مذكرات محمود رياض
المؤلف | محمود رياض |
---|---|
البلد | مصر |
الناشر | دار المستقبل العربي |
الإصدار | 1985 |
عدد الصفحات | 611 |
مذكرات محمود رياض، هو كتاب من تأليف محمود رياض، نشرت الطبعة الأولى عام 1985 والطبعة الثانية عام 1987 عام دار المستقبل العربي. يدور الكتاب عن جذور النزاع الإسرائيلي العربي ثم حرب 1967 مروراً بحرب أكتوبر حتى معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أقسام الكتاب
- الفصل الأول: بداية النزاع العربي الإسرائيلي
- الفصل الثاني: جذور حرب يونيو
- الفصل الثالث: البناء من الصفر حتى الخرطوم
- الفصل الرابع: أسرار القرار رقم 242
- الفصل الخامس: معركة الضغط على مصر من أجل الحل المنفرد
- الفصل السادس: المواجهة في جبهتين ووقف إطلاق النار
- الفصل الثامن: وفاة عبد الناصر
- الفصل التاسع: معركة في الأمم المتحدة
- الفصل العاشر: سنة الحسم 1971
- الفصل الحادي عشر: كيسنجر يبحث عن دور
- الفصل الثاني عشر: السادات يخرج الخبراء السوفيت
- الفصل الثالث عشر: حرب أكتوبر
- الفصل الرابع عشر: السلام على طريقة كيسنجر
- الفصل الخامس عشر: انهيار السلام الشامل
- الفصل السادس عشر: زيادة السادات للقدس
- الفصل السابع عشر: من كامب ديفيد إلى قمة بغداد
- صور تذكارية
مقتطفات من الكتاب
بدأت مشاركة محمود رياض أمين عام جامعة الدول العربية الأسبق في الأحداث العربية عام 1948، عندما توجه إلى فلسطين وشاهد العصابات الصهيونية تغتصب الأراضي العربية، وتطارد الفلسطينيين وتشردهم من ديارهم وبقي في غزة إلى أن استدعاه جمال عبدالناصر عام 1952 بعد قيام الثورة، ليتولى إدارة فلسطين في القيادة العامة حتى يكون مسؤولا عن كافة جوانب القضية الفلسطينية، وعندما صدر قرار تعيينه مديرا لمكتب المخابرات الحربية بغزة عام 1948 لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يزور فيها فلسطين، إذ زارها عام 1943 عندما التحق بكلية أركان حرب ثم زارها مرة أخرى عام 1945 عندما كان يقوم بالتدريس للقسم النهائي في الكلية الحربية واصطحب الطلبة لأحد المعسكرات القريبة من عكا للإشراف على المناورات العسكرية التي كانوا يقومون بها قبل تخرجهم.
في المرتين الأوليين - يقول رياض - كان الهدوء قائماً بسبب ما فرضته ظروف الحرب العالمية الثانية، لكنه كان الهدوء الذي يسبق العاصفة، غير أن الصورة اختلفت في المرة الثالثة فكان القادة الفلسطينيون يشعرون بالمرارة بسبب موقف الحكومة البريطانية التي نقضت عهودها وعملت على قيام "اسرائيل" فوق أراضيهم.
يقول رياض:
وكان قرار التقسيم الصادر عن الأمم المتحدة عام 1947 إشارة البدء لإطلاق قوات الهاگاناه على القرى العربية لإرغام سكانها على الهرب، ثم تحولت الهجمات إلى مذابح قامت بها الأرگون برئاسة مناحم بيجين ، فأبادت سكان قرية دير ياسين في أبريل 1948 وحرصت السلطات البريطانية على عدم التدخل لوقف هذه المذابح، وكانت الحكومة المصرية اتخذت قرارا بعدم إشراك القوات المصرية في أي عمليات خارج أراضيها، وأبلغ النقراشي رئيس وزراء مصر آنذاك الجامعة العربية بذلك في أكتوبر 1947.
ولما تأزم الموقف اتصلت الحكومة المصرية بالحكومة البريطانية لتثنيها عن سحب قواتها قبل قيام سلطة شرعية تضمن سلامة السكان العرب إلا أن الحكومة البريطانية أصرت على موقفها من الانسحاب في الموعد الذي حددته، وبناء على ذلك اتخذت الدول العربية قرارا بدخول قواتها الأراضي الفلسطينية لمساعدة الفلسطينيين وإعادة السلام، وهكذا بدأ النزاع المسلح بين "اسرائيل" والدول العربية.
وبناء على قرارات مجلس الأمن توقف القتال، وتوجه وفد إسرائيلي وآخر مصري إلى جزيرة رودس للتفاوض من أجل توقيع اتفاق الهدنة، وكان ذلك أول تفاوض رسمي بين "اسرائيل" ودولة عربية، وبعد مفاوضات غير مباشرة استمرت حوالي 40 يوماً كلف محمود رياض بعرض مشروع الاتفاق على القائد العام فؤاد باشا صادق، وبعد مشاورات قرر رئيس الوزراء إبراهيم باشا عبدالهادي الاكتفاء بلواء مصري واحد في قطاع غزة، وظل الوفدان يجتمعان أسبوعياً تحت رئاسة مراقب الأمم المتحدة في العوجة بفلسطين للإشراف على تنفيذ اتفاقية الهدنة ومعالجة آثار انتهاكات الاتفاقية.
وعندما قامت ثورة يوليو 1952 عاد رياض إلى القاهرة وتولى إدارة شؤون فلسطين في القيادة العامة، ولاحظ من متابعته للتقارير أن "إسرائيل" تعمل على زيادة قواتها المسلحة مع ترديد بن جوريون في تصريحات حاجة "اسرائيل" للمزيد من الأرض والمياه لاستيعاب المهاجرين الجدد، وفيما بعد تحدث رياض مع عبدالناصر وعبدالحكيم عامر بداية 1953 حول ضرورة تقوية الجيش المصري بغرض الحفاظ على توازن القوى بما يحول دون إقدام بن جوريون على مغامرة عسكرية من أجل التوسع إلا أن عبدالناصر كان من رأيه ضرورة إعطاء مشاريع التنمية الأولوية في الإنفاق.
واستمر عبدالناصر على موقفه هذا إلى أن قامت اسرائيل بهجوم على قطاع غزة في 28 فبراير،1955 أدى إلى مقتل 38 من العسكريين المصريين، فقرر عبدالناصر ضرورة الإسراع بتقوية الجيش، ويذكر رياض أن عبدالناصر بعد هذه الغارة قال له: "إن خطة التنمية وبناء المستشفيات والمدارس يجب ألا تؤخر بناء جيش قوي لحماية أمن مصر".
انهيار
أدت الاشتباكات بين الفلسطينيين والأردنيين في سبتمبر 1970 إلى انهيار الجهود العربية التي أسهم فيها محمود رياض طوال ثلاث سنوات سابقة على هذا التاريخ من أجل قيام جبهة شرقية متماسكة، وكما يقول فإن "أحداث سبتمبر 1970 أسوأ نكسة تعرض لها العالم العربي منذ هزيمة يونيو 1967"،
وقد انتهت أعمال مؤتمر القمة الطارئ في القاهرة بإعلان الاتفاق بين الملك حسين وياسر عرفات مساء 27 سبتمبر، وفي صباح اليوم التالي بدأ عبدالناصر يودع الملوك والرؤساء العائدين إلى بلادهم مصرا على أن يذهب بنفسه في كل مرة إلى مطار القاهرة لكي يودع كل واحد من ضيوفه، وكان رياض غادر مكتبه في وزارة الخارجية ظهرا لزيارة بعض أفراد أسرته، وفي المساء فوجئ بمن يخطره بوصول إحدى سيارات الشرطة واستدعائه لحضور اجتماع طارئ لمجلس الوزراء بقصر القبة، وفي السيارة طلب رياض من السائق أن يفتح الراديو، وفوجئ بجميع المحطات تذيع آيات من القرآن الكريم.
يقول رياض: "شعرت بالانقباض فجأة وتخيلت كل شيء إلا الحقيقة الوحيدة التي فوجئت بها بمجرد وصولي إلى قصر القبة، لقد مات جمال عبدالناصر"، ووسط الوجوم والدهشة والمرارة بالألم بدأ الاجتماع الطارئ برئاسة أنور السادات الذي قال ضمن ما قاله "اليوم أضع حياتي ثمنا للاستمرار في كل ما بناه جمال عبدالناصر وبلا أي تردد"،
وفي اليوم الخامس بعد الوفاة الموافق أول أكتوبر 1970 لم يشهد تاريخ الشرق الأوسط كله مشهدا كذلك الذي حدث في تشييع جنازة عبدالناصر ولا شهد تجمعا لأكبر عدد من رؤساء الدول ورؤساء الحكومات بمثل ضخامة هذا العدد من الزعماء الذين جاءوا من الشرق والغرب لتوديع جثمان الرئيس الراحل، وعمت مشاعر الحزن العالم العربي بأسره وكانت في مستوى المشاعر التي عمت الملايين في مصر ومن هنا كانت جنازة عبدالناصر أضخم جنازة شهدها التاريخ كما يقول محمود رياض.
واقترنت الساعات القليلة السابقة واللاحقة على الجنازة، باجتماعات ثنائية وجماعية عديدة بين الرؤساء والملوك ورؤساء الوفود التي اشتركت في توديع جثمان الرئيس الراحل، وبناء على اقتراح من الرئيس السوداني جعفر النميري عقد الزعماء العرب الذين جاءوا إلى القاهرة اجتماعا أصدروا بعده بيانا باسمهم يؤكدون فيه "استمرار شعوبهم بالأهداف التي نذر لها جمال عبدالناصر نفسه، وضرورة الاستمرار في مواجهة الاستعمار بكافة أشكاله وأساليبه والاستمرار في المعركة حتى نحرر كل شبر سليب في سيناء والجولان والقدس وفلسطين وبحماية الثورة الفلسطينية ومساندتها ودعمها".
بعد وفاة عبدالناصر وجهت أمريكا إلى مصر رسميا تهمة انتهاك وقف إطلاق النار وانضمت إلى "اسرائيل" في المطالبة بسحب الصواريخ المصرية من جبهة قناة السويس، وكان محمود رياض أمام تحدي إثبات أن "اسرائيل" وأمريكا هما الطرفان اللذان لم يحترما كلمتهما ونقضا تعهداتهما.
وفي هذه الأجواء طلبت إحدى محطات التلفزيون في نيويورك أن تجري حديثا سياسيا عن الموقف مع محمود رياض الذي لاحظ أن الهدف من الأسئلة هو إثبات الاتهامات الأمريكية ضد مصر والتأكيد على أن أمريكا احترمت التزاماتها، ما اضطر رياض إلى أن يخرج من جيبه مذكرة أمريكية قدمها له "دونالد برجس" سفير أمريكا في القاهرة وقرأ منها التعهد الأمريكي الصريح بعدم إمداد "اسرائيل" بمزيد من الطائرات الحربية أثناء فترة سريان وقف إطلاق النار ثم أشار إلى أن ما أعلنته الحكومة الأمريكية عن إمداد "اسرائيل" بطائرات فانتوم جديدة يعد انتهاكا صارخاً من أمريكا لتعهداتها، وخلال المؤتمرات الصحافية التي عقدها أشار رياض إلى أنه ذكر للوفد الأمريكي الذي جاء لحضور جنازة ناصر أن "حكومة أمريكا تبرعت دون أن نطلب منها بذكر عدد الطائرات الفانتوم و سكاي هوك التي ستعطيها ل "إسرائيل"، كما تبرعت دون أن نطلب منها بالتعهد بعدم تزويد "اسرائيل" بالمزيد من الطائرات طوال فترة إيقاف النار ثم بعد ذلك تراجعت فجأة عن تعهداتها وأعلنت أنها سوف تعطي ل "إسرائيل" 18 طائرة فانتوم في نقض صريح لتعهدها المقدم لنا".
وفي بداية عام 1972 كانت الجهود المبذولة لتحقيق الحل السلمي توقفت نهائياً وسيطرت المعركة الانتخابية لرئاسة الجمهورية على التفكير الأمريكي، وأعيد انتخاب نيكسون، الذي قرر الاستجابة لطلبات جولدا مائير بتزويدها بالمزيد من الطائرات.
وفي الثاني من فبراير توصلت "اسرائيل" لتوقيع اتفاق مع أمريكا حصلت بموجبه على 42 طائرة فانتوم جديدة و82 طائرة سكاي هوك، والأكثر خطورة أن أمريكا تعهدت في مذكرة قدمتها ل"إسرائيل" بأنها لن تتقدم بأي مبادرة سياسية جديدة في الشرق الأوسط قبل مناقشتها معها.
وبقي محمود رياض مستشاراً للرئيس السادات حوالي ستة أشهر حتى تم ترشيحه لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية، فاقترح تشكيل لجنة من وزراء الخارجية والدفاع العربي لإعداد خطة عمل عربية مشتركة.
واندلعت معركة أكتوبر 1973 عندما كان محمود رياض في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة مع وزراء الخارجية العرب وفي العاشر من صباح 6 أكتوبر بتوقيت نيويورك اتصل به د، عبد السلام الزيات وزير الخارجية المصري ليخبره بنبأ عبور القوات المصرية إلى سيناء،
فذهب للقائه على الفور وبدأ يتابع معه الأخبار أولا بأول. وبدأ رياض يشعر بالقلق عندما مرت الأيام الأولى بعد النجاح المذهل في العبور بخسائر لم تتجاوز 280 شهيدا، إذا لم تتحرك القوات المصرية شرقا لاحتلال المضايق بعد فشل هجوم "اسرائيلي" مضاد يومي 8 و9 أكتوبر خسرت فيه "اسرائيل" 250 دبابة.
وفي تلك الفترة كان كيسنجر يجري مفاوضات مع مصر و"إسرائيل" للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار يقبله الطرفان وكانت "اسرائيل" سدت جميع الطرق الموصلة للجيش المصري الثالث شرق القناة وبالتالي أصبحت تتحكم في طريقة إمداداته وأصبح هذا الموقف هو الورقة التي تضغط بها لتحقيق مطالبها والتي استخدمها كيسنجر بدوره للضغط على مصر.
وهنا يقول رياض: "في تلك الفترة ظهرت صورة كيسنجر وتحركاته بين عواصم المنطقة في مسرحية مأساوية لا تخلو من جانب العبث، كان هو مؤلفها ومخرجها وبطلها طارحا نفسه في صورة صانع السلام بينما الواقع أنه كان يبذل أينما توجه بذور الفتنة والفرقة ويهدر كل ما بدا على السطح من فرصة لتحقيق السلام".
وكان كيسنجر أدلى بتصريح آخر عام 1974 هدد فيه باستخدام القوة ضد الدول المنتجة للنفط، وأيد الرئيس الأمريكي فورد هذا التصريح، بل وأضاف عليه في مؤتمر صحافي عندما سأله أحد الصحافيين عما إذا كان الاستيلاء على الموارد الطبيعية للغير عملاً أخلاقياً، أجاب قائلاً: "إننا إذا راجعنا تاريخ البشرية سنجد أن الحروب كانت تقع بشأن الموارد الطبيعية منذ الأزمان الغابرة".
وبدأت الصحافة الأمريكية والأوروبية تنشر معلومات عن خطط تعدها أمريكا لغزو منطقة الخليج فنشرت الصانداي تايمز في 9 فبراير/شباط أن هناك خطة يدرسها مجلس الأمن القومي في واشنطن لغزو حقول البترول في حالة وقوع حرب في الشرق الأوسط تؤدي إلى خطر نفطي جديد، وأثارت تلك التصريحات الرأي العام العربي، ما دفع بأحمد السويدي وزير خارجية الإمارات إلى التصريح بأن الدول البترولية سوف تفجر آبارها إذا حاولت القوات الأمريكية احتلالها.
ويأتي كارتر إلى رئاسة أمريكا في نوفمبر 1976 بأفكار جديدة وفريق عمل جديد، وكان إسحاق رابين رئيس وزراء "اسرائيل" يزور أمريكا أدلى كارتر بتصريحات تعلن عن ضرورة قيام وطن قومي للفلسطينيين، وقبل ذلك دعا إلى انسحاب "اسرائيل" إلى حدود يونيو 1967 وإقامة منطقة معزولة السلاح لمسافة 20 كيلومتراً على جانبي الحدود وهو ما كانت ترفضه "اسرائيل" لذلك مارست ضغوطا على الإدارة الأمريكية جعلت كارتر يحاول في تصريحاته التالية أن يرضي "إسرائيل"، بل إنهم دفعوه للتصريح لوفد من أعضاء المؤتمر اليهودي بأنه ينتحر سياسياً أذا قام بعمل يضر "إسرائيل".
في هذه الأجواء تلقى رياض دعوة للاستماع إلى خطاب الرئيس السادات في مجلس الشعب المصري يوم 9 نوفمبر، وكان يجلس إلى جوار ياسر عرفات عندما قال السادات "إنني على استعداد للذهاب إلى آخر العالم وإن "اسرائيل" ستدهش عندما أقول إنني مستعد أن أذهب إلى بيتهم.، إلى الكنيست ذاته ومناقشتهم".
كان الجميع يرى أن ذلك ليس إلا مبالغة كلامية في التحدي، لكن السادات قطع الطريق إلى نهايته، ليذهب إلى القدس في زيارة شاهدتها عواصم العالم على الهواء مباشرة، وكان شعور بالانبهار والدهشة من تلك الخطوة يعم العواصم الغربية، وفي العواصم العربية ساد الشعور بالمفاجأة والذهول وعدم تصديق ما يرونه على شاشات التلفزيون.
كان العالم العربي يغلي، ودعت العراق إلى عقد قمة عربية، بعيدا عن الجامعة العربية وذهب رياض إلى بغداد، محاولا من جانبه الإبقاء على خيط رفيع يربط بين مصر وبقية الدول العربية يسمح مستقبلا بمواصلة الحوار، وعاد إلى القاهرة لكي يجد استخفافا بمؤتمر بغداد وقراراته.
وسافر السادات إلى واشنطن ليوقع على معاهدة السلام، وأصرت "اسرائيل" على أن تتضمن نصا يعني عمليا إنهاء مصر لالتزاماتها العربية المترتبة على عضويتها في الجامعة العربية واتفاقية الدفاع المشترك، وحسبما يقول رياض فإن "ما تحقق ليس خطوة نحو السلام بل نحو مزيد من عدم الاستقرار والاضطرابات ودعوة لتجديد النزاع المسلح"، لذلك عقد العزم بعد قمة بغداد إلى الاستقالة من منصبه كأمين عام للجامعة العربية، فأرسل خطاب الاستقالة إلى ملوك ورؤساء الدول العربية في 22 مارس عام 1979".
تطور جديد
حدث تطور جديد عندما لمس عبدالناصر أهمية الدور الذي يمكن أن تلعبه سوريا في السياسة العربية فسعى إلى توطيد العلاقات معها، وقرر تعيين رياض سفيرا لمصر في سوريا ربيع 1955 وأطلق يده في العمل لتحقيق هذا الهدف، فاقترح عليه عقد اتفاقية عسكرية مع سوريا وإنشاء قيادة موحده لها، ويمكن أن تضم الأردن إليها.
وحدث العدوان الثلاثي على مصر، وعرضت سوريا والأردن معاونتهما العسكرية لمصر بالهجوم على "اسرائيل" لتخفيف الضغط عليها إلا أن ناصر طلب عدم اشتراكهما في المعركة حتى لا يتعرضا للعدوان البريطاني الفرنسي.
يقول رياض: "حضرت جلسة صاخبة لمجلس الوزراء السوري بطلب من رئيس الجمهورية شكري القوتلي لإقناع الوزراء بأن مصر هي التي تلح في عدم خوض سوريا المعركة وكان عدد من الوزراء يصر على دخول المعركة بجانب مصر مهما كانت النتائج ويرددون أنه لا يحق لأن يسجل التاريخ أن مصر كانت تضرب والشعب السوري ساكن لا يتحرك". والتقى عدد من قادة الجيش، وبينهم عبد الحميد السراج رئيس شعبة المخابرات، محمود رياض، وتم الاتفاق على نسف أنابيب البترول التي تمر من سوريا وتملكها الشركة البريطانية وكانت هذه أول مرة يستخدم فيها سلاح البترول في المعركة.