جسم أسود
يعتبر الجسم الأسود في الفيزياء جسما مثاليا يمتص كل موجات الضوء الساقطة عليه دون أن يعكس أي منها. وكما يمتص الجسم الأسود جميع موجات الضوء الساقطة عليه، يقوم أيضا بإصدار جميع موجات الإشعاع الحراري، أي إشعاع الجسم الناتج عن درجة حرارته. ويمكن أن يكون الضوء جزءا منها. ونذكر هنا بالحديد الساخن يحمر لونه ثم يصفر. ولدراسة إشعاع الأجسام اختار الباحثون الجسم الأسود لهذا الغرض لتناسب خواصه. ويمكن تمثيل الجسم الأسود بفقاعة في مادة صلبة غير شفافة استعملها بعض العلماء بدلا من الجسم الأسود فهي تشاركه نفس الخواص. بوضع تلك الفقاعة عند درجة حرارة ثابته، فتصل إلى حالة التوازن الحراري، ويصبح فيها طيف من الموجات الحرارية، وقد أثبتت القياسات أن هذا الطيف يعتمد على درجة حرارة جدرانها. فكل درجة حرارة لها يتبعها توزيع معين لطيف إشعاعها الحراري ،وهذا يحدث تماما مع الجسم الأسود.
وإذا وضع جسم أسود وله حرارة معينة بالقرب من أجسام أخرى في حالة إتزان حراري فإنه في المتوسط يُشع من الموجات الحرارية بقدر ما يمتصه، وهذه الحالة تسمي حالة الاتزان الحراري. الشكل على اليسار يبين عدة أطياف لإشعاع الجسم الأسود وهي تبين العلاقة بين فيض الطاقة الصادرة وطول موجة الموجة حيث تمتد طول الموجة من كذا إلى كذا. ونجد أن هذا التوزيع يتميز بقمة عند طول موجة مقدارة نحو كذا. كما نلاحظ أن تلك القمة تنزاح نحو طول موجة أقصر بارتفاع درجة الحرارة، وتزيد في نفس الوقت كمية الطاقة المشعة(وهي تعادل المساحة تحت كل منحنى).
هذا الشكل المميز لطيف الموجات الحرارية (وهي موجات كهرطيسية) كان البحث الرئيسي لماكس بلانك العالم الألماني الذي علي أساسه توصل إلى نظرية الكم، والتي تقول أن الطاقة لها حد صغير مقداره ثابت بلانك ولا توجد طاقة على الإطلاق أقل من هذا الثابت الطبيعي.
وظاهرة انزياح القمة في منحني بلانك نحو طول موجة أقصر بارتفاع درجة الحرارة فهي ترجع في اكتشافها إلى عالم ألماني آخر اسمه فين، وقد صاغ تلك الحقيقة في معادلة باسمه وتسمي معادلة فين للإنزياح، وكان ذلك في السنوات 1900 - 1905
في نفس الوقت حاول العالمان الإنجليزيان رايلى وجينس وصف الكيف الحراري، وتوصلا إلى معادلة أخرى تعطي العلاقة بين الطاقة الصادرة من الجسم الأسود وعلاقتها بدرجة حرارة الجسم. إلا أن معادلتهما لم تحقق النجاح الكافي، ونري في الشكل على اليمين المنحني الناتج عن معادلتهما.
بدراسة الإشعاع الحراري للجسم الأسود يعيننا علي معرفة أطياف الشمس والنجوم. كما لها تطبيقات عملية تستخدم في بعض الصناعات التي تعتمد على درجات الحرارة العالية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
العلاقة بين طاقة الشعاع الكهرومغناطيسي وطول موجته
أثبت الفزيائيون أنه توجد علاقة بين طاقة الشعاع وطول موجته. فإذا رمزنا لطول الموجة شعاع ب () فإن الطاقة المقترنة بها E (طاقة الشعاع) تعطى بالعلاقة :
E = h c /
حيث h ثابت طبيعي يسمى ثابت بلانك،
و c سرعة الضوء في الفراغ (وهي أيضا ثابت طبيعي).
كما أن الطاقة ترتبط مع التردد بالعلاقة التالية:
E = h
حيث التردد.
كما يرتبط تردد موجة كهرطيسية بطول موجتها بالعلاقة (المعروفةعن الصوت):
. = c
حيث c سرعة الضوء في الفراغ.
- كلما زادت درجة حرارة الجسم الأسود تكون الطاقة المنبعثة منه ذات طول موجة أقصر، وتزداد شدة الإشعاع بزيادة درجة الحرارة.
حساب طاقة الشعاع الكهرطيسي
علاقة بلانك المذكورة أعلاه تعطينا العلاقة بين طاقة الشعاع وتردده:
E = h
حيث التردد، و h ثابت بلانك.
نريد بواسطة تلك المعادلة حساب طاقة شعاع من وسط قمة منحنى بلانك لأشعة الشمس وليكن شعاع ذو طول موجة 500 نانو متر (انظر توزيع بلانك للشمس أسفله (الرسم البياني الإيطالي)).
حساب طول الموجة بالمتر = 500. 10-9 متر
- = 5. 10-7 متر
ونحسب تردد الشعاع من العلاقة :
- تردد الشعاع = سرعة الضوء (متر/ ثانية) ÷ طول الموجة (متر)
- = 3.108 (متر/ ثانية) ÷ 5.10-7 (متر) = 6.1014 (1/ثانية) أو هرتز
ثابت بلانك = 6,6. 10-34 جول. ثانية
- = 6,6. 10-27 إرج. ثانية
- = 3,9. 10-15 إلكترون فولت. ثانية (s. eV)
يستعمل الفيزيائيون في هذه الحالة ثابت بلانك كوحدة (الإلكترون فولت. ثانية) لتسهيل الحساب، حيث أن المقدار (بالجول.ثانية) صغير جدا.
نعوض الآن في معادلة بلانك، فنحصل على :
- h = E. تردد الشعاع
- = 3,9. 10-15 (إلكترون فولت. ثانية). 6.1014 (1/ثانية)
- = 2,3 إلكترون فولت
أي أن شعاع الطيف ذو طول الموجة 500 نانومتر له طاقة 3و2 إلكترون فولت.
- كما يمكن حساب طاقة الشعاع بالواط إذا أردنا ولكن 3و2 إلكترون فولت بوحدة الواط ستكون مقدارا صغيرا جدا يصعب الاحتفاظ به في الذاكرة.
- (ومن يريد إجراء تلك الحسبة فعليه الرجوع إلى وحدة طاقة.
إشعاع الجسم الأسود
وكان العالم كيرشوف قد بين من اعتبارات الديناميكا الحرارية أنه بالنسبة لأي طول موجة تكون النسبة بين معدل إصدار سطح مادة ما ومعدل الإصدار من سطح الجسم الأسود تساوي عامل الامتصاص لهذه المادة عند هذا الطول الموجي. وهذا ما جعل سطح الجسم الأسود مصدرا عياريا ملائما للإشعاع وامتصاص الأشعة الحرارية. وسوف نقتصر على دراسة إشعاع الجسم الأسود، وذلك بتخيل أن شعاعا ذو طول موجة معين دخل من ثقب في جدار فقاعة في مادة صلبة سوداء، فإنه سينعكس عدة مرات على جدران الفقاعة الداخلية، حتى يصل إلى حالة التوازن الحراري. وحالة التوازن الحراري هذه تتسم بأن كل ذرة من الذرات المكونة للجدران تصدر طيفا من الإشعاعات الكهرطيسية، بنفس القدر الذي تمتصه من إشعاعات الذرات الأخرى. فيملأ طيف الإشعاع الكهرومغناطيسي الفقاعة ويصل إلى حالة التوازن. أي أن في حالة التوازن الحراري داخل الفقاعة يكون مقدار الطاقة الذي تـُصدره الذرات في وحدة الزمن مساويا مقدار الطاقة الذي تمتصه. وتصبح كثافة طاقة الطيف الكهرطيسي في الفقاعة ثابتة.
وكانت التجارب قد بينت أن للإشعاع الكهرطيسي المحتجز داخل الفقاعة (وبالمثل للإشعاع الصادر من الجسم الأسود) وهو في حالة التوازن الحراري، يكون له توزيعا للطاقة محددا تماما يعتمد على درجة حرارته (انظر الشكل). وينتمي لكل تواتر (أو طول موجة ) كثافة طاقة محددة، لا تعتمد إلا على درجة حرارة الجسم ولا علاقة لها بمادة هذا الجسم.
ويبين الشكل البياني أعلاه توزيع طول موجة الإشعاع الصادر من الجسم الأسود وشدة الإشعاع، وعلاقتهما بدرجة حرارة الجسم الأسود. ونرى أن النهاية العظمى للمنحني تزيد وتنزاح في اتجاه طول موجة أقصر كلما ارتفعت درجة حرارة الجسم.
وقد أدت مسألة إيجاد الآلية التي تجعل طاقة إصدار الذرات للإشعاع الحراري موزعة على مختلف التواترات كما يشاهد تجريبيا إلى ولادة فيزياء الكم. ذلك أن كل المحاولات التي جرت في نهاية القرن التاسع عشر لتفسير هذا التوزيع الطاقي بالاستناد إلى المفاهيم الكلاسيكية بالاستعانة بالميكانيكا الحرارية وقوانين الكهرومغناطيسيةالتي كانت سائدة في ذلك الوقت باءت بالفشل (قارن منحنى العلاقة الكلاسيكيه بالرسم).
يبين الشكل المقابل (الإيطالي) طيف الشمس الذي التقطه أحد الأقمار الصناعية (باللون الأصفر)وهو ينطبق انطباقا جيدا على منحني بلانك من أول الطيف إلى آخره، وكلاهما يبين قمة للإشعاع بين موجة طولها 750 نانومتر ونحو 370 نانومتر، وهذا هو حيز الضوء المرئي. وتجري المقارنة في نفس الوقت بطيف الشمس الملتقط على سطح الأرض (باللون الأحمر)، ولايزال التطابق جيدا بينهم مع الفارق أن طيف الأرض يتعرض عند بعض أطوال موجة أشعته للامتصاص في جو الأرض، الشيئ الذي يترك فيه بعض الفجوات وهي ناشئة في معظمها عن امتصاص بخار الجو لتلك الأشعة. كما نلاحظ أن الطيف الحراري للشمس ينتهي تقريبا عند طول موجة قدرها نحو 170 نانومنتر وهو تقريبا نهاية الأشعة التحت بنفسجية.
قوانين خاصة بالجسم الأسود
قانون ستيفان-بولتزمان
- مقالة مفصلة: قانون شتفان-بولتسمان
ينص قانون شتفان-بولتسمان على أن الطاقة الكاملة المنبعثة من الجسم الأسود واط في الثانية لكل وحدة مساحة تتناسب مع القوة الرابعة لدرجة حرارة الجسم كلفن.
E(T) = . T4
قانون رالي-جينز
- مقالة مفصلة: قانون رالي-جينز
اعتبر العالمان رالي وجينز في أوائل القرن العشرين أن الجسم الأسود مكون من عدد كبير من المتذبذبات المشحونة التي تتحرك حركة توافقية بسيطة simple harmonic motion وهذه المتذبذبات المشحونة تطلق أشعة كهرومغناطيسية أثناء حركتها بحيث تكون كثافة توزيع الطاقة المنبعثة من الجسم الأسود مساوية لكثافة الطاقة للمتذبذبات عند الاتزان الحراري. وقد وضع العالمان بناء على هذه الفرضية طبقا للديناميكا الكلاسيكية المعادلة التي تعطي عدد المتذبذبات لكل وحدة حجم المسئولة عن كثافة الإشعاع عند طول موجي معين , حيث أن:
حيث c سرعة الضوء في الفراغ
- k ثابت بولتسمان
- T درجة الحرارة (كلڤن)
والمعادلة الخاصة بالتردد هي:
- .
وكما نرى في الشكل المقابل أن هذه الفرضية لرالي وجينز فشلت في تفسير طيف الجسم الأسود، فبينما تنطبق مع القياسات الأطوال موجة طويلة (وبالتالي تردد منخفض)، لكنها نتحرف عن القياسات للموجات القصيرة (أي الترددات العالية). أي أن تطبيق الميكانيكا الإحصائية الكلاسيكية أدى إلى هذه النتيجة الغريبة، ودعيت هذه المشكلة وقتها بالكارثة فوق البنفسجية.
قانون بلانك
حيث:
- الطاقة الصادرة من 1سم مربع من سطح الجسم الأسود في الثانية في وحدة الزاوية الصلبة بين التردد v و v+dv عند درجة حرارة T :
- سرعة الضوء
نلاحظ أن كل فقرة تردد بين v و v+dv لها قيمة لمقدار الطاقة الصادرة وتمثل نقطة على منحني بلانك.
في عام 1900 قام العالم الألماني بلانك Planck بدراسة توزيع إشعاع الجسم الأسود وافترض أن الذرات في الفقاعة التي تمثل الجسم الأسود، تسلك سلوك هزازات توافقية وأن كلا منها تهتز بتواتر معين ،وفي حالة الاتزان الحراري تمتص أو تصدر كم من طاقة الإشعاع متناسبا مع تواتر اهتزازها. أي أن يكون هناك حد أدنى للطاقة مقدارة h كثابت طبيعي لا ينقسم ووحدته جول.ثانية وهذا جديد على النظرية الكهرومغناطيسية الكلاسيكية التي تتيح تغير الطاقة تغيرا مستمرا من دون أحدود للانقسام. وحصل نتيجة ذلك على قانونه الموصوف أعلاه (قانون بلانك للإشعاع)الذي يتفق تماما مع القياسات المعملية. عند مقارنة منحني بلانك في الشكل المجاور مع الطاقة الصادرة من الشمس (المقاسة فوق الغلاف الجوي للأرض) نجد أنطباقا جيدا بينهما.
بذلك توصل بلاك إلى الثابت الطبيعي h المسمى باسمه، وهو يعطي العلاقة بين طاقة الشعاع الكهرونغناطيسي E وطول موجته lamda :
E=h.c/lamda
حيث h ثابتة بلانك و c سرعة الضوء في الفراغ.
لجأ بلانك لإعطاء علاقته السابقة أساسا فيزيائيا نظريا إلى الطرق الإحصائية لحساب الأنطروبية، ولجأ إلى حساب عدد الطرق الممكنة التي يمكن أن تتوزع بها كمية معينة من الطاقة على عدد معين من الهزازات في الفقاعة (الجسم الأسود). ووجد أنه لو عوملت الطاقة على أنها مقدار مستمر (كما هو متعارف عليه) لكان عدد هذه الطرق لانهائيا. لذلك قسم بلانك، لتسهيل عملية عد هذه الطرق، طاقة الهزازات الكلية إلى "عناصر" مقدار كل منها :
وسميت تلك "العناصر" فيما بعد كمّات quanta (مفردها كم quantum)، ووجد أنه يمكن بواسطة تلك العلاقة التوفيق بين النظرية والقياسات إذا كانت n أعدادا صحيحية... 3، 2، n = 1.
تبين بذلك أن الطاقة لها وحدة كثابت طبيعي لا ينقسم. وكان ذلك طفرة كبرى في عالم الفيزياء وفهم جديد أوسع لطبيعة الكون. وفتحت الطريق عام 1900 لنظرية الكم، التى استطاعت في الأعوام 1923 - 1930 تفسير تركيب الذرة وتوزيع الإلكترونات فيها، ولا زالت ميكانيكا الكم المبنية على نظرية الكم لماكس بلانك تحقق نجاحات كبيرة في عالم الفزياء حتى اليوم. والمعضلة التي لا زالت تحير العلماء هو الربط بين ميكانيكا الكم وظاهرة الجاذبية في نظرية موحدة. فميكانيكا الكم تصف بوضوح كامل عالم الذرةو الجزيئات والأجسام دون الذرة، والجاذبية تحكم حركة الأجرام الكبيرة الشمس والقمر والأرض.
قانون فين
قانون فين للانزياح يقول أن طول موجة العظمي لإشعاع الجسم الاسود تتناسب تناسبا عكسيا مع درجة حرارته :
حيث:
- λmax طول النهاية العظمي للموجة (بالمتر)
- T درجة احرارة الجسم كلفن
- b ثابت يسمى ثابت فين
وهو يساوي = 10 (-3). 2.897786 (كلفن. متر)
استنتاج معادلة فين من معادلة بلانك
توصل العالم الألماني (فين)إلى معادلته عن الانزياح عام 1893 عن طريق تطبيق الديناميكا الحرارية على الإشعاع الكهرومغناطيسي. وتوجد طريقة جديدة نتبعها الآن للحصول عليها عن طريق قانون بلانك للجسم الأسود:
وطبقا ً لقانون بلانك، يمثل طيف الجسم الأسود بالمعادلة :
ونريد الحصول على هذة الدالة عندما تكون نهاية عظمى. لهذا فإننا نفاضل المعادلة بالنسبة ل ونساويها بالصفر. فنحصل على:
وإذا وضعنا:
فنحض على المعادلة التالية:
هذه المعادلة ليس لها حل. ولكننا نستطيع الحصول على قيمة x بحساب المعادلة لقيم مختلفة ل x حتى نصل إلى النتيجة.
- (عدد مطلق)
وبوضعنا بوحدة النانومتر، ودرجة الحرارة (كلفن) نحصل على معادلة فين :
- .
- حيث T تعطى بالكلفن.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .