توازن الموائع
علم سكون الموائع أو "الهيدروستاتيكا" إنگليزية: Hydrostatics، هو فرع من ميكانيكا الموائع الذي يدرس توازن واستقرار السوائل وغازات. استخدام الخصائص الميكانيكية للموائع في أداء عمل ما يسمى الهيدروليكا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الضغط في المائع الساكن
إذا نُظِرَ إلى كمية من المائع تشغل حجماً ح محدَّداً بسطح مغلق سط، فإن القوى التي تؤثر في هذه الكمية من المائع تتكوَّن من صنفين، يتألف الأول منهما من تلك القوى التي تؤثر في كل عنصر حجمي تفا ح والتي لا تتأثر بوجود الجزيئات المائعية المجاورة لهذا العنصر، ومن هذه القوى قوى الثقالة وقوى العطالة. وإذا كانت ن نقطة من ح وكانت محصلة القوى المؤثرة في العنصر الحجمي تفا
ح هي تفا ، فإن القوى ق المؤثرة في واحدة الحجم عند النقطة ن هي:
وأما الصنف الثاني من القوى التي تؤثر في ح فيتكون من تلك القوى الداخلية الناشئة عن التأثير المتبادل للجزيئات فيما بينها. إن هذه القوى الداخلية المتبادلة بين الجزيئات داخل ح يفني بعضها بعضها الآخر، استناداً إلى مبدأ الفعل ورد الفعل في علم التوازن [ر]. وعلى هذا فلا يبقى من هذه القوى سوى ردود الفعل الناشئة عن الجزيئات الواقعة خارج ح والتي تؤثر في الجزيئات الواقعة على سط، وتدعى هذه القوى «القوى السطحية». وإذا رُمز بـ لمتجه وحدة الناظم على سط والموجّه نحو داخل السطح، وبـ تفا ضن لمتجه القوة المؤثرة في عنصر السطح تفا سط عند نقطة ن من السطح، فإن القوة السطحية المؤثرة في واحدة السطح عند الموقع ن هي:
وتكون هذه النهاية، عندما يكون المائع ساكناً، عمودية على السطح، ومتجهة نحو داخل المائع. فإذا رُمز لقياسها بـ ض فإن هذه النهاية تكون ض . يسمى ض ضغط المائع في الموضع ن. ويبرهن أن ض يتعلق بالموضع ن وهو مستقل عن منحى الناظم عند هذا الموضع. إن محصلة القوى السطحية المؤثرة في ح هي تفا سط حيث يمتد التكامل على السطح سط.
المعادلة الأساسية لتوازن الموائع
حين يكون المائع ساكناً تكون محصلة القوى التي تؤثر في أي عنصر حجمي تفا ح منه مساوية للصفر. ليكن تفا ح أسطوانة مولداتها موازية للمحور الشاقولي وارتفاعها تفا ص ومساحة كلٍ من قاعدتيها تفا سط. عندئذ يكون حجمها تفا سط تفا ص. وإذا كانت القوى الخارجية هي قوى الثقالة فقط، وإذا فرضنا أن الكتلة الحجمية كـ، فإن قياس محصلة القوى الخارجية المؤثرة في تفا ح هو كـ ج تفا سط تفا ص، حيث يرمز ج لتسارع الثقالة الأرضية. إن محصلة القوى الخارجية هذه متجهة نحو الأسفل، أي إنها تساوي بفرض أن متجهة الوحدة على المحور الشاقولي الصاعد م ص من نظام إحداثيٍ قائم م س ع ص (الشكل-1). وإذا كانت ن (س،ع،ص) مركز الأسطوانة، فإن مركز قاعدتها العليا هو ومركز قاعدتها السفلى هو ، وتكون محصلة قوى الضغط على قاعدتي الأسطوانة:
واستناداً إلى حساب التفاضل تكون تلك المحصلة:
ولما كانت القوى السطحية المؤثرة في السطح الجانبي للأسطوانة عمودية على م ص، فإنه ينتج:
وإذا ما أُعيدت المناقشة على أسطوانة توازي مولداتُها المحور م س تارة، والمحور م ع تارة أخرى، فإنه ينتج أن:
وعلى هذا يكون:
تفا ض = - كـ ج تفا ص ينتج من هذه المساواة أن الضغط ض يتناقض مع ازدياد ص، فعند صعود الجبل يتناقص ضغط الهواء، وعلى العكس فإن الضغط على الغاطس في البحر يزداد كلما هبط نحو الأسفل.
وينتج كذلك أن الضغط يبقى ثابتاً على كل مستوٍ أفقي. وعلى هذا فإن المستويات الأفقية هي سطوح سوية الضغط؛ وهذا يفسر لماذا تكون السطوح الحرة للسوائل، والتي يسود عليها الضغط الجوي الثابت، مستويات أفقية.
وإذا فُرض أن تسارع الثقالة ج ثابت، كما هو الحال في أي حجم محدود، فإنه يلزم لمكاملة المعادلة (1) أن تكون تغيرات الكثافة كـ معلومة، أي أن تكون كـ معلومة بدلالة الموضع (س، ع، ص)، وهذا ما يعرف بمعادلة الحالة.
معادلة الحالة equation of state
تشير التجارب إلى أن الكثافة كـ عند الموضع ن من مائع ما، تتعلق فقط بالضغط ض وبدرجة الحرارة المطلقة ط في ذلك الموضع، وعلى هذا فهناك معادلة من الشكل تا(ض، كـ، ط) =0. تسمى هذه المعادلة معادلة الحالة.
وإذا كان المائع سائلاً مثل الماء أو الزيت أو الزئبق فإن تغير الكثافة طفيف جداً، ومن الملائم أن تُعدّ الكثافة ثابتة. أما في حالة الغازات فلقد أثبتت التجارب أنه إذا كانت درجة حرارة الغاز ثابتة فإن الضغط يتناسب عكساً مع الحجم الذي يحتله الغاز، أي أن الضغط يتناسب طرداً مع الكثافة (قانون بويل Boyle)، أي:
ض = ثا كـ
حيث يكون ثا ثابتاً يتعين تجريبيا لكل غاز ولكل درجة حرارة.
أما إذا كان تغير حالة الغاز يتم دون تبادل حراري مع الوسط الخارجي، فإنه يقال عن هذا التحول إنه مكظوم adiabatic، ويكون في هذه الحالة:
بفرض أن ثا ثابت وأن هو نسبة الحرارة النوعية والضغط ثابت إلى الحرارة النوعية والحجم ثابت.
وبوجه عام يكون في حالة الغاز الكامل perfect gas ض= كـ ط ر
حيث يكون ر ثابتاً وتكون ط درجة الحرارة المطلقة التي ترتبط بدرجة الحرارة المئوية د بالعلاقة ط = 273 + د.
ينتج مما ذكر أن معادلة الحالة تميّز بين نوعين من الموائع، السوائل (أو الموائع غير المضغوطة) وفيها تكون الكثافة ثابتة إلى حد بعيد، والغازات (الموائع المضغوطة) وفيها تكون الكثافة متغيرة
بدأ أرخميدس Archimedean principle
إذا فُرض أن جسماً جـ قد غُمر كلياً في مائع، وأن كتلة هذا الجسم ك ومركز ثقله م، وأن هذا الجسم ساكن، فإنه يجب أن تكون محصلة القوى المؤثرة في جـ، استناداً إلى المبدأ الأساسي للتوازن، معدومة. وتتكون هذه القوى من ثقل الجسم ، ومن محصلة القوى السطحية التي يؤثر بها المائع المحيط بالجسم في الجسم. فإذا رُمز لهذه المحصلة بـ ، فإنه يكون:
إن ضغط المائع ض في نقطةٍ ما ن من السطح سط للجسم مستقل عن طبيعة الوسط داخل سط، بل إنه محصلة القوى العنصرية التي يؤثر بها المائع حول الجسم في الجسم نفسه. فإذا استبدل بالجسم جـ، حجم ح من المائع نفسه، وهو الحجم المزاح بالجسم جـ، فإن هذا الحجم ح يخضع لمحصلة القوى ذاتها التي أثرت في الجسم من المائع المحيط به، وعلى هذا فإن:
ينتج من ذلك أن قوى الضغط التي يؤثر بها المائع في الجسم حـ المغمور في المائع تُردُّ إلى قوة وحيدة، تدعى «قوة الدفع أو دافعة أرخميدس»، تعاكس مباشرة ثقل المائع المزاح، وأن حامل هذه القوة يمر بمركز العوم (مركز الدفع) الذي ينطبق على مركز ثقل المائع المزاح. وعلى هذا فإن الجسم جـ يخضع لثقله الذي يؤثر في مركز ثقله م وإلى قوة الدفع التي تمر بمركز العوم في ع.
ولذا فإنه يلزم ويكفي كي يكون الجسم متوازناً أن يقع المركزان م، ع على شاقول واحد، وأن تكون القوتان (ثقل الجسم وقوة الدفع) متساويتين بالقيمة المطلقة (الشكل-2). وإذا وقع مركز ثقل الجسم تحت مركز العوم، كان التوازن مستقراً. وإذا أزيح الجسم في هذه الحالة قليلاً عن وضعه التوازني ثم تُرك حراً فإنه يعود إلى وضعه الابتدائي بعد أن يهتز قليلاً.
وإذا كان الجسم مغموراً في سائل، ويحتل وضعاً ما فيه، وكان وزنه أكبر من وزن السائل المزاح في هذا الوضع، فإنه يسقط نحو الأسفل. أما إذا كان الجسم خفيفاً ووزنه أقل من وزن السائل المزاح فإنه يصعد نحو الأعلى ليطفو على سطح السائل.
توازن السوائل
بمكاملة المعادلة (1) من موضع راقمه ص0 إلى موضع راقمه ص ينتج:
ض - ض0 = -كـ ج (ص -ص0)
ومنه:
ض + كـ ج ص = ثابت
وإذا كان المائع ماء وكان مبدأ النظام الإحداثي على سطح الماء حيث يسود الضغط الجوي ض0 فإن الضغط في موضع يقع تحت الماء وعلى بعدٍ قدره هـ من سطح الماء، هو:
ض =ض0 + كـ ج هـ (2)
وهذا يعني أن هذا الضغط في الموضع المذكور يساوي الضغط الجوي مضافاً له وزن عمود من الماء مساحة مقطعه واحدة المساحة ويمتد من الموضع حتى سطح الماء. فإذا كان الضغط الجوي على سبيل المثال يساوي 1 بار = 10 درجة نيوتن/م2، فإن الضغط على عمق 100م من سطح الماء يساوي 10.81 بار، فهو أكثر من عشرة أضعاف الضغط الجوي.
ويمكن ملاحظة أثر العمق على الضغط بملاحظة انصباب الماء من فتحات في جدار حوض من الماء مختلفة الأعماق. فكلما ازداد عمق الفتحة كان شعاع الماء الذي يخرج من الحوض (وهو تقريباً على شكل قطع مكافئ) أكثر انفتاحاً. ويبرهن في تحريك الموائع أن هذا الأمر يدل على أن سرعة الانصباب تزداد مع العمق، وهذا يعني أن الضغط يزداد مع العمق.
إن عدداً من أجهزة قياس الضغط سواء لقياس الضغط الجوي (البارومترات)، أو لقياس ضغط السوائل (المانومترات) تعتمد في قياسها الضغط على القانون الأساسي لتوازن السوائل (2). فمقياس الضغط الجوي (البارومتر barometer) هو أنبوب مغلق من أحد طرفيه مليء بسائل كثافته كـ. يوضع هذا الأنبوب مقلوباً في حوض يحوي كمية من السائل نفسه (الشكل-3).
إن الجزء الأعلى أ من الأنبوب خال من السائل والضغط فيه معدوم. واستناداً إلى المعادلة (2) يكون:
ضأ + كـ ج ضأ = ضب كـ ج ضب
فإذا كان ارتفاع السائل في الأنبوب عن السطح الحر للسائل في الوعاء يساوي هـ، وبملاحظة أن الضغط ضب على سطح السائل هو الضغط الجوي فإنه ينتج أن هذا الضغط الجوي يساوي كـ ج هـ، أي وزن عمود السائل الذي ارتفاعه هـ. إن هذا الضغط يعادل وزن عمود من الزئبق طوله 76سم أي 1.013 بار. تُعرِّف هذه القيمة واحدة ضغط تدعى جو atmosphere.
مبدأ باسكال Pascal
إذا كانت أ، ب نقطتين من سائل ساكن فإن ضب - ضأ = كـ ج (ضأ - ضب)، وإذا كانت النقطتان ثابتتين كان ضأ - ضب ثابتاً. ينتج من هذا أن الفرق يبقى ثابتاً مهما كانت قيمتا هذين الضغطين. وعلى هذا إذا أضيف إلى ضأ ضغط فإن ضب يزداد بالقدر نفسه. ومن ثَمَّ فإنه إذا أُثِّر في أي نقطة من سطح سائل ساكن أو داخله بضغط ض انتقل هذا الضغط إلى كل موضع من السائل. تسمى خاصة انتقال الضغط هذه قانون باسكال. وتطبيقات هذا القانون كثيرة منها المكبس المائي.
ويتكون هذا المكبس من أسطوانتين شاقوليتين (الشكل-4) متصلتين بفرع أفقي عند قاعدتيهما ويعلو السطح الحر في كل أسطوانة مكبس لا يسمح للماء بالنفوذ. فإذا خضع أحد المكبسين لضغط كلّي ق1 تولد في المكبس الآخر ضغط كلي قدره ق2:
بفرض أن سط1 مساحة المكبس الأول، سط2 مساحة المكبس الثاني. وذلك لأن الضغط عند المكبس الأول يكون
،
وعند المكبس الثاني يكون
، وهذان الضغطان حسب قانون باسكال متساويان.
فإذا كان سط2 أكبر من سط1، ن مرة، كانت ق2 أكبر ن مرة من ق1، ومن هنا تنتج الميزة paradox المعروفة: يمكن للماء أن يسند وزناً مهما كان كبيراً بقوة مهما كانت صغيرة.
توازن الغازات
عندما يكون المائع ضغوطاً تكون كـ غير ثابتة. فإذا كان الغاز كاملاً فإن ض = ر ط كـ. وعلى هذا فإن المعادلة (1) تأخذ الشكل:
ولا يمكن مكاملة هذه المعادلة إلا إذا عُرفت ط بدلالة ض. فإذا كانت درجة حرارة الغاز ثابتة، كانت ط ثابتة، ومن ثَمّ فإن
بفرض أن ض0 هو الضغط عند الارتفاع ص0.
أما إذا لم يكن هناك تبادل حراري مع الوسط الخارجي فإن ، ويكون في هذه الحالة
وبالمكاملة ينتج: