سيراقوسة

(تم التحويل من سيراقوزة، إيطاليا)

الإحداثيات: [http:https://geohack.toolforge.org/geohack.php?pagename=%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%88%D8%B3%D8%A9&params=37_05_00_N_15_17_00_E_type:city 37°05′00″N, 15°17′00″E]

سيراقوسة
Siracusa sunrise.jpg
الختم الرسمي لـ {{{official_name}}}
موقع مدينة سيراقوسة (نقطة حمراء) في إيطاليا.
موقع مدينة سيراقوسة (نقطة حمراء) في إيطاليا.
الإحداثيات: 37°05′N 15°17′E / 37.083°N 15.283°E / 37.083; 15.283
Regionصقلية
ProvinceProvince of Syracuse
Founded734 BC
الحكومة
 • العمدةGiambattista Bufardeci
المساحة
 • الإجمالي204 كم² (79 ميل²)
التعداد
 (ديسمبر 2004)
 • الإجمالي123٬322 (31st)
 • الكثافة593/km2 (1٬540/sq mi)
منطقة التوقيتUTC+1 (CET)
Postal codes
96100
مفتاح الهاتف0931
القديس الحاميسانتا لوتشيا
الموقع الإلكترونيhttp://www.comune.siracusa.it

سيراكوزا بالإيطالية: Siracusa وتعرف في العربية بإسم سيراقوسة مدينة في جزيرة صقلية تقع في الساحل الجنوبي الشرقي لها سكانها 124.000 نسمة. وهي عاصمة مقاطعة سيراقوسة التي يبلغ سكانها 396.000 نسمة. وهي مدينة سياحية جميلة، وقد وصفها شيشرون وصفها بانها "أعظم وأجمل المدن اليونانية قاطبة" ، وسط سيراكوزا التاريخي أعتبرته اليونسكو عام 2005 ضمن مواقع التراث العالمي.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الجغرافيا

الكورنيش
نهر تشاني
جزيرة أورتيجيا

المدينة تقع جزئيا على الرأس - جزيرة أورتيجيا، وجزئيا في البر الرئيسي. شكل الساحل يحدد نطاق خليج پورتو گراندي Porto Grande الواسع، على جدران المدينة من الشمال والجنوب من جزيرة كيب لبليمميريو. يخترقها نهري تشاني وأنابو ويصبان في بورتو گراندي مشكلين مناطق أهوار تعرف تاريخيا Pantanelli بانتانيلي.

في أراضي التابعة لبلدية سيراكوزا يوجد محميتان طبيعيتان، محمية نهر تشاني وساليني الطبيعية والمنطقة بليميريو المحمية البحرية. الأولى أنشئت في عام 1984 رغبة في حماية نبات البردي وبيئة المياه المالحة. أما الثانية فأسست في عام 2005، لحماية البيئة البحرية والأثار الموجودة في مياه البحر.


المناخ

متوسطات الطقس لسيراقوسة
شهر يناير فبراير مارس أبريل مايو يونيو يوليو أغسطس سبتمبر اكتوبر نوفمبر ديسمبر السنة
متوسط العظمى °م (°ف) 15 (59) 16 (61) 18 (64) 21 (70) 25 (77) 30 (86) 33 (91) 33 (91) 30 (86) 25 (77) 20 (68) 16 (61) 23 (73)
متوسط الصغرى °م (°ف) 4 (39) 4 (39) 5 (41) 7 (45) 11 (52) 15 (59) 18 (64) 18 (64) 16 (61) 13 (55) 8 (46) 6 (43) 11 (52)
هطول الأمطار mm (بوصة) 76 (3) 48 (1.9) 41 (1.6) 38 (1.5) 23 (0.9) 10 (0.4) 5 (0.2) 15 (0.6) 36 (1.4) 99 (3.9) 56 (2.2) 86 (3.4) 533 (21)
المصدر: Weatherbase[1] 2008-02-19

التاريخ

العصر الإغريقي

معبد أبولو في أوتيجيا
معبد أبولو
دراخما سيراقوسية(415-405 قبل الميلاد)
المسرح الإغريقي
مذبح هيرو الثاني

سيراقوسة والمنطقة المحيطة بها كانت مأهولة بالسكان منذ العصور القديمة، كما يتبين من خلال الاكتشفات في قرى ستينتينيلو، أونيينا، بليميريو، ماترينسا، كوتسو بانتانو، وثابسوس، والتي سبق لها علاقة مع ميسينيا اليونانية .

أسست من قبل مستوطنين إغريق في 734 او 733 قبل الميلاد جاءوا من كورنت و تينيا بقيادة ارشياس ، الذي دعاها Sirako سيراكو و تشير إلى مستنقع قريب . نواة المدينة القديمة هي الجزيرة الصغيرة أورتيجيا Ortygia . وجد المستوطنون ان الارض خصبة وأن القبائل الاصلية لم تحارب وجودهم وجودهم . المدينة نمت وازدهرت، وأحيانا كانت تعتبر أقوى المدن اليونانية في البحر الابيض المتوسط. تأسست مستعمرات في اكراي (664 قبل الميلاد) ، كاسميناي (643 قبل الميلاد) وكامارينا (598 قبل الميلاد) . نسل أول مستعمرين ، دعوا Gamoroi غاموروي ، أمسكوا بالسلطة حتى طردوا من Killichiroi كيليشيروي ، و هي الطبقة أدنى في المدينة. ولكن عادت اليهم السلطة في العام 485 قبل الميلاد و بفضل مساعدة من جيلو حاكم جيلا . و أصبح جيلو شخصيا حاكم المدينة، ونقل العديد من سكان جيلا وكامارينا وميجيرا إلى سيراقوسة، لبناء الحياء الجديدة تيشي و نيابوليس خارج الجدران. برنامجه الجديد للانشاءات جديدة شمل ايضا مسرح صممه داموكوبوس ، و قد اعطى المدينة ازدهارا في الحياة الثقافية : وهذا بدوره جذب إليها شخصيات مثل الكاتب المسرحي آشیلوس aeschylus ، أريو من ميتيما ، يوميلوس من كورنت، وصافو التي نفيت إلى هنا من ميتيلين . توسع سيراقوسة في القوة حتم الإصطدام مع القرطاجيين الذين كانوا يحكمون الجزء الغربي من جزيرة صقلية في معركة هيميرا تمكن جيلو المتحالف مع ثيرون حاكم أغريجنتو من تحقيق انتصار حاسم على القوات الإفريقية وقائدها حملقار، وقد أنشأ معبد في المدينة باسم أثينا (في مكان الكاتدرائية اليوم) تخليدا لهذا الحدث .

ورث جيلو أخوه هيرو الأول الذي حارب الأتروسكان في كوماي في عام 474 ق.م. وقد مدح حكمه شعراء مثل سيمونيدس من سيوس، باتشيليديس وپيندار، الذي زار محكمتها. قدم ثراسيبولوس (467 ق.م.) نظاماً ديمقراطياً للمدينة. استمرت سيراقوسة في التوسع في صقلية، ومكافحة تمرد السيكولي، وفي البحر التيراني أرسلوا حملات إلى جزر كورسيكا وإلبا. وفي القرن الخامس ق.م. وجدت سيراقوسة نفسها في حرب مع أثينا التي سعت للحصول على المزيد من الموارد للقتال في حرب بيلوبونس . طلب السيراقوسيون المساعدة من اسبرطة أعداء أثينا في الحرب في إلحاق الهزيمة بهم ، و تدمير سفنهم وتركهم فريسة الجوع على الجزيرة . في عام 401 ق.م.، ساهمت سيراكوزا بقوة قدرها 300 مقاتل Hoplite وجنرال في جيش العشرة آلاف تحت قيادة قورش الأصغر وهم مجموعة من المرتزقة قاتلوا إلى جانب الإغريق ضد الفرس.

نهضة سراقوصة

كانت سراقوصة طوال القرن الرابع من أكبر المدن اليونانية ثروة وأعظمها قوة، رغم ما كان ينتابها من الاضطرابات السياسية الكثيرة. وكان ملكها ديونيشيوس الأول مجرداً من الضمير، خائناً غداراً، مختالاً مغروراً، ولكنه كان أقدر رجال زمانه في الشئون الإدارية. حوَّلَ هذا الرجل جزيرة أرتيجيا Ortygia إلى قلعة حصينة اتخذها مسكناً له، وسور الطريق الذي يوصلها بأرض القارة، فأصبح مركزه فيها أمنع من عقاب الجو؛ ثم ضاعف أجور الجنود، وقادهم بنفسه إلى انتصارات هينة، فحبب نفسه إليهم وكسب ولاءهم، فاستطاع البقاء على العرش ثمانية وثلاثين عاماً. ولما أن ثبت قواعد حكمه استبدل بسياسة القسوة التي نهجها في بداية أمره سياسة رحيمة استرضى بها الأهلين، وبسط على البلاد حكماً استبدادياً طابعه العدالة والمساواة . وأقطع ضباطه وأصدقاءه أجزاء من أحسن الأراضي وأعظمها خصباً، وخص جنوده بجميع المساكن في أرتيجيا والطريق الموصل إليها إلا القليل النادر منها؛ ووزع كل ما بقي من أرض سراقوصة وما حولها على سكان المدينة الأحرار منهم الأرقاء من غير تمييز بينهم. وبهديه وإرشاده ازدهرت سراقوصة، وإن كان قد فرض عليها من الضرائب ما لا يكاد يقل عما فرضته الجمعية على الأثينيين. ولما أن أسرفت نساء المدينة في زينتهن أعلن أن دمتر قد جاءته في الحلم وأمرته أن يجمع حلي النساء كلها ويودعها في معبدها. وصدع الملك بأمر الإلهة، وصدعت به كذلك معظم النساء؛ ثم ما لبث أن "اقترض" الحلي من دمتر ليمول بها حروبه(43).

ذلك أن خططه كلها كانت تهدف إلى إخراج القرطاجيين من صقلية. وقد آلمه وحز في نفسه أن يستطيع هنيبال استخدام آلات التدمير القوية في حصار سيلينس، فجمع في خدمته خيرة الصناع والمهندسين من بلاد اليونان القريبة؛ وطلب إليهم أن يعملوا على تحسين عدد الحرب. وكان من بين ما اخترعه هؤلاء الرجال من آلات الهجوم والدفاع الجديدة المنجنيق الذي يقذف الحجارة الثقيلة وغيرها من القذائف، وانتقل هذا الاختراع من المخترعات العسكرية من صقلية إلى بلاد اليونان واستخدمه فليب المقدوني. وأرسل يدعو لخدمته جنوداً مرتزقة، وأخذت دور الصنعة في سراقوصة تخرج مقادير لا عهد للناس بها من الأسلحة والدروع تتفق مع عادات كل طائفة من طوائف الجند المختلفة ومع حذقها في القتال. وكان المشاة قبل هذا الوقت هم الذين يقاتلون في المعارك البرية لكن ديونيشيوس نظم فيالق كبيرة من الفرسان، وأفاد من هذا أيضاً فليب والإسكندر. وأخذ في الوقت نفسه يصب المال صباً لبناء مائتي سفينة معظمها من ذات الأربعة الصفوف أو الخمسة، فأنشأ بذلك أسطولاً ضخماً لم ترَ له بلاد اليونان قبل ذلك مثيلاً في سرعته أو قوته.

ولم يحل عام 397 حتى كان كل شيء على أهبة الاستعداد، وأرسل ديونيشيوس بعثة إلى قرطاجة يطلب إليها أن تحرر جميع المدن اليونانية في صقلية من سيطرة القرطاجيين، وتوقع ألا يُجاب إلى طلبه فدعا هذه المدن إلى خلع نير الحكم الأجنبي، فاستجابت إلى دعوته، وكانت لا تزال حاقدة على القرطاجيين ولم تنسَ ما ارتكبه فيها هنيبال من المذابح، فأعدمت جميع من وقع في أيديها منهم بعد أن أذاقتهم من ألوان العذاب ما لم يعذبه اليونان أحداً غيرهم من قبل، ولم يدخر ديونيشيوس جهداً في الحيلولة بينهم وبين هذا التعذيب لأنه كان يريد أن يبيع أسرى القرطاجيين في أسواق الرقيق. ونقلت قرطاجة جيشاً كبيراً بقيادة هملكون Himilcon بطريق البحر، ودارت الحرب بين الأمتين في فترات متقطعة خلال أعوام 397، 392، 383، 368. وانتهت هذه الحرب بأن استردت قرطاجة كل ما استولى عليه ديونيشيوس من أملاكها، وعادت الأمور بعد الدم المهراق كله إلى ما كانت عليه من قبل.

وكان ديونيشيوس في هذه الأثناء قد وجه قوته الحربية لإخضاع المدن اليونانية في الجزيرة، وربما كان مدفوعاً إلى هذا بحب السلطان أو بما كان يحس به من أنه لا سبيل من القضاء على سلطان قرطاجة في صقلية إلا إذا اتحدت كلها تحت حكومة واحدة. فلما تم له إخضاعها، عبر الجزيرة إلى إيطاليا، وأخضع رجيوم Rheginm وفرض سلطانه على جميع إيطاليا الجنوبية. ثم هاجم إتروريا واستولى على ألف وزنة من هيكلها القائم في أجلا Agylla، ووضع الخطط لنهب ضريح أبولو في دلفي، ولكن الأيام وقفت في سبيله فلم تمكنه من تنفيذ خططه. فقد وأدت بلاد اليونان في نفس ذلك العام (387) حريتها في الغرب، ثم باعتها "بصلح الملك" إلى الفرس في الشرق. وكان برنس Brennus والغليون قد وقفوا ظافرين أمام أبواب رومة يدقونها دقاً، وكان البرابرة المحيطون بالعالم اليوناني يزدادون قوة في كل مكان، وكان ما حل بإيطاليا الجنوبية من التدمير على يد ديونيشيوس قد مهد السبيل للأهلين القاطنين حول المستعمرات أولاً ثم للرومان أنصاف البرابرة بعدئذ لغزو هذه المستعمرات والاستيلاء عليها. وقام الخطيب ليسياس في الدورة التالية من دورات الألعاب الأولمبية يدعو بلاد اليونان إلى الخروج على الطاغية الجديد، فهاجم الجماهير الثائرة خيام رسل ديونيشيوس وأصمت آذانها عن الاستماع إلى أشعاره.

وهذا الطاغية الذي عرض على أهل رجيوم بعد أن تم له الاستيلاء عليها حريتهم إذا آتوه بكل ما يدخرونه من مال فدية لهم، فلما جاءوه به باعهم بيع الرقيق، هذا الطاغية نفسه كان رجلاً واسع الثقافة من أرباب السيف والقلم ولم يكُ فخره بقلمه أقل من فخره بسيفه. ولما أن طلب إلى الشاعر فلكينس رأيه في شعره وأجاب بأنه غث لا قيمة له حكم علية بالأشغال الشاقة في المحاجر(44). على أن ديونيشيوس، كان يناصر الآداب والفنون على الرغم من هذه الأعمال المثبطة، وقد استضاف أفلاطون أثناء أسفاره في صقلية وسره أن يستمتع لحظة بهذا الفيلسوف (387). وهناك قصة ذائعة نقلها ديوجينس ليرتيوس تقول إن الفيلسوف أخذ يطعن في حكم الطغاة فرد عليه ديونيشيوس بقوله: "إن أقوالكَ أقوال عجوز خرف"، فأجابه أفلاطون قائلاً: "إن هذه اللغة هي لغة الطغاة". ويقال إن ديونيشيوس باع أفلاطون في سوق الرقيق ولكن أنسريز القيروني لم يلبث أن افتداه(45). ولم يقضِ على حياة الفيلسوف واحد من القتلة السفاحين الذين كان يخشى بأسهم بل قضى عليه شعره نفسه. وتفصيل ذلك أن مأساته افتداء هكنز نالت الجائزة الأولى في عيد لينيا الأثيني عام 367. وسُر ديونيشيوس من هذا الفوز سروراً جعله يحتفل بأصدقائه ويُفرط في الشراب، فيصاب بالحمى ويموت.

وقبلت المدينة المغتاظة التي كانت قد ارتضته بديلاً من الخضوع لقرطاجة قبلت أن يخلفه ابنه على العرش راجية الخير على يديه. وكان ديونيشيوس الثاني وقتئذ شاباً في الخامسة والعشرين من عمره، ضعيف الجسم والعقل، فظن السراقوصيون الماكرون أنه لهذا السبب سيحكمهم حكماً رحيماً يترك لهم فيه الحبل على الغارب. وكان له من عمه ديون Dion والمؤرخ فلستيوس مستشاران قديران. فأما ديون فكان رجلاً واسع الثراء ولكنه جمع إلى ثرائه حبه للآداب والفلسفة، وكان من أوفى تلاميذ أفلاطون وألصقهم به. وأصبح عضواً في المجمع العلمي وعاش في داخل بيته وخارجه عيشة البساطة الفلسفية. وخطر بباله أن الطاغية الجديد الشاب اللدن العود سوف يتيح له الفرصة لأن يقيم على الأقل حكماً دستورياً يُستطاع به توحيد صقلية بأجمعها وتمكينها بسبب هذه الوحدة من القضاء على سلطان القرطاجيين فيها، هذا إذا لم يتمكن من أن يجعل منها "المدينة الفاضلة" التي وصفها له أفلاطون.

ودعا ديونيشيوس الثاني بناءً على اقتراح ديون، أفلاطون إلى بلاطه، فلما قبل أفلاطون الدعوة تتلمذ عليه ديونيشيوس وصار من أتباعه. ومما لاشك فيه أن الشاب الطاغية أراد أن يظهر للفيلسوف خير طباعه، فأخفى عليه إدمانه الخمر والعهر(47)، الذي جعل أباه يتنبأ أن الأسرة ستنقرض بموت ولده. وانخدع أفلاطون برغبة الشاب الظاهرة في الفلسفة فقاده إليها من أصعب السبل - من سبيل العلوم الرياضية والفضيلة. وعلَّم الحاكم، كما علَّم كنفوشيوس دوق لو، أن المبدأ الأول من مبادئ الحكم هو القدوة الصالحة، وأنه إذا أراد أن يُصلح شعبه، فعليه أن يجعل نفسه أنموذجاً لهم في الذكاء والنية الحسنة، وشرعت الحاشية كلها تدرس الهندسة، وتقف مذهولة سياسياً أمام خطوط مرسومة في الرمل. ورأى فلستيوس أن مقام أفلاطون أصبح أعلى من مقامه، فهمس في أذن الطاغية أن ذلك كله لم يكن إلا مؤامرة أراد بها الأثينيون، الذين عجزوا عن فتح سراقوصة بقوة الجيش والأسطول، أن يستولوا عليها بعمل رجل واحد، وأن أفلاطون بعد أن استولى على القلعة المنيعة بالرسوم والحوار، سَيُنزل ديونيشيوس عن عرشه، ويجلس ديون مكانه. ووجد ديونيشيوس في هذا الهمس فرصة قيمة للنجاة من متاعب الهندسة، فنفى ديون، وصادر أملاكه، ووهب زوجته لرجل من رجال البلاط كانت ترهبه. وغادر أفلاطون سراقوصة، رغم تأكيد الطاغية له بأنه يحبه أشد الحب، وانظم إلى ديون في أثينة. وبعد ست سنين من ذلك الوقت عاد إلى سراقوصة استجابة لطلب الملك نفسه، وألح عليه في أن يستدعي ديون، ولما رفض ديونيشيوس رجاءه اعتزله أفلاطون وآوى إلى المجمع العلمي(48).

وفي عام 357 جند ديون من بلاد اليونان القارّية، وكان وقتئذ فقيراً في المال غنياً في الأصدقاء، قوة مؤلفة من ثمانمائة رجل أبحر بهم إلى سراقوصة، ودخل فيها سراً فألفى الأهلين شديدي الرغبة في تأييده. وكانت معركة واحدة نال فيها النصر ببسالته، مع أنه كان وقتئذ في سن الخمسين، كافية لهزيمة جيش ديونيشيوس، ودب الرعب من هولها في قلب الملك الشاب فآثر الفرار إلى إيطاليا. وفي هذا الوقت عزلت الجمعية السراقوصية ديون من القيادة، وكان هو الذي دعاها إلى الاجتماع، خشية أن ينصب نفسه حاكماً بأمره. وكانت في عملها هذا تجري على ما طبع عليه اليونان من الاندفاع وعدم التبصر في العواقب. وانسحب ديون في سلام إلى اليونتيني؛ ولكن جيوش ديونيشيوس شجعها تقلب الأحداث فهاجمت الجيش الوطني على حين غفلة، وبددت شمله. وأرسل الزعماء الذين كانوا قد عزلوا ديون من القيادة يطلبون إليه أن يعود مسرعاً ويتولى قيادة جيش الشعب، فاستجاب إلى دعوتهم، وانتصر على أعدائه مرة أخرى، وعفا عن الذين قاوموه، وأعلن قيام دكتاتورية مؤقتة قال إنها ضرورية لعودة النظام إلى البلاد، وأبى أن يكون له حرس خاص مخالفاً بذلك نصيحة أصدقائه، وقال إنه "يفضل أن يموت على أن يعيش على حذر دائم من أصدقائه وأعدائه على السواء"(49). واحتفظ بدلاً من هذا الحرس بحياته المتواضعة المعتدلة رغم ما كان يحيط به من الثراء وقوة السلطان.

ويقول پلوتارخ "إنه، وإن كان قد نال ما يشتهيه من النجاح، لم يكن يرغب في أن ينال فائدة عاجلة أتاحها له حظه الطيب... فاكتفى بقدر معتدل من الثراء راعى فيه جانب الاقتصاد، وأدهش بذلك الناس جميعاً. وبينما كانت صقلية وقرطاجة وبلاد اليونان بأجمعها ترى أنه قد بلغ أعلى مراتب النعيم والثراء، وأن ليس بين الأحياء جميعاً من هو أعظم منه، أو بين القواد من هو أوسع منه شهرة في البسالة والظفر، كان يبدو في حرسه، وحاشيته، وعلى مائدته، أنه يشترك مع أفلاطون في المجمع العلمي. ولا يعيش بين ضباطه المأجورين وجنوده المرتزقة الذين يجدون في ملء بطونهم بلذيذ المأكل والمشرب والاستمتاع بلذائذ الحياة عزاء لهم عن كدحهم المتواصل وما يتعرضون له من الأخطار"(50).

وإذا أخذنا بقول أفلاطون فإن ديون كان يبغي إقامة ملكية دستورية، وإلى إصلاح حياة السراقوصيين وأخلاقهم على مثال الحياة والأخلاق الإسبرطية، وأن يعيد بناء المدن اليونانية المستعيدة أو المخربة في صقلية، وينشئ منها دول موحدة، حتى إذا تم له ذلك أخرج القرطاجيين من الجزيرة. ولكن السراقوصيين كانوا يحرصون أشد الحرص على النظام الدمقراطي، ولم يكونوا يتوقون إلى الفضيلة أكثر مما يتوق إليها ديونيشيوس الأول أو الثاني. فاغتال ديون صديق له، وانطلقت على أثر اغتياله الفوضى من عقالها، وأسرع ديونيشيوس بالعودة إلى سراقوصة، واستولى مرة أخرى على أرتيجيا وعلى أزمة الحكم، وسار فيه بالقسوة والفظاعة التي ينتظرها الإنسان من طاغية خُلِعَ عن عرشه ثم استرده.

وبعد، فإن الأقدار تصيب أحياناً من لا يستحقها من الأفراد، ولكنها قلما تفعل ذلك بالأمم. ثم استغاث السراقوصيون بأمهم كورنثة. وجاءت هذه الاستغاثة في وقت كان فيه كورنثي نبيل نبلاً لا يكاد يصدقه العقل ينتظر أن تتاح له فرصة يُظهر فيها بطولته. لقد كان تيمليون رجلاً من الأشراف، بلغ من حبه للحرية أنه لم يتردد في قتل أخيه تموفانيز حين أراد هذا الرجل أن يقيم نفسه حاكماً مستبداً في كورنثة. واستنزلت أمه اللعنة عليه عقاباً له على عمله هذا، وأنبهَ عليه ضميره، فاعتزل هذا القاتل الناس وآوى إلى الغابات. ولكنه سمع وهو في مأواه بحاجة سراقوصة إلى النجدة، فخرج من ملجأه، ونظم قوة من المتطوعين، وأبحر بها إلى صقلية، وقاد شرذمته القليلة بمهارة لم يرَ جيش الملك معها بُداً من الاستسلام، بعد أن ذاق البلاء من جراء براعته في القيادة، ومن غير أن يقتل من رجاله رجل واحد. ومنح تيمليون الطاغية الذليل من المال ما يمكنه من العودة إلى كورنثة حيث قضى ما بقي من حياته يعلم في المدرسة ويسأل الناس القوت في بعض الأحيان(51).

وأعاد تيمليون الدمقراطية، وهدم الحصون التي جعلت أرتيجيا معقلاً حصيناً للاستبداد، ورد عنها غارة شنها القرطاجيون، وأعاد الحرية والدمقراطية إلى المدن اليونانية. وبفضله ساد السلام وعم الرخاء صقلية جيلاً من الزمان، هرع إليها في خلاله مستوطنون جدد من جميع أنحاء العالم اليوناني. وأبى مع ذلك أن يتولى منصباً عاماً، بل اعتزل الحياة السياسية وفضل عليها الحياة الخاصة؛ ولكن الدمقراطيات القائمة في الجزيرة كانت تعرض عليه كل شئونها الكبرى تستنصحه وتعمل برأيه إيماناً منها بحكمته واستقامته. ولما اتهمه الناس من "المرشدين" بسوء استخدام سلطته أصر على الرغم من احتجاج الشعب وإعلانه شكره له واعترافه بجميله، أن يحاكم من غير محاباة حسب قانون البلاد، وحمد الآلهة على أن عادت إلى صقلية حرية الكلام والمساواة أمام القانون. ولما مات في عام 337 حزنت عليه بلاد اليونان كلها وعدَّته من أعظم عظماء أبنائها.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

من الهيمنة الرومانية إلى العصور الوسطى

المدرج الروماني
كاتدرائية سيراقوسة
كنيسة سانتا لوتشيا

رغم سنين الإنحطاط البطيئة ظلت سيراقوسة كعاصمة الحكومة الرومانية في صقلية و مقر برياتور . وظلت ميناء هاما للتجارة بين شرق و غرب الامبراطورية . انتشرت النصرانية في المدينة من خلال جهود بول طرسوس، وسانت مارزيانو أول اساقفت المدينة ، الذي جعل منها أحد المراكز الرئيسية للتبشير في الغرب . في عصر الاضطهاد نحتت سراديب للموتى ضخمة كانت وهي الثانية من حيث الحجم بعدالموجودة في روما.

و بعد فترة من الحكم الوندال سيراكيوز والجزيرة استردتها الامبراطورية البيزنطية (31 ديسمبر 535) بقيادة باليساريوس. وبين عامي 663 إلى 668 كانت سيراكوزا مقر الامبراطور كونستانس الثاني ، و كذلك كعاصمة لكنيسة صقلية.

قد فتحها المسلمون بعد حصارها فافتتح قرنين من حكم المسلمين . خسرت سيراقوسة مكانتها كعاصمة لصالح باليرمو . الكاتدرائية تم تحولها إلى مسجد و تم إعادة بناء أحياء جزيرة أوتيجيا تدريجيا وفق الاساليب الاسلامية ، و حافظت المدينة على علاقاتها التجارية المهمة ، و كان بها ازدهار نسبي في الحياة الثقافية و فنية بها : كان عاش بها شعراء عرب عديدون من أمثال الشاعر ابن حمديس أهم شعراء الصقليين في القرن الثاني عشر.

في عام 1038 استعاد الجنرال البيزنطي جورج مانياسيس المدينة مرسالا رفات سانت لوسي إلى القسطنطينية . و سميت باسمه قلعة على رأس أوتيجيا ، رغم أنها بنيت تحت حكم هوهنشتاوفن . و دخل النورمان سيراقوسة احدى آخر معاقل العرب حصينة ، في عام 1085 و بعد حصار صيفي طويل منقبل روجر الأول وابنه جوردان هاوتيفيلي ، الذي نصب كونت للمدينة. بنيت احياء جديدة ، و جرى ترميم الكاتدرائية وغيرها من الكنائس.

غزاها الملك هنري السادس عام 1194 . و بعد فترة قصيرة من حكم جنوة (1205-1220) ، الذي يحبذون تعزيز التجارة ، استولى على سيراكوزا الامبراطور فريديريك الثاني ، الذي بدأ تشييد قلعة مانياتشي و قصر الاساقفة و قصر بيلومو . أعقب وفاة فريدريك فترة من الاضطراب والفوضى الاقطاعية . في الصراع الدائر بين الممالك أنجو و أراغون ، وقفت سيراكوزا إلى جانب أراگون وهزمت أنجو في 1298. وتلقت من الملوك الإسبان الامتيازات كبيرة كمكافاة. وبرزت ألوية العائلات البارونية من خلال عن بناء قصور ابيلا و كيارامونتي و نافا و مونتالتو.

سيراقوسة الحديثة

ميناء سيراقوسة في بداية القرن العشرين

تعرضت المدينة في القرون التالية لزلازلين المدمرين في عامي 1542 و 1693 ، وفي عام 1729 لوباء الطاعون. غير التدمير في القرن السابع عشر ملامح سيراقوسة إلى الابد ، كما حدث في كل وادي نوتو فقد أعيدت بناء المدن وفق النمط الباروكي الصقلي و هو يعتبر الشكل الفني السائد في جنوب إيطاليا . أدى انتشار الكوليرا في 1837 إلى التمرد ضد حكومة بوربون. و كانت العقوبة نقل عاصمة مقاطعة إلى نوتو ، لكن الاضطرابات لم تخمد كليا ، فشارك سيراقوسيون في ثورة عام 1848 .

بعد توحيد إيطاليا عام 1865، استعادت سيراكوزا مكانتها كعاصمة للمقاطعة . وفي عام 1870 تم هدم الجدران وبناء جسرا يربط البر الرئيسى إلى جزيرة أورتيجيا. وفي السنة التالية أشئت خط السكة الحديدية.

و في الحرب العالمية الثانية لحق بها دمار كبير ناجم عن قصف الحلفاء والألمان في عام 1943. بعد نهاية الحرب شهدت الأحياء الشمالية لسيراكوزا توسع كبير و غالبا فوضوي بفصل سرعة تحول المدينة إلى التصنيع.

يتجاوز عدد سكان سيراكوزا اليوم 125،000 نسمة، وبها العديد من مناطق الجذب للزائرين المهتمين بالموقع التاريخية (مثل أذن ديونيسيوس). عملية استرجاع واستعادة المركز التاريخي ما زالت مستمرة منذ التسعينات.

ساحة الكاتدرائية

أهم المعالم

سيراقوسة وجبانة پانتاليكا الصخرية
Syracuse & the Rocky Necropolis of Pantalica
سيراقوسة وجبانة پانتاليكا الصخرية
Syracuse & the Rocky Necropolis of Pantalica
المسرح اليوناني في سيراقوسة.
أسس الاختيارثقافي: ii, iii, iv, vi
المراجع1200
Inscription2005 (29th Session)


الآثار القديمة

نبع أريتوزي و به شجرة بردي
أذن ديونيسيوس
  • معبد أپولو تحول إلى كنيسة زمن بيزنطيين وإلى مسجد تحت الحكم العربي.
  • ينبوع أريتوزا في الجزيرة أورتيجيا. ووفقا للاسطورة، اصطاد السلطعون الحورية أريتوزا ووضعت هنا.
  • المسرح وكان مدرجه واحداً من أكبر ما بناه الاغريق: به 67 صفاً مقسمة إلى 9 قواطع مع 8 ممرات. لم يبق إلا آثار من الركح والأوركسترا حيث أن الصرح (لا يزال يستخدم حتي اليوم) عدله الرومان، الذين كيّفوه بأسلوبهم المختلف في العروض بما في ذلك أيضا ألعاب السيرك. قرب مسرح توجد محاجر latomìe، واستخدم أيضا كسجن في الأزمنة القديمة وأشهر معالمها "أذن ديونيسيوس" .
  • المدرج الروماني، من عصر الامبراطورية الرومانية. وقد انتـُزِعت أجزاء من حجارته. في وسط منطقة فراغ مستطيل هو الذي استخدم في آلية المشاهد.
  • ما يسمى "قبر أرخميدس" في گروتيكيلي نيشروبوليس. زُيّن باثنين من الأعمدة، وكان قبراً رومانياً.
  • معبد زيوس الاولمبي يقع على بعد حوالى 3 كيلومترات خارج المدينة، بني حوالي القرن السادس ق.م.

معالم أخرى

ساحة الكاتدرائية
قلعة مايناتشه
قصر بنڤنتانو دل بوسكو
قصر مونتالتو
  • قلعة مايناتشه ، شيدت بين 1232-1240، هو مثال للهندسة العسكرية في عهد فريدريك الثاني. وهي مربعة الهيكل مع برج دائري في كل زواية. ولعل أبرز ما يميزها هي البوابة، مزينة بزخارف رخامية.
  • المتحف الاثري الهام بما يحويه من الاكتشافات المحصل عليها من أواسط العصر البرونزي إلى القرن الخامس ق.م.
  • قصر لانسا بوكيري (القرن السادس عشر).
  • قصر ميرگوليزي مونتالتو (القرن الرابع عشر)، والذي يحتفظ بواجهته القديمة من القرن الرابع عشر ، مع بوابة مميزة.
  • قصر المطران (القرن السابع عشر ، بعد تعديلها في القرن اللاحق). ويضم المكتبة الألاغونية تأسست في أواخر القرن الثامن عشر.
  • قصر فيرميكسيو الحاليا قاعة المدينة ، التي تضم اجزاء من المعبد الأيوني (القرن الخامس ق.م.).
  • قصر فرانشيكا نافا، مع اجزاء من المبنى الأصلي من القرن السادس عشر.
  • قصر بنڤنتانو دل بوسكو، أصلا بني في العصور الوسطى ولكن عدل على نطاق واسع بين عام 1779 وعدلت 1788 وبه ساحة جميلة.
  • قصر ميلياتشيو (القرن الخامس عشر)، مع ديكورات lava inlay.
  • قصر مجلس الشيوخ.
  • القلعة يوريالوس من بني تسعة كيلومترات خارج المدينة من قبل ديونيسيوس الأكبر والذي كان واحدا من أقوى حصون في العصور القديمة. وكان به ثلاثة خنادق مائية مع سلسلة السراديب تحت الأرض لأغراض عسكرية.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

انظر أيضاً

المصادر

  1. ^ "Siracusa, Italy". WeatherBase.com. 8 January 2008. {{cite news}}: Check date values in: |date= (help)

وصلات خارجية