الطالبيين
الطالبيين (ومفردها طالبي :بفتح الطاء المهمله وكسر اللام وفي آخرها الباء الموحدة)، نسبة إلى أبي طالب بن عبد المطلب عم النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وتطلق على أولاد علي بن أبي طالب و جعفر و عقيل أبناء أبي طالب، والبيت والشرف من بني أبي طالب، في علي أمير المؤمنين وبعده أخوه جعفر.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
أصول الطالبيين
يرتبط تاريخ الطالبيين أبناء الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بإقليم الحجاز، فقريش هذه القبيلة العربية التي اصطفى الله منها النّبي الأعظم سيّدنا محمّد بن عبد الله الهاشمي القرشي كان لها الجذور الحقيقية والثابتة في أرض الحجاز وكان لهذه الشّجرة الثابتة الأصل وفرعها في السماء الارتباط الأساسي بالدعوة المحمّدية خاتمة الأديان السماوية حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
فضل الحجاز
قال الإمام الترمذي في جامعه: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ زَيْدِ بْنِ مِلْحَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (( إِنَّ الدِّينَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا وَلَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنَ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الأُرْوِيَّةِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ إِنَّ الدِّينَ بَدَأَ غَرِيبًا وَيَرْجِعُ غَرِيبًا فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ بَعْدِى مِنْ سُنَّتِي )). قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ(1).
أقول: يأرز أي يجتمع وينضم بين المسجدين.
قال المباركفوري في التحفة: والحِجَاز هُوَ اسْم مَكَّةَ وَ الْمَدِينَةِ وَحَوَالَيْهِمَا فِي الْبِلادِ وَسُمِّيَتْ حِجَازاً لأَنَّها حَجَزَتْ أَيْ مَنَعَتْ وَفَصَلَتْ بَيْنَ بِلادِ نَجْدٍ وَالْغَوْرِ(2) .
الطالبيون حجازيون
أقول: الحِجَاز هو الإقليم الغربي في شبه الجزيرة العربية وتمتد حدوده الغربية على شاطئ البحر الأحمر من مدينة القنفذة الساحلية على الشواطئ الجنوبية لساحل البحـر الأحمر إلى خليج العقبة. كما يمتـد شـمالاً بمحاذاة البحـر الأحمر من المدينة المنورة مـاراً بخيبر و العُلا و مدائن سيدنا صالح و تيماء و تبوك إلى معان(3) وهي آخر حدود الحجاز مع الشام. لقد عَرَف الناس الحِجَاز بقدسيته بالمدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة والتي تهوي إليها قلوب المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها فقدّمه باسمه الذي كان على الخريطة رغم كل التغيرات، فمع مرور الدول عليه على مرّ الأزمان لم يتغير المسمّى التاريخي لأرض الحِجَاز، فالدين حِجَازي، ومحمّد صلى الله عليه وآله وسلّم حِجَازي، والكعبة حِجَازيه، وأُحُد حِجَازي، وأهل الحِجَاز حِجَازيون، والطّالبيون حِجَازيون.
الحجاز وأهل البيت
والحِجَاز هو المنبع لنهر العلم وأهل البيت هم المصبّ العذب، فهم معدن الحكمة والرسالة ولأمر قدّره الله عزّ وجل نزلت على أهل البيت المصائب والفتن وسفكت دمائهم بلا رحمة ولا هوادة وقُتِلوا وشُرِّدوا وطُرِدوا وهم أبرياء في عهد الأمويين و العباسيين، فهذا الإمام علي بن أبي طالب خرج من المدينة إلى الكوفة وقُتِل في محراب عبادته، وهذا ابنه الإمام الحَسَن المجتبى الشهيد المسموم لقي ما لقي من الأعداء حتى ضربوه على فخذه المبارك، ثم صاغوا له مؤامرة الغدر والخيانة ودسُّوا له السُّم، فلقي وجه ربه بعد أربعين يوماً كان فيها ضجيع الفراش، وهذا أخيه الإمام الحُسين الشهيد المقتول، لقي من الأعداء ومن أقرب الناس ما لقي، حتى شهد كربلاء دفاعاً عن الحق وجهاداً في سبيل الله فأدموه وقتلوه شرّ قتلة وملأوا الأرض بدمه الشريف، واستمـرت مقاتل أهل البيت قـروناً وقرون من شهيد مقتول وآخـر مسموم، وقد أسرف خصوهم في محاربتهم ونصّبوا أنفسهم لأمـر خابـوا فيه ولم يفلحوا فقد خاب من حمل ظلماً، وأصبحت مقاتل الطّالبيين من أهل البيت حديثاً يُروى وخبراً يُتَناقل وتواريهم سُنّة يُعْمل بها، وتغيبهم فرض مسلّم من الحـاكم السّياسي وانخراطهم في غير أهلهم إجباراً، والأرض تشهد على دمائهم المسفوكة وهذا كله حقداً على مكانتهم فمن هوان الدنيا ودناءتها وخستها أن يُفعل بذرية الرسول أبناء البضعة البتول هكذا، ولو أردنا أن نكتب عن سيرة أهل البيت المحزونة لملئت الطّوامير بتاريخ أسود يأسف القلم لكتابته، وتملأ الأوراق بدمعات من الدم كيف لا وهم من الشجرة المباركة التي أُحكمت عروقها وكثرت أفنانها وأينعت ثمارها ثمرة الدوحة الهاشمية وفرع الذرية الطاهرة ونتيجة أهل بيت النبوة ومعدن الحكمة والرسالة. وقد مرّت الأزمان وذهب من ذهب وبقي التاريخ وظلت هذه الأحداث مناراً للأزمان فإن تفرقهم وطلبهم في الأمصار له حكمة حسب
علمي القاصر تكمن في أمرين هامين:
- أولهما: ليزداد فضلهم وأجرهم وثوابهم عند الله عزّ وجلّ.
- ثانيهما: ليخرج من بحر الحِجَاز فيوضات ربانية في شتى الأمصار يتولاها الطّالبيين سادات أهل البيت .
حديث الثقلين
قال الإمام الترمذي: حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُنْذِرِ الكُوفِيٌّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ وَالأَعْمَشُ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أرْقَمَ رضي اللَّهُ عَنْهُمَا قَالاَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: (( إِنِّى تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِى أَحَدُهُمَـا أَعْظَمُ مِنَ الآخَرِ كِتَابُ اللَّهِ حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ وَعِتْرَتِي أَهْلُ بَيْتِي وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَىَّ الْحَوْضَ(4) )). وقال: هذا حديث حسن غريب.
إمارة الطالبيين في الحجاز
ورغم كل هذه المقاتل إلا أن الله قد بارك في هذه الذرية فقد أعقب الإمامين الحَسَن والحسين ابني الإمام علي بن أبي طالب العدد الكثير من الأبناء ولكن أكثرهم توفى في وقعة كربلاء فلم يبقى للإمام الحُسين إلا ولده الإمام علي زين العابدين، كما أنه لم يبقى لأخيه الإمام الحَسَن إلا ولديه الحَسَن المثنى وأخيه زيد. فكلّ الأشراف الحَسَينيون ينتهون إلى الجَدّ الجامع لهم الإمام علي زين العابدين مع اختلاف طبقاتهم فقد كانت الإمارة في المدينة المنورة صراع بين الحَسَنيين والجعافرة والحُسينين، فقد كان على عهد بني العباس إمارة لبعض الحُسينين من أبناء موسى الكاظم بن جعفر الصادق، وقد شاركهم فيها زيد بن الحسن وبنوه ولم تكن هذه الإمارة إلا بصفة الإمارة التّشريفية التّقليدية على عهد بني العباس إلا أن الرّياسة والسّيادة كانت لبني عمومتهم من أبناء جعفر الحجة بن عبيدالله الأعرج بن الحسين الأصغر وفي بنيه الإمارة بالمدينة المنورة، وقد استقرت بعد صراع طويل تتوارث بأيديهم ثم انتقلت في بني عمّ أبيهم أبناء القاسم بن عبيدالله بن الطاهر حتى وصلت إلى الأمير شيحة بن هاشم وبقيته ابنيه جماز بن شيحة وفي عقبه الجمامزة الإمارة، وهو وارث الحكم بعد أبيه وأخيه عيسى بن شيحة وصارت إلى عقبه العياسا الوجاهة والسيادة، إلا أنّ العياسا اتخذوا قرية السّوارقية المشهورة على طريق المهد سكنـاً لهم وتداخـلوا مع الباديـة، وقد بقي بعض الجمامزة في المدينة المنورة واختـلطت بعض فروعهم مع بني عمومتهم من العياسا وبالمدينة من الحُسينين بني الحُسين الأصغر الحياريين أبناء الشّريف حيار بن حنتوش، والحمزات لهم من السّيادة والوجاهة ما لبني عمومتهم العياسا والجمامزة، ولم يقتصر الأشراف الحسينيين على تلك الفروع بل إن أبناء عمهم من الموسويين والذين نعتوا بالمواسا أبناء موسى بن علي بن الحسن بن جعفر الخواري بن موسى الكاظم سكنوا وادي الفرع من نواحي المدينة هم وبني عمهم من الجعافرة ولا تزال لهم بقية هناك, والعياسا أكثر بني حُسين فروعاً وعدداً في زمننا الحاضر, وللحُسينيين أشراف الحجاز القاطنيين المدينة المنورة هجرات عديدة إلى الهند وبلاد فارس, فصّلها نسّابة بني حُسين في عصره السّيد ضامن بن شدقم الحُسيني في كتابه تحفة الأزهار وزلال الأنهار في نسب الأئمة الأطهار, وقد حوى كتابه تاريخهم وفروعهم وهو خلاصة ما كتبه أبيه وجَدّه وتبعاً لهم, ولم يبقى من الحُسينين في السّوارقية ووادي الفرع إلا القليل، فغالبيتهم استوطنوا المدينة المنورة ويسكنون محلة العوالي ونواحيها, وليس الأشراف الحُسينيين مقصورين على هؤلاء الموجودين في الحجاز, بل إن هناك فروع كثيرة متواتر ومقطوع بصحّة نسبتهم هاجر أجدادهم إلى كثير من أنحاء العالم الإسلامي مثبتين في جرائد النّسب والمشجّرات, وهم بطون متّسعة كثّرهم الله وجعل فيهم النّفع والبركة. أما الإمام الحَسَن المجتبى بن الإمام علي بن أبي طالب عليهما السلام فعقبه لا يصح إلا من بقيته الحَسَن المثنى وزيد فكُلّ الحَسَنيين في العالم ينتهون إلى أحد العقبين، وبقية زيد بن الحَسَن انتهى إلى ملوك طبرستان وبلاد الدّيلمان، وعقب زيد منتشر في كثير من بلاد العجم وإلى الحَسَن المثنى ينتهي الرّسّيون, وهم أبناء القاسم الرسي وهم بطون وأفخاذ وينتشرون في جنوب الحِجَاز وخاصة بلاد اليمن ونواحيها و صعدة ونواحيها وكان منهم ملوك اليمن.
انظر أيضاً
الحواشي
(1)جامع الترمذي (2630) والطبراني في الكبير 17: (11) , أقول وللحديث شواهد صحيحة عند مسلم (146) من طريق عاصم العمري ؛ وأحمد (1604), وأبي يعلى (756) من طريق هارون بن معروف.
(2)) تحفة الأحوذي 7: 418.
(3)) مدينة أردنية تقع في الجهة الجنوبية من المملكة الأردنية الهاشمية على الأطراف الغربية للهضبة الصحراوية الممتدة من شبه الجزيرة لعربية حتى بادية الشام, وتقع على الطريق المؤدي إلى مكة المكرمة ؛محمد علي مغربي:لمحات من تاريخ الحجاز ص23 .
(4)الترمذي (3788), وأخرجه احمد (11104)و(11131), والحاكم في المستدرك(3/148) من طريق مسلم بن صبيح وقال :صحيح الإسناد , ووافقه الذهبي, والطبراني في الصغير (364)، أقول وللحديث شاهد صحيح عندمسلم (2408) من طريق زيد بن أرقم .
المراجع
- الشريف محمدإبراهيم الكتبي سيرة وتاريخ - أنس الكتبي ص6-8
- الأنساب -للسمعاني 4/28
- اللباب في تهذيب الأنساب 2/67
- معجم القبائل العربية- كحالة 2/647