حوض محيطي
هيدرولوجياً، الحوض المحيطي oceanic basin قد يتواجد في أي مكان على وجه الأرض مغطى بماء البحر. ولكن جيولوجياً، فإن الأحواض المحيطية هي أحواض جيولوجية كبيرة تقع تحت سطح البحر. وجيولوجياً، توجد الكثير من السمات الجيومورفولوجية الأخرى تحت البحر مثل الأرصفة القارية، الأخاديد المحيطية العميقة، وسلاسل الجبال تحت البحر (ومنها أعراف منتصف الأطلنطي) التي لا تُعتبر جزءاً من الأحواض المحيطية؛ بينما هيدرولوجياً، فإن الأحواض المحيطية تضم الأرصفة القارية المحيطة بها و البحار الداخلية الضحلة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
تاريخ
تكون الأحواض المحيطية واختفاء مادة السيال منها
- مقالة مفصلة: حوض محيطي
من الموضوعات التي كانت محل نقاش العلماء، واختلفت فيها وجهات نظرهم ولم يصلوا إلى رأي قاطع بشأنها، موضوع تكون الأحواض المحيطية واختفاء طبقة السيال منها، اذ أنه اذا سلمنا بأن الكرة الأرضية قد انتقلت تدريجيا من المرحلة الغازية الأولى إلى السيولة ثم الصلابة –وما يتبع من ترتيب الكثافات الأرضية بحيث تطرد السليكات القليلة الكثافة الى الطبقات العليا من الأرض وترتكز المواد الثقيلة في باطن الأرض – اذا سلمنا بهذا لكان من المتوقع أن تغطي مادة السيال الجرانيتية التي تكون كتل القارات سطح الأرض بأكمله مكونة قشرة سطحية متصلة الأجزاء، بحيث تغلف الكرة الأرضية، ولكن مادة السيال تكاد تختفي في الواقع من قيعان المحيطات وبصفة هاصة من قاع المحيط الهادي.
ويدعو هذا بطبيعة الحال الى التساؤل عن مصير المواد السيالية التي كان مفروضا أن تملأ الأحواض المحيطية. فمن قائل بأن مادة السيال لابد أن تكون قد انتزعت من قشرة الأرض في مناطق الأحواض المحيطية، إلى قائل بأن هذه المادة مازالت تحتويها القشرة الخارجية للأرض.
أما أنصار الرأي الأول فيتزعمهم الأستاذ أزمند فيشر Osmond Fisher الذي علل اختفاء مادة السيال من قاع المحيط الهادي بالذات بأن الحوض الهائل الذي تشغله مياه هذا المحيط ما هو الا تلك المنطقة من قشرة الأرض التي سلخت منها مادة السيال لتكون كتلة القمر، وذلك في الوقت الذي تصلبت فيه القشرة الارضية (مع ملاحظة أن مادة السيال قد تم تكونها بعد أن تحولت الأرض إلى حالة الصلابة، وتم ترتيب الكثافات الأرضية بحيث ترتكز المواد الثقيلة في الباطن، وتطرد المواد الخفيفة (السيال) إلى السطح الخارجي. ومعنى هذا أن مادة السيال لم تكن قد تكونت بعد عندما كانت الأرض في حالة منصهرة)، ومما يؤيد نظرية فيشر أن حجم المادة التي تكون الكتلة الاجمالية للقمر يكفي لأن يملأ الفراغ الذي تشغله مياه المحيط الهادي بطبقة سمكها حوالي 60 كيلو مترا. وقد وجهت هذه النظرية بعض الاعتراضات التي يكفي أن نذكر منها ما يأتي:
(أ) أن سمك طبقة السيال التي تفترض النظرية انتزاعها من الأرض يفوق كثيرا سمك كتل السيال التي تكون القارات. (ب) أن كثافة المواد التي تكون كتلة القمر تزيد كثيرا على كثافة مادة السيال التي تكون الكتل القارية.
ويرد مؤيدو نظرية فيشر على هذين الاعتراضين بأن من المحتمل أن الجزء الذي انتزع من مادة السيال ليكون كتلة الثمر، لم يقتصر على هذه المادة وحدها، بل انتزعت معه أجزاء من مادة السيما، وهذا يعلل السمك الزائد والكثافة الكبيرة.
ولكن حتى مع امكان الرد على هذين الاعتراضين على هذا النحو، إلا أن نظرية فيشر عليها أن تواجه الاعتراض الرئيسي الذي يهدمها من أساسها، وهو أنه من الممكن فقط أن يحدث الانسلاخ لكتلة القمر من قشرة السيال والكرة الأرضية في مرحلة السيولة. وكما وضحنا من قبل لم تتكون طبقة السيال إلا عندما كانت الأرض صلبة بعد أن تم طرد مواد السيال الخفيفة إلى سطحها. أما انسلاخ كتلة القمر من الأرض وهي في حالة صلبة فأمر لا يمكن حدوثه من الناحية الميكانيكية.
أما أنصار الرأي الآخر القائل بأن مادة السيال مازالت تحتويها القشرة الخارجية للأرض، فيعتقدون بأن هذه المادة قد أزيحت من مناطق الأحواض المحيطية والبحار لتتركز في كتل القارات ذاتها.
وهنالك نظرية واحدة هي التي يمكن أن تفسر إمكان حدوث تلك الإزاحة وهي نظرية التيارات التصاعدية الساخنة (Convectional Currents Hypothsis)، وقد تقدم بهذه النظرية الجيولوجي الانجليزي السير آرثر هولمز A. Holmes، وكتوضيح بسيط لهذه النظرية يكفي أن نشاهد ما يحدث عند غليان سائل غليظ القوام، وما يحدث بالذات للزبد الناتج عن الغليان، إذ تعمل الحرارة القادمة من أسفل على دوران السائل دورانا بطيئا، ثم يتعرض سطح هذا السائل لتيارات تصاعدية ساخنة في الوسط تقريبا تتجه بعد ذلك أفقيا نحو الأطراف بحيث تزيح الزبد الناتج عن الغليان في طريقها، ثم تأخذ هذه التيارات مرة أخرى في الهبوط. وعند هبوط هذه التيارات يتراكم الزبد عن الأطراف لخفة وزنه وهو بهذا لا يهبط بهبوط التيارات الحرارية.
وقد حدث للكرة الأرضية شئ شبيه بهذا إلى حد كبير عندما كانت في حالة منصهرة (في مرحلة السيولة)، إذ حدثت هذه التيارات التصاعدية في بعض المناطق وانتشرت بعد ذلك أفقيا، ويعتقد الكثيرون أن مثل هذه التيارات الحرارية التصاعدية مازالت مستمرة حتى وقتنا الحالي ولكن على نطاق أضيق بكثير مما كانت عليه عندما كانت الكرة الأرضية في حالة منصهرة.
وقد تمكنت تلك التيارات التصاعدية أثناء حركتها الأفقية من إزالة مادة السيال الخفية من مناطق معينة هي التي أصبحت أحواضا محيطية فيما بعد، أما في المناطق التي كانت تتقابل فيها تيارات أفقية تابعة لنظام معين من التيارات الصاعدة مع تيارات أفقية أخرى تابعة لنظام آخر، فكانت تحدث فيها تيارات هابطة مما أدى إلى تراكمها وتركز مادة السيال فوق مناطق التيارات الهابطة ومثل هذه المناطق هي التي أصبحت كتلا قارية فيما بعد.
ومازال موضوع نشأة القارات والأحواض المحيطية حتى وقتنا هذا موضوع يحوطه شئ كثير من الغموض. ونظرية التيارات التصاعدية الساخنة لهولمز نطرية كما يبدو تطابق المنطق العلمي إلى حد كبير ولكنها لي تصبح قضية مسلما بها وبصحتها لابد أن يتناولها العلماء بالنقد لكي يتمكنوا من اكتشاف عيوبها وتلافيها. هذا وتوجد نظريات أخرى عديدة يحاول أصحابها أن يفسروا بها نشأة القارات والمحيطات، وأغلب هذه النظريات تعتمد في أساسها على مبدأ زحزحة القارات الذي خلقه العالم ألفرد لوثر فجنر وشاع وانتشر بعد ذلك في شتى وجهات العالم لمطابقته للقواعد الجيوفيزيقية وتمشيه مع ظاهرة التوازن الأرضي.
الهامش
للاستزادة
- Wright, John et al. (1998) The Ocean Basins: Their Structure and Evolution (Second edition) Open University, Butterworth-Heinemann, Oxford, England, ISBN 978-0-7506-3983-5; for pay electronic version available from ScienceDirect here