أبو غوش (عائلة)
آل أبوغوش عائلة فلسطينية من الإقطاعيين القدماء وزعماء عشائر اليمنية والقيميين على طريق القدس - يافا. عُرفوا بسيادتهم على جبال القدس. وصفهم احدالمؤرخين بأنهم الملوك الغير متوجين في عهد الحكم العثماني.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أصول العائلة
عائلة عربية من الجزيرة العربية بصفتهم امراء اليمن, جاءوا من اليمن إلى مصر ثم إلى فلسطين مع السلطان سليمان واتخذوا جبال القدس مقرا لهم (قارن المخطوطات الملكية المصرية). ومع الوقت اختلط ال أبوغوش باهل فلسطين الأصليين الذين كانوا يقطنون جبال القدس حينذاك وهم من أصل كنعاني, عن طريق الزواج والمصاهرة, كما اختلطوا باحفاد الصليبيين الذين تواجدوا في جبال القدس حينذاك. وال أبوغوش هم بنومالك اليمانية. أما"أبوغوش" فهو لقب. ويقول البعض ان اصل الكلمة "أبوغوث" بالثاء وليس بالشين.
هناك من يقول ان لقب أبوغوش بدء في القرن الثامن عشر الميلادي نسبة إلى أحد زعماء العائلة, محمد الملقب أبوغوث, وكان أول ظهور له في السجلات المدنية للمحاكم الشرعية في القدس حيث سكن قرية العنب التي تزعمها وسميت باسمه, ومن أولاده عيسى وعبد الله الملقب أبوقطيش. يقال أيضا ان هناك قبائل لها علاقة قرابة مع ال أبوغوش مثل عشيرة البطاينة والسيوف في الأردن وال أبوبكر وفرعهم الأحمد في جنين ومنهم نجيب الأحمد وابنه عزام الأحمد وهولاء من قبيلة شمر الطائية وهي من أقوى وامنع القبائل العربية على الإطلاق وانتشرت في الجزيرة العربية والعراق وبلاد الشام وابرز من ظهر منها ال الرشيد الذين اقاموا دولة قبل دولة آل سعود.
والرواية الأخيرة هي الاصح كون الزيارات متبادلة وقائمة حتى يومناهذا بين ال أبوغوش والعشائر المذكورين سابقا. أما مسالة الأصل الشركسي والأصل الصليبي فهي لا أساس لها إطلاقا.
عرف شيوخ أبوغوش بأنهم أمراء اليمن أو الامراء اليمانية ونتيجة لتسيدهم في جبل القدس كان يطلق على مشايخهم شيوخ مشايخ جبل القدس كما هو ثابت في سجلات المحكمة الشرعية. ظهر منهم الشيخ إبراهيم أبوغوش شيخ مشايخ جبال القدس والشيخ عثمان أبوغوش الذي عرف عنه انه جند 500 مقاتل من بني مالك ضد نابليون عام 1899م والشيخ عبد الحميد أبوغوش الذي اشتهر بوطنيته وكان صديقا للسلطان الاطرش والشيخ مصطفى أبوغوش الملقب بسلطان البر والشيخ نمر أبوغوش الذي اقام دولة داخل دولة والشيخ سعيد أبوغوش الذي اشتهر بتدينه ووطنيته.
ومقر عائلة أبوغوش يقع على بقعة "قرية يعاريم" الكنعانبة وكلمة "يعاريم" كلمة كنعانية وتعني "الغابات". وفي العهد العربي الإسلامي عرفت قرية يعاريم باسم "قرية العنب". وفي القرن الثامن عشر حملت هذه البقعة اسم العائلة "أبوغوش". و" أبوغوش" بلدة صغيرة غربي مدينة القدس وتبعد عن القدس حوالي 10 كيلومتر. كانت العائلة عند نزولها جبل القدس مكونة من بضغة افراد اي من اربعة اخوة(إبراهيم وعثمان وجبر وعبد الرحمن)وكبر عدد افراد العائلة عن طريق الزواج والمصاهرة وكبرمعه مقرالعائلة ثم أصبح مجموعة من البيوت, ثم تطورت هذه البيوت إلى بلدة صغيرة. وتتميز أبوغوش عن البلدان الأخرى بأن جميع سكانها من عائلة واحدة. وتسمى أيضا "قرية أبوغوش" بسبب حجمها الصغير وموقعها بين القرى القريبة من مدينة القدس, ولكنها تختلف عن القرى بأن أهلها (النساء) كن يلبسن الزي المدني التركي "الكاب" المألوف في المدن الفلسطينية.
تاريخ العائلة
في أوائل القرن السادس عشر عهد السلطان سليمان إلى ال أبوغوش حماية الحجاج الأجانب الذين كانوا يصعدون إلى القدس ومنحهم "فرمان" يسمح لهم بفرض اتاوة (خاوة) على الحجاج والسياح الأجانب, وهي رسوم كانت تفرض على الاجانب الذين يسلكون الطريق من الساحل إلى القدس. أما الكنائس والاديرة المسيحية في القدس فكانت تحصل على حق المرور لزوارها مقابل دفع رسوم لال أبوغوش بانتظام(انظر الكسندر شولش الترجمة العربية).
كانت فلسطين تشكل الجزء الجنوبي من سوريا والحكومة السورية كانت حكومة لامركزبة اي اقطاعات تحكمها حكومة امراء ومشايخ. وكان كل شيخ يمارس نوع من الحكم الذاتي على منطقتته. فكان ال أبوغوش يحكمون بني مالك وبني حسن وبني زيد وبني مرة وبني سالم في مناطق جبال القدس والوادية وكان شيوخ هذه المناطف جميعهم تابعين لسلطة ال أبوغوش (قارن فين: ستيرينج تايمز, قارن أيضا الدباغ: بلادنا فلسطين). وكان يتبع منطقة بني مالك اي ال أبوغوش زهاء 22 قرية. كان ال أبوغوش يفرضون على فلاحي المناطق الواقعة تحت سيطرتهم ضرائب رسمية واتاوات وغرامات غير منتظمة ويسلمون نسبة منها إلى الحكام العثمانيين المختصين أثناء حملات جمع الضرائب. وكانت علاقة فلاحي القرى المذكورة اعلاه وال أبوغوش علاقة ولاء يتمتع من خلالها الفلاحون بحماية ورعاية ال أبوغوش. واذا اختلف اثنان كانا يتقاضيان عند شيخ أبوغوش زعيم العائلة ويقبلون حكمه لا محالة. ومن خالف العادات أو اخل بالتقالبد سجن في سجنهم. استعمل ال أبوغوش كنيسة قديمة كسجن لسجنائهم. كما كان لال أبوغوش عسكر هدفه حفظ الامان والدفاع عن المنطقة التابعة لهم. فكانت السلطة القضائية والتنفيذة والعسكرية والاجتماعية جميعها في أيدي زعماء ال أبوغوش في تلك المناطق.
تميزت أبوغوش حينذاك ببيوتها الحجرية المنيعة, كما تميزت ببرجها المحصن الملفت للنظر وهو المقرالرئيسي لشيخ العائلة الذي وصف من قبل الأوروبيين السياح بأنة "قصر حقيقي.... وكأنة حصن دفاعي" (قارن تيشندورق ص 165، فارن أيضا شولش الكسندر, الترجمة العربية ص 224). تميزت أبوغوش أيضا ببقايا كنيسة صليبية مصونة صونا جيدا استعملت كاسطبل لخيول ال أبوغوش (نفس المصدر) وبقايا كنيسة أخرى بيزنطية اتخذها ال أبوغوش سجنا لسجنائهم من عام 1756 إلى عام 1834 حيث استولى عليها الحاكم المصري أثناء احتلال مصر لفلسطين (1831-1840).
روي عن الليدي ستانهوب (ابنة لورد إنكليزي وابنة اخت رئيس وزراء بريطانيا ويليام بيت وقريبة سير سيدني سميث الذي كان له مع الشيخ إبراهيم أبوغوش, زعيم ال أبوغوش في ذلك الوقت, مراسلات عندما كان يحاصرعكا وانتصر فيها على قوة نابوليون) عندما زارت القدس انها سافرت من مصر إلى يافا حيث خرجت راكبة إلى القدس تحف بها كوكبة عظيمة من الحرس. وجرت العادة في ذلك الوقت ان كل مسافر إلى القدس مارا بأبوغوش عليه ان يقدم احترامه إلى شيخها, وعندما اقتربت الليدي ستانهوب من برج العائلة نزلت لتقدم احترامها للشيخ. وروي عن الشيخ إبراهيم أبوغوش انه أعجب بتلك السيدة لدرجة انه اقام لها مأدبة غداء وسرح الحراس ليحرسها بنفسه. وكان ذلك في عام 1811 م (قارن رحلة كنغليك إلى المشرق, الترجمة العربية-عمان 1971 ص 33) كما روي أن الليدي ستانهوب عادت مرة أخرى في العام التالى وقابلت الشيخ إبراهيم أبوغوش للمرة الثانية وسرالشيخ أبوغوش بقدومها واصر ان يرافقها بصحبة حاشيته إلى القدس (نفس المصدر).
وهذه إحدى الوثائق التاريخية من سجلا ت المحكمة الشرعية تبين علاقة ال أبوغوش بحراسة الطريق وثيقة عمرها 200 سنة تقريباعام 1232 هجري حيث تبين هذه الوثيقة ان الشيخ إبراهيم أبوغوش يتنازل عن حق عائلة أبوغوش من المعتادالتي تاخذها من بطريك الفرنج عند دخوله مدينة القدس فقط:
انه لما كان بحسب القوانين السلطانية لاجل المحافظة والمحارسة مرتبا من قديم الزمان على طايفة الروم القاطنين بدير العامود حتى دخول ريسهم إلى محروسة القدس مبلغا من معلوم مقدرا إلى عرب الحارات وعرب العويسات بموجب الدفاتر القديمة المختومة بختمهم إلى عائلة أبوغوش حضريوم تاريخه عمدة المشايخ الموقرين الشيخ إبراهيم أبوغوش شيخ مشايخ قرا القدس الشريف والمتكلم على عايلتهم عايلة أبوغوش المزكور وحضر بحضوره فخر ملته المسيحية الراهب كلانتوسيوس وكيل رهبان الفرنج المرسومين واقرواعترف واشهد على نفسه الشيخ إبراهيم أبوغوش بحسب اختياره ورضاه عن طيب قلب وانشراح صدر من غير اكراه له في ذلك ولا اجبار عالما بمعنى هذا الاشهاد وما يترتب عليه بحسب كلمته وشيخته واصالته واشهد على نفسه ان هذا المعتاد المزكور المرتب لعايلتنا عايلة أبوغوش حين دخول وذهاب الريس من القدس وضبطه منصب المريسة بالقدس الشريف وانه إذا اراد الريس المرسوم واراد التوجه لبلاده فلا نطالبه بشيء وأيضا إذا اراد الريس المسفور الخروج من القدس لزيارة بعض المحلات بهذا الإقليم وبهذه الديار وهذا يسمونه فيما بينهم الدورة ثم يرجع بنفسه للقدسوانه برضاناقد اسقطنا حقنا من المعتاد المرتب لعايلتنا عايلة أبوغوش حين ذهاب الريس من القدس لبلاده وجعلنا بدله حين حضور الريس للقدس ناخذ المعتاد لنا بموجب الوصولات المختومات بختمنا وان وكيل الفرنج المتكلم على جماعته المرسوم قبل ورضىينا بذلك وكلامنا قبل هذا وارتضاه والزم العمل بمقتضاه ومن الآن وصاعدا ليس لنا حق عند الرهبان المرسومين الا بوقت دخول الريس فقط كما ذكر وانه عند خروجه ليس لنا عندهم لاجزى ولا مصرية الفرد اقرارا واعترافا واشهادا صحيحا شرعيا.وصدق على ذلك كله وكيل الافرنج المرسوم وقبل ذلك وارتضاه كما ذكر وشرح اعلاه وعلى بما وقع تحديدا في غزة شهر رجب الفرد سنة اثنتين وثلاثين ومئتين وألف.
وبعد احتلال فلسطين عام 1831 م ألغي محمد علي حاكم مصر الرسوم التي كانت تفرض على الحجاج الاجانب في فلسطين, مما كان له تأثير سلبي على ايراد ال أبوغوش السنوي (المخطوطات الملكية المصرية). قام الحاكم المصري في فلسطين بفتح أول قنصلية بريطانية في القدس. وبعد فترة وجيزة تلت قنصليات أوروبية أخرى. فكانت تلك القنصليات أول بذور تزرع في أرض فلسطين للوجود والتوغل الاجنبي. واعترض الشيوخ الاقطاعيون على تلك السياسة وعلى رأسهم ال أبوغوش, ورفضوا الاعتراف بالحاكم المصري. وجرت معارك عنيفة في القدس بين ال أبوغوش والحاكم المصري في فلسطين. وفي عام 1834 قام الحاكم المصري إبراهيم باشا بشن هجومات مفاجئة عنيفة على ال أبوغوش انتقاما للمعارك التي قام بها ال أبوغوش في القدس وقام الجنرال إبراهيم بتدمير قصر أبوغوش واستولى على الكنيسة التي كانت تستعمل سجنا لسجناء ال أبوغوش. وقيل ان الحاكم المصري سلم بقايا تلك الكنيسة للقنصل الفرنسي فيما بعد. وكان الشيخ إبراهيم أبوغوش قد توفي عام 1831 بعد احتلال مصر لفلسطين بقليل. خلف الشيخ إبراهيم أبوغوش الشيخ جبر أبوغوش الذي تزعم ال أبوغوش أثناء تلك الحملة. كما دمر الجنرال إبراهيم حصنا لال أبوغوش في قرية صوبا المجاورة لابوغوش. وبعد عودة العثمانيين 1840 طرد الحاكم المصري من فلسطين وعين السلطان ال أبوغوش على المنطقة من جديدومنحهم فرمان يسمح لهم بفرض الرسوم على الحجاج والسياح من الساحل إلى القدس (انظر فين -قنصل بريطانيا في القدس- ستيرينج تايمس, ص 232) مما أغضب القناصل الأوروبيين. اضطرت الدولة العثمانية إلى ان تغمض عينيها على استمرار نشاط القنصليات في فلسطين بسبب مساندة الدول الأوروبية له في اعادة بلاد الشام إلى الدولة العثمانية.
في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي بدء عهد جديد وهو عهد التنظيمات والإصلاحات للدولة العثمانية. كان المسؤولون في القسطنطنية يعتبرون شيوخ الجبال الفلسطينية عوائف في تنفيذ الإصلاحات والتنظيم الإداري الجديد وكانوا يؤمنون بانه لا يمكن تنفيذ مشاريع الدولة الجديدة إلا من قبل حكومة مركزبة قوية وتجريد العائلات الحاكمة من سلطتها. فأصبح من أهم اهداف السياسة العثمانية تقويض نفوذ العائلات الراسخة وجعلهم ينقادون للسلطة المركزية. ففي عام 1860 تلقى قناصل الدول الأوروبية تعليمات بان بقفوا إلى جانب السلطة المركزية ضد سلطة الشيوخ المحليين. وقصفت انذاك بمساعدة بريطانية القرى التابعة للشيوخ المتمردين. وتحولت السلطات المحلية لشيوخ العائلات إلى سلطة مركزية يراسها حاكم متصرفية تركي مقره مدينة القدس. وقال فين, قنصل بريطانيا في القدس متشفيا "اجنحتهم (ال أبوغوش) كانت قد قصت إلى حد بعيد" (شولش الكسندر، الترجمة ص.272).
تزعم ال أبوغوش حينذاك الشيخ مصطقى أبوغوش شيخ مشايخ جبال القدس الملقب "سلطان البر" كما ورد في سجلات المحكمة الشرعية. قاد الشيخ مصطفى جيشا مؤلفا من 12,000 مقاتل في حملة واسعة لاعادة نفوذ العائلة واصطدم مع السلطات حيث استمر في زعامة المنطقة مما أجبر السلطات العثمانية بالاعتراف بالأمر الواقع. تزعم الشيخ مصطفى المنطقة رغم أنف السلطات العثمانية حتى وفاته عام 1863م. والشيخ مصطفى هو جد (أبو أم) الأديب الفلسطيني المشهور محمد إسعاف النشاشيبي.
عشية انهيار النظام الاقطاعي الذي دام ما يقارب اربعة قرون وتجريد الشيوخ الاقطاعيين من سلطتهم تمهيدا لتنفيذ الإصلاحات, كانت بعض العائلات التي تقطن مدينة القدس, بسبب موقعها في المدينة, مثل عائلة النشاشيبي وعائلة الحسيني, قد بدأت تنهض في المجتمع الفلسطيني من خلال توظيفها في الدوائر الحكومية الجديدة والقنصليات الاجنبية, وتأخذ مركزا هاما في المجتمع الفلسطيني. وهكذا انتقلت السلطة من الريف إلى المدينة. وكانت عائلتا النشاشيبي والحسيني في ذلك الوقت تابعتين لحزب اليمنية الذي كان يتزعمه ال أبوغوش حتي الستينات من القرن التاسع عشر. اما عائلة الخالدي فكانت تابعة للحزب القيسي الذي كان يتزعمه ال سمحان من العائلات الاقطاعية. ودارت معارك طويلة الامد بين ال أبوغوش وال سمحان واللحام في الخمسينات حول السيطرة على بني حسن. كان زعيم اليمنية حينذاك الشيخ أحمد أبوغوش وكان عمره 90 عاما فكلف ابن اخيه مصطفى(المذكور اعلاه, الذي تسلم زعامة النطقة بعد وفاة عمه) بالقيادة العسكرية. كان مصطقى شاب جسور جدا قاد جيشا عام 1853 يضم 10000 مقاتل (قارن بيروتي: قاستمز اند تراديشن, ص 273) وصلت الاضرار أثناء تلك الاشتباكات إلى تخريب 20000 غرسة عنب و10000 شجرة زيتون و1000 شجرة فواكه وخسارة 3000 رأس ماشية (نفس المصدر).
وبوفاة مصطفى أبوغوش الملقب سلطان البر انتهت سلطة ال أبوغوش اي في الستينات من القرن التاسع عشر.
في أوائل القرن العشرين اشتهر شخص من ال أبوغوش يدعى سعيد أبوغوش وكان ابن اخ مختار قرية أبوغوش. كان سعيد أبوغوش على خلاف مع عمه المختار, فترك قرية أبوغوش وبنى منزلا له, فيلا حجرية محصنة, في أرض كان يمتلكها (22 الف دونم بين أبوغوش والرملة) بالقرب من قرية القباب. استعمل أبوغوش على تصميم عزبته مهندسا ألمانيا. تزوج أبوغوش من ابنة جنرال تركي صديق للعائلة كان يقطن قرية القباب. استعان الشيخ سعيد أبوغوش بمئات من الفلاحين من القرى المجاورة لفلاحة اراضيه وتربية الغنم والخيول. عرف أبوغوش بتدينه ونبل اخلاقه ووطنيته وحبه للفلاحين, الذين كان يعتبرهم اصحاب الأرض الحقيقيين, ومساعدته لهم. وقدم حمايته لجميع القرى المجاورة دون مقابل. وروي عنه أنه اسس "سبيل" ماء كان موقف المسافرين والمارين إلى القدس عن طريق الرملة. كما روي عنه انه كان يفطر في رمضان مع الفلاحين يستمع اليهم ويلبي جميع طلباتهم ولا يرفض لهم طلبا في شهر رمضان قط. فكان من اراد الزواج ولم يقدر على أجر المهر ينتظر رمضان ليطلب طلبه وكان أبوغوش يزوجه ويقدم له بيتا هدية له. عرف أيضا عن أبوغوش أنه كان بشتري الاراضي المعروضة للبيع كي لا تقع في ايدي اليهود. كان يبعث وكيله للبحث عن الفلاحين الذين اجبرتهم الظروف على بيع اراضيهم وكان يحاول اقناع الفلاح بالا يبيع ارضه وان أصرعلى البيع اشترى الأرض منه وأحيانا كان يؤجر الأرض للبائع بثمن زهيد. كان معروفا عن اليهود انهم يخططون لاقامة دولة يهودية على الاراضي الفلسطينية. وكان الشيخ أبوغوش يرى أن الإنكليز هم العدو الأصل. فكان يساعد كل من حاربهم بالمال والسلاح. توفي الشيخ سعيد أبوغوش عام 1936 ودفن في عزبته.
أبوغوش بعد النكبة
في عام 1948 عام "النكبة" هرب اهالي القرى والمدن في جميع أنحاء فلسطين من ديارهم خوفا على الأطفال والنساء بعد أن شن مجموعات مسلحة من اليهود هجومات ارهابية عنيفة على الأهالي العزل. كانت المجموعات اليهودية الارهابية (الهاجانا والارجون وليهي) تشن هجومات همجية على الاهالي العزل وتقتل النساء والاطفال وكبار السن قتلا عشوائيا وكانوا أحيانا يدمرون البيوت امام اعين اصحابها.
كان تدمير عزبة سعيد أبوغوش (المتوفى 1936) على ايدي مجموعات الهاجانا في الأول من أبريل 1948. اقتحم اليهود العزبة في فجرذلك اليوم وهددوا أفراد العائلة بالقتل ان تأخروا عن الخروج. ولم يعطى لهم أكثر من ربع ساعة للخروج. فهربت العائلة مشيا على الأقدام باتجاه رام الله ثم الأردن. رحلوا إلى الأردن وبنيتهم الرجعة عندما تنتهي الحرب.
قال شهود عيان ان اليهود اخرجوا محتويات الفيلة قبل نسفها ودمروها تدميرا كاملا بعد أن قتلوا حارسها, ودمروا بئر الماء بالقرب من المنزل في نفس اليوم الذي أخرجت منه العائلة. ودمروا معصرة الزيتون وطاحونة الحبوب فيما بعد كما دمروا المستشفى الخاص للطبيب (ابن المرحوم سعيد أبوغوش المذكوراعلاه), الذي كان له عيادة في مدينة الرملة. ودمرت جميع القرى المجاورة فيما بعد (القباب وابوشوشة وعمواس) في مايو 1948.
أما في داخل قرية أبوغوش فتتابعت هناك موجتان من الهجرة: الأولى, حصلت مباشرة بعد تدمير عزبة أبوغوش وتهجيرالعائلة. ضمت تلك الهجرة هؤلاء الذين كانت لهم علاقة مباشرة مع المقاومة (عقدت اجتماعات سرية للمقاومة الفلسطينية عدة مرات في قرية أبوغوش). هاجروا هؤلاء إلى الأردن ولم يبقى منهم الا الشبان الذين كانوا قد انضموا إلى المقاومة الفلسطينية. أما الموجة الثانية, التي جاءت في أعقاب مذبحة دير ياسين في أبريل 1948 فكانت أكبر عددا وضمت الكثيرين من السكان. ولم يبق في قرية أبوغوش بعد الهجرة سوى كبار السن ومن لم يقدر على الهروب.
وصلت المجموعات اليهودية المقاتلة إلى قرية أبوغوش في السابع من أبريل 1948 بعد أن قصفت الطائرات الحربية الصهيونية قرية أبوغوش لثلاث ليال متتالية, وواصلت طريقها إلى القدس دون اي تدخل عسكري من القرية. كان مختار أبوغوش قد تعهد هو وبعض المخاتير من القرى المجاورة مثل دير ياسين وقرى أخرى بعدم القتال مقابل سلامة اهالي القرية. فاختار المخاتير سلامة اهالي القرية على ان يقاتلوا, لأن القرى لم تكن تمتلك اية آلة دفاعية. كانت المجموعات اليهودية منظمة ومتدربة على القتال وسلاحها متطور, في حين أن المقاومة الفلسطينية كانت عبارة عن افراد متطوعين غير متدربين وغير منظمين وسلاحهم قديم. اتخذ مختار أبوغوش قراره حينذاك بالنيابة عن اهالي قرية.
وبعد أن بعد الجيش اليهودي من القرية اشتبك مع المقاتلين الفلسطينيين بقيادة عبد القادر الحسيني. ودارت معارك عنيفة بين اليهود والفلسطينيين قرب القسطل التي تبعد عن أبوغوش حوالي كيلومتر واحد. واستشهد في معركة القسطل أغلبية المقاتلين كما استشهد قائدهم عبد القادر الحسيني.
بالرغم من أن قرية دير ياسين كانت من ضمن القرى التي وافقت على عدم القتال مقابل سلامة اهالي القرية, تعرضت هذه القرية لمذبحة همجية قام بها اليهود ضد الأهالي العزل. فقتلوا النساء والأطفال واغتصبوا البنات قبل قتلهن وشقوا بطن امرأة حامل في الشهر التاسع وأخرجوا الطفل من بطنها وقتلوه. يبرر اليهود تلك العملية بأن عند عبورهم الطريق إلى القدس اطلق النار عليهم من قبل افراد يبدو أنهم من دير ياسين ولهذا حصل ما حصل. كان لمذبحة دير ياسين أثر كبيرعلى أهالي أبوغوش وسيطر الرعب عليهم فقرروا الرحيل خوفا على الأطفال والنساء. تركوا القرية بنية العودة.
وبعد انتهاء الحرب وتثبيت الهدنة حاول أهالي أبوغوش العودة إلى بيوتهم عبر الحدود الأردنية - الفلسطينية. ولكن الكثيرين منهم قتلوا على ايدي اليهود خلال عبورهم الحدود ومنهم نساْء وأطفال. كان اليهود يسمون هؤلاء الأهالى العائدين إلى بيوتهم "متسللين غير شرعيين" ويبررون قتلهم بتلك التسمية.
حوصرت قرية أبوغوش سنة 1949 لمنع اهالي القرية من العودة. وطرد اليهود هؤلاء الذين عادوا إلى القرية. مارس اليهود اجراءات لا إنسانية في قرية أبوغوش وأخرجوا "المتسللين" من بيوتهم بالقوة. اعتقل هؤلاء "المتسللون" وتعرضوا للتعذيب وبعد فترة وجيزة نقلوا إلى حدود الأردن واطلق اليهود النارعليهم وهم يعبرون الحدود, فمات أغلبهم. (انظر كتاب بيني موريسو المؤرخ الإسرائيلي). وعاد الجيش الإسرائيلي وحاصر القرية مرة أخرى عام 1950 واعتقل الكثيرين منهم ولم يعرف أحد عن مكان المعتقلين والبعض يعتقد انهم قتلوا.
والان أبوغوش مثلها كمثل القرى العربية الأخرى تخضع لسلطات الاحتلال الإسرائيلية منذ عام 1948. وجميع الاراضي التي امتلكتها العائلة خارج القرية صودرت. ويبرر اليهود مصادرتهم لتلك الاراضي التي تمتلكها عائلة أبوغوش خارج القرية بأنها " أملاك غائب" أو" أراض أميرية". ولم يتبقى ملك لال أبوغوش سوى الأرض التي بنيت عليها البيوت داخل القرية. ويعيش الكثيرون من ال أبوغوش الآن في المهجر أغلبهم في الضفة الغربية وفي الأردن ظهر منهم الشهيد ياسر أبوغوش الذي اغتالته القوات الخاصة الإسرائيلية في الانتفاضة عام 1989في مدينة رام الله والشهيد سامي أبوغوش عضو الجبهة الديمقراطية الذي اغتيل هو وزوجته عام 1981 في بيروت.
وفي عام 1950 استولى الإسرائيليون على قرية بيت نكوبة القريبة من قرية أبوغوش ودمروا بيوتها لبناء مستوطنة يهودية هناك. فلجأ اهلها إلى قرية أبوغوش كحل مؤقت. والبعض منهم ما زال يسكن في القرية. وينظر اهالي أبوغوش إلى هؤلاء بأنهم غرباء غير مرغوب بهم في القرية. فأصبح هناك مشاكل مستمرة بين ال أبوغوش وهؤلاء "الغرباء" الذين لا ينتمون إلى العائلة. يقال ان البعض منهم اخذ اسم العائلة عن طريف الرشوة لكي لا يستطع أحد إخراجهم من القرية.وابوغوش الآن محاطة بالمستوطنات اليهودية ويسكن أبوغوش الآن يهود أيضا. فالوضع الآن يختلف عن السابق حيث كان سكان أبوغوش جميعهم ينتمون إلى عائلة واحدة. فمنذ 1950 ليس كل من سكن أبوغوش هو من عائلة أبوغوش وليس كل فرد من عائلة أبوغوش يسكن قرية أبوغوش.