تاريخ ارتياد الفضاء
ارتياد الفضاء هو استخدام تكنولوجيا الفضاء للقيام برحلات بواسطة المركبات الفضائية إلى وعبر الفضاء الخارجي. بدأت رحلات الفضاء استجابة للفضول البشري لسبر أغوار الأرض والقمر والكواكب والشمس وغيرها من النجوم والمجرات. تجوب المركبات المأهولة وغير المأهولة خارج حدود الأرض، لجمع المعلومات القيمة عن الكون. فقد زار الإنسان القمر، وعاش في المحطات الفضائية لفترات طويلة. وهكذا ساعدنا استكشاف الفضاء في معرفة كنه العلاقة الحقيقية بين الأرض وبقية الكون. ويجيب استكشاف الفضاء عن كيفية تكون الشمس والكواكب والنجوم، وما إذا كانت هناك حياة في مكان آخر من الكون.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
التاريخ
بدأ عصر الفضاء في 4 أكتوبر 1957م. ففي ذلك اليوم أطلق الاتحاد السوڤيتي أول قمر صناعي سبوتنيك 1 ليدور حول الأرض. وكانت أول رحلة طيران فضائية مأهولة يوم 12 أبريل 1961م، حين دار رائد الفضاء السوفييتي يوري جاجارين حول الأرض في السفينة الفضائية فوستوك 1 في رحلة استغرقت 108 دقائق.
زادت المركبات غير المأهولة، التي تسمى المجسات الفضائية، من معرفتنا بالفضاء الخارجي والكواكب والنجوم. ففي عام 1959م، مر مجس فضائي بالقرب من القمر، وارتطم آخر به. وفي عام 1962م، حلق مجس أمريكي بالقرب من كوكب الزهرة. وفي عامي 1974 و1976م، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية مجسين فضائيين ألمانيين إلى مدار كوكب عطارد القريب من الشمس. وفي عام 1976م، هبط مجسان أمريكيان على سطح كوكب المريخ. وقد عملت هذه المجسات على دراسة كل الكواكب عدا كوكب بلوتو، كما أنها استكشفت المذنبات والكويكبات. [1]
المحاولات المبكرة
أدرك العلماء، خلال القرن الثامن عشر الميلادي، أن الهواء يصبح رقيقًا في الارتفاعات الشاهقة. ويعني ذلك أن الهواء قد يكون غائبًا تمامًا بين الأرض والعوالم الأخرى، وبالتالي ستصبح الأجنحة عديمة الفائدة. وقد اقترح العديد من الكتاب، ذوي الخيال الواسع، وسائل عجيبة للسفر إلى هذه العوالم.
وفي عام 1903م، أكمل كونستانتين تسيولكوفسكي، وهو مدرس روسي، أول مقالة علمية حول استخدام الصواريخ للسفر إلى الفضاء، وبعد بضع سنوات، نجح كل من روبرت هتشينجز جودارد، من الولايات المتحدة الأمريكية، وهيرمان أوبرث من ألمانيا، في إيقاظ الاهتمام العلمي برحلات الفضاء. فقد عكف هذان الرجلان اللذان كانا يعملان بصورة مستقلة، على دراسة الصعوبات التقنية في أبحاث علم الصواريخ ورحلات الفضاء. وحصل كل منهما بذلك على لقب أبو طيران الفضاء.
ارتياد البشر للفضاء
بدأت أول رحلة مأهولة للقمر في 21 ديسمبر 1968م، عندما أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية المركبة الفضائية أبولو8، والتي دارت حول القمر ثماني مرات ثم عادت سالمة إلى الأرض. وفي 20 يوليو 1969م، هبط رائدا الفضاء الأمريكيان نيل أرمسترونج وإدوين ألدرين الابن بمركبتهما أبولو 11 على سطح القمر. وأصبح أرمسترونج أول إنسان تطأ قدماه سطح القمر. وبعد ذلك قام رواد الفضاء الأمريكيون بخمس عمليات هبوط على سطح القمر قبل استكمال برنامج أبولو القمري عام 1972م.
وخلال سبعينيات القرن العشرين، طوّر رواد الفضاء مهارات مختلفة للعيش في الفضاء، على متن محطتي الفضاء سكايلاب وساليوت. وفي عامي 1987 و1988م، دار رائدا فضاء سوفييتيان لمدة 366 يومًا متتابعة على متن مركبة في الفضاء. وفي الثاني عشر من أبريل 1981م، انفجر مكوك الفضاء الأمريكي كولومبيا، وكان هذا المكوك أول مركبة فضائية قابلة لإعادة الاستخدام، وأول مركبة فضائية تستطيع الهبوط في المطارات العادية. وشهد يوم 28 يناير 1986م، مأساة مروعة، إذ انفجر مكوك الفضاء تشالنجر، وقتل جميع أعضاء طاقمه السبعة. وقد أعيد تصميم المكوك مرة أخرى، واستأنف رحلاته عام 1988م.
وفي السنوات الأولى من عصر الفضاء أضحى النجاح في ميدان الفضاء مقياسًا لتفوق الأمم وريادتها في العلوم والهندسة والدفاع الوطني، مما أدخل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي السابق في تنافس محموم عرف بالحرب الباردة. ونتيجة لذلك، تنافست الدولتان لتطوير برامجهما المتعلقة بالفضاء. وقاد “سباق الفضاء” في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، الدولتين إلى إنجازات استكشافية هائلة. وبنهاية السبعينيات، قل إيقاع هذا السباق عندما عملت الدولتان على تحقيق أهداف مستقلة في الفضاء. وتتميز البرامج الفضائية اليوم بخطواتها الثابتة والراسخة في ظل التعاون الدولي.
وقد صاحب تطور البرامج الفضائية خلاف حاد حول التوازن الأمثل بين الاستكشاف بوساطة مركبات مأهولة أو مجسات غير مأهولة، حيث يفضل بعض الخبراء المجسات غير المأهولة لأنها أرخص وأكثر أمانًا، كما أنها أسرع من المركبات المأهولة. فالمجسات، في رأيهم، تستطيع القيام برحلات خطيرة قد لايطيقها البشر. ولكن، من جهة أخرى، لاتستطيع المجسات التفاعل مع الأحداث غير المتوقعة. أما اليوم، فإن مخططي البرامج الفضائية يفضلون اتباع استراتيجية متوازنة تجمع بين المجسات غير المأهولة والمركبات المأهولة. فالمجسات تستطيع الوصول إلى الأماكن المجهولة في الفضاء، أو الأماكن المعروفة التي تقع المعلومات المطلوب جمعها عنها في حدود ما هو متوقع. ولكن، في بعض الحالات، لابد أن يتبع الناس المجسات وأن يستخدموا براءة الكائن البشري ومرونته وشجاعته في استكشاف أسرار الكون.
عندما بدأ الناس يحلمون بالطيران فوق سطح الأرض، أدركوا أن الأجسام الموجودة في السماء يمكن أن تصبح مقصدًا للمسافرين من البشر. ففي بداية القرن السابع عشر الميلادي، أصبح عالم الفلك والرياضيات الألماني يوهانز كيبلر، أول عالم يصف السفر إلى العوالم الأخرى، كما طور أيضًا قوانين الحركة الكوكبية التي توضح مدارات الأجسام في الفضاء. انظر: كيبلر، يوهانز.
وفي عام 1687م، وصف العالم الإنجليزي السير إسحق نيوتن قوانين الحركة، ومكنت هذه القوانين العلماء من التنبؤ بأنواع مسارات الطيران المطلوبة للدوران حول الأرض، والوصول إلى العوالم الأخرى. ووصف نيوتن أيضًا كيف يمكن أن يبقى قمر صناعي ثابتًا في مداره. ويوضح قانون نيوتن الثالث، الذي ينص على أن لكل فعل رد فعل يساويه في المقدار ويضاده في الاتجاه، كيفية عمل الصاروخ. انظر: نيوتن، السير إسحق؛ الحركة (قوانين الحركة لنيوتن).