وفي سنة 251، كانت غزوة ألبة والقلاع أيضا "هزيمة المركويز -أخزاه االله!-" خرج إلى هذه الغزاة عبد الرحمن بن محمد، وتقدم حتى حل على ر دوبر. -وتوالت عليه العساكر من كل ناحية، فرتبها. ثم
تقدم؛ فاحتل بفج برذنش؛ وكانت عليه أربعة حصون؛ فتغلب العسكر عليها، وغنم المسلمون جميع ما
فيها وخربوها؛ ثم انتقل من موضع إلى موضع، لا يمر بمسكن إلا خربه، ولا موضع إلا حرقه، حتى اتصل
ذلك في جميع بلادهم. ولم يبق لرذريق صاحب القلاع، ولا اردمير صاحب توفة، ولا لعندشلب صاحب
برجية، ولا لغومس صاحب مسانقة، حصن من حصوم إلا وعمه الخراب. ثم قصد الملاحة، وكانت من
أجل أعمال رذريق؛ فحطم ما حواليها وعفا آثارها.
ثم تقدم يوم الخروج على فج المركوبز؛ فصد العسكر عنه، وتقدم رذريق بحشوده وعسكره؛ فحل على
الخندق ااور للمركوبز. وكان رذريق قد عانى توعيره أعواما، وسخر فيه أهل مملكته، وقطعه من جانب
الهضبة؛ فارتفع جرفه، وانقطع مسلكه؛ فترل عبد الرحمن ابن الأمير محمد على وادي إبره بالعسكر، وعبا
القائد عبد الملك للقتال؛ وعبا المشركون، وجعلوا الكمائن على ميمنة الدرب وميسرته. وناهض
المسلمون جموع المشركين بصدورهم؛ فوقع بينهم جلاد شديد. وصدق المسلمون اللقاء؛ فانكشف
الأعداء عن الخندق، وانحازوا إلى هضبة كانت تليه. ثم نزل عبد الرحمن ابن الأمير محمد، ونصب
فسطاطه، وأمر الناس بالترول وضرب أبنيتهم؛ فأقامت المحلة. ثم ض المسلمون إليهم؛ فصدقوهم القتال،
وضرب االله في وجوه المشركين، ومنح المسلمين أكتافهم؛ فقتلوا أبرح قتل؛ وأسر منهم جموع. واستمروا
في الهزيمة إلى ناحية الأهزون، وافتحموا ر إنره باضطرار في غير مخاضه؛ فمات منهم خلق كثير غرقا.
وكان القتل والأسر فيهم من ضحى يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من رجب إلى وقت الظهر.
وسلم االله المسلمين ونصرهم على المشركين. وكان قد لجأ منهم إلى الوعر والغياض، عندما أخذم
السيوف، جموع؛ فتتبعوا وقتلوا؛ ثم هتك الخندق وسوى حتى سهل، وسلكه المسلمون غير خائفين ولا
مضغطين. وأعظم االله المنة للمسلمين بالصنع الجميل، والفتح الجليل. والحمد الله رب العالمين. وكان مبلغ
ما حيز من رؤوس الأعداء في تلك الوقيعة عشرين ألف رأس وأربعمائة رأس واثنين وسبعين رأسا.