محمد عوض القوني
السفير محمد عوض القونى () دبلوماسي مصر، ومندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة، ووزير السياحة (22-9-1969 - ). ، وكان معروفا بأنه من أكفأ العاملين في الدبلوماسية المصريةو وزارة الخارجية المصرية ومشهودا له بالاتزان
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
سيرته
ولد محمد عوض القوني في قرية النبيرة، مركز إيتاي البارود، محافظة البحيرة، مصر. وتوفي في القاهرة. عاش متنقلاً بين مصر والبلدان التي عمل فيها سفيراً. درس المراحل التعليمية جميعها وصولاً إلى نيله ليسانس الحقوق من جامعة فؤاد الأول (القاهرة حالياً) عام 1928.
بدأ حياته العملية سكرتيراً في المفوضية المصرية بروما، فملحقاً بواشنطن عام 1937، فقنصلاً لمصر في بومباي في الهند (1941- 1943 فرئيسًا لوفد مصر الدائم في الأمم المتحدة عام 1946، فمديرًا للإدارة السياسية بوزارة الخارجية المصرية 1952 حتي 1955، وعُيّن بعدئذ سفيراً في موسكو 1955، وفي لندن 1961، ثم وزيراً للسياحة عام 1969. ولجنة نزع السلاح بالأمم المتحدة 1965.
مقتطف من حواره مع عزيزة ثابت
أقرا المقاله بالصور لــ محمد عوض القوني
- يارنج يحاول ان ينجح و يسعى للوصول الى حل
السؤال الذى يشغل بال العالم كله الان هو هل ينجح گونار يارنگ المبعوث الخاص للامم المتحدة الى الشرق الاوسط و هل تعانى مهمتة المبعوث الاختناق بسبب تعنت أسرائيل و اطماعها التوسعية ؟ و كان هذا هو سؤالى الاول مع محمد عوض القوني رئيس وفدنا في الامم المتحدة الذى عاد الى القاهرة في الاسبوع الماضى في أجازة قصيرة
كيف أستطعنا أن نكشف للعالم حقيقة إسرائيل كدولة معتدية و توسعية و عنصرية ..؟ أكثر من مراقب ربط بين وصول السيد محمد عوض القوني رئيس وفدنا في الامم المتحدة و بين التكهنات الخاصة بمهمة ( يارنج ) ايجاباً او سلباً و لذلك السؤال الاول للقوني ما هو تقديره للشوط الذى قطعه يارنج هل نجح أو فشل في مهمته أو تعانى من الاختناق ؟
قال القوني : لا أستطيع أن أقول أن يارنج قطع خطوات ناجحة محسوسة , و في نفس الوقت لا أستطيع أن أقول أنه وصل الى نقطة النهاية فيارنج يحاول أن ينجح ويسعى للوصول الى حل و لكن الحل في الحقيقه ليس في يده لان الطرف الاخر أسرائيل هو الذى يحول دون حل المشكلة.
قلت له : هناك تطورات بالنسبه لدور الدبلوماسية المصرية في الامم المتحدة وخارجها فما التغيرات التى طرأت في تقديرك على الدبلوماسية المصرية خلال العام الماضى ؟ قال : ان هناك تغيرات كبيرة حدثت , لقد أستطعنا ان نبين لحكومات العالم الموقف الحقيقى لاسرائيل كدولة معتدية و توسعية و عنصرية، وانصرفت جهودنا بنجاح الى اقناع كثير من الوفود و قادة الوفود بهذه الزوايا التى كانت خفية عليهم. محمد عوض القوني
مقال هيكل بجريدة الأهرام بتاريخ 25/7/1958
(4) رأيت الدنيا على حافة الهاوية أسرار ذلك اللقاء في " كالتشوها " شفرة غامضة في موسكو! كانت الطائرة الجبارة تخترق السماء والسحب والليل، بسرعة ألف كيلو متر في الساعة ومع ذلك بدا في لحظات، أن الحوادث كانت تنطلق بأشد من هذه السرعة. وكان على الطائرة أن تسابق الحوادث، وتسبقها.
كان الوقت هو فجر يوم 17 يوليو. وكان ينبغى، إذا كان لابد من سباق الحوادث، وسبقها، أن يصل الرئيس جمال عبد الناصر إلى موسكو، وأن يقابل خروشوف، وأن يجرى مباحثاته معه، وأن يغادر موسكو، وأن يصل إلى دمشق، وأن يقابل زعماء العراق في دمشق، ثم يطير بعدها إلى القاهرة ليكون فيها قبل يوم 22 يوليو، حيث كان العالم ينتظر خطابه بمناسبة عيد الثورة! وخلال هذا كله، كان عليه أن يعد عدته لمواجهة الاحتمالات، سواء من الناحية السياسية، أو من الناحية العسكرية. وكان عليه - بالإضافة إلى ذلك - أن يبقى خطوته سراً، فإن السرية المطلقة في مثل هذه الظروف، كانت خير ضمان للنجاح، وللأمان. ولقد بقى السر سراً - على أى حال - إلى آخر دقيقة كانت تستلزم ذلك، لدرجة أن المشير عبد الحكيم عامر - وقد أخطر بالشفرة بفكرة السفر إلى موسكو- أصر على أن تجرى مراسم استقبال "الحرية" على رصيف ميناء الإسكندرية كما كان مقرراً لها، مبالغةً في تغطية الخطة الجديدة، وتحويل الأنظار عن أى ظن بأن تغييراً قد طرأ عليها.
كالتشوها
وبدأت الطائرة تجرى على ممرات المطار في موسكو. ولم تتجه الطائرة - كما تجرى العادة - إلى قرب مبنى المطار لتقف في جواره، وإنما في منتصف أحد الممرات توقفت. وبجوار الممر بدت ثلاث سيارات سوداء كبيرة من طراز "زيم" الروسى واقفة، وقد أسدلت الستائر على نوافذها. وفتح باب الطائرة، وفى نفس الوقت خرج من السيارة ثلاثة أشخاص. "ميكويان" نائب رئيس وزراء الاتحاد السوفيتى. "سيروف" وزير داخلية الاتحاد السوفيتى، وحارس كل أسراره. "سوبوليف" مترجم اللغة العربية الخاص لخروشوف. ولم يكن هناك وقت ليضيع في مجاملات وفى شكليات.
هكذا في ثوان قليلة كانت السيارات الثلاث قد انطلقت بركابها تخرج من المطار، وتتجه بأقصى سرعتها إلى اتجاه موسكو، ولكنها قبل أن تصل إلى مشارف المدينة ذاتها، تنحرف إلى اليسار، إلى ضاحية صغيرة اسمها "كالتشوها" ثم تدور في أرجاء الضاحية وتلف، حتى تصل إلى سور كبير، تدخل من باب صغير فيه، ثم يوصد الباب بعدها. ثم تتوقف السيارات أمام قصر صغير "داتشا" وينزل ركابها، ومرة أخرى لا يضيع وقت. يقول "ميكويان" للرئيس جمال عبد الناصر: - إن الساعة الآن السادسة صباحاً، فما هو الوقت الذى ترون أن يبدأ فيه اجتماعكم بخروشوف. ثم يستطرد "ميكويان": - إن خروشوف سوف يجىء إليكم هنا، هذا أضمن من وجهة نظر السرية. ويقول الرئيس: - ما رأيك أن نبدأ في العاشرة؟ ويقول "ميكويان": - إذن أتركك الآن لتستريح.. وإلى العاشرة! ولكن هل هناك وقت للراحة؟!
ألغاز من غير حل!
كان لابد من إقامة جسر من المعلومات ممتد من القاهرة إلى "كالتشوها". وكان المفروض أن الرسائل ستبدأ في الوصول بالشفرة إلى موسكو من القائد العام في القاهرة إلى الرئيس في "كالتشوها". و كان من المحتمل أن هناك رسائل قد وصلت بالفعل إلى سفارة الجمهورية العربية المتحدة في موسكو. وكان لابد أيضاً أن هذه الرسائل قد سببت حيرة عجيبة لدى موظف الشفرة بالسفارة. هذه شفرة لا يعرف مفاتيحها. إن لديه مفاتيح شفرة الخارجية، ولكن هذه الشفرة لا تفتح قلبها لمفاتيح الخارجية، إنها الشفرة الخاصة برئاسة الجمهورية. ولكن، كيف يعرف موظف الشفرة بالسفارة؟ سيجد نفسه أمام ألغاز لا حل لها. وسيجد نفسه يتصل بالقاهرة يقول لها: - أعيدوا دق رسالتكم، لقد جاءتنا غامضة متشابكة، ولابد أن هناك خطأ ما بطريقة ما. إذن فإن من المهم جداً أن يتم اتصال بين "كالتشوها" وبين السفارة. وأمسك سوبوليف التليفون يطلب السفير، الأستاذ محمد عوض القونى. وباللغة العربية قال:
- - صباح الخير.
ولم ينتظر حتى يرد السفير تحيته عليه، بل استطرد:
- - سيدى السفير، يريدونكم في الخارجية لأمر هام، ونحن نعرف أن سائق سيارتكم لم يصل بعد إليكم، لهذا سنرسل لكم إحدى سياراتنا، هل هذا يوافقك؟
وقال السفير: - سأكون جاهزاً بعد عشر دقائق. وجاءت سيارة أمام سفارة الجمهورية العربية المتحدة. وفتح السائق بابها للسفير. ولاحظ السفير أن السائق أسدل الستائر على نوافذ السيارة فظن الأمر احتياطاً.. مجرد احتياط. ولكنه لاحظ أن السيارة لا تسير في اتجاه الخارجية الروسية وإنما هى - وبأقصى سرعتها - منطلقة إلى خارج موسكو. وقال السفير باللغة الروسية للسائق بدهشة: - ولكن هذه ليست الطريق إلى الوزارة. وهز السائق رأسه ولم يقل شيئاً. وعاد السفير يتساءل والدهشة تستبد به: - إلى أين أنت ذاهب؟ وهز السائق رأسه وتمتم: - خراشو، خراشو. أى "حسناً" "حسناً". ورأى السفير أن لا فائدة من استمرار المناقشة، فسكت في انتظار ما سوف يحدث ولم يطل به الانتظار. دخلت السيارة ضاحية "كالتشوها" ثم مرقت من سور، ثم وقفت أمام قصر صغير، ونزل السفير ليجد "سوبوليف" في انتظاره يبتسم، ثم يقوده إلى صالون، وفجأة يسمع السفير صوتاً يقول له باللغة العربية:
- - صباح الخير يا محمد.
ويلتفت السفير محمد عوض القوني بسرعة، فإذا وراءه وزير الخارجية الدكتور محمود فوزى. ويهز السفير رأسه بذهول ثم يقول: - إيه..! ويقول له الدكتور فوزى: - المهم.. سوف تجىء إلى السفارة رسائل من القاهرة، مكتوبة برموز تبدو لكم غير مفهومة، حين تصلكم مثل هذه الرسالة، أرجوك أن تأخذها بنفسك من موظف الشفرة، وتجىء بها إلى هنا. ويقول السفير وهو يكاد يكذب عينيه وأذنيه: - متى جئت إلى هنا؟ ويقول الدكتور فوزى، يقول وهو يتأمل ملامح السفير ليرى تأثير ما سوف يقوله عليه: - لقد وصلت طائرة الرئيس هنا في الفجر. ويقول السفير:
- - الرئيس..؟ هل هو هنا أيضاً!
ويقول الدكتور فوزى: - هناك... إنه جالس في غرفة المكتب في مواجهتك! جبهة ثانية!: وتمر الساعات. وتجىء الساعة العاشرة. ويقترب الرئيس من باب القصر الصغير ليكون في استقبال خروشوف. وفجأة من الخلف، من داخل القصر، من ناحية الصالون الرئيسى، يسمع صوت خروشوف. ويضحك خروشوف ويقول: - لقد جئت من الباب الخلفى.. صعدت الشرفة من الحديقة. ويمسك بيد الرئيس جمال عبد الناصر يصافحه، ثم يشده إليه معانقاً، ثم يقبله. ثم يقول بسرعة: - فتحت جبهة ثانية! ويمسك خروشوف بيد الرئيس جمال عبد الناصر ويقول:
- - هيا بنا إلى العمل.
ويقترب الدكتور فوزى من الرئيس جمال عبد الناصر ويهمس في أذنه:
- - لقد لاحظت أن "خروشوف" قد جاء وحده بدون أى من مساعديه أو مستشاريه، ومعنى هذا أنه يريد أن يكون الحديث بينك وبينه فقط.
ودخل الرجلان وحدهما إلى الصالون، وقفل الباب وراءهما. كانت عقارب الساعة تشير إلى خمس دقائق بعد العاشرة صباحاً.. وفتح باب الصالون، وكانت الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر وخرج خروشوف يقول بمرح:
- - ألم تجوعوا.. لقد جعت أنا؟
ماذا دار في هذه الساعات على وجه التحديد؟ لا أحد يدرى، على نحو مفصل دقيق، ولكن ما أسهل التصور. ما أسهل التصور، لا على أساس استعمال الخيال، وإنما على أساس استقراء الحوادث، وتصور مواقف كل من الرجلين وأساليبه.
أقرب التصورات
أن الرئيس بدأ بشرح الموقف في الشرق الأوسط. ثم شرح ظروف ثورة العراق، أسبابها، ونتائجها. ثم انتهى إلى المضاعفات التى وقعت في الشرق العربى، ودفعت الحوادث إلى أزمة، يبدو أن السلاح سيكون لغة التفاهم فيها.. ذلك ما لم تحدث معجزة تعيد العقل إلى الرءوس التى فقدت صوابها. ثم تحدث الرئيس عن احتلال لبنان واحتلال الأردن. وأن هذه خطوات وراءها - أغلب الظن - ما وراءها. والأرجح أن تكون مقدمة للهجوم على العراق، لسحق الثورة الوطنية فيه. ثم قال الرئيس في أقرب التصورات إلى العقل: "إن الجمهورية العربية المتحدة، لن تقف متفرجة، وإنما ستقاتل جنباً إلى جنب مع جمهورية العراق". ثم قال الرئيس: - ولقد رأيت أن أقابلك هنا قبل أن أعود إلى دمشق والقاهرة، وقبل أن تبدأ المعركة لأنى أريد أن أعرف ماذا سيكون موقفكم؟ هذا ما يمكن أن نتصور أن الرئيس جمال عبد الناصر قد قاله لخروشوف، فماذا يمكن أن يكون خروشوف قد قاله لجمال عبد الناصر؟ لن ألجأ إلى التصور. لقد أتيح لى أن أجلس مع خروشوف على نفس مائدة الغداء، في شرفة القصر الصغير في "كالتشوها" بعد أن انتهى الاجتماع مباشرة. ولقد شعرت وأنا أستمع إلى خروشوف يتكلم أن تفكيره كان ما زال يجرى في نفس المسالك، التى كان يجرى فيها، خلال الحديث مع الرئيس. ربما كان تذكر عبارات خروشوف بألفاظها، بعد دقائق من مقابلته للرئيس، مفاتيح لاتجاهات هذا الحديث.. ربما!
نهاية الاستعمار
قال خروشوف وهو يمد يده فيأخذ رأس فجلة صغيرة حمراء من طبق على المائدة: - ما زلت حتى الآن لا أصدق، كيف كنتم تركبون باخرة صغيرة، وتغامرون بالدخول في البحر الأبيض. إن البحر الأبيض ملىء بالذين لا يتمنون الخير لكم.. بل لا يتمنون لكم الحياة.. ومع ذلك كنتم داخلين إليهم ببساطة أثارت قلقى. ثم التفت خروشوف إلى رئيس الخدم وقال له:
- - لا.. لا.. لا تضع في قدحى فودكا.
ثم التفت إلى الرئيس جمال عبد الناصر وقال له: - حينما تكون معى، فأنا لا أشرب أبداً، أنا أعلم أنك مسلم متدين، وأنا أحترم عقيدتك. وعاد خروشوف يقول لرئيس الخدم: - "نيت" - أى لا- أنا اليوم على تعاليم الإسلام. ثم عاد خروشوف إلى حديثه الذى كان قد بدأه: - ما كان أعظمها فرحة من وجهة نظرهم ثم التفت إلى الدكتور فوزى وقال: - إنهم يعتبرون أن المعركة كلها هى شخص هذا "الشاب"، إنهم يعلمون أنه أصبح رمزاً لكفاح العرب، ولسوف يدفعون نصف عمرهم في فرصة تمكنهم منه. وهز خرشوف رأسه وقال: - ولكنهم لن ينالوا هذه الفرصة. واستطرد قائلاً بحزم: - لن ينالوها! والتفت إلى الرئيس جمال عبد الناصر وقال:
- - لن ينالوها.. صدقني، وستعود إلى وطنك، وتقود كفاح شعبك، وسينتصر هذا الكفاح.
وأمسك خروشوف قدحاً من الماء المعدنى ووقف يقول:
- - إننى أشرب نخب كفاح الشعوب العربية، نخب قائد العرب، نخب انتصار العرب.
وجلس خروشوف وهو يقول: أنا لا أتكلم عن الغيب، ولكنى أؤمن بمنطق التاريخ. لقد انتهى الاستعمار، وانتهى عهد الإمبراطوريات، ولن تجدى الاستعمار أية مقاومة يائسة. أنا أرى هزيمة الاستعمار واضحة أمامى! ثم استطرد خروشوف:
- - إنهم لا يرون أنفسهم على حقيقتهم.
من عجب أنهم لا يزالون يتعلقون بعبارات الديمقراطية ويتمسحون بأذيال الأديان. وضحك خروشوف واستطرد:
- - ومع ذلك، فلو أن الإله الذى يدعى دالاس أنه يؤمن به، كان موجوداً، فإننى واثق أننى أقرب إليه من دالاس، الذى يدعى أنه قسيس!
وبدأ خروشوف يضع في طبقه قطعة من الدجاج المسلوق، ثم بدأ يأكلها على مهل في صمت، ثم عاد إلى الحديث: - إنهم لا يتصورون مدى قوتنا. ثم استطرد وهو يضغط على ألفاظه: - نعم، نحن أقوياء أكثر مما يمكن أن يخطر في خيالهم. ثم مضى: - هذا الأسطول السادس الذى يلعبون به في البحر الأبيض، كما يلعب الأطفال، والذى جعلوا على قيادته أدميرالاً بالغ الحمق والجهل، ما أسهل تدميره. إننا نملك من الأسلحة، ما لو استعملناه، لاستحال الأسطول السادس إلى توابيت من الصلب المصهور لبحارته. ثم استدرك خروشوف: -ولكن هل المسألة مسألة سلاح... إننا نريدها أن تكون مسألة سلام لا مسألة سلاح. وانتهى الغداء. الذى يفقد أعصابه!: وعاد خروشوف مرة ثانية في المساء. وأسرعت إليه قبل أن يبدأ اجتماعه بالرئيس قلت له وهو يتمشى في الشرفة الخلفية للقصر في انتظار ضيفه: - كيف الموقف الآن؟ قال: - خطير. قلت: -كيف تتصور تطوراته؟ قال: - لقد وصلنا إلى مرحلة لا يستطيع فيها تصورنا أن يصل إلى بعيد، إن الأحداث الآن تسبق كل تفكير، وأؤكد لك أن الخطط توضع يوماً بيوم في كل عواصم الدنيا، إن الخطط البعيدة المدى، من الناحية التكتيكية، لا يمكن رسمها إلا إذا كانت الرؤيا أمامنا واضحة والعالم كله الآن كالسائر في الضباب. ثم استطرد خروشوف: - إن ثورة العراق كانت مفاجأة لهم. لقد اختفى حلف بغداد، واختفى أعوانهم في بغداد. وضحك خروشوف وهو يقول: - هل تتصور أن يكون هناك حلف لبغداد من غير بغداد. واستطرد وهو يزداد ضحكاً:
- - بل الأقسى من ذلك عليهم الآن أن بغداد أصبحت ضد حلف بغداد!
ومضى خروشوف يقول:
- - أنا أعلم أنهم الآن في منتهى الحساسية.
حينما كنت في لندن مع "بولگانين"، قال لي إيدن "إذا تهدد بترول الشرق الأوسط خطر فإننا سندخل الحرب". ولقد قلت لإيدن وقتها:
- - استعملوا عقولكم..
ماذا سيفعل العرب ببترولهم غير أن يبيعوه لكم؟ إن الاتحاد السوفيتى ينتج من البترول أكثر من حاجته، فهو إذن ليس طامعاً، وليس مشترياً لبترول الشرق الأوسط. وإنما أنتم المشترى الطبيعى. وضحك خروشوف وهو يستدرك: - ولكن المشترى، غير اللص، وهم لا يريدون شراء البترول وإنما يريدون أن يسرقوه!! وهز خروشوف رأسه وهو يقول: - والمشكلة الآن هى أنهم يعتقدون أن ثورة العراق تهدد البترول. ثم مضى: - ولكنهم سيعرفون، أن الأمر جد لا هزل فيه، وأن الذى يضيع أعصابه، قد يضيع مع أعصابه حياته ووجوده كله. وأقبل الرئيس جمال عبد الناصر. واتجه إليه خروشوف يسأله: - هل سمعت أخبار الليلة؟ واستطرد: - إن قواتنا العسكرية كلها عبئت، ولقد بدأنا مناورات حربية على طول حدودنا مع تركيا وإيران. ما هو الخطر؟: واتجه الرجلان معاً إلى الصالون لاجتماعهما الثاني. وكان الجنرال "سيروف" وزير الداخلية الروسى، يتخذ بنفسه ترتيبات سفر جمال عبد الناصر في الفجر إلى دمشق. ورأيت "سيروف" واقفاً أمام خريطة وعلى الخريطة خط عبر القوقاز إلى إيران إلى العراق ثم إلى دمشق. وقلت لسيروف:
- - كنت أظن أننا سنعبر فوق البحر.
وقال "سيروف" بحزم:
- - لا...
ثم استطرد:
- - فوق البحر خطر.
قلت باستخفاف: - ماذا يمكنهم أن يفعلوا؟ إن طائرة ال ت. ى تستطيع أن تسبق المقاتلات. قلت بفضول: - ما هو الخطر في الجو إذن؟ قال ببساطة: - الصواريخ! ماذا لو أطلقت إحدى السفن المزودة بالصواريخ في البحر الأبيض أحد أسلحتها عليكم.. ألا تدرك أنهم يستعملون أى سلاح ضد هذه الطائرة لو تأكدوا "أنه" فيها. قالها وهو يشير برأسه إلى الصالون الذى كان خروشوف جالساً فيه يتحدث "معه".. مع هذا الذى كان "الضمير" يعود إليه.
وقلت لسيروف بمزيج من الدهشة والقلق والعجز: - الله أكبر.. هل وصلنا إلى الصواريخ؟!
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
معلومات شخصية
زوج السيدة/ عطية الله محمد صبحي (توفيت 15 نوفمبر 2004). ووالد هشام القوني الوزير المفوض بالجامعة العربية والدكتورة مني القوني بجامعة القاهرة حرم السفير الدكتور محمد ابراهيم شاكر، الذي هو ابن عم محمد ابراهيم كامل.
الهامش
مناصب سياسية
| ||
---|---|---|
سبقه ؟ |
مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة 1946 - 1952 |
تبعه محمود فوزي |
سبقه ؟ |
سفير مصر لدى الاتحاد السوڤيتي 1955 - 12 يوليو 1961 |
تبعه مراد غالب |
سبقه ؟ |
وزير السياحة 1969 |
تبعه ؟ |
سبقه ؟ |
سفير مصر لدى المملكة المتحدة 1961 - ؟ |
تبعه ؟ |