محمد حسين آل كاشف الغطاء
محمد حسين آل كاشف الغطاء هو عالِم شيعي ولد في مدينة النجف الأشرف سنة 1294 هـ / 1876م. وهو من عائلة علمية عريقة شاركت مشاركة فعالة في صنع تاريخ النجف العلمي، حيث تزعمت الحركة الدينية فيها نحو مائة وثمانين سنة منذ هجرة جدها الأعلى الشيخ خضر بن يحيى المالكي إلى النجف، والذي خلفه نجله الشيخ جعفر الكبير صاحب كتاب كشف الغطاء المعروف، حتى وصل الأمر إلى صاحب هذه الترجمة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اسمه ونسبه
الشيخ محمد حسين بن الشيخ علي بن الشيخ محمّد رضا كاشف الغطاء، وينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل مالك الأشتر النخعي، وبالتالي إلى قبيلة النخع اليمانيه الاصل وفرعها في العراق ماتعرف بعشيره بني مالك إحدى القبائل العربية المعروفة.
ولادته
ولد الشيخ كاشف الغطاء عام 1294 هـ بمدينة النجف.
دراسته ومكانته العلمية
بعد إكماله دراسة مرحلة المقدمات، انتقل إلى مرحلة السطوح فدرس أصول الفقه على آية الله الشيخ محمد كاظم الخراساني، ودرس الفقه على آية الله الملاّ رضا الهمداني، وآية الله السيّد كاظم اليزدي، ودرس الأخبار والحديث على الميرزا حسين النوري الذي أجازه بالحديث عنه، ودرس الكلام والحكمة على الشيخ أحمد الشيرازي، والميرزا محمد باقر الاصطهبانائي، والشيخ محمد رضا النجف آبادي.
هذا المقال أو المقطع ينقصه الاستشهاد بمصادر. الرجاء تحسين المقال بوضع مصادر مناسبة. أي معلومات غير موثقة يمكن التشكيك بها وإزالتها. وسم هذا القالب منذ: أكتوبر 2010 |
برز بين أقرانه في وقت قصير بسبب ذكائه الخارق ونبوغه المبكر، ونال الدرجة العالية وهو في أوان عهد شبابه، فصار هو مع أخيه المجتهد الشيخ أحمد محلّ اعتماد العلماء وثقة المرجع الكبير آنذاك آية الله العظمى السيّد كاظم اليزدي، الذي كان يكل إليهما الفقهية. وبعد وفاة السيّد الكبير، انعقد لواء المرجعية للشيخ محمد حسين كاشف الغطاء. وقد بلغ ما ألقاه في أبواب الحديث والكلام والفقه ما يزيد على عشرات المجلدات، كما امتاز أسلوبه ـ بالإضافة إلى جزالة العلم ـ بالبيان الجذاب الذي يأخذ بمجامع الألباب. ولقد كان يعتلي المنابر في مختلف المناسبات، فيسحر الناس ببليغ بيانه وحلاوة منطقه، فضلاً عن تمكّنه من فنون الخطابة حتى لتغدو الأفكار والعبارات طوع بنانه.
بلغ ولعه بالعلم درجة أنه درس علوماً لم يُؤلف دراستها من قبل الكثير، كعلوم الحكمة والكلام والهيئة والفلك والحساب، وكانت عنده نزعة تجديدية في الفقه والأصول، حتى صار فقيهاً حراً يناقش الآراء على لوحة البرهان والدليل المقنع، بانياً بحثه على كتاب (العروة الوثقى) لأستاذه السيّد كاظم اليزدي، فيعارض آراءه ونظرياته كثيراً. وقد درس عليه العشرات من الشخصيات العلمية، وتخرج من حلقته -التي استمرت أربعين عاماً تقريباً- الكثير من رجال العلم والفضيلة. في البداية كان يدرس بمدرسة اليزدي، ثم في مقبرة الشيرازي، لينتقل بعدها إلى الصحن الشريف للإمام علي .
أساتذته
من أساتذته:
- الشيخ محمّد كاظم الخراساني، المعروف بالآخوند
- السيد محمّد كاظم الطباطبائي اليزدي
- الشيخ محمّد باقر الإصطهباناتي
- الشيخ محمّد رضا النجفي آبادي
- الشيخ محمّد حسن المامقاني
- الشيخ محمّد تقي الشيرازي
- الشيخ أحمد الشيرازي
- الشيخ رضا الهمداني
تلامذته
من تلامذته:
- الشهيد السيد محمد علي القاضي الطباطبائي
- السيد إسماعيل الحسيني المرعشي
- الشيخ عبد الحسين الأميني
صفاته وأخلاقه
كان الشيخ كاشف الغطاء شجاعاً بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنىً في جميع المجالات، العلمية والسياسة وغيرها، وكمثال على شجاعته السياسية ما كتبه في إحدى رسائله، من أنَّ أمريكا تُبقي شعوبنا رازحة تحت أشكال الفقر والجهل والتخلّف، وكذلك في مجال الزراعة والصناعة، لكي تجعلنا أذلاَّء خاضعين لها، وفي مقابل ذلك كلّه تسعى للسيطرة على ثرواتنا، واستثمارها ونحن راضين.
وكان من صفاته العفو عمن أساء إليه، والحلم والصبر عمن أخطأ بحقه، ولم يكن مستبداً برأيه، يتقبل النقد برحابة صدر، وإذا تبين له بأن الرأي الذي كان يعتمده خطأ كان يتركه، ويأخذ بالصحيح، وكان يعتمد على نفسه، وفي الوقت نفسه لم يكن متكبراً، أو معجباً بنفسه، وكان نقي السريرة، لا يحقد على الناس، لذلك لم ينظر إلى أحد نظرة حسد أو حقد أو ما شابه ذلك، وكان متواضعاً للجميع، الصغير منهم والكبير، والقريب والبعيد، وكل مَن جاء لمقابلته أو زيارته من جميع أرجاء العالم تحدث عن تواضعه واحترامه واهتمامه بالجميع.
وكان الشيخ كاشف الغطاء خطيباً، بارعاً، يستذوق الشعر. له أبيات في أسباب تخلف المسلمين، تدل على مدى براعته في نظم الشعر، ويقول فيها:
كم نكبة تحطّم الإسلام والعرب | والإنكليز أصلها فتّش تجدهم السبب | |
فكل ما في الأرض من ويلات حرب وحرب | هم أشعلوا نيراها وصيّروا الناس حطب | |
واستخدموا ملوكنا لضربنا ولا عجب | فملكهم بفرضهم كان وإلاّ لانقلب | |
هم نصّبوا عرشاً لهم في كل شعب فانشعب | وا سوأتاً إن حدّث التاريخ عنهم وكتب |
أقوال العلماء فيه
- قال الشيخ آقا بزرك الطهراني: «هو من كبار رجال الإسلام المعاصرين، ومن أشهر مشاهير علماء الشيعة، والحقيقة أنَّه من مجتهدي الشيعة الذين غاصوا بحار علوم أهل البيت (عليهم السلام)، فاستخرجوا من تلك المكامن والمعادن، جواهر المعاني ودراري الكلم فنشروها بين الجمهور»
- قال السيّد محمد مهدي الخونساري صاحب أحسن الوديعة: «كان الشيخ محمّد حسين كاشف الغطاء علاَّمةً كبيراً، ومصلحاً شهيراً، وعالماً مقتدراً، له بيان ساحر، وكتابات جذّابة، كانت مؤلّفاته مكتوبة بلغة سلسة، تناسب لغة العصر، منسجمة مع التطور»
مؤلفاته
نذكر منها ما يلي:
- المثل العُليا في الإسلام لا في بحمدون
- العبقات العنبرية في الطبقات الجعفرية
- صحائف الأبرار في وظائف الأسحار
- مبادئ الإيمان في الدروس الدينية
- التوضيح في بيان ما هو الإنجيل
- مغني الغواني عن الأغاني
- نبذة من السياسة الحسينية
- الأرض والتربة الحسينية
- الميثاق العربي الوطني
- أصل الشيعة وأُصولها
- المحاورة بين سفيرين
- المراجعات الريحانية
- نقض فتاوى الوهابية
- الفردوس الأعلى
- وجيزة المسائل
- الدين والإسلام
- الآيات البينات
- تحرير المجلة
- جنة المأوى
رحلاته
كانت الرحلة الأولى في بداية شهر شوال سنة 1328هـ قاصداً مكة لأداء فريضة الحج، ثم عرَّج على دمشق وبيروت، وأخذ يتنقل بينهما نحو شهرين.ثم أقام في صيدا عدة شهور، وطبع عدة كتب من مصنفاته، وأشرف على طبع بعض الكتب العلمية والأدبية وعلق عليها.
ثم سافر من صيدا إلى القاهرة ليبقى فيها أكثر من ستة أشهر، اجتمع فيها إلى علماء الأزهر يأخذ عنهم ويأخذون عنه، ثم حاضَرَ في الأزهر الشريف وفي الكنائس مفنّداً مزاعم المبشّرين.
سافر إلى فلسطين عام 1350 هـ ليحضر المؤتمر الإسلامي المعقود في القدس، ولما حضر المسجد الأقصى دُعي للخطابة والصلاة بجميع المشاركين في المؤتمر آنذاك، وتجول بعد ذلك في مدن فلسطين كحيفا ويافا ونابلس.
وفي عام 1352هـ سافر إلى إيران فأقام صلاة الجمعة في جميع المدن التي زارها، وألقى الخطب، واتصل بالعلماء الأعلام هناك، كما زار إيران في عامي 1366 هـ، 1367هـ. وفي عام 1371هـ سافر إلى باكستان بدعوة من حكومتها، فشارك خير مشاركة في مؤتمر لمعالجة الشؤون الاجتماعية والسياسية في الدول الإسلامية، وقد كانت له الباع الطويلة في فضح دسائس الاستعمار التي أراد المستعمرون إدخالها في مقررات ذلك المؤتمر.
تجديده
لقد اعتُبِر مجدّداً في الفقه والأصول والفلسفة، فقد أدخل على الفقه كثيراً من التطور، وأوجد كثيراً من القواعد، وخير شاهد على ذلك رسالته الأخيرة بعنوان (سؤال وجواب)، ومن الآراء الفقيه التي عني بها فتواه بصحة الزواج بالعقد الدائم من الكتابية، في حين أنّ غيره كان لا يقره إلا عن طريق العقد المنقطع، وقد أخذ بهذا الرأي في أواخر أيامه المرجع السيد أبو الحسن الأصفهاني. وكانت له كثير من الآراء السديدة الجديدة التي تعود على الدين والمذهب بالخير لم تشأ الظروف أن يظهر كثير منها.
مواقفه
لم يصرفه الانشغال في التدريس والتصنيف عن الجهاد في سبيل الله، فقد شارك مع السيّد محمد اليزدي وغيره من العلماء في المضي إلى سوح الجهاد في الكوت أمام قوات الإنكليز، كما أنه كان أبرز المؤيدين للنهضة الإصلاحية في العالم الإسلامي، ولم تزده محاولات الاستعمار للتفرقة الطائفية المذهبية بين أبناء الشعب العراقي إلاّ إصراراً على مكافحة هذا المرض الوبيل بالقول النافع والعمل الجاد الدؤوب الذي قطع الطريق على المصطادين في الماء العكر، وبذلك كان مرجع الأمة الإسلامية بمختلف مذاهبها لأنهم أعطوه الثقة الكاملة لما وجدوه فيه من طهارة الذات ونبل المقصد وصلابة الموقف وحصافة الرأي وبعد النظر، ولولا مواقفه السامية الخالدة هذه لوقعت الفتنة الكبرى والطامة العظمى.
لقد كان قدس سره يؤمن بأن أهم وظائف العالم وواجباته الأولى: معالجة الشؤون السياسية وفهمها حق الفهم. وقد أعطى تعريفاً للسياسة بأنها «الوعظ والإرشاد والنهي عن الفساد، والنصيحة للحاكمين بل لعامة البلاد، والتحذير من الوقوع في حبائل الاستعمار والاستعباد ووضع القيود والأغلال على البلاد وأبناء البلاد».
وقد سنحت له الفرصة بزيارة السفير البريطاني لمدينة النجف واجتماعه به يوم 20 جمادى الأولى 1373 هـ / 1953م، فواجهه بالمنكرات التي أقدم عليها الإنكليز في كافة أنحاء العالم، بما فيها سعيهم إلى ضياع فلسطين وسقوطها بأيدي اليهود ومساعدتهم على استعمارها أرضاً وشعباً، ثم تهجيرهم إلى كل حدب وصوب.
ثم كان له لقاء بالسفير الاميركي، فواجهه أيضاً بما لأمريكا من اليد الطولى في تثبيت إسرائيل بأرض فلسطين، وما تسبب عن ذلك من أعمال وحشية يندى لها جبين الإنسانية. وكانت أبرز مواقفه رفضه حضور مؤتمر بحمدون الذي روّجت له أبواق الاستعمار، بل كان رده على دعوة الحضور حاسماً بليغاً جداً، مع كتاب في خدمة الأمة الإسلامية والذب عن حماها في مواجهة الاستعمار الكافر وهو كتاب «المُثُل العليا في الإسلام لا في بحمدون».
لقد كانت الدعوة موجهة له من قبل نائب رئيس جمعية أصدقاء الشرق الأوسط في أميركا لحضور مؤتمر لرجال الدين من المسلمين والمسيحيين يعقد في لبنان لبحث القيم الروحية في الديانتين والأهداف المشتركة وموقف الديانتين من الشيوعية، وقد كان موقفه رفض الحضور مع بيان مثالب الحضارة الغربية القائمة على ضرب القيم الروحية، لذلك خاطبه قدس سره في هذا الكتاب:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مكتبته
لم يرحل إلى جوار رفيقه الأعلى إلا بعد أن أسس مكتبة عامة موقوفة تكون بمثابة الصدقة الجارية التي تنفعه بعد مماته فضلاً عن حياته، فجدّد مدرسة جده الأعلى الشيخ جعفر الموقوفة وبنى جناحاً إلى جنبها خصَّصه للمكتبة، وكتب على جبهتها هذا البيت الناطق بملكيتها من قبل طلاب العلم:
إذا ما بناءٌ شاده الدين والتقى | تهدّمـت الدنيا ولم يتهدّمِ |
رأي العلماء فيه
إن الثناء عليه وعلى مقامه العلمي وخدماته الكبيرة للإسلام من قبل الكثيرين يكشف عن ما خلّفَه من تراث ضخم عظيم الفائدة، وقد ذكر الشيخ جواد الشبيبي في ترجمته عنه:
وفاته
لقد ألمت به وعكة صحية قبل وفاته بشهر مما استدعى دخوله للمستشفى في بغداد، ورغم ذلك لم يبتعد عن أعماله التي كان يقوم بها من مقابلة الناس له وقضاء حوائجهم، ففضل أن يقضي بعض أيامه في قرية (كرند). سافر إليها ليلة السبت 16 ذي القعدة، وبعد ليلتين اعتراه عارض مفاجئ، ففاضت روحه في صباح ليلة الاثنين 18 ذي القعدة 1373هـ، ودفن بمقبرة وادي السلام في مدينة النجف.
مراجع
- المثل العليا في الإسلام لا في بحمدون
- شعراء الغري، لعلي الخاقاني 100:2
- الدين والإسلام، للمؤلف كاشف الغطاء قدس سره