الأمير حسين الكردي
الأمير حسين الكردي (توفي 922هـ/1517م) ، الذي سماه البرتغاليون Mirocem أو Mir-Hocem[1] كان شاهبندر تجار القلزم. حشد، بصفته المدنية، أسطولاً أيام السلطان قانصوه الغوري المملوكي لمحاربة البرتغاليين. فأنعم عليه السلطان بلقب "أمير" وأقطعه مدينة جدة لحمايتها أساطيل الحجاج المسلمين القادمين إلى مكة من البرتغاليين.[2] برز كأميرال الأسطول المصري المملوكي الذي قاتل الامبراطورية البرتغالية في معارك بساحل ملبار بالهند، انتهت بهزيمته في معركة ديو في المحيط الهندي. [3]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته العسكرية
تشكيل الأسطول
في آخر أيام السلطان قانصوه الغوري المملوكي في حدود العشرين، ظهر الفرنجة البرتغال وعاثوأ أرض الهند وسواحل المحيط الهندي، ووصل أذاهم إلى جزيرة العرب وبنادر اليمن وجدة، فلما بلغ السلطان قانصوه الغوري ذلك جهز إليهم جيشا عظيماً بقيادة الأمير حسين الكردي، وجعل له مدينة جدة إقطاعا، وأمره بتحصينها، وعندما وصلها شرع في بناء سورها، وأحكم أبراجها في أقل من عام، وهدم كثيرا من بيوت الناس مع عسف وشدة ظلم بحيث بنى السور جميعه في دون عام. [4]
أراد المماليك الدخول في معركة حاسمة مع البرتغاليين لإثبات وجودهم في البحر الأحمر والمحيط الهندي ولحماية طرق التجارة الشرقية، عصب الحياة لدولتهم. وهنا أدرك المماليك أنه لابد لهم من مراكز تجارية وعسكرية لتعزيز حملاتهم العسكرية ضد خصومهم البرتغاليين، ولذا فكروا بالاهتمام بتحصين ميناء جدة التجاري والتركيز على حماية ميناء عدن الاستراتيجي في مدخل البحر الأحمر.[5]
- مقالة مفصلة: معركة كاليكوت (1502)
خرجت حملة الهند المملوكية في نوفمبر 1505م (جمادى الآخرة 911هـ)، وكان العسكر الذي خرج في هذه التجريدة ملفقا ما بين أولاد الناس - المصريين - وبعض مماليك سلطانية والغالب منهم مغاربة وعبيد سود رماة، وتراكمة وغير ذلك. وأرسل السلطان بصحبتم جماعة كثيرة من البنائين والنجارين والعمال وذلك لحماية تلك الأبراج التي أنشأها السلطان في جدة ولانشاء السور حولها لحمايتها من الغزو الأجنبي، "فكان باش المماليك الذين توجهوا في المراكب إلى جدة والتركمان والعبيد بها حسين المشرف، توجهوا نحو السويس ونزلوا هناك. وقد جهز لهم السلطان عدة مراكب مشحونة بالزاد والسلاح وغير ذلك".
وعتبر هذه الحملة، أول حملة بحرية إسلامية خرجت من السويس إلى الهند لمساعدة سلاطين المسلمين بها على حرب البرتغاليين ولطردهم من البحار الشرقية ، ولأنها الحملة الوحيدة التي قامت بمهمتها خير قيام من بين جميع الحملات التي تلتها - حتى العثمانية منها - ذلك على الرغم من هزيمتها في المعركة الثانية ضد البرتغاليين.
فقد وصل حسين الكردي ومعه مراكبه، كما يذكر نجم الدين اليمني "في ثلاث برشا، وثلاثة أغربة، من جدة إلى الجهات اليمانية ولم يعلم أحد مقصوده حتى مر بباب المندب فلما قرب من عدن ، أنزل سنبوقا فيه قاصد من قبله إلى الأمير مرجان الظافري حاكم عدن يستأذنه في الدخول إلى حقات فأذن له، فدخل في غاية ما يكون من الأدب لم يضرب نفطا (مدفع) ولا دق طبلا ولا شوش ولا غلوش، فلما استقر بالبندر، أرسل إليه الأمير مرجان يسأله قبول ضيافته، فرد عليه بأنه لولا أني مأخوذ علي من قبل السلطان قانصوه ألا أدخل عدن لدخلت إليك ومثلت بين يديك، ولكن لا يمكن مخالفة أوامر السلطان، واستأذنه في شحن ما يحتاج إليه من الماء والحطب وغير ذلك لأنه متوجه إلى الهند ، فأذن له الأمير مرجان بذلك، وتوجه حسين المصري وعساكره إلى بندر الديو بسبب قتال الأفرنج الذين ظهروا في البحر وقطعوا طريق المسلمين".
وقد كانت رحلة حسين الكردي بتلك السفن الصغيرة والقليلة العدة، تعتبر مغامرة مملوكية جرئية ضد البرتغاليين آنذاك. ومع ذلك فقد وصلت تلك الحملة المملوكية بسلام إلى الهند، وهذا يدل على أن السيطرة البرتغالية لم تكن قد اشتدت كثيرا في جنوب شبه الجزيرة العربية والطريق إلى الهند.
وعندما وصلت السفن المملوكية انضمت إليها في الحال مراكب حاكم جزيرة الديو "مالك أياز" ، وبعض القطع البحرية التابعة للممالك الإسلامية في الهند مثل سلطنة الكجرات وبعض قوارب الزامورين حاكم كاليكوت، ووصل عدد هذه القطع البحرية إلى حوالي مائة سفينة صغيرة وكبيرة. وتولى قيادة هذه المجموعة المملوكية والهندية القائد حسين الكردي ومالك أياز بهدف القضاء على الوجود البرتغالي العسكري في ساحل المليبار نهائيا. وقد قرر حسين الكردي أن يتخذ من جزيرة ديو قاعدة دائمة لهجومه ضد البرتغاليين في المياه الهندية. وتصادف في تلك الفترة وجود ابن نائب الملك البرتغالي في الهند لورانزو دالميدا في المياه الهندية القريبة من ديو ومعه أسطول برتغالي مسلح، فتحرك فورا بعد تلقيه تعليمات من والد فرانسسكو داليمدا لملاقاة هذا الخطر الإسلامي الجدي.
معركة چاول
- مقالة مفصلة: معركة چاول
في عام 1508 انضم إلى مالك عياذ، قائد أسطول سلطنة گجرات، بصفته قائدا للأسطول المملوكي في معركة چاول، حيث واجها وهزما أسطول لورنسو ده ألميدا نجل نائب الملك البرتغال على الهند فرانسيسكو دي ألميدا. وانتصرت قوات المماليك في المعركة وقتل لورنزو وأسرت قواته.
التقى الأسطولان البرتغالي والإسلامي المتحالف عند ميناء چاول فو جنوب سلطنة گجرات عام 913 هـ (1508م)، ودخل الطرفان في معركة كانت في جملتها كما يذكر بانيكار حرب مدفعية بين السفن. وقد حاول البرتغاليون بقيادة لورانزو، وتحت ستار من القصف المدفعي، القيام بمحاولة إنزال على ظهر الأسطول المصري بالذات، إلا أنهم فشلوا. واستمرت المعركة المتقطعة - كما يبدو - يومين أو ثلاثة، حتى عزم البرتغاليون على الفرار خوفا من الهزيمة، إلا أن قذيفة مصرية ذكية أصابت سفينة القيادة البرتغالية فقتل ابن نائب الملك لورانزو وقتل معه حوالي مائة برتغالي.
وقد انتهت معركة شيول بتدمير معظم سفن الأسطول البرتغالي ما عدا سفينتين استطاعتا الهرب تحت ستار النيران ولجأتا إلى كوشين وأخطرتا فرانسيسكو دالميدا بمقتل ولده وهزيمة الأسطول البرتغالي على يد الأمير حسين الكردي المملوكي. فغضب دالميدا وأرسل رسالة إلى الملك أمانويل يخبره ما حذق وقرر الانتقام، واعتبر حسين الكردي هو المسئول الأول عن هذه الكارثة التي حلت بالبرتغاليين في المياه الهندية لأول مرة، وذاقوا مرارة الهزيمة التي لم يتعودوها بعد في هذه المنطقة، ذلك أن عدوا مسلما يكافئهم في العتاد ويفوقهم في المهارة الحربية قد برز لهم في المياه الهندية. وعاد بعد هذه المعركة حسين الكردي والمتحالفين معه إلى بندر الديو حيث أقام فيه شهورا أثناء فصل المطر لاصلاح العطب الذي أصاب بعض سفنه من جراء قصف المدفعية البرتغالية. وأثناء ذلك وعندما سمع الزامورين بأخبار الانتصار أرسل إلى الكردي من كاليكوت أربعين غرابا صغيرا كمساعدة أخرى له ضد البرتغاليين.
وقد تملك دالميدا الغضب وشهوة الانتقام لمقتل ابنه على يد الأسطول المملوكي لدرجة أنهن رفض تسليم منصبه كنائب للملك في الهند للقائد أفونسو دا البوكريك الذي أطلعه على رسالة بهذا الخصوص من الملك أمانويل الأول ودعم هذا الكلام رسالة أخرى جاء بها أسطول برتغالي مكون من خمس عشرة إلى سبع عشرة سفينة حربية بعث بها الملك كدعم للأسطول البرتغالي في الهند بعد سماعه أنباء هزيمة الديو وخوفه من أن يتحول حلمه في البحار الشرقية إلى كابوس رهيب، رفض دالميدا تنفيذ الأمر الملكي بالعودة إلى لشبونة على ظهر أقرب سفينة تجارية برتغالية قادمة من الهند، إلا بعد الانتقام لمقتل ابنه لورانزو من الأسطول المصري، في معركة ديو.
معركة ديو
- مقالة مفصلة: معركة ديو
وفي 3 فبراير 1509 اندلعت معركة ديو البحرية قرب ديو، الهند، بين الامبراطورية البرتغالية وبين أسطول مشترك مِنْ سلطنةِ المماليك البرجيين مِنْ مصر، الدولة العثمانية، وسلطان گجرات محمود بگادة وزامورين كاليكوت، بالمساعدةِ البحريةِ التقنيةِ من جمهورية البندقية وجمهورية راگوسا (دوبروڤنيك). قاد فرانسيسكو ده ألميدا بنفسه معركة ديو وانتصر البرتغاليون، وكان فرانسيسكو يسعى فيها لقتل حسين الكردي انتقاماً لمقتل ابنه لورنزو ولاطلاق سراح الأسرى البرتغاليين المأخوذين في معركة چاول في العام السابق، 1508.
وكانت ديو معركة فاصلة من الناحية الاستراتيجية إذ أذنت بانتهاء سيطرة المسلمين على خطوط التجارة البحرية مع آسيا وبدء السيطرة الاوروبية على المسرح البحري الآسيوي. وتبيـّن نجاح العالم الغربي المسيحي في فتح جبهة خلفية رئيسية في الصراع مع العالم الإسلامي بعيداً عن الشرق الأوسط واوروبا؛ تلك الجبهة هي المحيط الهندي الذي كان قلب التجارة العالمية آنذاك. المعركة هيأت المسرح لسيطرة البرتغاليين (وبعدهم باقي الاوروبيين) على التجارة في المحيط الهندي للقرن التالي، وبذلك أسهمت بدرجة هائلة في نمو الامبراطورية البرتغالية (ومن بعدها الامبراطورية البريطانية).
أعد دالميدا أسطوله البرتغالي وأضاف إليه بعض القطع التي قدمت من البرتغال فحصل بذلك على مدد جديد تحت يده حوالي تسع عشرة سفينة حربية مجهزة بالمدفعية وأكثر من ألف ومائتي جندي، فخرج يريد الأسطول المصري واستولى في طريقه على الديبل وسلها، ثم هاجم سلطنة كجرا من الساحل انتقاما لمقتل ابنه ومساعدتهم للكردي.
وعندما بلغ الأمير حسين نبأ وصولهم، خرج بسفنه دونما استعداد تام ومعه بعض سفن المليباريين ومالك بن أياز واشتبك أسطول دالميدا مع الأسطول الإسلامي المتحالف عند ميناء ديو في الثالث من فبراير عام 1509م، ويذكر سرجينت أن المؤرخين البرتغاليين باروس وكاستنهيدا اتفقا على أن الحاكم العام للهند دالميدا لم يهاجم ديو، بل قام باتصالات سرية مع حاكمها مالك أياز.
وعندما بدأ القتال بين المماليك والبرتغاليين لم تكن للمعركة نتيجة فورية حاسمة، ولم يستطع أي من الطرفين ادعاء النصر لنفسه. بيد أن الأسطول المملوكي أحبطته خيانة حاكم الديو، فقرر الانسحاب، ولجأ حسين الكردي مع ما تبقى من أسطوله إلى سلطنة كجرات، واعتبر المؤرخون ذلك هزيمة له، ون هنا وصلت الأخبار إلى القاهرة في صفر عام 915 هـ (مايو 1509م)،"بهزيمة الأسطول المصري في الهند وتعرضه لكسرة فاحشة وقتل العسكر المصري عن آخره".
بهزيمة الأسطول المصري ثم رحيله عن المياه الهندية بعد عام 1509م، يمكن القول بأن البرتغاليين قد ثبتوا ادعاءهم بأنهم سادة الملاحة في البحار الشرقية، وصارت منذ ذلك لوقت تجارة المياه الهندية تحت رحمتهم مدة تربو على قرن ونصف القرن من الزمان.
والسؤال الذي يفرض نفسه عقب هذه المعركة المصرية في تاريخ الصراع الإسلامي - البرتغالي الأوروبي في بحار الشرق هو: ما هي أسباب انتصار الأسطول المملوكي في شيول 1508م، وهزيمته السريعة في ديو 1509م، في نفس المياه الهندية؟ وما يتفرع من هذا السؤال أيضا، لماذا بقى أسطول حسين الكردي أكثر من سنة في المياه الهندية بعد انتصاره في المعركة الأولى ولم يبدر بمتابعة انتصاره بمعركة أخرى ضد البرتغاليين ويعمل على تصفية وجودهم الهزيل في الهند؟ بل أتاح بذلك لهم الاستعداد التام للانتقام من المصريين بعد أكثر من عام، بينما كان مجال الانسحاب على - سبيل المثال - أمام الأسطول مفتوحا للعودة إلى عدن أو البحر الأحمر أو السويس؟ ثم كيف استطاع الأسطول الصغير المكون من عشر سفن - كما جاء في بعض المصادر - الوقوف والثبات في وجه فرانسيسكو داليمدا عندما هاجمه بعد أكثر من سنة والخروج من المعركة لا غالب ولا مغلوب كما ذكر بانيكار، على الرغم من الخسائر الكبيرة التي تكبدها كل منهما والاستعدادات الجيدة التي اتخذها دالميدا قبل المعركة والامدادات التي جاءته من البرتغال، أما الجانب الآخر المملوكي فلم يتلق بالمقابل أي مدد من القاهرة بل على العكس فإن اتصالاته بالقاهرة كانت مقطوعة قبيل المعركة.
والقضية الشائكة الأخرى في هذا السياق، هي موقف مالك أياز من حسين الكردي أثناء المعركة، فما الذي حدث أثناء فترة توقف القتال لمدة عام واستراحة الأسطول المملوكي في الديو بين حاكم الجزيرة والأمير حسين مما جعله ينقلب عليه بهذا الشكل ويقف مع البرتغاليين ويسلمهم الأسرى ويمدهم بالمؤنة هل هو الخوف فعلا من انتقام هؤلاء الصليبيين الجدد فيما لو رفض مساعدتهم كما يذكر سرجينت، ثم كيف تمت المساعدة فعلا قبل المعركة وأثناءها أم بعدها؟ فاعتمادنا على معلومة المحادثات السرية بين أياز ودالميدا تعود لمصادر برتغلية أساسا!! والأرجع أنه حدث خلاف بين الرجلين - أياز والكردي - وهذا ما يتضح عندما رفض الأمير حسين الاستماع لنصيحة حاكم الديو بالبقاء في الجزيرة لحماية ظهره أثناء نشوب القتال، فتولدت كما يبدو حالة عدم ثقة بين الرجلين، وكلاهما مملوك أصلا، مع أن بعض المصادر الأوروبية تعزو خروج الأمير حسين لعرض البحر لمنازلة دالميدا ، لغروره والاعتداد بقوته والاستهانة بقوة خصومه البرتغاليين، ثم ما هي قصة ارسال لشخص يدعى سيد علي للتفاوض مع دالميدا من قبل الأمير حسين، كما يذكر المؤرخ البرتغالي سوسا وما هي نتيجة تلك المفاضوات ولماذا انسحب الأسطول المصري إلى الكجرات؟
كل تلك التساؤلات والنقاط الغامضة في هذا الحدث تحتاج إلى أجوبة دقيقة تعتمد بدورها على مصادر حقيقية لمعرفة سبب هزيمة الأسطول المصري بقيادة حسين الكردي وانسحابه إلى الكجرات وبقائه هناك مدة من الوقت حتى طلب منه سلطانها مغادرة السلطنة بطريقة دبلوماسية، حيث شحنوا له سفنه الثلاث التي بقيت من أسطوله بالتوابل والأقمشة وغيرها من البضائع لكي يستعمل ثمنها في تحصين ميناء جدة والدفاع عنه ضد البرتغاليين، ورافقته إلى الحجاز بعض السفن الكجراتية، ولعلها صحبته لتتأكد من مغادرته نهائياً.
حملة الهند الثانية
جاءت الحملة الثانية بقيادة الريّس سليمان العثماني والقيادة العامة للإسطول للأمير حسين باشا الكردي بصفته نائب جدة، وعرفت هذه الحملة بإسم حملة الهند الثانية سنة 1515، وبلغ عدد جنودها نحو ستة آلاف مقاتل، وعدد السفن نحو عشرين سفينة، كان هدفها النهائي الوصول إلى الهند وتأمين التحصينات العسكرية في البحر الأحمر والطرق المؤدية إلى الهند. واتخذ المماليك سياسة دفاعية في البحر الأحمر قبل التوجه إلى الهند خشية من معاودة البرتغاليين الهجوم عليه وعلى جدة.
يبدو إذن، إن خطة المماليك البحرية اإستراتيجية قد تغيرت بعد فشل حملة البوكيرك على البحر الأحمر، ويبدو إنهم كانوا يهدفون إلى تحقيق هدفين؛ الأول، إغلاق البحر الأحمر أمام الغزو البرتغالي مجددا؛ والثاني، اتخاذ ميناء عدن قاعدةً لنشاط المماليك البحري في المحيط الهندي بسبب قربها من القواعد البرتغالية مقارنةً بالسويس.
ومن هنا عمل المماليك على إقامة القواعد البحرية على السواحل اليمنية في عدن وجدة وعلى الجزر الإستراتيجية مثل كمران ودهلك.
وليس من الواضح فيما إذا كانت لدى حسين باشا الكردي أية توجيهات من السلطان قانصوه الغوري بإحتلال عدن في حال رفض حاكمها الطاعة، أم انه كان تصرفا اجتهاديا أملته عليه الظروف، لاسيما حينما وجد السلطان عامر بن عبد الوهاب يتراجع عن وعوده التي قطعها للمماليك أثناء حملة البوكيرك سنة 1513 حينما أبدى استعداده للتعاون معهم وفتح أراضيه لإقامة قواعد بحرية للجيوش المملوكية للدفاع عن أراضيه، ثم تغير موقفه حينما فشل الهجوم البرتغالي على عدن من دون مساعدة خارجية لتأخر وصول الإسطول المملوكي إلى اليمن، فتراجع السلطان عامر عن الوفاء بوعوده للمماليك، ربما بسبب نصائح بعض مساعديه الذين نصحوه بعدم الاكتراث للمماليك خشية أن يطمعوا بالاستيلاء على اليمن. [6]
وهنا قابل حسين باشا الكردي تراجع سلطان عدن بالقوة المسلحة لدواعٍ أمنية وإستراتيجية، وربما لأطماع شخصية أو لرغبته في حكم اليمن والحجاز أيضا بوصفه نائب جدة الرسمي. فقام بمهاجمة السواحل اليمنية التابعة للسلطان عامر بن عبد الوهاب، وهنا توالت الأحداث سريعا بشكل مأساوي. فقد أوفد الإمام شرف الدين الزيدي مبعوثه إلى جزيرة كمران التي يتواجد بها حسين باشا الكردي بجيشه وأسطوله، وسلمه رسالة وصف فيها عامر بن عبد الوهاب بأنه عدو الله الجائر.
وقد شجع هذا الموقف حسين باشا الكردي على غزو الدولة الطاهرية، فانحرفت الحملة المملوكية عن أهدافها الأصلية وبدأت منذ تلك اللحظة تغوص في مشكلات اليمن القبلية والعشائرية، فضلاً عن خيراتها التي كانت تغري المماليك بغزوها والاستئثار بثروتها.
وعندما علم أعداء الطاهريين بنيّة الإسطول المملوكي على مهاجمة اليمن تكتلوا ضد الطاهريين. ومن بين هؤلاء أمير ميناء اللحية الذي سارع للاتصال بالمماليك وساعدهم بما يمكن أن تقدمه جزيرة كمران. ليس هذا فحسب، وإنما عمل دليلا لهم في مناطق الداخل اليمني للقضاء على معارضيهم هناك. ولما رأى أهالي قرية (ضحى) الزيدية تقدم مندوبهم إلى حسين باشا الكردي وبايعوه وطلبوا منه أن يرسل معهم (200) مملوك، وتعهدوا بتزويده بالمؤونة فيما لو تمكن من استعادة قريتهم له، فتقدم المماليك مع الزيديين إلى تلك القرية واستولوا عليها.
ويُذكر أن سبب تفوق المماليك عند نزولهم اليمن أول مرة يعود إلى إن أهل اليمن لم يكونوا يعرفون البنادق ولا المدافع. فحينما بدا المماليك بقذف اليمانيين بمدفع كبير، خافوا منه وانهزموا، واخذوا قذيفة المدفع بعد سقوطها وبدأوا يتفرجون عليها ويفرّجون الناس عليها، وهم متعجبون من شكلها.
وهكذا تمكن المماليك من النزول إلى أرض اليمن، فدارت بينهم وبين قوات السلطان عامر بن عبد الوهاب معارك متعددة، كان ينهزم فيها ويتراجع، حتى نزل الأمير حسين باشا الكردي بنفسه من كمران بألف فارس انضم إليهم الزيديون، فدخل مدينة زبيد في سنة 1510 واستولى عليها.
فهرب السلطان عامر وأخوه عبد الملك وولده عبد الوهاب بعد أن كانوا يدافعون عن البلدة بكل قوة. أما حسين باشا الكردي وجنوده فقاموا بنهب مدينة زبيد مدة ثلاثة أيام وخربوا البيوت وسبوا النساء والصبيان. ثم توجه السلطان عامر بن عبد الوهاب إلى مدينة تعز، في حين بقي حسين الكردي بمدينة زبيد مدة (27) يوما آخر، صادر خلالها أموال المدينة وسبى أهلها. وبلغت غنائمه من مدينة زبيد وحدها نحو عشرة آلاف (اشرفي) ذهبي. ثم خرج من المدينة والتقى بالريّس سليمان العثماني على ظهر الإسطول وتوجها معا إلى عدن لإحتلالها، وعيّن على المدينة بارسيباي المملوكي.
وهكذا تغير الهدف المملوكي من التصدي للبرتغاليين إلى محاربة الطاهريين، فقد تعرضت عدن لقصف الإسطول المملوكي الذي كان قد اُعد أساسا لمحاربة البرتغاليين في الهند، وهدم الإسطول المملوكي أجزاءً كبيرة من أسوار المدينة. ومع ذلك، لم يستطع المماليك السيطرة عليها، وسقط عدد كبير من الجانبين المملوكي واليماني. ووصلت نجدة من السلطان عامر بن عبد الوهاب الطاهري بجيش يقوده أخوه عبد الملك بن عبد الوهاب ودخل عدن. وهنا تسرب اليأس إلى سليمان العثماني وحسين الكردي من الاستيلاء على عدن وذلك بفضل مناعة المدينة وقوة تحصيناتها، فتركا عدن بعد أن سلبا المراكب التجارية في الميناء وأخذوها معهما.
يبدو أن السلطان الغوري قد استلم رسالة من الأمير حسين، كما يذكر ابن إياس، في شعبان عام 914 هـ. وربما كانت تلك هي الرسالة الوحيدة التي بعث بها الكردي من الهند إثر انتصاره الأول على الأسطول البرتغالي بعد معركة شيول عام 1508م. وقد طلب حسين في رسالته عسكرا ثانيا حتى يتقوى به على من بقى من عسكر الفرنج كما طلب سفنا جديدة تعوضع عما فقده من سفن. ومن هنا نجد السلطان وقد شرع في اعداد حملة جديدة في السويس سميت أيضا بتجريدة الهند، ويمكن أن نعتبرها الثانية حيث يحدثنا ابن إياس عنها قائلا: "إن علاء الدني ناظر الخاص، خرج في المحرم سنة 915هـ، وتوجه إلى نحو الطور لأجل عمارة المراكب التي أنشأها السلطان هناك بسبب تجريدة الهند". والتاريخ المذكور هنا سابق على تاريخ وصول الأنباء بانكسار الأسطول المصري في الهند (26 صفر 915هـ) بما يقرب من شهر ونصف الشهر، أي أن اهتمام الغوري بانشاء أسطوله الجديد في السويس لم يأت نتيجة لانسحاب الأسطول المصري من المياه الهندية.
وقد أخذ الغوري يواصل إنشاء أسطوله لحملة الهند الثانية رغم عودة حسين الكردي مهزوماً من المياه الهندية، وذلك لازدياد هواجس السلطان من الأنباء التي وصلت لمسامعه القائلة بأن البرتغاليين عازمون على الاستيلاء على الحجاز وتدمير الأماكن الإسلامية المقدسة فيه. وكان مما أكد له هذه الهواجس، بالإضافة للحروب الكلامية التي بدأتها حكومة لشبونة آنذاك، أن الشريف بركات أمير مكة أرسل للغوري في شهر جمادى الأولى 916هـ (أغسطس - سبتمبر 1510م)، رسالة يذكر فيها أنه قبض على ثلاثة أشخاص تسللوا إلى داخل مكة متظاهرين بأنهم مسلمون، فارتاب فيهم رغم زيهم التركي، وعندما كشف من ملابسهم وجدهم بغير ختان!! وبذلك تأكد بأنهم غير مسلمين ومن النصارى "وأنهم دواسيس (جواسيس) من عند بعض ملوك الفرنج فقبض عليهم ووضعهم في الحديد وبعث بهم إلى السلطان الغوري".
ولم ييأس السلطان الغوري وسط الظروف الصعبة التي كانت تعيشها دولة المماليك آنذاك، فرغم الأزمات الحادة والخانقة التي تحيط به والتي لا حصر لها فقد قام بتوفير الأموال من جديد من أجل بناء أسطول الحملة الثانية للهند، وقد تكبد الشعب المصري الأمرين حتى تم تجهيز الحملة حيث دفع أموال الضرائب بشكل متزايد ولم يبخل على جيش المماليك الذي أعد للذهاب مع الحملة الثانية. وقد استغل الغوري أيضاً حالة الوئام التي كانت تعيشها الدولتان العثمانية والمملوكية في تلك الفترة من حكمه، فأرسل يطلب العون من جارته المسلمة الكبرى، بعد اعتذار شريكته في التجارة - البندقية - منعا للاحراج الذي كانت تشعر به أمام حكومات أوروبا وشعوبها النصرانية حين تقدم مساعداتها للمسلمين.
إلا أن الحملة المملوكية للهند تأخر خروجها حتى عام 921 هـ لأسباب عديدة مرت بها القاهرة في تلك الأثناء منها قلة الموارد الاقتصادية للدولة مع ازدياد الحصار البرتغالي لطرق التجارة الشرقية التي كانت تصب في خزينة الدولة المملوكية، ولانشغال الغوري نفسه في إخماد حركات العصيان بين صفوف جنوده في القاهرة، حيث قام المماليك الأجلاب بنهب بيوت الأمراء وأسواق القاهرة وإحراق البيوت.
ويبدو أن أخبار هذه الاستعدادات المصرية وصلت إلى نائب الملك في الهند آنذاك أفونسودي البوكريك عام 1512م، فأخذ يعد العدة لتوجيه حملة إلى البحر الأحمر. وهذا ما كتبه إلى سيده أمانويل الأول بتاريخ 1 إبريل 1512م "إن أعظم ما يتهدد جوا من الكوراث هي الأنباء الملحة المتواصلة عن مجئ الروم (المصريين)، إنها مصدر خطر عظيم على الهند، وتسبب للمواطنين والنصارى على السواء كثيرا من القلق وعدم الاستقرار، وما لم نذهب إلى البحر ونثبت لهؤلاء الناس، أنه لا يوجد من المخلوقات ما يسمى بالروم فلن يشعر رعاياكم بالسلام في هذه الأطراف".
ولم ينتظر البوكريك بعد هذه الرسالة طويلا، فقد انطلق عام 919 هـ (1513م) على رأس حملة بحرية كبيرة ليستولى على عدن ويغلق مدخل البحر الأحمر في وجه التجارة المملوكية ويوقف الحملة المزمع ارسالها إلى الهند من السويس.
وعندما علم الغوري بوصول البوكريك إلى البحر الأحمر رغم هزيمته أمام أسوار مدينة عدن، أرسل على الفور قائده البحري حسين الكردي ومعه جماعة من الجند ليتوجه إلى جدة ويستقر في نيابتها على عادته وعين أميرا آخر ليسافر أيضاً معه تكون مهمته كشف أخبار الفرنج وحماية الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وأمره بالبقاء هناك إلى أن يتم تجهيز حملة الهند بكاملها، ذلك على الرغم من أن أوضاع القاهرة كانت تيسير من سيء إلى أسوأ.
ويبدو أن البوكريك قد وصلته أنباء توجه الكردي والجنود على عجل إلى جدة أثناء تواجده في البحر الأحمر فتجنب القائد البرتغالي الاصطدام بالمماليك وقفل راجعا إلى عدن مرة أخرى ثم إلى الهند.
وحين انتهى الغوري من اعداد الحملة التي تكونت من عشرين سفينة من نوع الغراب، زودها بالمدافع التي حصل عليها من العثمانيين وغيرها منا الأسلحة، وكان قد أشرف على بناء هذا الأسطول، كما يذكر ابن إياس، الريس سلمان العثماني، وقيل أن نفقة البناء بلغت أكثر من أربعمائة ألف دينار، أبحر الأسطور في محرم 921 هـ (فبراير 1515م)، في نفس الوقت الذي كان فيه السلطان الغوري يستعد للخروج إلى الشام لمواجهة الزحف العثماني على الحدود الشمالية للدولة المملوكية في عهد السلطان سليم الأول العثماني.
ويعتقد الدكتور مصطفى سالم في كتابه الفتح العثماني الأول لليمن، أن الغوري ربما فكر بعد نجاح البوكريك - كأول قائد برتغالي - في دخول البحر الأحمر، أنه من الضروري الاستيلاء على ميناء عدن الاستراتيجي وإغلاق البحر الأحمر في وجه البرتغاليين حتى لا يقتربوا من جدة والاماكن المقدسة والسويس، وهذا كان أحد أهداف حملة الهند الثانية كما يبدو. ولعل في هذا الأمر ما يفسر تغير موقف السلطان اليمني (عامر بن عبد الوهاب الطاهري) من الحملة المصرية خصوصا وأنه قد سبق وأن وعد في رسائل بعث بها إلى الغوري بتقديم المساعدة اللازمة للحملات التي تجهزها القاهرة لحرب الفرنج عند مرورها بالموانئ اليمنية. ولكن عندما وصلت "تجريدة الهند الثانية" بقيادة الكردي إلى جزيرة كمران وشرعت في بناء حصن بها في شهر ذي القعدة 921 هـ (1515م) رأى السلطان عامر بن عبد الوهاب أن المماليك قد أرسلوا حملتهم تلك هذه المرة للبقاء في السواحل اليمنية بحجة حمايتها من البرتغاليين وثم هذه المرة للبقاء في السواحل اليمنية بحجة حمايتها من البرتغاليين وثم احتلالها، فلم يجد السلطان عامر من وسيلة لابعاد هذه العملة عن سواحله سوى رفض مساعدتها بالمؤنة والطعام والماء، مما أثار غضب الأمير حسين الكردي ورجاله. فكانت تلك هي الشرارة التي أشعلت حرب اليمن بين المماليك والدولة الطاهرية، وهذا ما سوف نتعرض له بالتفصيل لاحقا.
ويلاحظ أنه رغم وجود قيادة مشتركة عثمانية مملوكية ومشاركة الدولتين فعلياً في تجهيز حملة الهند الثانية عام 1515، إلا أن هذه الحملة لم تطلق قذيفة واحدة في وجه البرتغاليين ولم تغادر البحر الأحمر. ومع ذلك ظل الشعور بالخطر المصري المملوكي جاثماً على صدور البرتغاليين في المحيط الهندي يقض مضاجعهم ولم يتنفسوا الصعداء إلا عندما تطوع السلطان سليم الأول بالقضاء على الدولة المملوكية في موقعة مرج دابق 1516م ثم الريدانية 1518 م. وتوقفت بذلك النصر العثماني المحاولات الإسلامية الأولى لطرد البرتغاليين من البحار الشرقية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وفاته
عند هذه المرحلة استولى السلطان سليم الأول على مصر سنة 1517، وبذلك سقطت دولة المماليك، فأصبحت اليمن تابعة للعثمانيين، لاسيما إن شريف مكة، الشريف بركات، بادر إلى إرسال ولده إلى السلطان سليم في مصر ليعلن خضوعه وولاءه للدولة العثمانية، فولاّه سليم الأول على ولاية الحجاز بكاملها، بما فيها جدة. فما كان من الشريف بركات إلا أن احتال على الأمير حسن باشا الكردي وطلب منه أن يأتي للتباحث معه في أمر جدة، فذهب حسين الكردي إلى الحجاز وقابل الشريف بركات في المدينة المنورة.
وهناك دبر له الشريف مؤامرة للتخلص منه، فأرسله إلى مصر، ولما كان في عرض البحر قامت مجموعة من العبيد بإغراقه في البحر الأحمر أمام جدة سنة 922هـ/ 1517م،[7] [8] وذلك انتقاما منه بسبب أعماله القاسية ضد أهل الحجاز وجدة أثناء ولايته عليها، حينما كان يأخذ أموالهم ليبني أسوار المدينة وحصونها. والحقيقة انه لولا تلك التحصينات ـ التي يعود إليه الفضل في بنائها ـ لما صمدت جدة أمام الحملة البرتغالية الكبيرة بقيادة سواريز سنة 1517، وذلك باعتراف البرتغاليين أنفسهم.
وصلات خارجية
Duarte Barbosa (c. 1518 A.D.). "Vol 1: Including The Coasts Of East Africa, Arabia, Persia And Western India As Far As The Kingdom Of Vijayanagar. Vol. II: Including The Coasts Of Malabar, Eastern India, Further India, China And The Indian Archipelago.". An Account Of The Countries Bordering On The Indian Ocean And Their Inhabitants. {{cite book}}
: Check date values in: |year=
(help); Unknown parameter |coauthors=
ignored (|author=
suggested) (help)
المصادر
- ^ The book of Duarte Barbosa By Duarte Barbosa, Fernão de Magalhães, Mansel Longworth Dames
- ^ Kuzhippalli Skaria Mathew, Portuguese trade with India in the sixteenth century, p.39, Manohar, 1983
- ^ فرنياو لوپيز ده كاستانهدا Fernão Lopes de Castanheda, "História do Descobrimento e Conquista da India pelos Portugueses", p.12
- ^ ابن العماد الحنبلي. شذرات الذهب في أخبار من ذهب. pp. 8/175-176.
- ^ محمد حميد السلمان (2000). الغزو البرتغالي للجنوب العربي والخليج في الفترة ما بين 1507 - 1525م. مركز زايد للثقافة والنشر.
- ^ "المحاولات البرتغالية للسيطرة على عدن البحر الأحمر". منتديات ستار تايمز.
- ^ "[[s:الكرد خارج كردستان|الكرد خارج كردستان]]/الحلقة(6) الكرد في بلاد مصر". وحدة العمل الوطني لكرد سورية.
{{cite web}}
: URL–wikilink conflict (help) - ^ محمد أمين زكي (1364هـ/1945م). مشاهير الكرد وكردستان. بغداد: مطبعة التفيض الأهلية. pp. 1/183.
{{cite book}}
: Check date values in:|year=
(help)