التجريدة الفرنسية على سوريا

قوات التجريدة الفرنسية بقيادة الجنرال بوفور دوتپول، ترسو على شواطئ بيروت في 16 أغسطس 1860.

التجريدة الفرنسية على سوريا French expedition in Syria، حدثت فيما بين 1869 و1861. وأرسلت التجريدة في أعقاب مقتل آلاف الموارنة، اليونان الأرثوذكس والملكيين على يد الدروز والمسلمين في جبل لبنان ودمشق في يونيو-يوليو 1860.[1] كانت سوريا الكبرى وقتها جزءا من الدولة العثمانية.[1]

Abd el-Kader famously helped Christians escape massacre, Jean-Baptiste Huysmans, 1861.

في أعقاب المذبحة والانتقادات الدولية، وافقت الدولة العثمانية في 3 أغسطس 1860 على إيفاد أكثر من 12.000 جندي اوروبي إلى المناطق محل النزاع.[2] وأخذت هذه الاتفاقية شكل رسمي عندما تحولت إلى مبادرة أطلقتها النمسا، اليونان، بريطانيا العظمى، فرنسا، پروسيا، وروسيا.[1] كانت نصف القوات المشاركة في التجريدة قوات فرنسية والنصف الآخر أرسلته البلدات الباقية المشاركة في المبادرة.[1] لإضفاء الشرعية على تدخلها، ادعت فرنسا بقيادة ناپليون الثالث، دورها القديم في حماية للمسيحين في الدولة العثمانية.[3]

عين الجنرال بوفور دوتپول قائدا للتجريدة.[2] يتمتع دوتپول بخبرة كبيرة ودراية واسعة في شؤون الشرق الأوسط، حيث كان رئيس قوات ابراهيم باشا في عام 1834 أثناء الحملات المصرية على سوريا.[4]كان قوات التجريدة الفرنسية 6,000 جندي معظمهم من Châlons-sur-Marne، ورست الحملة على شواطئ بيروت في 16 أغسطس 1860.[4]

وكان لدى دوتپول تعليمات بالتعاون مع السلطات العثمانية لمحاولة إعادة الاستقرار، وخاصة توثيق علاقته بالوزير العثماني فؤاد باشا.[4] وبالرغم من نجاح الدولة العثمانية في قمع الكثير من المشكلات، فقد بقيت قوات التجريدة الفرنسية في سوريا من أغسطس 1860 حتى يونيو 1861.[1] وكانت هذه الفترة أطول من التي تمت الموافقة عليها في المبادرة ومدتها 6 أشهر.[2]

التواجد الفرنسي الطويل في سوريا سرعان ما قوبل باعتراض الحكومة البريطانية، التي طالبت بترك مهمة تهدئة الأمور للسلطات العثمانية.[5]

كان أحد أهم أهداف التجريدة الفرنسية العمل على استقلال لبنان عن سوريا، ثم ترشيح السلطان العثماني لحاكم مسيحي أرمني من القسطنطينية يدعى داود باشا في 9 يونيو 1862.

وصف التدخل الفرنسي في سوريا على أنه أول تدخل إنساني.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ما بعد فتنة الستين

بعد نشوب نزاع لبنان 1860، أجرت الدول الأوروبية الكبرى مشاوراتها في شأن الحملة العسكرية الفرنسية، لتسكين الأحوال في الشام. وكانت مناورات بريطانيا، خلال هذه المشاورات، متركزة في الحؤول دون حصول فرنسا على أي مكاسب، تتأتّى من جهدها العسكري في الشام. ولذلك، وافقت لندن، للتحكم في عمل الحملة الفرنسية، المزمع إرسالها إلى الشام، على:

1- أن يكون استدعاؤها، في حالة عجز القوات العثمانية، تحت قيادة فؤاد باشا، عن السيطرة على الموقف.

2- أن ترسل القوات (الأوروبية) إلى الشام، بناء على اتفاقية دولية، توقعها الدول الأوروبية الكبرى.

3- ألاّ تبقى القوات (الأوروبية)، التي تستخدم في تسكين الأمور في الشام، أكثر من ستة أشهر، حتى لا تتحول تلك المساعدة العسكرية إلى احتلال فرنسي.

وأدت المفاوضات، في نهاية الأمر، إلى اتفاق، وقعته الدول الكبرى، في شأن تحديد أسلوب عمل القوة الأوروبية (الفرنسية) في الشام، على النحو التالي:

1- إرسال قوة أوروبية إلى الشام، يكون نصف عديدها من الفرنسيين.

2- اتفاق قائد الحملة، عقب وصولها إلى الشام، مع القائد العثماني، على أسلوب التحرك والعمل.

3- تعهد الدول الأوروبية الكبرى (فرنسا ـ روسيا ـ إنجلترا ـ بروسيا ـ النمسا)، بدعم الحملة.

4- بقاء الحملة في الشام، لا يزيد على ستة أشهر، على أن يقدِّم إليها الباب العالي المساعدات والتسهيلات.

وقد عنى ذلك أن الحملة، التي تقرر إرسالها إلى الشام، ليست حملة فرنسية، من الوجهة الرسمية، وإنما هي حملة أوروبية. وبذلك، أُرضيت فرنسا، بأن أعطيت الفرصة لتتولى هي إعدادها؛ وهو اعتراف ضمني بأن لها مطالب خاصة في الشام، تفُوق ما لغيرها من الدول الأوروبية. كما أُرضيت بريطانيا بكون الحملة غير مقتصرة على فرنسا، وأن تحركاتها، قُيدت بالتفاهم بين قيادتها والسلطات العسكرية العثمانية، الأمر الذي يحدّ من سلطة القادة الفرنسيين. فضلاً عن أنه أصبح من المستبعد جداً، أن يتمكن الفرنسيون من تحويل مهمة هذه الحملة، إلى قوات احتلال.[6]

وما أن وصلت الحملة الفرنسية إلى بيروت، حتى بدأ قائدها، بوفور، اتصالاته مع فؤاد باشا، في دمشق. وسرعان ما دب الخلاف بين الرجلَين؛ إذ كان بوفور متعالياً، يتصرف وكأنه أصبح صاحب الأمر والنهي في المنطقة، وأن على الجميع أن يطيعوا أوامره، بمن فيهم وزير الخارجية العثمانية نفسه، فؤاد باشا، بينما كان المطلوب أن ينسق عملياته مع الوزير العثماني. فكان أن بدأ التصادم بينهما، منذ البداية؛ إذ عمل فؤاد باشا على أن يلتزم بوفور حدوده، وأن يقنعه بأنه لا يعمل على أرض فرنسية. فاقترح أن يتحرك القائد الفرنسي في ديار الموارنة فقط، في حين يتحرك الوزير العثماني في ديار الدروز. وكان فؤاد باشا يهدف من وراء ذلك إلى:

1- إبعاد الجيش الفرنسي عن التصادم مع الدروز، حتى لا تشتعل الحرب الطائفية.

2- قصر نشاط الجيش الفرنسي على ديار الموارنة.

فردّ بوفور على ذلك، بأن مهمة الحملة، هي تأديب الدروز فقط. وأنه لا بدّ من ملاحقتهم، وهو ما يعني أن الحملة، ستصل إلى "حوران"، وقد تصل إلى مشارف دمشق.


انظر أيضا

المصادر