رشيد سليم خوري
رشيد سليم الخوري الملقب بالقروي (1887 - 1984) أحد شعراء المهجر البارزين، من لبنان. عاش بالبرازيل وكان عضواً في الرابطة الأندلسية.
ولد سليم الخوري في قرية البربارة بلبنان عام 1887" "ولرشيد الخوري من الإخوة قيصر الذي عرف بالشاعر المدني".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
اللقب
استعان الكاتب بحكاية طريفة وردت على لسان الشاعر نفسه رواها في ديوانه حيث يذكر بأن يعقوب العودات "البدوي الملثم" سأله يوماً: كيف اخترت اسم الشاعر القروي. فيسرد له الشاعر حكاية مؤداها بأن الشاعر ولدى صدور ديوانه "الرشيديات" لم يُرق لأحد النقاد وهو "قسطنطين الحداد" فظل لفترة ينقده في جريدة "المؤدب" واصفاً الشاعر بنعوت هدفها التقليل من شأنه وشأن شعره، وذات يوم وهو يقرأ الصحيفة متابعاً نقد الناقد له، ظل يقرأ إلى أن وصل إلى قوله "من هو هذا الشاعر "الـ.. شاعر" جرن الكبَّة.. ألشاعر القروي". وبما أن الناقد كان يحاول من خلال إطلاق هذا اللقب التقليل من شأن شعره لكن الشاعر استهوته هذه التسمية وجذبه هذا اللقب فأصرَّ على التشبث به، وقد كان له ما أراد.
شخصية "رشيد سليم الخوري" كنموذج فريد للسفراء العرب الذين وهبوا أنفسهم للعروبة، والوحدة العربية، وللقضايا القومية بشكل عام، والقضية الوطنية بشكل خاص؛ بالرغم من أن "رشيد الخوري" لم يكن بجسده داخل الوطن العربي، وإنما بروحه، أما الجسد فقد هاجر به ونأى به بعيداً، مستقراً في المهجر، وبالتحديد "البرازيل" إذْ كان الشاعر "رشيد الخوري" الملقب ب"القروي" أحد شعراء وكتاب "المهجر الجنوبي" وتولّى رئاسة تحرير مجلة "الرابطة" لمدة ثلاث سنوات، ثم رئاسة "العصبة الأندلسية" عام 1958، فكان رئيسها الثاني بعد "ميشال معلوف"، وظل في المهجر مدّة خمسةٍ وأربعين عاماً؛ حيث عاد إلى وطنه - الذي قضى فيه ثلاثة وعشرين سنة - وذلك في عهد الوحدة بين سوريا ومصر عام 1958.
كتاب "القروي" يستعرض من خلاله الكاتب كثيراً من الجوانب الهامّة والغامضة في حياة هذا الشاعر وشعره "الثائر"؛ حيث احتوى الكتاب على أربعة فصول ركزت على أربع نواحٍ هي: (السيرة – الوطنية – القومية – الإنسانية) إلى جانب المقدِّمة التي تفسِّر سبب اختياره لهذه الشخصية توجز محتوى الفصول الأربعة.. يلي ا لمقدمة ما سُمي بـ"الإطلالة" وهي إيجاز للتاريخ الحضاري منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى بدء انهيار معالم هذه الحضارة وأسباب هذا الانهيار.. وقد اعتمد الكاتب - في تناولاته - جميعها على عدة مصادر زادت عن خمس وثلاثين مصدراً استعان من خلالها على إيضاح بعض الحقائق وما غمض منها، فكان ديوان الشاعر أهم تلك المصادر، والكتابُ ليس تناولاً نقدياً وإنما تعريف بالشاعر وإنتاجه والأغراض التي طرقتها أشعاره، وإيضاح المكانة التي يحتلها الشاعر بين شعراء عصره؛ إذ هو ليس سوى تذكير بشاعر – كما يقول الكاتب – " وهب نفسه للعروبة" " وإن نسيه قومه وجحد فضله أعداء الأمة والوطن سيظل خالداً".
وبدا الكاتب متأثراً كثيراً بشاعر نحو "رشيد الخوري" لا سيما وهو يخلع عليه كثيراً من النعوت والأوصاف فهو "حمل الراية واتخذ العروبة شرعةً ومنهاجاً" وهو "قدِّيس الوحدة العربية" وهو "شاعرة العروبة" "كانت قصائده في الثورة من أروع ما عرف الشعر الحديث" "ويكاد يكون فارس هذا الميدان" "لو ظهر في وطن حرٍّّ لملأ الدنيا حبّاً ونجوى" "هذا العربي الهارب من جحيم العبودية "عاش من أجل الإنسانية" "ناضل من أجل أهداف الأمة والوحدة والحرية"... إلخ.
ونحن لا بد أن نعذر الكاتب لا سيما إذا ما أدركنا أنه – أي الكاتب - كان أحد المقاتلين ضد العدو الصهيوني يوماً ما فكان أحد جنود الجبهة شرق البصرة، فكانت قصائد القروي" الثائرة" صدىً لأفعاله؛ لا سيما وهي تطرق جوانب وطنية قومية كانت سمة تلك الفترة من الزمن الماضي. ويهمنا في هذه السطور أن نبرز بعض الجوانب الهامة التي تناولها الكاتب ومنها:
ثقافة الشاعر
عن ثقافة القروي يقول الكاتب بأنها " لم تكن واسعةً لأنه انصرف إلى تحصيل لقمة العيش" والشاعر نفسه من خلال ديوانه يعترف بأنه ليس من العلم من شيء "ولكنني أميل إلى مطالعة الأخبار العلمية قبل أية قصيدة ".. يقول الكاتب" وبالرغم من هذا الاعتراف ترجم قصيدة "أطل" عن البرتغالية، بتصرف ونقل عن الأنكيرية مقاطع من قصيدة "أجراس العيد".. فإذا كان الكاتب يقول بأن الشاعر انصرف إلى لقمة العيش أكثر من انصرافه للعلم فبماذا نفسر قول الشاعر "القروي":
"صرفت شبابي أطلب العمل ثروةً
فقالوا جنونٌ والجنون الذي قالوا"
شقيت لأني بينكم غير جاهلٍ
فما بالكم لو كان لي حظ عالم"
هجرة الشاعر
عن هجرة الشاعر إلى "البرازيل" يستعين الكاتب بما قاله الشاعر عن نفسه.- واصفاً هذه الرحلة - حيث أبحر الشاعر برفقه أخيه قيصر "عام 1913 متجهاً إلى البرازيل، بعد تلقيه دعوة من عمه "اسكندر" القبطان في الجيش البرازيلي مرفقاً معها المال اللازم لهذه الرحلة، ولكن الشاعر - ولدى وصول "البرازيل"- ظل يتنقل من مدينة إلى مدينة، ليستقر به المقام في مدينة "صنبول" ونجده في بداية إقامته متنقلاً من مدينة لأخرى، وقد ضاق به الحال واشتد به الضيق نتيجة بُعده عن الوطن؛ فيلجأ إلى القصيد لينفث من خلاله زفراته وأحزانه:
"يا دهرُ قد صيَّرت حالي غبرة
بُعدٌ ووجدٌ وجوىً وعبرة"
وقال: "نأت عنك الأحبة والديار ُ
فدمعك والأسى وطن، وجارُ"
وقال: "أهمومٌ لا أزال لها أسيراً
وشر مصائب الحرِّ الإسارُ"
أما عن السبب الرئيسي لهجرة الشاعر فلم يكن سوى الحاجة إلى المال، حيث نجد الفاقة والفقر دافعين قويين لهذه الهجرة، إذا ما أضيف لهما الحالة السياسية والاقتصادية لوطنه آنذاك لبنان، ولكن الشاعر لم يُهزم ويقول "ما هاجمتني الفاقة إلا وواهنت قرنها بحائط من عناية الله، ولكم أمسيتُ خالي الوفاض فضحكت استهزاءً من العدم، وتساءلت: رشيد خوري يجوع!! فهذا هو القروي الشاعر.
بداية الانطلاق
في مدينة صنبول التي "ازدانت ببعض نجوم الأدب العربي، وصدرت منها صحف وتأسست جمعيات وأندية، وكانت الحفلات الأدبية، والخيرية والوطنية تقوم على قدم وساق"، في هذه المدينة يجد القروي ضالته، فاتخذها مقاماً، ومنها ينطلق صوته المجاهد ليؤدي واجبه نحو وطنه وأمته، فذاع صيته، وانطلقت قصائده الثائرة تحرِّض أبناء جلدته على الاستماتة في سبيل نيل الحرية وصون الكرامة، ظل خلال ذلك متَّصلاً بقضايا أمته ووطنه لبنان، فكانت هذه ميزة اتسم بها الأدب العربي في المهجر الجنوبي، وهي الاتصال الدائم بقضايا الأمة. يقول "نظير زيتون" "وميزة الأدب العربي في "البرازيل" أنه يستمد وحيه من الواقع العربي في الدرجة الأولى؛ ومن الحياة والتسامي الفكري في الدرجة الثانية، في حين أن الأدب العربي في الولايات المتحدة وبالتالي "أدب الرابطة القلمية" كان طابعع الرئيس وجدانيَّاً صوفيَّاً، وقف بمعزل عن الواقع العربي والقضايا العربية وإن كان ينزع بعض الأحيان إلى الاتصال الروحي والاجتماعي" ( الاتجاهات الأدبية في العالم العربي الحديث).
· نهاية الشاعر العودة إلى الوطن : وبعد خمسة وأربعين عاماً كان لا بد للطائر أن يعود إلى عشِّه الأول:
"بنت العروبة هيئي كفني
أنا عائد لأموت في وطني"
وعن مجلة "آفاق عربية" ينقل الكاتب خبر وفاة الشاعر وكيفيتها، حيث تفارقه الروح وهو متجه بالسيارة إلى قريته "البربارة".. كان ذلك صباح الاثنين 27 من عام 1984م
وصية الشاعر
كانت وصية الشاعر "القروي" - على طرافتها، وغرابتها – دالة على شخصية مزدوجة؛ إذ من خلال هذه الوصية يتضح لنا بأن الشاعر لم يكن مسيحياً خالصاً أو مسلماً خالصاً، ذاك لأنه خلط ما بين ولائه للديانة المسيحية، والديانة الإسلامية، ولا بأس أن نسرد جانباً من تلك الوصية "الطريفة" التي أوردها الكاتب مستعيناً بما كتبه الشاعر؛ فقد طلب الشاعر في وصيته أن يصلي على جثمانه شيخ وكاهن، والاقتصار على تلاوة الفاتحة والصلاة المسيحية.. كما طلب "أن ينصب على قبره شاهد خشبي متين في رأسه صليب وهلال متعانقان رمز للديانتين الإسلامية والمسيحية".
ونعلم بأن "القروي" مسيحي الديانة وينتمي إلى عقيدة "الأرثوذوكسية" التي تعتقد بالمسيح إنساناً لا إلهاً، كما تقول العقيدة "الأرثوذكسية" .. أما هل اعتنق "ألقروي" الديانة الإسلامية قبل وفاته، يقول الكاتب: لا " ولكنه اتخذ من دين العروبة سبيلاً له في الحياة".
من آثار الشاعر
- الرشيديات" أول مجموعة شعرية له طبعت عام 1916م – في البرازيل.
- "القرويات" طبع عام 1916م – في البرازيل.
- الأعاصير: شعر قومي الطبعة الأولى عام 1933م
- الزمازم: مختارات حماسية طبعت عام 1962م.
- اللاميات الثلاث منها قصيدتان للقروي، والثالثة للأمير "شكيب أرسلان".
- ديوان "القروي" صدرت طبعته الأولى عام 1952م – في البرازيل.
المصادر
- د. أحمد مطلوب: "القروي" شاعر العروبة في المهجر".
- موقع القصة السورية