يوحنا النقيوسي
يوحنا النقيوسي John of Nikiû، هو كاتب ومؤرخ مصري والأسقف القبطي المصري في نقيوس (في مركز منوف، المنوفية)، والمدير العام لأديرة مصر العليا عام 696. وهو مؤلف تاريخ مصر والعالم القديم، تأريخ يمتد من آدم حتى نهاية الفتح الإسلامي لمصر. يحتوي تأريخ يوحنا على تفاصيل تاريخية هامة لم تكن معروفة من قبل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته
كان يوحنا النقيوسي أحد رجال الدين المسيحيين في مصر في القرن السابع الميلادي ومستهل القرن الثامن الميلادي، علي جانب كبير من المعارف الدينية والأدبية والتاريخية، وكان ينعت بالرجل البار والمدبر.[1]
بدأ يوحنا النقيوسي حياته راهباً في دير القديس مكاريوس ببرية شيهيت؛ وتميز بعمق الثقافة الدينية والأدبية والتاريخية؛ ونظراً لما تميز به من سمات العلم والتقوي؛عينه الپاپا أگاثون (662-680)، البطريرك ال39 من بطاركة الكنيسة القبطية الآرثوذكسية سكرتيراً له؛ واستمر في منصبه هذا مع الپاپا يؤانس الثالث (680- 689)البطريرك ال40؛ وفي عهد الپاپا اسحق (690 -692 ) البطريرك ال 41 تمت رسامته أسقفا علي مدينة نقيوس.
أما عن نقيوس نفسها فهي العاصمة الرابعة من مقاطعات الوجه البحري في العصر الفرعوني؛ ويشغل موقعها حالياً بلدة زرزين الصغيرة بالقرب من قرية بشادي بمحافظة المنوفية. وفي عهد الپاپا سيمون الأول (692-700)، البطريرك ال42 رُقي يوحنا النقيوسي رئيساً لأساقفة الوجه البحري ثم عينه الپاپا رئيساً علي أديرة القديس مكاريوس.
لا يُعرف علي وجه الدقة تاريخ وفاة يوحنا النقيوسي؛ علي أنه من المؤكد أنها لم تتجاوز نهاية القرن السابع الميلادي بأي حال من الأحوال.
تاريخ مصر والعالم القديم
- مقالة مفصلة: تاريخ مصر والعالم القديم
تعالج مخطوطة يوحنا النقيوسي أحداث العالم منذ الخليقة حتي الفتح الإسلامي لمصر، وتعددت جوانب أهميتها إذ تعتبر من أهم المصادر التاريخية التي تناولت الفتح، وذلك لأنها أقدم الروايات التي تحدثت عنه وأوردت تفاصيل لم توردها مصادر أخري، وكشفت الغموض عن بعض الشخصيات المهمة في تاريخه مثل شخصية المقوقص، ولذلك تعتبر المصدر المهم، الذي بدونه لا تكتمل الصورة لمن يريد الحديث عن هذه الفترة المهمة في تاريخ مصر، وأيضًا أوردت لنا المخطوطة أسماء بلدان بمواقعها القديمة ودورها في مسار التاريخ، وكثير منها قد اندثر الآن، مما يضيف لها أهمية جغرافية فيما يختص بأسماء البلدان والمدن القديمة ومعرفة أخبارها، وتعتبر المخطوطة وثيقة قيمة احتفظت لنا ببعض التقاليد المحلية حول تاريخ مصر القديم، مثل قصة الصراع بين قوات فوقاس وقوات هرقل علي السيطرة علي مقاليد الحكم في الإمبراطورية البيزنطية والتي كان ميدانها الرئيسي مصر، ولها أيضًا أهمية أدبية ولغوية فالنص الوحيد الموجود هو النص الحبشي الذي تمت ترجمته عن النص العربي، فكانت فرصة طيبة لدراسة لغة النص الحبشية ومعرفة التأثيرات الأجنبية فيه.
ينقسم كتاب تاريخ مصر والعالم القديم إلي 122 باب[2]؛ واللغة الأولي للمخطوط هي اللغة القبطية؛ ثم ترجم بعدها إلي اللغات اليونانية والعربية والحبشية القديمة المعروفة باسم لغة جعز غير أنه لم تصل إلينا إلا الترجمة الحبشية المحفوظة في الكنيسة الإثيوبية؛ ويرجع تاريخها إلي عام 1602م. ويذكر المترجم الحبشي أنه أستعان في الترجمة الحبشية عن العربية بالشماس غبريال المصري. ولقد ختم الترجمة بقوله في آخر الكتاب "لقد عنيت أنا الصغير بين الناس مع الشماس غبريال القبطي بترجمة هذا الكتاب من العربية إلي الحبشية القديمة بمنتهي الدقة. وقد أدينا هذه الترجمة نزولا علي إرادة الملكة مريم سنا؛ وأثناسيوس قائد الجيش الإثيوبي". والملكة سنا المذكورة هنا هي زوجة الامبراطور سجدا الأول (1563-1597). أما القائد أثناسيوس فهو حاكم أحدي الإمارات الإثيوبية وزوج احدي بنات الإمبراطور سجدا الأول.
والشيء الجميل في مخطوطة يوحنا النقيوسي أنها تمثل أنشودة رائعة في حب مصر؛ فالمؤرخ ينتهز أي فرصة ليذكر فيها مصر وفضل مصر فمثلا في الفصل التاسع كتب عن هرمس أنه كان يوزع صدقات كثيرة علي الناس ويهب عطايا للمصريين .وفي الفصل العاشر كتب عن المصريون أنهم أول من صنعوا أسلحة الحرب والقتال ؛وعمل الأحجار التي أستخدموها في الحرب ؛وفي الفصل ال12 كتب عن تأسيس مدينة هليوبوليس وصارت فيها مقابر الملوك؛ كما بنيت فيها معابد لأعظم الآلهة. وفي الفصل ال13 كتب عن تأسيس مدينة أبو صير في مصر العليا؛ وفي الفصل ال14 كتب عن تأسيس مدينة سمنود؛ وفي الفصل ال16 كتب يقول " هناك مدينة تعتبر هي الأولي في معرفة زراعة الأرض؛ وبذر القمح؛ وكل أنواع الحبوب الأخري .وسر ارتفاع رقعة أرض هذه المدينة بسبب كثرة الهائلة المنحدرة من نهر جيجون ". وفي الفصل ال17 كتب عن الملك سيزوستريس أول حاكم مسح الأراضي ؛وشق القنوات. وفي الفصل ال19 كتب عن الملك خوفو؛ وقال عنه أنه شيد في مدينة ممفيس أهرامات ؛وكلفه هذا العمل علي دفع 1600 هبة من النقود للعمال. وفي الفصل ال 59 كتب عن بناء مدينة الاسكندرية . وفي الفصل ال67 كتب عن حكم كليوباترا لمصر. وفي الفصل ال68 كتب عن التقويم المصري وأهميته. والفصل ال72 كتب عن تأسيس حصن بابليون أما الفصول الأحدي عشر الأخيرة (من الفصل 111 حتي الفصل 122) فلقد خصها بالكامل عن الفتح العربي لمصر؛ وأفاض فيها كشاهد عيان علي هذا الفتح.[3]
ترجمات الكتاب
ولقد قام المستشرق الفرنسي هرمان زوتنبرگ بترجمة الكتاب إلي اللغة الفرنسية عام 1883. ثم جاء من بعده العالم الإنگليزي تشارلز وترجم النص الإثيوبي الي اللغة الإنگليزية عام 1916 كما ترجم المؤرخ القبطي المعروف كامل صالح نخلة شذرات قليلة من تاريخ يوحنا النقيوسي عن الترجمة الفرنسية التي بها قام بها زونتبرگ ونشرها في مجلة صهيون عامي 1948 و1949. وأخيراً قام الأستاذ الدكتور عمرو صابر عبد الجليل بعمل ترجمة كاملة للمخطوط عن اللغة الإثيوبية ونشرها في كتاب صدر تحت عنوان "تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي رؤية قبطية للفتح الإسلامي" عام 2000.
كما قام المؤرخ عبد العزيز جمال الدين بعمل تحقيق لهذه المخطوطة ونشر نتيجة التحقيق في كتاب صدر عام 2011. وأقدم المخطوطات المعروضة حالياً لهذا الكتاب موجودة في المكتبة الوطنية بباريس ضمن كتالوج زونتبرگ للمخطوطات الإثيوبية؛ وترجع للقرن السابع عشر. ومخطوطة أخري في المتحف البريطاني ضمن مجموعة من المخطوطات الإثيوبية وترجع للقرن الثامن عشر. والجدير بالذكر ان المسشترق الفرنسي زونتبرگ قد ذكر رأيا أن اللغة الأصلية للمخطوط هي اللغة اليونانية وليست القبطية؛ غير أن العالم المصري الدكتور مراد كامل (1907- 1975) قد تصدي للرد علي هذا الرأي بالأدلة التالية:
1- من المستبعد علي كاتب قبطي متمسك بقوميته المصرية أن يكتب لمواطنيه تاريخ العالم بلغة مضطهديهم من الروم.
2- اللغة اليونانية قد أخذت في الانقراض من مصر منذ القرن الخامس الميلادي علي يد الانبا شنودة رئيس المتوحدين.
3- صيغة أسماء الأعلام في النص الحبشي تدل علي أنها أخذت عن أصل قبطي.
الهوامش
- ^ "تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي.. رؤية قبطية للفتح الإسلامي". مصرس. 2009-12-29. Retrieved 2015-01-11.
- ^ المؤرخ الكنسي يوحنا النقيوسي، دير القديس العظيم أنبا مقار
- ^ "يوحنا النقيوسي شاهد عيان علي الفتح العربي لمصر". الأقباط متحدون. 2012-09-01. Retrieved 2015-01-06.
المصادر
- د. عمر صابر عبد الجليل (2000.). "تاريخ مصر ليوحنا النقيوسي: رؤية قبطية للفتح الإسلامي" ، ترجمة عن مخطوط اللغة الإثيوبية. الهيئة العامة المصرية للكتاب.
{{cite book}}
: Check date values in:|year=
(help) - R. H. Charles, The Chronicle of John, Bishop of Nikiu: Translated from زوتنبرگ Zotenberg's Ethiopic Text, 1916. Reprinted 2007. Evolution Publishing, ISBN 978-1-889758-87-9. [1]
- "La Chronique de Jean de Nikioû", ed. and translated into French by H. Zotenberg in Notices et Extraits des manuscrits de la Bibliothèque Nationale, t. XXIV, I, pp. 125–605 (Paris, 1883) and also separately (Paris, 1883). (Online version in Gallica website at the "Bibliothèque National Française")
وصلات خارجية
- The Chronicle of John, Bishop of Nikiu, trans. by R. H. Charles (The Text and Translation Society, Oxford University Press, 1916)
- Tertullian.org: Introduction and English translation.
- Early Christian Writings: Introduction and English translation.
- Catholic Encyclopedia: John of Nikiû