عبد النبي بلخير
عبد النبى بلخير (1880 - 1931) زعيم قبيله ورفلة بليبيا فترة الغزو الايطالي لليبيا. وقد شارك في معارك ضد الغزو الإيطالي لليبيا . كان عضوا في الجمهورية الطرابلسية . نشب خلاف بينه وبين رمضان السويحلي - زعيم قبائل مصراتة - مما أدى بالأخير إلى مهاجمة قبيلة ورفلة حيث قام أحد عبيد المجاهد عبد النبي بلخير بقتل السويحلي. وبعد احتلال الطليان بني وليد. هاجر عبد النبى بلخير متجها إلى تونس وانقطعت اخباره وقيل أنه مات عطشا في الصحراء. أحفاد بلخير موجودن في بني وليد الآن ومنهم ابنه يونس الذى كان عضواً في البرلمان في عهد المملكة الليبية وكان رحمه الله رئيس الوزراء في العهد الملكي.
من قبيلة الصيعان، بورفله، جاء جده الأبعد الى بني وليد ويدعى النجار، من قبيلة اولاد امحمد لحمة لمّامنه(اولاد سيدي عبدالمومن البكاي) وكان النجار احد ثلاتة قاموا بالثورة ضد ابن تليس حاكم الحفصيّين لبني وليد، وهو النجار والقجدار وخمخم التحق عبدالنبي بالزاوية القرآنيه، ثم بالمدرسة الرشديه التي تخرج منها، وهو من الساسة المثقفين في حركة الجهاد الليبي. ساهم في معارك الجهاد الاولى ١٩١١-١٩١٢ ولكن بني وليد وترهونه وغريان ومصراته وزليطن من المناطق التي القت السلاح عند خروج الاتراك من ليبيا بعد معاهدة لوزان ١٩١٢. غير ان هذه المعارك استؤنفت بعد معركة القرضابيه الشهيره ١٩١٥ حيث حاصر اهالي ورفله بقيادة عبدالنبي بالخير، وسوف المحمودي الحاميه الايطاليه ببني وليد وارغموها على التسليم. واستمر عبدالنبي قائداً لبني وليد التي شاركت في معارك ١٩١٦-١٩١٧-١٩١٨ وكان عبدالنبي احد الرؤساء الاربعه للجمهورية الطرابلسيه وهم : عبدالنبي بالخير-احمد المريض-سليمان الباروني-رمضان السويحلي الا ان صلح سواني بن يادم الذي تم بين المجاهدين والايطاليين عام ١٩١٩ لم يوافق عليه عبدالنبي بالخير ولم يوقع عليه، وهي بداية المشكل بينه وبين رمضان السويحلي وعندما زحف الايطاليون لاحتلال الوطن ١٩٢٢ خاض عبدالنبي بالخير على رأس قبيلته بني وليد معركة بني وليد ١٩٢٣ تلك المنطقه التي اسماها قرسياني (الدردنيل) وبعدها هاجر عبدالنبي الى الجنوب حيث اشترك مع اولاد سيف النصر في حرب خليفة الزاوي في مرزق. وبعد انتهاء المقاومه ١٩٣١ هاجر الى الجزائر حيث توفى بالعطش في صحراء الجزائر ضمن اكثر من ٣٥٠ مواطناً ليبيا مهاجراً .. منهم ٦٥ شخصاً من عائلته عليهم رحمة الله. وقد كتب عنه الاستاذ محمد المرزوقي كتاباً اسماه فيه داهية السياسه. وهو رجل سياسي ذو رأي ثاقب حكيم يعمل على لم شمل قبيلته وعدم التفريط في رجالها. ترك عبدالنبي خمسة اولاد هم : مصباح - بوعزوم -يوسف -النقراط-يونس
اصغرهم الذي اصبح عضوا في البرلمان الليبي، ووزيرا للدفاع ايام المملكه
التقيت به عام ١٩٧٠ واتصلت باخوته وكان من ضمن الاصدقاء الذين يكثر التزوار بيننا الى ان توفى عليه رحمة الله عام ٢٠٠٤ وجاء الى الصيعان بدر وتيجي على رأس وفد من صيعان بني وليد ليربط اللحمه بين القبيله ولعبدالنبي قصائد شعريه وصلنا منها قصيدته الشهيره صبرنا وطول الصبر ذقنا منّه مرارات علقم زاخمه في البنّه د.محمد سعيد القشاط
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
هجرته
حينما ضيق الغزاة الإيطاليون الخناق على المجاهدين الليبين وحاصروهم في العديد من المدن والمناطق وطاردوهم من مكان إلى أخر إلى أن أشرفت حركة المقاومة الليبية في طرابلس على الانتهاء في أواخر العشرينيات من القرن الماضى وتم احتلالهم (لفزان) بجنوب ليبيا في أخر شهر من عام 1929 والتي كانت أخر معقل للمجاهدين، لم يجد زعماء المقاومة بدا من الانسحاب بدويهم ورفاقهم والهجرة إلى بعض الدول المجاورة لليبيا مثل تونس، ومصر التي هاجر إليها كبار الزعماء مثل " أحمد بك السويحلي والتهامي بك قليصة والشيخ المبروك المنتصر والشيخ عبد الصمد النعاس وأحمد المريض والشيخ سوف (المحمودي).. وغيرهم " (12).
ومما يروى عن سبب فقده لأحدى عينيه، أنه كان معه قلة من رفاقه أثناء هروبه في الصحراء من فلول الطغاة الغزاة وبعيد فقده لزعيمه إلا أن رفاقه أخدوا في الهروب منه واحدا تلو الأخر ظانين بعدم صواب رأيه في الطريق الصحيح إلى تونس، وكانوا يتسللون ليلا هاربين. وفى إحدى الليالي استيقظ يريد تفقد معسكره لكنه فوجئ بأن الجميع قد هرب باستثناء أهله والقليل جدا من رفاقه. وكانت هذه الحادثة صدمة قاسية عليه تأثر بها وانفعل لدرجة أنه ضرب بيده على إحدى عينيه ففقأت وخسرها للأبد.
وفي محاضرة بعنوان " مأساة قافلة عبد النبي بلخير " ألقاها عام 1990 الباحث الأستاذ علي الحسنين بمركز جهاد الليببين (16) ما قوله على لسان الباحث الإيطالي أنجلو بيشي:
" وفي مطلع سنة 1930 حينما كان گراتسياني – قائد الحملة العسكرية في ليبيا) في أوباري، نمى إليه أن المحلات المذكورة قد أوشكت على اجتياز الحدود الليبية الجزائرية مع العلم بأنها كانت تضم أيضا محلة عبد النبى بالخير التي كانت تشتمل على مأتي مسلح من مجاهدى (ورفلة) والتي بلغت موقعا إلى الشمال قليلا من (غات).
" ولما تأكد لدى القائد الإيطالى أن المجاهدين لم يعودوا قادرين على المقاومة وأن كل همهم كان منصبا على الوصول إلى الحدود الدولية (الجزائرية) سالمين، حاول عبثا ملاحقتهم خصوصا بعد أن التقطت المحطات اللاسلكية التابعة لوحداته عن مراكزالحدود الفرنسية إشارات مفادها أن الطرابلسيين الفارين قد أخدوا يعبرون الحدود، مفوتين عليه بذلك فرصة الالتحام بهم ومقاتلتهم.
" فكمحاولة أخيرة للنيل منهم أصدر گراتسياني أوامره بأن تقوم الطائرات التي كانت تحت تصرفه بإدراك أولئك الذين لم يبلغوا بعد الحدود ويقصفهم دون هوادة. وطوال يومي 13 و 14 من فبراير 1930 تناوبت تلك الطائرات – بطلعات متواصلة – على ضرب خط الحدود بوابل من القنابل وطلقات المدافع الرشاشة. ومن المحتمل أن يكون عبد النبى بالخير قد تمكن - حوالى يوم 12 من الشهر ذاته (فبراير) – من اجتياز الحدود الجزائرية ومن حط رحاله في واحة (جاانيت) حيث سلم للسلطات العسكرية الفرنسية المرابطة بقلعة " فورشاليه " (17).
ويواصل الأستاذ الحسنين ذكره لرواية مكملة يرويها العقيد الفرنسي (فايس) في كتابه "سر الجنوب" الذي أسرد فيه فصلا خاصا لهذا الموضوع تحت عنوان "أسرى قاسي الطويل" ويذكر فيه بأن صورا شمسية قد ألتقطت بعيد الحادث الذي أودى بحياة عبد النبي ورفاقه إلا أن هذه الصور بقيت غير منشورة وبقيت هذه المأساة سرا غامضا. كما يفصل بعض هذه الأحداث بقوله أن" جمعا من اللاجئين الطرابلسيين المنتمين إلى قبائل ورفلة جاؤوا في سنة 1931 إلى الواحة الصغيرة التي يشرف عليها حصن (فورفلاتير) واستقر بهم المقام هناك. إنهم كانوا عاقدي النية على العيش بتلك الواحة في ظل إحدى حامياتنا بالصحراء الشرقية.
" لقد بلغ الصيف أشده وأن البئر الارتوازية التي كانت تروي نخيل الواحة المذكورة ظلت تسكب – دونما انقطاع – معينها الحي الفوار. غير أن مراعي " العرق " قد يبست وزالت مما حمل عبد النبي بالخير قائد اللاجئين المذكورين – ذات يوم – على أن يمتطى صهوة فرسه ويتوجه إلى الحصن المشار إليه آنفا حيث قابل آمر الحامية وأعرب له عن مخاوفه قائلا : الله أكبر ! حفظك وحفظ جنودك، أبناء فرنسا المضيافة ! ولكن ماالعمل ؟ وأين المفر ؟ في غضون أيام قلائل ستنفق جمالنا لانعدام الكلأ بالمراعي، وفى نجعى أضحى يعانى الناس والأطفال ويلات البؤس والشقاوة.
"فأجابه الآمر بأن ما قاله هو الحق وعليه بالعودة صوب الشمال إلى (ورقلة) حيث المراعى والعيش. ولكن المسافة بعيدة حوالى 500 كيلو متر والمنطقة شديدة الوعورة والكثبان الرملية المتحركة وخصوصا في (وادى الطويل) وفى درجة حرارة تقرب من الخمسين وأنه لن يتمكن من الوصول اليها بدون دليل ولكن إن انتظر خمسة أيام سيمر اثنان من خبراء الصحراء من الشعامبة يمكنهما مساعدته للوصول إلى ورقلة وسيعطيه بعض الشعير.
ويستمر الآمر في سرده للواقعة بقوله : " إن عبد النبي بالخير الذي ما كان إنسانا يخلو من مشاعر الكبرياء، لم يكترث بنصائح آمر الحامية في (فورفلاتير) فقام في الليلة التالية بشد الرحال مع ركبه المشتمل على واحد وخمسين شخصا وسارت قافلتهم نحو المصير المحتوم. ومرت ب (حاسي تانسروفت) للتزود بالماء فملأت قرابها ثم واصلت توغلها في العرق حتى تعذر عليها السير في وضح النهار، فاضطرت إلى مواصلة رحلتها فيما بعد غروب الشمس. إلا أن هؤلاء السراة الذين كانت تنقصهم الخبرة وما كان برفقتهم دليل وما كان عليهم إلا المضي قدما صوب الشمال مهتدين بالنجمة القطبية على أن متاهة رمال العرق وقفاره الموحشة كانت تجبرهم بلا انقطاع على السير وفق خط غير مستقيم.
" وبعد أن استمرت هذه القافلة المنحوسة في تذبذبها ست ليالى حطت رحالها في موقع إعتقده قائدها غير بعيد عن بئر (حاسي الطوارق) فانتشر الرجال للبحث عن مورد الرواء في النواحى المجاورة ولم يهتدوا إلى الهدف المنشود ولم يعثروا عليه عدا زمرة مؤلفة من زنجيين وصبي فكتبت لهم النجاة أما الأخرون فقد لقوا حتفهم مع استنزافهم لأخر قطرة ماء.
" وفي (فورفلاتير) - حال وصول الدليلين الذين كان قد اقترح آمر الحامية خدماتهما على عبد النبي بالخير – أخبرا بأمر القافلة وبأن أصحابها كانوا يعدمون الخبرة بالطريق. فأخدا يقتفيان آثارها على مسافة بضعة أيام بشيء من الانشغال. وسرعان ما أفضى بحثهما إلى اكتشاف أثار الكارثة التي حلت بإخوان لهم يشاطرونهم مشاعر القلق والاضطراب إذ وجدوا جثثهم وجيف مواشيهم وحطام أمتعتهم متناثرة هنا وهناك على الرمال بالقرب من حاسى الطوارق... " (18).
ويستمر (فايس) في وصف حالة القافلة وأشلاء الموتى والكارثة المحزنة التي حلت بها، إلا أننا نكتفى بهذا القدر حيث وضحت لنا الحادثة تقريبا.
ولعلنا نلاحظ وجود بعض الاختلافات بين الروايات الثلاث الخاصة بضياع القافلة وهلاك قائدها في صحراء الجزائر وكذلك في تواريحها، فالأولى التي ذكرها الأستاذ الحسنين عن رواية العقيد الفرنسى (فايس) في كتابه، والثانية رواية الشيخ المسلاتى عن لسان مجاهدنا نفسه والثالثة الرواية التي ذكرها المرزوقى في كتابه " عبد النبي بلخير داهية السياسة والحهاد ".
إلا أن المحصلة النهائية هي ضياع وهلاك عبد النبي سواء أكان مع بعض رفاقه الذين يقدروا بخمسين شخصا كما ذكر العقيد الفرنسي، أم كان بمفرده وخادمه كما ذكر الشيخ المسلاتى، أم لوحده كما ذكر المرزوقي. والحقيقة يعلمها الله وحده.[1][2].
مراجع
- ^ Ahmida, Ali Abdullatif (March 1994). The making of modern Libya: state formation, colonization, and resistance, 1830-1932 (Hardcover ed.). SUNY Press. p. 42. ISBN 978-0-7914-1761-4.
- ^ David Yaghoubian, Edmund Burke (2005). Struggle and Survival in the Modern Middle East: Second Edition (Hardcover ed.). University of California Press. p. 96. ISBN 0520246616.