اوستيا الجنوبية (مقالة مميزة)
تعد اوستيا الجنوبية من الناحية الواقعية منطقة مستقلة عن جورجيا منذ سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1991. لكن في وقت سابق من هذا العام تعهد الرئيس الجورجي ميخئيل سآكاشفيلي، المنتخب بعد انقلاب الزهور الذي أتى به، باعادتها تحت حكم مركزي. تزامن ذلك مع انتهاء شركات النفط الغربية من إنشاء أول خط أنابيب نفط من آسيا الوسطى لا يمر عبر روسيا، بل يصل للبحر المتوسط عبر جورجيا. ومنذ ذلك الحين تصاعدت حدة التوتر بين القوات الجورجية والقوات الاوستية الجنوبية وهناك مخاوف حاليا من أن يتدهور الوضع بما أنذر بنشوب حرب شاملة. وفى أوائل أغسطس 2008 أرسلت جورجيا جيشها لإخضاع اوستيا الجنوبية بالقوة وضرب الداعين للانفصال بدعوى أن ذوي الأصول الروسية في الإقليم وراء محاولات الانفصال، ما أثار غضب روسيا التي سارعت لإرسال قواتها المحتشدة قرب إقليم أبخازيا – المتمرد أيضا على جورجيا والمنفصل عنها – لتندلع حرب طاحنة انتهت بسيطرة الجيش الروسي على اوستيا الجنوبية وتحطيم آمال جورجيا في استعادة هذا الإقليم قبل أن تنضم لحلف الناتو، والأهم من ذلك توقف خطوط الأنابيب الثلاثة للغاز والنفط المارة عبر جورجيا عن العمل..
وخلال افتتاح قمة الناتو في بوخارست أبريل 2008، وردا على دعوة الرئيس بوش لضم جورجيا و اوكرانيا للحلف ، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لاڤروڤ أن بلاده "لن تقف مكتوفة الأيدي أمام قرار توسيع الحلف باتجاه اوكرانيا وجورجيا، وأن موسكو لن ترد على طريقة طفل صغير تعرض للضرب في المدرسة واكتفى بصفع الباب والذهاب إلى غرفة الصف باكيا"!.
ولهذا تكاد تكون الحرب الروسية الحالية على القوات الجورجية في اوستيا ستار لحرب أخرى – بالوكالة الجورجية – بين روسيا وأمريكا، رغم أنها تأخذ الطابع العرقي بسبب الصراع على ضم منطقتين عرقيتين، وما عجل بها هو سعي روسيا لمد جسور التعاون الاقتصادي والتجاري مع المنطقتين الانفصاليتين عن جورجيا (اوستيا وأبخازيا) من جهة، وسعي جورجيا لحسم مسألة استقرار أراضيها وإنهاء مظاهر التمرد والتوتر في هذه الأقاليم والتي كانت السبب وراء رفض حلف الناتو في قمة بوخارست الأخيرة في أبريل 2008 ضمها للحلف قبل حسم هذه القضايا. كما حذرت روسيا رسميا حلف شمال الأطلسي من التوسع لضم اوكرانيا وجورجيا وتعتبر موسكو ذلك "تعديا على منطقة نفوذها".