ڤلاديمير ماياكوڤسكي
هذا الموضوع مبني على مقالة لابراهيم العريس. |
ڤلاديمير ماياكوڤسكي | |
---|---|
الجنسية | روسي، سوڤيتي |
الجامعة الأم | جامعة ستروگانوڤ موسكو الحكومية للفنون والصناعة، مدرسة موسكو للرسم والنحت والعمارة |
الفترة | 1912—1930 |
ڤلاديمير مايكوڤسكي Vladimir Mayakovsky (و. 19 يوليو 1893 - 14 أبريل 1930) [[كاتب روسي من أصل قزخي (تتاري)، ويعد من الأسماء الفاصلة بين قرنين، واسماً مؤثراً في النزاع بين الفن العجوز والحديث. شاعر، كاتب درامي، ممثل، مفكر، رسام كاريكاتور وكاتب سيناريو، يتحدر ماياكوفسكي من عائلة متواضعة، أبوه من العرق التتري، أما امه فاوكرانية، أتقن اللغتين الجورجية (بحكم الدراسة) والروسية الأصلية (لغة العائلة) بعيد وفاة أبيه عام 1906 انتقل مع امه واختيه الاثنتين إلى العاصمة موسكو، وفصل من الدراسة عام 1908 لأن امه لم تستطع تحمل نفقات علمه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
السيرة الذاتية
ولد ماياكوفسكي، في العقد الأخير من القرن التاسع عشر:، وتحديداً، في عام 1893. الزمن الذي كانت فيه البلدان والشعوب التي تهيمن عليها الامبراطورية الروسية تئن تحت نير الاستبداد والعبودية، وفي الوقت ذاته كان الثوريون من مثقفين وعمّال وفلاحين وتنظيمات ثورية سرية وعلنية تقود المقاومة ضد النظام القيصري.ولد فلاديمير ماياكوفسكي، شاعر المستقبل، في قرية بغدادي؛ من أعمال جورجيا، في تلك القرية النائية، قضى طفولته الأولى. كان أبوه يعمل حارساً أو مشرفاً على الغابات. وكانت أمه، ابنة عسكري، تهوى الشعر والرسم.
كان الأب رجلاً كريماً مضيافاً؛ فمن النادر أن يمضي يوم من غير أن يستقبل أبوه في بيته الضيوف. وفي البيت المضياف، سمع الصغير فلاديمير اللغات المختلفة من الضيوف المنتمين إلى قوميات مختلفة متعددة اللغة: الروسية، الجورجية، التترية والأرمنية.
عندما بلغ فلاديمير الثامنة من عمره، حملته أمه إلى بلدة كوتايسي، إذ لم يكن في قريته بغدادي مدرسة بعد.
في سني تعليمه الأولى أحس الصغير فلاديمير بالاغتراب، واصطدم بالفوارق الطبقية بينه وبين زملائه، أبناء الموظفين الروس المتعجرفين، ومن يومها أحس بالاضطهاد الطبقي، وفي عام 1905 بدأ فلاديمير وهو في بداية سن المراهقة التعرف إلى الكتابات الثورية العلنية والسرية، والتي كانت تأتي بها أخته (لودميلا) من موسكو حيث كانت تدرس. وبشكل تلقائي وطبيعي، وجد نفسه منضماً إلى الحلقة الماركسية في (المدرسة العليا) في بلدة كوتايسي. اشترك فلاديمير في تشرين الأول عام 1905 في أول مظاهرة سياسية، نُظمت في كوتايسي) بمناسبة الجنازة التي أقيمت في موسكو للبلشفي (نيقولا باومان) الذي اغتالته جماعة المئة السود الرجعية، وفي العام التالي، أي في عام 1906 توفي والده بشكل مفاجئ.
بوفاة والده، انقلبت حياة الأسرة رأساً على عقب. وبقيت الأسرة، دون أي مصدر رزق يذكر، سوى عشرة روبلات ـ تقاعد الأب ـ فاضطرت الأم للرحيل إلى موسكو. ومنذ تلك اللحظة أحس فلاديمير ذو الثلاثة عشر عاماً بالمسؤولية الكبيرة، كونه «رجل» الأسرة الوحيد. عاشت الأسرة في موسكو الفقر المدقع. كتب الشاعر فيما بعد في مذكراته: «عشنا في فقر. عشرة روبلات لا تكفي. أنا وأختاي في المدرسة، فاضطرت الأم لتأجير غرفة، والذهاب للعمل، كانت روسيا هي حلم حياتي، ولم يمثل أي شيء آخر لدي مثل هذه الجاذبية المرعبة».
التحق فلاديمير في موسكو بالمدرسة الثانوية، وهناك انضم إلى حزب العمل الاشتراكي الديمقراطي الروسيوجناح البلاشفة، وشارك بقوة في الدعاية السياسية بين عمال موسكو، وهذا كان سبب اعتقاله للمرة الأولى في 29 آذار 1908، في مبنى المطبعة السرية للحزب الاشتراكي الديمقراطي، لكن صغر سنه شفع له هذه المرة، فأفرجوا عنه ليوضع تحت رقابة الشرطة. بعدها التحق بكلية الفنون التطبيقية، وعلى الرغم من الرقابة الصارمة، بقي ناشطاً،يقوم بتوزيع المنشورات السياسية، فاعتقل شتاء 1909 للمرة الثانية، لمدة أربعين يوماً، أيضاً، شفع له صغر سنه، فأطلقوا سراحه. ولكن بعد ستة أشهر، أي في صيف 1909اعتقل للمرة الثالثة، حين اشترك في عملية تهريب ثلاث عشرة سجينة سياسية من سجن نوفنسكايا لكن هذه المرة سجن قرابة العام، في زنزانة منفردة، كما يتذكر في الزنزانة (103). ويصدر الحكم بحق الفتى، بنفيه لمدة ثلاث سنوات، لكن استعطاف أمه واسترحامها من جهة، وصغر سنه من جهة ثانية؛ إذ لم يكن قد بلغ الثامنة عشرة، ومن أجل رعاية أمه وأختيه أفرج عنه. في السجن، كتب قصائده الأولى، وهناك قرأ بايرون، وشكسبير وقرأ الأدب الروسي؛ بوشكين، وليرمنتوف، ودوستويفسكي.
بعد خروجه من السجن، يعلن ماياكوفسكي: «أريد أن أصنع فناً اشتراكياً». ثم التحق عام 1911 بمدرسة موسكو للفنون، حيث انضم هناك لحركة "المستقبليين" الداعية إلى الحداثة، وأصبح صديقا للشاعر دافيد بورليوك، ومنه تعرف إلى الشعر الحديث، كما صار ناطقاً باسم مجموعة جيليجا التي أسسها بورليوك، إلا انه سرعان ما أبعد إلى مدينة سان بطرسبورگ، لكنه عاد إلى موسكو مع انتصار ثورة أكتوبر عام 1917 التي تلقفها بود، ووضع موهبته في خدمة الشيوعية والنظام الحاكم، وترجم ولائه في قصيدة "لنين"، ومن ثم كتب مسرحيتي "الدبوس" (1920) و"الحمامات العمومية" (1929) حيث عرض الثورة بطريقة كوميدية ساخرة، كما شارك بنشر اعمال له في نشرة ليريكا التي كان يرأسها الشاعر يوليان انيسيموڤ.
بلغ قمة الابداع الشعري في التعبير بديوانه "غيمة في سروال" (نشر عام 1914) التي كانت تعبيراً حقيقياً عن تيار الحداثة، هذا الديوان كان نتيجة علاقته العاطفية المضطربة ب"ليلي بريك" (شقيقة الكاتبة والمناضلة الفرنسية من اصل روسي الزا تريوليت)، ماياكوفسكي كان قد تعرف إلى ليلي عام 1910، ولها كتب أجمل قصائده.
من عام 1923 حتى عام 1925، اسس ماياكوفسكي صحيفة LEV، (الجبهة اليسارية للفنون) التي ضمت الحرس القديم للثورة البولشيفية من ادباء وشعراء وكتاب مسرحيون.
ولكن حماسة فلاديمير ماياكوفسكي (1893-1930) للثورة لم تدم طويلاً. إذ أنه، بعدما انضم الى الثورة البولشڤية وشارك بها، فكرياً، بنشاط منذ عام 1917، ما ان انتهى عهد لنين، وأطل عهد ستالين (أواسط سنوات العشرين) حتى راحت الشكوك الجديدة في «جدوى هذا كله» تتسرب الى نفسه، وراحت خيبة أمله تزداد حدة، وقوة - بالتواكب مع خيبات الامل التي طاولت معظم ابناء جيله من المثقفين والكتاب والفنانين الروس.
الانتحار
بعد فشله في الحياة العاطفية، و"خيانة الثورة" بنظره لتطلعاته وتضحياته، وبعد النقد اللاذع الذي واجهه في الصحافة الأدبية، حوصر الشاعر من كل الجهات، فحاول الرحيل إلى باريس، حيث تقيم حبيبته تانيا ياكلوفلوفا، فمنعوه من الخروج بكل الطرق. وعندما عرفت (تانيا) بذلك، تزوجت من الفيسكونت دوبليه، مما زاد ذلك عذابه وآلامه، عدم السماح له بالسفر أولاً، وثانياً فقدان الحبيبة، وذلك، سرّع في يأسه وإحباطه، وأحكموا الطوق حوله، وشددّوا الرقابة أكثر، وأحس أنه محاصر من كل الجهات. فلم يبق أمامه أي مخرج، كما قال في رسالته الأخيرة التي كانت بمثابة وصية، وأنهى حياته بيده في 14 أبريل 1930 عن عمر 37 عاماً، برصاصة في الصدغ. تاركاً ورقة كتب عليها (إلى الجميع ها انذا اموت الآن، لا تتهموا احداً، ولا تثرثروا، فالميت يكره الثرثرة):
" إلى الجميع
لا تتهموا أحداً في موتي، وأرجو أن لا تنمّوا. فالراحل لم يكن يطيق ذلك.
ماما، أخواتي ورفاقي، سامحوني – هذه ليست الطريقة الصحيحة (ولا أنصح غيري بها)، ولكن لم يبق باليد حيلة.
ليليا – أحبيني.
أيها الرفيق–الحكومة: عائلتي هي ليليا بريك، ماما، أخواتي وڤيرونيكا فيلتودوفنا بولونسكايا.
إذا دبّرت لهم حياة مقبولة – فشكراً.
اعطوا هذه القصيدة التي ابتدأتُها إلى آل بريك، وهم سيفهمون.
كما يقال – " trop poivre` "،
وقارب الحب تحطم على صخرة الحياة.
لقد تحاسبت مع الدنيا
ولا فائدة من تعداد
الآلام المتبادلة
المصائب
والإهانات.
أتمنى لكم السعادة في البقاء.
— ڤلاديمير ماياكوڤسكي 12 أبريل 1930
ماياكوفسكي في الأدب والفن
يعتقد ان ماياكوفسكي هو أول من استخدم مصطلح المستقبلية والمستقبليين، في 24 شباط 1913 في نقاش حول الفن الحديث، والمستقبلية ليست مدرسة، بل هي مستوىً جديد، كما يصفها الشاعر الأوكراني بورليوك، استمرت تجربة جيليجا المحدثة حتى موت ماياكوفسكي عام 1930. يقول ماياكوفسكي في التيار المستقبلي الروسي: ان المستقبليين الروس هم رجال المستقبل، المسؤولين عن قتل الفن العجوز الذي يأكله العث، ان المستقبليين يعتبرون الإنسان جزءاً من الأرض ومن الطبيعة! انكب ماياكوفسكي على تكسير البيت الألكسندري، معتمداً إيقاعاً جديداً للشعر الروسي، كما تميز بتوجهه في قصائده إلى عامة الشعب، ويبتعد عن النخبوية في اطار نص بسيط غير معقد، وهو من الشعراء الذين كانوا يقصدون "الخلكوزات" أي المستوطنات الزراعية، ليلقي شعره للفلاحين والفقراء، في اطار حملات محو الأمية والتثقيف في العهد اللينيني، وكان محرضاً جماهيرياً على الثورة والتغيير.
أعماله
عد ديوان "صفعة علي وجه الرأي العام" -وهو ديوان يتبني أفكار التيار المستقبلي- أول أعمال ماياكوفسكي الشعرية ويتضمن قصائد مثل "صباح" و"ليل" تنتقد في مجملها الأوضاع السياسية لروسيا ما قبل الثورة. تتسبب أرائه السياسية المتبلورة في أعماله في فصله من مدرسة موسكو للفن في عام 1914و تشهد تلك الفترة تحولاً ملحوظاً في أسلوب ماياكوفسكي الأدبي فيتخلي عن ميوله المستقبليه ليتجه إلي السرد الواقعي.يصف أغلب النقاد الأعمال التي نشرها في الفترة التي سبقت ثورة أكتوبر بأنها أهم أعمال ماياكوفسكي وأكثرها تأثيراً.
نشرت قصيدة ماياكوفسكي الأشهر -غيمة في سروال- عام 1915وتميزت عن سابقاتها بطولها النسبي وبإثارتها للرأي العام حيث تناولت العديد من المواضيع الساخنة مثل الأديان والفنون وخاصة الحب فقد عكست القصيدة حالة الرفض التي كان يشعر بها الشاعر نتيجة لإخفاقه في تجربته العاطفية. حدّد ماياكوفسكي نفسه مغزى القصيدة، ومضمونها فكتب: (فليسقط حبكم. فليسقط فنّكم. فليسقط نظامكم. فلتسقط ديانتكم) أربع صرخات لأربعة مقاطع.جدير بالذكر أن عنوان القصيدة كان في البداية: الحواري الثالث عشر. لكن الرقابة لم توافق على هذا العنوان، فاضطر بعد لأي، لتغييره إلى: «غيمة في سروال» قاصداً التهكم على الرقابة والسخرية منها، من ناحية، ومن الناس الرخوين من ناحية ثانية.. من سمات اللغة التي كتبت بها القصيدة أنها كانت تشبه "لغة الشوارع" فقد أراد ماياكوفسكي -من خلالها- التهكم علي المفاهيم الرومنطيقية والمثالية للشعر التي كانت منتشرة آنذاك.
بعد نشر "سحابة في سروال" دخل ماياكوفسكي في علاقة عاطفية مع ليليا بريك زوجة ناشر قصائده اوسيپ بريك. وقد كانت تلك العلاقة العاطفية بجوار الحرب العالمية الأولي المؤثر الأبرز علي كل أعماله لتلك المرحلة فأتت قصيدة الحرب والحياة -1916" لتبرز خواطره عن الإنسان والحرب وقصيدة "إنسان -1917" لتجسد مخاوفه العاطفية. بعد رفضه كمتطوعاً في صفوف الجيش إبان الحرب العالمية الأولي، عمل ماياكوفسكي رساماً في القوات السيارة للجيش في پتروجراد (سانت پطرسبورگ حالياً) وهناك شهد الثورة الروسية التي كتب عنها "إلي اليسار در! من أجل جنود البحرية - 1918" والتي ألقاها في المسارح البحرية أمام جماهير من البحارة. بعد عودته إلي موسكو، قام ماياكوفسكي بنشر أول مجموعة من القصائد بعنوان "الأعمال المجمعة 1919"-1909" ورسخت تلك الأعمال شعبيته كمناضل مستقبلي يساري وأصبح واحد من الأدباء السوڤيت القلائل المسموح لهم بالسفر بحرية وبالفعل أسفرت رحلاته المتعددة إلي الولايات المتحدة الأمريكية ولاتفيا وبريطانيا وألمانيا والمكسيك وكوبا عن أعمال أدبيه مثل "اكتشافي لأمريكا - 1925" في إحدي جولاته بالولايات المتحدة، تعرف ماياكوفسكي علي إيلي جونز وارتبط معها في علاقة سرية وأنجبت له ابنته الوحيدة وفي العام 1928 ارتبط بتاتيانا ياكوفليفا وكتب لها قصيدة بعنوان "رسالة إلي تاتيانا ياكوفليفا". آخر عامين في حياته كانا عامي التمهيد للانتحار، فيهما اصطدم بواقعه الحياتي حيث لا حب له يدوم وبالواقع الثوري حيث سرق الرأسماليون والمتسلقون والبيروقراطيون الثورة التي أفني فيها ومن أجلها عمره. عبر ماياكوفسكي عن حالة اليأس التي تملكته بأعمال هجائية حادة الأسلوب مثلالبق -1929و الحمام -1930".
- أنا
- غيمة في سروال
- رسائل إلى ليلي بريك
- المسرح
- الدفاتر الحمراء
أشهر أعماله
مسرحية الغريب
أول عمل مسرحي له قدّم في شهر كانون الأول (ديسمبر) من عام 1913، وذلك على خشبة «لونا بارك» في مدينة سان بطرسبورغ. عنوان «غريب»؟ نسبياً على الأقل... اذ نعرف اليوم ان عنوان ذلك العمل كان «فلاديمير ماياكوفسكي»، أي اسم الشاعر - الكاتب نفسه. للوهلة الأولى قد يبدو العنوان متناسباً مع نزعة الغرابة المستقبلية - التكعيبية التي كان ماياكوفسكي ينتمي اليها في ذلك الحين، هو الذي لم يكن اكتشف الماركسية بعد ولم ينضم الا لاحقاً الى ثورة لينين... فتلك النزعة كانت تقبل كل ما هو غريب واستفزازي وتروّج له. وفي هذا الاطار ما كان يمكن ان يكون هناك ما هو مضحك في اختيار شاعر اسمه ليكون عنواناً لنص له. اذاً، المضحك في الأمر هو شيء آخر تماماً، يرويه ماياكوفسكي على النحو الآتي: في البداية كان للمسرحية عنوانان هما «القطار» و «ثورة الآلات»، ثم اضيف اليها عنوان ثالث هو «فاجعة» (تراجيدي)،... ويبدو ان هذا كله أربك الرقيب في الزمن القيصري وجعله أمام عمل لم يفهم منه شيئاً، حتى قبل ان يصطدم بكل تلك العناوين، فما كان منه قبل السماح بعرض المسرحية، الا ان شطب كل العناوين - شاكّاً بأمرها - مبقياً على اسم المؤلف وقد ختم الصفحة الأولى موافقاً في شكل يشمل هذا الاسم نفسه. من هنا لم يعد في الامكان إحداث أي تبديل في العنوان، لأن ذلك كان يفترض عرض المسرحية بعنوانها الجديد على الرقيب والانتظار مرة اخرى. وهكذا قيّض لذلك الكاتب الشاب، الذي كان في العشرين من عمره في ذلك الحين، ان تحمل اولى مسرحياته اسمه كمؤلف وكعنوان. وكان ذلك سبباً كافياً لإدهاش الناس ونظرهم الى ماياكوفسكي ككاتب غريب الاطوار.
مهما يكن من أمر، فإن نقاد الأدب وكاتبي سيرة ماياكوفسكي لاحقاً، سيلاحظون ان ما من عنوان آخر كان يمكنه ان يكون ملائماً لهذه المسرحية أكثر من اسم صاحبها، ذلك ان المسرحية، ومنذ لحظاتها الاولى، ترينا الشاعر ماياكوفسكي نفسه وسط الخشبة (وهو، على أي حال، لعب الدور بنفسه خلال العرض الاول للمسرحية، كما لعبه لاحقاً في كل مرة قدمت فيها «فلاديمير ماياكوفسكي» في تلك الازمنة الما - قبل - ثوروية). وفي المسرحية، إذاً، يجلس بطلها الشاعر وسط عدد من الشخصيات في ديكور يبدو واضحاً انه ديكور مدينة كبيرة معاصرة. طبعاً من الصعب هنا ان نروي ما يحدث في المسرحية، طالما ان ما يحدث انما هو مشاهد بصرية، على الطريقة المستقبلية التي كانت سائدة في الأدب والفن في ذلك الحين. اما ما يصل الى المتفرجين، فهو اجزاء من حوارات ومواقف تعلن رفضها العالم القديم وانتقادها للحياة الاجتماعية والسياسية (تضميناً) والفنية والفكرية. اننا هنا امام شبان يبدو واضحاً ان رفضهم القديم انما هو لديهم صدى لنزعة اوديبية همها قتل الأب، المجازي هنا، لأن الأب انما هو المجتمع القديم مقدماً من دون أي ترميز... من طريق تصوير خواء الاعمال الادبية والفكرية التي تنتجها جماعة الرمزيين في الادب الروسي، وعلى رأسها ألكسندر بلوك، الذي يبدو محط الهجوم الرئيس في العمل، ليس بوصفه شاعراً يقيّد نفسه بألف قيد فقط، بل ايضاً بوصفه ممثلاً لنزعة تحاول ان تطرح نفسها بديلاً للرومانطيقية والكلاسيكية في الوقت نفسه الذي تتمسك فيه بقيم بائدة، مقابل النزعة الثوروية التي يمثلها المستقبليون. اما الكيفية التي بها يتم الهجوم على الرمزيين في «فلاديمير ماياكوفسكي» فتقوم على تقليد اعمالهم والحديث عن علاقتهم بتلك الاعمال في شكل ساخر لا يأبه بأن يقدم الرمزية بوصفها الرحم الذي تولد منه حداثة النزعة المستقبلية، ثم يعلن ان زمنها قد ولّى. اما الاعلان فيأتي هنا من طريق الشاعر ماياكوفسكي نفسه الذي تختتم المسرحية عليه وقد تزيّا تماماً بسمات اوديبية محملاً نفسه ذنب كل الاخطاء والمصائب التي أحاقت بالمدينة.
في الحقيقة، ان هذا التوجه الى تحمّل ذنب المدينة ككل وذنب كل الاخطاء المقترفة فيها يأتي هنا مستقىً من فهم شديد الدقة لتيار التعبيرية الألمانية الذي كان على الموضة في ذلك الحين، منسحباً على انواع الفنون والآداب كلها، من دون ان تكون للنزعة المستقبلية أي علاقة به، وهذا الامر كان مأخذاً، في ذلك الحين، أخذه النقاد على ماياكوفسكي قائلين انه لم يكن مستقبلياً الا في الشكل الخارجي لعمله، لكنه في الاعماق بدا تعبيرياً، طالما ان «المسقبلية» لا تعترف بمبدأ المسؤولية، اجماعية كانت او غير اجتماعية. هنا، في «فلاديمير ماياكوفسكي» في المقابل، كانت هناك تلك المسؤولية حاضرة مرتبطة ببعد سيكولوجي واضح. ومن هنا، رأى النقاد باكراً، ان مستقبلية ماياكوفسكي انما هي مستقبلية انتقالية، فهمت لاحقاً على انها هي التي قادته الى الماركسية كفعل هدم وبناء في آن معاً، في مقابل فهم للمستقبلية يتحدث عن الهدم فقط. ولعل هذا ما كان يوحي به الناقد والباحث فيكتور سكلوفسكي، الذي يعتبر المنظر الأكبر للنزعة الشكلية الروسية، حين قال عن هذه المسرحية: «في تراجيديا «فلاديمير ماياكوفسكي» هذه، نلاحظ ان الشاعر وحيد في شكل كلي... صحيح ان ثمة اناساً يدورون ويتحلقون ويسيرون من حوله لكننا يجب ان نلاحظ بسرعة ان اياً منهم لا يمكن النظر اليه على انه كائن ثلاثي الابعاد. انهم اشبه، هنا، بأن يكونوا وجوهاً مرسومة على ملصقات. اما الشاعر فإنه قسّم نفسه على الخشبة شخصيات عدة، شخصيات جعلها وكأنها في يده اوراق لعب يمسك بها اللاعب ليلعب بكل ورقة في حينها. وكل ورقة من هذه الورقات هي ماياكوفسكي نفسه. ولعل في امكاني هنا ان أقول اخيراً ان هذه المسرحية هي مسرحية عن الحب... لكن الحب فيها يضيع، طالما ان ليس ثمة شخص آخر على الخشبة ليحبه الشاعر». والحقيقة ان هذه سمة اخرى اساسية من سمات هذه المسرحية المبكرة، تربطها بالتعبيرية: حيث ان كل من على الخشبة من شخصيات اخرى، غير الشاعر، يبدو فائضاً عن الشاعر نفسه، صورة له، طيفاً يحاول ان يفر منه ولا يستطيع.
هنا يمكن القول ان هذا كله، وتحديداً هذا الطابع المركزي - الأنا، للمسرحية، هو الذي حرمها من ان تحقق أي نجاح، حتى في اوساط المستقبليين الذين كان يفترض بها ان تعبّر عنهم وتعطي معادلاً مسرحياً لنجاحهم في الشعر كما في الفن التشكيلي، وخصوصاً منذ أقام نقاد كثر ربطاً منطقياً بين النزعة المستقبلية والنزعة الاخرى التي ولدت ونمت في شكل مزامن لها، تقريباً، أي النزعة الشكلية. الذي حصل هو ان المسرحية بدت صعبة وعصية على ان يتسلل المتفرج الى داخل ما تريد قوله، ناهيك بأنها بدت غير ذات شكل مغرٍ. ومن هنا قيل منذ ذلك الحين ان من الافضل قراءتها وتخيّل مشاهدها واحداثها. ومع هذا فإن أهميتها الكبرى تكمن، طبعاً، في انها فتحت الطريق امام اعمال تالية لماياكوفسكي، انطلقت - شكلياً على الأقل - منها، لتحلق فكرياً ومن ناحية المضمون وحتى من ناحية اللعبة المسرحية، في فضاءات أكثر اقناعاً وبساطة، وأقل ذاتية في الوقت نفسه. ومن تلك المسرحيات «ميستريوس بوفو» (1918) وخصوصاً «الحمّام» (1929-1930)، وهما مسرحيتان تميزتا عن «فلاديمير ماياكوفسكي» التي يمكن ان نقول اليوم انها كانت أقرب الى «المونودراما» منها الى العمل ذي الشخصيات المتعددة، تميزتا بنزعة جماعية ولغة جدلية كان ماياكوفسكي اكتسبهما من حماسته الثوروية.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المصادر
بيبلوغرافيا
- Aizlewood, Robin. Verse form and meaning in the poetry of Vladimir Maiakovsky: Tragediia, Oblako v shtanakh, Fleita-pozvonochnik, Chelovek, Liubliu, Pro eto (Modern Humanities Research Association, London, 1989).
- Brown, E. J. Mayakovsky: a poet in the revolution (Princeton Univ. Press, 1973).
- Charters, Ann & Samuel. I love : the story of Vladimir Mayakovsky and Lili Brik (Farrar Straus Giroux, NY, 1979).
- Humesky, Assya. Majakovskiy and his neologisms (Rausen Publishers, NY, 1964).
- Jangfeldt, Bengt. Majakovsky and futurism 1917-1921 (Almqvist & Wiksell International, Stockholm, 1976).
- Lavrin, Janko. From Pushkin to Mayakovsky, a study in the evolution of a literature. (Sylvan Press, London, 1948).
- Mayakovsky, Vladimir (Patricia Blake ed., trans. Max Hayward and George Reavey). The bedbug and selected poetry. (Meridian Books, Cleveland, 1960).
- Mayakovsky, Vladimir. Mayakovsky: Plays. Trans. Guy Daniels. (Northwestern University Press, Evanston, Il, 1995). ISBN 0810113392.
- Mayakovsky, Vladimir. For the voice (The British Library, London, 2000).
- Mayakovsky, Vladimir (ed. Bengt Jangfeldt, trans. Julian Graffy). Love is the heart of everything : correspondence between Vladimir Mayakovsky and Lili Brik 1915-1930 (Polygon Books, Edinburgh, 1986).
- Mayakovsky, Vladimir (comp. and trans. Herbert Marshall). Mayakovsky and his poetry (Current Book House, Bombay, 1955).
- Mayakovsky, Vladimir. Selected works in three volumes (Raduga, Moscow, 1985).
- Mayakovsky, Vladimir. Selected poetry. (Foreign Languages, Moscow, 1975).
- Mayakovsky, Vladimir (ed. Bengt Jangfeldt and Nils Ake Nilsson). Vladimir Majakovsky: Memoirs and essays (Almqvist & Wiksell Int., Stockholm 1975).
- Mayakovsky, Vladimir. Satira ('Khudozh. lit.,' Moscow, 1969).
- Mikhailov, Aleksandr Alekseevich. Maiakovskii (Mol. gvardiia, Moscow, 1988).
- Novatorskoe iskusstvo Vladimira Maiakovskogo (trans. Alex Miller). Vladimir Mayakovsky: Innovator (Progress Publishers, Moscow, 1976).
- Noyes, George R. Masterpieces of the Russian drama (Dover Pub., NY, 1960).
- Nyka-Niliūnas, Alfonsas. Keturi vėjai ir keturvėjinikai (The Four Winds literary movement and its members), Aidai, 1949, No. 24. قالب:Lt icon
- Rougle, Charles. Three Russians consider America : America in the works of Maksim Gorkij, Aleksandr Blok, and Vladimir Majakovsky (Almqvist & Wiksell International, Stockholm, 1976).
- Shklovskii, Viktor Borisovich. (ed. and trans. Lily Feiler). Mayakovsky and his circle (Dodd, Mead, NY, 1972).
- Stapanian, Juliette. Mayakovsky's cubo-futurist vision (Rice University Press, 1986).
- Terras, Victor. Vladimir Mayakovsky (Twayne, Boston, 1983).
- Vallejo, César (trans. Richard Schaaf) The Mayakovsky case (Curbstone Press, Willimantic, CT, 1982).
- Volk, Craig, "Mayakovsky Takes The Stage" (full-length stage drama), 2006 and "At The Top Of My Voice" (feature-length screeplay), 2002.
- Wachtel, Michael. The development of Russian verse : meter and its meanings (Cambridge University Press, 1998).
وصلات خارجية
- Biography
- State Museum of Mayakovsky in Moscow (Russian/English)
- Between Agitation and Animation: Activism and Participation in Twentieth Century Art by Stella Rollig
- Radio Mayakovsky More than 100 new songs written to the Mayakovsky verses. Mayakovsky Voice, Verses Readers and other stuff
- Vladimir Mayakovsky's Gravesite
- "Баня" ("The Bathhouse"): Mayakovsky and Meyerhold)
- Meyerhold & Mayakovsky - Biomechanics & the Communist Utopia
- The 'raging bull' of Russian poetry article by Dalia Karpel at Haaretz.com, published on-line July 5, 2007
- Archival film edited by Copernicus Films
- English translations of Take that! (Нате!), The love boat smashed up on the dreary routine... (Любовная лодка разбилась о быт).
- Chapter on Russian Futurists incl Mayakovsky in Trotsky's Literature and Revolution
- Mayakovsky in the Soviet fine arts
- English translations of 3 poems from 1913
- English translation of I by Alex Cigale
- English translations of 3 film treatments c. 1918 by Alex Cigale
- Pages using Infobox writer with unknown parameters
- Persondata templates without short description parameter
- مواليد 1893
- وفيات 1930
- بولشڤيك
- وفيات بأسلحة نارية في روسيا
- كتاب مستقبليون
- كتاب ماركسيون
- شعراء ماركسيون
- المسرح الحداثي
- Old Bolsheviks
- ثوريون انتحروا
- أعضاء حزب العمل الديمقراطي الاشتراكي الروسي
- طليعيون روس
- شيوعيون روس
- كتاب دراما ومسرحيات روس
- المستقبلية الروسية
- ماركسيون روس
- شعراء روس
- فنانون روس
- رسامون روس
- ثوريون روس
- روس من أصل اوكراني
- انتحارات بأسلحة نارية في الاتحاد السوڤيتي
- كتاب انتحروا
- شعراء انتحروا