افندي
الأفندية: جمع كلمة أفندي، وأفندي لقب فخري، وهي «أفنديس» في اللغة التركية الأناضولية، واستعملها العثمانيون في القرن الثالث عشر الميلادي وكانت تعني الصاحب والسيد والمولى والمالك وقد استخدمت لقبا لأصحاب الوظائف الدينية والمدنية ورجال الشريعة والعلماء. أطلق هذا اللقب على قاضي اسطنبول وعلى الصدر الأعظم نظرا لواجباته الإدارية والكتابية. وقيل (أفندي) هو لقب تكريم، أصلة تركي، معناه السيد، شاع في مصر منذ عهد العثمانيين. في عصر محمد علي كان كل من شارك في البعثات العلمية ـ من غير أبناء أسرة الباشا ـ يلقب بالأفندي حتى أن محمد علي عندما كان يكتب لهم يخاطبهم بقوله «قدوة الأمثال الكرام الأفندية المقيمين في باريس لتحصيل العلوم والفنون» وعلى الرغم من أن لقب (أفندي) قد ألغي في تركيا في 26 نوفمبر 1934 فقد ظل يستخدم في مصر حتى بعد 1952.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
الفصل الأول
تتناول الباحثة عبير حسن عبد الباقى «الحياة الاجتماعية للأفندية» من أصولهم الاجتماعية إلى الحياة العائلية مرورا بالأحوال المعيشية وأخيرا المكانة الاجتماعية. حول الأصول الاجتماعية للأفندية: تقول ارتبط نشأة (طبقة الافندية) ببداية التعليم الحديث في مصر في عصر محمد علي ويمكننا تتبع مسيرة ذلك الجيل من الأفندية ـ المثقفين العصريين ـ جيل تلاميذ رفاعة الطهطاوي: أبناء الفلاحين.. تلاميذ في مدارس الباشا (محمد علي) موظفون حكوميون.. موظفون كبار فعلى سبيل المثال مصطفى بهجت: ابن فلاح فقير، نبغ في الرياضيات والهندسة وأسهم في وضع تصميمات القناطر الخيرية، منحه محمد علي 1800 فدان. هكذا تحول بعض الافندية - من خلال الانعامات ـ من موظفين إلى كبار موظفين ثم إلى كبار ملاك. وهناك مصدر آخر لملكيات الموظفين تمثل في الاراضي التي كانت تمنح لهم كمعاش عند إحالتهم للتقاعد وفقا للقرار الصادر في نوفمبر 1860، الذي كان يقضي بمنح كل من يرغب من المستخدمين أحيانا بدلا من معاشهم. هكذا كانت الوظيفة مصدراً للثراء، وهو ما دفع الأفندي (الموظف) لإلحاق أبنائه بالمدارس لينالوا قسطا من التعليم يؤهلهم للعمل بالجهاز الحكومي كموظفين.
ومن نماذج عديدة يتكشف لنا أن الافندية كانوا موزعي الإنتماء على كل الطبقات فمنهم كان أحمد لطفي السيد والده من أعيان الريف الممتلكين لمئات الأفدنة، د. محمد حسين هيكل الذي كان ينتمي لنفس طبقة أعيان الريف، ومنهم محمد علي علوبة الذي شغل والده عدة وظائف حكومية، وكذلك مكرم عبيد الذي كان والده يمتلك ثلاثين فدانا فقط ثم تحول إلى مجال المقاولات فاستطاع من خلالها تكوين ثروة، امتلك 900 فدان أراضي الدائرة السنية وهكذا أرسل مكرم إلى لندن وباريس على نفقته الخاصة لاستكمال تعليمه. وكان الأديب مصطفى صادق الرافعي من أفندية الطبقة الوسطى. ومصطفى كامل وطلعت حرب ومصطفى النحاس من أبناء الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطي.
وتشير الباحثة للحياة العائلية للأفندية عن الحياة الزوجية للأفندي كانت تتشكل على حسب رغبات وقيم الرجل التي يفرضها على زوجته، فالعلاقة بين الرجل وزوجته كانت رسميه إلى حد كبير كما أن تقسيم الواجبات والمسئوليات بينهما كانت محددة ومعروفة، بحيث أن الزوج لم تكن له أي مهام داخل البيت وجملة القول: إنه من خلال هذا الفصل نستطيع أن نؤكد أن الأفندية في أصولهم الاجتماعية كانوا ينتمون إلى معظم الطبقات المصرية، وإن تركزت غالبيتهم في أبناء الطبقة الوسطي التي كانت تهتم بتعليم أبنائها وإن جزءا كبيرا من طبقة الأفندية قد تعرضت حياتهم العائلية لمشكلات واضطرابات عديدة جعلت الكثير منهم تنتهي حياته العائلية داخل المحاكم الشرعية وكان ذلك يرجع إلى اضطراب الاصول المعيشية بسبب ضعف المرتبات وغلاء المعيشة.
الفصل الثاني: الأحوال المهنية للأفندية
تشير الباحثة إلى تعرض الأفندي (الموظف) لظروف عديدة طفلا وشابا ورجلا. فقد عاش في طفولته حياة أسرية روتينية بيروقراطية، ثم التحق بالمدارس ليجدها صورة من المصالح الحكومية، وفي عمله كانت هناك المشكلات المهنية، والظلم الوظيفي، وغيرها من العوامل التي كان لها تأثير سلبي على شخصيته، كما أنه بسبب الرغبة في الحفاظ على الوظيفة، مصدر رزقه الوحيد، والخوف من العقوبات والجزاءات لجأ الأفندي الموظف إلى الخضوع لرئيسه البريطاني، ونفاقه وتملقه، والتقرب منه إتقاء لغضبه، وغير ذلك من الصفات الذميمه مثل: الهروب من المسئولية، المكر، السخط، النقمة، التنازل عن الكرامة، فساد الذمة والضمير كلما اقتضت الظروف مع اعتزازه الدائم بأنه موظف حيث يضفي عليه ذلك مكانة اجتماعية.
الفصل الثالث: الأفندية والجريمة
الأفندية المصريون كان لهم نصيب كبير من الجريمة بمختلف أنواعها. إذ بسبب ظروفهم المالية، والأزمات الاقتصادية التي تعرضت لها مصر خلال الأزمات السياسية الكبيرة، كالحربين العالميتين مثلا، تورطوا في الجرائم الإدارية التي كانت في أسلوبها نتيجة لخروجهم على قواعد وشرف المهنة، وأيضا نتيجة للإهمال، والتقصير الوظيفي، كجرائم الرشوة، والاختلاس، والتزوير، والتبديد وغيرها وهي جرائم الخلل الاجتماعي مثل جرائم التعدي على النفس وعلى الممتلكات والتعدي على الأخلاق والآداب العامة وقد ارتبط بعض من هذه الجرائم ب****ف واستخدام القوة، بينما اعتمد في البعض الآخر على المكر والدهاء والذكاء والحيلة. في حين ارتبط نوع آخر بالمسكرات والمخدرات.
الفصل الرابع: دور الأفندية في العمل الاجتماعي
المتمثل في الجمعيات والنقابات والاتحادات والملاجئ مثل جمعية العروة الوثقى، وقد أسسها (محمد أفندي طاهر ـ المهندس) في عام 1891، جمعية «حماية الاطفال» والتي أسسها عدد من الاطباء بغرض إعانة الفقراء على علاج أطفالهم وجمعية تحسين أحوال العمياوات بالزيتون في أول يناير 1926 وقامت على جهود مجموعة من الافندية وكان الغرض من تأسيسها الإشراف على ملجأ للضريرات بالزيتون جمعية ثمرة الإتحاد المركزية في العقد الأول من القرن العشرين وكان مركزها بشبرا، أسسها مجموعة من الأفندية بغرض تربية الفتيات المصريات الفقيرات اليتيمات وكان لها مدرسة في ذات المكان وجمعية التقويم الاجتماعي بالاسكندرية وجمعية المساعي المشكورة بالمنوفية وجمعية ملاحظة الشابات اللاتي يقدمن إلى القطر المصري وجمعية الرفق بالإنسان العامة لوادي النيل وجمعية القرش الأبيض بالاسكندرية وكان رئيسها د. أحمد حسين سامي ـ طبيب شرعي والجمعية الطبية المصرية في يناير 1926 في دار الجامعة المصرية القديمة ونقابة موظفي الحكومة المصرية ونقابة المهن الهندسية ونقابة المحاسبين والمراجعين العامة واتحاد الطيارين المدنيين المصريين والإتحاد العام للمهندسين خريجي الفنون والصناعات، ملجأ الضريرات بالزيتون والملجأ العباسي
ويكشف لنا هذا الفصل تشبع الافندية بفكر التعاون الذي حثهم على الاهتمام بالعمل الاجتماعي.
الفصل الخامس: النشاط الفكري
النشاط الفكري للأفندية وعنه تقول الباحثة: لقد بذل الافندية المصريون جهودا كبيرة في مجال إنعاش وإثراء الحياة الفكرية المصرية، فقد كان لهم دور كبير في محاولة إثبات (هوية مصر) وفي إطار البحث عن تلك الهوية حدث بينهم جدل وخلاف شديدين،
إذا أكد البعض على (غربية مصر) واتجاهها نحو المجتمع الغربي بمفاهيمه وأفكاره الحديثة ومحاولة المصري تقليد النموذج الغربي في كافة المجالات ونتيجة لذلك ظهر الاتجاه الذي نادى بفرعونية مصر (القومية المصرية). ونادى فريق آخر (بالفكرة الإسلامية ودعا إلى وحدة العالم الإسلامي والإلتفاف حول عرش الدولة العثمانية، وتبنى فريق آخر (الفكرة العربية) والتي كانت تعني أن مصر جزء من الأمة العربية. وفي مجال الفكر الاجتماعي كان للأفندية جهود عديدة في مجال إصلاح التعليم وإصلاح أحوال الفلاح المصري، كما عبروا عن رؤيتهم للمرأة المصرية ووضعها ومكانتها في المجتمع المصري. كما أن الأفندية المصريين خاضوا عددا من المعارك الفكرية المهمة في سبيل تحرير المرأة وقضية الفصحى والعامية وقضية العلمانية وفصل الدين على النظام السياسي المتمثل في الدولة المصرية.
المصادر
الكتاب: طبقة الافندية في مصر في النصف الاول من القرن العشرين الناشر: مكتبة مدبولي ـ القاهرة 2004 الصفحات: 439 صفحة من القطع المتوسط