الحرب الإسبانية المغربية (1859)
| ||||||||||||||||||||||||||||
.svg){kind=small}
الحرب الاسبانية المغربية سنة 1859، وتـُعرف باسم الحرب الافريقية في اسبانيا (إسپانية: La Guerra de África)، كانت حرباً من 1859-1860. وقد بدأت بصراع على حدود المستعمرة الاسبانية سبتة ودارت رحاها في شمال المغرب.
بعد النصر الاسباني في معركة تطوان، سعى المغرب للسلام.
كتب أحمد بن خالد الناصري (ت. 1897) عن الحرب الإسبانية المغربية التي وقعت ما بين1859 ـ1860 قائلا: "ووقعة تطوان هذه هي التي أزالت حجاب الهيبة عن بلاد المغرب واستطال النصارى بها وانكسر المسلمون انكسارا لم يعهد لهم مثله وكثرت الحمايات ونشأ عن ذلك ضرر كبير". انضافت "حرب تطوان"، التي أضفى عليها الأسبان بسرعة طابع الحرب القارية La guerra de Africa ، للفجوة المفتوحة في المغرب سنة 1844 ـ 1845 إضافة إلى الالتزامات المفروضة على المغرب سنة 1856، لتشكل المنعطف الأكثر تأثيرا في تاريخ المغرب خلال القرن التاسع عشر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أهداف أسبانيا من الحرب
كانت إسبانيا تعتقد بأن لها "حقوقا جغرافية تاريخية" وضعية خاصة بالمغرب بحكم ماضي وجودها بالأراضي الأفريقية. ففي سنة 1848، عمدت إلى احتلال الجزر الجعفرية الواقعة على مصب نهر ملوية بدون أن تستعمل القوة. وقد شجعتها على القيام بذلك الانتصارات التي حققتها فرنسا بالمنطقة وتزايد التأثير البريطاني، مما جعل طموحاتها قريبة من التحقيق فأخذت تتحين الفرصة السانحة للعب دور سياسي على الرقعة المغربية.
ولم تتأخر الفرصة المنتظرة من الظهور، إذ كانت الغارة التي شنتها قبائل أنجرة الريفية ضد الأسبان إثر قيامهم بإنشاء مترس جديد على الجهة الخارجية لسور مدينة سبتة في صيف 1859 كافية لاستغلالها كمبرر من أجل إعلان الحرب على المغرب. وقد مثلت هذه الحرب بالنسبة لرئيس المجلس الحربي، الجنرال أودونيل امتيازا آخر لمواصلة احتلال مزيد من الأراضي حتى يتم شغل الرأي العام الأسباني بقضية "حرب إفريقيا" وتحويل أنظاره عن المشاكل الاقتصادية العميقة التي كانت تتخبط فيها أسبانيا من قبيل المضاربات المالية وفضائح القصر التي كانت تهدد استقرار العرش.
.jpg)
شكلت وفاة السلطان مولاي عبد الرحمان بمكناس يوم 28 أغسطس 1859 ظروفا ملائمة إضافية لتمكين إسبانيا من مرادها. فبالاستناد على مبررات ودسائس معتادة، صعدت أسبانيا من وعيدها للمغرب. فقد ألحت على تسليم ثلة من أعيان قبيلة أنجرة، التي حملتها مسؤولية الهجوم الذي قامت به القبائل الريفية المحاذية لسبتة ضدا على إحداث المترس. وحرصا منه على تفادي أي صدام محتمل غير محمود العواقب، حاول السلطان الجديد سيدي محمد بن عبد الرحمان (1859 ـ 1873) وبمساعدة من إنجلترا اقتراح تقديم تعويضات مادية لأسبانيا وصلت إلى حد الاستعداد إلى إعادة رسم الحدود مع مدينة سبتة، والتي كانت إسبانيا تصر منذ مدة بعيدة أن تلحق إليها الأراضي الواقعة بأعالي منطقة بليونيش. غير أن حكومة مدريد رفضت ملتمس السلطان وأعلنت الحرب على المغرب يوم 24 أكتوبر 1859، وقامت بإنزال حوالي 50.000 جندي بمدينة سبتة، وبدأت بقنبلة المراسي المغربية.
مراحل الحرب الرئيسة
كانت القوات المغربية تتكون من 5.600 مقاتل نظامي تحت رئاسة مولاي العباس أخ السلطان، وبجانبها انضم بعض المتطوعين الذين تم استنفارهم من قبائل معددة باسم الجهاد لمواجهة الضغط العسكري الذي كثفت إسبانيا من حدته على المستويين البحري والقاري.
ففي بداية اللقاء بين الطرفين المتقاتلين، دارت الحرب على المغاربة بشكل دفع بالجنرال الإسباني إلى نهج أقسى الطرق القتالية من أجل تحقيق ما كان يعتبره قصاصا في حق منازليه. ومن جهة المغاربة، فقد راعهم هول النزال من جراء الكثرة العددية لعدوهم المتسلح بعتاد حربي لا قبل لهم به فتشتت شملهم وبشكل سريع. وأمام العجز الصارخ عن توحيد الصفوف واستجماع قوتهم، لم تتمكن الجيوش المغربية من استغلال فرصة الإجهاد الذي نال من عدوهم ومن انتهاز العثرات اللوجيستيكية التي واجهتهم، ومن معاناتهم من المطر الذي عاق سيرهم، ومن انتشار مرض الكوليرا في صفوفهم. لقد تمكن جنود أودونيل من التقدم داخل التراب المغربي والزحف على مدينة تطوان وأجبروا مولاي العباس على التراجع واللجوء إلى المنطقة الجبلية الواقعة بين تطوان وطنجة.
أمام الهلع والاضطراب العام الذي أعقب تشتت جيش الخليفة والجلاء السريع عن تطوان، عاش سكان هذه المدينة ليلة مرعبة (5 فبراير)، اتسمت بانتشار أعمال النهب بأحياء المدينة وملاحها. واستسلمت المدينة أمام تهديد الجنرال أودونيل يوم 6 فبراير1860، فدخلتها جيوشه. ولم يكن احتلالها إيذانا بنهاية الحرب، فقد فتح مولاي العباس قنوات للتفاوض ابتدأت أولاها يوم 11 فبراير 1860 وتوجت بلقاء مع أودونيل يوم 23 فبراير. غير أن شروط الصلح القاسية التي كان هذا الأخير يسعى إلى إملائها على الطرف المغربي، قد أجبرت الخليفة على مواصلة القتال لحمل العدو على تليين مواقفه وقطع طريق طنجة أمامه. واندلعت مناوشات ضارية بين الطرفين يوم 23 مارس بـ Oued Ras، تمكن فيها الأسبان من التفوق نتيجة استعانتهم بالمدفعية. وتنازل الإسبانيون خلال المفاوضات الجديدة التي أعقبت هذه المعارك عن شرط تسليم تطوان، وذلك نتيجة الخسائر التي تكبدوها.
معاهدة واد راس
بعد هدنة مدتها 32 يومًا ، تم التوقيع على معاهدة واد راس في تطوان في 26 أبريل ، معلنة أن إسبانيا هي المنتصر في الحرب والمغرب هو الخاسر والمذنب الوحيد فيها. نصت الاتفاقية على ما يلي:
- إسبانيا توسع أراضي سبتة و مليلية إلى الأبد.
- وقف التوغلات المغربية في سبتة ومليلية.
- المغرب اعترفت بسيادة إسبانيا على جزر شافاريناس.
- عوض المغرب إسبانيا بـ 400 مليون ريال.
- حصلت إسبانيا على الأراضي الصغيرة لسانتا كروز دي مار بيكينيا (ما سيصبح لاحقًا سيدي إفني) لإنشاء مصايد الأسماك.
- ستبقى تطوان تحت الإدارة الإسبانية المؤقتة حتى تسدد السلطنة ديونها لإسبانيا.
وصفت بعض وسائل الإعلام السلام الذي تم توقيعه في 26 أبريل 1860 بأنه "سلام صغير لحرب كبيرة" ، بحجة أن أودونيل كان يجب أن يغزو المغرب ، على الرغم من أنهم لم يكونوا على دراية بالحالة الرهيبة التي كان الجيش الإسباني فيها. بعد معركة ود راس وأن الحكومة الإسبانية وعدت البريطانيين بعدم احتلال طنجة أو أي أرض من شأنها أن تعرض للخطر السيطرة البريطانية على مضيق جبل طارق. اعتذر أودونيل عن نفسه بالقول إن إسبانيا مدعوة "للسيطرة على جزء كبير من إفريقيا" ، لكن التعهد يتطلب "ما لا يقل عن عشرين إلى خمسة وعشرين عامًا". بالإضافة إلى ذلك ، انتهت المعاهدة التجارية الموقعة مع المغرب بالفائدة على فرنسا والإمبراطورية البريطانية أكثر ؛ وإقليم إفني ، في جنوب المغرب ، لم يُحتل إلا بعد 70 عامًا. [1] أخيرًا ، الضغط البريطاني للإبقاء على statu quo في منطقة مضيق جبل طارق أجبرت إسبانيا على إخلاء تطوان بعد ذلك بعامين. [2]
العواقب
كانت الحرب في إفريقيا بمثابة نجاح كامل للحكومة الإسبانية وزادت من دعمها الشعبي ، مما أدى إلى زيادة موجة كبيرة من الوطنية في جميع أنحاء البلاد ، [3] على الرغم من حقيقة أن "ومع ذلك، لم تفِ نتائج الحرب بالتوقعات التي نشأت في مناخ من النشوة الوطنية التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ الحديث ".[2]
أنتجت الحرب في إفريقيا عددًا كبيرًا من السجلات الصحفية ، حيث أرسلت عدة صحف مراسلين إلى المنطقة ، وقصصًا ، وأعمالًا أدبية، وأغاني، ولوحات، وآثاراً، وما إلى ذلك، وكثير منها مشوب بوطنية منمقة ودعاية بارزة. كتب مراسل الصحيفة 'La Iberia' ،Núñez de Arce، في أحد السجلات له: [2]
ظهرت أغنية مشهورة:[2]
في السادس من فبراير
علينا أن نتذكر
أن الإسبان دخلوا
في پلازا دي تطوان.
سيأخذون ساحة طنجة،
لقد فازوا أيضًا في تطوان.
كلف مجلس مقاطعة برشلونة الرسام ماريانو فورتوني، المولود في ريوس باسم جنرال بريم ، سلسلة من اللوحات التذكارية ، استنادًا إلى الرسومات التي رسمها فورتوني أثناء زيارته للحرب الرئيسية مشاهد. من الأعمال التي حظيت بأكبر قدر من التقدير لوحة بانورامية كبيرة الحجم بعنوان "معركة واد راس" ، والتي استغرق إنهاؤها عدة سنوات. من جهتها ، نفذت الحكومة "سياسة الذاكرة"، مستغلة موجة الحماسة الوطنية التي انعكست في أسماء الساحات والشوارع والأحياء - حي تطوان دي لاس فيكتورياس في مدريد ؛ ميدان تطوان و واد راس في شارع برشلونة؛ أو ساحة بلازا دي تطوان في فالنسيا - وفي المعالم العامة ، مثل تلك التي أقيمت للجنرال خوان بريم في ريوس ، مسقط رأسه. [4]
نتائج الهزيمة على المستوى الترابي والمالي
دفعت الإجراءات الأولية لاتفاقيات وقف إطلاق النار الموقعة يوم 25 مارس 1860 ومعاهدة الصلح التي أعقبتها يوم 26 أبريل 1860 المغرب إلى قبول أداء غرامة 100 مليون بيزيتا لأسبانيا، وسمحت لهذه الأخيرة بتوسيع حدود نفوذها بسبتة ومنحها حق الصيد بالجنوب المغربي (سيدي إفني)، إضافة إلى التمتع بنفس الامتيازات التي منحت لبريطانيا سنة 1856. وقد اعترضت السلطان صعوبات حادة أثناء أداء الشطر الأول من الغرامة البالغ قدره 25 مليون بسيطة. ولأداء الشطر الثاني، كان عليه إحداث جبايات جديدة بجانب اللجوء إلى اقتراض مبلغ 10 مليون بسيطة من إنجلترا. قبل الأسبان الجلاء عن تطوان بموجب الاتفاق المعقود في أكتوبر سنة 1861، سمح لهم بتثبيت موظفين في بعض المواني المغربية لاقتطاع نسب معينة من العائدات الجمركية لفائدة حكومتهم.
حسب لغة الأرقام، وصل المبلغ المالي الذي التزم المغرب بأدائه إلى 119 مليون بيزيتا. وقد تم أداؤه بالعملة المعدنية الخالصة من قطع الذهب والفضة. وأحدثت هذه الغرامة " استنزافا قويا لم يخلف فقط خرابا للدولة، وإنما أحدث نزيفا دائما أضر بالاقتصاد المغربي، الذي كان يومها اقتصاد قبل-رأسمالي يتسم بضعف الناتج القومي.
الهامش
- ^ Fontana 2007, pp. 301-302.
- ^ أ ب ت ث Sources 2007, p. 216.
- ^ Fontana 2007, pp. 299-301.
- ^ Sources 2007, pp. 216-217.
المصادر
 | هذا article عن معركة في التاريخ الإسپاني هو بذرة. بإمكانك مساعدة المعرفة بأن تنمـِّـيـه. |