محمد صفوت نور الدين
"محمد صفوت بن نور الدين بن أحمد بن مرسي" ولد بمصر في 20 يونيو لسنة 1943 الموافق 17 جمادى اللآخرة 1362 هـ ببلدة بلبيس محافظة الشرقية، إلتحق وهو في المرحلة الإعدادية بجماعة أنصار السنة المحمدية التي تأسست عام 1926 على يد الشيخ محمد حامد الفقي. وفق الشيخ بأن عاش في كنف العلم مُنذ نعومة أظفاره،في أسرة متدينة حافظاً لكتاب الله عز وجل،ومن ثم في جماعة العلم والعلماء والمنهج الصحيح أنصار السنة.
حصل على بكالوريوس علوم وتربية من كلية العلوم عام 1964 ،فعمِلَ مُدرساً للكيمياء في التعليم الثانوي بوزارة التربية والتعليم ثم تدرج في المناصب حتى صار مديرًا عاماً بالتعليم. اختير عضواً في المركز العام للجماعة عام 1977 فعمل وهو طالب في كلية المعلمين سكرتراً لهذا الفرع ثم أنشأوا فرعاً في مدينة بلبيس ثم عمل سكرتيراً للفرع في بدء إنشـائه،ثم اختير عضواً في المركز العام سنة 1977، ثم رئيساً عاماً لجماعة أنصار السنة المحمدية عام 1992، بالإضافة إلى توليه لرئاسة تحرير مجلة التوحيد؛ منبر الدعوة السلفية الإعلامي في مصر.يقول الشيخ عن إلتحاقه حتى أصبح رئيساً: "كلفت في جماعة أنصار السنة المحمدية عضوا بمجلس إدارتها منذ 1978م،وكنت أميناً للدعوة بها منذ عام 1988 حتى وفاة الشيخ محمد علي عبدالرحيم رحمه الله تعالى في عام 1992، فكلفني إخواني برئاسة الجماعة،وهي من أعمال الخدمة التي نسأل الله العون عليها أو أن يعفينا منها فهي ليست أمنية،إنما هي تكليف لا ينبغي لعاقل أن يسعى إليه،فإن ابتلى به وجب عليه أن يستعين بالله فيه ويلزم الشرع،ويسأل الله الإخلاص ويطلب منه أن يجنبه الفتنة.
تولى رئاسة جماعة أنصار السنة المحمدية بعد وفاة الشيخ محمد علي عبد الرحيم - خامس رؤساء الجماعة - عام 1412هـ 1991 ، فصار بذلك أول رئيس من الجيل الثاني . وقد تم انتخابه بالإجماع في يوم الخميس 22 شعبان 1412هـ الموافق 27 فبراير 1992.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مساهماته خارج مصر
لم يكتف رحمه الله بما كان يقوم به من إلقاء الخطب والدروس اليومية في فروع ومساجد الجماعة ، بل امتد نشاطه إلى خارج البلاد محاضرًا في بلاد الغرب ، كما شهد عددًا كبيرًا من المؤتمرات العلمية التي كانت تعقد لمناقشة هموم الدعوة والمسلمين . وكان آخر مؤتمر برياسته هو المؤتمر الذي عقد بالمركز الدولي لدعاة التوحيد والسنة بمسجد العزيز بالله ، وقد انتهت أعماله قبل سفر فضيلته إلى السعودية بيومين تقريبًا ، وكان شعار المؤتمر "القدس" .
مساهماته في الصحافة الدينية
كان رحمه الله يحسن استقبال الصحفيين ويدلي لهم بآرائه ، وكان مرتب الفكر والمنهج بارعًا في الرد على ما يثيره الصحفي من علامات استفهام حول بعض المسائل الخلافية، وكان يتكلم عن منهج الجماعة ورجالها ومسيرتها ولا يتكلم عن نفسه ، وقد تم ذلك بأسلوب واضح وعبارات تدل على أن الرجل عالم فطن غزير العلم واضح المنهج . ومن أبرز حواراته ما كان على صفحات اللواء الإسلامي مع فضيلة شيخ الأزهر محمد سيد طناوي يوم أن كان مفتيًا للجمهورية، و أحمد عمر هاشم من جهة ، والشيخ صفوت نور الدين ، و صفوت الشوادفي من جهة أخرى. والخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
أما عن منهجه في إدارة شئون الجماعة وسياسة رجالها ، فقد كان رحمه الله حريصًا كل الحرص على مال الجماعة ، وكان رحمه الله يحمي إخوانه من غيرهم ، بل وأحيانًا من أنفسهم. ومما يدل على غزير أدبه ومحبته لأنصار السنة أنه كان يقول لكل واحد منا : لا تهلك نفسك ، نريدك معنا . ومن عجب أنه قال لي تلك العبارة ، قبل سفره بيوم : لا تهلك نفسك ، نريدك معنا . وكان يشعر كل واحد منا أنه له فائدة كبيرة، وأن وجوده مهم لمسيرة الدعوة ، ولا ننسى أن من صفات القائد لهذه الجماعة أنه كان يلقى الناس بوجه طلق ، وأنه كان يحقق قول الرسول الكريم : (( تبسمك في وجه أخيك صدقة )) . أما إخلاصه في محبته إخوانه الشيوخ الذين سبقوه في الجماعة فحدث ولا حرج ، لقد كان حريصًا بل شغوفًا بمعرفة كل جوانب حياتهم ومعارفهم وأخلاقهم وإنتاجهم العلمي وبحوثهم وكتبهم وآرائهم. ولقد قدم لمجموعة من كتب تراث شيوخ الجماعة مثل كتاب شرح أحاديث الأحكام للشيخ حامد الذي يشعر بسعادة كبيرة كلما أخبرته عن قرب تمام الكتاب ، وقد قدم لكتب كثيرة أصدرتها الجماعة ، ولكن تلك المقدمات لم تكن مدحًا وتقريظًا مطلقًا ، بل كانت تحمل نظرة واعية وفهمًا جيدًا لمسيرة الجماعة ، مما يمكن أن نسميه (( نظرات في منهج ومسيرة الجماعة )).
مكانته عند العلماء
كانت للشيخ مكانته العلمية عند سائر الجمعيات الدينية والهيئات العلمية في مصر ، أما مكانته خارج البلاد فقد كان رحمه الله صاحب مكانة خاصة عند الشيخ عبدالرزاق عفيفي رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية السابق ونائب رئيس لجنة الفتوى بالسعودية، وكان بينهما مراسلات كثيرة ، كما كان له من المكانة اللائقة به ولجماعته عند سماحة الشيخ ابن باز وابن عثيمين وابن حميد والسبيل والفوزان والعديد من علماء بلاد الجزيرة . وكانت له أيضًا مكانة عند الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق والشيباني بالكويت. ولا أجد ما أقوله لأنصار السنة إلا ما قاله الشيخ عبد العزيز بن راشد النجدي عند وفاة الشيخ محمد حامد الفقي مؤسس الجماعة ، حيث نصح أنصار السنة بالآتي : (( اعملوا يا أنصار السنة على تطهير القلوب والعقول ، وخصوصًا في هذا الزمن الذي كثر فيه إلحاد الماديين ، واستهتار الجهلة بالدين، فاصبروا وصابروا يا أنصار السنة ، فبالابتلاء يمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ، وعليكم أن تقوموا بما أوجب الله عليكم من تبليغ دعوة التوحيد إلى الناس أفرادًا وجماعات )) . رحم الله شيخنا الحبيب رحمة واسعة ، وأسكنه أعلى عليين في الجنة مع الأنبياء والشهداء والصالحين ، واللهم ألهم آله الصبر، واخلفهم خيرًا . والله من وراء القصد .
مشائخه
يقول عن نفسه "أما مشايخي فهم مشايخ جماعة أنصار السنة المحمدية إن كانوا في الفروع القريبة،فمنهم عمي عبدالله أحمد مرسي-رحمه الله-الذي بعث الدعوة من رقادها من المكان الذي كنا نسكن فيه،والشيخ محمد علي حسين وهو من الشيوخ القريبين منا،ولما انتقلت إلى الجامعة في القاهرة كنت أحضر الدروس التي كان يقيمها محمد خليل هراس والشيخ عبدالرحمن الوكيل والشيخ عبدالفتاح سلامة وشيوخ جماعة أنصار السنة المحمدية،وكان يتردد علينا الكثير من هؤلاء الشيوخ منهم الشيخ إبراهيم سلامة،وقد استفدنا منهم فوائد كثيرة،وكذلك رافقت الشيخ محمد علي عبدالرحيم في الفترة التي كان فيها رئيساً للجماعة،وكنت أجلس إليه جلوساً طويلاً أستفيد فيها بالفوائد العلمية الكثيرة."
نشاطاته
كانت له العديد من البحوث العلمية القيمة،والرسـائل النافعة،والتي بث عدد كبير منها في مجلة التوحيد وغيرها من المجلات الشرعية.
لهُ مؤلفات عديدة منها:
- الأقصى ودعوة الرسل.
مُنذ رئاسته تطورت الجمعية حتى وصلت إلى (120) فرع،وتطورت المجلة كما ترى اليوم هذا التطور المذهل.
كان له أثر طيب في تصحيح العقيدة والإنكار على أهل البدع.
شارك في الكثير من المؤتمرات العلمية والمؤتمرات التي تخدم الأمة.
نشر العلم في كثير من الدورات العلمية التي أقامها في مصر وغيرها كالخليج.
وبرنامجه اليومي كما يقول الشيخ كالآتي: "نحن نتعاون في أمر الدعوة إلى الله-عز وجل-في مصر بدءاً بدرس نقيمه بعد صلاة الفجر في مسجد التوحيد ببلبيس المدينة التي أسكنها ويتكون هذا الدرس من ثلاثة أقسام: القسم الأول: شرح حديث من أحاديث صحيح البخاري نتدرج في الأبواب ويكون شرحاً مختصراً في حدود دقائق عشر،ثم قراءة تفسير آية أو أكثر والتعليق عليها من كتاب تيسير الكريم الرحمن للشيخ عبدالرحمن بن ناصر السعدي،ثم يقوم بعض الأخوة بعد ذلك بذكر فائدة لغوية أو تدريس برنامج في النحو،ويدرس بين الحين والآخر فوائد من علم التجويد ويقوم به أيضاً بعض الأخوة،ونتخذ في هذه الأيام توجيه بعض الشباب على إلقاء الدروس فيطلب من بعضهم بدءاً من هذا لبرنامج أن يعد كلمة تأخذ في حدود ربع ساعة إلى (20)دقيقة يقولها على الحاضرين بعد صلاة الفجر،ثم نرجع إلى البيت..بيتي ومكتبتي شيء واحد،يعني المكتة في بعض حجرات البيت،فأقوم فيها بمراجعة المقالات والكتب والرد على الرسائل والاتصالات الهاتفية،ولي دروس أسبوعية منتظمة."
وعن تلاميذه يقول: نحن نتحرك في مختلف الفروع،ويأتينا بعض أبنائنا،قد يأتي بعضهم ليقرأ رسالة أو كتاب،أو يستنصح بمسألة أو سائل يسأل،فنحن نساهم في أمر الدعوة،أما أن نقول هؤلاء تلاميذنا،فالشيخ صفوت الشوادفي-رحمه الله-كان من تلامذتنا،ولكن الله عز وجل فتح عليه،فكنت أنظر إليه في أيامه التي يعمل بها،إنه أستاذ أتعلم منه،وإن كان هو في بادئ الأمر من تلامذتنا،المسألة أن التلميذ والأستاذ كلاهما من طلبة العلم يتعلم كل منهم من الآخر،ومن يحضر لي دروساً كثر وهم في صفوف الأساتذة أذكر منهم،أكثر الناس ملازمة لي في دروس السبت الشيخ عبدالحميد عبدالمطلب إمام في وزارة الأوقاف في الكويت-وكان من الملازمين في كثير من الدروس والشيخ أحمد زكي-وهو إمام في وزارة الأوقاف أيضاً-وممن يحضرون الدروس أيضاً الدكتور جمال المراكبي-والذي هو الآن رئيس تحرير مجلة التوحيد-والدكتور إبراهيم الشربيني-وهو صاحب دار ابن كثير-والشيخ أحمد رجب-من المحررين في المجلة وهو الآن مدرس في مدينة الرياض-والشيخ حمد سليمان-وله جهود طيبة علمية-والشيخ محمد بن عبدالعزيز-ويعمل باحثاً في إدراة الدعوة لجماعة أنصار السنة المحمدية،وهو الآن مدرس في الرياض-.
والتلامذة بفضل الله في الأيام الأخيرة أعدادهم كبيرة،وهم ينظرون إلينا بوصفنا مدرسيهم ومعلميهم وإن كان الله قد فتح عليهم فتوحاً علمية نحتاج نحن إلى كثير من آرائهم وأقوالهم،ونسعد إذا برزت هذه الآراء وتلك الأقوال.
أما أخلاقه وهي الأهم: فله سمت الصالحين،صاحب تواضع،ذو وجهٍ بشوش،وجانب هين ولين،حكيم ذو حنكة وبعد نظر،ما جالسه أحد إلا أحبه.
بعض آرائه وأهدافه: له بعض الآراء التي حققها والتي حاول تحقيقها،فمثلاً مشكلة المهاجرين أو الدارسين في الخارج ومشكلة الجيل الثاني فكان له رأي طيب وهو: "أمريكا وأوربا فيها أكثر من 50 مليون مسلم،بالإضافة إلى 5 ملايين طفل،جميعهم يريدون أن يربوا أبنائهم على الإسلام،وفي أوربا لا يمكن أن يتربى الإنسـان على الإسلام.
والحـل أن تبنى مدارس ومعاهد تستوعب أبناء المسلمين المهاجرين حتى على مستوى المراحل الأولى حتى يحصل على المتوسطة والثانوية من مدراس بلاد عربية إسلامية يتعلمون فيها لغة العرب ويتعلمون فيها الإسلام،ثم إذا شاء الرجوع إلى أوربا لإستكمال دراسته فلا مانع،لأنه قد تحصن وعرف أموراً كثيرة عن دينه تساعده على الحياة في أوربا.
فهذه المدارس ستحمي الأبناء من أمور كثيرة وسوف تربي أبناء المسلمين على النظام الذي يحتاجونه.
له رأي في التعامل مع العلمانيين الذين واجهوا وجهة الإعلام وهي دعه يموت من دون أن يحظى بردك ولعلك تطلع على هذا الرأي الذي عمل عليه: "العلمــانية باختصار شديد هي وليدة ونبتة الشيوعية،فلما انحسرت وماتت الشيوعية في منابتها،أراد رجالها أن يدافعوا عن أنفسهم فقالوا:نحن أصحــــاب منهج فكر،فترابطوا وأصبحوا يرفعون الأصوات،إذ تجد أن أصواتهم علت حتى يبقوا على أنفسهم أحياء وذلك لما انهارت الشيوعية،وهؤلاء يكثرون من جلب المتعاونين معهم والأصدقاء،حتى يبقوا أحياء،لكننا نقول:إنهم سيلقون المصير نفسه الذي لقيه الشوعيون ،فهم إلى موت،وهذه صرخات الموت،فالعلمانية إلحاد،لأنهم يؤمنون بأن الذي يدير الكون ليس هو الله عز وجل،وإنما الذي تديره نظريات علمية كما هو في الفكر الشيوعي،فهو الذي عندهم.
والعلمانية ليست من الإسلام في شيء،فنحن نؤمن بالله رباً يسيّر الكون،أنزل شرعاً نعمل به،فإذا جاؤوا إلى هذه الكلمــة فهم مسلمون، فالإسلام واضح في أمر تعبده،لكن سبيل المنافق أن يقول: "أنا مؤمن ولكنني علماني" هذا تمسح بالقضاء،فالعلمانية إلحاد.
وعند الحديث عن حرية الفكر المسموح به في الشريعة الإسلامية نقول:إن حرية الفكر لا حرية الكفر،فالأصول العقدية في أركان الإيمان الستةفي القرآن الكريم، هذه هي الحرية التي ضمنها الشرع، والمشكلة للصحافة، وهذا واضح حتى إذا جــاء الناشر يتكلم منعوه، أين صوت الدعاة في الصحف؟ أبواب الصحف التي تفتح للدعاة؟ إذا تكلم علماني فتحت له هذه الصحف وإذا أراد أحد الرد فهذا ممنوع له،يفتح مثلاً لمن يتكلم عن الشفاعة وينكرها،ولا يُفتح وعلى الصفحات نفسها للعلماء الذين يتكلمون ويردون عليه،حتى يظن الكثير أن العلمـــاء صامتون ولا يتكلمون،الصحف نشرت،لكنها تنشر لنشر العلمانية،لكن الله عز وجل خاذلهم وإن ظنوا أنهم أصحاب أصوات عالية والله أعلم.
كما ينبغي أن نقف في وجه أولئك الذين يرفعون أسماء العلمانيين ويرددون كلماتهم ثم يطلبون مواقف الأمة فيها،لأن هؤلاء العلمانيين كالحشرات، إنما تسعى إذا قل الضوء وانتشر الظلام، فإذا نشرنا العلم وعرفنا الناس بالصواب لم تصل لأقوالهم من ميدان،لأن هذه الأقوال قديمة وموجدة،يقول بها كثيرون لكن لا يسمع إليهم أحد، لكن لما صار إلى هؤلاء ويرددون أسمـائهم جعلوا العلمانيين يتكلمون وكأن هذه الأقوال لها رجال ولها منتسبون ولها أعداد كبيرة، فمن هو سلمان رشدي الذي هز العالم الإسلامي كله حتى يدفع (2)مليون لمن يأتي برأسه، وهذا جعل العالم الغربي يقول:إن المسلمين عالم تافه، لدرجة أن رجل يكتب رواية في ديار الغرب تهز كراسي المسلمين في بلادهم، هذه المسألة يجب أن ننتبه إليها، فخالد محمد يوم أن كان كاتباً علمانياً مبتدعاً كتب كتاباً يهاجم فيه الإسلام ولم يجد له قراء،ولم يجد أحد لهذا الكتاب ينشره أو يقرأه،فكتب هو بنفسه رداً عليه وبين عواره وأرسل به أحد الشباب إلى صحيفة من الصحف الإسلامية لينشروه، فلما قرأه رئيس تحريرِ الصحيفة وجد كلاماً باطلاً والرجل يرد عليه بحماس شديد، فجعل الكتاب ينتشر، و حيدر حيدر إنســـان تافه ألّف رواية وهو في جحر من الجحور وصارت له كتب ولما نشرت هذه الكتب أصبحت المكتبات تتلقف كتب حيدر حيدر وتنشرها، لذلك يجب أن يكون عندنا الوعي في مسألتين:
- المســــألة الأولى: أن نعلم الصواب حتى إذا جاء الخطأ عرف أنه خطأ من غير لبس.
- المســـألة الثانية: ألا نروج لهؤلاء الذين يروجون الباطل."
وآراء وأفكار أخرى بإمكانك أن تتطلع على جزء منها من خلال أربع حوارات مرفقة لقاء مع مجلة الفرقان وآخر كذلك وآخر مع مجلة السمو وآخر مع جريدة الجزيرة.
وفاته
توفي رحمه الله يوم الجمعة 13 رجب 1423هـ الموافق 20 سبتمبر 2002 بعد صلاة الجمعة في المسجد الحرام بمكة ، وصلي عليه في المسجد الحرام بعد صلاة المغرب ودفن في مقابر مكة .
في اليوم 3 رجب 1423هـ سُلم الشيخ أسئلة لمقابلة صحفية مع "مجلة السمو" ووعدهم خيراً،وأثناء هذه الأيام عقد العزم على السفر لأداء العمرة والجلوي بضعة أيام بجوار الحرم،تلك البقعة المقدسة،وخير الأماكن إلى الله،فوصل اليوم العاشر من شهر رجب،وأخذ عمرته.
ومنذ أخذه للعمرة وهي لا يكل ولا يمل من عبادة إلى أخرى،أحيا تلك الأيام بالعمل الصالح وبما يقربه إلى الله،من صلاة وطواف،وذكر،وقراء للقرآن،ونوافل،وصدقات إلى يوم الجمعة.
وفي يوم الجمعة 13 رجب 1423هـ ذهب الشيخ إلى الحرم مُبكراً،وقرأ سورة الكهف ثم صلى الجمعة. وبعد الصلاة عاد إلى الفندق الذي يقطنه-وكان مقابل للباب العمرة-فلما وصل إلى الفندق قام الموظف بإحضار المفتاح،وإذ بالشيخ يشعر بألم حاد في القلب فوضع يديه على صدره مُردداً(لا إله إلا الله)،ثم جلس على كرسي بجواره وهو يردد (لا إله إلا الله)،ثم أسلم الروح لباريها،فعلى (لا إله إلا الله) عاش،وعليها مات.
وما أحسنها من خاتمة؛ يقول الشيخ عبدالمحسن العجيمي: " ولكن عزائي أن خاتمته-بفضل الله حسنة- لقد قبض الله روحه على رأس الستين من عمره بعد أداء العمرة،والمكث في المسجد الحرام طلة أربعة أيام يشغل وقته بقراءة القرآن والذكر والدعاء والطواف بالبيت،حتى إذا أدى مع المسلمين صلاة الجمعة 13/7/143هـ وتضلع بعدها بماء زمزم،خرجت روحه الطيبة من جسده الطاهر،وسـالت كما تسيل القطة من فيّ السقاء،وكان آخر كلامه من الدنيا (شهادة)أن لا إله إلا الله".
وقد صُليَّ على الشيخ-رحمه الله-بالمسجد الحرام بعد صلاة المغرب من نفس اليوم-وهي السنة التي حيّا عليها وداعياً إليها ومات عليها-ودفن في مقبرة الشرائع،فإنا لله وإنا إليه راجعون.
وهذه كلمات لبعض العلماء والدعاة في رثاء الشيخ:
لقد فجع المسلمون خاصة العلماء والدعاة إلى الله تعالى أهل عقيدة التوحيد الخالص بموت فضيلة الشيخ العلاَّمة الرئيس العام لجماعة أنصار السنّة المحمدية بمصر محمد صفوت نور الدين الذي أمضى حياته كلها في خدمة الإسلام والمسلمين عن طريق هذه الجماعة بنشاطتها المختلفة وعن طريق مجلة التوحيد التي تصدر عنها وقارع أهل البدع والتصوف والانحراف وجادل أهل الباطل بالتي هي أحسن ونافح عن العقيدة والمنهج،يسافر ويتجمل المشاق في سبيل ذلك.
فرحمه الله رحمة واسعة،ولقد شاء الله تعالى أن يكون موته في البقعة التي يتمنى أن يموت فيها في حرم الله الشريف بمكة المكرمة،حيث صُلي عليه به ودفن بإحدى مقابر مكة،نسأل الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويخلف على المسلمين وينصر الحق وأهله ودعاته.
وقد عرفت فضيلته منذ مدة طويلة عفيفاً شريفاً ذا أخلاق فاضلة وصفات حميدة يدعو إلى الله بالتي هي أحسن،عرفته يتحمل المشاق في سبيل ذلك،يحب جمع الكلمة،ويدعو إلى الائتلاف..الاجتماع على العروة الوثقى،عرفته يحب أهل العقيدة السليمة ويدعو إليها.
يزورني كلما حضر إلى المملكة العربية السعودية مأوى السلفيين أمثاله يحب علماءها وولاة أمرها لحبهم التوحيد الخالص ودعوتهم إليه ومساعدتهم لأهله في بقاع الأرض،عرفته لا يحب المراء والمجادلة،عرفته في حسن عبادته وكثرة ذكره لله تعالى أحسبه والله حسيبه,
قلت ذلك لذكر محاسنه حيث أُمرنا بذكر محاسن موتانا،أسأل الله أن يدخله جنات الفردوس مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين،ويجمعنا بهم في الفردوس الأعلى بعد عمر طويل عامر بتقواه وأن يخلف على أنصار السنّة بمصر الخلف الصالح ويجبر مصيبتهم ومصيبة أهله وأولاده ومصيبة المسلمين في كل مكان. وهكذا يتوالى موت العلماء،فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،وإنا إليه راجعون.
بقلم الشيخ عبدالله بن محمد المعتاز رئيس إدارة المساجد والمشاريع الخيرية.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى وصحبه أجمعين... لقد ترك رحيل الشيخ محمد صفوت نور الدين الداعية والمعلم رئيس جماعة أنصار السنَّة المحمدية بمصر أثراً عميقاً في نفوسنا،وحزناً شديداً في قلوبنا،ولكن يخفِّف هذا الألم والحزن ما نعرفه عن هذا الشيخ الفاضل والداعية المبارك الذي هو قدوة صالحة للدعاة،ونموذج رائع لطلاب العلم والمصلحين نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحداً أبداً،ومما نغبط عليه الشيخ أن الله سبحانه وتعالى قبض روحه في أشرف مكان وأشرف زمان بعد أن هيأه لعمل صالح قبضه عليه وهو العمرة،وأرجو أن تكون هذه من علامات حسن الخاتمة إن شاء الله،وإنني أتذكر هذا الشيخ من خلال لقائتي الكثيرة به سواء في الحج أو بعض المجالس الحافلة والعامرة بالدعوة إلى الله،أرى فيه الوقار وأرى فيه السمت الصالح والتواضع الجم وحسن الوعظ،مع الحرص على هدي السلف والصدور عن الكتاب والسنة ومما أعجب له وأغبط عليه هذا الشيخ كثرة أسفاره في الدعوة لدينه حتى إنني إذا تصفحت بعض المجلات التي تعنى بأخبار الدعوة إلى الله والمؤتمرات والملتقيات العالمية إذا الشيخ في مقدمة الصفوف على رأس المشاركين مع ما أسمع عنه جزاه الله الجزاء الأوفى من كثرة التنقلات في أرض الكنانة بم! صر حرسها الله ولكن لا نقول في هذه المناسبة إلا أحسن الله عزاء الأمة فيه ونخص أهله وأبناءه وزوجه والعلماء والدعاة في مصر والعالم الإسلامي أجمع،وجميع المسلمين ولا يسعنا إلا أن نتمثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم إن القلب ليحزن وأن العين لتدمع وإنا على فراقك يا شيخ صفوت نور الدين لمحزونون {إن لله وإنا إليه راجعون}[البقرة:156] اللهم أجرنا في مصيبتنا وأخلفنا خيراً فيها والحمد لله رب العالمين،وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
بقلم الشيخ متعب الطيار
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين،وعلى آله وصحبه الكرام إلى يوم الدين وبعد: فقد منيت الساحة الدعوية وجل مصابها في مصر،بل في العالم الإسلامي أجمع ظهر يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب لعام ثلاثة وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة بأرض مكة المكرمة،برحيل علم من أعلام الدعوة إلى الكتاب والسنَّة على منهج السلف الصالح جملة وتفصيلاً،ألا وهو الشيخ المجـــاهد السلفي القدوة،ناشر السنَّة،أبو عبدالرحمن محمد صفوت نور الدين رئيس عام جماعة أنصار السنَّة المحمدية بمصر،ولا يسعنا في مثل هذا المقام إلا أن نقول {إنا لله وإنا إليه راجعون}[البقرة:156]،اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلفنا خيراً منها،وإن العين لتدمع والقلب ليحزن ولا نقول إلا ما يرضي ربنا هو حسبنا ونعم الوكيل.
وجماعة أنصار السنَّة المحمدية التي كان يرأسها الشيخ-رحمه الله- غنية عن التعريف فهي منذ أسسها العلاَّمة الشيخ محمد حامد الفقي-أسكنه فسيح جناته-كانت ومازالت-زادها الله قوة ومنعه-الركن الحصين والسد المنيع للذَّب عن سنَّة المصطفى صلى الله عليه وسلم ومحاربة الشرك والبدع ونبذ الشعوذة والخرفات حتى عظم نفعها،والشيخ-رحمه الله-منذ أن أخذ على عاتقه همّض الدعوة صابراً محتسباً يبغي مرضاة ربه عاملاً بقوله تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}[النحل:125]،محباً لعلماء الأمة،معظماً لجهودهم،مقتدياً بأعلامهم العاملين بالكتاب والسنَّة بفهم سلف الأمة،مشاركاً في توعية المسلمين ومحذّراً من المؤامرات والخطط التي تحاك ضدهم،غيوراً على دين الله عزّ وجل،مظهراً ومقتدياً بسنَّة نبيه صلى الله عليه وسلم،ناطقاً بالحق في مرضاة الله ذاباً بقلمه ولسانه عن كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم،نابذاً للتقليد والتعصب حريصاً على توجيه الشباب إلى العلم الشرعي وتعليمه ونشره مع الرؤية الدقية لأثر هذا العلم في مواجهة التعصب والطيش والعجلة والحماس الذي قد يضر بعموم الأمة ومستقبلها الدعوي،كثير التأكيد على ! أن معالجة الغلو في الدين أو ما يسمى اليوم بالتطرف،أو الإرهاب لا يمكن مواجهته إلا بنشر العلم الشرعي هكذا عرفناه -رحمه الله-.
وإن كان مما يهوَّن علينا وعلى الأمة المصيبة،هو تذكرنا لمصيبتنا العظمى،ألا وهي مصيبتنا برسول الله صلى الله عليه وسلم،حيث قال: ((إذا أصيب أحدكم بمصيبة،فليذكر مصيبته بي،فإنها أعظم المصائب)) .
اللهم تقبل عمله،وأسبغ عليه الواسع من فضلك،والمأمول من إحسانك،اللهم أتم عليه نعمتك بالرضا،وآنس وحشته في قبره بالرحمة،واجعل جودك بلالاً ن ظمأ البلى،ورضوانك نوراً له في ظلام الثرى،والله-وحده-الهادي إلى سواء السبيل.
بقلم الشيخ سعد البريك المدرس بكلية المعلمين والداعية المعروف.