوة الصهيونية المسيحيين والمسلمين العرب من فلسطين على قدم المساواة. ويلاحظ منذ بداية التسعينيات تخطيطا مركزا على تهجير المسيحيين خصوصا من فلسطين، والفلسطينيين عموما. لكن يظهر ذلك بين المسيحيين بشكل أوضح، نسبة لعدد السكان.
ويعتبر منير أن كارثة ستحل بالعرب والمسلمين إذا أفرغت المنطقة من أبنائها المسيحيين العرب الذين حافظ الإسلام والأمة على وجودهم طوال التاريخ الإسلامي المستمر منذ ألف وخمسمائة عام، ويلفت إلى أن وجود مسلمي مدينة الخليل قد حافظ على عروبة القدس حتى الآن، ويسجل تقصيرا من جانب الكنائس بحق المسيحيين الفلسطينيين المقدسيين، لاسيما الكنيسة الأرثوذكسية؛ بسبب السيطرة اليونانية عليها؛ ما جعلها لا تكترث لتثبيت الأرثوذكس في مدينة القدس وفي مناطق كثيرة في فلسطين.
من كتاباته
- الماركسية اللينينية والثورة الملحة،
- الماركسية اللينينية ونظرية الحزب الثوري،
- في علم الحرب
- الإسلام في معركة الحضارة.
- الإسلام وتحديات الانحطاط المعاصر.
- ردود على طروحات علمانية.
- بين النهوض والسقوط.
- قضايا التنمية والاستقلال.
- في نظريات التغيير.
- النظام الدولي الجديد وخيار المواجهة.
- شهداء ومسيرة.
- تجربة محمد علي الكبير