مجالس السلطان الغوري
مجالس السلطان الغوري كتابمن تأليف عبد الوهاب عزام.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نبدة عن الكتاب واهميتة
الكتاب يتحدث عن اخر حاكم لعصر المماليك في مصر وبعدها دخل العثمانيون مصر، ولابد ان تعرف ماهو موقف المصريين في هذه الأيام، على الاقل هل حزن المصريين علي المماليك ؟؟؟؟
الجواب
لم يحزن المصريين على حكم السلطان الغوري لسبب رئيسي كثر الجباية(الضرائب)، ولهذا تغضب اي شعوب من أنظمة تفرض عليها الجباية بأكثر من الحد الطبيعي، ربما تتقبل الأمم بعض الضغوطات، ولكن تؤثر علي تفكيرهم، وربما يلجأون الي خيارات خطأ، والاسف هذه الفترة سبب في إفساد امم فساد يؤثر لاجيال وأجيال، وأصبح الشعب المقهور من جباية المماليك،جائهم حاكم اخر يريد نفس الجباية، ووقع المصريين بين المماليك والعثمانيين، حتى ظهور محمد علي باشا
نبدة عن الغوري
الغوري قبل السلطنة
الغوري جركسي من مملوكي السلطان قايت باي، أعتقه وولاه بعض الأعمال في حاشيته حتى جعل كاشفًا للوجه القبلي سنة ٨٨٦، ثم جعل أمير عشرة السنة التالية، ثم ولي بعض الولايات في الشام وما يتصل بها من بلاد العواصم، وما زال يتقلب في المناصب ويرتقي أيام محمد بن قايت باي ومن بعده حتى ملك طومان باي وهو بالشام والغوري في صحبته، فلما رجع إلى القاهرة ولي الغوري ما كان يليه هو من الأعمال: الدوادارية الكبرى والوزارة والأستادارية.
أخلاقه وطرف من سيرته
وكان فيما وصفه ابن إياس: «طويل القامة، غليظ الجسد، ذا كرش كبير، أبيض اللون، مدور الوجه، مشحَّم العينين، جهوري الصوت، مستدير اللحية، ولم يظهر بلحيته الشيب إلا قليلًا.
وكان ملكًا مهيبًا جليلًا مبجلًا في المواكب، ملء العيون في المنظر.»٦
وكان يميل إلى الأبهة في ملابسه ومواكبه، كما كان ميَّالًا للتنعم، مولعًا بالفنون الجميلة.
قال ابن إياس: «وكان يلبس في أصابعه الخواتم الياقوت الأحمر والفيروز والزمرد والماس وعين الهر.
وكان مولعًا بشم الرائحة الطيبة من المسك والعود والبخور، وكان ترِفًا في مأكله ومشربه وملبسه، ويحب رؤية الأزهار والفواكه.
وكان مولعًا بغرس الأشجار، وحب الرياضات، وسماع الأطيار المغرِّدة، ونشق الأزاهر العطرة والبخور.
وكان يستعمل الطاسات الذهب يشرب فيها الماء، وكان يستعمل الأشياء المفرِّحة، وكان نهمًا في الأكل، وكان يغوى طيور المسموع.»٧
هذه صفات تدل على رقة الطبع، ودقة الإحساس، والولوع بالجمال، والاستمتاع بالعيش.
ومن كانت هذه صفاته يبعد أن يكون ظالمًا جبارًا سفاكًا للدماء، قاسيًا على الضعفاء.
ونحن نجد في تاريخ الغوري ما يصدق هذه الخلال، فأما كلفه بغرس الأشجار والأزهار واقتناء الطيور، وما يتصل بهذا من تشييد الأبنية وتجميلها فسيأتي بيانه.
مساوئ الغوري
كان الغوري في حاجة إلى مال كثير ينفق منه على الجند؛ ليسكن ثوراتهم المتكررة، وليزود الجيوش التي يرسلها إلى أطراف المملكة وإلى الهند، كما يتفق في بناء الأساطيل، وكانت التجارة قد كسدت بما أخاف الفرنجة سُبل البحار، وفي صفحات ابن إياس أمثلة من الحادثات التي أكسدت التجارة في عهد الغوري؛ في حوادث المحرم سنة ٩٢٠: «وكان في تلك الأيام ديوان المفرد وديوان الدولة وديوان الخاص في غاية الانشحات والتعطيل، فإن بندر الإسكندرية خراب ولم تدخل إليه البضائع في السنة الخالية، وبندر جدة خراب بسبب تعبث الإفرنج على التجار في بحر الهند فلم تدخل المراكب بالبضائع إلى بندر جدة نحوًا من ست سنين، وكذلك جهة دمياط.»
ويقول في حوادث ذي الحجة من السنة عينها، أثناء الكلام في سفر السلطان الغوري إلى الإسكندرية: «ولم يكن بثغر الإسكندرية يومئذ أحد من أعيان التجار لا من المسلمين ولا من الفرنج، وكانت المدينة في غاية الخراب بسبب ظلم النائب وجور القبَّاض؛ فإنهم صاروا يأخذون من التجار العُشر عشرة أمثال؛ فامتنع تجار الفرنج والمغاربة من الدخول إلى الثغر؛ فتلاشى أمر المدينة وآل أمرها إلى الخراب حتى قيل: طلب الخبز بها فلم يوجد ولا الأكل، ووجد بها بعض دكاكين مفتحة والبقية خراب لم تفتح.»
لهذا اشتدت حاجة السلطان إلى المال واشتد حرصه على جمعه وكثرت مصادراته، وأسف فيها إلى درك لا يلائم همته وسيرته.
يقول ابن إياس في حوادث جمادى الأولى سنة ٩١٦: «وفي هذا الشهر كثرت مصادرات السلطان للمباشرين، حتى إنه صادر عرب اليسار الذين يسكنون تحت القلعة، وقرر عليهم مال له صورة وقال لهم: إنتو عملتو كيمان تراب تحت القلعة من عفشكم ما يشتال ولا بعشرة آلاف دينار، وجعل ذلك حجة عليهم.»
وفي حوادث رمضان سنة ٩١٨: «وفيه كان ما وقع لرئيسة المغاني، وهي امرأة يقال لها: هيفة اللذيذة، وقد رافعها بعض أعدائها بأن لها دائرة كبيرة من المال، ولها حلة للكرا، فلما سمع السلطان ذلك قبض عليها وأقامت في الترسيم، وعرضت للضرب غير ما مرة، وقرر عليها خمسة آلاف دينار؛ فباعت الحلي وجميع ما تملكه وأوردت ألف دينار، وقد تكلم لها القاضي بركات بن موسى بأنها لا تملك غير ذلك فقرر عليها بعد ذلك خمسمائة دينار ترد في كل شهر مائة دينار على كل جامكية،٢٥ وقد طفَّل السلطان نفسه إلى مصادرة المغاني أيضًا! والأمر لله.»
وكان المال وسيلة إلى المناصب حتى مناصب القضاء أحيانًا.
في حوادث ربيع الآخر سنة ٩١٠: «وفيه أخلع السلطان على شخص يقال له طراباي، وكان طراباي هذا ولي الأتابكية بحلب، ثم حضر إلى مصر وسعى في نيابة صفد بمال له صورة حتى تولاها.»
وفي ذي الحجة سنة ٩٠٦: «وفي يوم الخميس ثامن ذي الحجة عزل قاضي القضاة زين الدين زكريا الشافعي عن القضاء، وهذا كان آخر عزله وولايته، وقد كف بصره عقب ذلك.
فلما عزل زكريا سعى محيي الدين بن عبد القادر بن النقيب في عوده إلى القضاء، وقد أورد مال له صورة، فأخلع عليه، وأعيد إلى القضاء.»
وأكثر مساوئ الغوري ترجع إلى كثرة نفقاته وقلة دخله واضطراره إلى أخذ الأموال بكل الوسائل.
وإذا رجعنا إلى ابن إياس نجد جل المساوئ التي ذكرها من هذا القبيل،٢٦ ولولا هذه الضرورات لبرئت سيرة هذا الرجل الهمام مما اقترف من هذه المصادرات.