إلياهو ساسون

(تم التحويل من Eliyahu Sasson)
إلياهو ساسون
Eliahu sasson.jpeg
ساسون عام 1969
المناصب الوزارية
1961–1967وزير الخدمات البريدية
1967–1969وزير الشرطة
الفصيل الممثل في الكنيست
1965–1968المعراخ
1968–1969حزب العمل
1969–1974المعراخ
المناصب الدبلوماسية
1953–1960سفير إسرائيل لدى إيطاليا
1960–1961سفير إسرائيلي لدى سويسرا
تفاصيل شخصية
وُلِد2 فبراير 1902
دمشق، سوريا العثمانية
توفي8 أكتوبر 1978 (76 عاماً)
القرابةموشيه ساسون (نجله)

إلياهو ساسون (بالعبرية: אליהו ששון‎، إنگليزية: Eliyahu Sasson؛ و. 2 فبراير 1902 - ت. 8 أكتوبر 1978)، هو سياسي ودبلوماسي ووزير إسرائيلي. وُلد ساسون في دمشق ولم يكن يهودياً عربياً، إلا أنه كان اليهودي الوحيد الذي تقلد منصباً وزارياً في الحكومة الإسرائيلية، وفي حكومة عربية، في عهد الملك فيصل في دمشق من عام 1918 حتى 1920.[1]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

السنوات المبكرة

ولد إلياس داوود ساسون عام 1902 في حارة اليهود في العاصمة السورية دمشق التي كانت لا تزال تحت الحكم العثماني، وينتسب والداه داود وسارة الى عائلة أبو العافية المعروفة، عمل والده في تجارة الأقمشة في سوريا، وكان أحد وجهاء الجالية اليهودية تربطه علاقات مميزة مع العرب. كان والده كان شغوفاً بتربية نجله تربية عربية رغم حرصه على الديانة اليهودية، وكان يقول دائماً بأننا يجب أن نتعلم من أجددانا يهود الاندلس الذين عاشوا بين العرب عيشة حسنة، تمتعوا خلالها بالحرية الكاملة، فبرز منهم العلماء والشعراء والأطباء والأدباء والفلاسفة، والمناخ الحياتي في سوريا لليهود كان امتداداً للمناخ الاندلسي، بفضل تربية والده أصبح الياهو ساسون يهودياً في ديانته وعربياً في تربيته وثقافته ولغته.

خلال مرحلة الشباب التي عاشها الياهو ساسون، تعرضت سوريا لتقلبات سياسية هامة، بدأت بالانقلاب الذي قامت به جمعية الاتحاد والترقي ضد السلطان عبد الحميد عام 1913، تبع هذا الانقلاب حدث حاسم غير وجه بلاد الشام قاطبة سياسياً وجغرافياً وهو الحرب العالمية الأولى، غيرت هذه الحرب خارطة الشرق الأوسط، فقد احتلت القوات البريطانية فلسطين وسيطرت القوات الفرنسية على ساحل لبنان، ووقعت دمشق تحت سيطرة قوات الأمير فيصل ابن الشريف حسين بمساعدة الحلفاء، وقد اعتقد فيصل حينها بأنه حرر سوريا وباستطاعته أن يحكمها، فسارع لتشكيل حكومة عربية في دمشق وأصبح ملكاً على سوريا، لكن فرنسا سارعت إلى طرده، واحتلت دمشق وأعلنت انتدابها على سوريا ولبنان.

تأثر إلياهو ساسون من هذه التحولات الدراماتيكية، خاصة أنه كان من أوائل يهود دمشق الذين انهوا تعليمهم الثانوي، حيث درس في مدرسة كيئح وهو الاسم العبري لمدارس الإليانسي في بيروت، ثم التحق بجامعة القديس يوسف.[2] وأن هذه الأحداث أيقظت روح الصهيونية في داخله على الرغم من أنه درس في مدارس عربية داخل سوريا، يشير الباحث بأن ساسون استغل الكثير من زملائه الذين تخرجوا معه وكانوا من خيرة قادة الحركة الوطنية السورية من سياسيين وعسكريين، فقد اعتبر نفسه واحداً منهم، وآمن ساسون أنه بإمكانه إيجاد الكثير من القواعد المشتركة في التعاون والتآخي بين العرب واليهود في سوريا، وفي كل قطر من أقطار الشرق الأوسط، وجدير بالذكر أن ساسون تأثر للغاية من الحضارة العربية كان يعشق اللغة العربية، لكنه تغير عندما هاجر إلى فلسطين عام 1927، والتقى بالقيادات اليهودية التي طلبت منه بأن يكون جسراً بين الحركة الصهيونية وبين جميع معارفه من القادة والزعماء العرب، خاصة القيادات السياسية داخل سوريا وخارجها.

بعد عودته الى سوريا استمر في تواصله مع القيادات اليهودية، وعندما تولى الأمير فيصل الحكم في سوريا ملكاً عليها، دعا إلى قصره الصحفي إلياهو ساسون، وكان عمره 19 عاماً، وكان قد أصبح رئيساً للشبيبة الصهيونية في دمشق وأصبح في الوقت نفسه عضواً في الحركة الوطنية العربية[3]، واقترح عليه إصدار صحيفة يومية باللغة العربية بتمويل من الملك نفسه، بهدف التقارب بين الحركة الصهيونية والحركة القومية العربية، وصدرت الصحيفة في دمشق وترأس تحريرها إلياس ساسون، وقد صدرت بواقع ثلاث مرات بالأسبوع ولمدة تسعة أشهر ثم توقفت بعد طرد فيصل من دمشق على أيدي الفرنسيين في 28 يوليو من العام 1920، وكان اسم تلك الصحيفة الحياة.

وكانت الصحافة بوابته للدخول إلى عالم السياسة، مهنة الصحافة، وقد بدأ اسمه يلمع في السنوات التي تلت الحرب العالمية الأولى، وعن تلك الفترة يقول موشيه ساسون ابن إلياهو ساسون والذي شغل منصب السفير الإسرائيلي في مصر:

Cquote2.png في تلك السنوات، وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى، لم يكن هناك في الشرق الأوسط موقف عربي متشدد ومناهض للصهيونية، كما حدث في وقت لاحق، فالحركتان الوطنيتان اليهودية والعربية، كانتا في بداية طريقهما ولم تصلا بعد إلى طريق المواجهة الكلامية والتحديات الحربية، ولهذا فإن الاتصالات السياسية أسفرت عما يبدو عن شبه اتفاق أو ترتيبات بينهما، مثل اتفاق فيصل بن الحسين مع حاييم وايزمان في 3 يناير 1919، وكذلك موقف الوفد السوري للجنة السلام في پاريس عام 1919، بعد الحرب العالمية الأولى، عندما أعلن رئيس الوفد شكري غنام أمام اللجنة عن تطلعاتهم لإقامة سوريا مستقلة ومنفصلة، وفي إطارها تعمل الحركة القومية السورية على التوصل إلى تفاهم وترتيبات مع الحركة الصهيونية يعتمد على فتح أبواب فلسطين أمام الهجرة اليهودية، وأن يحكم اليهود فيها عندما يصبحون الأغلبية، ولحين ذلك تتمتع فلسطين بحكم ذاتي مرتبطة فدرالياً مع سوريا المستقلة المنفصلة، والاتفاق بين جماعة القوميين في سوريا ولبنان بزعامة نجيب سفير ويوسف موازين، ورشيد فارس، ونجيب هاشم، وأنطون شحادة، مع التنظيم اليهودي، والذي وقع باسم (يشوع حذكفن) في 26 مارس من العام 1920، وفي البند الأول من الاتفاق جاء (إن حكومات سوريا ولبنان تعترف باستقلال فلسطين ويكون للحركة الصهيونية الحق في بناء وطن قومي للشعب اليهودي فيها...[4] Cquote1.png


الهجرة إلى إسرائيل

يذكر الباحت يارون ران بأن الياهو ساسون استطاع استغلال وطنيته العربية السورية لتقديم أهم الخدمات وأخطرها إلى الحركة الصهيونية، وقد أطلع هذه الحركة على تحركات القيادات العربية في فلسطين وسوريا، منذ قيام حكومة فيصل في دمشق وأطلعهم على أسماء هذه القيادات وحياتهم الخاصة ومواقفهم السياسية خاصة من الحركة الصهيونية، وأطلعهم أيضاً على مدى تعاونهم مع قيادات حركة التحرر في فلسطين، ومن بين الشخصيات التي اصطدم معها الياهو ساسون في فلسطين المفتي محمد أمين الحسيني. كان مأخذ الياهو ساسون على المفتي أنه – أي المفتي – من أكبر المحرضين على الحركة الصهيونية، خاصة بعد أن هرب من وجه السلطات البريطانية في فلسطين إلى سوريا، لأن هذه السلطات اتهمته بالوقوف وراء المواجهات التي وقعت بين العرب واليهود في فلسطين خاصة ثورة البراق 1929. حظي ساسون في موقفه من المفتي بدعم وتأييد أحد وجهاء اليهود في سوريا ويدعى يوسف يوئيل رڤلين والد الرئيس الإسرائيلي لاحقاً رئوڤن رڤلين، والذي كان يعمل في دمشق مديراً لمدرسة البنات العبرية وتذكر المصادر بأنه كان من أوائل الذين حذروا القيادة الصهيونية في فلسطين من خطورة وجود تكتلات عربية وطنية قومية في سوريا تعمل على محاربة الخطر الصهيوني في المنطقة، واتهم المفتي بأنه كان يقود هذا التحريض وإلى جانبه الباحث المعروف عارف العارف، كما اتهموا أنهم كانوا يخططون لاغتيال هربرت صموئيل أول مندوب سامي بريطاني على فلسطين، وكان يهودياً متطرفاً.[5]

حاول المفتي أن يحاصر الياهو ساسون ومنعه من التحرك والانتقال بين الأقطار العربية واتهمه أنه يحمل شعارات العروبة للتستر على خدمته للصهيونية، خاصة وأن ساسون كان يدعي بأن سلطات الانتداب الفرنسي تلاحقه في سوريا لأنه وقف ضد الفرنسيين في سياستهم. تم أول لقاء بين ساسون وبين مفتي القدس عام 1928، وقد كان الهدف من هذا اللقاء إيجاد التفاهم حول حق اليهود بالعبادة فيما يسمى حائط المبكى، فشل هذا اللقاء بإيجاد صيغة مشتركة وواصل المفتي اتهامه لساسون وريفلين والقيادات اليهودية في فلسطين بأنهم يخططون للاستيلاء على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، وقد فند ساسون هذا الاتهام من خلال مقال نشره باللغة العربية هاجم من خلاله سياسة المفتي واتهمه بأنه يرفض أي نوع من التعاون بين العرب اليهود.

ازدادت الخلافات في وجهات النظر بين الياهو ساسون والمفتي، خاصة بعد أن نجح المفتي في عقد مؤتمر حضره ممثلون عن الأقطار الاسلامية عام 1931، كان الهدف من عقد المؤتمر، العمل على حماية الأماكن المقدسة في مدينة القدس من الخطر الصهيوني. أثار عقد هذا المؤتمر حفيظة ساسون، لأنه اعتبر النتائج تأييداً لسياسة المفتي وزيادة التحريض ضد اليهود، وضد الحركة الصهيونية، لم يتأخر رد ساسون على عقد هذا المؤتمر، فقام بكتابة أكثر من مقال واحد، نشرها جميعها في الصحف العربية، دافع من خلال هذه المقالات عن نوايا الحركة الصهيونية، وحاول تفنيد ادعاءات المفتي كما أسماها، بأن هذه الحركة تخطط لاقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، كما أنها تخطط للاستيلاء على الأماكن المقدسة، وكما يذكر الباحث يارون ران، أن العديد من الصحف العربية، خاصة الصادرة منها في بيروت وفي القاهرة، لم تتردد بنشر مقالات ساسون، بضغط من الجاليات اليهودية في كل من القاهرة وبيروت، فقد سيطرت هذه الجاليات على العديد من الصحف العربية، وكانت تمولها خدمة للحركة الصهيونية.

اتهمت أوساط قومية عربية هذه الصحف بأنها كانت تتلقى الرشى من وكلاء للحركة الصهيونية، ومن بينهم ساسون رغم الخدمات التي قدمها لقادة الحركة الصهيونية في فلسطين وخارجها، لكن هذه القيادة تحفظت كثيراً من الانتقادات اللاذعة التي اثارها ساسون ضد القيادة الصهيونية.

Cquote2.png كان ساسون عضواً بارزاً في الوفد الاسرائيلي الذي شارك في مفاوضات عقد اتفاقيات الهدنة 1949، ويعود له "الفضل" باقناع العاهل الأردني الملك عبد الله الأول بتسليم منطقة أم الفحم ووادي عارة والمثلث الجنوبي لإسرائيل. الرواية التي ذكرها اللواء علي أبو نوار، قيام ساسون بوضع يده على حزام الملك عبد الله وقال له: أنا قاصدك فضلك يا جلالة الملك، قال الملك "ايش تريد"؟ قال ساسون أريد تتكرم علينا بازاحة خط الحدود في المنطقة المذكورة فقط 2 ملم، اجاب الملك أبشر اجتك يا طويل العمر، بهذه الطرق والأساليب خلقت اسرائيل. Cquote1.png

فقد اتهم ساسون الحركة الصهيونية بأنها لا تولي أهمية لليهود الذين هاجروا الى فلسطين من الأقطار العربية والاسلامية والذين عرفوا باليهود الشرقيين (السفارديم)، طالب ساسون باشراك اليهود الشرقيين في قيادة كافة المؤسسات اليهودية في فلسطين، خاصة الوكالة اليهودية وغيرها، لقد انتقد ما اسماهم اليهود الأشكناز واتهمهم بأنهم يحتكرون السلطة، واعترف ساسون في مقال من مقالاته، بأن اليهود الاشكناز يرفضون الاعتراف بأنهم عاجزون وحدهم عن قيادة التجمعات اليهودية في فلسطين، ومن وجهة نظره بأن هذا غير ممكن، بل يجب ايجاد حلول للمشاكل التي واجهت اليهود في فلسطين وفي العديد من الأقطار العربية، لذلك اضطر الى التعاون مع اللوبي الصهيوني، وفي عام 1934 بدأ يعمل في القسم المسؤول عن العرب داخل الوكالة اليهودية.

الاتصالات مع المسئولين العرب

بعد تعيينه مساعداً لموشيه شاريت لإجراء الاتصالات مع الدول العربية، مهّد ساسون للقاءات كبيرة مع قادة الحركة الوطنية السورية أثناء الانتداب الفرنسي، ورتب اجتماعاً لجميل مردم بيك مع حاييم وايزمان وموشيه شاريت في پاريس عام 1936، وعدة اجتماعات لإيلاهو إيلات مع الزعماء السوريين أثناء اندلاع الثورة السورية الكبرى وتفجّر الشارع ضد الفرنسيين.

قال إلياهو ساسون عن تلك اللقاءات:

Cquote2.png كانت المفاوضات التي جرت في الوقت نفسه بين فرنسا والكتلة الوطنية السورية من أجل التوقيع على اتفاقية تتمتع فيها سوريا بمساحة واسعة من الاستقلال السياسي، في حين طلب الزعماء السوريون مساعدة الحركة الصهيونية، خاصة أن رئيس الحكومة الفرنسية كان ليون بلوم اليهودي الذي لعب دوراً كبيراً عام 1929 في تكوين الإدارة الصهيونية الموسعة للوكالة اليهودية، وترأس الوفد السوري في أغسطس 1930، شكري القوتلي، وضم الوفد لطفي الحفار وفخري البارودي وفائز الخوري. Cquote1.png

وفي عام 1937 وبعد أن تولت الكتلة الوطنية الحكم، اجتمع إلياهو ساسون وإلياهو أفشتين في دمشق مع جميل مردم رئيس حكومة سوريا، وشكري القوتلي، الذي تولى وزارة الدفاع في ذلك الوقت، وفخري البارودي الذي تولى وزارة الإعلام السورية، وقد كتب إلياهو ساسون عن ذلك الاجتماع قائلاً: "لقد أعرب القوتلي عن أمله في أن اتفاقاً يهودياً عربياً سيجلب فائدة اقتصادية لأرض فلسطين ولسوريا، وأن السوريين سيسعدون كثيراً إذا عمّ الرخاء والهدوء في أرض إسرائيل وسوريا معاً". وحول اللقاء مع جميل مردم قال ساسون: "لقد شكرنا على التهاني التي أرسلها له حاييم وايزمان وموشيه شرتوك"، وأضاف: "إن اللقاءين اللذين كانا له مع وايزمان تركا انطباعاً إيجابياً، وأكد أنه طالما أن لدى اليهود سياسيا رفيع المستوى من أمثال وايزمان، وخبيرا في شؤون الشرق الأوسط مثل موشيه شرتوك، فإنه، أي جميل مردم، سيكون متفائلاً وعلى قناعة بأن أي سؤال عن العلاقات بين اليهود والعرب عاجلاً أو آجلاً سيجد الإجابة عنه، وقال جميل مردم إنه حتى الآن لم يتحقق السلام بين الشعبين، لكنه نزاع بين أقرباء وليس بين غرباء".

وعلى ما عكس ما قاله ساسون عن ما دار في هذا الإجتماع، يقول بشير العظمة السياسي والوزير السوري الذي واكب تلك الفترة في مذكراته" بأن ساسون التقى شكري القوتلي، وعرض عليه التعاون لتسهيل تمرير معاهدة 1936 الموقعة بين سوريا وفرنسا في البرلمان الفرنسي، مقابل أن يتغاضى الوطنيون عن قيام وطن يهودي في إسرائيل، ويوقفوا حملاتهم الإعلامية ودعمهم للحركات الفلسطينية، إلا أن شكري القوتلي رفض بشدة هذا العرض، مما أدى إلى رفض البرلمان الفرنسي المعاهدة"[6]

من بين الأعمال والخدمات التي قدمها لهذه الوكالة، تقديم تقارير شاملة عن شتى المواضيع التي تنشرها وتتناقلها الصحف العربية، التي كانت تصدر في فلسطين، كما عمل على تلخيص جميع المقالات والتحليلات التي تهم الحركة الصهيونية والصادرة في صحف دمشق بيروت والقاهرة وحتى بغداد، ويرى الباحث بأن هذا العمل، يعتبر اقامة أو تأسيس أول نواة لجهاز الاستخبارات الصهيونية، وقد أطلق عليه باللغة العبرية "حتساب" وتعني نبات البصيل أو النحت أو الحفر.

بدأت الوكالة اليهودية المدعومة من الحركة الصهيونية تجني ثمار ما يقوم به إلياهو ساسون، وهذا يعود الى نشاط هذا المستعرب، والى قدرته على اقامة علاقات متينة مع الكثير من كبار المثقفين والصحفيين وزعماء الأحزاب العرب، نجح في خداع هؤلاء الى درجة ان بعضهم اعتبره بطلًا قوميًا يعمل على استقلال سوريا. من بين انجازاته الهامة، تمكنه من ملاحقة ومعرفة كل تحركات المفتي، خاصة بعد أن اضطر للهرب الى بيروت، ومعه جميع أعضاء الهيئة العربية العليا، فقد اتهم المفتي عام 1937 بأن له يداً باغتيال المندوب السامي البريطاني أثناء قيامه بجولة في الجليل.

لاحق ساسون المفتي ورفاقه أثناء تواجده في بيروت، ورصد تحركاتهم ونقل أقوالهم وتصريحاتهم، ويعترف الباحث ران أنه خلال مدة وجيزة من وصول المفتي إلى بيروت، تمكن ساسون من نقل كل تحركاته ونشاطه الى الوكالة اليهودية وكانت هذه الوكالة تبلغها لسلطات الانتداب، استطاع ساسون التنصت على مكالماته اليومية مع كافة القيادات الفلسطينية، خاصة في الفترة الواقعة ما بين عامي 39-1937 وقد اثنى على هذا النجاح، احد كبار قادة الحركة الصهيونية في ذلك الحين، وهو موشيه شاريت عندما صرح بأننا نعرف كل شيء عن المفتي، وكل المقربين له. إن شبكة المخبرين التي جندهما ساسون، لنقل كافة المعلومات عن المفتي وجماعته ضمت العديد من زعماء الجاليات اليهودية التي كانت تقيم في دمشق وبيروت، نذكر من هؤلاء يوسف رڤلين، ويهودي آخر يدعى لنداو، ويهودي ثالث يدعى كوجيه، ورئيس الجالية اليهودية في سوريا ويدعى ديڤد بينطو هذه المجموعة كانت بمثابة إحدى خلايا الموساد في يومنا هذا.[7]

إضافة إلى هذه الخدمات التي قدمها إلياهو ساسون الى الوكالة اليهودية، استطاع الاجتماع مرتين مع المفتي لاقناعه التراجع عن سياسته المعادية للحركة الصهيونية، وقد تم ذلك في بيت مفتي لبنان في ذلك الحين الشيخ سامح الفاخوري أهمية هذين اللقاءين أنهما عقدا في خضم الثورة الفلسطينية الكبرى، لقد طلب ساسون من المفتي محمد أمين الحسيني، وبحضور مفتي لبنان اطلاق سراح الأسرى اليهود الذين وقعوا بأيدي الثوار العرب، وفعلًا استجاب المفتي لطلب ساسون وأطلق سراح عدد من اليهود غير العسكريين. لقد تم لقاء ثالث بين ساسون والمفتي، طالب خلاله ساسون من المفتي العمل على وقف التعاون بين عدد من الزعماء العرب ومن بينهم المفتي وبين القيادة الالمانية بزعامة هتلر.

عام 1939 عُين ساسون مسؤولاً عن الدائرة العربية في الوكالة اليهودية، استمر ساسون في هذا المنصب حتى عام 1949، وبعد الاعلان عن اقامة الدولة، انتقل للعمل في وزارة الخارجية. عن تلك الفترة، يذكر نجله موشيه أنه في ليلة رأس السنة لعام 1981 كان موشيه مدعواً الى حفل رأس السنة في منزل السفير الايطالي بالقاهرة واقترب احد المدعوين المصريين منه وكان رجلاً في الثمانين من عمره يرتدي ملابسه بحرص زائد ويبدو عليه الطابع الكلاسيكي وسلسلة ذهبية مدلاة من جيب الصديري وبها ساعة عتيقة، وقال له: 'سيادة السفير عندما سمعت ان اسم السفير الاسرائيلي هو ساسون؟ أردت ان اتعرف بك لأسألك سؤالاً واحداً: هل هناك صلة قرابة بينك وبين إلياهو ساسون· وأخذه الحذر وبدأ المصري يشرح له 'كان إلياهو ساسون رئيساً لشعبة الشرق الاوسط بالقسم السياسي في الوكالة اليهودية قبل حرب 48 وكان يزور القاهرة على فترات متقاربة وأقام خلال زياراته شبكة ضخمة من العلاقات والاتصالات بهدف إقناع البلاط الملكي بتوقيع معاهدة سلام مع اسرائيل التي سيعلن عن قيامها'· ولم يقف إلياهو ساسون عند هذا الحد فقد جدد اتصالاته مع البلاط الملكي بعد قيام اسرائيل وكان هذا الرجل المصري غالباً اسمه كمال رياض ضابط الاتصال بين مصر الملكية وإسرائيل وكان كمال رياض قد وصل پاريس في سبتمبر 1948 ليجري اتصالات سرية مع ساسون وهي الاتصالات التي لم تؤد الى نتيجة ومثلها أجريت اتصالات مع سوريا ومع الأردن·[8]

عام 1953 تولى منصب سفير إسرائيل لدى ايطاليا، ثم انتقل سفيراً في سويسرا، وفي عام 1961، انضم الى حزب مباي – العمل حالياً – اختير بعدها لعضوية الكنيست فوزيراً للبريد ثم وزيراً للشرطة حتى عام 1969.

وفاته

عندما استدعاه بن گوريون وأخبره أنه سيصبح المرشح الأول في رئاسة الدولة الإسرائيلية، أصيب إلياهو ساسون بنوبة قلبية نتج عنها شلل نصفي كامل وبقي طريح الفراش لمدة سبع سنوات طوال، حتى وفاته عام 1978. كان ساسون مثقفاً واسع المعرفة، عازف عود من طراز رفيع، امتلك مكتبة عملاقة في القدس ضمت الآلاف من أعداد الصحف العربية والشرقية، مع المئات من أنواع الكتب والوثائق القديمة والحديثة. [9] [10]

المصادر

  1. ^ "Hero of the Crossing: How Anwar Sadat and the 1973 War Changed the World". Middle East Journal. 2024-09-17. Retrieved 2024-09-17.
  2. ^ Amikam Nachmani, (1987) Israel, Turkey and Greece: Uneasy Relations in the East Mediterranean Routledge, ISBN 0-7146-3321-6 p 4
  3. ^ Eliyahu Sasson: Public Activities Knesset website
  4. ^ "إلياهو ساسون صحفي عمل كجسر اتصال بين العرب والإسرائيليين". العرب اللندنية. 2014-10-11. Retrieved 2024-09-19.
  5. ^ "المستعرب الياهو ساسون". الاتحاد. 2019-03-30. Retrieved 2024-09-19.
  6. ^ بشير العظمة، جيل الهزيمة من الذاكرة، الطبعة الثانية 1998، ص 165
  7. ^ "المستعرب الياهو ساسون (2-2)". الاتحاد. 2019-04-05. Retrieved 2024-09-19.
  8. ^ "موشيه ساسون: الصهيونية مولودة في مصر!". الاتحاد للأخبار. 2005-10-27. Retrieved 2024-09-19.
  9. ^ إبراهيم الجبين (2014-10-11). "إلياهو ساسون صحفي عمل كجسر اتصال بين العرب والإسرائيليين". صحيفة العرب اللندنية.
  10. ^ "ساسون، الياهو". المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية مدار.

وصلات خارجية