تاريخ اليهود في المملكة المتحدة

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

إنجلترا واليهود

الطرد، 1290

فترة عودة الاستيطان، 1655 - القرن 19

اليهود المتخفون في إنگلترة

عودة الاستيطان، 1655

لم يكن مسموحاً لليهود بالعيش في إنجلترا في الفترة بين طردهم منها في 1290 وتقلد كرومويل السلطة في 1649. وربما ظهر بعض الباعة اليهود المتجولين في القرى، وبعض تجارهم وأطبائهم في المدن، ولكن كل ما كان يعرفه الإليزابيثي تقريباً عن اليهود أو يراه فيهم كان مصدره الأقاويل أو المؤلفات المسيحية. من هذين المصدرين استقى مارلو شخصية بارباس وشكسبير شخصية شيلوك.

وظن بعض النقاد(28) أن شكسبير كتب "تاجر البندقية" استجابة لاقتراح من فرقته بالإفادة من عاصفة العداء للسامية التي أثارتها في إنجلترا حديثاً قضية رودريجو لوبيز، الذي أعدم عام 1594 لما قيل من محاولته تسميم الملكة إليزابث. وقد ولد لوبيز هذا في البرتغال لأبوين يهوديين، وأقام بلندن في 1559، وشق طريقه إلى التفوق في مهنة الطب. واستخدمه ايرل ليستر طبيباً له، فاتهم بمساعدته على التخلص من أعدائه بالسم، وفي 1586 أصبح كبير أطباء الملكة. وقد عالج فيمن عالج ايرل اسكس الثاني، ولكنه أثار عداءه لأنه أفشي سر علله. وحوالي 1590 انضم إلى فرانسس والسنجهام في دسائس مع بلاط أسبانيا ضد دوم أنطونيو، المطالب بعرش البرتغال، وتلقى خاتماً من الماس قدره يومها بمائة جنيه، من عملاء فيليب الثاني فيما يبدو. وفي 1593 قبض على اسطفان داجاما في بيت لوبيز بتهمة التآمر على أنطونيو، وقبض على آخرين، واتهمت بعض الاعترافات لوبيز بالاشتراك في مؤامرة ضد إليزابث. وتزعم اتهام الطبيب اسكس، الذي كان يؤيد أنطونيو، فلما وضع لوبيز على دولاب التعذيب، اعترف بأنه تلقى وتكتم عرضاً بخمسين ألف دوكاتية ليدس السم للملكة، ولكنه زعم أنه لم يقصد إلا لسلب مال ملك أسبانيا. فشنق هو واثنان آخران وأفرغت أحشاؤهم وقطعوا أرباعاً. وقد أعلن وهو يلفظ أنفاسه أنه يحب الملكة ويحب المسيح، وهو ما أثار احتقار المتفرجين(29). وأخرج شكسبير، الميال إلى اسكس، "تاجر البندقية" بعد هذا الإعدام بشهرين، ولا بد أن كثيراً من المستمعين للمسرحية لاحظوا أن اسم الضحية التي أراد شيلوك البطش بها كان أنطونيو.

وقد خفف انتشار الكتاب المقدس، الذي عجلت به ترجمة الملك جيمس، من حدة العداء لليهود لأنها وثقت معرفة إنجلترا بالعهد القديم. وتغلغلت أفكار العبرانيين القدماء ومشاعرهم في فكر البيورتان وعباراتهم. وبدت لهم حروب اليهود صورة سابقة لحروبهم مع تشارلز الأول، وكان يهوه رب الجنود-على نحو ما-أنسب لحاجاتهم من ملك السلام الذي جاء وصفه في العهد الجديد. ورسم الكثير من الكتائب البيورتانية أسد يهوذا على راياتهم، وسار أعوان كرومويل "ذوو الجوانب الحديدية" إلى المعركة وهو يتغنون بأغاني كتابية. وإذ أقبل البيورتان أدب التوراة الرائع على أنه كلمة الله بحذافيرها، فإنهم أحسوا بأنهم مضطرون إلى الاعتراف باليهود مختارين من الله ليكونوا المتسلمين المباشرين لوحيه، وأخبر واعظ منهم شعب كنيسته أن اليهود ينبغي أن يظلوا مكرمين باعتبارهم مختاري الله، وسمي بعض جماعة "المسوين" أنفسهم يهوداً(30). وشعر كثير من البيورتان أن تأكيد المسيح الصريح لناموس موسى يرجح رفض بولس إياه، وحملوا جميع

المسيحيين المتمسكين بالكتاب المقدس على الالتزام بممارسة ذلك الناموس. واقترح أحد قادة البيورتان، وهو اللواء تومس هاريسون، وكان من ألصق مساعدي كرومويل به، جعل الشريعة الموسوية جزءاً من القانون الإنجليزي(31). وفي 1949 قدم مشروع قانون لمجلس العموم بتغيير يوم الرب من الأحد الوثني إلى السبت اليهودي. فالإنجليز أيضاً هم الآن-في زعم البيورتان-شعب الله المختار.

وكانت جماعة صغيرة من المارانو سكنت لندن على عهد جيمس الأول (1603-25). وكانوا أول الأمر يختلفون إلى الصلوات المسيحية، ولكنهم بعد ذلك لم يعبئوا بإخفاء ولائهم لليهودية. وشارك الماليون اليهود أمثال أنطونيو كارفاجال في تلبية حاجات البرلمان الطويل والجمهورية للمال(32). فلما تقلد كرومويل السلطة استخدم التجار المارانو مصادر للمعلومات الاقتصادية والسياسية المتصلة بهولندة وأسبانيا، ولاحظ في شيء من الحسد ما أصابته التجارة الهولندية من توفيق يرجع بعضه إلى تدفق اليهود وعلاقاتهم الدولية.

وبعد أن وصل منسي بن إسرائيل إلى إنجلترا بقليل استقبله كرومويل، ووضع مسكناً في لندن تحت تصرفه. وقدم منسي ملتمساً، ونشر عن طريق الصحف "إعلاناً" بالمبررات الدينية والاقتصادية الداعية للإذن اليهود بدخول إنجلترا. وبين السبب في أن اليهود اضطرتهم القيود القانونية، وعدم أمنهم المادي والمالي، إلى الزهد في الزراعة والإقبال على التجارة. وأشار إلى يهود أمستردام يرتزقون من الاستثمار في التجارة لا من إقراض المال، وأنهم لا يتعاملون الربا بل يضعون أموالهم السائلة في مصارف ويقنعون بفائدة قدرها خمسة في المائة على ودائعهم. ودلل على انعدام أي أساس للأسطورة التي زعمت أن اليهود يقتلون الأطفال المسيحيين ليستعملوا دمهم في الشعائر الدينية. وأكد للمسيحيين أن اليهود لا يبذلون محاولات ليفتنوا الناس عن دينهم. واختتم بطلب السماح لليهود بدخول إنجلترا، شريطة أن يقسموا يمين الولاء للملكة، وبأن يمنحوا الحرية الدينية، والحماية من العنف وأن يقضي أحبارهم وقوانينهم في خلافاتهم دون إضرار بالقانون والمصالح الإنجليزية.

وفي 4 ديسمبر 1655، جمع كرومويل في هوايتهول مؤتمراً من الفقهاء وكبار الموظفين ورجال الدين للبحث في قبول اليهود. ودافع هو شخصياً عن الفكرة بقوة وفصاحة، مؤكداً الجانب الديني والاقتصادي إذ لا بد من تبشير اليهود بالإنجيل الطاهر، ولكن "أنستطيع تبشيرهم إذا لم نحتمل عيشهم بين ظهرانينا(33)؟" ولم تلق حججه تعاطفاً كثيراً. وأصر رجال الدين على أن لا مكان لليهود في دولة مسيحية واعترض ممثلو التجارة بأن التجار اليهود سينتزعون التجارة والثروة من أيدي الإنجليز. وقرر المؤتمر أن اليهود لا يستطيعون المقام في إنجلترا "إلا بإذن خاص من سموه(34)".

لقد كان الرأي العام معادياً لقبولهم عداءً طاغياً. وذاعت شائعات زعمت أن اليهود إذا سمح لهم بدخول إنجلترا سيحولون كتدرائية القديس بولس إلى مجمع يهودي. وأصدر وليم برين (1655-56) كتاباً سماه "اعتراض موجز" جدد فيه الاتهامات القديمة لليهود بأنهم يزيفون العملة ويقتلون الأطفال، وكان قد أثار زوبعة قبل ذلك بعشرين سنة بهجومه على المسرح الإنجليزي في كتابه Historiomastix ورد بيورتاني متحمس يدعى توماس كوليز على برين، ولكنه أضعف حججه بمطالبته بإكرام اليهود باعتبارهم شعب الله المختار. ونشر منسي نفسه (1656) "دفاعاً" ناشد فيه روح الإنصاف في الشعب الإنجليزي. وقال أيستطيعون حقاً أن يصدقوا "تلك الفرية العجيبة الرهيبة... التي تزعم أن اليهود اعتادوا الاحتفال بعيد الفطير، بتخميره بدم بعض المسيحيين الذين قتلوهم لذلك الغرض؟" وقال كم مرة من التاريخ افترى شهود الزور بمثل هذه التهم أو لم يؤيدها غير اعترافات انتزعت بالتعذيب، وكم من مرة وضحت براءة اليهود المتهمين بها بعد إعدامهم. ثم اختتم بإيمان وحرارة مؤثرين قائلاً:

"وإلى الشعب الإنجليزي الأكرم أرفع رجائي المتواضع بأن يعيدوا قراءة حججي دون تحيز، ... مسلماً نفسي تماماً إلى فضلهم ورضاهم، متضرعاً إلى الله بحرارة أن يتفضل ويعجل بالوقت الذي وعد به (النبي) صفنياً، يوم نخدمه تعالى جميعاً برأي واحد، وبطريقة واحدة، ويكون لنا كلنا رأي واحد، وأنه بما أن اسمه واحد، فكذلك تكون مخافته واحدة، ونرى جود الرب (تبارك اسمه إلى الأبد) وتعزيا صهيون(35)".

ولكن الدعاء لم يكسب الشعب الإنجليزي، ولم يظفر منسي بقبول رسمي لليهود. وطرح كرومويل المشكلة جانباً في غمرة جهوده لحماية حكومته وحياته، ولكنه أجاز منسي بمعاش سنوي قدرة مائة جنيه (لم يدفع قط) من الخزانة العامة. وفي سبتمبر 1657 مات ابن منسي. وأعانته منحة من حامي الجمهورية على نقل جثة ولده إلى هولندا لدفنها، ولكن "الرسول المبعوث إلى إنجلترا" مات في مدلبورج في 20 نوفمبر بعد أن أعياه السفر وهده الحزن، غير مخلف من المال ما يكفي لتشييع جنازته.

على أنه في واقع الأمر لم يفشل في مهمته. كتب ايفلين في "يوميته" تحت يوم 14 ديسمبر 1655 "الآن قبل اليهود" لم يبح عودتهم إلى إنجلترا شرعاً أي مرسوم من حامي الجمهورية، أو قانون من البرلمان، ولكن أعداداً متزايدة دخلت بموافقة كرومويل الصامتة. وفي 1657 سمح ليهود لندن ببناء مقبرتهم الخاصة بوصفهم يهوداً لا مسيحيين، وما لبثوا أن افتتحوا مجمعاً ومارسوا شعائرهم في هدوء. فلما عادت الملكية إلى إنجلترا، تذكر تشارلز الثاني الدعم المالي الذي تلقاه في منفاه بهولندا من منديس داكوستا وغيره من العبرانيين، وأدرك المنافع التي حصلت عليها إنجلترا من المشروعات التجارية التي اضطلع بها يهود لندن، فأغضي عن المزيد من الهجرة اليهودية لإنجلترا. وواصل وليام الثالث هذا الموقف المتسامح وهو يذكر كذلك معونة اليهود، وذلك برغم شكاوي التجار ورجال الدين الإنجليز المتكررة. واكتسب سليمان مديناً أول لقب فروسية يهودي بخدماته متعهداً للجيش لوليم الثالث وملبره(36). وما أقبلت سنة 1715 حتى كان السماسرة اليهود يعملون في سوق لندن المالية، والماليون اليهود قوة صغيرة في البلاد. وفي عام 1904 احتفل اليهود الإنجليز بالذكرى الثلاثمائة لمولد منسي.

القرن 18

قانون اليهودي 1753

تحسن العلاقات مع الجالية اليهودية

العتق والازدهار، القرن 19

كنيس شمال لندن، 1885
ناصر السعيد
ساهم بشكل رئيسي في تحرير هذا المقال

قالت الصحيفة الانكليزية الحرة Free Press نقلا عن الكتاب المقدس الجديد للشعوب المغلوبة على أمرها لمؤلفه هيبس (صحيفة 283): (بعد أن هيمنت الصهيونية المسماة بالغريت روسل ستريت Greet Russel Street على رئاسة الوزراء 10 Downing Street التي تشرف بدورها على المخابرات الانكليزية (Intelligence Serbvice) التي تعتبر أهم واقوى اجهزة الدولة (منذ عهد مؤسسها كرومويل اليهودي) والتي تتدخل حتّى في شؤون التاج البريطاني والكنائس لم يعد النفوذ اليهودي محصوراً في الاحزاب السياسية فحسب بل تعداها إلى السيطرة التامة على مقدرات الامة بأسرها، وهكذا أصبح اليهود في بلادنا فوق الجميع)!…

ويقول: (ولقد رسّخ اليهود أقدامهم في جميع المرافق البريطانية واستعادوا نفوذهم في سوق المضاربات "البورصة" الذي مكنهم من السيطرة على مقدرات البلاد المالية، فاحتاجت اليهم الدولة والطبقة الارستوقراطية التي كانت أحداث عهد كرومويل الدامية هدت قواها وأستنزفت مواردها المالية، وسلبتها اكثر املاكها. فاضطرت في عهد تشارلز الثاني Charls 11 ان تستنجد باثرياء اليهود لتقترض منهم المال اللازم لها فتقربت اليهم تسترضيهم وتخطب ودهم، فلبى اليهود مطالبها مقابل فوائد خيالية أعجزت فيما بعد أكثر أفرادها من سداد ديونهم، فاضطر بعضهم للتخلي عن ممتلكاته لليهود وارغم البعض الاخر على تسوية ديونه بقبول مصاهرة اليهود والاندماج في مجتمعه، بعد أن كانوا يحتقرونهم، ويعزفون عن الاقتران ببناتهم اللواتي كان اليهود يسعون دائماً لتزويجهن من نبلاء الانكليز بغية تهويدهم عرقياً، بعد ان هودهم كرومويل فكرياً ودينياً…

فلما وجدوا النبلاء المفلسين بحاجة اليهم استعملوا جميع وسائل الاغراء والتهديد ليرغموهم على الاقتران ببناتهم، فلم يسع النبلاء الا الرضوخ للامر الواقع، فكثر عدد النبلاء الذين تزوجوا من يهوديات، وهكذا دخلت اليهودية اعرق البيوت الانكليزية واصبحت الآمرة الناهية، وام اطفالها سادة مستقبلها!. وبفضل هذه المصاهرات مُنح بعض اليهود اضخم الالقاب، وحصل البعض الاخر عليها عن طريق رشوة الملوك والامراء، واختلطت الدماء اليهودية بدماء نبلاء الانكليز، وسيطروا على مقدرات هذه الطبقة حتّى لم يعد لها خلاص من نفوذهم إلى الابد.

وفي هذا الصدد يحدثنا الكاتب الانكليزي الكبير هيلر بلوك ويقول: ان تهويد الانكليز وخاصة طبقة النبلاء منهم بلغ حداً استعصى معه التفريق بين النبيل الانكليزي واليهودي العادي حتّى انّه عندما يسافر احد النبلاء الانكليز إلى خارج البلاد، يظنه الناس يهوديا، لما في شكله، ومنظره من الطابع اليهودي الشهير المغاير لكل ما عرف عن شكر ومظهر النبيل الانكليزي العريق، ولهذا اصبح التفريق بينه وبين اليهودي مستحيلا.

اما النبلاء الخالون من الدماء اليهودية فهم أندر وجوداً من العنقاء في القرن العشرين.

ومما يحز في نفس الإنسان هو ان يسمع اليهود يتبجحون بهذا النصر الذي احرزوه على الانكليز ويفاخرون ببقائهم بمعزل من الاختلال بهم، مثل الوزير اليهودي ديزرائيلي (Disraeli) الذي فاخر بقوميته وكتب يقول: (ان أي شعب أو قوم لا يمكنه الحفاظ على تراثه ومناقبه الاصلية، وخصائصه القومية وتقاليده الاجتماعية والوطنية، الا إذا حافظ على دمائه نقية وظل بمنأى عن الاختلاط بالاقوام الاخرى.

لان عناصر التفرق العرق تكمن في الدماء الخاصة النقية والميزات العرقية تنتقل إلى الاجيال عن طريق الوراثة وعندما تتعرض دماء الاجيال إلى الاختلاط بدماء غريبة، تفقد خصائص قومها وتجرد من مقوماتها المميزة لها عن سواها، والشعوب الاوروبية التي تلوثت دماء أجيالها بمختلف الدماء الغريبة فقدت كل اصالتها واضاعت ما كان لها من مميزات ولم يبق لها ما يفرقها عن سواها اما نحن اليهود الذين حافظنا على دمائنا من غير شائبة: وامتنعنا عن الاختلاط بالاخرين، ما زلنا نملك كل المقومات الخاصة بنا ولقد فقد آل سعود ومعظم اليهود أصالة دمهم النقي حينما تزاوجوا بأقوام اخرى، بالرغم من اسداءهم لليهودية خدمات لا تحصى)!. ويقول هيللر السعودية

مع العلم أن ديزرائيلي كان يتظاهر باعتناق النصرانية، ويمثل الشعب البريطاني بصفته وزيرا في دولته، ومع ذلك يم يتورع عن التفاخر بأصله والتبجح "بقوميته" بكل لؤم وقحة، وليت تعصب ديزرائيلي ليهوديته وقف عند حد التبجح بها، ولكنه تعداه إلى فتح جميع أبواب الدولة البريطانية أمام أبناء قومه، حتّى احال الدوائر الحكومية إلى منطقة نفوذ يهودي، وكأن اليهود اصحاب البلاد الحقيقيين، بينما سد أبواب الرزق في وجه شباب الانكليز وحرمهم من حق العمل في الدولة ومع كل هذا، لم يجرؤ أحد على معارضته، لأن الطبقة الارستوقراطية المهوّدة كانت تناصره وتخرس من ينتقد اعماله.

وبفضل مؤازرة هذه الطبقة المهودة لديزرائيلي، وعدم اهتمامها بشؤون الدولة، سيطر اليهود على جميع مرافق الدولة البريطانية، واتسع نفوذهم، بينما انطوى البريطانيون على انفسهم واستكانوا للقدر المحتوم. في الربع الأول من القرن الثامن عشر أحدث اليهود أول محفل ماسوني في لندن، وأسندوا رئاسته للملك الانكليزي بالذات ليستغلوا نفوذه لتحقيق غاياتهم الخاصة .

ويحدثنا السيد هيبيس عن نتائج قبول الملك لرعاية هذا المحفل ويقول: انّه منذ ذاك اليوم لم يعد بين رجالات بريطانيا السياسيين والبارزين من لم ينتسب لهذا المحفل، الذي يوجهه اليهود حسب أغراضهم وأهوائهم.

وفيما يخص النفوذ اليهودي في بريطانيا يحدثنا الكاتب الشهير لامبولان Lambelin في مؤلفه المسمى (مملكة اليهود في بلاد الانكلوساكسون)، فيقول: لقد توصل اليهود عام 1922 إلى أن يكون لهم في بريطانيا 26 باروناً و6 فرسان Knights و 6 مستشارين لدى البلاط، و6 اعضاء في مجلس بلدية لندن، وهذا عدا عن المئات والالوف من الكتاب والادباء المشهورين واصحاب الشركات، ووكالات الانباء وأصحاب الصحف، أمثال جوزيفات بير Josephat beer مؤسس وكالة رويترز (Reuter) وسواء.

ويضيف قائلا ان ثلاثة من اليهود شغلوا مركز نائب الملك في الهند وحكموا تلك القارة الواسعة مدة ربع قرن، باسم الامة البريطانية، وهم ، مونتاگو M. Montago ووليام ماير S.W. Mayer والكونت ريدنك Le Conte Reading ولقد لعب هؤلاء اليهود في هذا المكتب وفي بريطانيا دورهم المعروف في انشاء العرش السعودي وأوكلوا الامر للسير برسي كوكس أن يبذل كل امكانيات بريطانيا ونفوذها في المكتب الهندي لدعم ابن سعود.

وفي نفس الموضوع يحدثنا السيد موريس بليولوگ Maurice Pleologue في كتابه المسمى، على أبواب القضاء الاخير Aux Portes du Jugement dernier ويقول: أن الامير ألبرت Prince Albert زوج الملكة فكتوريا وجدّ جميع أمراء بريطانيا كان ابنا غير شرعي لاحد اليهود، وان أمير الغال Prince des galles الذي أصبح فيما بعد ملكا على بريطانيا باسم إدوارد السابع من المملكة المتحدة كان يقترض الاموال الطائلة من أثرياء اليهود دون فائدة، ولا يردها لهم، بل يعدهم بتحقيق مأربهم عند اعتلاله العرش!

ومها دعم الاسرة "السعودية"، ولما أصبح ملكا اضطر أن يفي لليهود بوعوده الكثيرة السابقة، كما منح أكثر دائنيه الالقاب الضخمة مثل اليهودي ليفي لوسون (Levy Lawson) الذي منح لقب لورد وأصبح يعرف باسم اللورد برونهام Burenham وأنعم أيضاً على اليهودي أرنست كاسل (E. Cassel) بلقب البالونية، وزوج ابنته لاحد اللوردات الانكليز ليقوي له مركزه السياسي، ثم عينه أمينا لشؤون البلاط المالية.

ومنح اليهودي پرسي كوكس لقب "السير" ووعده بتنفيذ كل اقتراح يبديه… وقد تفانى هذا الاخير في تبني "ابن سعود"…

ولقد بلغ نفوذ اليهود في بريطانيا أوجه في عهد جورج الخامس الذي كان يعتمدهم في كل شؤونه، حتّى انّه كان يقول عن اليهودي مونتفيوري Montefiore بأنه أعظم شخصية في امبراطوريته.

ولقد تجّلى النفوذ اليهودي قبيل الحرب العالمية الاولى، إذ أصبح تسعة منهم اعضاء في مجلس العرش الذي يضم اثنى عشر عضواً فقط. وهو اعظم سلطة في البلاد بعد الملك مباشرة كما أن المجلس الاستشاري الاعلى كان يضم عدداً كبيراً من اليهود ويرأسه اليهودي موريس هانكي Maurice Hanky وفي مجلس اللوردات كان لهم احد عشر لوردا وعلى رأسهم اليهودي هوربليشا الشهير Sir Hore Bellcha والسيدة سمسون Simpson التي اقترن بها ادوار الثامن كانت هي أيضاً يهودية معروفة.

والغريب ان النفوذ اليهودي في بريطانيا ازداد يوما عن يوم حتّى ان المرشحين لرئاسة بلدية لندن عام 1942 كانا من اليهود وهما صاموِل جوسف Samuel Joseph وفرانك بوليتسر Frand Politzir وكأن لندن خلت من الانكليز ولم يعد فيها سوى اليهود!

وفي عام 1951 ارغم اليهود السير تشرشل على تعيين اليهود شارفيل Charwelles وزيرا لشؤون الطاقة الذرية رغم معارضة اكثرية أعضاء المجلس لهذا التعين لما لهذا المركز من الاهمية القومية والوطنية!

ومما يتقدم يتضح للقارئ الكريم مدى ما وصل إليه اليهود من السيطرة والنفوذ في بريطانيا و لاشك أن توماس كرومويل، الذي قضى على الكنيسة الكاثوليكية قد لعب دوراً كبيراً، وكذلك سميه اوليڤر كرومويل الذي تمكن فيما بعد من محو أثر النصرانية في الجزيرة البريطانية، بارغامه الانكليز على اتخاذ التوراة بدلا عن الانجيل وفتحه أبواب بريطانيا لافراد "الشعب" اليهودي ومساعدته اياهم لتهويد البلاد بالشكل الذي سبق شرحه.


. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الهامش

المصادر

ديورانت, ول; ديورانت, أرييل. قصة الحضارة. ترجمة بقيادة زكي نجيب محمود.