جديس
جديس هم قوم من العرب البائدة ، ولا تكاد تذكر إلا مع ذكر طسم . وتتلخص الروايات بأنهما قبيلتين تسكنان اليمامة وما حولها إلى البحرين .
ويذكر أن جديس ذلت على يد طسم بحكم رجل يقال له عمليق . وجعل ان لا تزف بكر من جديس حتى تساق إليه فيفترعها قبل زوجها. فكان أن إنتقمت جديس غدرا بعد أن أصاب العار أخت سيد جديس ويقال له الأسود بن غفار وكان إسمها الشموس ، ولكن رجل من طسم يقال له رياح بن مرة إستغاث بحسان بن تبع الحميري، فأجاب له طلبه وسار معه إلى اليماية ، فحاولت زرقاء اليمامة تنبيه قومها ، فلم يصدقوها ، فقتل من جديس على يد طسم والحميريين ودُكت منازلهم.
وقالوا عن "جديس" انهم حي من عاد، وهم اخوة طسم، أو انهم حي من العرب كانوا يناسبون عاداً الأولى. وقالوا انهم أبناء "جديس بن لاوذ ابن إرم بن سام بن نوح". أو أبناء "جديس." شقيق "ثمود بن غاثر ابن إرم بن سام بن نوح"، أو ما شابه ذلك من نسب. وقد كانوا أتباعاً لطسيم، ويسكنون معهم في اليمامة، ثاروا على "عمليق" "عملوق" ملك طسم، فكانت نهاية طسم كما كانت نهاية "جديس"، ولذلك قيل "بوار طسم بَيدَيْ جديس".
ويذكر أهل الأخبار أن جديساً لما قتلت "عملوقاً" ومن كان معه من قومه طسم، هرب رجل من طسم اسمه "رباح بن مرُة"، حتى أتى "حسان بن تُبعَّ"، فاستغاث به، فخرج "حسان" في حِمْير، فأباد جديساً، وأخرب بلادهم، وهدم قصورهم وحصونهم. ويرى "كَوسين دي برسفال" أن اغارة حمير المذكورة كانت حوالي سنة "250" بعد الميلاد. ويرتبط بخبر هذه الإبادة قصة امرأة زعم أنها كانت أقوى الناس بصراً، ترى من مسافات بعيدة جداً، عرفت بي "زرقاء اليمامة". وقد ورد قصص عنها ذكره أهل الأخبار.[1]
وورد في بعض الأخبار أن "جذيمة الأبرش" كان قد حارب "طسماً" و"جديساً".
ويذكر أهل الأخبار أن "حسّان بن تُبّع" الذي أوقع بجديس، هو "ذو معاهر"، وهو "تبع بن تبع تبان أسعد أبي كرب بن ملكيكرب بن تبع بن أقرن"، وهو أبو "تبّع بن حسان"، الذي يزعم أهل اليمن أنه قدم مكة ويثربَ، وأنه وجّه ابنه "حسان" إلى "السند" وابنه "شمرد الجناح" "سمر"، إلى آخر ذلك من قصص سأتحدث عنه في أثناء الكلام عله مملكة "حمير وذي ريدان".
ويذكر أهل الأخبار أيضاً أن التي أبصرت جند "حسان" اسمها "اليمامة"، وكانت أول من اكتحلت بالإثمد، ولهذا تكوًنت في عينيها عروق سود منه" كانت هي السبب في نشوء حدة البصر عندها، وأن "حسان" أمر فققئت عيناها لإدراك سبب حدة بصرها، فاكتشف وجود الإثمد بهما، ويزعمون أنه أمر بابدال اسم "جوّ" مساكن طسم وجديس إلى "اليمامة"، فعرفت بهذه التسمية مذ ذلك الحين.
وإذا كان ما جاء في شعر الأعشى عن "اليمامة" وعن حسان صحيحا، فإنّ ذلك يدل على أن القصة المذكورة كانت شائعة معروفة في أيامه بل وربما قبل أيامه، وللظاهر إن أهل الأخبار قد أخذوا اسم اليمامة من أسم المكان، فصيروه امرأة ذات بصر حديد. ونجد قصة "اليمامة" ومجيء التبع في شعر للنمر بن تولب العُكلي. ونجد اتفاقاً بين القول المنسوب إلى اليمامة في سياق القصة وبين قولها في الشعر المنسوب إلى الأعشى وإلى النصر. وقد ذكر "ابن دريد" أن "تبع" أرسل على مقدمته "عبد كلال بن مثوب بن ذي حرث بن الحارث بن مالك بن غيدان" إلى اليمامة، فقتل طسماً وجديساً. ولم يذكر اسم ذلك التبع.
و يعتق بعض المستشرقين أن اسم "Jolisitae" أو "Jodisitae" الوارد في "جغرافيا بطلميوس" إنما يقصد به قوم "جديس"، وأنهم كانوا معروفين في حوالي سنة "120" بعد الميلاد.
وقد نسب أهل الأخبار أماكن عديدة إلى طسم وجديس، وهي قرى ومدن ذكر أنها كانت عامرة آهلة بالسكان ذات مزارع، وقد بقي بعضها في الإسلام، ووصفه أهل الأخبار. وإذا صح أنها كانت لطسم وجديس حقاً، وأنها كانت من أعمالهم ونتاجهم، فإن ذلك يدل على أن القوم كانوا حضراً وعلى مستوى من الرقي، ولم يكونوا بدواً على شاكلة الأعراب. وربما يعثر على كتابات في هذه المواضع تكشف اللثام عن حقيقة أصحاب هذه المواضع وهوية الأقوام التي عاشت فيها.
ومن الأماكن المذكورة "المشقر"، وهو حصن بين نجران والبحرين على تل عال، يقابله حصن سدوس، وهو من أمكنة "طسم". وقد نسب بعض الرواة بناءه - كعادتهم عند جهلهم أسماء الأماكن - إلى سليمان، وقد سكنته عبد القيس أهل البحرين. و "معنق" من قصور اليمامة على أكمة مرتفعة. و "الشموس" قيل: انه من بناء "جديس".
ومن قرى اليمامة الشهيرة "حجر"، وكانت لطم وجديس، والظاهر إنها كانت عامرة ذات قصور عالية كثيرة، و إنها كانت محاطة بالمزارع، و إنها بقيت مدة طويلة مهملة في وسط الرمال التي تكونت في تلك البقاع المنبتة الخصبة التي تحولت إلى صحراء. و "القرية" "قرية بني سَدُوس"، وكان بها قصر عظيم من الصخر، وقد زعموا انه كان من حجر واحد بناه جنّ سليمان. و "جعدة" وهي حصن، وبها قصر قديم "عادي" ينسبونه إلى طسم وجديس، ويظهر انه ظل باقياً إلى أيام "الهمداني"، بدليل وصفه له في كتابه "صفة جزيرة العرب" والظاهر من وصفه أن الحصن كان عظيماً، وانه كان يحيط بالقرية، وأن أساسه من اله في وحوله منازل الحاشية للرئيس الذي يكون فيه، وكان فيه الأثل والنخيل، وحوله منازل الناس والسوق،ويحيط بالقرية خندق، وفي السوق آبار. قال الهمداني: انها مئتان وستون بئراً ماؤها عذب فرات. و "خضراء حجر"، وهي حضور "طسم" و "جديس"، وفيها آثارهم وحصونهم و بتلهم، الواحد بتل، وهو مربع مثل الصومعة مستطيل في السماء من طين. وقد بولغ في وصف ارتفاع هذه "البتل" وطولها، حتى زعم ان ارتفاع ما تبقى منها إلى في أيام الهمداني كان قد بلغ مئتي ذراع في السماء. و "الخضرمة"، وكانت لجديس، وبها آثار قديمة كثيرة، و "الهدار" و "ريمان".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مواضيع متعلقة