المفرزات النباتية

المُفْرَزات النباتية vegetal secretions، تسمية تطلق على محتويات خلايا أو أعضاء مُفْرِزة دائمة في بدن النبات، إمّا أن تحتفظ النباتات بها حتى موتها، وإما تطرحها خارجاً بالفواح، مثل العطور؛ أو بالسيلان، مثل الصموغ، في حين تُطلَق تسمية مفرزات حيوانيّة على موادّ تنتج في السيتوبلاسما الحيّة انطلاقاً من موادّ مجلوبة من خارجها؛ لتطرح خارج العضويّة.[1]

يستعمل بعضُ الكتّاب لفظة مفرزات secretions للدلالة على مواد مفرزة مفيدة للنبات كالأوكسينات auxins على سبيل المثال، ولفظة مُطْرَحات excretions للدلالة على فضلات مفرزة لا تُطْرَح خارج جسم النبات، مثل الراتنج واللبن النباتيّ.

تختلف المفرزات النباتيّة بعضها عن بعض بالطبيعة الكيمياويّة، وباختلاف الأعضاء المُنْتََجة والمُكدّسة للمفرزات.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الطبيعة الكيميائية

تُصنَّف المفرزات النباتيّة حسب طبيعتها الكيمياويّة إلى: سكّريّات وحموض وتربينات وعطور وقلوانيّات وعفص وألبان نباتيّة.

المفرزات السكّريّة: تُعدّ بعض السكريات من المفرزات، مثل رحيق الأزهار، الذي يتكون من السكريات المصنوعة في الأوراق والمدّخرة في السوق أو الجذور، وينتقل بوساطة النسغ الخام إلى الغدد الرحيقية المُفْرِزة. فرحيق أزهار الفريتيلاري Fritillaria على سبيل المثال يحوي 8 في المئة سكريات، ورحيق أزهار الفربيون Euphorbia يحوي 55 في المائة، ورحيق أزهار الحوذان Ranunculus يحوي 25 في المئة. وتضم صموغ المشمش والخوخ والكرز المتكوِّنة بالقرب من الجروح، والمساعدة على التئامها كمّيات لا يستهان بها من السكريات.

وفي مجالات أخرى، تطرح بعض الجذور السكريات التي لا تستوعبها للحفاظ على التوازن السكري البروتيني الذي يُنَشِّطُ نمو الأحياء الدقيقة حول الجذور.

المفرزات الحامضية: تساعد المفرزات الحامضية في بعض النباتات، وفي مستوى الجذور على حلّ المكونات الصخرية.

المفرزات التربينيّة: تنتج بعض النباتات مفرزات تربينية مُكَوَّنة من فحوم هدروجينية غير مشبعة من زمرة عديدات الأجزاء (المتماثرات = البولميرات polymers) أو متماثلات أجزاء (متماكبات = إيزوميرات isomers) منحلة في أغلب المحلات العضوية. تتجمع المفرزات التربينية في القنوات المفرزة لعدد من الأنواع النباتية، وهي مكونات غالباً ما تكون طيارة فوّاحة الرائحة العطرية. أبرز أمثلتها: النعنع والصعتر والقنّب والبرتقال والليمون والآس والكمّون واليانسون وكثير غيرها. أطلقت تسمية التربينات في بادئ الأمر فقط على الفحوم الهدروجينية، وتوسّعت هذه التسمية لتشمل مركبات تضم الأكسجين والموجودة في الزيوت العطرية الطيارة، والتي لها ضروب متعددة ممثلة بتوابل الزعفران والكرفس والغار وندى البحر (أو الحصلبان) وجوزة الطيب والعرعر والأفسنت والفلفل ومسامير القرنفل. ويُستخلص بالماء المغلي نقيع: الشاي والنعنع والبابونج وغيرها.

وتستعمل هذه النباتات أيضا،ً ولكن بتراكيز مختلفة، لأغراض طبية مثل: الأوكاليبتوس والصنوبر والشيح والبابونج ومسامير القرنفل والكافور.

وتتألف العطور الطيارة خاصة من عدد قليل نسبياً من جزيئات الإيزوبرين من مرتبة (C 5).

والمفرزات أحاديات التربين من مرتبة (C 18) ومشتقاتها كثيرة التنوع، من أبرزها: الجيرانيول والليمونين والبنين (أي الصنوبرين) الداخلة في تركيب عدد كبير من العطور، ويلاحظ وجود منتجات تربينية مُؤكسَدة في اللبن النباتي والراتنج. وتكون الأوزان الجزيئية عالية في المفرزات الهرمونية الثقيلة، كما في الجيبيريلينات gibbérellines والأبسيسين abscessine الدورمين dormine. وأخيراً، تتكون بعض الكتل الذرية من آلاف الجزيئات الإيزوبرينية مكونة المادة الرئيسة للكوتشوك المستحصل من لبن نبات الأوفوربيا Euphorbia، والهيفيا البرازيلية Hevea brasiliensis.

المفرزات القلوانية: تعد القلوانيات alkaloids أحياناً من المفرزات، وهي مواد بروتيدية تمثل فضلات عمليات الاستقلاب النباتي. لهذه المواد الأمينية القلوية خصائص صيدلانية مهمة، فهي بالغة السمية للإنسان إذا استعملت بتركيز مرتفع. من هذه المركبات التي تضم الفينل ألانين يذكر الايفدرين ephedrine المحاكي للُودي sympathicomimetic المستحصل من نبات الايفيدرا Ephedra ، والهورديئين hordeine رافع الضغط الشرياني المستحصل من الشعير، والكولشيسين colchicine بنزوليّ النواة، مضاد الالتهاب، والمثبط للانقسام الخلوي في مرحلة الطور الثاني.

وتضم أوراق الكوكا Coca نوى البيبيردين piperidine أو البيروليدين pyrrolidine. ويضمّ نبات السوكران Conium maculatum الكونيسيدين conicidine شديد السمية، وفي نبات الخروع يوجد الريسينين ricinine، ويعزى إلى البيبيرين piperine الطعم اللاذع للفلفل، وإلى النيكوتين رائحة التبغ، وإلى الستركنين strychnine والبروسين brucine خواص الجوز المقيئ، و إلى الايرغوتامين ergotamine سمية فطر مهماز الشيلم الذي يحوي نواة أندولية. وتوجد نواة الكينوليك quinoléique في نبات الكينا quinquina، ويمثل الناركوتين narcotine المادة الفعالة في الخشخاش، والأفيون، والبابافيرين. وحول نواة التروبان tropane يتشكّل الأتروبين الموجود في نبات السيدة الحسناء Atropa belladonna وفي غيرها من نباتات الفصيلة الباذنجانية. ويمكن أيضاً ذكر الكوديئين الذي يحوي نواة الفيننانترين، والمنبِّهات المدرّة للبول، مثل الكافيئين الموجود في القهوة، والتيين في الشاي.

المفرزات العفصية: تتكدس المركبات العفصية غالباً في خلايا خاصة يمكن تصنيفها مع المفرزات النباتية، وهي مركبات فينولية مُرْجَعة قادرة مع المركبات البروتيدية على تكوين معقّدات ثابتة، غير قابلة للتفسخ، تستخدم في دباغة الجلود. ويحوي خشب الكبراشو Qubracho الذي ينبت في أمريكا الجنوبية، المستعمل صناعياً، 20 في المائة من العفص من وزنه الجاف. في حين يحتوي خشب السنديان Quercus 10 في المائة، وتحوي شجرة الشورى avicennia والأكاسيا والكستناء وأوراق الشاي والسماق كميات وفيرة بها من العفص. وتصل كمية العفص في عفصات حلب المتشكّلة فوق أشجار بلّوط الجبال السورية، إلى 70 في المئة.

توجد المادة العفصية بشكل محلول غروي في فجوات عدد من الخلايا النباتية وهي غالباً غير ضارة بالنبات بسبب علاقتها بالسكاكر غير المتجانسة، ولا تعد من الفضلات ولا من المدخرات إذ يتحرر بعضها من السكر، كما أن بعضها يبقى في الأعضاء الآخذة بالنمو.

مفرزات اللبن النباتي: يعرَّف اللبن النباتي بخواصه الفيزيائية: فهو خليط من مواد غروية أو مستحلبة أو معلقة في نسيج متخصص. تختلف مكوناته باختلاف الأنواع، وهي تحوي أملاحاً معدنية وسكريات وحموضاً دسمة وسكاكر غير متجانسة وقلوانيّات وبروتينات غرويّة وإنزيمات وليبيدات وزيوتاً راتنجية مستحلبة وقد نكون على شكل قطرات من الكوتشوك أو حبيبات من النشاء. وتعد بعض مكونات اللبن النباتي مدَّخرات ، وبينما تعد الأخرى من الفضلات التي ليس لها استعمالات في النبات.


الأعضاء المُفْرِزة

تنتج الأعضاء المفرزة مركبات تتكدس في مواقع مختلفة من النبات. فهنالك الخلايا المفرزة المعزولة، وضروب البشرة المفرزة، والجيوب المفرزة، والقنوات المفرزة، والأوعية اللبنية latex ducts متنوعة الأشكال. فالخلايا العفصية موجودة في البرنشيم القشري والمخي في نبات الورد وفي أوراق الكافور. وتضم بعض نماذج البشرة عدداً كبيراً من الخلايا المفرزة التي تفوح رائحتها عبر القشيرة كما في بشرة بتلات عدد من أزهار الورد والبنفسج. وقد يتمركز الإفراز في الأوبار الغدية القصيرة أو الطويلة كما في نبات اللافاند Lavendula. وتُحمل الأوبار المفرزة على رجيلات في نبات البالوتا Ballota. ومن الأوبار ما يضم مفرزات قراصية. وتتوضع المفرزات تحت البشرة في جيوب مفرزة خاصة تميز الليمون والبرتقال. وتستطيل القنوات المفرزة وفق المحور الطولي للنبات، إذ تحاط لمعة قناتها المركزية بعدد من الخلايا المفرزة المُدَعَّمَة بعدد من الخلايا الواقية. ويلاحظ مثل هذه القنوات في أوراق الصنوبر ونباتات الفصيلة الخيمية، مثل الجزر والبقدونس والكزبرة.

تكوِّن الأوعية اللبنية البيضاء اللبن النباتي الذي يظهر عند جرح النبات، في نباتات الفصيلة الفربيونية وفي الخس والهندباء والقنب، ويكون اللبن النباتي أصفر في الخشخاش، وأزرق في الأوفوربيا الحرجية Euphorbia sylvatica.

التصنيف

تصنف الأوعية اللبنية في ثلاثة نماذج:

أ- الأوعية اللبنية الحقيقية غير المفصلية؛ وهي تتكون من خلايا جنينية وحيدة متفرعة، يصل طولها إلى بضعة أمتار، وقد تتجاوز أحياناً عشرات الأمتار، و يحصل على محتوياتها بجرح النبات فيسيل اللبن النباتي حتى يلتئم الجرح كما في نبات الأوفوربيا.

ب- الأوعية اللبنية الزائفة المفصلية؛ وهي تتكون من عدد من الخلايا المفرزة التي تزول حواجزها العرضية تدريجيّاً كما في أنواع الفصيلة المركّبة التي يستخرج لبنها النباتي باستعمال المحلات.

ج- الأوعية اللبنية المختلطة، وهي أوعية غير متفرعة، تتكون تدريجيّاً مع نمو النبات كما في القنّب.

المصادر

  1. ^ "المفرزات النباتية". الموسوعة العربية. Retrieved 2012-03-30. {{cite web}}: Unknown parameter |Author= ignored (|author= suggested) (help)

المراجع

  • STRSBURGER, Textbook of Botany ( Longman, London and New York 1980).
الكلمات الدالة: