جون هستون

جون هوستن
John Huston
JohnHuston.jpg
جون هوستن ح. الأربعنيات
وُلِدَ
جون ماركلوس هوستن

(1906-08-05)أغسطس 5, 1906
توفيأغسطس 28, 1987(1987-08-28) (aged 81)
المهنةمخرج سينمائي، ممثل، سيناريست
سنوات النشاط1930–1987
الزوجدورثي هارڤي (1925-1926؛ تطلقا)
ليسلي بلاك (1937-1945؛ تطلقا)
إڤلين كايز (1946–1950؛ تطلقا)
إنريكا سوما (1950–1969؛ حتى وفاتها)
كلست شان (1972–1977؛ تطلقا)
الشريكزوي ساليس
الأنجالأنلجكا، توني، داني، پابلو، ألجرا (بالتبني)

جون ماركلوس هوستن John Marcellus Huston (5 أغسطس 1906 – 28 أغسطس 1987)، مخرج، كاتب سيناريو، وممثل أمريكي. كتب سيناريوهات معظم الأفلام ال37 التي أخرجها، والتي تعتبر من أعظم أفلام السينما العالمية اليوم: النسر المالطي (1941), كنزن سيرا مادره (1948)، Key Largo (1948)، أدغال من الأسفلت (1950), الملكة الأفريقية (1951)، مولين روج (1952), The Misfits (1961), and The Man Who Would Be King (1975). ترشح أوسكار 15 مرة لجائزة أوسكار، فاز بها مرتان، وأخرج هو ووالده والتر هوستن، وابنته أنجليكا هوستن، أفلام فازت بمختلف جوائز الأوسكار.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

الكتابة

كتابة السيناريو والإخراج

سنوات الجيش أثناء الحرب العالمية الثانية

معركة سان پيترو (1944)


كنز سيرا مادره (1948)

أدغال من الأسفلت (1950)

في شكل لا يمكن تبريره على الاطلاق يبدو المخرج الأمريكي جون هستون اليوم، وبعد مرور نحو عقدين من الزمن على رحيله، منسياً بعض الشيء، من جانب الشاشات الصغيرة التي بالكاد تعرض فيلماً من افلامه الكبيرة، فان عرضت فيلماً بالكاد تذكر انه من اخراجه، أو من جانب هواة شراء الاسطوانات المدمجة الذين لا يدهشهم عدم العثور على نسخ من تلك الافلام، مع العلم ان العديد من نتاجات جون هستون، يعتبر من العلامات الأساسية في السينما الأمريكية، بما فيها السينما غير التجارية وغير الجماهيرية. فالحال ان المرء لا يمكنه ان يكتب تاريخ السينما المستقلة الاميركية من دون ان يفرد فيه فصولاً لسينما جون هستون، ولا يمكنه ان يدرس علاقة السينما بالادب من دون ان يشير الى ان جون هستون كان واحداً من كبار الذين زاوجوا بين الادب والسينما في افلامهم. فاهتمامه امتد، مثلاً، من اقتباس «موبي دك» لهرمان ملفيل، الى اقتباس «تحت البركان» لمالكولم لوري... مروراً باقتباس الكتاب المقدس نفسه في فيلم يصعب تجاهله أو نسيانه.

من هنا كان جون هستون حالاً خاصة في تاريخ السينما الاميركية وهو لطالما أحب هذه الخصوصية وراهن عليها، مبدعاً افلاماً كانت لا شك تتسم بقدر كبير من الذاتية حتى ولو اقتبست من روايات بوليسية. والحقيقة ان هذا النوع من الروايات، كان مستحباً بالنسبة الى هذا الفنان، الى درجة انه، من دون ان يوازي الفريد هتشكوك في تشويقيته واحتفاله بالبوليسي والجرائمي في افلامه، عرف كيف يرفد فن السينما بابداعات بوليسية لا تضاهى. وكان ذلك يتجلى بخاصة حين يقيض له ان يعثر على رواية لكاتب كبير، تتواءم مع افكاره واهتماماته.

تلك كانت الحال، خاصته، حين حقق جون هستون في العام 1950، فيلماً عنوانه «ادغال من الاسفلت» مقتبساً عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب ويليام بيرنت، الذي – للمناسبة – يمكننا ان نقول عنه هنا نفس ما قلناه عن جون هستون: انه، هو الاخير، نسي في شكل غير منطقي. فهو، خلال العصر الذهبي للرواية البوليسية والتشويقية الاميركية، نشر روايات عدة شكلت علامات ومدرسة في نوعها، في شكل اعتبر معه ثالث من ثلاثة في هذا الادب الى جانب ريموند تشاندلر، وداشيل هاميت. اذاً، استعان جون هستون برواية لبيرنت، ليقدم هذا الفيلم الذي ينظر اليه كثرمن النقاد، ليس فقط على انه من اهم افلام هستون، بل كذلك على انه من اهم الافلام البوليسية التي انتجتها السينما الاميركية في تاريخها. ومع هذا هناك باحثون كثر ينفون عن هذا الفيلم بوليسيته الخالصة، ليقولوا انه اشبه ما يكون بالفاجعة الاغريقية. او هذا ما تحولت اليه الحكاية على يدي جون هستون على الاقل.

ذلك ان هستون لم يكن ابداً من طينة السينمائيين الذين يكتفون بنقل أي نص الى الفيلم بحذافيره. كان الرجل صاحب مشروع فكري، ومن هنا كان يحرص على ضم «مشروعه» الى أي عمل يحققه، محولاً الفيلم الى فيلم مؤلف. ومن هنا فإن كثراً ينسون حين يتحدثون عن «ادغال من الاسمنت» انه مقتبس عن رواية منشورة، ليعتبروه فيلماً هستونياً خالصاً، وهو نفس ما يمكن قوله – ويا للغرابة – عن اشتغاله على «موبي ديك» او حتى على «الكتاب المقدس».

موضوع «ادغال من الاسفلت» موضوع بسيط، في نهاية الامر، ولطالما حاكته السينما بعدما انجز هستون فيلمه: موضوع رجال اشرار يخنقون في مشروعهم الاجرامي، ويدفعون الثمن غالياً. مثل هذا الموضوع كان من شأنه، مع كاتب آخر أو مع مخرج آخر، ان يسفر عن درس في الاخلاق وعظة تجعل للفيلم خاتمة طيبة... لكنه مع بيرنت، ثم – بخاصة – مع جون هستون، صار شيئاً مختلفاً تماماً: صار عملاً عن الانسان، عن الفشل، عن حتمية الفاجعة، عن المصير... ثم بخاصة عن كل ما هو حيّ وقلق في داخل الانسان، سواء كان شريراً او طيباً. أو كان الاثنين معاً في الوقت نفسه. ومن هنا لم يتردد الذين كتبوا عن الفيلم عن استعارة عبارة قالها اندريه مالرو عن بعض اعمال ويليام فوكنر، لوصف فيلم هستون: «انه انبثاق الحس الفجائعي الاغريقي داخل الادب البوليسي».

ذات لحظة خلال المشاهد النهائية للفيلم تقول احدى شخصياته: «اننا اشبه بأن نكون ارواحاً تعيش في الجحيم». والحال ان هذه العبارة تلخص الفيلم كله. فالحكاية هنا عن خطة يرسمها مجرم خرج لتوه من السجن بعدما امضى فيه زمن طويلاً، غايتها سرقة محل للمجوهرات. وهو، من اجل تنفيذ خطته التي تحتاج اشخاصاً عديدين، يشرك معه في التنفيذ ثلاثة رجال من اصحاب السوابق ومن معارفه. هو اسمه ريدرشنايدر ويلقب بـ «دوك». اما الآخرون فهم كوبي صاحب متجر المراهنات، وايمريك، المحامي القذر، واخيراً ديكس هاندلي القاتل العصابي الذي يمضي جل وقته وهو يحلم بالعودة الى مسقط راسه في ولاية كنتاكي. ان هؤلاء الاربعة اذ ينكبون على رسم الخطة وبدء تنفيذها يبدو لنا من الواضح ان هدف كل واحد منهم يختلف عن الآخر... بل كذلك ان كل واحد منهم انما يستعد لكي يبادر بخيانة الآخرين، ما ان تنتهي العملية بنجاح، او الى النفاد بجلده وحيداً، وعلى حساب الآخرين، ان قامت في وجهها عقبات. وكما يمكن لنا ان نتوقع منذ البداية – وبخاصة لأننا هنا في داخل سينما جون هستون التي نعرف ان الفشل هو واحد من مضامين مواضيعها الرئيسة – ستفشل العملية. لكن فشلها ستكون له مستتبعات مدمرة على الرجال الاربعة المشاركين في الخطة. صحيح ان هذه الخطة كانت قد رسمت بشكل جيد ودقيق... وان الاربعة المشاركين فيها هم من المحترفين، ومع هذا، يحدث ذات لحظة خلال التنفيذ، وفي صورة قدرية يبدو من الواضح ان لا مجال للافلات منها، ان يقتل حارس المحل من دون ان يكون قتله جزءاً من الخطة. ازاء هذا يرتبك المنفذون الذين لم يكونوا قد احتاطوا لهذا الامر. وعلى الفور ببدأ كل واحد محاولة الافلات... ولا سيما ايمريك الذي يبادر على الفور الى مخادعة رفاقه والغدر بهم، لكن الشرطة سرعان ما تتعرف اليه واذ تسعى الى الامساك به لا يجد امامه من سبيل الى الهرب فينتحر، بعد ان يكون كوبي قد جرح خلال العملية وفارق الروح... اما «دوك» فإن الشرطة تتمكن بعد جهد من إلقاء القبض عليه، في الوقت الذي يحاول الرابع، ديكس، الهرب، لكنه لا يجد نفسه الا وقد سقط وسط برية شاسعة لتدوسه قوائم مجموعة من الجياد تركض في تلك البرية. صحيح ان هذه اللقطة الشاعرية للبراري الشاسعة تأتي متناقضة مع صورة المصير المظلم الذي كان من نصيب الاربعة... ولكن هكذا هي سينما جون هستون عادة: سينما شاعرية الموت.[1]

اذاً في هذا الفيلم عرف جون هستون كيف يشتغل من خلال موضوع يتبنى مبدأ الحتمية الفجائعية، على ما سماه هو نفسه نصف ساخر نصف جاد، شاعرية الاخفاق. والحال ان الاخفاق هنا لا يفاجئ لأنه يبدو منذ البداية جزءاً من جوهر الفيلم وموضوعه. ولكن ليس لأن الشر لا يطعم خبزاً، بل لأن الفشل – بالنسبة الى هستون – جزء من الطبيعة البشرية نفسها. والى جانب هذا، اذا كان «ادغال من الاسفلت» فيلماً رجالياً بامتياز، على الضد من تقاليد الرواية البوليسية التي كانت تجعل من المرأة جزءاً من الحدث والموضوع، فإن المرأة هنا لم تكن غائبة تماماً... فقط كان دورها صغيراً وثانوياً، مع ان الممثلة التي قامت بالدور كانت ذات اسم سيكبر كثيراً خلال الاعوام التالية: مارلين مونرو... في ذلك الحين كانت مارلين في بداياتها، اما جون هستون، فكان عند نقطة الذروة من مسار سينمائي رائع، وهامشي، ندين له، اضافة الى ما ذكرنا، بأفلام مثل «انعكاس في عين ذهبية»، «المدينة المنتفخة»، «رسالة الكرملين» وبخاصة «المنحرفون» الذي كان آخر افلام مارلين مونرو، وكلارك غايبل ومونتغمري كليفت، وحققه جون هستون عن نص كتبه له آرثر ميلر، الذي كان زوجاً لمارلين مونرو ذات حقبة من حياتها.


The Red Badge of Courage (1951)

الملكة الأفريقية (1951)

مشهد من الملكة الأفريقية

صور الفيلم عام 1951 مقتبس من رواية بنفس الاسم من تأليف سي. إس. فورستر، انطلاقا من سيناريو شارك في كتابته، أساساً، الكاتب والناقد جيمس آجي.[2]

الرواية كانت صدرت أصلاً عام 1935 لتروي أحداثاً يفترض أنها جرت خلال الحرب العالمية الأولى. أما خلفية العنوان الغريب الذي وضعته هيبورن لكتابها، فتعود الى المشاكل الكثيرة التي جابهت تصوير الفيلم، منها ما تعلق بالمناخ، ومنها ما ارتبط بالأمراض وصعوبات التواصل والاتصال... لكن الأسوأ من ذلك كله كان -بحسب الكتّاب والمؤرخين- المشاكل والخناقات الدائمة التي استشرت من ناحية بين بوغارت وزوجته الممثلة لورين باكال، وبين هذين والمخرج هستون. ناهيك بأن إدمان بوغارت تناول الكحول، وجعل المناخ في حد ذاته جحيمياً. من هنا، فإن مغامرة هذا الفيلم الذي كان أول فيلم بالألوان لبطليه ولمخرجه، كانت واحدة من أغرب المغامرات التي تعرض اليها فيلم من الأفلام، الى درجة أن الممثل والمخرج كلينت إيستوود سيعود بعد ذلك بعقود من السنين الى تحقيق فيلم عن مغامرة تصوير ذلك الفيلم في عنوان «صياد أبيض قلب أسود».

من ناحية مبدئية، تبدو حكاية الفيلم بسيطة جداً، الى درجة أن قوته لا تكمن في موضوعه ولكن في أجوائه، حيث كان واحداً من أفلام قليلة صوّرت بين أنهار أفريقيا وأدغالها حقاً، ومن دون ديكورات. أما الأهم من هذا، فكان الأداء المميز، بل الاستثنائي الذي قام به في الفيلم بطله وبطلته، اللذان كانا قد تقدما حقاً في السن (هو 52، وهي 44 سنة)، وبلغ كل منهما من ناحيته، ذروةَ النضوج.

ولئن كانت هناك -طبعاً- حكاية حب في الفيلم، فإنها بدت حكاية حب غريبة بين مغامر أميركي أفّاق، هو هنا من أجل مهمة محددة لكنه يمضي وقته في الشراب، وبين مرسلة مبشرة تعيش في المنطقة حيث لديها رسالة دينية وانسانية تؤديها.

حكاية العلاقة التي تبدأ تصادمية بعنف بين هذين الشخصين، هي التي تشكل موضوع الفيلم وسياقه، ولكن هذا على خلفية رحلة نهرية في مجاهل أفريقيا. والعلاقة تقوم خلال تلك الرحلة التي يكون فيها على بوغارت وهيبورن أن يجابها الأخطار الاستوائية، ولكن أيضاً سفينة حربية نهرية ألمانية مملوءة بالجنود وتطاردهما وتكاد تقضي عليهما في كل مرة، لكنهما يصمدان حتى يتمكنا في نهاية الأمر من تدمير السفينة ومن عليها، في وقت يكون التصادم بينهما قد تحول الى حب واحترام متبادلين.

منذ البداية يحدد لنا الفيلم مجال تحرّكه، إذ نجدنا في اللقطة الأولى أمام قاعدة عــسكرية بحرية ألمانية تشكل جزءاً من القيادة الألمــــانية في غرب أفريقيا، ويحدد الزمان بأنه سنة 1914، أي سنة اندلاع الحرب العالمية الأولى بين ألمانيا وحلفائها من ناحية وبريطانيا وحلفائها من ناحية ثانية.

وكان من المنطقي ل تلك الحرب التي اندلعت في أوروبا أن تجرّ ذيولها الى كل مكان يوجد فيه ألمان وإنكليز. وهذا المكان الذي نحن فيه الآن في الأدغال الأفريقية، حيث نهر اولونغابورا، وحيث تتقاسم ألمانيا وبريطانيا المستعمرات الأفريقية هناك، هو بالطبع مكان مثالي للصراع.

وهذا الأمر يبدو واضحاً منذ اللقطات الأولى، حيث من بعد ما اكتشفنا وجود القاعدة العسكرية النهرية الألمانية، نكتشف وجود بعثة تبشيرية انكليزية في المكان عينه تقريباً. وعند بداية الفيلم، حين تكون الكاميرا منهمكة في تصوير المرسلة الحسناء روز ثاير (كاترين هيبورن) وهي تعزف وتشارك في الغناء مع مجموعة من السكان الأصليين، نسمع صفير مركب آت ليتبين لنا بعد ذلك ان الصفير يعلن عن وصول المركب المسمى «الملكة الأفريقية»، والذي يملكه ويقوده المغامر السكير تشارلي آلنات (همفري بوغارت).

إنه، بداية، مجرد مركب تموين يجوب عادة تلك المناطق الأفريقية حيث يوصل البريد والمؤن والأخبار من منطقة الى منطقة ومن قرية الى قرية. وهنا، ما إن نتعرّف الى تشارلي هذا، حتى نلاحظ من فورنا كيف أنه ينظر بعين السخرية الى روز وأخيها روبرت مارلي. السخرية لأنه هو في حياته وتصرفاته يمثل كل ما هو مادي دنيوي وشره، فيما يمثل الاثنان الآخران الحياةَ الروحية الرسولية والترفّع عن أشياء الدنيا الصغيرة. من هنا يبدو الفارق كبيراً، وخصوصاً بين روز وتشارلي منذ البداية، وتبدو سخرية تشارلي من روز مبررة من وجهة نظره، بينما من الواضح أن روز تحتقر تشارلي كثيراً، حتى وإن كانت لا تكف عن إبداء الشفقة عليه.

ومن الواضح هنا أن هذا كله إنما يمهّد للعلاقة الطبيعية التي ستقوم لاحقاً بين الاثنين. أما الآن، في القسم الأول من الفيلم، فإن التناحر بينهما يبدو كبيراً، خصوصاً أن وصول تشارلي الى المكان يثير حماسة السكان السود الذين يتركون بسرعة الغناء مع روز مندفعين نحوه متلقين منه ما يعطيه لهم من سجائر وأشياء بسيطة أخرى.

في يوم الوصول نفسه وعلى رغم العواطف السلبية المتبادلة، يدعى تشارلي الى تناول الشاي في رفقة روز وأخيها... وخلال ذلك اللقاء تتوضح الأمور أكثر، إذ ان تشارلي يخبرهما عن اندلاع الحرب في أوروبا مع الألمان، محذراً من أنه قد لا يعود الى المكان قبل انقضاء أشهر عدة. لاحقاً سيبدو واضحاً أن روز باتت على رغبة في مبارحة ذلك المكان النائي خوفاً من الوجود العسكري الألماني فيه. ولذلك تصحب تشارلي في رحلة مركبه سعياً للوصول ا لى المدينة لتلتجئ اليها.

وهكذا يبدأ القسم الآخر من الفيلم: قسم الرحلة على المركب، وهي الرحلة الحافلة بالأخطار والتي ستكون فيها المجابهة مزدوجة، من ناحية بين روز وتشارلي، ومن ناحية ثانية بين المركب والانتشار الألماني. ونعرف طبعاً ان الأمور ستنتهي في المجابهتين معاً على خير، ولكن مع فوارق كبيرة: بين روز وتشارلي ستحل حكاية الحب العاطفية والرومنطيقية مكان التناحر، بحيث إن كلاًّ منهما سيقبل الآخر كما هو، انطلاقاً من فكرة: ان الدنيا في حاجة الى كل الأخلاق والأنماط والمسالك حتى تسير في حياتها. وفي المجابهة الأخرى، سيتمكن المغامر تشارلي في نهاية الأمر من القضاء على الأعداء ومركبهم المدجج بالسلاح، وتحديداً بمعاونة روز، التي تحولها المغامرة من مدرّسة إرسالية بسيطة طيبة ومسالمة الى مغامرة صلبة، في الوقت الذي يتحول فيه تشارلي من أفّاق سكير يعيش بلا هدف وبلا رسالة، الى مقاتل شرس ضد «الشر» الذي يمثله الألمان هنا.

من الواضح هنا أن هذه التحولات إنما تنتج لدى الاثنين تحت وطأة العامل المزدوج: الحب والحرب. وذلك هو الموضوع الأساس في هذا الفيلم، الذي يعتبر من أبرز أفلام المغامرات الأفريقية وأكثرها جدية، ناهيك ب أنه كان من الأفلام الهوليوودية النادرة التي لا تسخر من السكان الأصليين بل تقدمهم في صورة جيدة وطيبة، جاعلة من الأوروبيين (الألمان هنا) أشراراً، على عكس ما كان يحدث في أفلام مغامرات مشابهة. ومع هذا، من الصعب هنا الاستفاضة في الحديث عن رسالة أو موقف سياسي لفيلم أراد لنفسه بداية أن يكون فيلم مغامرات «مختلف». غير أن كل هذا «الاختلاف» لم يشفع لـ «الملكة الأفريقية» في نظر أهل جوائز الأوسكار، إذ فيما رشح الفيلم لأربع جوائز أوسكار، في ذلك الحين، لم يعط سوى جائزة واحدة، هي جائزة أفضل ممثل لهمفري بوغارت. ولقد قيل انه لم يكن يستحق تلك الجائزة بل هي أعطيت له كنوع من التعويض والتكريم، التعويض عن أوسكار أخرى كان يستحقها قبل سنوات ولم تعط له، والتكريم لأن الشعور كان عاماً بأن ذلك الدور سيكون آخر دور كبير يلعبه.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

فترة لجنة الأنشطة غير الأمريكية

موبي ديك (1956)

The Misfits (1961)

Freud: the Secret Passion (1962)

ليلة الإيگوانا (1964)

في عام 1964 حاز هستون جائزة أوسكار عن فيلمه ليلة الإيگوانا، كان الفيلم من قوة الأداء السينمائي ومن استثنائية البعد البصري وربط الأحداث والأداء التمثيلي، إلى درجة لم ينتبه معها كثر، وبني الفيلم على مسرحية كانت تعرض في الثلاث سنوات السابقة على مسرح برودواي، أعادت لكاتب المسرحية تنيسي ويليامز، زهواً كان قد نسيه منذ زمن. إذ، خلال الفترة السابقة، كانت أعماله بدأت تحقق – حين تنقل الى السينما – نجاحاً يفوق نجاحها المسرحي، ما أدخل اعتقاداً واسعاً بأن تنيسي ويليامز يصلح كاتباً للسينما أكثر كثيراً مما يصلح كاتباً للمسرح. والحقيقة ان هذه الفكرة نفسها خامرت كثراً من الذين شاهدوا فيلم جون هستون. لكن الذين شاهدوا المسرحية رأوا العكس: أقل ما رأوه كان ان هستون تمكن من الاستحواذ على النص تماماً محولاً إياه فيلماً هستونياً (ومن هنا قوته) بامتياز، فيما بدا ويليامز، بنصه المسرحي في أقوى حالاته. المهم ان هذا العمل حقق مأثرة فنية لا بأس بها، يومها: تمكن من ان يكون مسرحية مميزة، وفيلماً مميزاً. وإذ نقول هذا، لا بأس من إشارة أخيرة في هذا الصدد الى ان تنيسي ويليامز كان في الأصل صاغ الموضوع نفسه على شكل قصة قصيرة منذ أواخر سنوات الأربعين قرئت يومها بعناية ايضاً واعتبرت قصة قصيرة جيدة. [3]


The Bible: In The Beginning (1966)

Fat City (1972)

The Man Who Would Be King (1975)

Wise Blood (1979)

تحت البركان (1984)

The Dead (1987)

كمخرج

أسلوبه في السينما

كان هوستن واحداً من كبار الذين زاوجوا بين الأدب والسينما في أفلامهم. فاهتمامه امتد، مثلاً، من اقتباس موبي دك لهرمان ملفيل، الى اقتباس تحت البركان لمالكولم لوري، مروراً باقتباس الكتاب المقدس نفسه في فيلم يصعب تجاهله أو نسيانه. من هنا كان جون هستون حالاً خاصة في تاريخ السينما الأمركية وهو لطالما أحب هذه الخصوصية وراهن عليها، مبدعاً أفلاماً كانت لا شك تتسم بقدر كبير من الذاتية حتى ولو اقتبست من روايات بوليسية. والحقيقة ان هذا النوع من الروايات، كان مستحباً بالنسبة الى هذا الفنان، الى درجة انه، من دون ان يوازي ألفريد هتشكوك في تشويقيته واحتفاله بالبوليسي والجرائمي في أفلامه، عرف كيف يرفد فن السينما بابداعات بوليسية لا تضاهى. وكان ذلك يتجلى بخاصة حين يقيض له ان يعثر على رواية لكاتب كبير، تتواءم مع افكاره واهتماماته. تلك كانت الحال، خاصته، حين حقق جون هستون في العام 1950، فيلماً عنوانه أدغال من الأسفلت مقتبساً عن رواية بالعنوان نفسه للكاتب ويليام بيرنت، الذي – للمناسبة – يمكننا ان نقول عنه هنا نفس ما قلناه عن جون هستون: انه، هو الاخير، نسي في شكل غير منطقي. فهو، خلال العصر الذهبي للرواية البوليسية والتشويقية الاميركية، نشر روايات عدة شكلت علامات ومدرسة في نوعها، في شكل اعتبر معه ثالث من ثلاثة في هذا الادب الى جانب ريموند تشاندلر، وداشيل هاميت. اذاً، استعان جون هستون برواية لبيرنت، ليقدم هذا الفيلم الذي ينظر اليه كثرمن النقاد، ليس فقط على انه من اهم افلام هستون، بل كذلك على انه من اهم الافلام البوليسية التي انتجتها السينما الاميركية في تاريخها. ومع هذا هناك باحثون كثر ينفون عن هذا الفيلم بوليسيته الخالصة، ليقولوا انه اشبه ما يكون بالفاجعة الاغريقية. او هذا ما تحولت اليه الحكاية على يدي جون هستون على الاقل. ذلك ان هستون لم يكن ابداً من طينة السينمائيين الذين يكتفون بنقل أي نص الى الفيلم بحذافيره. كان الرجل صاحب مشروع فكري، ومن هنا كان يحرص على ضم «مشروعه» الى أي عمل يحققه، محولاً الفيلم الى فيلم مؤلف. ومن هنا فإن كثراً ينسون حين يتحدثون عن «ادغال من الاسمنت» انه مقتبس عن رواية منشورة، ليعتبروه فيلماً هستونياً خالصاً، وهو نفس ما يمكن قوله – ويا للغرابة – عن اشتغاله على «موبي ديك» او حتى على «الكتاب المقدس».موضوع «ادغال من الاسفلت» موضوع بسيط، في نهاية الامر، ولطالما حاكته السينما بعدما انجز هستون فيلمه: موضوع رجال اشرار يخنقون في مشروعهم الاجرامي، ويدفعون الثمن غالياً. مثل هذا الموضوع كان من شأنه، مع كاتب آخر أو مع مخرج آخر، ان يسفر عن درس في الاخلاق وعظة تجعل للفيلم خاتمة طيبة... لكنه مع بيرنت، ثم – بخاصة – مع جون هستون، صار شيئاً مختلفاً تماماً: صار عملاً عن الانسان، عن الفشل، عن حتمية الفاجعة، عن المصير... ثم بخاصة عن كل ما هو حيّ وقلق في داخل الانسان، سواء كان شريراً او طيباً. أو كان الاثنين معاً في الوقت نفسه. ومن هنا لم يتردد الذين كتبوا عن الفيلم عن استعارة عبارة قالها اندريه مالرو عن بعض اعمال ويليام فوكنر، لوصف فيلم هستون: «انه انبثاق الحس الفجائعي الاغريقي داخل الادب البوليسي». ذات لحظة خلال المشاهد النهائية للفيلم تقول احدى شخصياته: «اننا اشبه بأن نكون ارواحاً تعيش في الجحيم». والحال ان هذه العبارة تلخص الفيلم كله. فالحكاية هنا عن خطة يرسمها مجرم خرج لتوه من السجن بعدما امضى فيه زمن طويلاً، غايتها سرقة محل للمجوهرات. وهو، من اجل تنفيذ خطته التي تحتاج اشخاصاً عديدين، يشرك معه في التنفيذ ثلاثة رجال من اصحاب السوابق ومن معارفه. هو اسمه ريدرشنايدر ويلقب بـ «دوك». اما الآخرون فهم كوبي صاحب متجر المراهنات، وايمريك، المحامي القذر، واخيراً ديكس هاندلي القاتل العصابي الذي يمضي جل وقته وهو يحلم بالعودة الى مسقط راسه في ولاية كنتاكي. ان هؤلاء الاربعة اذ ينكبون على رسم الخطة وبدء تنفيذها يبدو لنا من الواضح ان هدف كل واحد منهم يختلف عن الآخر... بل كذلك ان كل واحد منهم انما يستعد لكي يبادر بخيانة الآخرين، ما ان تنتهي العملية بنجاح، او الى النفاد بجلده وحيداً، وعلى حساب الآخرين، ان قامت في وجهها عقبات. وكما يمكن لنا ان نتوقع منذ البداية – وبخاصة لأننا هنا في داخل سينما جون هستون التي نعرف ان الفشل هو واحد من مضامين مواضيعها الرئيسة – ستفشل العملية. لكن فشلها ستكون له مستتبعات مدمرة على الرجال الاربعة المشاركين في الخطة. صحيح ان هذه الخطة كانت قد رسمت بشكل جيد ودقيق... وان الاربعة المشاركين فيها هم من المحترفين، ومع هذا، يحدث ذات لحظة خلال التنفيذ، وفي صورة قدرية يبدو من الواضح ان لا مجال للافلات منها، ان يقتل حارس المحل من دون ان يكون قتله جزءاً من الخطة. ازاء هذا يرتبك المنفذون الذين لم يكونوا قد احتاطوا لهذا الامر. وعلى الفور ببدأ كل واحد محاولة الافلات... ولا سيما ايمريك الذي يبادر على الفور الى مخادعة رفاقه والغدر بهم، لكن الشرطة سرعان ما تتعرف اليه واذ تسعى الى الامساك به لا يجد امامه من سبيل الى الهرب فينتحر، بعد ان يكون كوبي قد جرح خلال العملية وفارق الروح... اما «دوك» فإن الشرطة تتمكن بعد جهد من إلقاء القبض عليه، في الوقت الذي يحاول الرابع، ديكس، الهرب، لكنه لا يجد نفسه الا وقد سقط وسط برية شاسعة لتدوسه قوائم مجموعة من الجياد تركض في تلك البرية. صحيح ان هذه اللقطة الشاعرية للبراري الشاسعة تأتي متناقضة مع صورة المصير المظلم الذي كان من نصيب الاربعة... ولكن هكذا هي سينما جون هستون عادة: سينما شاعرية الموت. اذاً في هذا الفيلم عرف جون هستون كيف يشتغل من خلال موضوع يتبنى مبدأ الحتمية الفجائعية، على ما سماه هو نفسه نصف ساخر نصف جاد، شاعرية الاخفاق. والحال ان الاخفاق هنا لا يفاجئ لأنه يبدو منذ البداية جزءاً من جوهر الفيلم وموضوعه. ولكن ليس لأن الشر لا يطعم خبزاً، بل لأن الفشل – بالنسبة الى هستون – جزء من الطبيعة البشرية نفسها. والى جانب هذا، اذا كان «ادغال من الاسفلت» فيلماً رجالياً بامتياز، على الضد من تقاليد الرواية البوليسية التي كانت تجعل من المرأة جزءاً من الحدث والموضوع، فإن المرأة هنا لم تكن غائبة تماماً... فقط كان دورها صغيراً وثانوياً، مع ان الممثلة التي قامت بالدور كانت ذات اسم سيكبر كثيراً خلال الاعوام التالية: مارلين مونرو... في ذلك الحين كانت مارلين في بداياتها، اما جون هستون، فكان عند نقطة الذروة من مسار سينمائي رائع، وهامشي، ندين له، اضافة الى ما ذكرنا، بأفلام مثل «انعكاس في هين ذهبية»، «المدينة المنتفخة»، «رسالة الكرملين» وبخاصة «المنحرفون» الذي كان آخر افلام مارلين مونرو، وكلارك گايبل ومونتغمري كليفت، وحققه جون هستون عن نص كتبه له آرثر ميلر، الذي كان زوجاً لمارلين مونرو ذات حقبة من حياتها.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

تقنيات الإخراج

جوائز وتكريمات

تمثال جون هستون، پيرتو ڤالارتا، المكسيك.

حياته الشخصية

مع ابنته أنجليكا، ح. 1960


أفلامه

جيمس ستوارت في فيلمWinning Your Wings (1942)

إخراج

السنة الفيلم أوسكار
الترشيحات
أوسكار
الفوز
1941 The Maltese Falcon 3
1942 In This Our Life
Winning Your Wings 1
Across the Pacific
1943 Report from the Aleutians 1
1945 The Battle of San Pietro
1946 Let There Be Light
1948 The Treasure of the Sierra Madre 4 3
Key Largo 1 1
1949 We Were Strangers
1950 أدغال من الأسفلت 4
1951 The Red Badge of Courage
The African Queen 4 1
1953 Moulin Rouge 7 2
Beat the Devil
1956 Moby Dick
1957 Heaven Knows, Mr. Allison 2
1958 The Barbarian and the Geisha
The Roots of Heaven
1960 The Unforgiven
The Misfits
1962 Freud: The Secret Passion 2
1963 The List of Adrian Messenger
1964 The Night of the Iguana 4 1
1966 The Bible: In The Beginning 1
1967 Reflections in a Golden Eye
Casino Royale 1
1969 Sinful Davey
A Walk with Love and Death
1970 The Kremlin Letter
1972 Fat City 1
The Life and Times of Judge Roy Bean 1
1973 The Mackintosh Man
1975 The Man Who Would Be King 4
1979 Wise Blood
1980 فوبيا
1981 الهروب إلى النصر
1982 أني 2
1984 تحت البركان 2
1985 Prizzi's Honor 8 1
1987 The Dead 2

السيناريو

تمثيل

لا تشمل على الأفلام التي قام بإخراجها أيضاً

المصادر

  1. ^ ابراهيم العريس. "ألف وجه لألف عام - «أدغال من الاسفلت» لجون هستون: شاعرية الفشل". مرافئ. Retrieved 2012-08-11.
  2. ^ "كواليس الفن والسينما". بالمون. Retrieved 2012-08-11.
  3. ^ ابراهيم العريس. "ألف وجه لألف عام .. ادغال من الاسفلت لجون هستون: شاعرية الفشل". العراق اليوم. Retrieved 2012-08-11.

وصلات خارجية

قالب:John Huston Films قالب:Oscars hosts 1961-1980