رحلة السيرافي
رحلة التاجر سليمان أو رحلة سليمان التاجر أو رحلة السيرافي، هي رحلة سليمان التاجر إلى الصين والهند تلقاها مؤرخ جغرافي هو أبو سعيد حسن السيرافي، ونقلها عنه ومحّص روايتها وأضاف إليها معلومات كثيرة حول الصين نقلها عن ابن وهب القرشي الذي سافر إلى الصين في سنة 257 هـ/ 870م. ويبدو أن أبا زيد وضع اسم «أخبار الصين والهند» على مدونات السيرافي بعد إضافته معلومات ابن وهب[1].
نشاهد في هذا الكتاب قصص عن بحر يأجوج ومأجوج (بحر الهند) وأنواع سمكها والخليج الفارسي وما بحواليه من مدن والبحار المتفرعة من بحر الهند وسري لنكا ومحل هبوط آدم والمعادن الثمينة الموجودة فيه والسمك الآكل للحوم البشر ومعلومات حول الصين ووصف ملوك الهند والصين ودين أهل الصين ومذهبهم وعلوم الصينيين والهنود والجغرافية الطبيعية للصين والهند وعجائب مملكة الزنج ومدينة حلب والروم وحماة وحمص ودمشق وصرخد وبعلبك وبصرى والبلاد الجزرية.
تتميز رحلة التاجر سليمان، وتذييل أبي زيد السيرافي لها، بما فيهما معا من وصف صادق للطرق التجارية، وذكر بعض العادات، والنظم الاجتماعية والاقتصادية مع بيان أهم منتجات الهند وسرنديب وجاوة والصين وعلاقة المسلمين بالصين في القرنين الثالث والرابع. وبطبيعة الحال لعبت الخرافات والأساطير دورها في تلك الرسالة القيمة وخصوصا في وصف ظواهر الجو الخارقة مثل نافورة الماء وفي وصف حيوانات البحر مثل الحوت أو العنبر.
وتعتبر رحلة التاجر سليمان هذه، أول مرجع لعلوم البحار، وهي مخطوطة فريدة في مكتبة باريس، تحمل اسم رحلة التاجر سليمان ولم يكن سليمان وحده صاحب الرسالة بل أضاف اليها أبو زيد حسن السيرافي ما جمع من معلومات وما استقى من اخبار على ألسنة التجار ورجال البحر في بلدة سيراف.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
نسخ الكتاب
توجد نسخة فريدة وحيدة من الكتاب محفوظة في مكتبة باريس الأهلية، وقد أضاف إليها النّساخ مقدمة لا علاقة لها بمحتويات الكتاب، وزاد المشكلة تعقيداً أن المخطوطة تحمل عنواناً غير مناسب على الإطلاق، ولا يتفق مع موضوع الكتاب، هو عنوان) سلسلة التواريخ (وقد صدرت طبعة رينو سنة 1811 م تحمل هذا العنوان.
أهمية الكتاب
يعتبر الكتاب من المصادر الأجنبية الهامة التي تحدثت عن الصين. ولأهمية رحلة التّاجر سليمان فقد استوقف هذا الأثر أنظار كبار المستشرقين في القرن الثامن عشر فظهرت له منذ عام 1718 م ترجمة فرنسية، وكانت هذه الترجمة مدعاة إلى اختلاسها وإضافة أشياء من قبل بعض المغامرين ونسبتها إلى أنفسهم. ويعود الفضل في دراسة هذه الرحلة وتحقيق نصوصها إلى المستشرق الفرنسي رينو، ثم جاء بعده المستشرق الفرنسي أيضاً فيرن وأعاد تحقيقها وترجمها بمنهجيّة تذكر له.
ثم عثر في السنوات الأخيرة الببليوغرافي التركي الشهير، فؤاد سزگين خلال دراساته على نسخة أكمل من هذا الكتاب وطبعها في ضمن النصوص العربية النادرة.
وأما الكتاب الحاضر فقد طبع بالاستناد إلى نسخة باريس في أبو ظبي من قبل «المجمع الثقافي» عام 1999 بقطع رقعي وغلاف ورقي في 139 صفحة، بتحقيق عبد الله الحبشي.
وقد ترجم هذا الأثر إلى الفارسية تحت عنوان «سلسلة التواريخ» أو «أخبار الصين والهند» بواسطة الدكتور حسين قرجانلو وطبع في سنة 2003 من قبل «منشورات أساطير».
نافورة الماء
وتتحدث الرسالة عن صفات البحر الطبيعية وعن أنوائه وأعاصيره وعن أحيائه ودوابه وفي وصف النافورة يقول سليمان:
الشاي
ويعتبر سليمان السيرافي أول مؤلف غير صيني أشار إلى الشاي وذلك حين ذكر أن ملك الصين، يحتفظ لنفسه بالدخل الناتج من محاجر الملح، ثم من نوع من العشب يشربه الصينيون مع الماء الساخن، وهو يبيع منه الشيء الوفير، ويسميه أهل الصين (ساخ).
وصف جزر الهند
قال في وصف بعض جزر الهند، أن لأهلها ذهباً كثيراً، وأكلهم النراجيل، وبه يتأهدون، ومنه يدهنون. وإذا أراد أحدهم أن يتزوج لم يُزوج إلا برأس رجل من أعدائهم، فإذا قتل اثنين تزوج اثنتين... وأن قتل خمسين، يتزوج خمسين إمرأة بخمسين (قحفاً).
المسلمون في الصين
كانت هناك جموع من المسلمين في الصين في عهد أسرة تانگ، التي حكمت الصين من عام 618 م إلى عام 906م. وكان اغلبهم من التجار . كان المسلمون يبحرون من البصرة ومن سيراف على خليج الفرس - أو الخليج الصيني كما كانوا يسمونه آنئذ- وكانت سفن الصين الكبيرة تصل إلى سيراف وتشحن البضائع الواردة إليها من البصرة وتعبر المحيط الهندي مارة بسرنديب حتى تصل إلى خانفو، حيث كانت تعيش جالية إسلامية كبيرة إلا أنها خربت عام 264 هجري (878 ميلادي) بسبب القلاقل العظمى في الصين حيث قتل كثير من المسلمين. ومن بعد ذلك اقتصر سفرهم إلى كلاه في منتصف الطريق إلى الصين، واليها كانت تنتهي مراكب المسلمين المقبلة من سيراف. وكانت الرحلة تستغرق زهاء عام كامل، تبعاً لهبوب الرياح الموسمية في المحيط الهندي (كما هو معلوم في علوم الجغرافيا في ذلك العصر).
مدينة خانفو
مدينة عظيمة في الصين على نهر عظيم أكبر من الدجلة أو نحوها يصب إلى بحر الصين، وبين هذه المدينة وبين البحر مسيرة ستة أيام أو سبعة، تدخل هذا النهر سفن البحر الواردة من بلاد البصرة وسيراف وعمان ومدن الهند وجزائره بالأمتعة والجهاز، وبهذه المدينة خلائق من المسلمين والنصارى واليهود والمجوس، وغيرهم من أهل الصين، وكان نزل بهذه المدينة في سنة أربع وستين ومائتين ثائر ثار على ملك الصين من غير بيت الملك تبعه أهل الدعارة والفساد، وكثر جنده فقصد هذه المدينة فحاصرها وأتته جيوش الملك فهزمها واستباح الحريم، وافتتح هذه المدينة عنوة وقتل من أهلها خلقاً لا يحصون كثرة، وأحصي من المسلمين واليهود والنصارى ممن قتل وغرق مائة ألف، وإنما أحصي ما ذكرناه من العدد لأن ملوك الصين تحصي من في مملكتها من رعيتها وممن جاورها من الأمم وصار ذمة لها في دواوين لها، وكتاب قد وكلوا بإحصاء ذلك لما يراعون من حياطة من شمله ملكهم، وقطع هذا الثائر ما كان حول مدينة خانفو من غابات التوت إذ كان يحتفظ به لما يكون من ورقه من طعم لدود القز الذي ينتج منه الحرير.
البال أو الحوت
ويقول التاجر سليمان في وصف الحوت وهو المعروف باسم البال أو القيطس أو العنبر:
ويضيف أبو زيد حسن السيرافي في قوله[2]:
المصادر
المراجع
- شخصيات عربية، الإنتاج 1985 شركة انماء النشر والتسويق، التوزيع الشركة الشرقية للمطبوعات.