أبو طالب بن عبد المطلب
أبو طالب بن عبدالمطلب هو عبد مناف (عمران) بن عبد المطلب، وكنيته أبو طالب (85 ق.هـ. - 3 ق.هـ./540-620م)، وقد غلبت عليه هذه الكنية حتى لم يعرف أن أحدا كان يناديه بعبد مناف أبدا، خلف أبو طالب أباه عبد المطلب في كل مناصبه ومكانته، ولكن ضيق حالته المالية جعله يكل إلى أخيه العباس شأن السقاية وأعباءها نظرًا لما كان له من ثراء واسع.
ومما يؤثر عن حكمته وحسن تقديره أنه كان أول من سن القسامة في العرب قبل الاسلام وذلك في دم عمرو بن علقمة، ثم جاء الاسلام فأقرها.
أبو طالب عبد مناف بن عبد المطلب ابن هاشم القرشي، عمُّ النبي الأقرب، وشـقيق أبيه من أم واحدة، هي فاطمة بنت عمرو بن عائذ، وكافله ومربيه ومناصره، ووالد عليt، كان من أبطال بني هاشم ورؤسائهم، ومن الخطباء العقلاء الأباة.
ولد في مكة ونشأ فيها، وتزوج من فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي التي ربَّت النبي ، وكفلته مع أولادها، وكان له أولاد ذكور وإناث منهم: طالب، وعقيل، وأم هانئ، وغيرهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
كفالته لمحمد بن عبدالله
كان أبو طالب الأخ الشقيق الوحيد لعبدالله والد النبي. وقد عهد إليه والده عبدالمطلب بكفالة محمد.
كفل رسول الله بعد وفاة جده عبد المطلب الذي كان يوصيه به، وكان يحبه حباً جماً لا يحبه ولده، ولاينام إلا إلى جنبه، وكان يخصه بالطعام، فإذا أراد أن يغذي عياله، قال: «كما أنتم حتى يحضر ابني» فيأتي رسول الله، فيأكل معهم، وكان يقول: «إنَّك لمبارك». وهو الذي صحبه في أسفاره، فخرج به إلى الشام في القافلة التي خرج فيها للتجارة، ونزلوا بالراهب بحيرا، فقال لأبي طالب في النبي ما قال، وأمره أن يحتفظ به، فرده أبو طالب معه إلى مكة، وشب رسول الله معه وهو يكلؤه ويحفظه ويحوطه من أمور الجاهلية ومعايبها.
ولما أظهر رسول الله الدعوة إلى الإسلام حماه أبو طالب من أعدائه من قريش الذين هموا بقتله وناصبوه العداء، وصدهم عنه، ومن ذلك أنهم لما رأوا دفاع أبي طالب عنه، مشى إليه رجال من أشراف قريش ورؤسائهم، فقالوا لـه: يا أبا طالب إن ابن أخيك قد سبَّ آلهتنا، وعاب ديننا، وسفه أحلامنا، وضلل آرائنا، فإما أن تكفه عنا وإما أن تخلى بيننا وبينه، فقال لهم أبو طالب قولاً رفيقا،ً وردهم رداً جميلاً، فانصرفوا عنه، ومضى رسول الله على ما هو عليه يظهر دين الله، ويدعو إليه؛ فجاؤوا إليه مرة ثانية، فقالوا: يا أبا طالب: «إن لك سناً وشرفاً ومنزلة فينا، وإنا قد استنهيناك من ابن أخيك فلم تنهه عنا، وإناـ والله ـ لا نصبر على شتم آبائنا وتسفيه أحلامنا؛ فإما أن تكفه عنا أو ننازلـه وإياك حتى يهلك أحد الفريقين»، فعظم على أبي طالب فراق قومه وعداوتهم، ولم يطب نفساً بإسلام ابن أخيه لهم ولا خذلانه، فبعث إليه، فقال لـه: «يا ابن أخي إن قومك قد جاؤوني، فقالوا لي كذا وكذا، فأبق عليّ وعلى نفسك، ولا تحمّـلني من الأمر مالا أطيق». فظن رسول الله أن عمه قد ضعف عن نصرته والقيام معه، فقال: «يا عم والله لو وضعوا الشمـس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه». واستعبر رسول اللهr، وبكى ثم قام؛ فلما ولى ناداه أبو طالب، فقال: «أقبل ياابن أخي!» فأقبل عليه رسول الله ، فقال: «اذهب ياابن أخي فقل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيءٍ أبداً»، وذُكِر أنه قال:
كذبتم وبيت الله نخلي محمداً ولما نطاعن دونه ونناضل وننصره حتى نصرع دونه ونذهل عن أبنائنا والحلائل
إلى أن قال:
لعمري لقد كلفت وجداً بأحمد وأحببته حب الحبيب المواصل فمن مثله في الناس أي مؤمل إذا قاسه الحكام عند التفاضل حليم رشيد عادل غير طائش يوالي إلهاً ليس عنه بغافل
ثم لما رأت قريش أنها لا تصل إلى محمدr لقيام أبي طالب دونه ـ اجتمعوا وائتمروا بينهم أن يكتبوا كتاباً يتعاقدون فيه على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب على أن لا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ولا يبيعوهم شيئاً ولا يبتاعوا منهم، فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة، ثم تعاهدوا وتواثقوا على ذلك، وعلقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيداً على أنفسهم، فدخل أبو طالب في الشعب الذي حوصروا فيه آنذاك مع من دخل من المسلمين، ومكثوا على ذلك نحو ثلاث سنوات لايصل إليهم شيء إلا سراً ممن أراد صلتهم من قريش ورسول الله على ذلك يدعو قومه ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً، إلى أن انتهى الحصار بتمزيق الصحيفة من قبل نفر من قريش من أهل المروءة والضمائر ـ بعد أن كانت الأرَضة (دويبة تأكل الخشب) قد أكلتها إلا عبارة «باسمك اللهم»، وكان النبيr قد أخبر بذلك أبا طالب.
واستمر دفاع أبي طالب عن الرسول إلى أن توفي، وقد أثّر غيابه و فقده في النبي عليه الصلاة والسلام، فقال: «ما نالت مني قريش شيئاً أكرهه حتى مات أبو طالب»، وذُكِر أنه قال أيضاً «ما أسـرع ما وجدت فقدك يا عم».
اختلف في إسلامه، فمنهم من أثبت إسلامه ومنهم من نفاه وللشيخ المفيد محمد بن محمد ابن النعمان رسالة سماها «إيمان أبي طالب ـ ط »، وللسيد محمد علي شرف الدين العاملي رسالة « شيخ الأبطح ـ ط» في سيرته وأخباره قال فيها: «إن الشيعة الإمامية وأكثر الزيدية يقولون بإسلام أبي طالب، وبأنه ستر ذلك عن قريش لمصلحة الإسلام».
وينسب إليه مجموع صغير سمي «ديوان شيخ الأباطح أبي طالب ـ ط» قيل عنه: فيه من الركاكة ما يبرئه منه.
توفي في منتصف شوال من السنة العاشرة للبعثة قبل وفاة خديجة بشهر وخمسة أيام وهو ابن بضع وثمانين سنة، وبكاه الرسول وحزن عليه حزناً شديدا،ً وسمي ذلك العام الذي مات فيه والسيدة خديجة عام الحزن.
وذُكِر عن علي بن أبي طالب أنه رثى أباه حين مات بقوله :
أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندى وذا الحلم لا جلفاً ولم يك قعددا أخا الهُلْكِ خَلّى ثُلْمَةً سيسدّها بنو هاشم أو تستباح وتضهدا فأمست قريش يفرحون لفقده ولست أرى حياً لشيء مخلداً
إلى آخر ما قال.
أبناؤه
- مقالة مفصلة: الطالبيين
وكان كل واحد منهم أكبر من الذي يليه بعشر سنين. فيكون طالب أسن من علي بثلاثين سنة، وبه كان يكنى أبوه وأمهم جميعا فاطمة بنت أسد بن هاشم وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي وكان رسول الله يدعوها أمي لأنها ربته. وكانت من السابقات إلى الإسلام ولما توفيت صلى عليها النبي ودخل قبرها وترحم عليها.
المصادر
- عبد العزيز حاجي. "أبو طالب (عبد مناف بن عبد المطلب)". الموسوعة العربية.
طالع أيضاً
للاستزادة
- أبو زيد أحمد بن سهل البلخي، البدء والتاريخ (مكتبة المثنى، بغداد).
- أبو الحسن علي الحسني الندوي، السيرة النبوية (دار القلم، دمشق، 1422هـ/2001م).
- السيد محسن الأمين، أعيان الشيعة، تحقيق:حسن الأمين (دار التعارف للمطبوعات، بيروت).
- أبو محمد عبد الملك بن هشـام المعافري، السـيرة النبوية، تحقيق: محمد فهمي (المكتبة التوفيقية، القاهرة).
- محمد يوسف الكاندهلوي، حياة الصحابة (دار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع بيروت).