يحيى بن أحمد بن هذيل
أبو زكريا يحيى بن أحمد بن هـُذيل التجيبي (ت. 753هـ/ 1352م)، أديب طبيب وشاعر مبدع، من أهل غرناطة، كان من آخر حملة الفنون العقلية بالأندلس، وخاتمة العلماء بها، عالم بالطب والهندسة والهيئة والحساب والأصول والأدب، وله شعر حسن.
اشتهر بإمتاع المحاضرة، وحسن المجالسة، وحسن العهد، وسلامة الصدر، وحفظ الغيب، والبراءة من التصنع. قعد بغرناطة معلِّماً يُقرئ الأصول والفرائض والطب. عاش منزوياً، وخدم بطبه في آخر عمره في بعض الأعمال السلطانية.
قرأ على جملة من شيوخ وقته، كالشيخ أبو عبد الله الأركشي وأبي زكريا القصري، وقرأ كراسة الإمام فخر الدين الرازي «المسراةُ بالآيات البينات» على الشيخ أبي القاسم بن جابر، وأخذ الحساب عن أبي الحسن بن راشد، وأخذ الحساب والهندسة والجبر أيضاً عن أبي عبد الله بن الرّقام ولازمه كثيراً.
له تصانيف منها شرحه لكراسة الفخر الرازي، وهو غريب المأخذ، جمع فيه بين طريقتي القدماء والمتأخرين من المنطقيين. وله أيضاً في الطب كتابه المسمى «الاختيار والاعتبار في الطب»، وكتابه المسمى «التذكرة في الطب».
كان في الأدب درة بين الناس مغفلة، وخزانة على كل فائدة مقفلة، له شعر موسوم بـ (السليمانيات)، منه قوله في النسيب:
وصالك هذا أم تحيــَّـةُ بارق وهجرك أم ليــل السليم لتائق أناديك والأشواق تركض حجرها بصفحة خدِّي من دموعٍ سوابق أبارق ثغـرٍ من عذيب رضابـه قضت مهجتي بين العذيب وبارق
ومنها:
فلا تتعبنْ ريح الصَّبا في رسالة ولا تخجل الطيف الذي هو طارق متى طعمَتْ عيني الكرى بعدَ بُعدِكم فإنِّي في دعوى الهوى غيرُ صادق
وله من قصيدة:
بدا بدر تمٍّ فوقه الليل عسعســا وجنة أنس في صباحٍ تنفســا حوى النجم قرطاً والدراري مقلداً وأسبل من مسك الذوايب حندسا كأن ســنا الإصباح رام يزورنا وخاف العيون الرامقات فغلسـا
عمل ابن هذيل في خدمة سلطان بني الأحمر أبي الوليد نصر وكان قد قربه وأحسن إليه، ولابن هذيل فيه مدائح منها قوله عند قدومه من فتحٍ:
وتحت لواء النصر ملك هو الورى تضيق به الدنيا إذا راح أو يغدو تأمنت الأرواح في ظـــل بنده كأن جناح الروح من فوقه بنـد فلو رام إدراك النجوم لنالهـــا ولو هم لانقادت إليه السند والهند
أصابه الفالج آخر حياته فالتزم منزله، واعتزل الناس، ونزل به ذلك بعد أن توفيت زوجه، إذ كان قد وجد عليها وجداً شديداً حتى أكمده الحزن، وثقل عليه المرض، ولما أيقن دنو الأجل استدعى أحد خلانه وأنشده:
إذا مت فادفنّي حــذاء حليلتي يخالط عظمي في التراب عظامها ولا تدفننّي في البقيـــع فإنني أريد إلى يوم الحســاب التزامها ورتب ضريحي كيفما شاءه الهوى تكون أمامي أو أكون أمامهــا لعل إله العرش يجبــر صدعتي فيعلي مقامي عنده ومقامهــا
ولما توفي دُفِنَ بباب إلبيرة حذاء حليلته كما أوصى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
المصادر
- أسامة اختيار. "ابن هُذيل (يحيى بن أحمد ـ)". الموسوعة العربية.
للاستزادة
- المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب (دار الكتب العلميَّة، بيروت 1995م).
- لسان الدين ابن الخطيب، الإحاطة في أخبار غرناطة، تحقيق محمد عبد الله عنان (مكتبة الخانجي، القاهرة 1973).