الموك
غرفة العمليات الدولية المشتركة Military Operations Center (MOC) الشهيرة باسم «الموك»، والتي ترأسها الولايات المتحدة مع مجموعة من دول أصدقاء الشعب السوري كبريطانيا وفرنسا ودول عربية أهمها السعودية والإمارات، والتي تتواصل فيها بشكل مباشر مع فصائل الجيش الحر، من خلال غرفتي «الموك»، والموجودة في كل من تركيا، لدعم الجبهات الشمالية، والأردن، لدعم الجبهات الجنوبية، بالإضافة لتنسيقهم مع الائتلاف الوطني».[1] تأسست في أواخر 2013.
وتقدم غرفة العمليات المشتركة «الموك» الدعم لكتائب الجيش الحر ذات الطابع المعتدل ماليا، ويشمل الدعم غالبية متطلبات أي تشكيل عسكري من الدعم بالسلاح، كتزويد كتائب الجيش الحر بصواريخ التاو الأمريكية المضادة للدروع بالإضافة إلى تذخير المعارك التي تطلقها كتائب الحر من ذخيرة الرشاشات الثقيلة وصولا لقذائف الهاون والدبابات، ولا يقتصر الدعم عند هذا الحد بل تلتزم غرفة العمليات بتزويد كتائب المعارضة بالرواتب الشهرية للمقاتلين وكذلك تقدم سلال غذائية بشكل دوري.
وقال مصدر عسكري في كتائب المعارضة في درعا جنوب البلاد والذي فضل عدم الكشف عن هويته في حديث خاص لـ»القدس العربي»، إنه: «مقابل الدعم الذي تتلقاه غالبية الفصائل العسكرية المعارضة المعتدلة، تلتزم الفصائل بخطوط عريضة تقترب من أهداف الثورة السورية وتلامسها، وهي مكافحة الإرهاب وتمدده، وإنشاء دولة مدنية في سوريا، ونبذ الطائفية بكافة إشكالها وحماية الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، والإقرار بحق كامل السوريين بتحديد مصيرهم».
ويرى المصدر أن «تلقي الدعم من غرفة العمليات المشتركة لا يعيب الجيش الحر»، موضحا «قبول أي دعم خارجي من سلاح وإغاثة وإن كان سيعمل على تسييس الثورة، إلا انه سيساعد في المقابل على تخفيف الضغط علينا والحصول على أسلحة قد تساعد في تقصير عمر المعركة مع النظام الأسدي»، لافتا إلى أن «شعارات الشعب السوري في المظاهرات منذ بداية الثورة، هو طلب الدعم بالمال والسلاح للجيش الحــر والعمل على تقويته في وحه النظام السوري». وأشار مراقبون للشأن السوري إلى أن «الموك» ساعدت على توحيد أقنية الدعم الدولي لكتائب الجيش الحر وضبطها والعمل على توزيعها، الأمر الذي ساعد على تقارب فصائل الجيش الحر بعد توحد الجهات الداعمة لها، في حين رأى آخرون أنها إضعاف للثورة السورية، وتساعد على التفريق بسبب عدم إشراك فصائل قوية وعاملة على الأرض السورية كالجبهة الإسلامية وما يتفرع منها.
فيما يبقى الهدف الرئيسي «للموك» والدعم الذي تقدمه للمعارضة المعتدلة، هو إقناع النظام السوري وحلفائه من روسيا وإيران بالحل السياسي وفق صيغة جنيف، ومحاربة انتشار الجهاديين في شمال البلاد وشمالها الشرقي.على رأسهم الدولة الإسلامية «داعش» وتنظيم «جبهة النصرة».
يشار إلى أن الجيش السوري الحر تشكل في كافة الأراضي السورية بإمكانــــيات بسيطة، كانت تتلخص في بعض الأسلحة التي انشق بها جنود كانوا ضمن صفوف قوات النظام، أو بأسلحة يتم شراؤها عبر مهربين أو فاسدين من النظام، وكان الجيش الحر يعتمد في مصادر تمويله للسوريين من المغتــربين أصحاب الأموال، اللذين ساهموا وبشــكل كبير في انطلاق الجيش الحر ودعمه ماليا.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
دور "غرفة الموك" في إسقاط داريا
- مقالة مفصلة: معركة داريا
في 26 أغسطس 2016، فقدت الثورة السورية "أيقونتها" داريا، ليسدل الستار على مدينة لطالما كانت النموذج الأمثل للعمل الثوري في السلم والحرب.. داريا التي مثلت بموقعها الحلم في الوصول إليها، ومن ثم الزحف واسقاط النظام في دمشق، لكن هناك من وضع "فيتو" على فصائل حوران ضد أي محاولة لفك الحصار عن داريا، بل ومنع تسخين الجبهات ضد نظام الأسد.[2]
من مثلث الموت إلى داريا
بدا حلم الوصول إلى الغوطة الغربية وفك الحصار عن داريا، قابلاً للتحقق في الربع الأخير من العام 2014، حين وصلت فصائل "الجبهة الجنوبية" التابعة للجيش السوري الحر، إلى مشارف الغوطة الغربية ولم تفصلهم سوى 30 كم عن داريا وبضعة كيلو مترات إضافية للوصول إلى جنوب دمشق وبلدات الغوطة الشرقية.
مع مطلع عام 2015 ظهرت للمرة الأولى الميليشيات الإيرانية في الجنوب السوري، والتي استطاعت بتكتيك قتالها المختلف، عما خبره الثوار من أسلوب قوات الأسد في القتال، وتحت غطاء ناري غير مسبوق التقدم والسيطرة على منطقة "المثلث" الاستراتيجي، الذي يربط أرياف "دمشق، درعا والقنيطرة" والذي عرف لاحقًا بمثلث الموت. في المقلب الآخر، كانت غرفة العمليات الدولية المشتركة "الموك" ومقرها الأردن، التي تقدم الدعم للفصائل الثورية، تعيد توجيه البوصلة وتعمل على تشتيت فصائل الجنوب من خلال ابعادهم عن منطقة المثلث، ودعمهم لتنفيذ أعمال عسكرية في قلب حوران وشرقها فكانت معارك تحرير الشيخ مسكين واللواء 52 وبصرى الشام ومعبر نصيب الحدودي.
النظام يبتلع الشيخ مسكين
في هذه الأثناء كان النظام يحصن مواقعه، ويستقدم تعزيزاته العسكرية، مستغلاً انشغال الثوار بمعارك ثانوية في المنطقة، ليؤسس حصوناً يصعب على الثوار اختراقها، تمتد من مدينة البعث على الحدود مع الجولان المحتل غرباً، حتى تل غرين في ريف درعا الشمالي شرقا، مروراً بتلال كروم وجبا وبزاق والشعار وعيون علق وعشرات النقاط المدعمة بميليشيا "فوج الجولان" الذي يشكل أبناء المنطقة غالبية عناصره.
وبالعودة إلى الثوار، فقد حملتهم انتصاراتهم السريعة والمتلاحقة في قلب حوران وشرقها إلى الإعلان عن معركة "عاصفة الجنوب" التي كانت تهدف إلى تحرير مركز محافظة درعا، والقضاء على أي تواجد للنظام في المدينة ومحيطها على الأقل، لكن كثرة الأهداف وسوء التخطيط، أديا إلى فشل المعركة، الأمر الذي استغله النظام لاحقاً وأخذ زمام المبادرة عبر مهاجمة مدينة "الشيخ مسكين" وبلدة "عتمان" بريف درعا، حيث تم احتلالها بعد معارك استنزاف طويلة أفقدت فصائل "الجبهة الجنوبية" ثقتها ببعضها، وتسببت بشرخ واضح بين مكوناتها.
الموك توقف الدعم عن "الجبهة الجنوبية"
بالتزامن مع العدوان الروسي على سوريا، في 30 أيلول الماضي، بدأت غرفة عمليات "الموك" بتقليل الدعم تدريجياً، لمعظم فصائل "الجبهة الجنوبية"، وذلك ضمن اتفاقيات دولية، الأمر الذي أدى إلى برود الجبهات مع النظام في عموم منطقة درعا وحوران، لاسيما أن معارك الفصائل مع لواء "شهداء اليرموك"، المتهم بمبايعة تنظيم "الدولة"، تسنزف الكثير من المقاتلين والعتاد.
اجتماع عاصف لفصائل "الجبهة الجنوبية"
عقدت غرفة "الموك" مؤخراً اجتماعاً مع 24 فصيل من أصل 52 تتبع لـ"الجبهة الجنوبية"، تراجعت خلاله الدول الداعمة عن قرارها بوقف الدعم العسكري لتلك الفصائل، وذلك على خلفية تقارير وصلت إلى "الموك" مفادها أن "الجبهة الجنوبية" على وشك الانهيار، بسبب ايقاف الدعم عنها من جهة؛ وعدم قتالها النظام من جهة أخرى، وعليه فقد تم إعادة الدعم المالي إلى فصائلها، كما أدخلت على الفور شحنتان من السلاح، بالإضافة إلى شحنة من صواريخ الغراد لفوج المدفعية.
يؤكد مصدر عسكري لـ"أورينت" أن الاجتماع ساده أجواء من التوتر والاتهامات المتبادلة بين قادة الفصائل، وانتهى بتشكيل ثلاث غرف عمليات ( غرفتان لقتال داعش وواحدة لقتال النظام)، والسماح للفصائل بقتال النظام على أن تبقى الأولوية لقتال تنظيم "داعش" مع وعود بالدعم اليسير في قتال النظام بعد القضاء على التنظيم.
السلاح في المستودعات لقتال "داعش" فقط
وفي السياق، انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيل صوتي للقيادي في "جبهة ثوار سوريا" (قاسم أبو الزين) أرسله قبل يومين إلى قائد عسكري في داريا يقول فيها حرفياً "أن غرفة الموك هي التي تمنع فتح المعارك لفك الحصار عن داريا، مشيراً إلى أن الذخيرة الموجودة في المستودعات هي لقتال "داعش" فقط، خاتماً رسالته " إلكم الله".
"فيتو الموك"
بدأ تهجير أهالي درايا بريف دمشق الغربي يوم أمس الجمعة، بسب تقاعس فصائل حوران عن فتح الجبهات وفك الحصار عن المدينة المحاصرة منذ 4 سنوات، قبلها بساعات، خرجت مظاهرات في عدة مدن وقرى بريفي درعا والقنيطرة نصرة لمدينة داريا، حيث رفعوا خلالها شعارات ضد القادة "المتخاذلين" وجميع الفصائل في المنطقة، ونددوا بتقاعسهم عن القيام بأي عمل عسكري، وفتح الجبهات للتخفيف عن داريا لمنع سقوطها. إذاً، "فيتو" غرفة "الموك" على فصائل الجبهة الجنوبية منع فتح الجبهات في حوان وانقاذ درايا، خصوصاً أن لواء "شهداء الإسلام" كبرى الفصائل العاملة في داريا منضوي في "الجبهة الجنوبية".
ماذا عن "الفصائل الإسلامية"؟
هذا كان حال فصائل "الجبهة الجنوبية" التابعة للجيش السوري الحر، فماذا عن الفصائل الإسلامية في حوران، وهنا يجب أن نذكر أنه بعد انجاز الجزء الأول من تحرير مدينة "الشيخ مسكين" في مطلع عام 2015 سحبت جبهة "فتح الشام" (النصرة سابقاً) قواتها من المعركة، وزجت بها في مواجهة لواء "شهداء اليرموك"، حينها انفردت الجبهة باتهامه ببيعة تنظيم "الدولة" وشرعت في قتاله ثم انضمت إليها حركة "أحرار الشام" الإسلامية. وبعد أكثر من عام من الصراع كانت جبهة "فتح الشام" قد انهكت عسكرياً، وانفض عنها الجزء الأكبر من عناصرها خوفاً أو رفضاً لهذا القتال، بينما كانت حركة "المثنى" الإسلامية في هذا الوقت تنسج تحالفاً مع لواء "شهداء اليرموك"، نتج عنه السيطرة المشتركة على أجزاء واسعة من ريف درعا الغربي، في مشهد ينذر بقرب إعلان "الإمارة" في الجنوب والحاقها بـ"دولة الخلافة التابعة لـ"أبو بكر البغدادي" في شمال سوريا. هذه التطورات المتلاحقة في ريف درعا الغربي، دفعت فصائل "الجبهة الجنوبية" إلى الزج بنفسها في الصراع، بأوامر من غرفة "الموك"، وتجدر الإشارة هنا إلى أن غرفة الموك كانت رفضت الانخراط، في البداية، في معارك مع جبهة "فتح الشام" وحركة "أحرار الشام" ضد لواء "شهداء اليرموك" بل وعاقبت الفصائل التي شاركت.
"المعركة المؤجلة لانقاذ داريا"
قبل ثلاثة أشهر من الآن، بدأت جبهة "فتح الشام" وحركة "أحرار الشام" وعدد من الفصائل الإسلامية، بالتحضير لمعركة تحرير مدينة البعث مركز محافظة القنيطرة بهدف إنهاء وجود النظام في المحافظة، ومن ثم التوجه لكسر الحصار عن بلدات الغوطة الغربية، ولا سيما داريا، إلا أن عوامل عدة أهمها الخلافات المستمرة بين "الجبهة والحركة" حالت دون إطلاق المعركة، بالتزامن مع تأكيد فصائل "الجبهة الجنوبية" أن جبهة "فتح الشام" رفضت اشراكها في العمل العسكري، ما دفع الأخيرة إلى البحث عن نقطة أخرى تخرق من خلالها سد النظام وتكسر حصار ريف دمشق الغربي وصولاً إلى داريا فوقع اختيارها على منطقة "مثلث الموت" إلا أن هذه المعركة لم تبدأ أيضاً . يرى نشطاء في حوران، أنه لا يوجد تفسير مقنع أو عائق منطقي يحول دون فتح المعركتين طيلة الشهور الثلاث الماضية، إلى أن سمعوا باتفاق "إخلاء داريا"، حينها فقط اتضحت الصورة لديهم ليقطع الشك باليقين، في أنه أمر قد دبر في غرف لا يرتادها عناصر و قادة الفصائل في حوران.
تمرد سعودي قطري على الموك 2016
عاصفةٌ من التصريحات الساخنة بدأت تهبّ مؤخراً باتجاه «الجبهة الجنوبية» في سوريا. مضامين هذه التصريحات تشي أن الجنوب السوري مقبلٌ على تصعيد جديد بعد هدوء استمر قرابة العام. الولايات المتحدة لوّحت بفتح جبهة ضد تنظيم «داعش» انطلاقاً من الجنوب. ومندوب سوريا الدائم في مجلس الأمن بشار الجعفري حذَر، أمس الأول، من حشود تقودها «غرفة عمليات الموك» على الحدود الجنوبية. ومع ذلك، تبقى الصورة في الجنوب السوري غامضة وغير قابلة للقراءة من دون الالتفات إلى الوقائع على الأرض، والتي تشير كل الدلائل إلى أنها تشهد إرهاصات انقلاب «جهادي» على فصائل «الجيش الحر»، وسط تسريبات عن جهود قطرية وسعودية تحظى بمباركة تركية لاستلام زمام المبادرة في الجنوب بعيداً عن «معادلة الموك» التي لم تعد قادرة على إرضاء طموحات هذا الثلاثي بعدما خضعت لمفهوم التهدئة طوال الأشهر الماضية.[3]
وكشف الجعفري من على منصة مجلس الأمن، الثلاثاء، أن «غرفة عمليات الموك الموجودة في عمان وتضمّ أجهزة استخبارات عربية وأجنبية وإسرائيلية، تحشد ما بين سبعة إلى تسعة آلاف مسلح داخل الأردن وعلى الحدود مع سوريا، بغية إطلاق هذه المعارضة المعتدلة المتوحشة قريباً باتجاه حدودنا الجنوبية لكي يمارسوا اعتدالهم في قتل الأطفال، وتدمير البنى التحتية للدولة، ومهاجمة الجيش»، متسائلاً «لو حدث هذا في أي دولة ماذا ستسميهم... وكيف ستتعامل معهم».
ويأتي تحذير الجعفري بعد أيام فقط من تلويح وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر بنقل نشاط «التحالف الدولي» المناهض لتنظيم «داعش» إلى الجنوب السوري، بعدما كانت عملياته تقتصر على الشمال والشرق. وقد اثارت تصريحات كارتر موجة من الجدل حول المقصود بها. فالبعض ذهب إلى أنها محاولة أميركية لتعويض الخسارة في حلب، بعد نجاح الجيش السوري في تطويق أحياء المسلحين من خلال سيطرته على طريق الكاستيلو، عبر فتح جبهة جديدة في الجنوب، فيما ذهب البعض الآخر إلى أن التصريحات الأميركة ليس لها اي علاقة بمحافظة درعا، بل هي تستهدف المنطقة الممتدة من الحدود السورية - الأردنية مروراً بمعبر التنف مع العراق ووصولاً إلى دير الزور وتحديداً البوكمال. ويستند هؤلاء إلى أن الوزير الأميركي تحدث عن فصل «مسرح العمليات في سوريا عن مسرح العمليات في العراق بشكل أكبر»، وهو ما يُفهم منه أن درعا ليست ضمن المخطط الأميركي.
ومن الصعب معرفة ما إذا كان كشف الجعفري عن مخطط «الموك» جاء ردّاً على تصريحات كارتر، أم أنه يصب في سياق ثانٍ قد تكون للولايات المتحدة يدٌ فيه أيضاً، كالخشية من وجود مخططات سرية تعمل واشنطن عليها بالخفاء، تكون متكاملة مع خططها المعلنة حول استهداف «داعش».
وأياً يكن الأمر، فإن التحذير الصادر عن الجعفري يشير بوضوح إلى أن الحكومة السورية لا تنظر بعين الرضا إلى التحركات الأميركية، ويبدو أن لديها اسبابا كثيرة تجعلها تقلق من أي مخطط أميركي جديد، بصرف النظر عن مكانه أو توقيته، لأنه قد يكون مجرد غطاء لتمرير أجندتها الخاصة بها والتي يشكل «التقسيم» أبرز مفرداتها. ولا تزال نبرة التشاؤم التي تحدث بها مدير وكالة الاستخبارات الأميركية «سي آي إي» جون برينان حول استبعاده بقاء سوريا موحدة، واحتمال سيطرة بعض الجماعات الايديولوجية على مناطق من البلاد، ترن في مسامع السوريين وتثير لديهم شكوكاً متزايدة حول حقيقة النيات الأميركية بخصوص مستقبل بلادهم. غير أن المشهد في الجنوب ينطوي على تعقيدات كثيرة من شأنها أن تزيد من صعوبة قراءته، لا سيما في ظل الزلزال الذي ضرب أحد أكبر وأهم فصائل الجنوب وهو «فرقة شباب السنة» التي كانت تعتبر الذراع اليمنى والموثوقة لغرفة عمليات «الموك»، كما أن قائدها المدعو أحمد العودة من بين قادة الفصائل التي شاركت في «مؤتمر الرياض»، وهو ما يعطيه حيثية سياسية تتوافق مع التوجهات الأميركية – الروسية التي تجلت في اجتماعات فيينا.
وكان ثمة توقعات بأن بعض الدول المشاركة في «غرفة الموك» كانت تعمل على تصدير العودة وتسليمه صلاحيات واسعة بعد دمج فصائل أخرى مع فصيله. لكنّ شيئاً ما حدث، جعل هذه التوقعات تذهب أدراج الرياح، إذ تمت، صباح أمس، إطاحة أحمد العودة من قيادة «الفرقة» وبالتالي إطاحة كل ما بني عليه من توقعات، عبر انقلاب سهل نسبياً نفذه بعض زملائه في قيادة الفرقة.
وفي التفاصيل، أن «فرقة شباب السنة» انقسمت في ما بينها وهاجمت مجموعاتٌ منها مكاتب قيادتها ومستودعات اسلحتها في مدينة بصرى الشام في ريف درعا، ومنعت قادتها من الدخول إليها، ليُصدر «المجلس العسكري التابع للفرقة» بياناً يعين فيه محمد الطعمة قائداً جديداً للفرقة خلفاً لأحمد العودة الذي تحدثت الأنباء عن فراره خارج المدينة مع بعض قادة الفرقة.
ويعتبر هذا انقلاباً عسكرياً كامل الأوصاف، خصوصاً أنه شهد اشتباكات مع أتباع القائد السابق الذين رفضوا تسليم أسلحتهم للقيادة الجديدة التي تسلمت مخازن الأسلحة والذخائر وسيطرت على مقار عسكرية في المدينة. وقد فسّر البعض هذا الانقلاب، الأول من نوعه الذي تشهده محافظة درعا، بأنه جاء استجابة لشكاوى عناصر الفرقة وأهالي بصرى الشام نتيجة فساد أحمد العودة وتصرفاته الخاطئة، ولاسيما إصراره على تهدئة الجبهة الجنوبية في رضوخ كامل لتوجيهات «الموك» من دون أن يأخذ بالاعتبار مناشدات «أخوة السلاح» في الشمال السوري بضرورة تسخين الجبهة للتخفيف عنهم.
لكن هذا التفسير الضحل لا يكفي لفهم طبيعة التحولات التي تجري في محافظة درعا والتي تصب في خانة توسيع نفوذ الاسلاميين وزيادة هيمنتهم على الساحة شيئاً فشيئا،ً وسط عجز من قبل فصائل «الموك» عن مقاومته. ويرى العديد من نشطاء المدينة أن هذه التحولات لا تجري تلقائياً، بل تقف وراءها دول معروفة لها مصلحة في تقوية الاسلاميين تمهيداً للخروج عن هيمنة «الموك» على قرار العمل العسكري في المحافظة، وبالتالي تمهيداً للبدء في تنفيذ مشروعها الخاص الذي لن يكون مختلفاً عما يجري في الشمال السوري، وتحديداً في إدلب حيث أصبح الاسلاميون هم المسيطرون على الأرض وعلى القرار، مع انعدام أي تأثير لفصائل الجيش الحر.
وفي هذا السياق، لا يبدو مفاجئاً الخبر الذي انتشر قبل أيام في درعا وتحدث عن مبايعة 500 مسلح لحركة «أحرار الشام». وقبل ذلك، كانت فصائل عدة قد أعلنت انضمامها إلى «أحرار الشام» وإلى «جيش الاسلام» في أعقاب فشل «عاصفة الجنوب»، أهمها «لواء العقيد أحمد العمر» و «لواء مشروع بناء أمة»، و «مجد الإسلام» ولواء «صقور حوران».
وتشير الفاعلية المستجدة لكل من «احرار الشام» و «جيش الاسلام» في درعا إلى وجود جهات خارجية تقف وراءهما وتتكفل بالنفقات والمصاريف وغيرها من الاحتياجات التي يستلزمها توسيع نفوذهما في المدينة. وبينما تقف السعودية وراء «جيش الاسلام» في محاولة لتقوية نفوذها في الجبهة الجنوبية على نحو يساعدها في الضغط على العاصمة دمشق التي لا تخفي الرياض إرادتها بإسقاط نظام الحكم فيها، فإن الدوحة تقف وراء «أحرار الشام» بمباركة تركية.
وقد كشف حساب «ويكليكس درعا» على «تويتر»، وهو حساب متخصص في كشف كواليس الفصائل المسلحة في درعا، عن تلقّي «أحرار الشام» مبلغ ثلاثة ملايين دولار مقابل العمل على استقطاب الفصائل من أجل العمل على فتح طريق نحو الغوطة الغربية في ريف دمشق». وأكد أن «أول الفصائل التي تعرضت للابتزاز هي ألوية الجنوب، فكانت معادلة ذخيرة ومال ومحروقات مقابل الاندماج مع الحركة»، مشيراً إلى أن «الدعم القطري الجديد خارج غرفة عمّان الموك» يهدف إلى السيطرة على الشريط الحدودي مع إسرائيل مقابل التقدم باتجاه الغوطة الغربية»، ولفت إلى أن «الدعم الفعلي في الجنوب الآن موجه إلى «أحرار الشام» و «جيش الاسلام» من السعودية وقطر وهما فصيلان مطواعان مقابل الدعم المالي والسياسي».
وفي هذا السياق كان من اللافت، أن يصدر عن لبيب نحاس، الذي يحمل لقب «أبو عز الدين»، مدير العلاقات الخارجية في «أحرار الشام» تهديد مباشر إلى فصائل الجنوب بأنها تستحق القيام بثورة ضدها، حيث كتب على حسابه على «تويتر» قبل ساعات من حدوث الانقلاب في «فرقة شباب السنة» بأنه «إن كان تحرّر حوران من القيود التي فُرضت عليها يتطلب ثورة أخرى، لوجب القيام بها لأنه لا طاقة للنظام بهجوم منسق من درعا إلى حلب» والمقصود بالقيود هو اشتراطات «غرفة الموك».
فهل تشهد درعا انقلاباً «جهادياً» على غرفة عمليات الموك؟ وما مدى إمكانية نجاح هذا الانقلاب؟ وماذا ستكون مواقف الدول المشاركة في «الموك» إزاء ذلك، أم أنها تغض الطرف عمداً بعدما فشل رهانها على فصائل «الجبهة الجنوبية» في تغيير موازين القوة؟ وفي هذه الحالة، ما هي التداعيات التي ستترتب على الأردن الذي يحتضن مقر «الموك» خاصةً إذا تحققت معلومات الجعفري وكانت جبهة الجنوب على موعد مع تصعيد ساخن قد يجعلها تسير في المسار ذاته الذي سارت به جبهة الشمال وانتهى بها إلى الانزلاق التام في أحضان «الجهاديين» وما تبع ذلك من ارتدادات أصابت العديد من الدول بشظاياها.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الهامش
- ^ مهند الحوراني (2014-10-27). "«الموك» غرفة العمليات الدولية المشتركة التي تقدم الدعم للمعارضة المسلحة المعتدلة". صحيفة القدس العربي.
- ^ بشر أحمد (2016-08-27). "ما دور "غرفة الموك" في إسقاط داريا .."القصة كاملة"". أورينت نت.
- ^ عبد الله سليمان علي (2016-08-04). "«الموك» غرفة العمليات الدولية المشتركة التي تقدم الدعم للمعارضة المسلحة المعتدلة". صحيفة السفير اللبنانية.