محمد مدبولي
محمد مدبولي أو الحاج مدبولي (1938 - 2008) ، هو أحد أبرز الناشرين العرب وصاحب مكتبة مدبولي بالقاهرة. وقدم الحاج مدبولي للمكتبة العربية عشرات الكتب المثيرة للجدل، وزود المثقفين المصريين بمئات العناوين لكتب منعت من الدخول إلى مصر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مكتبة مدبولي
الحاج مدبولي المولود في إحدى قرى محافظة الجيزة عام 1938 ، بدأ حياته ببيع الصحف قبل أن يبيع الكتب على عربة يد صغيرة ، إلى أن أصبح من أبرز الناشرين المصريين منذ افتتاحه مكتبة مدبولي، التي أصبحت أشهر مكتبة في وسط العاصمة على مدى 50 عاما. وأتاح افتتاح المكتبة في شارع طلعت حرب، الذي كان المثقفون المصريون يقصدون المقاهي المنتشرة حوله، لمدبولي التعرف على المثقفين عن قرب.
وسرعان ما لفت انتباهه اهتمام المثقفين والقراء عامة في تلك الفترة بالكتب الماركسية والوجودية ومسرح العبث، فنشر ترجمات لهذه الكتب، وكان أول كتاب نشره بعنوان: "دراسات مترجمة عن مسرح العبث"، ترجمة عبد المنعم حفني، الذي لازمه طوال رحلته في الحياة، واشتركا في نشر قرابة 80 كتابا مترجما. [1]
كتب محظورة
ونشر مدبولي الأعمال الأولى لأدباء ستينيات القرن الماضي في مصر، وبينهم جمال الغيطاني ، و يوسف القعيد. وبدأ في توزيع الكتب الصادرة عن دار الآداب اللبنانية، التي كانت تمثل في حينها أهم دار عربية للنشر، كما قام بتوزيع أعمال نزار قباني وغادة السمان، وغيرهما من كتاب دار الآداب.
ومع هزيمة 1967 بدأ في توزيع الكتب الممنوعة من قبل النظام الناصري والسعودي ، ومنها قصيدة قباني الشهيرة "هوامش على دفتر النكسة"، التي صدر قرار بمنعها، إلا أن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أتاح لمدبولي نشرها.
وكذلك نشر أشعار أحمد فؤاد نجم ، ورواية "أولاد حارتنا" للروائي المصري الراحل نجيب محفوظ، الحائز على جائزة نوبل في الآداب، والتي ظلت تطبع في بيروت منذ الستينيات، لكنها كانت تتاح لمن يطلبها من مكتبة مدبولي.
حتى أن الصحفي والكاتب المصري البارز محمد حسنين هيكل اضطر إلى الاستعانة بمدبولي للحصول على الكتب من الخارج بعد أن أبعده الرئيس الراحل محمد أنور السادات عن صحيفة الأهرام وجميع المناصب التي كان يشغلها.
24 قضية
وكان الحاج مدبولي يعتبر نفسه ناصريا ، بل جنديا من جنود عبد الناصر، إلا أن هذا لم يمنعه من توزيع كتب معارضة للرئيس المصري؛ لأنه اعتبر أن توزيع مثل تلك الكتب حق للقارئ.
وتعرض الحاج مدبولي لانتقادات من مختلف أطياف الشعب المصري والسلطة، وأقيمت ضده 24 قضية أمن دولة؛ بسبب توزيعه كتبا ممنوعة من النشر، واتهم بالترويج لكتب معارضة لنظام الحكم، وصدر بحقه حكم قضائي عام 1991 بالسجن لمدة عام؛ لتوزيعه كتاب "مسافة في عقل رجل"، لعلاء حامد، باعتباره مسيئا للذات الإلهية.
إلا أن تدخل المثقفين لدى الرئيس المصري محمد حسني مبارك أدى إلى وقف تنفيذ الحكم، كما تعرض لتهديدات من قبل بعض الجماعات الإسلامية، التي اعتبرته موزعا لكتب العلمانيين، خصوصا كتب المفكر المصري نصر حامد أبو زيد، ونوال السعداوي، وغيرهما.
وفي أواخر أيامه انتقل الحاج مدبولي إلى موقع الرقيب، عندما أعدم أحدث طبعتين من كتاب "سقوط الإمام" ومسرحية "محاكمة الله أمام مؤتمر القمة"، لنوال السعداوي ، قائلا في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية آنذاك: "أنا رجل متدين، وهذه الكتب تسيء للذات الإلهية".