البورديتيلة الشاهوقية
البورديتيلة الشاهوقية هي عصية هوائية صغيرة سلبية الغرام، وهي مرهفة، وتتطلب وسائط خاصة للعزل. تنتج البورديتيلة الشاهوقية عدة منتجات فعالة حيوياً ومستضدياً. وهذه المنتجات هي المسؤولة عن المظاهر السريرية للسعال الديكي، وتؤدي الاستجابة المناعية لواحد أو أكثر من هذه المنتجات لمناعة ضد المرض السريري لاحقاً. وقد اقترحت إحدى الدراسات الحديثة أن المناعة النتاجة عن خمج البورديتيلة الشاهوقية قد لا تكون دائمة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الإمراض
إن السعال الديكي مرض متواسط بالذيفان بشكل رئيس. حيث ترتبط الجرثومة بالأهداب التنفسية. وتنتج ذيفانات تشل هذه الأهداب، وتسبب التهاب الطرق التنفسية، وبالتالي تؤثر على تصفية المفرزات الرئوية. ويبدو أن مستضدات السعال الديكي تسمح للجرثومة بتجنب دفاعات المضيف، وبالرغم من من زيادة عدد الخلايا اللمفاوية، إلا أن الانجذاب الكيمياوي يفشل. كان من المعتقد حتى فترة قريبة أن البورديتيلة الشاهوقية لا تغزو النسج، لكن دراسة حديثة أظهرت وجود الجراثيم في البالعات السنخية.
السعال الديكي
السعال الديكي أو الشاهوق (بالإنگليزية: Whooping cough or pertussis) هو مرض خمجي حاد تسببه جرثومة البورديتيلة Bordetella Pertusis. أول وصف لجائحات السعال الديكي كان في القرن السادس عشر، بينما عزلت الجرثومة المسببة له في العام 1906.
كان السعال الديكي في القرن العشرين أحد أكثر أمراض الطفولة شيوعاً، ومن أكثر أسباب وفيات الأطفال في الولايات المتحدة. وقد سجل قبل توفر لقاح السعال الديكي في أربعينيات القرن العشرين أكثر من 200000 حالة وفاة بسبب السعال الديكي سنوياً. لكن مع انتشار استعمال اللقاح تراجع حدوث السعال الديكي بأكثر من 98% حتى وصل وسطي الحالات إلى 4400 حالة في عام 1980.
يشكل السعال الديكي المشكلة الصحية الكبرى عند أطفال الدول النامية، حيث قدر عدد الوفيات الناجمة عن المرض في عام 2001 بـ 285000 وفاة.
فترة الحضانة
تبلغ فترة حضانة السعال الديكي 7-10 أيام بشكل عام، ويمكن أن يتراوح مداها بين 4-21 يوماً، ونادراً ما يتعدى 42 يوماً.
الأعراض السريرية
يقسم السير السريري للمرض إلى ثلاث مراحل:
1.المرحلة الأولى: هي المرحلة النزلية، وتتميز بالبدء المفاجىء للزكام (السيلان الأنفي)، والعطاس، الحمى الخفيفة، وأحياناً سعال خفيف، وتشبه الأعراض في هذه المرحلة أعراض الزكام، يشتد السعال تدريجياً. وبعد أسبوع أو أسبوعين تبدأ المرحلة الثانية.
2.المرحلة الثانية: هي المرحلة الانتيابية، وعادة ما يشتبه بتشخيص السعال الديكي خلال هذه الفترة. تتميز هذه المرحلة بحدوث هبات أو نبات عديدة وسريعة من السعال سببها على ما يبدو صعوبة طرد المخاط الثخين من الشجرة الرغامية القصبية. يرافق الجهد الشهيقي الطويل في نهاية النوبة عادة شهقة مميزة عالية اللحن. وقد يصبح المريض خلال هذه الهجمة مزرقاً. يكون الأطفال ولاسيما صغار الرضع مريضين بشدة مع وجود ضائقة عندهم. وعموماً يتلو نهاية النوبة حدوث إقياء وإنهاك. ويكون المريض عادة طبيعياً بين الهجمات.
أكثر ما تحدث الهجمات الانتيابية أثناء الليل، وبمعدل 15 هجمة في اليوم وسطياً. يزداد حدوث الهجمات خلال الأسبوع الأول أو الثاني من هذه المرحلة، وتبقى بنفس المستوى لمدة 2-3 أسابيع، ثم تتناقص تدريجياً. تدوم المرحلة الانتيابية عادة 1-6 أسابيع، ولكن قد تستمر لأكثر من 10 أسابيع. قد لا يملك الرضع دون عمر 6 أشهر القدرة على إحداث الشهقة لكن يحدث لديهم السعال الانتيابي.
3.المرحلة الثالثة: هي مرحلة النقاهة، حيث يحدث فيها الشفاء تدريجياً. ويتناقص السعال الانتيابي ليختفي خلال 2-3 أسابيع. ومع ذلك كثيراً ما تعاود الهجمات الانتيابية مع الأخماج التنفسية اللاحقة لشهور عديدة بعد بداية السعال الديكي. تكون الحمى خفيفة بشكل عام خلال سير السعال الديكي.
يصاب الأشخاص الكبار (المراهقون والبالغون) وأولئك المحصنون جزئياً باللقاح بالبورديتيلة الشاهوقية، لكن غالباً ما تكون الإصابة خفيفة. قد يتظاهر السعال الديكي عند هؤلاء الأشخاص بسعال مستمر (أكثر من 7 أيام) وقد لا يكون بالإمكان تمييزه عن الأخماج التنفسية العلوية الأخرى. أما الشهقة الشهيقية فغير شائعة. تشكل البورديتيلة الشاهوقية عند الأشخاص الكبار ما يزيد عن 7% من أمراض السعال في السنة.
على الرغم من أن المرض قد يكون خفيفاً عند الأشخاص الكبار فإن المصابين قد ينقلون المرض لبقية الأشخاص المستعدين ويشمل ذلك الرضع غير الممنعين أو غير مكتملي التمنيع. وكثيراً ما يشكل البالغون الحالات الأولى للإصابة عند وجود عدة حالات سعال ديكي ضمن الأسرة.
المضاعفات
إن صغار الرضع هم الأعلى خطورة للإصابة بمرض السعال الديكي ومضاعفاته. وتشكل ذات الرئة الجرثومية الثانوية أشيع المضاعفات وأكثر أسباب الوفيات الناتجة عن السعال الديكي. تشير المعطيات التي توفرت خلال الفترة ما بين 1997 - 2000 إلى أن ذات الرئة حدثت بنسبة 2-5% من كل حالات السعال الديكي المسجلة وبنسبة 11.8% من الحالات عند الرضع دون عمر 6 أشهر.
قد تحدث اختلاطات عصبية مثل الاختلاجات والاعتلال الدماغي encephalopathy نتيجة النقص الأكسجة (نقص تزويد الدماغ بالأوكسجين الناجم عن السعال أو ربما عن الذيفان. تكون الاختلاطات العصبية أكثر شيوعاً عند الرضع. سجل خلال الفترة ما بين 1997 - 2000 حدوث الاختلاجات والاعتلال الدماغي بنسبة 8.0٪ و 1.0٪ من كل الحالات بالترتيب وبنسبة 4,1 و 2, %0 من الحالات عند الرضع دون عمر 6 أشهر .
تتضمن اختلاطات السعال الديكي الأخرى الأقل خطورة، التهاب الأذن الوسطى، ونقص الشهية، والجفاف. أما الاختلاطات الناجمة عن تأثيرات الضغط في النوب الشديدة فتتضمن استرواح الصدر pneumothorax والرعاف والورم الدموي تحت الجافية والفتوق وتدلي المستقيم. احتاجت 20٪ من حالات السعال الديكي المسجلة خلال الفترة ما بين 1997 - 2000 إلى القبول في المشافي وشكلت نسبة الرضع تحت عمر 6 أشهر 63٪ من كل الحالات. وخلال هذه السنوات الأربع حدثت 62 حالة وفاة بسبب السعال الديكي (معدل إماتة الحالات 2.0٪)، وقد حدثت 56 حالة منها (90 %) عند الرضع دون عمر 6 أشهر.
التشخيص المخبري
يتم تشخيص السعال الديكي عادة اعتماداً على القصة المرضية والفحص السريري، وقد تكون الفحوص المخبرية مفيدة عند صغار الرضع وفي الحالات غير النموذجية والحالات المعدلة باللقاح.
إن الفحص المخبري القياسي المفضل لتشخيص السعال الديكي هو عزل البورديتيلة الشاهوقية بواسطة الزرع. حيث يؤكد الزرع الإيجابي التشخيص. إن البورديتيلة الشاهوقية جرثومة هشة صعبة العزل تتطلب أوساطة زرعية خاصة. وإن عزل الجرثومة باستخدام الفرش الزرعي plating المباشر يكون أكثر نجاحاً في المرحلة النزلية.
يجب الحصول على العينات من البلعوم الأنفي الخلفي (وليس من البلعوم باستخدام مسحات الداكرون Dacron أو الجينات الكالسيوم calcium alginate (وليس القطن)، وتمد مباشرة على وسط الزرع المختار (يستخدم عادة أغار ريغان - لوي أو وسط بورديت - جينكو حديث التحضير). يتناقص نجاح عزل العضوية مع وجود معالجة سابقة بالمضادات الحيوية الفعالة ضد السعال الديكي. (الإريثروميسن، التريميثوبريم - سلفا ميثوكسازول) أو مع التأخر بأخذ العينة إلى ما بعد الأسبوعين الأولين من المرض أو عند الأشخاص الملقعين.
قد يكون اختبارتفاعل سلسلة البوليميراز polymerase chain reaction (PCR) لمسحات البلعوم الأنفي أو رشافاته الطريقة السريعة والحساسة والنوعية لتشخيص السعال الديكي. لا توفر هذه الطريقة حالياً إلا في بعض المخابر، وتختلف المقايسات بحسب المخابر، وهي غير موحدة (لم تتم مغيرتها). يجب استعمال PCR إضافة للزرع، وليس بديلاً عنه؛ لأن العزل الجرثومي قد يكون مطلوباً لتقويم المقاومة للمضادات الحيوية او للتميط الجزيئي.
قد يفيد اختبار تألق الأضداد المباشره direct fluorescent antibody) DF) على العينات البلعومية الأنفية كاختبار مسح للسعال الديكي. ويجب عدم الاعتماد عليه كمعيار مخبري مؤكد لأن بعض الدراسات أظهرت أن هذا الاختبار المجرى على مفرزات البلعوم الأنفي ذو حساسية منخفضة ونوعية متغيرة.
تبين من الدراسات السريرية أن الاختبارات المصلية serological testing مفيدة، لكن لم تتم معيرتها standardized بعد. كما أن نتائج هذه الاختبارات صعبة التفسير بسبب عدم وجود ترابط بين مستويات الأضداد والمناعة ضد السعال الديكي. لذلك كله لا توفر الاختبارات المصلية بشكل واسع. ورغم أن هذه الاختبارات تستعمل في بعض المناطق للتشخيص السريري وتوثيق المرض فإنه يجب عدم الاعتماد على نتائجها لتأكيد الحالات أو توثيقها وطنياً. إن الحالات التي توافق تعريف الحالة السريرية و تكون إيجابية الاختبارات المصلية لكنها ليست إيجابية من حيث الزرع أو ال PCR يجب تسجيلها على اساس حالات مرجحة.
غالبا ما تحدث زيادة بأعداد الكريات البيضاء مع ازدياد الخلايا اللمفاوية في المرض التقليدي. ورغم أن تعداد الخلايا اللمفاوية المطلق كثيراً ما يصل إلى 200000 أو أكثر فإن ازدیاد الخلايا اللمفاوية قد لا يحدث عند الرضع أو الأطفال أو في الحالات الخفيفة أو المعدلة modified من السعال الديكي.
المصادر
- [1].
- ^ د. عماد محمد زوكار، د. أحمد محمد نوح: الرجع الشامل في اللقاحات، دار علوم القدس، الطبعة الأولى 2005