موزس هس
موزس (موشيه، موسى) هس (21 يناير أو يونيو 1812 - 6 أبريل 1875)، هو فيلسوف واشتراكي ألماني-فرنسي ومن مؤسسي الصهيونية العمالية. لم يقم هس بأي نشاط عملي في سبيل تنفيذ أرائه، لا وحده ولا بالاشتراك مع الآخرين، إذ سرعان ما عاد بعد نشر كتابه روما والقدس إلى عمله القديم، في تنظيم الحركات العمالية ونشر التعاليم الاشتراكية، كذلك فان كتابه لم يحظ باهتمام كبير، في بداية الأمر، رغم أن الصهيونيين صنفوه فيما بعد، كأحد المؤلفات الصهيونية الكلاسيكية، واعتبروا مؤلفه من أوائل من نادوا بما يسمونه قومية يهودية. ويلاحظ وجود أوجه شبه عديدة في الآراء والمعتقدات التي يوردها هس في روما والقدس وبين ما أورده تيودور هرتسل في كتابه دولة اليهود الذي نشر بعد 34 سنة من نشر كتاب هس، رغم أن هرتسل قراه بعد أربع سنوات من نشره، وكانت آراء هس كامنة في حالة ركود، خلال ما يقارب من عشرين سنة، إلى أن قدر لها أن تبعث ثانية، وتجد من يتبناها ويضيف عليها ويطورها مع بداية الهجرة اليهودية من روسيا، في مطلع الثمانينات من القرن التاسع عشر.[1]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
حياته
وُلد في بون، ألمانيا من أب بقَّال وأم كان أبوها حاخاماً. وانتقل هس، وهو بعد في التاسعة، إلى منزل جده حيث تلقَّى على يديه تعليماً دينياً وتعلَّم العبرية. ورغم ذلك، لم يُبد هس أي اهتمام بالقضايا اليهودية إلا في مرحلة متقدمة من عمره. وقد اهتم هس بدراسة التاريخ وكان شديد الإعجاب بالفيزياء والأدب الفرنسي ودرس الفلسفة في الجامعة ولكنه لم يحصل على درجة علمية. وقد استقر هس معظم حياته في باريس حيث تزوج من فتاة أمية مسيحية تعمل بالدعارة، ولكنه أجَّل الزواج إلى ما بعد وفاة والده بعام واحد أي عام 1852 لكي يضمن حقه في الميراث. وكان لهس اتصال بالأوساط والمجالات الاشتراكية، كما كان صديقاً لكارل ماركس وفردريك إنجلز، ولكنه اختلف معهما بعد فترة قصيرة، كما كان عضواً في أحد المحافل الماسونية، وساهم بعدة مقالات في المجلات الماسونية. وقد أظهر إعجاباً شديداً في مقتبل حياته بالدين المسيحي والحضارة الغربية، وخصوصاً في ألمانيا، ولذلك فقد كان يؤكد أهمية ألمانيا مثل نوردو وجابوتنسكي، واشترك في الثورة الألمانية عام 1848 وحُكم عليه بالإعدام. وقد كان هس واقعاً تحت تأثير روسو وإسبينوزا وماتزيني، ولكن أهم مصادر تفكيره هي الرؤية المعرفية العلمانية الإمبريالية.
نشر هس عام 1862 كتاباً كان عنوانه الأصلي حياة إسرائيل، ولكنه عدَّل هذا الاسم وسماه روما والقدس. وتَردُّده بين الاسمين ذو دلالة، فالعنوان الأول ديني حلولي صريح وله بُعْد يهودي خالص، أما الثاني فهو حلولي غربي استعماري. وروما التي يشير إليها هس هي روما الثالثة التي كان يشير لها ماتزيني والتي ستُؤسَّس عن طريق بعث القومية الإيطالية، فهو يرى أن ثمة علاقة بين بعث روما في أوربا وبعث القدس في الشرق، ويرى أن ثمة علاقة بين الحركة القومية العضوية والحركة الصهيونية. ويتحدث الكتاب عن الثورة الفرنسية كمَعْلَم أساسي في تاريخ الغرب، فهي تشكل بعثاً اجتماعياً سيؤيد المشروع الاستعماري الصهيوني في الغرب، أي أن هس قام في البداية بتصنيف الصهيونية تصنيفاً صحيحاً لا باعتبارها حركة تنبع من داخل ما يُسمَّى «التاريخ اليهودي» وإنما باعتبارها ظاهرة تنبع من حركيات التاريخ الغربي الاستعماري. والكتاب عبارة عن اثنتي عشرة رسالة إلى سيدة حزينة على فَقْد إنسان تحبه، ولعل هذا يفسر عدم ترابط الأفكار كما يفسر العاطفية الزائدة، وهو كتاب سطحي بشكل عام في أطروحاته ورؤيته السياسية.
يتفق هس مع النقد المعادي لليهودية ولما يسمَّى «الشخصية اليهودية». وقد صرَّح في بداية حياته بأن شريعة موسى ماتت وأن اليهود إذا كان عليهم أن يختاروا ديناً فهو المسيحية فهي أكثر ملاءمة للعصر الحاضر، فهي دين يهدف إلى توحيد كل الشعوب وليس توحيد شعب واحد (كما هو الحال في اليهودية). ورغم أن هس لم يَتنصَّر إلا أنه لم يكن معارضاً تماماً لفكرة التعميد، فالدين اليهودي أصبح، على حد قول هايني، مصيبة أكثر منه ديناً خلال الألفي عام الماضية. بل إن كل الأديان إن هي إلا خطأ إنساني جماعي والدين إن هو إلا تعبير عن حالة مرضية.
ولا يختلف موقف هس من اليهود عن موقفه من اليهودية. ففي أول كتاب له التاريخ المقدَّس للإنسانية، وهو كتاب ذو صبغة مسيحية رومنتيكية، يقول فيه إن اليهود قد أنجزوا مهمتهم الروحية بظهور المسيح برؤيته العالمية. وقد قدَّم تقسيماً لمراحل التاريخ يدور في إطار مسيحي: المرحلة الأولى هي مملكة الإله الأب (التي سادتها المسيحية)، أما المرحلة الثانية والأخيرة فهي مملكة الروح القدس (وهي مرحلة نهـاية التاريخ التي سـيتحقَّق فيها خلاص الجنـس البـشري بأسره)، وينشأ مجتمع اشتراكي كامل تُلغَى فيه الملكية الخاصة وحق الميراث وحكم مامون إله المال ويؤكد التضامن الإنساني نفسه دون أية عوائق، ومن ثم فهو مجتمع يحقق رسالة اليهودية القديمة ولكن في إطار علماني. وليس بإمكان اليهود الآن إلا أن ينضموا كأفراد إلى الحضارة العالمية، تماماً كما فعل إسبينوزا نبي اليهودية الحقيقي. بل إن اليهود سيعودون تحت راياته وسيُنفَخ في الشوفار اليهودي الذي نُفخ فيه حين طُرد إسبينوزا من حظيرة الدين. والقدس الجديدة بهذا المعنى ستبقى هنا في قلب أوربا وليس في فلسطين.
وفي مخطوطة أخرى بعنوان البولنديون واليهود تنتمي للفترة نفسها (1840)، يرى أن البولنديين لهم مستقبل أما اليهود فلا مستقبل لهم لأنهم يعانون من نقص مطلق في الوعي القومي، والبولنديون لن يستسلموا قط لحقيقة تقسيم بولندا على عكس اليهود الذين استسلموا لحقيقة طردهم من فلسطين. ويذهب هس إلى أن اليهود والصينيين حفرية تاريخية لها ماض وليس لها مستقبل، بحيث أصبح الصينيون جسداً بلا روح وأصـبح اليهـود روحاً بلا جسد. ولذا فهو يرى أن الشعب المختار لابد أن يختفي إلى الأبد، فمن اختفائه قد تظهر حياة جديدة ثمينة.[2]
وقد صدرت له كراسة عن رأس المال (1845)، وهي تزخر بالإشارات المعادية لليهود (ويبدو أن ماركس قرأها قبل أن تُنشر وتأثر بها). يقول هس في هذه الكراسة إن أعضاء جماعة يسرائيل كانوا شعباً من الوثنيين، ربهم الأساسي هو مولك الذي كان يطلب منهم دم الضحايا. ولكنهـم، بمـرور الزمن، عبروا من مرحلة قرابين الدم (بالعبرية: دم) إلى مرحلة قرابين النقود (بالعبرية: داميم أي «رسـوم») وهـذه هي أصـول عبادة اليهـود للنقود إذ حلَّت محل مولك. وفي هذه الكراسة، يشير هس لإله يسرائيل باعتباره يهوه ـ مولك. ويصف شلومو أفنيري هذه العبارات بأنها "فرية دم جماعية" لا نظير لها في أدبيات معاداة اليهود.
آراؤه
اليهود واليهودية
وأما عن اليهود واليهودية ومركزهما من هذا العالم فإن هس، الذي صنف على أنه أبرز المبشرين بالحركة الصهيونية، يقول في هذا الصدد:[3]
ويواصل هس تنكره لمنطق الحقائق الإنسانية والإلهية، وركونه أو استسلامه لعاطفته المريضة التي أذابت شخصيته في قالب عنصري خالص، وذلك عندما يتوجه الى بني قومه بدعوتهم للقدوم الى الشرق لتخليص شعوبه من حياة التخلف كما يزعم:
أرض الأجداد
وعن "أرض الأجداد" المزعومة في فلسطين فإنه يتوجه الى اليهود، من موقعه كمفكر وفيلسوف يحظى بإحترام يهود أوروبا في تلك الحقبة، بنداء صريح بضرورة العمل للعودة الى "أرض الأجداد".
وقد عُد نداؤه هذا، بالإضافة الى ما تضمن من أفكار غاية في العنصرية والشوفينية، من أخطر النداءات التي فتحت باب التحضير الفعلي للهجرة والاستيطان في فلسطين على مصراعيه، ومما جاء فيه: " تقدموا الى الأمام أيها اليهود من كل الدول، إن أرض أجدادكم تناديكم، أواه! كم سيرتجف الشرق لدى قدومكم .. أنتم سوف تصبحون الدعامة الخلقية للشرق. أنتم كتبتم كتاب الكتب – التوراة - دعوا حكمة الشرق القديمة، دعوا كتاب زند زرادشت، بالإضافة الى القران، وهو أكثرها حداثة، والأناجيل، دعوها تتجمع حول توراتكم، فهذه كلها سوف تتطهر من كل خرافة". وينهي نداءه بعبارات جوفاء يعظم فيها اليهود ويمجدهم: "أنتم قوس النصر للحقبة التاريخية المقبلة، الذي سوف يُكتب تحته عهد الإنسانية العظيم، ويختم في حضوركم كشهود على التاريخ والمستقبل".
اقتباسات
ومن أقوال موسى هس الشائعة أنه قال:
- "نفوس البشر آتية من نفوس نجسة، أما نفوس اليهود فمصدرها روح الله المقدسة".
- "الشعب اليهودي جدير بحياة الخلود، أما الشعوب الأخرى فإنها أشبه بالحمير".
- "نحن شعب الله في الأرض سخر لنا الحيوان الانساني وهو كل الأمم والأجناس. سخرهم لنا لأنه يعلم أننا نحتاج الى نوعين من الحيوانات نوع كحجم الدواب والانعام والطير، ونوع كسائر الأمم من أهل الشرق والغرب".
أعماله
- التاريخ المقدس للبشرية (1837)
- European Triarchy (1841)
- الاشتراكية والشيوعية (1842)
- Die Philosophie der Tat (فلسفة الحراك، 1843)
- حول النظام النقدي، ترجمت أيضاً حول جوهر المال[4] (Über das Geldwesen, 1845)
- الاعتراف الشيوعي بالإيمان (1846)، لندن (عدم الخلط بينها وبين مسودة اعتراف شيوعي بالإيمان ألفها إنگلز بمساعدة بسيطة من زعماء الرابطة الشيوعية ڤيلهلم ڤولف وكارل شاپر[5])
- النتائج المترتبة على ثورة الپروليتاريا (1847)
- روما والقدس Leipzig: Eduard Mengler (1862)
- رسائل حول مهمة إسرائيل (1864)
- المالية العليا والامبراطورية (1869)
- Les Collectivistes et les Communistes (1869)
- النظرية الديناميكية للمادة (1877)
- Moses Hess Jüdische Schriften (Anthology by Theodor Zlocisti, Publisher Leo Lamm, Berlin, 1905)
ترجمات
- التاريخ المقدس والبشرية وكتابات أخرى. تحرير شلومو أڤينري، مطبوعات جامعة كمبردج، 2005).
- تاريخ اليهود، الجزء الثالث، گرايتز (1866 - 1867، للفرنسية)
المصادر
- ^ الصهيونية، القدس
- ^ موسى هس، اليهود واليهودية والصهيونية، موسوعة المسيري
- ^ موسى هس، النكبة
- ^ Julius Kovesi, "Values and Evaluations", in American University Studies, series V, vol. 183, Peter Lang, New York, 1998. pp. 127-207
- ^ Draft of a Communist Confession of Faith
المراجع
- Edmund Silberner, Moses Hess. Geschichte seines Lebens (Leiden 1966), (in German)
- Shlomo Na'aman, Emanzipation und Messianismus. Leben und Werk des Moses Heß (Frankfurt a.M./New York,1982)(in German)
- Shlomo Avineri, Moses Hess: Prophet of Communism and Zionism (New York, 1985).
- Kay Schweigmann-Greve, Jüdische Nationalität aus verweigerter Assimilation. Biographische Parallelen bei Moses Hess und Chajm Zhitlowsky und ihre ideologische Verarbeitung. In: Trumah, Journal of the Hochschule for Jewish Studies Heidelberg, Vol 17, 2007 p. 91-116 (in German)
وصلات خارجية
- Media related to موزس هس at Wikimedia Commons
- Hess: The Holy History of Mankind and Other Writings (Frontmater of the book), ed. & trans by Shlomo Avineri (2004)
- Moses Hess (1812-1875), from the Jewish Agency for Israel
- http://www.steinheim-institut.de/edocs/kalonymos/kalonymos_2002_3.pdf#page=1 Kalonymos, Gregor Pelger: About the restoration of the Jewish state. Moses Heß (1812-1875)] Kalonymos, Gregor Pelger: "Zur Restauration des jüdischen Staates. Moses Heß (1812-1875)"(ger.)
- Jabotinsky: „The Jewish Legion in World War” (ger.)